وضع داكن
26-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثامن - الفقرة : 01 - الذوق الإسلامي
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الإسلام: عقائد ، وعبادات ، ومعاملات ، وآداب.
 وموضوع الخطبة اليوم ؛ بعض الآداب الإسلامية ، ولكن بمصطلح جديد شاع بين الناس ألا وهو الذوق.
ونقصد بالذوق:
 أدبيات التعامل مع الناس .. جمال التعامل بأشكاله المتعددة .. النفس المرهفة الجميلة .. الموقف الجميل، التصرف الجميل، الحركة الجميلة، اللمسة الجميلة، الكلمة الجميلة، جمال النظام، جمال النظافة .. جمال الأناقة، جمال التناسق والانسجام، جمال في البيت، جمال في مكان العمل، جمال في الطريق، جمال في الأماكن العامة.
ونقصد بالذوق:
 النفس الشفافة التي تفهم الخطأ وتقدر وقوعها فيه من نظرة العين، وابتسامة الوجه.
 إن الحياء شعبة من الإيمان.. والحيي هو الذي يفهم خطاه من لمحة عابرة، ونظرة حائرة.
الناس أجناس فمنهم من أعتقد خطأً أن الذوق، والأدب، والخلق الرفيع، والرّقي الحضاري.. كل هذه قيم غربية خالصة، ولا تكتسب إلا في المدارس الأجنبية.
 ومنهم من تربى على الأدب والرقي والذوق ، وظنّ أن الإسلام عكس ذلك تماما، فتراه حينما يسمع كلمة “ متديّن “ ينتظر منه عدم اللياقة .. وعدم النظافة .. وعدم النظام .. فصار الذوق عند هذا الإنسان الواهم حاجزا بينه وبين التديّن.
ومن الناس من ظن أن الإسلام في المسجد ليس غير.!! لذلك يقول “ دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر “ وبالتالي فالأدب والرقي والحضارة وكذلك إدارة الحياة جميعها .. ليس لهذا علاقة بالدين .. والحقيقة أن ما لله لله وما لقيصر لله!
وسنعرف من خلال هذه الخطبة ـ إن شاء الله تعالى ـ وسيتأكد لنا أن الذوق والأدب، والرقي ، والحضارة، والشفافية، والجمال، والنظافة، والنظام هي أصول كبيرة من أصول هذا الدين. إن الإسلام جاء لتنظيم الحياة وإدارتها والسمو بها، فالإسلام هو الحياة الكاملة.
 والإنسان المتديّن الذي فهم الإسلام عبادة شعائرية ليس غير.. صلاة وصياما وذكرا وتسبيحا فهو حريص على هذه العبادة، ولكنه لم يفهم أن الذوق جزء أساسي من أخلاق المسلم ، وأن الله لا يرضيه أن يؤذي الناس بكلمة أو بتصرف، فإذا عامل الناس بغلظة .. وبشيء من عدم الذوق ، فتكون النتيجة أنه يفتن الناس عن دينهم. فيصبح تديّنه سببا لبعد الناس عن الإسلام.. وتجد من حوله يقولون: منذ أن تديّن أصبح فظا... غليظا.. غير مهتم بمظهره .
 فالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق، وحبيب الحق، أوحي إليه، وأوتي القرآن، وأوتي المعجزات، تمثل فيه الكمال البشري، حتى قال الله له مخاطباً: وإنك لعلى خلق عظيم، وأقسم الله بعمره الثمين فقال: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون، النبي صلى الله عليه وسلم جميل الخلق حسن النطق، أوتي جوامع الكلم، عصمه الله من أن يخطئ في أقواله، وفي أفعاله، وفي إقراره، وفي صفاته ... ومع كل هذه الخصائص، ومع كل هذه الكمالات التي هي في القمم يقول الله له على الرغم من كل هذه الخصائص:
ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك
فكيف بإنسان ليس بسيد الخلق، ولا بحبيب الحق، ولم يوح إليه، ولم يؤت جوامع الكلم، وهو مع هذا فظ، غليظ في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، متجهم في نظراته، قاس في تعليقاته

إخفاء الصور