وضع داكن
19-04-2024
Logo
حقائق الإيمان والإعجاز - الدرس : 26 - العمل الصالح - الخنزير
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

العمل الصالح:

 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السادس والعشرين من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، وفي هذا الدرس نتحدث عن موضوع مهم جداً ألا وهو العمل الصالح، لماذا هذا الموضوع ؟
أولاً: الإنسان حينما يأتيه ملك الموت بنص القرآن الكريم يقول:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِي لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾

(سورة المؤمنون).

 ما تذكر من الدنيا إلا العمل الصالح، لأن علة وجودك في الدنيا بعد أن تؤمن بالله أن تعمل صالحاً، ليكون هذا العمل سبباً لدخول الجنة، العمل الصالح ثمن الجنة:

 

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) ﴾

(سورة فاطر)

 وحجمك عند الله بحجم عملك الصالح، أي حينما يصبح الإنسان وأكبر همه الدنيا يجعل الله فقره بين عينيه، ويشتت عليه شمله، ولا يأتيه من الدنيا إلا ما قدر له، أما إذا أصبح وأكبر همه الآخرة، أي همه عمل صالح يصلح للعرض على الله، عمل صالح يكون شفيعاً له عند الله، عمل صالح يقدمه بين يدي ربه، عمل صالح يعد سبباً لدخول الجنة، عمل صالح يرقى به عند الله، عمل صالح يحجز فيه مقعد صدق عند مليك مقتدر، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.

 

الاستقامة و العمل الصالح إن اجتمعتا تفرقتا وإن لم تجتمعا اجتمعتا:

 ولكن أيها الأخوة، نقطة دقيقة جداً وهي أن العمل الصالح شيء والاستقامة شيء آخر، ولكن كما يقول بعض الفقهاء: إذا اجتمعتا تفرقتا، وإن لم تجتمعا اجتمعتا، كيف ؟ إذا قلت: الاستقامة تعني أن تستقيم على أمر الله، وأن تعمل عملاً صالحاً، وإذا قلت: العمل الصالح، أي الاستقامة والعمل الصالح، فإذا تفردتا اجتمعتا، إذا قلت: استقامة تعني الاستقامة والعمل الصالح، أما إذا قلت الاستقامة والعمل الصالح إذا اجتمعتا تفرقتا، كيف، الاستقامة سلبية، الاستقامة امتناع، الاستقامة تسبق بأداة نفي أنا ما كذبت، ما غششت، ما احتلت على أحد، لم أؤذِ أحداً، لا بد من أن تُسبق الاستقامة إذا انفصلت عن العمل الصالح بكلمة ما، أي طابع الاستقامة امتناع، طابع سلبي لم أفعل شيئاً، لم أؤذ مخلوقاً، لم أبتز مال أحد، لم ألقِ الرعب في قلب إنسان، ما اغتبت، ما غششت، ما قصرت، ما توانيت، فالاستقامة تعني أن تمتنع، والعمل الصالح يعني أن تعطي، أن تبذل، من وقتك، من مالك، من مكانتك، من خبرتك، من عملك، من عضلاتك، حينما تبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس فأنت بمفهوم العمل الصالح حينما ينفرد عن الاستقامة.
 للتوضيح طريق، الطريق إلى الله ـ وليكن طريقاً مادياً ـ فيه صخور، فيه عقبات، فيه مكعبات إسمنتية ـ كل هذه الصخور والعقبات تحول بينك وبين السير إلى الله هذه المعاصي، والآثام، والشهوات، والغرائز، والحماقات، والموبقات، لا يمكن أن تسير إلى الله إلا إذا أزلت هذه العقبات من هذا الطريق، ضبطت شهواتك، ضبطت سمعك، ضبطت بصرك، ضبطت يدك، ضبط دخلك، ضبط إنفاقك، ضبط أسرتك، زوجتك، بناتك، حينما تضبط كأنك أزلت عن هذا الطريق إلى الله هذه العقبات، وهذه الأكمات، وهذه الصخور، وهذه المكعبات الإسمنتية، فإذا أزلت كل العقبات صار الطريق سالكاً إلى الله.

