وضع داكن
19-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 099 - تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة.....
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
أيها الأخوة:
 في الحديث الصحيح من كتاب إتحاف المسلم لما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم قول النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ))

وفي رواية عبد القطيفة.

(( إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأس مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع ))

أيها الأخوة:
 الإنسان ضعيف إذاً هو عبد، الضعف في أصل خلقه:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28)﴾

( سورة النساء )

 ولو أننا جدلاً تصورنا أن الله خلقه قوياً لاستغنى بقوته عن الله، وهناك أمثلة كثيرة جداً، إنسان قد يغتني يستغني عن الله، يستغني عن طاعته، يستغني عن خدمة خلقه :

 

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾

 

( سورة العلق )

أي أن رأى نفسه استغنى عن الله ، أحياناً المال يتوهم صاحبه أنه غني عن الله به.
 مرةً قال أحد الأغنياء وأظنه صالحاً لكنه أخطأ، قال الدراهم مراهم، وقصد أنه يحل بها أية مشكلة، فابتلاه الله بمشكلة لا تحل بملايين، بقي بالمنفردة 63 يوماً، وكل يوم تأتيه الخواطر، فإذا الإنسان اعتمد على ماله أشرك، إذا اعتمد على أي شيء سوى الله فقد أشرك.
فالإنسان بالأصل ضعيف، هكذا أراد الله أن يكون ضعيفاً لصالح إيمانه بالضعف تقف على باب الله، بالضعف تتوب إلى الله، بالضعف تتضعضع أمام الله بالضعف تلجئ إلى الله، بالضعف تصطلح مع الله " وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " وهذا الضعف ضعف في أصل خلقه، وهو مزية له، كيف ؟
 ما قولك بجهاز ثمنه ثلاثين مليون، في كمبيوترات تحليل دم، تضع نقطة دم وتضغط على زر يعطيك 27 تحليل فوري، إذا في ألف زبون واقفون، مئة زبون، وكل كبسة زر ألفين ليرة، مئتين ألف بالليلة تأخذ، هذا الجهاز ثمنه ثلاثين مليون، يضعوا به فيوز ما هو الفيوز ؟ تعبير أجنبي، وصلة ضعيفة، إذا كانت الكهرباء عندنا متقلبة، صعد التيار فجأة يحترق الفيوز ثمنه لير سوري، إذا ما فيه فيوز يحترق الكمبيوتر ثمنه ثلاثين مليون، فهذه نقطة الضعف أليست لصالح الجهاز ؟ صح.
وأنت كإنسان عندك نقطة ضعف لصالح، والله هذه المنطقة ورمت قليلاً لا تنام الليل، تصلي قيام الليل، تتوب، وتغض بصرك، ما كنت تفعل ذلك سابقاً.
 شخص لم يكن من أخوتنا سابقاً، ثم أصبح منا، عنده مطبعة، وبأيام الرواج الاقتصادي، قال لي والله بعنا بيع واربحنا ربح يخوف، قال لي ضاق خلقي هكذا قال لي بالضبط، وضعت في جيبي 500 ألف، وأحببت أن اذهب إلى أمريكة حتى انبسط، من دون زوجتي، من دون زوجته له مقصد ثاني، قال لي ذهبت، بعد يومين ألم في ظهره، ذهب إلى عيادة قال له الطبيب سرطان بالنخاع الشوكي، قال لي قطعت السفر ورجعت فوراً على الشام من طبيب لطبيب ومن شيخ لشيخ، ثم استقر عندي، وتاب توبة نصوحة، ولم يكن معه سرطان، لكن الله أرجعه، لأنه ضعيف، خاف من السرطان " وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ".
 هذا الضعف سبب توبتك، الضعف سبب خوفك من الله، الضعف سبب إقبالك الضعف في أصل خلق الإنسان، لكن هذا الضعف إما أن يدفعك إلى أن تكون عبداً لله، أو لا سمح الله ولا قدر يدفعك الضعف إلى أن تكون عبداً لعبدٍ لئيم، مثل الكلب أمامه، مثل الصرصور، يجده إله، يجده قوي، يجده غني، يجده يرفعه وينزله، هذا الشرك أساساً أنا أقول لكم هذه الكلمة إن لم تكن عبداً لله فأنت عبدٌ لعبدٍ لئيم، متحكم فيك، يبالغ بإذلالك.
 قال ملك سأل وزيره قال له من الملك ؟ ما هذا السؤال ؟ قال له أنت، يوجد غيرك الملك ؟ أعوذ بالله يا سيدي أنت الملك، قال له لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا له بيت يؤويه وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله، فالملك هو الذي لا نعرفه ولا يعرفنا.
إذاً الإنسان خلق ضعيفاً، وضعفه لصالحه، وخلق عجولاً، والعجلة لصالحه وخلق هلوعاً، شديد الخوف، وشديد الحرص.

﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21)﴾

( سورة المعارج )

 لا يستطيع أن ينفق يخاف، لأنك منوع وأنفقت ترقى، لأنك جوزع وخفت تتوب لأنك عجول وذهبت وتركت الدنيا ولحقت الآخرة، الناس يريدون شيء على النار، يعطونه ميزة يمشي بالعرض، يأتي المؤمن يركل بقدمه مليون ميزة، يطمع بما عند الله، ينتظر بعد الموت، وهو حي في عنده مليون عطاء، لكن مشبوه.

 

﴿ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ﴾

 

( سورة محمد الآية: 38 )

 كم مؤمن الدنيا بين يديه ويترفع عنها، إذاً:

 

﴿ خُلِقَ هَلُوعاً (19)﴾

 

( سورة المعارج )

 لصالحه، وخلق ضعيفاً لصالحه، وخلق عجولاً لصالحه، لكن نحن اليوم علاقتنا بالضعف، لو أن الله خلقك قوياً لاستغنيت بقوتك عن الله فشقيت باستغنائك، لأنه خلقك ضعيفاً أنت تفتقر بضعفك إلى الله فتسعد بافتقارك، لأنك ضعيف يجب أن تكون عبد لكن كل ما كنت عبد لله يعليك الله، يعزك، في إنسان بالأرض أنا فيما أعلم أعزه الله كرسول الله ؟ تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، قرن اسمه مع اسمه، في إنسان في الكون أقسم الله بعمره، قال له:

 

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)﴾

 

( سورة الحجر )

 حدثني صديق له قريب ملحد، يعني لا يؤمن بشيء اسمه دين، وله زوجة لا تنجب، زوجته بسيطة ضغطت عليه أن يأخذها إلى الحج، قال لها هذا الحج خرافة، هذا الحج سلوك بعض المنتفعين، طبعاً أعطاها الأسماء كلها، تريد أن تحج، يبدو أنه يحبها قال له ذهبت إلى الحج ولا أصلي، وهناك لم أصلِ، بدون صلاة، هو مرافق لزوجة فقط طاف وسعى وعلى عرفات، لكن بالمدينة، غير معقول، هذا ميت من 1400 سنة، ملايين مملينة تبكي أمامه ما الأمر ؟ هذه لم يستوعبها، عند القبر لم يستوعب الموضوع، فبحث وكان سبب توبته، وإيمانه بالله عز وجل.
أنت ضعيف لأنك ضعيف لابد من أن تكون عبداً لجهة، لأنك ضعيف، الآن الناس الذي معه مال يقول لك الدراهم مراهم مبسوط، وإذا يعلم واحد قوي من أقرباءه معي رقم هاتفه بأي لحظة أخبره يمصع رقبة خصمي، مثلاً، هو عبد لجهة، إلا أن المؤمن عبد لله، لذلك قال:

 

(( من دخل على غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

 

[ رواه الطبراني عن أبي الدرداء ]

 ذهب ثلثا دينه " من دخل على غني فتضعضع له " ممكن سائق يجد في سيارته كيس أسود في عشرين مليون، لأنه عبد لله سلمه لصاحبه، يحلوا معه مليون مشكلة عشرين مليون، سائق بالأجرة، سائق ليست له السيارة، بالأجرة بالثلث يأخذ، عشرين مليون، هذه القصة وقعت في الشام، بحث عن صاحب المبلغ ثلاثة أيام حتى وجده، أصبح يدور مكان ما أخذه، وسأل أحد ضيع شيء ؟ قال له سمان والله واحد هنا بيته، وصل، قال له تفضل، عشرين مليون، نقدي، وبأمس الحاجة لهم، لأنه عبد لله ما أخذ قرش، صاحب المبلغ مذوق كثيراً، أخذه لسوق السيارات واشترى له سيارة جديدة بمليونين، كانوا كلهم ضائعين.
 أنا أقول كلمة هؤلاء الذين يمنعون الماعون، تخدمه تخدمه تخدمه يرفس، خدمك وأحضرهم لبيتك، وما أخذ منهم قرش، إذا هو كريم وأمين أنت ينبغي أن تكون أخلاقياً أخذ له سيارة جديدة بمليونين.
أيها الأخوة:
 إما أن تكون عبداً لله، وإما أن تكون عبداً لعبدٍ لئيم، أما أن تكون عبداً لغير الله مليون نوع أحد الأنواع أنت عبد الدرهم والدينار، يعيش فقيراً ليموت غنياً، يجمع أموال لا تأكلها النيران، يكرهه الناس، يكرهه أولاده، إذا أصابته وعكة، وجاء الطبيب، وقال لهم عرضية ينزعجوا، لماذا عرضية نريده أن يموت، قال عرضية قال، ينزعجوا، يريدون شغلة قاضية، أقرب الناس له يتمنى موته، قال:

 

(( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ))

 طقمه جديد ومكوي، لا يصلي من أجل كويته، من أجل الحفاظ على أناقته قام وترك الصلاة، الآن أريد الوضوء وأرفع أكمامي، كله مكوي ومرتب، وأبلل ملابسي بالماء، ولا أجد منشفة، وأريد محارم وأركع وأسجد، والبنطال مكوي درجة أولى، هذا عبد الخميصة.
وفي أحاديث أخرى تؤيد هذا المعنى:

 

 

(( تعس عبد البطن ))

 

(( تعس عبد الفرج ))

 هناك عبد لشهوته، زير نساء، وهناك عبد لبطنه، أكول، قال والله ما شبعت لكنني مللت من الأكل، ما شبع لكنه مل، وتعب عبد الخميصة، وتعس عبد الدينار.

 

(( إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس ))

 في عندنا بأصول الفقه شيء اسمه المعنى المخالف، ما المعنى المخالف العكسي إذا كان تعس عبد الدرهم والدينار، سعد عبد الله، هذا عبد لله، ماشي على منهج لا يفعل إلا ما يرضي الله، لا يأكل قرش حرام، أبداً.

 

(( تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش ))

 هذا مثل عربي قديم النبي استخدمه إن دخلت في جسمه شوكة لا أخرجها الله منه هكذا معناه " وإذا شيك فلا انتفش " لم تسحب بمنقش.

 

(( طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأس مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة ))

 لا يهمه المناصب، يعني بالتاريخ في مثل لا يصدق، سيدنا خالد حقق نصر بمئة معركة، القائد الذي لم يهزم، قال خضت مئة معركة، وما بجسمي موضع شبر ألا وفي ضربة بسيف أو طعنة برمح، وها أنا لا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء، سيدنا خالد في أوج نجاحه وإخلاصه وولاءه لسيدنا عمر جاء كتاب عزله، بمنطق العصر الحديث لا يستطيع أن يخفي الكتاب ؟ ويعمل انقلاب على الحاكم الجيش كله معه، سلم القيادة لأبو عبيدة، وعمل جندي، يرد الله هو.
 لذلك والله في نص كل ما قرأته أتأثر، لما سيدنا عمر جاءه رسول من نهوند فسأل الرسول ما الذي حصل، قال والله مات خلق كثير، بكى، قال له منهم ؟ قال أنت لا تعرفهم، جندي مؤمن مات، إذا قلت لك اسمه لا تعرفه، فازداد بكاء، قال وما ضرهم أني لا أعرفهم إذا كان الله يعرفهم، من أنا ؟.
فإذا الإنسان عرف الله لا يهمه السمعة إطلاقاً، يهمه أن يكون له عمل طيب والله راضي عنه، ولو كان جالس بالزاوية، ولو كان مهمل لا يهمه، فقال هذا العبد:

 

 

(( طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأس مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة ))

 وضعوه حارس، لا يريد منصب.

 

 

(( وإن كان في الساقة ))

 يسوق الجيش، كان في الساقة، ولأنه شأنه ضعيف قال: إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع ".
لو تدخل بموضوع مرفوض طلبه، إن طلب أن يدخل إلى جهة مرفوض طلبه " إن استأذن لم يؤذن له، يقول النبي طوبى لهذا.
أيام الإنسان إذا كان تحت الأضواء تضعف نفسه، في شخص يحب أن يقدم خدمات لوجه الله، لا يدري به أحد.

 

 

(( لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ))

 

[ متفق عليه ]

 معنى دليل إخلاصه، إذا الإنسان كان مخلص لله وجاءه الشيطان وقال له أنت لست مخلص، في مع دليل، أنفق نفقة في سبيل الله ولا تعلم بها أحداً، هل يستطيع الشيطان أن يأتي عليك ويقول لك أنت مرائي، قم صلي في الليل ولا تعلم أحداً.
إذاً أعيد الحديث مرة ثانية وأخيرة:

 

(( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ـ يعني لباسه جيد ـ إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأس مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع ))

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، وصلى على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومسلم.

إخفاء الصور