وضع داكن
19-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثامن - الفقرة : 42 - أسباب قطيعة الرحم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 وإذا أمعنا النظر في أسباب قطيعة الأرحام ؛ وجدنا أن من تلك الأسباب:
 1- الجهل بعواقب القطيعة، والجهل بفضائل الصلة، والتفكر في الآثار المترتبة على الصلة ؛ فإن معرفة ثمرات الأشياء، واستحضار حسن عواقبها من أكبر الدواعي إلى فعلها، وتمثلها، والسعي إليها، وكذلك النظر في عواقب القطيعة، وتأمل ما تجلبه من هم، وغم، وحسرة، وندامة، ونحو ذلك، فهذا مما يعين على اجتنابها، والبعد عنها.
 2- ضعف التقوى، والكبر، فبعض الناس إذا نال منصبا ًرفيعاً، أو حاز مكانة عالية، أو كان تاجراً، أو مشهوراً ؛ تكبر على أقاربه، وأنف من زيارتهم والتودد إليهم.
ومما يحبب الإنسان لقرابته، ويدنيه منهم تواضعه ولين جانبه:
من كان يـحلم أن يسود عشــيرة فعليه بالتقوى و لين الجــانب
و يغض طرفاً عن مساوي من أسـا منهم ويحلم عند جهل الصاحب
 3- الانقطاع الطويل الذي يقود إلى الوحشة واعتياد القطيعة
 4- العتاب الشديد، فبعض الناس إذا زاره أحد من أقاربه ؛ أمطر عليه وابلاً من التقريع والعتاب على تقصيره في حقه , وإبطائه في المجيء إليه ؛ ومن هنا تحصل النفرة من ذلك الشخص، والهيبة من المجيء إليه.
وعلاج ذلك تحمل عتابهم، وحمله على أحسن المحامل، فهذا أدب الفضلاء، ودأب النبلاء ممن تمت مروءتهم، وكملت أخلاقهم، وتناهى سؤددهم، ممن وسعوا الناس بحلمهم، وحسن تربيتهم، وسعة أفقهم ؛ فإذا عاتبهم أحد من الأقارب، وأغلظ عليهم، لتقصيرهم في حقه ؛ لم يثرّبوا عليهم، ولم يجاروه في عتابه بل يتلطفون به، ويحملون عتابه على المحمل الحسن، فيرون أن هذا المعاتب محب لهم، حريص على مجيئهم ويشعرونه بذلك، ويشكرونه، ويعتذرون إليه، حتى تخف حِدَّتُه، وتهدأ ثورته، فبعض الناس يقدر ويحب ؛ ولكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك إلا بكثرة اللوم والعتاب، والكرام يحسنون التعامل مع هؤلاء، ولسان حالهم يقول: لو أخطأت في حسن أسلوبك ما أخطأت في حسن نيتك.
 5- التكلف الزائد، فهناك من الناس من إذا زاره أقاربه تكلًّف لهم أكثر من اللازم، وخسر الأموال الطائلة، وقد يكون - مع ذلك - قليل ذات اليد، ومن هنا تجد أقاربه يقصرون عن المجيء إليه، خوفاً من إيقاعه في الحرج.
 6- وتجد من إذا زاره أقاربه لم يهتم بهم، ولم يصغ لحديثهم، ولا يفرح بمقدمهم، ولا يستقبلهم إلا بكل تثاقل وبرودة، مما يقلل رغبتهم في زيارته.
 7- الشح والبخل، فمن الناس من إذا رزقه الله مالاً أو جاهاً تهرب من أقاربه، حتى لا يرهقونه بطلباتهم المتنوعة.
وعلاج ذلك بذل المستطاع لهم من الخدمة بالنفس، أو الجاه، أو المال، وأن يدع المنة عليهم، والتعاون على حل مشكلاتهم المادية والاجتماعية والدينية، فإذا ما احتاج أحد من أفراد الأسرة مالاً لزواج، أو نازلة أو غير ذلك ؛ قاموا بدراسة حاله، ورفدوه بما يستحق، فهذا مما يولد المحبة بين الأقارب.
 8 - تأخير قسمة الميراث، فقد يكون بين الأقارب ميراث لم يقسم، إما تكاسلاً منهم، أو قلة وفاق فيما بينهم، وكلما تأخر قسم الميراث شاعت العداوة، وكثرت المشكلات، وزاد سوء الظن، وحلت القطيعة.
 9- الشراكة بين الأقارب، فكثيراً ما يشترك الإخوة أو غيرهم من الأقارب في مشروع أو شركة ما، دون أن يتفقوا على أسس ثابتة، ودون أن تقوم الشراكة على الوضوح والصراحة، بل تقوم على المجاملة، والحياء، وحسن الظن. فإذا زاد الإنتاج، واتسعت دائرة العمل ؛ دب الخلاف، وساد البغي، ونـزغ الشيطان، وحدث سوء الظن خصوصاً إذا كانوا من قليلي التقوى والإيثار، أو كان بعضهم مستبداً برأيه، أو كان أحد الأطراف أكثر جدية من صاحبه، ومن هنا تسوء العلاقة، وتحل الفرقة، وربما وصلت بهم الحال، إلى الخصومات في المحاكم ؛ فيصبحون سبّة لغيرهم.

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾

 

[ص: 24 ]


 10- الاشتغال بالدنيا، والانشغال بها عن أداء واجباته تجاه أرحامه، لذلك وجب أن تكون لهم اجتماعات دورية شهرية أو نصف شهرية، أو نحو ذلك.
 11- والطلاق بين الأقارب إذا لم يكن بإحسان.
 12- وبُعد المسافة، والتكاسل عن الزيارة.
 13- وقد يكون التقارب في المساكن بين الأقارب مسبباً للقطيعة بسبب ما يكون من التزاحم على الحقوق، وبسبب ما يحدث بين الأولاد من مشكلات قد تنتقل إلى الوالدين
 14- قلة التحمل، والصبر على الأقارب.
 15ـ ونسيانهم في الولائم والمناسبات، فقد يفسر هذا النسيان بأنه تجاهل واحتقار، فيقود ذلك الظن إلى الصرم والهجر.
ومن الطرق المجدية أن يسجل أسماء أقاربه، وأرقام هواتفهم، ثم يحفظها عنده، حتى يستحضرهم جميعاً، ويتصل بهم إما مباشرة أو عبر الهاتف، أو غير ذلك.

 

إخفاء الصور