الاستقامة تعني أن تمتنع والعمل الصالح يعني أن تعطي:

 مهمة الاستقامة أن تزيل كل معصية، أو كل مخالفة، أو كل تقصير، أو كل عدوان، أو كل إثم، أو كل فحشاء عن طريقك إلى الله، هذه كلها عقبات تحول بينك وبين إقبالك على الله، هذه كلها عقبات تمنعك أن تقبل على الله، هذه كلها عقبات تكون حجاباً بينك وبين الله، هذه الاستقامة، إذا انفردت عن العمل الصالح لها معنى، إذا اندمجت لها معنى آخر، يعنينا الآن أنها مستقلة عن العمل الصالح امتناع، لم تأكل مالاً حراماً، لم تغش إنساناً، لم تلق الرعب في قلب إنسان، كل نشاطات الاستقامة سلبي، والاستقامة كما أقول دائماً تحقق السلامة.
 الآن العمل الصالح أما وقد أصبح الطريق سالكاً باستقامتي، العمل الصالح إذا انفرد عن الاستقامة يعني أن أتحرك على هذا الطريق، أن أسير إلى الله:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) ﴾

(سورة فاطر)

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا(132) ﴾

( سورة الأنعام)

 حجمك عند الله بحجم عطائك.

 

الاستقامة حدية والعمل الصالح نسبي:

 أيها الأخوة الكرام: هناك مفهوم دقيق جداً الاستقامة حدية لها حالة واحدة، كالإحكام في مستودع الوقود السائل إذا قلت: محكماً، محكم بحالة واحدة تضع فيه ألف لتر تغلق هذا الألف يبقى إلى ما شاء الله هو هو، لو أغلقت الغطاء لانعدم التبخر، محكم محكم، و إن كان غير محكم أي إحكامه نسبي يفرغ هذا الوقود بساعة، أو بيوم، أو بشهر، أو بسنة، أو بخمس سنوات، عدم الإحكام نسبي والإحكام حدي، فالاستقامة حدية لا يوجد نصف مستقيم، حرام حرام، حلال حلال، صح صح، خطأ خطأ، واجب واجب، سنة سنة، فرض فرض، الاستقامة حدية، نحن في اللغة العربية هناك أفعال حدية يسميها علماء البلاغة ليست قابلة للتفاوت، أي تقول: فلان مات، ممنوع أن تقول: فلان أموت من فلان لا يوجد أموت، تنوعت الأسباب والموت واحد:

من لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب والموت واحد

***

 فالاستقامة حدية والعمل الصالح نسبي، عندك مستودع من الوقود السائل محكم لو وضعت فيه ألف لتر يبقى إلى ما شاء الله لا ينقص ولا ميليمتر مكعب، لكن لك أن تملأ هذا المستودع بقدر إمكاناتك، قد تعبئ بهذا المستودع مئة لتر، مئتي لتر، خمسمئة لتر، فالعمل الصالح نسبي وعدم الإحكام نسبي متفاوت، عدم الإحكام متفاوت والعمل الصالح متفاوت، فلذلك أول حقيقة أن بالأعمال الصالحة افعل ما تستطيع، أما بالاستقامة لا بدّ أن تكون حدية حتى تتحرك إلى الله، بالاستقامة أزلت كل العقبات في الطريق إلى الله، بقي السير والعمل الصالح.

من آمن بالله و عمل صالحاً هو في المقام الأول عند الله عز وجل:

 أيها الأخوة الكرام:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) ﴾

( سورة البينة )

 أي خير ما برأ الله:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(277) ﴾

( سورة البقرة ).

 الماضي مغطى، لا يحزن على ما مضى، والمستقبل مغطى لا يخافون من المستقبل، الإنسان البعيد عن الله هو من خوف الفقر في فقر، ومن خوف المرض في مرض، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها، لا خوف عليهم في المستقبل ولا هم يحزنون، هذه صفة من صفات من يعمل صالحاً،

 

﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(277) ﴾. ﴿ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) ﴾

كلام دقيق خير ما برأ الله، في المقام الأول.

