وضع داكن
24-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب التاسع - الفقرة : 4 - الإعداد المادي والمعنوي
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 مرّ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه ببلدةٍ مِن بلاد المسلمين في عهده، فوجد فيها أن الفعالياتِ المعيشيةَ ليست بأيدي أبناءِ هذه البلدة، فوبَّخهم، وعنَّفهم، وقال لهم:

(( كيف بكم وقد أصبحتم عبيداً عندهم ؟))

 لقد أدرك هذا الخليفةُ الراشدُ ـ ببُعْدِ نظره ـ أنَّ المنتجَ هو القويُّ، وأنّ المستهلكَ هو الضعيفُ، ويمكن أنْ يُضافَ إلى ذلك أنّ التفوُّقَ العلميَّ سبيلٌ إلى امتلاك القوة، وأنَّ صاحبَ الحقِّ لا يستطيع أن يحميَ حقَّه إنْ كان ضعيفًا، وما يجري في العالَم اليومَ خيرُ شاهدٍ على ذلك ؛ لذلك أمرنا ربُّنا أنْ نعدَّ لأعدائنا ما نستطيع من قوة، فقال تعالى:

 

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾

 

[ سورة الأنفال، الآية 60 ]


 وقوةٍ في العَدد، وقوةٍ في العُدد، وقوةٍ في التدريب، وقوةٍ في التخطيط، وقوةٍ في الإمداد، وقوةٍ في التموين، وقوة في الاتصالاتٍ، وقوة في المعلوماتٍ، وقوةٍ في تحديد الأهداف، وقوةٍ في دقة الرمي، وقوةٍ في الإعلام.
إن الله جل في علاه ـ رحمة بنا ـ لم يكلفْنا أن نُعِّدَ القوةَ المكافئةَ لأعدائنا، ولكن كلفنا أن نُعِدَّ القوة المتاحة وهذا من رحمة الله بنا، لأن الله وعد المؤمنين حقاً، والمطبقين لمنهج الله، والمخلصين له، وعدهم بالنصر، قال تعالى:

 

﴿ فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 47 ]


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ))

 

[ رواه مسلم ]


يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:

 

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا﴾

 

[سورة يونس: الآية 24 ]


 يظن بعض أهلها اليوم أنهم قادرون عليها استطلاعاً وتدميراً، وأن أية بقعة في الأرض تحت استطلاع أقمارهم، وتحت مرمى طائراتهم، لكن حين يتوهم أهلها أنهم قادرون عليها:

﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾

[سورة يونس: الآية 24 ]

إخفاء الصور