وضع داكن
26-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الأول - الفقرة : 20 - وظيفة الكائنات الحية في التربة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 ثمة شيء لا يصدق، إن متراً مكعباً من التربة التي نستخدمها للزراعة فيه ما يزيد على مائتي ألف من الديدان العنكبية، وعلى مئة ألف من الحشرات فقط في متر مكعب، وعلى ثلاثمائة من ديدان التربة العادية، وعلى آلاف الملايين من الجراثيم والكائنات المتناهية في الدقة، وإن غراماً واحداً من هذه التربة يحتوي على عدة مليارات من البكتريا، مخلوقات متناهية في الدقة على شكل عصيات، على شكل كريات، على شكل لوالب بعضها يحتاج إلى الأكسجين، وبعضها لا يحتاج، بعضها عارٍ، وبعضها له أهداب تمكنه من الحركة، إن هذا المصنع العجيب ذو حركة دائمة يقوم بمهمات هي من أكثر المهمات غموضاً واستغلاقاً حتى اليوم .
هذه الكائنات ما وظيفتها ؟ يعرف العلماء بعض الوظائف، أما وظائفها بالضبط فما تزال سراً حتى الآن، هذا المصنع ذو حركة دائمة يقوم بمهمات من أكثر المهمات أهمية ونفعاً للإنسان .
 الآن دقق، لو أن الجنس البشري كله أبيد عن آخره لبقيت الحياة مستمرة، أما هذه الكائنات لو أُبيدت لانتهت الحياة من سطح الأرض كله، فربما كان وجود هذه الكائنات أخطر من وجود الإنسان، كل شيء نأكله على نحو مباشر، أو غير مباشر إنما أصله من النبات الأخضر، تتساقط الأوراق فتأتي الرياح، وتوزع هذه الأوراق المتساقطة على أنحاء التربة كلها، وتأتي مليارات الكائنات المجهرية فتلتهمها، فإذا التهمتها تصبح غذاءً صالحاً لكائنات أكبر منها، هي وحيدات الخلية، فإذا التهمتها تصبح غذاءً صالحاً لكائنات أرقى منها هي البكتريا، يتم هذا على ثلاث مراحل وهذه العمليات الحيوية تحتاج إلى الهواء، فمن أين يأتي الهواء داخل التربة ؟
وظيفة الديدان أن تفتح أنفاقاً في التربة، فالديدان والقوارض وكل الحيوانات التي تعيش في باطن التربة مهمتها فتح هذه الأنفاق .
 أيها الأخوة: هذه الديدان تلتهم التراب، وتفرز السماد، ولا يعلم إلا الله كم من الأطنان تنتجها الديدان في الهكتار الواحد، وكم من أطنان الأسمدة تنتجها الديدان في الكيلو متر المربع الواحد، إنه كون عظيم، وخالق عظيم، وشرع حكيم، فأين نذهب ؟ ما الذي يصرفنا عن الله سبحانه وتعالى، وعن تطبيق أمره !
هذه بعض الحقائق المذهلة في متر مكعب من التربة، قال تعالى:

﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً (85)﴾

[ سورة الإسراء: الآية 85 ]

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾

[ سورة البقرة: الآية 255 ]

 في الغرام الواحد عدة مليارات من البكتريا، ما الذي يجري تحت التراب لا يعلمه إلا الله، إنها معامل، كائنات، عمليات كيماوية معقدة، معادلات، ونحن لا ندري، ليس لنا إلا أن نقطف الثمار، ونأكلها، وأن نجني الخضراوات، ونأكلها، وأن نحسب المحاصيل، ونأكلها، وعلى الله الباقي، قال تعالى:

 

﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 34 ]

 خلق الله الأرض وما فيها، وما فوقها، وما تحتها، وما عليها من أجل أن نعرفه، فإذا عرفناه فقد حققنا الهدف من خلقنا، وإن لم نعرفه فيا حسرة علينا، قال سبحانه:

 

﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)﴾

 

[ سورة يس: الآية 30 ]

إخفاء الصور