وضع داكن
26-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثالث - الفقرة : 36 - الوردة الجورية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 يوقن الباحث في العلم، ويشعر المتأمّل في الكون، حينما يقرأ آيات القرآن المتعلّقة بخلْق الأكوان والإنسان، يوقن ويشعر بكلّ خليّة في جسمه، وبكلّ قطرةٍ في دمه، أنّ هذا القرآن كلام الله، المنزّل على نبيّه محمّد رسول الله، وأنّه مستحيلٌ وألف ألف مستحيل أن يأتيَ به بشرٌ فرادى أو مجتمعين، فمن خلال المؤتمرات العالميّة التي عُقِدَت في عواصم متعدّدة في أنحاء العالم حول الإعجاز العلمي في الكتاب والسنّة، يتَّضِحُ أنّ أبحاثاً علميّة جادّة ورصينة، قام بها علماء ليسوا مسلمين، ولا تعنيهم آيات القرآن الكريم، استغرقَتْ عشر سنوات، وكلَّفتْ ملايين الدولارات، تأتي نتائجُ بحوثهم مطابِقة مطابَقةً عفوِيَّة وتامّة من دون تكلّف ولا تعنّت، ومن دون تأويلٍ بعيد عن الآية أو تعديلٍ مفتعلٍ لحقيقة، تأتي نتائج بحوثهم تلك مطابقة لآية أو لكلمة في آية، بل لحرفٍ واحدٍ في آية، وهذا مصداق قوله تعالى:

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)﴾

( سورة فصلت )

 في الواحد والثلاثين من تشرين الأوّل من عام ألفٍ وتسعمئة وتسعين عرضَت إحدى أقوى وكالات الفضاء في العالم من خلال مرصَدٍ عملاق عبر موقعها المعلوماتي صورةً لا يشكّ الناظر إليها لحظةً أنّها وردة جوريّة، ذات أوراق حمراء قانية، مُحاطةٌ بِوُرَيقاتٍ خضراء زاهية، وفي الوسط كأس أزرق اللّون، أما حقيقة هذه الصورة، فهي صورة لانفجار نجمٍ عملاق اسمه عين القِطّ، يبعدُ عنّا ثلاثة آلاف سنة ضوئيّة، وفي هذا الموقع المعلوماتي آلاف الصّوَر الملوّنة التي رصدتها المراصد العملاقة لِعَجائب الفضاء، ولكن ما علاقة هذه الصورة بإعجاز القرآن ؟!!

 

بعض ألوان الإعجاز:

 في القرآن الكريم أيّها الأخوة آيةٌ في سورة الرحمن، وهي قوله تعالى:

 

 

﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)﴾

 

( سورة الرحمن)

 لو تتبَّعْت أيها المستمع الكريم تفسير هذه الآية في معظم التفاسير قبل نشْر الصورة، تجدُ فيها ما يُشفي غليلك، ذلك لأنّ في القرآن آياتٌ لمّا تفسَّر بعدُ، كما قال الإمام عليّ كرّم وجهه، إنّ انشقاق هذا النّجم يُشبه ورْدةً متألّقة، بل إنّ صورة هذا النجم عند انفجاره هو تفسير هذه الآية، بشكلٍ أو بآخر، هذا لونٌ من ألوان الإعجاز، ولونٌ آخر ؛ بعض النجوم تبعد عنّا عشرين مليار من السنوات الضوئيّة أي أنّ ضوءها بقيَ يسير في الفضاء الكوني عشرين مليار سنةٍ حتى وصل إلينا، علماً أنّ الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، فكم يقطع في السّنة ؟ وكم يقطعه في عشرين مليار سنة ؟! فهذا النّجم الذي وصل إلينا ضوءه بعد عشرين مليار سنة أين هو الآن ؟ إنّه يسير بسُرعةٍ تقتربُ من سرعة الضّوء لذلك جاءتْ الآية الكريم:

 

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)﴾

 

(سورة الواقعة )

 إنّ كلمة مواقع في هذه الآية هي سرّ إعجازها، فالموقع لا يعني أنّ صاحب الموقع موجود فيه، فالله جلّ جلاله لم يقسم بالمسافات التي بين النجوم، ولكنّه أقْسَم بالمسافات التي بين مواقع النجوم، ذلك لأنّ النجوم متحرّكة وليْسَت ثابتة، ولو قرأ عالم الفلك هذه الآية لخرَّ ساجداً لله عز وجل، فقد قال الله عز وجل:

﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾

 أي أنّ العلماء وحدهم يقدّرون عظمة هذه الآية، قال تعالى:

 

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

 

( سورة فاطر: الآية 28)

 

إخفاء الصور