وضع داكن
26-04-2024
Logo
علم الحديث الشريف - الدرس : 1 - أهمية التأكد من صحة الأحاديث النبوية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، الله علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا في رحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة المؤمنون، موضوع دقيق هو أن المسلم إذا نُقل له حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجب عليه بادئ ذي بدء أن يتأكد من صحته، فلو لم يتأكد من صحة هذا الحديث، وأخذه، وتوهم أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى على هذا الحديث حكماً، أو موقفاً، أو تصرفاً، فإنه بهذا يكون قد خالف المنهج الصحيح في تلقي العلم.
 فبعضهم يقول إن هذا القول حديث شريف: اتقِ شر من أحسنت إليه، هذا قول لا تحاول أن تفسره، ولا تجشم نفسك أن تؤوله، ولا تبحث عن معانيه الدقيقة، ولا عن مراميه العميقة، إنه ليس حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن كل إنسان يريد أن يمتنع عن فعل الخير، يستشهد بهذا الحديث يقول لك: اتقِ شر من أحسنت إليه، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

((فإن الخير لا يَبلى، والشَرَ لا يُنْسَى، والدَّيان لا يموت ))

[أخرجه زيادات رزين عن عبد الله بن مسعود].

 هذا حديث شريف.

 

(( اعمل ما شئت كما تدين تدان ))

 لذلك العلماء المسلمون وضعوا خطة منهجية لتلقي العلم، الدين في الأساس نقل عن الله عز وجل، أليس هذا القرآن الكريم من عند الله عز وجل؟ إنه نقل صحيح متواتر، والحديث النبوي الشريف الذي نُقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه نقل أيضاً، فأخطر شيء في النقل التأكد من صحة النقل، يعني لا تقبل حديثاً إلا إذا أنه صحيح، صحيح أو حسن، أعلى أنواع الحديث المتواتر باللفظ، وبعد المتواتر بالمعنى، وبعده الصحيح، وبعده الحسن، وبعد الضعيف،ويأتي بعده الموضوع حديثً يطلاً لا أصل له، فكم من متاهة من حكم غير صحيح، وكم من توهم، وكم موقف باطل بني على حديث موضوع؟ فما رأيت حديثاً رأيت الناس يردده من هذا القول: اتقَ شر من أحسنت إليه، هذا الحديث لا أصل له، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله))

 لعل هذا الذي تصنع معه المعروف يسلم على يديك، لعله يندهش بهذا المعروف، لعلك تأثره بهذا المعروف، لعلك تفاجئه بأن المسلم إنسان أخلاقي.
لذلك هذه الأقوال التي كثيراً ما ترد على ألسنة الناس بعضها أحاديث شريفة، وبعضها أحاديث موضوعة، وبعضها أقوال لا أصل لها.
 لذلك التحقق من صحة الحديث شيء مهم جداً، لماذا؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام جاء بالسنة المطهرة ليبين للناس ما نزل إليهم، فإذا كان الله عز وجل تولى حفظ القرآن الكريم بدليل قول الله عز وجل:

 

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

[ سورة الحجر]

 وما دام الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر]

 فإذا ضاعت السنة ففي ضيعها ضياع للقرآن، إذاً فكأن ضيع السنة، إذاً كأن حفظ السنة من الضياع أو من التزييف، أو من الوضع، أو من التحوير، أو من التبديل كأن حفظ السنة من حفظ القرآن الكريم لذلك الله سبحانه وتعالى سخر لهذه السنة رجالاً أبطالاً دققوا في هذه الأحاديث، وعرفوا صحيحها من زائفها، عرفوا جيدها من سيئها، عرفوا من خلال المتن، ومن خلال السنا كيف يكون الحديث صحيحاً، وكيف يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أردت من هذا الحديث هذا الكتاب كله في الموضوعات، يعني أحاديث كثيرة موضوعة، فمن هذه الأحاديث الموضوعة: اتقِ شر من أحسنت إليه، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

(( اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، فإن لم تصب أهله فأنت أهله))

 النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

 

((فإن الخير لا يَبلى، والشَرَ لا يُنْسَى، والدَّيان لا يموت، اعمل كما شئت كما تدين تدان ))

 الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[ سورة الزلزلة]

 إذاً هذا القول، هكذا قال السخاوي: لا أعرفه، أو لا أصل له، أو حديث موضوع، مع أن الناس كلما أرادوا أن يتعللوا بترك عمل صالح، كلما أرادوا أن ينسحبوا من عمل طيب يرددون هذا القول، يقول لك: اتقِ شر من أحسنت إليه، ومتى كان الذي أحسنت إليه يسيء إليك؟ أنت ما علاقتك به؟ ألم تستمع من قول الله عز وجل:

﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً ﴾

[ سورة الإنسان ]

 مسطح الذي تكلم عن السيدة عائشة بحديث الإفك، والذي راج في المدينة، حينما فكر سيدنا أبو بكر رضي الله عنه أن يقطع عنه مساعدته الشهرية عاتبه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فقال:

﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾

[ سورة النور الآية: 22]

 فقال: بلا بلا، وهل من إساءة أبلغ من أن يتقول متقول على ابنتك بأنها زانية؟ هل هناك إساءة تفوق من هذه الإساءة؟ تصورها، إنسان له بنت طاهرة، شريفة، عفيفة، حصان، يأتي إنسان يروج في البلد أنها زانية؟ هل من إساءة تفوق هذه الإساءة؟ ومع ذلك ما قال هذا الصحابي الجليل اتقِ شر من أحسنت إليه، قال:

﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾

 فلذلك الذي أتمناه على إخوتنا الأكارم أنهم إذا استمعوا إلى حديث يجب أن يتحققوا من صحته، لأنك قد تبني على حديث غير صحيح، حكماً غير صحيحا، قد تقف موقفاً غير صحيح، قد تعتقد عقيدة غير صحيحة، لذلك هناك أحاديث كثيرة إن شاء الله من حين لآخر أطلعكم على هذه الأحاديث الباطلة.
 طبعاً أقوال أخرى ليست أحاديث، لكنها شائعة بين الناس، وكأنها حكم، مقطوع بصحتها، يقول يا أخي: امشِ بجنازة، ولا تمشي بزواجة، هذا آية أم حديث؟! هذا كلام فارغ، هذا كلام شيطاني، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( من مشى بتزويج رجل بامرأة كان له بكل كلمة قالها، وبكل خطوة خطاها عبادة سنة قام ليلها وصام نهارها ))

 هذا حديث شريف، يعني هذه المحفوظات، هذه الأقوال، هذه الحكم، هذه ينبغي أن تمحص، ينبغي أن يدقق بها هذا حديث صحيح ما تفسيره؟ هذا حديث موضوع، هذا قول، لا أصل له، هذا قول من قول الشيطان، لذلك الشيطان ماذا يعمل؟.

 

﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

[ سورة آل عمران]

 يخوفك من عمل صالح، يخوفك من الإنفاق، يخوفك من بذل المال، يخوفك من حضور مجالس العلم، يخوفك، والشيطان أيضاً:

﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً ﴾

[ سورة البقرة الآية: 268]

 فالإنسان يجب أن يدقق بخواطره، بهذه الأقوال التي تجري على ألسنة بعضها باطل بعضها غير صحيح، اتقِ شر من أحسنت إليه لا أصل له، قال الإمام السخاوي: لا أعرفه، ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، يجب أن تجري مراجعة، تدقيق، جرد أول سنة الآن، جرد، اجرد الأحاديث كلها التي حافظها، قد يكون بعضها غير صحيح، تنطلق في معاملتك للناس من حديث غير موضوع قد تنطلق في معتقد من حديث موضوع، قد تنطلق في مواقفك من حديث موضوع.
 لذلك نحن إن شاء الله في الأسبوع ليس غداً بل بالاثنين القادم سنفتتح بالإضافة إلى دورات تحفيظ القرآن الكريم، وإضافة إلى دورات تجويد القرآن الكريم دورة في علوم القرآن وعلوم الحديث يوم الاثنين بعد الاثنين الذي هو يوم الغد، بدءاً من الساعة الرابعة وحتى الساعة السادسة، هناك دورتان ساعة لعلوم القرآن، وساعة لعلوم الحديث، من أراد أن يدعو إلى الله عز وجل، من أراد أن يتعلم العلم الصحيح، من أراد أن يتمكن من علوم القرآن، وعلوم الحديث فهذه دورة.
إذً يجب أن تتحقق من كل حديث يصل إليك أو تستمع إليه، إذا كان حديثاً موضوعاً ضعيفاً أو موضوعاً ألقِ به وراء ظهرك ولا تتجشم عبء فهمه، ولا عبء مدارسته.
 اتقوا البرد فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء، حديث لا أصل له، طبعاً اتقوا البرد قول، ونحن البرد سنتقيه إن شاء الله سنركب تدفئة مركزية بفضل الله عز وجل، لكن هذا الحديث لا أصل له اتقوا البرد فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء، إن شاء الله في دروس قادمة سوف نذكر لكم بعضاً من هذه الأحاديث.
 قال: إذا جلس المتعلم بين يدي العالم فتح الله عليه سبعين باباً من الرحمة، ولا يقوم من عنده إلا كما ولدته أمه وأعطاه الله بكل حرف ثواب سبعين شهيداً، وكتب له بكل حديث عبادة سنة، قال: إنه موضوع، مبالغة كبيرة جداً، فالإنسان يجب أن يتحقق من الأحاديث التي يستمع إليها، نحن إن شاء الله تعالى في درس الأحد نعطي من كتاب رياض الصالحين، هذا الكتاب كل أحاديث صحيحة.
في الجامع الصغير في أحاديث صحيحة، في أحاديث حسنة، وفي أحاديث ضعيفة فإذا رأيت إلى جانب الحديث حرف ضاد فهذا الحديث ضعيف انتبه، قد لا ينطبق، قد لا يصح.
 أردت من هذا الحديث أن ألفت النظر إلى أنه قد يكون هناك كثير من الأحاديث التي تجري على ألسنة عامة الناس قد تكون هذه الأحاديث موضوعة لا أصل لها، فالإنسان لا يتحجج بقول بما يتوهم أنه قول النبي، اتقِ شر من أحسنت إليه، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

 

((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))

 

[أخرجه أبو يعلى والطبراني عن عقبة بن عامر]

وقد رحمنا النبي عليه الصلاة والسلام بكلمة متعمداً، الإنسان يستمع أحياناً إلى حديث يتوهم أنه صحيح، فيرويه، هو غير متعمد، لكن الآن فصاعداً يحب أن يتحقق الإنسان من كل حديث يرويه.
 ننتقل بين سيدنا عثمان وسيدنا علي هناك استراحة، وما دمنا في أول العام، وفي هذا اليوم، هو ذكرى ميلاد سيدنا المسيح عيسى عليه الصلاة السلام، هناك قصة أريد أن أرويها على مسامعكم، هذه القصة كتبت من قبل الغربيين، وترجمت إلى اللغة العربية، أردت من هذه القصة أن تروا ماذا يكتب أعداء الإسلام عن المسلمين، دائماً وأبداً نقرأ قصصاً كتبها المسلمون، وها هي ذي المرة الوحيدة نقرأ قصة كتبها كتاب غير مسلمين، القصة متعلقة في بيت المقدس، وفي موقعة حطين، وفي بطولة صلاح الدين.
فتدور هذه القصة حول امرأة اسمها مارييت، هذه المرأة ما تستطيع أن تستقر من جزعها على زوجها، وإشفاقها أن يصيبه مكروه، تضم ولدها الرضيع إلى صدرها وتناجيه وتناغيه، ثم يدركها اليأس ويخيل إليها أنه قد غدا يتيماً لا أباً له هذا الطفل الصغير، فتساقط الدموع من عينيها على وجه الطفل فيفيق مذعوراً فيبكي، فتمتزج دمعة الألم بدمعة الطفولة وكان زوجها قد خرج في الغداة لرد الأعداء المسلمين عن بيت المقدس، هذا المرأة لها غلام، ولها زوج فارس مقدام خرج في صبيحة هذا اليوم ليرد الأعداء المسلمين عن بيت المقدس، ومالت الشمس ولم يعد ولم تعرف ما حل به، وكانت هذه الفتاة فتاةً باسلة ثابتة الجنان، ولم تكن تعرف الخوف، ولا تخلع الحوادث فؤادها، لكن وقعة حطين لم تدع لشجاع من الإفرنج قلباً، ولم تترك لفارس فيهم أملاً في النصر، فقد طحنت جيوشهم طحناً، وعركتها عرك الرحى، وزعزعت قلوب الكمات عن مواضعها، هذه معركة حطين الشهيرة، التي واجه بها سيدنا صلاح الدين ملوك أوربا بأكملهم، فخفق قلب هذا المرأة، وتلاحقت أنفاسها، ولم تدرِ أهو البشير أم هو الناعي، وتلفتت فإذا هي بزوجها يدخل عليها سالماً، ويحدثها حديث النصر، لقد رد اليسوع الأعداء، وفت في عضدهم، وانطلقوا هاربين قبل أن نباشر حرباً، وأن نشرع في قتال، لقد استقر ملك المسيح في بيت المقدس إلى الأبد، وليتك يا مارييت أبصرت هؤلاء لقد ذهب الفرع بألبابهم، لما رأوا أسوار المدينة تطل من فوقها الأبطال، فهدموا خيامهم وولوا الأدبار لا يلوون على شيء، لا يريدون إلا النجاة، لقد صدقت أن هؤلاء الذين فعلوا تلك الفعل في حطين فروا كالنعاج الشاردة، فيا ليت أبطال المقدس كانوا في حطين ليروهم يومئذٍ ما القتال.
 وراح يحدثها عن هؤلاء الوحوش الكفرين، ويصف لها فظاعة ديانتهم، وقسوة رجالهم، وكيف يأكلون لحوم الأعداء، ويشربون دمائهم، ويصور لها ملكهم صلاح الدين كأنه وحش مفترس، فترتجف أضلاعها خوفاً وفزعاً من هذه الصورة المرعبة وتضم ولدها إليها وتستجير بالقديسين جميعاً، وبيسوع والعذراء ألا يجعلوا له سبيلاً إليها، وألا ترى وجهه المخيف.
امرأة في بيت المقدس لها زوج خرج من توه ليحارب المسلمين الغزاة هكذا يصفونهم وعاد منتصراً وقد طمأنها أن هذه البلاد بأيديهم إلى ما شاء الله.
 وتحس أن الدنيا ألقت إليهم مقاليد الأمان، وأن الدهر قد حكمهم فيه، ونزل على حكمهم، وتستلقي على فراشها، حتى إذا بلغ بها التأمل أن ترى أن هذه البلاد كلها عادت إلى قومها ولم تبقَ في جنباتها منارة مسجد، ولم يتردد في جوها أذان، وترى زوجها قد علا في المناصب حتى صار القائد.
 أغمضت عينيها على هذه الصورة الحلوى وأخذتها معها في أحلامها ونامت، ولكنها لم تجد إلا حلماً مزعجاً، قد أحست أن المدينة تتقلقل وتميد، وتحس أن حصونها تدك دكاً، وتخر حجارتها تتهدم كما يتهدم عش عصفور ضعيف بضربة من جناح نسر كاسر، وخالطت سمعها أصوات العويل والبكاء، تتخللها أصوات الرجال، فعلمت أنه ليس بحلم ولكنها الحقيقة، فوثبت تحمل ابنها ونظرت إلى سرير زوجها فلم تلفه في مكانه، فخرجت تسأل عنه ما الخبر فعلمت أن صلاح الدين قد دار حول البلد، حتى حط على جبل الزيتون، ثم صدم المدينة صدمة زلزلتها وهزتها هزاً، وكادت تقتلعها من أساسها، كما تقتلع الشجرة من الأرض الرخوة، ورماها بالمنجنيق والعرادات، وقذفها بالنيران المشتعلة، وهجم جنوده على الأسوار كالسيل المنحط، كأنهم أبارسة الجحيم لا تحرقهم نيراننا، ولا يقطعهم حديدنا، كأن المردة والشياطين كلها تقاتل معهم.
وكانت هذه المرأة واثقة من قوة الدفاع، فالقدس بلد الفرنجة، لبست في أيدي أهلها مئة سنة، لا سنة ولا سنتين، وفي القدس ستون ألفاً من خيرة الأجناد يقودهم الملك بليان، لكن هذه المفاجأة روعتها وأدخلت الشك في قلبها، وطفقت الأخبار تصل متعاقبة تترا، كل خبر شر من الخبر الذي قبله، وكلما مرت دقيقة سمعت نبئاً جديداً عن شدة الهجوم ومضاءه، وعن تحطم أدوات الدفاع حتى جاءها الخبر بأن الرايات البيض قد رفعت على الأسوار، يعني هذه المدينة استسلمت، نرجو الله أن تعود هذه القصة مرة ثانية.
وأنها قد عقدت الهدنة على أن يخرج من شاء من المدينة في مدة أربعين يوماً ومن أراد البقاء بقي في حكم صلاح الدين، وأن تفتح لهم المدينة أبوابها وأن يدفع الرجل الذي يريد الخروج عشرة دنانير، والمرأة تدفع خمسة، والولد دينارين.
 وتركت مارييت القوم في رجتهم، وخرجت تفتش عن زوجها الحبيب، ومشت في الظلام تدور حول الأسوار، وتنظر إلى الأبواب المفتحة، والجنود ظافرين يدخلون بالمشاعل والطبول فتشد يدها على ولدها وتمضي متباعدة حتى تبلغ ساحة القتال، فإذا هي تطأ على أعلام الفرنجة ممزقة مخرقة، مختلطة بجثث الأجناد، متقطعة الأوصال، فامتلأت نفسها رهبة وخوفاً وهمت بالعودة لكنها غالبت النفس ومشت، فقد كانت تفتش عن زوجها، ولا تستطيع أن ترجع حتى تلقاه أو تعرف خبره، وكان حولها رجال ونساء كثيرون يبحثون كما تبحث، عن قريب أو صديق، وتمثلت ذلك الأمل الضخم فألفته أنه قد مات هو الآخر، وألقيت بحثته في الطريق، ورأت هذه الأرض قد عادت للقوم الكافرين، يعني قصدها المسلمين، وأحزنها ذلك كما أحزنها فقد زوجها، وتضاعفت به مصيبتها وحاولت على وجوه القتلى من أحبابها وعشيرتها فأخفت وعجزت ولم تبصر شيئاً من الظلام، ومما أصابهم من التبديل والتغير وتمثلت لها حياتها كلها فإذا هي قد ذهبت وجاءت في مكانها حياة جديدة، حياة رعب وفزع وشقاء لا تعرف عنها ولا يدري أحد من قومها كيف يكون المصير.
