وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 102 - مَنْ سألَ اللَّهَ تَعالى الشَّهادَة بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ تَعالى مَنازِلَ الشُّهَدَاءِ....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
كنت أقول دائماً عادات المؤمن عبادات، وعبادات المنافق سيئات، الأعمال اليومية التي يقوم بها أي الإنسان على وجه الأرض، استيقظ، ارتدى ثيابه، انطلق إلى عمله دخل إلى متجره، إلى مكتبه، تحرك وفق منهج الله، عاد إلى بيته، تناول الطعام جلس مع زوجته مع أولاده، في أيام العيد اشترى الفاكهة والحلويات، أخد أهله نزهة، الأفعال التي يفعلها كل إنسان على وجه الأرض المؤمن لأنه آمن بالله، وابتغى وجه الله، والدار الآخرة تكتب له عبادات، والمنافق وهو يقوم بالعبادات وهو يصلي رياء ونفاق تكتب له سيئات وشتان بين حياة المؤمن وحياة المنافق.

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾

( سورة السجدة )

أكثر الأخوة الكرام يتحركون في هذه الأيام على أن ينالوا شرف الشهادة، لكن غير متاحة، إلا لمن هم معنيون في الأمر، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( مَنْ جَهّزَ غَازِياً في سَبِيلِ الله فقد غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً في أهْلِهِ فَقَدْ غَزَا ))

[ متفق عليه ]

أما النبي عليه الصلاة والسلام في درس اليوم يقول:

(( مَنْ سألَ اللَّهَ تَعالى الشَّهادَة بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ تَعالى مَنازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإنْ ماتَ على فِرَاشِهِ ))

[ رواه مسلم ]

معنى ذلك أن الله يريد منك هذا الشعور، هذه الحرّقة، هذه الرغبة، هذا التطلع، هذا الألم لما يحل بالمسلمين " مَنْ سألَ اللَّهَ تَعالى الشَّهادَة بِصِدْقٍ ـ لا أمام الناس ـ يا الله اجعلنا من الشهداء، فيما بينه وبين نفسه، تمنى أن يسهم في نصرة المسلمين تمنى أن يكف الأذى عنهم.
والله أيها الأخوة لا تعلمون قيمة الشهادة إلا في هذه الأيام، كيف أن أعتا دولة في العالم، وصنعتها عندها أكبر ترسانة أسلحة في العالم تئن من أعمل الشهداء، أليس كذلك تعطلت الطائرات، الأباتشي، والإف 16، والنووي، والغطرسة، كان يسمع لثورهم الهائج المصاب بجنون البقر كان يسمع له زئير كزئير الأسد فإذا له مواء كمواء القط، قال الآن يضبط نفسه، هذا بفضل من أراد أن يقدم روحه في سبيل الله، هذه أثر الشهادة، ألغت معادلات القوى، ألغيت توازن القوى، ألغت تفوق كل القوى، كله التغى، لأنه يوجد إنسان أراد أن يقدم روحه في سبيل الله، كان أقوى من أقوى قوي، لذلك إذا كنت مؤمناً صادقاً إذا كنت تحمل هم المسلمين، هناك إنسان أفقه ضيق، نحن والحمد لله في بلدنا الطيب لم نصب بأذى، لكن أتكتفي بذلك أنت ؟ ما عندنا مشكلة، لا، يجب أن تهتم لمن بقي بلا بيت لمن مات ابنه أمامه، لمن مات أبوه وأمه، الحقيقة هو الذي صنع منهم الأبطال، حماقته صنعت منا الأبطال.
يعني هذا الشاب بيته هدم، وأمه قتلت، وأباه قتل، وثمنه رصاصة من الأعداء قبل أن يموت بهذه الرصاصة سيميت عشر أشخاص، الموازين اختلفت كلها، انظروا لهذا الحديث

(( مَنْ سألَ اللَّهَ تَعالى الشَّهادَة بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ تَعالى مَنازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإنْ ماتَ على فِرَاشِهِ ))

أرادك الله أن تحمل هم المسلمين، وأن تتمزق للمسلمين، وأن تسعى جهدك للمسلمين، وأن تخفف أعباء المسلمين، وأن ترحم المسلمين، لا أن تنتمي إلى الكفار والفساق والعصاة والفجار والضّلال لا تنتمي إليهم، انتمِ إلى بلدك المتواضع لأن هؤلاء أهلك هؤلاء مؤمنون مقصرون مقصرون لا شك، يعني في كلمة رائعة أولادك قدرك، إن كانوا جيدين فهم قدرك، وإن كانوا سيئين فهم قدرك، المؤمن يرى أن المؤمنين الذين حوله قدره فلا يملك إلا أن يرحمهم.
فهذا الحديث من فضل الله عز وجل، الإنسان يكفي أن يتطلع إلى عمل الطيب صادقاً يكتب له أجر هذا العمل.
ورد في بعض الأحاديث أن المريض الذي أقعده المرض عن عباداته التي يعبد الله بها يكتب له وهو في المرض أجر العبادة كما لو كان صحيحاً، وأن المسافر الذي حال سفره بينه وبين أن يقوم بعباداته يكتب له أجر العابد ولو كان مسافراً، وأن هذا الذي تشوق إلى أن يكون شهيداً بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
وعن أنس رضي الله عنه قال، قال عليه الصلاة والسلام:

(( منْ طَلَبَ الشَّهادَةَ صَادِقاً أُعْطِيها وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ))

[ رواه مسلم عن أنس رضي الله عنهما ]

قبل شهر أو شهرين ظهرت فتوى في بلد عربي، والذي أصدرها على أكبر رأس مجموع إسلامي، أن هذه الأعمال انتحار، لكنه قبل يومين عاد إلى صوابه وقال شهيد شهيد شهيد، عاد إلى صوابه، والرجوع إلى الحق فضيلة.
فيا أيها الأخوة:
نحن لا نتألى على الله ولكن ليس هناك طريق كي ننتصر على أعداءنا إلا هذه الأعمال البطولية، فادعو الله لهم في ظهر الغيب، ودعوة الأخ لأخيه في ظهر الغيب لا ترد.
حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام:

(( منْ طَلَبَ الشَّهادَةَ صَادِقاً أُعْطِيها وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ))

معناها التغى الإمكان، أخي ما في إمكان إذا أنت مؤمن صادق الإمكان لم يعد له وزن، ما دمت صادقاً تعطى أجر الشهادة ولو لم تنالها، من هنا يعد العلماء أصح حديث جعلوه مع المتوافر، وجعلوه أصلاً من أصول الدين:

(( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))

[ متفق عليه ]

. أيها الأخوة الكرام:
الصحابة رضي الله عنهم سموا شخصاً مهاجر أم قيس، شاب في مكة أحب امرأة اسمها أم قيس فاشطرت عليه ليتزوجها أن يهاجر إلى المدينة، فهاجر، فهل هذا من المهاجرين ؟ هذا مهاجر أم قيس.
أنا مرة سمعت ولم أكن أعلم بهذا، أن إنسان تبرع بعشر دنمات لبناء مسجد، ما شاء الله، بارك الله به، يا له من عمل عظيم، ثم ثبت أنه لا يصلي، لكن إذا تبرع بهذه المساحة لبناء مسجد، نظمت المنطقة، فإذا نظمت ارتفع سعرها إلى الضعف، فهل يعد عند الله متبرعاً لمسجد ؟ أبداً " إنما الأعمال بالنيات ".
أب متفلت، فاسق، فاجر، شارب خمر، عنده ابن، كلما رآه يصلي يضربه هذا الابن قوي عوده وأصبح من طلاب العلم، وأصبح خطيب مسجد، وأجر الله على يديه الخير هل لأبيه أجر ؟ لا والله، ولا شعرة، ولو كان من ابنه نفع لا يعلمه إلا الله، هو ما أراده ذلك، أراده على خلاف ذلك " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ".
فلذلك المؤمن يهتم بتصحيح العمل، لا بالعمل نفسه، يهتم أن يكون عمله خالصاً لوجه الله، حتى أنه قد قيل هناك إخلاص يحتاج إلى إخلاص، هناك إخلاص مدعى يحتاج إلى إخلاص حقيقي.

(( وركعتان من رجل ورع أفضل من ألف ركعة من مخلط ))

[ أخرجه الشيرازي والبيهقي عن أنس رضي الله عنهم ]

(( من لم يكن له ورع يرده عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله))

رواه الحكيم عن أنس رضي الله عنهما ]

(( ربا درهم سيق مئة ألف درهم ))

(( ودرهم تنفقه في إخلاص خير من ألف درهم ينفق في رياء ))

فالإخلاص الإخلاص، الصحابة الكرام بإخلاصهم الشديد كانوا قلة فتحت لهم أطراف الدنيا، والمسلمون اليوم يزيدون عن مليار وثلاث مئة مليون، كما ترون ليست كلمتهم هي العليا.
زار نائب الرئيس الدول العربية مجتمعة، وبعض الدول الإسلامية، وكلهم أجمعوا على تحذيره من ضرب العراق، أما يقول وحيد القرن الثاني سأضربهم، إذاً ليست كلمتهم هي العليا، وللكفار عليهم ألف سبيلٍ وسبيل، لماذا ؟ لأن هناك خللاً في حياتنا وفي عقيدتنا، وفي استقامتنا، إذا كان عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وحبيب الحق ومعه نخبة البشر لما عصوا أمره في أحد لم ينتصروا، ولما استغنوا عن نصر الله في حنين لم ينتصروا، قال:

(( لا تغلب اليوم من قلة ))

[ رواه البيهقي عن أنس رضي الله عنهما ]

. الآن نحن كثر، كلمة غلط قالها أصحاب النبي فهزموا، فإذا في عندنا مليون غلطة ؟ الجماعة وهم صفوة الخلق على خطأ واحد لم ينتصروا، إذا في مليون غلطة بكسب أموالنا، بإنفاق أموالنا، بعاداتنا، بتقاليدنا، باختلاطنا، بالكذب، بالنفاق، بالدجل باغتصاب الأموال، بخرق الحرمات، أليس هذا واضحاً ؟ يعني الأسر راقية جداً بالأعراس الغناء يصدع، والنساء شبه كاسيات عاريات، وفي تصوير، هؤلاء مسلمون ؟
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يصلحنا، لكن الدرس اليوم الإخلاص " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " فمن لم يتح له أن يكون شهيداً لمجرد أن تتمنى بصدق فلك أجر الشهادة.

إخفاء الصور