وضع داكن
25-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثالث - الفقرة : 25 - الخسوف والكسوف
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 توفي سيدنا إبراهيم، ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم موقفَ الأب الرحيم الحاني، المؤمنِ بقضاء الله وقدره، الصابرِ لحكمه، الراضي بمشيئته، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

(( دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْراً لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ))

[ متفق عليه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]

 وقد رافق موتَ سيدنا إبراهيم كسوفُ الشمس، فظنَّ الصحابة الكرام أن الشمس كسفت لموت إبراهيم، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً في أصحابه، وهو أمين وحي السماء، فرفض أن تختلط حقائق العلم بمشاعر المسلمين، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ، وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ: يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ ))

 

[ متفق عليه عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ]

الخسوف والكسوف أيتان دالتان على عظمة الله ورحمته:

 الخسوف هو اختفاء القمر أو بعضه في أثناء مرور الأرض بينه وبين الشمس، أما الكسوف فهو اختفاء الشمس أو بعضها في أثناء مرور القمر بينها وبين الأرض، وإنّ الكسوف والخسوف إشارتان إلى نعمة الشمس والقمر، فهما آيتان دالتان على عظمة الله ورحمته، قال العليُّ العظيمُ:

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)﴾

 

( سورة فصلت)

 وقال سبحانه:

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)﴾

( سورة القصص)

 قد يسأل سائل: كيف يغطي القمر قرص الشمس مع أنه أصغر منها بأربعمئة مرة ؟ الجواب: إن الشمس أبعد عن الأرض من القمر بأربعمئة مرة وهذا ما يجعلهما يظهران بالحجم نفسه لذلك يمكن للقمر أن يحجب أشعة الشمس كلياً إذا مرّ بينها وبين الأرض.
 يجب ألا يشغلنا جمال منظر الكسوف عن خطر الأشعة الشمسية على أعيننا إذ أن النظر إلى الشمس في أثناء الكسوف من دون نظارة سوداء خاصة بالكسوف يتسبب بأضرار بليغة للعين دون أن يشعر الإنسان، لأن شبكية العين لا تحوي أي مستقبل للألم، وهنا يجب الانتباه بشكل خاص للأطفال الذين لا يقدِّرون الخطر، ولأن شبكيات أعينهم أكثر حساسية من الكبار، لذلك سنّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف، وندب أن نطيل القراءة فيها، وأن نطيل السجود، ليغطي سجودنا وقت الكسوف.
 سيكون الكسوف استناداً للحسابات الفلكية في الحادي عشر من شهر آب مرئياً في جميع أنحاء الوطن العربي، لكنه لن يكون كلياً إلا في أقصى الشمال الشرقي منه، ففي الشمال الشرقي من سورية سيبدأ ذلك العرض الفلكي بعيد ظهر ذلك اليوم بمرحلة الكسوف الجزئي الذي يستمر ساعة تقريباً، ومن ثم تغرب الشمس وتختفي كلياً، ويحلّ الظلام التام مدة دقيقتين. وفي هاتين الدقيقتين يتاح لنا أن نشاهد الانفجارات التي تحدث على سطح الشمس، وقد يمكننا أن نرى ألسنة اللهب التي يقترب طولها من مليون كيلو متر، وسيكون بالإمكان رؤية الكواكب الخمسة: عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل.
هناك تعبير شائع بين الناس، حينما يتحمل الإنسان ما لا يحتمل، يقال: رأى النجوم ظهراً ، لكن في أثناء الكسوف نرى النجوم ظهراً حقيقة لا مجازاً.

 

إخفاء الصور