 وذكرت ما قاله لها زوجها عن فظاعة هؤلاء الفاتحين، فأحست عند ذكر زوجها كأن قلبها قد انتزع من صدرها، وطارت في أثره، وفكرت فيه، أي أرض تقله؟ أي سماء تظله؟ وهل هو قتيل قد تمزق جسمه وانتثرت ثناياه؟ ولم تستطع أن تمضي في هذه الصورة المرعبة فأغمضت عينيها وألقت عليها غشاء من الدمع وأحست كأن فؤادها يسيل حزناً عليه، وكان أشد ما روعها وحز في فؤادها انصراف الناس عنها، وكف أيديهم عن مساعدتها، فقد شغلت المصيبة الداهمة كل واحد بنفسه كأنه يوم المحشر كل يقوم فيه أنا، وكرت راجعة وهي تعرف في ذهنها فصول هذه الروية التي مثلت هذه الليلة، فابتدأت بالظفر والمجد وانتهت بالخيبة المرة والهزيمة الماحقة، والفراق الطويل.
 ولم تفهم كيف يمكن أن يهوي في لحظة الصرح الذي أقيم في مئة سنة؟ وكيف يهدم رجل واحد ما تعاون على إنشائه أهل أوربا جميعاً؟ أيكون أمير مسلم واحد معادلاً في الميزان ملوك أوربا كلهم وأمرائهم؟ كيف لو تحالف المسلمين كلهم؟ كيف لو كانت الحروب في أيام الخلافة، إذاً كانت مملكتهم مملكة واحدة تمتد من الصين إلى قلب فرنسا.
 وجعلت تسأل كل من تلقاه عن زوجها، فلا يقف لها أحد ولا يرد عليها، وإذا لقيت منهم كريماً منهم رقيق القلب سألته فعطف عليها بجواب ولك يكن جوابه لا أدري، وظهر القمر نحيلاً هزيلاً من بين فرج الغمام فألقى على الساحة ضياء شاحباً حزيناً جعل الدنيا كنها وجه مريض محتضر، فرأت قطع اللحم البشري مخلوطة بالوحل تبرز من خلالها الدروع المذهبة وتبدو من بينها قطع الرماح المكسرة والسيوف، فأشجاها التفكر في هذه الجيف المنتنة.
 ويحب زوجها فأدركته الشفقة عليها فأخذ بيدها فاستخرجها من ساحة المعركة، وكأن الخطب قد حطم إرادتها وتركها كالتي تمشي في نومها، فانقادت إليه طيعة وسارت معه، وسألته هامسة، كأنها تخاطب نفسها: يا أبتاه قد رأيت زوجي؟ فلم يجيب، ولم يحب أن ينبئها بما تكره فلوى الحديث وشغلها بغير ما تسأل عنه، فقالت: يا أبتاه ما تظن أن يصنعوا بنا هؤلاء؟ هل يخطفون ولدي ليأكلوا لحمه أمام عيني؟ هكذا يفعلوا المسلمين؟ قال: ومن أخبرك بهذه الأكاذيب؟ إن المسلمين قوم كرام، أهل فضل ووفاء ونبل، وإن ملكهم صلاح الدين خير الملوك قاطبة، من قال لك إن المسلمين وحوش؟ ومضى يحدثها عما عرف من صفات المسلمين وهي فاتحة فمها دهشة، لا تكاد تصدق ما تسمع، ولا تفهم ما يقول، ولا تصدقه، فعاد يقول، دققوا جيداً يا بنيتي لو أنهم ذبحونا لما كانوا معتدين، كانوا منصفين منا، لما دخلنا القدس منذ مئة عام قتلناهم في البيوت والشوارع والمساجد، وحيث ما وجدناهم حتى صاروا يلقون بأنفسهم من فوق الأسوار لينجوا بنا، وحتى بلغ عدد من قتلنا منهم سبعين ألفا، ولم يتحرق قلب بشفقة ولا لسان.
قال: يا بنيتي المسلمون قوم كرام، وأهل وفاء هذا قول الأعداء، وإن ملكهم صلاح الدين خير الملوك قاطبة.
 قال أحد الفرنجة: بعد أن فُتحت القدس دخلت المسجد الأقصى، فلم يمنعنِ أحد، ولم يسألني أحد من أنا، فاختلطت بالمسلمين فإذا هم جميعاً يجلسون على الأرض لا تتفاوت مقاعدهم ولا يمتاز أميرهم عن واحد منهم، قد خشعت جوارحهم، وسكنت حراكاتهم، وخضعوا لله وحده فعجبت من هؤلاء الذين كانوا جناً في المعارك، وشياطين في القتال؟ كيف استحالوا هنا رهباناً خشعاً رأيت الخطيب صعد المنبر وخطب خطبة، لو أنها ألقيت على رمال لتحركت وانقلبت فرسناً، ومضت حتى الأرض، ولو سمعتها الصخور الصم لانبثقت فيها الحياة، ومشت فيها الروح، ووجدت هؤلاء الناس لا يغلبون أبداً ما داموا مسلمين، ولو اجتمعت عليهم دول الدنيا، لأن قوة الإيمان أقوى في نفوسهم من كل قوة، إنهم لا يخيفهم شيء لأن الناس إنما يخيفون بالموت ومنه يخافون، وهؤلاء قوم يحبون الموت ويريدون أن يموتوا، كلا، لا يطمع قومنا بهذه الديار، أنا أقول لكم وقد عرفت القوم وتكلمت بلسانهم، وخالطهم، ووقفت على ديانتهم، وسلائقهم، كلا إنه لا أمل لنا فيها، لقد خرجنا منها بعد أن لبثنا بها مئة عام.
 ونظرت هذه الزوجة فإذا قومها قد آثر فريق منهم البقاء في ظل الراية الإسلامية حينما رأوا في ظلالها العدل والأمن والهدى، مع الحضارة والتمدن والغنى، وأبا فريق الرحيل فاختارت أن تكون مع الفريق الراحل لا كرهاً بالمسلمين فقد بدت شمس الحقيقة وكذب الواقع ما سمعت عنهم ولكنها لم تستطع أن تقيم وحيدة في البلد الذي يذكرها كل شيء بزوجها.
 سارت وهي سارحة في أفكارها فتخيلت زوجها يمشي معها في الموكب الظافر فبكت واختلط نشيجها بنشيج النسوة من حولها وهن يبيكن من خلفهن من الأسرى والقتلى وإذا بالجنود يوقفهن، فسكتن من الفزع، ووقفن وأيقن بالهلاك وأرجعوهن فإذا على رابية طائفة من المسلمين بينهم شيخ على فرس له، لم تُرع هذه المرأة وصحبها إلا عندما قيل لها هذا هو السلطان، صلاح الدين هذا هو السلطان؟ هذا هو السلطان صلاح الدين المخيف آكل لحوم البشر؟ وشارب الدماء؟ وجعلت تختلس النظر إليه، فلا ترى ملامح الوحش الكاسر، ولا تبصر الأنياب ولا المخالب، لا ترى إلا الهيبة والنور والجلال والوقار، فقد وقفن عليه فقال: ما تردن؟ قالت امرأة: رجالنا في الأسر، أزواجنا، وتصايحن وبكين، وبكى السلطان رقة لهن، وأمر بإطلاق أسراهن وأعطاهن الدواب والطعام والمال، وكان زوج هذه المرأة مع الأسرى، فالتقت به ورأته صحيحاً معافى، فنسيت الشقاء والهزيمة، وقد جعل السلطان لكل من هؤلاء ما يكفيه من الطعام والشراب والدواب لنقله إلى حيث يريد.
 ثم مشت هذه القافلة بهؤلاء النازحين فلم يعرف أولهم من آخرهم، وكان الطريق كالنهر الممتلئ بالماء من منبعه إلى مصبه، نهر من الأسى والفرح والهزيمة في المعركة والظفر بلقاء الأحبة وكره الغالبين وشكرهم على إحسانهم، وأحست مارييت في قلبها بالاعتراف بفضل هذا الرجل المحسن، ورأت من خلال الإنسانية والحق والنبل تتمثل فيه، لا من رأت من رجال قومها، وكادت تحبه وتتنبه في نفسها ما علموها من بغض الإسلام فتوقفت وحاولت أن تذكر سيئة واحدة لهذا الرجل، ولقومه تستعيد بها بغضائها إياهم فلن تجد، ولا سيئة، وجعلت تقابل بينه وبين رجال قومها الذين خرجوا مع القافلة بعد ما استلبوا المعابد، وكنسوا الكنائس، وحملوا كل ما كان فيها ولم يعطَ من هذا المال أحد لم يدفع من هذا المال على امرأة ضعيفة تمشي معه، وعلى شيخ عاجز، وذكرت ما سمعت من أن السلطان ترك هؤلاء يخرجون بأموالهم مع أنه شرط عليهم أن يخرجوا من أموال الكنائس، وذكرت ما كان يصنع قومها من إخلاف الوعود، والحنث بالعهود فتمنت لو أنها كانت مسلمة ولكنها لم تجهر بهذه الأمنية وخنقتها في نفسها.
 مشت هذه القافلة في الطرق المقفرة، والمسالك الموحشة، ولم تحب أن تعرج على شيء من بلاد الإسلام، كانت وجهتها طرابلس، فلما بلغتها بعد الجهد البالغ، طبعاً كانت وقت إذٍ تابعة للفرنجة، فقد بلغتها بعد الجهد البالغ والمشقة المهلكة، وبعد ما تركت من ضحايا الجوع والتعب ومات من مات في القافلة، والأغنياء معهم الذهب وفيهم أموال كثيرة.
 ولما بلغتها أغلق أميرهم الإفرنجي السور في وجه القافلة وردها، ثم بعث رجاله فاستلبوها، أخذوا كل هذه الأموال، فانبرى لهم الشجعان والأبطال فاقتتلوا فيما بينهم وكان فيمن قتل زوجها، قُتل على يد قومه، توجهوا نحو طرابلس لأن فيها أميراً من الإفرنج هذا الأمير أغلق أسوار المدينة، واستلب القافلة ونشبت معركة فقتل زوجها، وتاه من كان في البرية كما يتيه الزورق في لوج البحر، وعاد أكثر أهلها إلى دنيا الأمن المروءة والنبل، إلى دنيا المسلمين وكانت هذه الزوجة مع التائهين تمشي معهم، قد مات حسها، وتلبد شعورها، ولم تستطع أن تفكر في شيء تنزل بنزولهم وترحل برحيلهم، وتأكل إن أطعموها، وتصمت إن تركوها، وكأنما خرطت في عقلها، أو أصابها مس من الجنون، حتى بلغوا أسوار أنطاكيا، فطردهم أهلها وردوهم فرجعوا إلى بلاد الإسلام وقد أيقنوا أنه لن يكون في الأرض أنبل، ولا أفضل من هذا الشعب الذي علمه محمد كيف تكون الإنسانية.
 أما مارييت بقيت في مكانها ذاهلة لا تبصر ولا تعي، أقبل عليها شاب من أهل أنطاكيا من قومها، فأخذ بيدها وواساها، فانقادت له، وسارت معه حتى احتواها منزله على شاطئ البحر، فسقطت من التعب والإعياء نائمة، وأيقظها لغط من حوله، فسمعت صوت رجل يقول لصاحبه ما ندعك تنفرد بها، فيقول لهم: لكنها صيدي أنا، أنا الذي اصطدتها، هذه لي خاصة فتفهم أن الخلاف على شرفها وعفافها، وتعود إلى ذهنها وتذكر الماضي، وتدرك أنها فقدت زوجها وحاميها فتقول: ويحكم أهذه هي مروءتكم وإنسانيتكم؟ أهذا هو دينكم يا أهل أوربا فيضحكان ويتقهقهان، فيشتد بها الغضب وتصرخ بهم، بي لسان أخاطبكم؟ بلسان الدين وأنا أراكم ملحدين كافرين، بلسان الإنسانية؟ ما أنتم إلا وحوش في جلد بني آدم، بلسان المروءة؟ فقد فقدتموها، ونسيتم حدودها، ويلكم، ألا يستحيون أن يكون هؤلاء المسلمون أشفق على نساءكم وأحفظ لشرفكم منكم؟ وأن يكنوا أنبل وأفضل وأحفظ لوصايا السيد المسيح؟ لا والله لستم للمسيح ولا لمحمد، أنتم للشيطان، أولئك هم الذين جمعوا المسيح ومحمد، أولئك أهل الفضائل أرباب الأمجاد، خلاصة الإنسانية، إنكم لم تغلبوهم، لن تأخذوا أرضكم المقدسة من أيديهم أبداً، كلا إنهم أحقوا بها لأنهم أوفى منكم بمبادئ المسيح، إنهم أعرق منكم في الإنسانية، إن المستقبل لهم، إن المجد والظفر ولكن عليكم اللعنة، فلا تجد منهما إلا إيغالاً في الضحك، وتتلفت فلا تجد ناصراً ولا معيناً على الحق، ولا مدافعاً عن الشرف في بلد ليس فيه مسلم، وتراهما قد أقبلا عليها بعيون محمرة، فيجن جنونها فتلقي بولدها في اليم وترمي بنفسها في البحر.
 هذه القصة تبين أن المسلمين حينما فتحوا العالم كانوا أهلاً لهذا الفتح، أحد المؤرخين الأجانب وهو تلوستوي قال: ما رأيت فاتحاً أرحم من العرب في فتوحاتهم، البشرية تتفاوت انتهت هذه القصة بأن ألقت بنفسها في اليم وألقت ابنها كذلك، كيف رأت من سيدنا صلاح الدين العطف والمروءة والرحمة، كيف رأت من المسلمين الشهامة والشرف، كيف كانوا رحماء كيف كانوا حكماء.
النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة ماذا قال عنه أبو سفيان رضي الله عنه؟ قال: يا محمد ما أرحمك! وما أحكمك! وما أوصلك! وما أكرمك!.
 هكذا المسلم، المسلم يحفظ شرف الناس، يحفظ أموالهم، يحفظ أعراضهم، يحفظ دينهم هذه قصة كتبها مؤرخو أوربا حينما فتح سيدنا صلاح الدين بيت المقدس، بيت المقدس حينما فُتح أكثر من عشر ملوك خاضوا معارك طاحنة لاحتلال هذه البلاد، وبقوا فيها مئة عام، ثم جاء هذا الإنسان الذي هو مدفون الآن إلى جانب الجامع الأموي، مقام سيدنا صلاح الدين هذا الرجل عامل أعدائه معاملة مشرفة.
الذي أريد أن أقوله حول هذه القصة: أن المسلم لا يرقى عند الله إلا إذا كان أخلاقياً.
سيدنا عمر رضي الله عنه حينما عين سيدنا سعد بن أبي وقاص قائداً قال له: لا يغرنك أن قيل خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينهم وبينه قرابة إلا طاعتهم له، فالطاعة وحدها هي القرابة، لا ترقى عند الله إلا بالخلق الكريم، إلا بالانضباط.
 أنا أسمع أن حينما يأتي الأجانب إلى بلادنا أول طلب لهم أن يزوروا قبر هذا الإنسان العظيم، ويحيوه تحية إجلال وإكبار، لماذا؟ لأنه مثل أخلاق المسلمين في معاملة أعدائه، ومع أن الفرنجة بقوا في القدس مئة عام، لكن هذا البطل استطاع أن يحرر هذه البلاد من احتلالهم، وأن يرفع شأن المسلمين، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن تعاد الكرة مرة ثانية وتعود لهذا البلد بلد الأقصى هويته الإسلامية.
القصة كما قال الله عز وجل:

﴿ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾

[ سورة هود الآية: 120]

الإنسان لما يرى الإسلام خلق، والإسلام انضباط، والإسلام أعمال طيبة.
 الحقيقة إذا قرأت قصة بقلم كاتب مسلم، طبعاً المسلم يثني على المسلمين، ولكن أن تقرأ القصة بقلم كاتب غربي أخذ وقائعها من أحداث فتح بيت المقدس وكتبها بهذه الطريقة، وجاء من ترجمها تحس الفضل ما شهدت به الأعداء، أن يشهد لك عدوك بأنك رحيم، بأنك حكيم، بأنك شهم، بأنك ذو مروءة، بأنك ذو فضل، هذه شهادة كبيرة، والحمد لله الذي جعلنا من أمة طاهرة ترفع شأنها، وترفع رأسها في العالم كله.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضَ عنا، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مباركاً مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصبحه وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور