وضع داكن
29-03-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب السادس - الفقرة : 3 - المسجد الأقصى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

أهمية المسجد الأقصى للمسلمين وما يتعرض له هذه الأيام:

اليومَ يتعرّضُ المسجدُ الأقصى موطِنُ أبيكم إبراهيمَ، ومتعبَّد الأنبياء السابقين، ومَسْرى خاتم النبيين، المسجدُ الذي نَوَّهَ اللهُ به في الآيات المفصلة وتُلِيَتْ فيه الكتبُ المنزَّلةُ، أُولَى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالثُ الحرمين الشريفين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ، مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى))

[متفق عليه عن أبي هريرة

المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ببركات الدين والدنيا، والذي أضحى بالإسراء إليه والمعراج منه رمزاً للشخصية المعنوية للمسلمين، هذا المسجد الذي ورد ذكرُه في القرآن الكريم، وقبة الصخرة الذي تمَّ منها عُروجُ النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى سدرة المنتهى، قال عز وجل:

﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)﴾

( سورة النجم)

حيث يتعرّضُ المسجدُ الأقصى اليومَ إلى محاولة تهويده، وجعلِه عاصمةً أبديةً للكيان الصهيوني مع القدس، وفي وصف القرآنِ الكريمِ المسجدَ الأقصى بالبركةِ إيماءٌ قويٌّ للعرب حَمَلَةِ رسالةِ الإسلام، وإلى المسلمين في مشارقِ الأرض ومغاربِها أنّه مفروض عليهم الحفاظ عليه، وقد بارك اللهُ حولَه أنْ يحفظ له هذه البركة، ومتى اعتُدِيَ عليها فعليهم أنْ يصطلحوا مع الله أولاً، ويُعِدُّوا لعدوِّهم ما يستطيعون من قوةً ثانياً، كي يحرِّروه، ويحرِّروا ما حوله مِن أيدي الغزاة المغتصبين، ويُحْيُوا بتحريره سيرةَ فاتحيه ؛ عمرَ بنِ الخطاب وصلاحِ الدين الأيوبي، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.

القدس وما تتعرض له من أذى وتدمير:

وأنتِ يا مدينةَ القدس، إنكِ عبق التاريخ الإسلامي، إنك أريجه الفوَّاح، شذى الرسالات السماوية، أضاء أرجاءَك قبسُ الإيمانِ، وتبارك ثراكِ بمسرى سيدِ الأنام، تمتلئ قلوبُ المسلمين اليوم شجناً وحزناً، وتفيض الدموعُ أسًى وحسرةً، وهي ترى مئات الحواجز تَحُولُ دونَها ودون الوصول إلى أُولَى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، إلى مسرى نور الهداية، سيدنا محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كم يتُوقُ المسلمُ للصلاة خشوعاً لله في هذا المسجد الأقصى، لكنَّ المشهدَ مأساويٌّ، والمصابَ جَلَلٌ، فالقدسُ ما زالت أسيرةَ الصهيونية الغادرة، وما زالت مهدَّدةً بالتهويد، وبطمس معالمها الإسلامية، بل والأدهى من ذلك أنَّ الصهاينةَ خطَّطوا لهدم المسجد الأقصى، وكم تَعَرَّض هذا المسجدُ لمحاولات الحرق والهدم، كم هي خطيرةٌ تلك الأنفاق التي شقَّها الأعداءُ تحت المسجد فَعَرَتْ أساسَه وعرَّضتْها للخطر، كم هو خطير مخطط التهويد.
أيها الأخوة الأكارم، حينما تُسْلَبُ أرضُ شعبٍ، وتُنْهَبُ ثرواتُه، وتُنْتَهك حرماتُه، وتُدَنَّسُ مقدساتُه، وتداس كرامتُه، وتُقهَر إرادتُه، وتُفسَد عقائدُه، وتُفرَغ قيمُه، ويزوَّر تاريخُه، ويُحمَلُ على الفساد والإفساد، وتُمارَسُ عليه ألوان التجهيل، والتجويع، والتعذيب على يد أعدائه، أعداءِ الله، أعداءِ الحق، أعداءِ الخير، أعداء الحياة، عندئذٍ لا بد لهذا الشعبِ أنْ يتحرَّك ليستردَّ حقَّه في الحياة الحرَّة الكريمة، هذه الحركة لا يمكن أنْ تُسمَّى إرهاباً، ولا تخريباً، ولا انتحاراً، وأنتم أيها الثائرون في الأراضي المحتلة بوركِتْ سواعدُكم، وسَلمتْ أيديكم، لقد كنتم رمزَ البذل والعطاء، ولقد ضربتُم المَثَلَ الأعلى في التضحية والإباء، لقد تحركتْ فيكم معاني العزة والإباء، فأقلقتم مضاجعَ الصهاينة الأعداء، ولكن استمعوا معي إلى وصية سيدنا عمر بن الخطاب لسيدنا سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهما، إذْ يقول: أما بعد ؛ فإني آمُرُكَ ومَن معك مِنَ الأجناد بتقوى الله عز وجل، فإنّ تقوى الله أفضلُ العُدَّة على العدوِّ، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمُرُكَ ومَن معك أنْ تكونوا أشدَّ احتراساً مِنَ المعاصي فإنها أَضَرُّ عليكم مِن عدوِّكم، إنما تُنْصَرُون بمعصية عدوكم لله، فإنِ استويتم في المعصية كان لهم الفضلُ عليكم بالقوة.

إخفاء الصور