الإيمان من دون عمل لا قيمة له إطلاقاً:

 لكن لو تتبعت الآيات التي وردت وفيها الأعمال الصالحة لأخذك العجب العجاب هناك أكثر من مئتي موضع لم تأتي كلمة الذين آمنوا إلا مع كلمة وعملوا الصالحات، لأن الإيمان من دون عمل لا قيمة له إطلاقاً:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾

( سورة الأنفال)

 اسمحوا لي أن أقول لكل مؤمن محب لله، مستقيم، لا يفكر إطلاقاً أن يعمل عملاً صالحاً لكن إيمانه بالله قوي، خالق السماوات والأرض، رب العالمين، لا إله إلا هو، أسماؤه حسنى، صفاته فضلى، على الرغم من هذا الإيمان أنت لم تفعل شيئاً، لا يوجد في الإسلام إعجاب سلبي، دين عظيم، رب كريم، نبي عظيم، منهج قويم، القرآن الكريم دستور، ما شاء الله ماذا فعلت ؟ كل هذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر، إعجاب سلبي بالإسلام لا يوجد، ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن إلا وتعبر عن ذاتها بحركة نحو الخلق، لا يوجد إسلام سكوني، لا يوجد مسلم متقوقع، لا يوجد مسلم انعزالي، ما دمت مؤمناً، وما دامت حقيقة الإيمان استقرت في قلبك، لا بدّ من أن تعبر عن ذاتها بعمل صالح، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات، بربكم إنسان معه مرض جلدي، دواؤه الوحيد أن يتعرض إلى ضوء أشعة الشمس، جلس بغرفة قميئة رطبة تحت الأرض، باتجاه الشمال لا ترى النور، ولا الضياء، ولا الأشعة، وقال: يا لها من شمس ساطعة، الشمس مشرقة، الشمس رائعة، الشمس هي إكرام من الله عز وجل، كل هذا المديح الذي تكيله للشمس، ولأنك لم تتعرض إلى أشعتها، كل هذا المديح لا قيمة له إطلاقاً.

 

العمل الصالح طريق الإنسان للقاء ربه عز وجل:

 إعجاب سلبي لا يوجد، تقوقع، انعزال لا يوجد، إنسان سكوني لا يتحرك، والله أحياناً تجد إنساناً من خمسة وثلاثين سنة ما فكر أن يقدم شيئاً لله، بيته، دخله، طعامه، شرابه، أولاده، سيارته، نزهاته، أما أن يخدم إنساناً، أن ينصح إنساناً، أن يقدم شيئاً، أن يعاون، لا وزن لك عند الله إطلاقاً أنا أعني ما أقول، يجب أن تفكر كل يوم ما العمل الذي ألقى الله به؟ ما العمل الذي يكون بين يدي يوم القيامة ؟ يا عبدي ماذا فعلت ؟ هل واليت فيّ ولياً ؟ هل عاديت فيّ عدواً ؟ هل أنفقت من مالك ؟ هل أنفقت من علمك ؟ هل أنفقت من جاهك ؟ هل رعيت يتيماً ؟ هل تعاهدت أرملة من أقربائك ؟ هل نشرت علماً ؟ هل ألفت كتاباً ؟ هل أنشأت جمعية ؟ ماذا فعلت ؟ سامحوني أحياناً يصبح المجيء إلى المسجد عادة من عاداتك، شيئاً ألفته، تأتي وتروح وإلى متى ؟ ما العمل الذي قدمته ؟ من الذي هديته ؟ من الذي أكرمته ؟ ما العمل الذي تقربت به إلى الله ؟

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) ﴾

(سورة فاطر)

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110)﴾

(سورة الكهف)

 من كان مؤمناً وله عمل صالح فله ودّ مع خالق السماوات والأرض:

الآن:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾

( سورة مريم ).

 إنسان أحياناً يكون له صديق قوي، بمنصب رفيع، كلما جلس يقول: صديقي فلان، ومعي هاتفه، ومعه صورة تصور معه، يعتز بهذه العلاقة، والصداقة، والتعاون، ويتيه بها على من حوله، فإذا كنت مؤمناً ولك عمل صالح فلك ود لا مع مخلوق ضعيف لك ود مع خالق السماوات والأرض،

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾

 تشعر أن الله يحبك، تشعر أن الله لن يتخلى عنك، تشعر أن الله معك، تشعر أن الله يسدد خطاك، تشعر أن الله يرحمك، يدعمك، ينصرك، يحفظك، يقيك من الأشرار:

أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنـا فإنا منحنا بالرضا مـن أحبنــــا
ولذ بحمانا واحتمِ بجنــابنـا لنحميك مما فيه أشرار خلقنــــا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـل وأخلص لنا تلقى المسرة والهنـــا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنــــا
فيا خجلي منه إذا هـو قال لي أيا عبدنــا ما قرأت كتابنــــا
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنــا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظر ما به جـاء وعدنـــــا
وجدناك مضطراً يا فتى فقلنا لك ادعُنا نجـبكا فهل أنت حقاً دعوتنا ؟
دعوناك للإحسان أعرضت نائياً فهل تلقى من يحسن لمثلك مثلنـا ؟

***

من شروط العمل الصالح: الإخلاص و الصواب:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) ﴾

(سورة فاطر)

 أتمنى عليكم أن تحاسب نفسك كل يوم، قبل أن تنام هذا اليوم هل عملت عملاً خالصاً لوجه الله لا أبتغي به لا سمعة، ولا ثناءً، ولا مكافأة، ولا دعماً لمركزي، لا أبتغي به إلا وجه الله ؟ لذلك من أدعية القرآن الكريم:

 

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾

( سورة النمل الآية: 14 )

 متى يرضى الله عن عملك الصالح ؟ يرضى الله عن العمل إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.

 

المؤمن محفوظ من الله عز وجل يعيش عمراً مديداً في أمن و سلام و طهر:

 أيها الأخوة الكرام:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ (9) ﴾

( سورة يونس ).

 الذي عمل الصالحات مسدد، محفوظ، الله عز وجل يلهمه الصواب، يلهمه العمل الجيد، يسدد خطاه، يدعمه، يعينه، يوفقه،

﴿ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ (9) ﴾

 طريق فيه خطر يصرفك عنه، إنسان خطر فاسد يبعده عنك، صفقة يلهمك ألا تعقدها، هناك مَلك يقدم لك التوجيهات تخضع لإلهامات الملك، بينما الذي لا يعمل عملاً صالحاً يخضع لوساوس الشيطان، هذا الذي حصل من عمل الشيطان ـ قال سيدنا موسى ـ وكلما وجدت إنساناً في أعلى درجة، في أكبر ثروة، في أوجه مكانة، جمع وطرح وقسم وارتأى أن يقتل فنانة، وقتلها، ودفع مليوني دولار لتقتل، وحكم بالإعدام، أين عقله ؟ هذا من عمل الشيطان، والله أيها الأخوة الكرام، الشيطان له توريطات مع الإنسان، إنسان راكب بسيارة عمومي، أشارت له إنسانة أن توقف، فسألها إلى أين يا أختي ؟ قالت له: خذني أينما تريد، اعتبرها مغنماً كبيراً، وأخذها، وقضى حاجته، قدمت له ظرفاً، تصوره شكراً، قالت له في الرسالة: مرحباً بك في نادي الإيدز، إن هذا من عمل الشيطان، لو كنت مع الله تفتح الباب وتركلها بقدمك عندما قالت لك: خذني إلى أين تشاء.
 إنسان سائح بإيطاليا و هو في الفندق طرق الباب عليه، فاستقبل التي طرقت الباب، و قضى حاجته، ثم نام، و عندما استيقظت قبله كتبت بالأحمر الذي تستخدمه للمكياج: مرحباً بك في نادي الإيدز، انتحر في الغرفة، هذا من عمل الشيطان، الذين يتورطون بالسرقات، وبالجرائم، وبالزنا، وبمعاقرة الخمر، والمتاجرة بالمخدرات، هذا من عمل الشيطان، المؤمن محفوظ، يعيش عمراً مديداً في أمن، في سلام، في طهر، في عفاف، في تألق، في عزة، في كرامة، في رؤية صحيحة.

 

أثر الدين في حياة المؤمن:

 أيها الأخوة الكرام، أنت لا تعلم ما أثر الدين في حياتك، تنعم بحالة أمن بفضل تمسكك بالدين، تنعم بأمن عقدي بفضل طلبك للعلم، تنعم ببيت مستقر بفضل استقامتك، وغض بصرك، واختيارك لامرأة صالحة، تنعم بأولاد أبرار بفضل تربيتك لهم.
أيها الأخوة الكرام، والله آية لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية لكفت:

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ ﴾

( سورة الجاثية )

 في الدنيا قبل الآخرة، قبل أن تموت وأنت حي، وأنت شاب، شاب مؤمن، مستقيم، عفيف، يغض بصره، صادق، أمين، بار لوالديه، يجتهد ليدرس، لينال شهادة عليا يخدم بها أمته، هذا الشاب تريد أن يعامل من قبل الله كما يعامل شاب منحرف، سيء، كاذب، يرتكب المعاصي والآثام، هل هذا معقول ؟

 

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾

( سورة الجاثية )

زوال الكون أهون على الله من ألا يكافئ المؤمن على استقامته وعفته و صدقه:

 أيها الشباب: أنا أخاطب الشباب أقسم لكم بالله، والله زوال الكون أهون على الله من ألا تكافئ على استقامتك، وعلى عفتك، وعلى صدقك، وعلى أمانتك، هكذا الأمور:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) ﴾

( سورة القيامة)

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) ﴾

( سورة المؤمنون )

 معقول:

 

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

( سورة القصص ).

 أيها الأخوة، بعد أن آمنتم الأمور توضحت لكم، وهناك حياة دنيا وهناك آخرة إلى أبد الآبدين، يجب أن يكون همك الأول العمل الصالح، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.

 

على كل إنسان أن يعبد الله فيما أقامه:

 أيها الأخوة، الشاب له عمل، والكبير في السن له عمل، والغني له عمل، والعالم له عمل، والمرأة له عمل، ينبغي أن تعبد الله فيما أقامك، أنت طالب عندما تدرس تأخذ شهادة عليا بدرجة متفوقة، تقدم خدمة لأمتك، ولدينك، وللمسلمين، قد نستغني بك عن خبير راتبه خمسمئة ألف في الشهر، والله مرة ذهبت إلى أمريكا وفي محاضراتي إشارات واضحة جداً إلى أن هذا اللحم الذي على كتفيك من خير بلدك، فلا يعقل أن تستخدم علمك لخدمة أعداء الأمة، فهناك طبيب ـ جزاه الله خيراً ـ فهم مرادي بالضبط، وأنهى علاقاته، وعاد إلى الشام، و فتح عيادة، زارني مرة قال: والله أدعو لك كل يوم، كلما عالجت مريضاً مسلماً من أبناء بلدي، من أبناء وطني، من أبناء ديني، أشعر بقرب من الله، هذا العلم عاد إلى المسلمين، خمسة آلاف طبيب مسلم مقيم بديترويت فقط، بولاية واحدة جميعاً يحملون البورد، أعلى شهادة في العالم لمن علمهم ؟ للطرف الآخر لمن يقصفون المسلمين كل يوم، لمن هذا العلم نقدمه ؟
والله أنا أذكر أخوة كثر من رواد هذا المسجد ذهبوا إلى بلاد بعيدة، إلى أوربا، إلى أمريكا، ليتابعوا الاختصاص في الطب، أنا أقسم عنهم ـ ويغلب على ظني أن الذي أقسم عليه سيتحقق ـ كلهم سيعودون، لماذا ؟ لأن معهم رسالة ـ درس، وتعلم، وأخذ أعلى شهادة، لكن يحمل رسالة، يحمل رسالة لخدمة أمته، ولخدمة دينه، فلذلك أيها الأخوة الكرام، أتمنى قبل أن تنام كل يوم اسأل نفسك هذا السؤال المحرج ؛ ما العمل الذي سأقدمه إلى الله يوم القيامة ؟

الموضوع العلمي:

صفات الخنزير:

  أيها الأخوة الكرام، بمناسبة أنفلونزا الخنازير التي عمّ خبرها بالخافقين، وقد وصلت إلى بلدنا بحسب الإحصاءات الرسمية هناك سبع حالات حتى الآن، اطلعت على مقالة تلخص كتاباً ألفه عالم غربي عن الخنازير، ملخص هذه المقالة التي هي ملخص الكتاب:
إن الخنزير حيوان لاحم عاشب، 

 يأكل اللحم والعشب معاً، هناك حيوانات تأكل اللحم فقط، و حيوانات تأكل العشب فقط، أما هو لاحم عاشب، يأكل العشب واللحم معاً، وقد حرمت جميع الشرائع أكله 

وله طباع من أقبح الطباع والعادات، ففيه الغباوة، والقذارة 

 وسوء الخلق، ولا يعف في نكاحه حتى عن أمه، ويواقع أنثاه أمام كل الخنازير، ألا يقول لك: فلان مخنزر، يتباهى بزوجته، ترتدي ثياباً فاضحة جداً، يمشي معها في الطريق، يختال بها.

الحكمة من تحريم الله عز وجل لحم الخنزير:

 إن أحبّ الطعام إليه النجاسات، والجرذان الميتة، وإنّ أحبّ الطعام إليه طعام الجيف، فإذا وضعت الخنزير في مكان نظيف، وفي طرف المكان أقذار فلابدّ من أن يذهب إلى الأقذار ليتمرغ فيها

  هذا شيء عجيب من طباع الخنزير، إن بيض الديدان التي يمكن أن تكون في لحمه لا ينجو من خطرها إنسان

  ولو بقي هذا اللحم يغلي ساعة بأكملها، لا تموت بيوض هذه الديدان، لا تموت بدرجة مئة، إن الطبخ العادي يشوي من اللحم القسم السطحي

  أما الداخلي لا يشوى.

 نصيحة: أحياناً اللحم الذي يشوى على السيخ ـ الشاورما ـ يوضع بشكل ثخين فاللحم الموجود في الداخل خلال عشر ساعات يفسد، يشوى الخارج دائماً، والداخل يفسد، فكلما كان أرفع أفضل، فالشي السطحي والطبخ العادي لا ينقذ الإنسان من أخطار لحم الخنزير.
 إن أمراض كثيرة وديدان خطيرة تعيش في خلاياه، وفي ثنايا لحمه تعيش هذه الديدان، فلو طبخ الخنزير طبخاً عادياً، أو شوي شويا سطحياً، لما ماتت هذه اليرقات، فلابدّ من تبريد يقل عن ثلاثين درجة تحت الصفر 

حتى تموت هذه اليرقات، أو أن يغلى أكثر من ساعة حتى تموت هذه اليرقات، وحينما حرم ربنا سبحانه وتعالى هذا اللحم حرمه لحكمة كبيرة.

 مرة إنسان ناقشني قال: يا أستاذ كن منطقياً، قلت: تفضل، قال لي: لماذا الله خلقه ؟ قلت له: أنت عندك مقشة، قال: نعم، قلت: تفضل كُلْها، الخنزير له وظيفة، عندما يموت حيوان ما و يتفسخ يؤذي عباد الله برائحته و لكن هذا طعام الخنزير المفضل 

 إذاً هو أداة تنظيف، من منا يأكل بمجمع القمامة ؟ طبعاً خلقه لمهمة غير الأكل، خلقه من أجل تنظيف الفلوات.

أي حدث يقع في الأرض يزيد الإنسان إيماناً وثقة بهذا القرآن الكريم:

 لذلك حينما تشيع الأمراض في بعض البلاد التي تأكل لحم الخنزير، كان شيئاً طبيعياً جداً، سبحان الله أنفلونزا الخنازير مع انهيار النظام المالي، مع إغلاق دور اللهو في روسيا كلياً، مع تحريم الخمر، مع انتصار أخوتنا في غزة 

 هناك أشياء متباعدة لكن كلها جرعات منعشة من الله، هذا الدين عظيم، هذا دين رب العالمين، هذا دين الخبير، دين العليم، دين الرحيم، أنت أيها الأخ تتمتع بحالة مذهلة اسمها الأمن العقدي، لن يقع حدث في الأرض يهز كيانك الإسلامي، أبداً، أي حدث يقع يزيدك إيماناً، وثقة بهذا القرآن الكريم. 

 هذه الدهون دهون الخنزير فيها نسبة عالية جداً من الكولسترول الضار 

 قال: لذلك إن الذبحة الصدرية، وتصلب الشرايين، تزداد ثمانية أضعاف في الدول التي تأكل هذا اللحم 

 في بلد أوربي يوجد ما يقدر باثنين وأربعين ألف مزرعة خنازير.

  بالمناسبة إذا كان لحم البقر للتقريب سعر الكيلو يقدر بخمسين ليرة، الخنزير يقدر بخمس ليرات، رخيص جداً، أرخص لحم في العالم.

 أيها الأخوة، الله عز وجل يحل لنا الطيبات، ويحرم علينا الخبائث، والخنزير من الخبائث.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور