- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
النبي بشر خصائصه كخصائصنا لكنه انتصر على بشريته فكان سيد البشر :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس السبعين والأخير من سورة التوبة، ومع الآية الثامنة والعشرين بعد المئة وما بعدها، وهي قوله تعالى:
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ(128)﴾
والتي بعدها:
﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(129)﴾
أيها الإخوة، هناك حقائق لابد من أن أبدأ بها، كي تلقي ضوءاً على هذه الآيات.
أولاً: لولا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر، تجري عليه كل خصائص البشر، لما كان سيد البشر، إنه يخاف كما نخاف، ويشتهي كما نشتهي، لولا أنه بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر، وانتصر على بشريته، لما كان سيد البشر.
﴿
لأنه بهذه الطريقة تقوم الحجة علينا، النبي -عليه الصلاة والسلام- بشر خصائصه كخصائصنا، أحواله كأحوالنا، لكنه انتصر على بشريته وسما إلى ربه فكان سيد البشر، في بعض الأحاديث:
(( لقد أُخِفتُ في اللهِ وما يخاف أحدٌ ، ولقد أُوذيتُ في اللهِ وما يُؤذَى أحدٌ ، ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يومٍ وليلةٍ ؛ ومالي ولبلالٍ طعامٌ يأكله ذو كَبِدٍ ، إلا شيءٌ يُواريه إِبِطُ بلالٍ . ))
أثناء القطيعة، فلولا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر
حرص النبي على هداية البشر :
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1)﴾
حينما جاءتك الرسالة، ورأيت أنه معك منهج الله، ولعلك بهذا المنهج تنقل الناس من الظلمات إلى النور، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر، إذاً هو سيد البشر.
للنبي الكريم خصوصية جعلته مصدقاً في قومه :
إخوتنا الكرام، الله -عز وجل- قال:
﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً(94)﴾
وهذا الأصل أن يكون منكم، من بني البشر، من خصائصكم.
﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً(95)﴾
إذا الدعوة للملائكة الرسول ملَك، الدعوة للبشر الرسول بشر.
إذاً:
أيها الإخوة، إذاً:
إذاً ينبغي أن نعلم علم اليقين أن هناك خصوصية لهذا النبي الكريم جعلته مُصدَّقاً في قومه.
الله عز وجل اختار أنبياءه من صفوة البشر ليبلغوا رسالته :
لكن هناك نقطة دقيقة جداً، هذه النقطة أن الله -سبحانه وتعالى- حينما جعل الفقراء والضعفاء يؤمنون به، ولو بادر إلى الإيمان به الأقوياء، والأغنياء، والأساطين، الأمر كان فيه مشكلة، أما جعل الفقراء وبعد الفقراء سار إليه الأقوياء.
إذاً: دعوته دعوة لبني البشر، الشيء الدقيق: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ ﴾ لماذا الله ما قال؟ لقد أرسلت إليكم،
﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ(33)﴾
هناك جدل طويل بين أن النبوة كسْبٌ أم اختيار، النبوة الله اختار أنبياءه ليبلغوا الرسالة لا شك، لكن كيف اختارهم؟ اختارهم من صفوة البشر، هناك شيء بالنبوة كسبي، وشيء وهبي، شيء وهبي أن الله اصطفاهم ليكونوا أنبياء، لِمَ اصطفاهم ولم يصطفِ غيرهم؟.
﴿
فللنبوة جانب وهبي الأصل، لماذا اختار الله هذا الإنسان ليكون نبياً؟ اختاره على علم، اختاره لتفوقه، لمحبته. إذاً هذا الإشكال الأول:
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ))
إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف
لا قيمة للنسب من دون إيمان :
لكن موضوع النسب يحتاج إلى وقفة متأنية، إذا قلنا: أبو لهب عم النبي، أي أقرب إنسان للنبي أبو لهب، قال تعالى:
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1)﴾
فالنسب لا معنى له، ولا قيمة له إلا مع الإيمان، فإذا كان صاحب النسب مؤمناً جاء النسب تاجاً له، النسب يعد تاجاً للمؤمن بعد إيمانه، أما من دون إيمان.
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ(2)﴾
الآن يقابلها:
(( سلمان منا أهل البيت ))
منا؟ سلمان فارسي.
﴿
إذاً:
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر علة خيرية هذه الأمة :
بالمناسبة الله -عز وجل- حينما قال:
﴿
هذا كلام خالق الأكوان،
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ
تبدل القيم في الزمن الحاضر :
هذه الأمة لمجرد أن تتخلى عن رسالتها وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت أمةً كأية أمة خلقها الله، لا شأن لها عند الله، لكن خيريتها بالأمر بالمعروف، من هنا قال النبي الكريم:
(( كيف بكمْ أيُّها النَّاسُ إذا طَغى نِساؤُكم، وفسَقَ فِتيانُكم؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا تَركتُمُ الأمْرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا رأيتُمُ المُنكَرَ مَعروفًا والمعروفَ مُنكَرًا؟ ))
هذا تبدل قيم، أنا كنت أروي للطلاب أهجا بيت قالته العرب، ودخل شاعره في عهد سيدنا عمر السجن لهذا البيت، ما هذا البيت؟ قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
هذا البيت الذي يعد أهجا بيت قالته العرب هو في الحقيقة شعار معظم الناس اليوم.
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
إذاً:
من طبق سنة النبي في حياته فهو في مأمن من عذاب الله :
هناك دليل آخر و هو قوله تعالى:
﴿
طبعاً الآية في عهد النبي لها معنى واضح، ما دام النبي بين ظهرانيهم فهم في مأمن من عذاب الله، لكن ما معنى الآية بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى؟ هنا الشاهد، قال العلماء: ما دامت سنة النبي مطبقة في حياتهم، في حركاتهم، وسكناتهم، في كسب أموالهم، في إنفاق أموالهم، في علاقتهم الاجتماعية، ما دامت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مطبقة في حياتهم فهم في مأمن من عذاب الله، ضمانة، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تُعذَّب الأمة الإسلامية وهم يطبقون منهج رسول الله.
على الإنسان أن يطمئن لوعد الله عز وجل :
مرة النبي -عليه الصلاة والسلام- أردف معاذ بن جبل خلفه على الدابة، قال له يا معاذ:
(( ما حقُّ الله على العباد؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حقَّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، فسكت النبي قليلاً- وجاء السؤال الثاني- ما حقُّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: - والله هذا الكلام أقوله لكم وفيه أكبر طمأنينة للمؤمن- حقُّ العباد على الله ألا يعذِّبهم ))
يجب أن تكون مطمئناً لوعد الله، هذا يؤكده قوله تعالى:
﴿
مرة سيدنا أبو ذر قيل له: احترق محلك، قال: ما كان الله ليفعل، يا أخي احترق، قال لهم: ما كان الله ليفعل، فلما ذهبوا إلى الدكان وجدوا دكان جاره وليس دكانه.
أنا أتمنى أن يكون عند المؤمن ثقة بوعد الله -عز وجل-، وعدك بالتوفيق، لذلك أنا أقول دائماً: إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك؟ و ماذا وجد من فقدك؟
معية الله لها ثمن و هو التفكر في خلق السموات والأرض :
إذا كان الله معك ليس على وجه الأرض جهة تستطيع أن تنال منك، الله معك، لكن هذه المعية لها ثمن.
﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ
من هنا في الأثر القدسي:
(( ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي ))
أي فكر في خلق السموات والأرض، عرف عظمة الله.
على الإنسان أن يؤمن بالله الإيمان العظيم :
دقق في هذه الآية:
﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(34)﴾
إبليس آمن بالله، الدليل:
﴿ قَالَ
قال له:
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ
آمن بالله خالقاً، رباً، و ﴿فبِعِزَّتِكَ﴾ عزيزاً.
﴿ قَالَ رَبِّ
آمن بالآخرة، ومع ذلك هو إبليس اللعين، لكن إبليس ما آمن بالله العظيم، لهذا يقول الله عز وجل:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً(13)﴾
يجب أن تؤمن بالله العظيم.
النبي بأعلى درجة من الكمال فهو نبراس للناس و قدوة :
إذاً الآية الكريمة: لكني أقول: إن الكون خُلق ليكون الناس فيه على شاكلة محمد، خُلق البشر ليكونوا على شاكلة محمد، ليكون هو نبراساً لهم وقدوة.
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً(21)﴾
إذاً:
منهج الله جاء لخير الناس و سعادتهم و سلامتهم :
لذلك الشيء الذي يلفت النظر أن السيدة خديجة لما جاءها النبي وقد جاءه الوحي- أنا الآن أعجب لم ينزل في القرآن الكريم آية- أول ما جاءه الوحي:
﴿
قالت له:
(( فوالله لا يُخزيك الله أبداً، إنك لتَصِلُ الرحم، وتَصْدُق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتَكسِب المعدوم. وتَقْرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق ))
كيف ربطت هذه المرأة بين الرسالة بين الكمال الذي هو فيه؟
إذاً:
طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب :
لكن الله -عز وجل- قال:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21)﴾
إخواننا الكرام، الأب العالم أحياناً يشتد على ابنه المقصر، هذه الشدة لصالحه، وأنا أقول دائماً: كل شِدةٍ وراءها شَدةٌ إلى الله، وكل محنةٍ وراءها منحة من الله، فإذا قسا الأب على ابنه وصار طبيباً، أو ذا منصب رفيع، وعاش حياةً سعيدة في تألق، هذا عاد الخير عليه.
إذاً:
أنا أقول دائماً وهذه الكلمة أذكرها كثيراً: حتى يضع إنسان حرف د. قبل اسمه، فقط د. يعني دكتور، أي معه شهادة ابتدائية، وشهادة إعدادية، وشهادة ثانوية، ولسانس، أو بكالوريوس، ودبلوم عامة، ودبلوم خاصة، وماجستير، ودكتوراه، أي درس ثلاثاً و ثلاثين سنة حتى يكتب د.
وأنت مؤمن أنت وعدك الله بجنة عرضها السموات والأرض تريدها بلا جهد؟ لذلك طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب، أنت تستطيع أن تقدم لجامعة كبيرة عريقة طلباً أنه يرجى منحي دكتوراه ولا يوجد معك ابتدائية أُمي، ممكن؟ لا يوجد شيء بلا ثمن.
العاقل من أعدّ للساعة عدتها :
لذلك هنا:
لو أن طالباً في أثناء العام الدراسي كان همه مقعد على النافذة، ومعه شطائر يأكل ما يشاء أثناء الدرس، وموالح، ومشروبات، وعصائر، وشاي، وقهوة، ولم ينتبه للدرس إطلاقاً، شأنه كشأن الناس الآن، يعيش للدنيا فقط، نسي أن هناك جنة عرضها السموات والأرض، نسي اليوم الآخر.
لذلك مرة شيعت أحد الإخوة الكرام، توفاه الله، لما وضعوه في القبر، ووضعوا الحجر الكبير فوق فتحة القبر، ثم أهالوا التراب، والله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على ظهر الأرض إنساناً أعقل ولا أذكى ممن يعمل لهذه الساعة، من قصر، من بيت أربعمئة متر، إلى قبر، من زوجة، أولاد، أصهار، كنائن، ولائم، سفريات، رحلات، ودعوات، إلى القبر، ماذا في القبر؟ لذلك قال تعالى هو:
﴿
بدأ بالموت لماذا؟ لأن الإنسان حينما يولد أمامه خيارات لا تعد ولا تحصى، أما إذا جاءته المنية فأمام خيارين لا ثالث لهما.
(( فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
المصائب التي تصيب البشر هي ردع من الله ليعودوا إلى الطريق الصحيح :
دقق، هذا المثل أنا وضعته: لو أن طالباً قال لأبيه: أريد ألا أدرس، قال له: كما تشاء، ثاني يوم لا يوجد وظائف، ولا مدرسة، ولا دوام، نام للظهر، راح على السينما، اعتقد أنه أسعد طالب بالأرض، لا يوجد عنده واجب إطلاقاً، أما عندما كبر لا وظيفة، ولا تجارة، ولا زواج، ولا شيء، حقد على أبيه، قال له: يا أبتِ لما قلت لك لا أريد أن أدرس لِمَ لم تضربنِي؟ الآن دقق بالآية:
﴿
فهذه المصائب التي تصيب البشر لولا أن الله أراد منها أن تكون رادعاً، وباعثاً، ودافعاً لنا الإنسان يوم القيامة يعتب على الله إن لم تكن هذه المصائب:
التراحم فيما بين الناس هو رحمة الله :
﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ
أنا أقول: محبة الأب والأم لابنهما هي محبة الله له جعلها في قلب الأم والأب.
أيها الإخوة، هذه الأمة كانت رعاة للغنم، بفضل هذه الرسالة أصبحت قادة للأمم، من رعاة الغنم إلى قادة للأمم.
أيها الإخوة الكرام،
قانون الالتفاف و الانفضاض :
الآن دققوا قال تعالى:
﴿
هذه الباء باء السبب، أي يا محمد بسبب رحمة اشتققتها من الله من خلال اتصالك بنا، يا محمد هذه الرحمة التي في قلبك، والتي اشتققتها منا بسبب اتصالك بنا،
إذاً:
الهدى قرار ذاتي لابد للإنسان من أن يأخذه :
لذلك قال النبي الكريم:
(( إنما مَثَلي ومَثَل النَّاسِ، كمثل رجلٍ استوقَدَ ناراً، فلمَّا أضَاءتْ ما حَوْلَهُ، جعَلَ الفَراشُ وهذي الدوابُّ، الَّتي تقع في النَّار، تَقَع فيها، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ ويَغْلِبْنَهُ، فَيَتَقَحَّمْنَ فيها فأنا آخِذُ بِحُجَزِكُم عن النَّار، وأنتُم تَقَحَّمُونَ فيها ))
هذا بالضبط الواقع، النبي الكريم برؤيته وعلو مقامه هدفه الأول أن ينجي أمته من النار،
﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ
ما أنت عليهم بحفيظ.
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ
﴿
هذا الهدى قرار ذاتي لابد من أن يأخذه الإنسان.
على الإنسان أن يؤدي ما عليه و يطلب من الله الذي له :
﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَٰبُ وَلَا ٱلْإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلْنَٰهُ نُورًا نَّهْدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ
هذه آية، الثانية:
أنا أقول دائماً: أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك، أدِّ الذي عليك من طاعة واطلب من الله الذي لك.
من لم يؤمن بالله العظيم فالطريق إلى الله ليس سالكاً :
من بعض المعلومات البسيطة: بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب عدا الشمس أربع سنوات ضوئية، والضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع وعشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بأربع سنوات ضرب أربع، ابنك الصغير بدقائق على آلة حاسبة يحسب لك كم تبتعد الأرض عن أقرب نجم ملتهب لها عدا الشمس، أربع سنوات ضوئية، الآن لو أن هناك مركبة في الأرض، يمكن أن تصل لهذا الكوكب سرعتها كسيارة عادية، مئة، تحتاج إلى خمسين مليون عاماً كي تصل إليها، خمسون مليون عاماً كي تقطع أربع سنوات ضوئية.
إخواننا الكرام نجم القطب يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة المجرة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، أحدث مجرة اكتشفت حديثاً تبعد عنا أربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية، اقرأ قوله تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76)﴾
لذلك:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ
هذا هو الدرس الأخير في سورة التوبة وأرجو لإخوتي المشاهدين التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين