وضع داكن
07-10-2024
Logo
الدرس : 22 - سورة البقرة - تفسيرالآية 40-44 الانسجام بين القول والفعل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. 
 

الآيات التالية تعطينا في مضمونها ومحورها ثمن الجنة إن وفَّى الإنسان بعهد الله:


أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الثاني والعشرين من دروس سورة البقرة، ومع الآية الأربعين وهي قوله تعالى: 

﴿  يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)﴾

[ سورة البقرة ]

﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ هذا جواب الطلب: 

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾

[ سورة البقرة ]

وقال: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)﴾

[ سورة محمد ]

مثل هذه الآيات تعطيك في مضمونها ومحورها ثمن الجنة، إن وفَّيت بعهدي أي إذا ضحيت ببعض حريتك؛ سمح لك أن تأكل، وأن تشرب، وأن تتزوج، وأن تفعل كل شيء وفق منهج، وفق قنوات نظيفة. 
 

إذا ضحّى المؤمن ببعض حريته لزمن محدود ينعم بالجنة إلى الأبد:


طبعاً الكافر متفلِّت يفعل ما يشاء، المؤمن منضبط، الكافر يأكل ما يشاء، يشرب ما يشاء، يلتقي مع من يشاء، يجلس مع من يشاء، المؤمن عنده حدود، الإنسان عندما يستقيم بماذا ضحى؟ ضحى ببعض حريته، ضحى ببعض حريته لزمنٍ محدود لينعم بجنةٍ عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين، معنى هذا عملية تجارة، رأسمالك صغير جداً، الربح كبير جداً، الرأسمال في بضعة سنوات تنضبط وإلى الأبد تسعد، ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي﴾ في طاعتي، ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ بالجنة، ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ في الدنيا وفي الآخرة، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ .
 

لو حَكَّمَ الإنسان عقله يجد الثمن قليلاً جداً والمبيع كبيراً جداً:


كأن الله عزَّ وجل يريد أن نربح عليه: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)﴾

[ سورة الصف ]

تجارة ؛ لك رأس مال، ولك ثمن مبيع، والفرق كبير جداً، رأسمالك: 

﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11)يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(12)﴾

[ سورة الصف ]

أي لو حَكَّمَ الإنسان عقله يجد الثمن قليلاً جداً والمبيع كبيراً جداً، فالله عزَّ وجل يقول: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ أي أما ترضى أن تعيش في دنيا منضبطاً بعض الشيء؟ الحرام حرام، والحلال حلال، لا يوجد شهوة أودعها الله بالإنسان منعك منها إلا جعل لها قناة نظيفة، لكن لا يوجد تفلت بالإسلام، الكافر يفعل كل شيء، دابة فلتانة، أما المؤمن فهو إنسان منضبط، الإيمان قيد؛ هذه حرام، هذه تجوز، هذه لا تجوز، قال لك: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ .
 

في التعامل مع الله سبحانه لا يتناسب العطاء مع الثمن لأن الربح مع الله مضاعف:


ادفع ثمن الجنة وادخل إلى الجنة متنعماً إلى أبد الآبدين، طبعاً لو ذكرنا الآيات المشابهة: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ ، وقال: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ ، وقال: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ لا يتناسب العطاء مع الثمن إطلاقاً، الإنسان في العادة يربح بالمئة عشرة، عشرين، ثلاثين، أربعين، أما بالمئة مئة فيقول لك: هذه هي التجارة، إذا بالمئة مليار؟! إذا بالمئة ألف مليار؟! إذا بالمئة مليار مِليار مليار إلى أن ينقطع النفس؟! هكذا الربح مع الله عزَّ وجل. 
 

الله عزَّ وجل هيَّأَ لك جنة يسعدك فيها لا بقدر طاقاتك بل بقدر قدرة الله عزَّ وجل:


أيها الإخوة؛ أنا أرى أن أذكى الأذكياء وأعقل العقلاء هو الذي يتاجر مع الله، من هو أغبى الأغبياء بالمقابل؟ الذي يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً، بالعكس باع الآخرة من أجل المال، مهما كان هذا المال ينتهي عند الموت، كسب مالاً حراماً ضيَّع آخرته، من أجل امرأة ضيَّع آخرته، من أجل مكانة مؤقتة لا تدوم ضيع آخرته، أحمق الحمقى، وأغبى الأغبياء، وأخسر الخاسرين، هؤلاء الذين يبيعون الأبد بدنيا محدودة، بدنيا قليلة، الله عزَّ وجل يقول: 

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)﴾

[ سورة النساء ]

دقق في كلام الله: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ أي مهما كنت الإنسان في الدنيا أيها الإخوة –دققوا في هذه الفكرة-يتنعم في الدنيا بحسب قدراته، لو معك ألفْ ألف مليون، وأردت أن تأكل، ماذا تستطيع أن تأكل؟ تأكل أوقية لحمة، أوقيتين، أكثر مشكلة، مهما كنت غنياً الاستمتاع بالحياة محدود بقدر طاقاتك، لكن الله عزَّ وجل هيَّأَ لك جنة يُسعدك فيها لا بقدر طاقاتك، بقدر قدرة الله عزَّ وجل، الفكرة دقيقة جداً، أنت بالدنيا وجدت تفاحاً جيداً، أكلت تفاحة كبيرة، أكمل والله لا أقدر، طيبين، والله لا أقدر، طعمتهم طيبة، والله اكتفيت، لا أقدر أن أزيد، عندك سقف بكل شيء، أنت وسعها، الزواج، الأكل، الشرب، السفر، حتى بالثياب تلبس بذلة واحدة، وتستعمل سريراً واحداً، تأكل وجبة واحدة، هناك سقف، هناك حدود، تستمتع في الدنيا بقدر طاقاتك المحدودة، لكن ما قولك بالآخرة: 

﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)﴾

[ سورة النحل ]

من باب التمثيل، تأكل مليار تفاحة، تأخذ طعمها، تستمتع بطعمها دائماً دون أن تدخل إلى جوفك، لكل الشهوات حدّ لا تستطيع أن تكمل بعده، إلا بالآخرة تستمتع في الجنة لا بقدر قدراتك المحدودة في الدنيا بل بقدر قدرات الله في الآخرة، فالله عزَّ وجل خلقك لجنةٍ عرضها السماوات والأرض.
 

لا يزهد في الجنة إلا أحمق ولا يسعى إليها إلا عاقل:


والله أيها الإخوة؛ لا يزهد في الجنة إلا أحمق ولا يسعى إليها إلا عاقل، والإنسان طموح، من هو الزاهد؟ الزاهد هو الذي زهد في الآخرة، المؤمن في الدنيا طموح جداً لأنه يسعى إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهذه الآيات: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ وقال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ إذا ذكرك الله، هل نال إنسان في الأرض عزاً كرسول الله؟ ليس هناك على الإطلاق، اذهب إلى المدينة، قف أمام قبره في أيام الحج تجد ملايين مملينة من شتى بقاع الأرض يقفون أمامه ويبكون، وقد مضى على وفاته ألفٌ وخمسمئة عام تقريباً، ماذا ترك؟ الله تعالى قال: 

﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)﴾

[ سورة الشرح  ]

إذا الله رفع ذكرك: 

(( عن أبي هريرة: يا بن آدم! إن ذكرتني في نفسك؛ ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة (أو قال: في ملأ خير منه). ))

[ صحيح البخاري ]

 

المؤمن محسوب على الله أما غير المؤمن فمحسوب على البشر:


بصراحة إخواننا الكرام، لا يليق بالمؤمن إلا أن يتعامل مع الله، ولا يليق بك أن تبيع نفسك لغير الله، ولا يليق بك أن تُجَيَّرَ لغير الله، ولا يليق بك أن تكون محسوباً على غير الله، هناك عالم توفي رحمه الله أجرى عملية جراحية بلندن، وسألوه بالإذاعة البريطانية: ما هذه المكانة الكبيرة التي حباك الله بها؟ لم يجب إجابة دقيقة، فلما ألحوا عليه، قال: لأنني محسوبٌ على الله، المؤمن محسوب على الله، أما غير المؤمن محسوب على بشر، كل إنسان يكون لغير الله فقد احتقر نفسه، لم يعرف قدره، أنت لله، فالمؤمن لا ينافق، ولا يزوِّر، ولا يتكلم كلاماً لا يقتنع به، المؤمن رجل حق وصدق، إذاً: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ وقال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ وقال: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ينتظر الله منك المبادرة، تقترب، تتحرك، تعمل شيئاً حتى يعطيك كل شيء، الثمن دائماً يتناسب مع المبيع إلا مع الله لا يتناسب، سنوات معدودة؛ تأكل، وتشرب، وتتزوج، وتعمل، وتنام، وتستريح، لكن تصلي خمس صلوات، تغض بصرك، تنفق جزءاً من مالك، بالمئة اثنين ونصف زكاة، تعمل أعمالاً ضمن حركتك محدودة جداً، هذه الأعمال المحدودة هي ثمن الجنة، ثمن جنة عرضها السماوات والأرض. 

﴿ قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)﴾

[ سورة يس ]

(( لذلك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنْ أَنَسٍ   قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثلَهَا قَطُّ، قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثيرًا» . قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «فُلانٌ». فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.  ))

[ صحيح البخاري ]

 

الدنيا دار من لا دار له ولها يسعى من لا عقل له:


سلطان العارفين إبراهيم بن الأدهم كان سلطاناً، كان ملكاً، وترك المُلك زهداً به، وصار عارفاً بالله، قال كلمة -هو وحده مصدَّق لأنه كان ملكاً-قال: "لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليها بالسيوف" ، لأنه كان ملكاً وصار عارفاً بالله وحده مُصدّق، لو قالها غيره لقيل له: هل صرت ملكاً حتى تتكلم بهذا الكلام؟ أما هو فكان ملكاً، قال: "لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليها بالسيوف" .
فيا أيها الإخوة الكرام؛ الدنيا لا قيمة لها، تغر وتضر وتمر، الدنيا دار من لا دار له، ولها يسعى من لا عقل له، ولو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء، من يضحك أخيراً يضحك كثيراً. 

﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)﴾

[ سورة المطففين ]

الآن الكفار أقوياء، متغطرسون، عندهم عُجب، عندهم كبر، وعندهم شعور بالتفوق، وأن العالم كله تحت سيطرتهم، وأي مكان يحطمونه ويضربونه: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾، وقال: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ .
 

المؤمن هو من يخاف بعقله:


إخواننا الكرام؛ لا يمكن لإنسان يخاف الله أن يخيفه الله من عبد، إذا كنت تخاف الله أَمَّنَكَ، أما إذا لم تخف الله أخافك من أضعف خلقه: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ الإنسان بالدنيا حر، أي معه حرية اختيار، ما معنى مخيَّر؟ أي لك أن تفعل كل شيء، لك أن ترتكب المعاصي كلها إلى أمد بالمنظور دون أن يصيبك شيء، هذا الاختيار، يمكنك ألا تصلي، يمكنك ألا تصوم، تستطيع أن تفعل كل الموبقات من غير أن يحدث لك شيء؛ القلب منتظم، والضغط منتظم، وأنت في كل المعاصي والآثام هذا الاختيار، اعملوا ما شئتم، كل شيء بحسابه، أما هذا الذي يخشى الله بالغيب، طبعاً كل إنسان يخاف بعينه، وإذا خاف الإنسان بعينه هبط إلى مستوى الحيوان، أما الإنسان الراقي فيخاف بعقله، الذي يخاف بعقله هو المؤمن، الدنيا ليس فيها أي شيء، تجد الكافر مثل المؤمن، مثل الفاسق، مثل الفاجر، كلهم يسكنون في البيوت يأكلون ويشربون، لكن المؤمن خائف من يوم القيامة فتجده مستقيماً، الكافر يعيش لحظته، وهذا الأحمق يعيش لحظته فقط، لا يفكر في المستقبل، قال لهم: 

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)﴾

[ سورة البقرة ]

 

كل شيء ثمين يجب أن تعرف قيمته كآيات الله سبحانه:


صار أحد اليهود صحابياً جليلاً اسمه عبد الله بن سلّام يقول: والله حينما رأيت رسول الله عرفته كما أعرف ابني، بالمناسبة أوضح معرفـة، وأقوى معرفة، وأسرع معرفة، أوضح، وأقوى، وأسرع هي معرفة ابنك، هل يوجد أب بالأرض إذا رأى ابنه يقول له: أنت ما اسمك؟ هذا مستحيل، كاتب اسمه في الدفتر ما اسمك أنت؟ هذه ليست واردة على الإطلاق، ابنه، قال الله: 

﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)﴾

[ سورة البقرة ]

لأن أوصاف النبي جاءت في التوراة والإنجيل الدقيقة يقول: "والله إني لأعرفه أنه رسول الله كما أعرف ابني" ابن سلّام، وآمن برسول الله، قال: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ هذه الآية في الحقيقة مخيفة، مرة اقتنيت كتاباً فوجدت فيه أربعة أدعية، لما قرأت هذه الأدعية والله اقشعرّ جلدي، أول دعاء: "اللهم إنـي أعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما علمتني منِّي" .
إنسان يتاجر بالدين؟! يجعل الدين تجارة؟ هو ليس ملتزماً، ولا مطبقاً، ولا منضبطاً، ولا طائعاً؛ ويدعو الناس إلى الطاعة، والالتزام، والتطبيق، هذا أشقى إنسان، هذا اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً. 
حتى أوضِّح لكم الأمر تماماً: هل من الممكن أن يشتري أحد ما سبيكة ذهب وزنها كيلو غرام يعملها مجرفة بالبيت؟ هل من المعقول أن تجعل هذه المادة الثمينة الغالية أداة رخيصة بالبيت؟ هل من الممكن أن تشتري كمبيوتراً غالياً جداً فتعمله طاولة؟ أنت اشتريت به ثمناً قليلاً، هل من الممكن أن تستخدم لإشعال المدفئة ورقة من فئة الألف ليرة مثلاً؟ معقول؟ فكل شيء ثمين يجب أن تعرف قيمته.
 

الدين هو منهج الإنسان للوصول إلى الجنة وعلى الإنسان ألا يتاجر به:


هذا الدين منهج الإنسان للوصول إلى الجنة، هل من الممكن أن أتاجر فيه؟ دع الدين بالعلياء، دعه صافياً، دعه بعيداً عن وحل الأرض، إن أردت الدنيا فللدنيا أسبابها، أما الدين فلا تجعله في الوحل، أبقه في السماء، هذه الآية دقيقة جداً: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ يمكن للإنسان أن يتاجر بالدين، يمكن أن يستخدم القرآن لمصالحه، يمكن أن يستخدم العلوم الدينية لمصالحه، هذا أشقى الناس.
بالمناسبة إذا لعب الإنسان بدين الله يفرمه الله فرماً، هذا الدين دين الله عزَّ وجل لا تقربه بسوء، فإذا أراد الإنسان أن يتاجر به، أو أن يُضِل الناس، فالله كبير وعقابه أليم وشديد.
ادّعى شخص من الباكستان النبوَّة، وقال: "خاتم الأنبياء ليس معناه أنه آخر الأنبياء، أي كلامه يصدِّق من يأتي بعده" ، وادَّعى أنه نبي، وكانت هناك جائحة كبيرة جداً من مرض الكوليرا بالباكستان، وزعم أنه لن يُصَاب بالكوليرا لأنه نبي، فالذي حدث أنه أُصيب بالكوليرا ومات داخل المرحاض، أي الله عزَّ وجل فضحه: 

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ(44)لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46)فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47)﴾

[ سورة الحاقة  ]

لمجرَّد أن يتاجر الإنسان بالدين يفضحه الله، ويذلَّه، ويكشفه للناس، فإيَّاك أن تقترب من هذا الدين العظيم، هذا اتركه لله، هذا اخدمه ولا تحاول أن تعيش على أنقاضه، ولا تطعن بأهل الحق، سبحان الله! الناس لا يحلو لهم شيء إلا الطعن بأهل الحق، لأنه نوع من عدم التوازن، معه عدم توازن، أنت من الممكن إذا لم يكن لديك توازن أن تستعيد توازنك بطاعة الله، أن تستعيد توازنك بالإقبال على الله، أما أن تستعيد توازنك بتحطيم المؤمنين فهذا عمل قذر لا يليق بالإنسان أن يفعله.

لابدَّ من أن يمتحن الله عزَّ وجل الإنسان والمؤمن هو الذي ينجح في الامتحان:


﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً﴾ أي شخص باع نفسه لله لسنوات محدودة فكان الثمن الجنة، الآن بالعكس، شخص باع الجنَّة واشترى بها الدنيا.
وبالمناسبة: لابدَّ من أن يمتحن الله عزَّ وجل الإنسان، يضعه أحياناً أمام خيار صعب؛ الآخرة أو الدنيا، إما أن ترضي الله، وإما أن تأتيك المصالح تماماً، فالإنسان قلَّما ينجو من امتحان صعب، قلَّما ينجو من ابتلاء، قلَّما ينجو من خيار صعب، أي أمام مفترق الطرق، فالمؤمن هو الذي ينجح في الامتحان، معاذ الله، سأضرب لكم أوضح مثل: طبيب ناشئ، أي عنده مشوار طويل، لا يوجد معه شيء؛ لا بيت، ولا عيادة، ولا شيء، يعمل طبيباً في قرية، قُتِل إنسان قتلاً وكانت الجريمة مُحْكَمَة، وقالوا له: خذ عشرة ملايين واكتب: وفاة طبيعيَّة، يحِلّ كل مشاكله بهذه الملايين، هذا المقتول معه مئتا مليون ضحَّى القاتل بعشرة ملايين، فإذا كتب الطبيب وفاة طبيعيَّة ماذا فعل؟ اشترى بدينه ثمناً قليلاً، هناك أشخاص لو وضعت له مال قارون لا يخالف قناعاته إطلاقاً، هذا المؤمن رجل مبدأ.
سمعت قصَّة أسرة على وشك الموت من الجوع، الأب مُقعَد، والأم تخدمه، والأولاد صغار، وليس لديهم أي دخل، والجوع شديد جداً، ذهب أحد الأولاد إلى الفرن ليشتري خبزاً فرأى شخصاً يحمل كميَّة كبيرة من اللحم، تقارب خمسة كيلو صفيحة، فقال للفران: أريد أن تخبزهم لي صفيحة، ولما سأله: متى أحضر لأخذهم؟ قال له: تعال الساعة الواحدة والنصف، خطر في بال هذا الولد أن يحضر الساعة الواحدة والربع ويأخذ الصفيحة لأهله، قال له: أعطنا الصفيحة، لم ينتبه الفرَّان إليه، وأعطاهم له، دخل إلى البيت فقالت له أمه: يا ماما هذا لا يجوز، هذا الطعام ليس لنا، لبست وأخذت ابنها واعتذرت من الفرَّان، وقالت له: جاؤونا خطأً، وأرجعتهم، الله عزَّ وجل يسر، فصاحب الطعام عرف بالقصَّة جاء إلى هذا البيت ولم يترك شيئاً ينقصه أبداً، أكمله تماماً، قضية قِيَمْ، قضية أن تعرف الله، أن تخشى الله.
 

أخطر إنسان هو الذي يُفتي بخلاف ما يعلم:


هنا المؤمن يظهر في الدنيا: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ هناك طُرْفَة، أحد سماسرة البيوت دخل وصلَّى العشاء باتجاه الشمال، ليوهمهم أن هذا البيت اتجاهه قبلي، فمن أجل أن يبيع البيت باع دينه، من أجل أن يبيع هذا البيت باع دينه كلَّه، وهذا يحدث كل يوم، طبعاً هذا مثل حاد، ممكن إنسان يحلف يمين كذب، ممكن يشهد شهادة زور، ممكن لمصلحة مُعَيَّنة أن يستعصي في بيت، يقول لك: أنا القانون معي، أي باع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل، هذا معنى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً﴾ .
بالمناسبة أحياناً يفتي الإنسان فتوى فيأخذ ثمنها باهظاً، ولكنها فتوى باطلة، لذلك أخطر إنسان هو الذي يُفتي بخلاف ما يعلم، الذي يُفتي وهو لا يعلم مُحاسَب، أما الذي يُفتي بخلاف ما يعلم فهذا اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً، أنت تفاجأ أن لكل معصية فتوى، الآن في العالَم الإسلامي أيّ معصية لها فتوى كاملة، لا توجد مشكلة، لم يبق شيء في الدين، إذا كان الربا مسموحاً، فتوى رسميَّة ، إذا كان هذا مسموحاً، وهذا مسموحاً، فما الذي بقي محرَّماً؟!

﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)﴾

[ سورة البقرة ]

عمليَّة تزوير.
 

وجود كتب كثيرة همّها تشويه الدين:


 الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمورٌ مشتبهات، يأتي المنافق ويجمع شيئاً من الحق وشيئاً من الباطل، كيف؟ يقول لك: يا أخي الله عزَّ وجل قال: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)﴾

[ سورة آل عمران ]

معنى هذا إذا أكل الإنسان أضعافاً قليلة فهو ليس مؤاخذاً، دخل من هذا الباب: 

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99)﴾

[ سورة الحجر ]

أنا تيقَّنت الحمد لله، إذاً انتهت العبادة، فيُحضر آيات، يُحضر أحاديث، يوجد كتب كثيرة الآن قراءة معاصرة للقرآن الكريم، السلوك الإباحي مغطَّى بكل آيات القرآن الكريم، الإباحي، إذا قرأ الشخص الكتاب لا يوجد فيه شيء حرام أبداً، مادام الفتاة يمكن أن يراها أبوها كما خلقها الله، بنص الكتاب، هذه قراءة معاصرة!! ألم ينتبه العلماء القُدامى إلى هذه النقطة؟! فهناك من يستخدم القرآن، من يستخدم السنَّة، من يستخدم الدين لأهداف معيَّنة: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ .
 

الازدواجيَّة أخطر شيء يصيب أهل الدين:


هذا الذي يُفتي بخلاف ما يعلم، هذا الذي يسكت عن الحق إرضاءً لجهةٍ ما، لذلك قال الله عزَّ وجل: 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)﴾

[ سورة الأحزاب ]

ذكر الله عزَّ وجل بهذه الآية صفة واحدة، وهذه الصفة جامعة مانعة، هذا الذي يدعو إلى الله إذا خشي غير الله فتكلَّم بالباطل إرضاءً له، وإذا خشي غير الله فسكت عن الحق إرضاءً له، سكت عن الحق ونطق بالباطل ماذا بقي من دعوته؟ انتهت دعوته، معنى هذا أخطر صفة للداعية ألا يخشى إلا الله: 

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)﴾

[ سورة البقرة ]

هذا أخطر شيء بالدعوة، أخطر شيء يصيب أهل الدين الازدواجيَّة، أي هناك نصوص، هناك طقوس، هناك عبادات، أما في المعاملة فشيءٌ آخر، عندما تنفصل المعاملة عن العبادة انتهى الدين، يوجد في الدين عبادة تعامليَّة، وعبادة شعائريَّة، وهما متكاملتان، والعبادة الشعائريَّة لا قيمة لها إلا بالتعامليَّة، فإذا ألغينا التعامليَّة ألغينا الدين كلَّه، هنا: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ .
 

المُثُل العُليا تشدُّ الناس إلى الدين أما الكلام فلا يؤثِّر:


لو سألتني: لماذا تألَّقت دعوة هؤلاء الأنبياء العِظام؟ ولماذا سارت دعوتهم في الآفاق؟ لأنهم طبَّقوا. 
كان هناك عهد لسيدنا رسول الله مع اليهود أن يأخذ نصف تمرهم في خيبر، فكلَّف سيدنا ابن رواحة أن يقدِّر التمر، فذهب إليهم، هم خطر في بالهم لو أعطوه هديَّةً ثمينةً فخفَّض التقييم ربحوا، فجمعوا له من حلي نسائهم حلياً كثيراً وقدَّموها له، أن ارْأف بنا أي التمسنا، فقال: "والله جئتكم من عند أحبِّ الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض خلق الله إليَّ" ، وهناك رواية: "لأنتم كالقردة والخنازير عندي ومع ذلك ما كنت لأحيف عليكم، وهذا الذي تعطونني إياه هو سُحتٌ، ونحن لا نأكل السحت" ، فقال اليهود: "بهذا قامت السماوات والأرض، وبهذا غلبتمونا" ، أي إذا بقي الدين صلاة وصوماً فقط وكل شيء مُباح انتهى الدين، أما إذا وجدت الدين في التعامل اليومي، ولغة العمل أبلغ من لغة القول، والذي يشدُّ الناس إلى الدين مُثُل عُليا، أما الكلام فلا يؤثِّر، الكلام لا يُحرِّك ساكناً، جاء الأنبياء بالكلمة فقط، لكن الكلمة التي يؤكِّدها الواقع، فلو سألتني: ما سرّ نجاح دعوة الأنبياء وإخفاق دعوة الدعاة أحياناً؟ لأنه لا توجد عند النبي ازدواجيَّة أبداً، فالذي قاله فعله، والذي فعله قاله، هذا الانسجام التام بين أقواله وأفعاله، فالمؤمن ينبغي أن تكون سريرته كعلانيَّته، وظاهره كباطنه، وما في قلبه على لسانه، وخلوته كجلوته، لا توجد عند المؤمن ازدواجيَّة، هذا الانسجام يجعل الدعوة تنتشر في الآفاق، وهذا الدين الآن إن أردنا له النجاح لابدَّ من أن نطبِّقه، وأن نعقلنه، وأن نُبَسِّطه، يجب أن يُبَسَّط، ويجب أن يُعَقلن أي يتوافق مع العقل، ويجب أن يُطبَّق، طبِّق وكن عاقلاً، عقلنه، وطبِّقه، وبَسِّطه ينتشر الدين، ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ .

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور