الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم عَلّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
معنى الله عالم الغيب والشهادة:
أيها الإخوة الكرام هناك مقولاتٌ أساسيةٌ في هذا الدين، الله عز وجل وحده عالم الغيب والشهادة، الشهادة الواقع، نحن في بلد معيّن في وقت معيّن في فصل معيّن في ظرف معيّن هذا الشهادة، أما الغيب النقطة الدقيقة الدقيقة الدقيقة:
﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) ﴾
آيةٌ قطعية الدلالة جامعةٌ مانعةٌ، لا يعلم الغيب إلا الله، كلام خالق الأكوان، كلام الإله العظيم، كلام الرب الرحيم، أي إنسان يدّعي أو يتوهم أنه يعلم الغيب فهو كاذب، الغيب قد يكون فيه نصر وقد يكون فيه تأخر بالنصر، فالإنسان لمّا يؤمن بالغيب ترك الأمر لله عز وجل، الذي يعلم الغيب وحده هو الله، عَلِم ما كان وعَلِم ما يكون وعَلِم ما سيكون واضحين، أما الأخيرة فمُحيّرة، و عَلِم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون! عَلِم ما كان وعَلِم ما يكون بالمضارع وعَلِم ما سيكون بالمستقبل، وعَلِم لو لم يكن كما كان هذا شيء مهم جداً ما البديل؟ لذلك أيها الإخوة أنت حينما تؤمن بالله هذه راحة نفسية.
﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) ﴾
آيةٌ جامعةٌ مانعةٌ قاطعة، (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) ، فأنت إذا تعاملت مع الله مع الأصل، يعني تصور عشرين ثلاثين وحش كاسر وجائع ولم يأكل شيئاً منذ شهر، أما هذه الوحوش المُخيفة مُقيدة بأزمة مُحكمة بيد جهة رحيمة عليمة حكيمة.
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(123)﴾
هذه الـ الجنس، عندنا الـ التعريف، وعندنا الـ العهد، الـ الجنس يعني أي أمر من آدم إلى يوم القيامة وبالخمس قارات هذا الأمر بيد الله عز وجل.
﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) ﴾
عَلِم ما كان و عَلِم ما يكون وعَلِم ما سيكون، وعَلِم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، علاقتك مع الله وحده، والله رحيم، عليم، حكيم، عفوّ، تواب، أسمائه حسنى وصفاته فُضلى، وأمره بين الكاف والنون، كُن يلزمها وقت ولو واحد بالمائة من الثانية ولكن وقت، عَلِم ما كان وعَلِم ما يكون وعَلِم ما سيكون، وعَلِم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، إذاً من الكلمات المشهورة في القرآن عالم الغيب والشهادة.
الشهادة الواقع، أيضاً الناس يعلمون الواقع، يوجد بلد قوي وبلد ضعيف وهناك فقر ومأساة معينة، وهناك أمطار غزيرة، ويوجد شح بالأمطار، هذه الشهادة واضحة، عَلِم ما كان وعَلِم ما يكون وعَلِم ما سيكون، وعَلِم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، لذلك لا يعلم الغيب إلا الله، من الآخر لا يعلم الغيب إلا الله، لكن الله بالتعبير المعاصر سرَّب لنا، التسريب مصطلح مُعاصر، سرَّب لنا عن طريق النبي الكريم بعض الأحاديث عن عالم الغيب، أحاديث محدودة، آيات محدودة، ليس بإمكان إنسان في الأرض أن يُضيف عليها كلمة، (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) ، الشهادة واضح تراه بعينك تسمع صوته بأُذنَك، تتابع الخبر بالشاشة هذه الشهادة، أما سيكون، مرة ثانية عَلِم ما كان وعَلِم ما يكون وعَلِم ما سيكون، وعَلِم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
حديث أبدأ به تفاؤلاً، الإنسان أيام يكون هناك خبر سيء وخبر طيب، أنا أتمنى على كل إنسان إذا نقلت الخبر السيئ أضف له الخبر الطيب لعمل توازن، الإنسان المُتشائم كل كلامه سلبيات لا يوجد أمل، انتهينا لا لم ننته.
هناك كلمات مُثبِّطة، وهناك كلمات فيها فرح ساذج، أما البطولة أن تجمع بين السلبيات والإيجابيات تتوازن.
عندما تؤمن بالله فأنت أسعد إنسان في الأرض:
الشباب أمل الأمة، الشباب قوة الأمة، الشباب مستقبل الأمة، لكن الآن يوجد كلام غير معقول، لكن أنا عندي معقول، يوجد إنسان شاب يتمتع بكل صفات الشباب وعمره ثماني وتسعون، ويوجد إنسان تنطبق عليه كل صفات الشيوخ من خَرَف ونسيان وعمره ثلاثين، الجواب إن كان لك هدف كبير وهو الله أنت شابٌ في التسعين، وهدفك بيت وسيارة وزوجة وفرصة عمل فقط! فأنت شيخٌ خَرِف في الثلاثين، أنت خُلقت لجنةٍ عرضها السماوات والأرض، أنت المخلوق الأول المُكرَّم المُكلَّف.
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)﴾
يمكن لا توجد كلمة بالمصطلح المعاصر رومانسية كهذه الكلمة يعني أنت غالي جداً علينا، فإنك أيها المؤمن بأعيننا، لذلك من ذاق طعم القرب من الله هو أسعد إنسان في الأرض وقد يكون دخله لا يكفيه أسبوعان وقد يكون بيته ستون متراً وزوجته متوسطة، إن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، أنت تتعامل مع خالق السماوات والأرض، مع أصل الجمال والكمال والنوال مع الله العظيم.
﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) ﴾
دققوا، الله عز وجل سرَّب لنا بعض أقول أهل الكفر في النار، (إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ) ، تحت كلمة العظيم ضع عشرة خطوط.
إبليس آمن بالله قال يا ربي فبعزتك! إبليس اللعين الشيطان الرجيم آمن بالله! البطولة أن تؤمن بالله العظيم، (إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ) بالله العظيم لا يمكن أن تعصيه بإرادتك، قد يكون بخطأ، أما بإرادتك أن تؤمن بالله العظيم لا يمكن أن تعصيه، يعني أنت تركب سيارتك، الإشارة حمراء، لماذا تقف؟ سؤال إيديولوجي، لأنك تعلم عِلم اليقين أن واضع هذا القانون وزير الداخلية عِلمه يطولك من خلال هذا الشرطي، وقراره يطولك سحب الإجازة سنة، لأنك تعلم عِلم اليقين أن واضع هذا القانون عِلمه يطولك وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه، شرطي سير فقط، فإذا قال الله عز وجل:
﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ(3)﴾
يعني الله عز وجل (إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ) ، حياتك بيده، الموت بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، القوة بيده، الضعف بيده، كل شيء بيده، ومع كل ذلك ما قَبِل أن نعبده إكراهاً فقال:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾
بل أراد أن تكون العلاقة به علاقة حب فقال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾
إله عظيم، غنيٌّ عنا، يجب أن نؤمن بالله العظيم، يُحبنا حريصٌ على سلامتنا وسعادتنا، فالله أرسل لنا الأنبياء والرُسل والعلماء الربانيون هؤلاء رُسُل من الله عز وجل، فلا بدَّ من أن نعرف الحقيقة قبل فوات الأوان، الآن بعض الأحاديث عن آخر الزمان.
في كتاب جامع الأصول من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام في باب الفتن، بضع أحاديث دقيقة جداً تُصور حال المسلمين اليوم.
فعن السيدة زينب زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله أنه قال: لا إله إلا الله كلمة التوحيد لا مُعطيَ إلا الله ولا مانع إلا الله ولا مُعزَّ إلا الله ولا مُذلَّ إلا الله ولا شافي إلا الله تحدث عنها ساعات طويلة.
(( أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اسْتَيْقَظَ مِن نَوْمِهِ وَهو يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه. وَعَقَدَ سُفْيَانُ بيَدِهِ عَشَرَةً. قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ، إذَا كَثُرَ الخَبَثُ ))
إذاً المؤمنين قلائل جداً الله يحفظهم حِفظاً خاصاً، أما الأكثرية مع الإعلام مع الأفلام مع الأشياء الفاضحة مع الغيبة مع النميمة، هذه مشكلة كبيرة جداً، يعني لمّا الإنسان يكون مُخطئ وحده أمر مقبول أما خطأ عام!
على الإنسان أن يعرف الحقيقة قبل فوات الأوان:
كان عندنا سابقاً يوجد سُلطة تشريعية في كل بلد، وسُلطة تنفيذية، التشريعية النوّاب والتنفيذية الوزراء، والثالثة القضائية الحكّام القُضاة، الثلاثة اُلغوا الآن يوجد إعلام وتضليل إعلامي، تلميع إعلامي، تعتيم إعلامي، يعني واحد قُتل الدنيا قامت ولم تقعد يوجد إعلام، وواحد قاتل مليون ولا كلمة! نحن نعيش في عصر إعلام، ويوجد تلميع إعلامي، وتضليل إعلامي وتعتيم إعلامي، إلا أنَّ المؤمن مع الحقيقة، يعني أكثر شيء يتميز به المؤمن هو مع الحقيقة، الحقّ هو الله والحقيقة كتابه، أحاديث نبيه، فالبطولة أن تكون مع الحقيقة، الآن الصالحون قِلة، لا يمنعون على قلتهم تأديب الله للمسلمين.
كان عندي في الصف ثلاثين طالب، اثنان منهم متفوقين والباقيين مقصرين، المتفوقون يمنعون الأستاذ من تأديب الأكثرية المُتفلتة؟ لا، فلذلك الإنسان حينما يعرف الحقيقة قبل فوات الأوان.
كلمة دقيقة جداً، يعني الحقيقة قبل فوات الأوان، فرعون أكفر كفار الأرض لماذا؟ قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) ﴾
هل يوجد أوضح من هذا؟! أما الثانية أخف قال:
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) ﴾
متى قال آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل؟ حينما أدركه الغرق، أكفر كفار الأرض فرعون الذي قال: ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ) ، (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي ) ، أما حينما أدركه الغرق قال:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) ﴾
فنحن خيارنا مع الإيمان، كلامي دقيق جداً خيار وقت فقط، أما أنا لي مليون خيار رفض هذا البيت لم يُعجبني لا أشتريه، هذه المخطوبة لم تعجبني أخلاقها لا أتزوجها، أنت تملك مليون خَيار رفض إلا مع الإيمان خَيار وقت.
﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)﴾
الإنسان زمن ومضي الزمن يستهلك الإنسان:
فلذلك الآن دخلنا في موضوع ثالث، ما من تعريفٍ جامعٍ مانعٍ رائعٍ للإنسان كتعريف الحسن البصري قال: الإنسان بِضعة أيام، تعريف دقيق كلما أنقضى يومٌ انقضى بضعٌ منك، فأنت زمن، الإنسان بتعريف سيد التابعين الحسن البصري: بِضعة أيام كلما انقضى يومٌ انقضى بِضعٌ منك، لأنه أنت صرت زمن، الآن طاولة أمامي لها طول، ولها عرض، ولها ارتفاع، ولها وزن، ولها حجم، لكنها إذا تحركت يوجد بُعد رابع هو الزمن، الإنسان وهو طفل له شكل وبسن الخامسة عشر شكل آخر وبسن الخامسة والثلاثين شكل، والخامسة والستين شكل، وبالتسعين شكل، إذاً يوجد تطور، فالإنسان بِضعة أيام كلما أنقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه، فلأنك زمن بالتعريف الجامع المانع القاطع، بضعة أيام كلما أنقضى يومٌ انقضى بضعٌ منك، لأنك زمن أقسم الله لك بمُطلق الزمن العصر.
الواو واو القسم والعصر، جواب القسم:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾
لِمَ يا رب الخسارة؟ قال لأنَّ مُضيّ الزمن وحده يستهلكك فقط، قبل أن تقول مؤمن غير مؤمن صالح طالح مُثقف قبل كل شيء، لأنَّ مُضيّ الزمن وحده يستهلكك، فأنت زمن وأقسم الله لك بمطلق الزمن،
قال لك: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)) ، هل يوجد أوضح من ذلك؟! إِلَّا رحمة الله في إلا، الإمام الشافعي قال: ما بعد إلا أركان النجاة.
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
أي إيمان؟ الإيمان الذي يحملُك على طاعة الله، وما سوى هذا الإيمان لا قيمة له، ما الدليل؟
إبليس آمن الدليل:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) ﴾
آمن به رباً وأمن به عزيزاً.
الإيمان الحقيقي هو طاعة الله:
الإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله لا قيمة له إطلاقاً عند الله، يعني لن تُغلب أُمتي من اثني عشر ألف من قِلة، نحن لسنا عشرة آلاف نحن ملياران! نحتل أهم موقع في الأرض، مُلتقى القارات الثلاث، نملك ثلاث ممرات مائية أصل التجارة الدولية، أُحدِّثكم ساعة من الزمن عن إيجابياتنا ومع ذلك الواقع المرير أمرنا ليس بيدنا.
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾
آية خطيرة جداً، والحقيقة المُرَّة أفضل ألف مرة من الوهم المُريح، هل نحن مستخلفون في الأرض؟ لا والله، قانون (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ)
هل هذا الدين مُمكَّن في الأرض أم يواجه حرب عالمية ثالثة؟ كانت تحت الطاولة، أما اليوم فوق الطاولة جِهاراً ونهاراً، أحد أعضاء الكونغرس يقول: لن نسمح بقيام حُكمٍ سُنّيٍ في الشرق الأوسط! من الآخر حرب عالمية ثالثة، لكن الله موجود يعني كفكرة يوجد دولة عظمى كافرة موجودة، ودولة ثانية مُلحدة موجودة، ويوجد مصالح وجيوش طيران ورادار وتكلم عشر ساعات، أنا أُضيف كلمة واحدة وأيضاً يوجد الله، الله موجود بيده كل شيء(إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) ، الأمر هذه الـ جنس عندنا الـ التعريف والـ العهد أما الجنس أي أمر بالخمس قارات، البُعد المكاني بالخمس قارات، البُعد الزماني من آدم إلى يوم القيامة (إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ) ، كله توكيد، فاعبده، متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك لو أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده(إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) ، إلا أنه إذا كان هناك عشرين ثلاثين وحش لم يأكلوا منذ شهر إلا أنَّه هذه الوحوش مُقيدين بأزمّة مُحكمة بيد جهة قوية ،عادلة، رحيمة، علاقتك مع الوحوش أم مع من يملكها واضحة؟ هذا التوحيد، وهناك وحوش وقنابل ذرية وقنابل حارقة خارقة، يوجد مائة نوع من القنابل وأقوياء والإعلام معهم، والدول كلها معهم لكن الله موجود، الإيمان بالله يلغي التشاؤم لا يوجد مؤمن مُتشائم إطلاقاً، (إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) .
العبادة طوعية وليست قصرية:
والعبادة طاعةٌ طوعية ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية أساسها معرفةٌ يقينية تُفضي إلى سعادة أبدية، طاعةٌ ليست قصرية، خلقنا حياتنا بيده، الموت بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، الصحة بيده، المرض بيده، ومع كل كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً قال:(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) بل أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب قال:(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) إله عظيم يحبنا أن نحبه وينتظرنا.
لو يعلم المُعرضون انتظاري لهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ولماتوا شوقاً إلي، هذه إرادتي في المُعرضين، كيف بالمقبلين؟!
(( للَّهُ أفرَحُ بتَوبةِ عبدِهِ منَ العَقيمِ الوالدِ، ومنَ الضَّالِّ الواجِدِ ومنَ الظَّمآنِ الواردِ. ))
هو ينتظرنا ليرحمنا.
﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)﴾
كُن مُحسن، الدنيا ساعة اجعلها طاعة والنفس طماعة عودها القناعة ولذلك:
فلو شاهدت عيناك من حسـننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حُسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا
ولو ذقت من طعم المحـبَّة ذرةً عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمةٌ لمـُت غريباً واشـتياقاً لقربـنا
ولو لاح من أنوارنا لـك لائحٌ تركــت جميع الكـائنات لأجلنا
فما حبنا سهلٌ وكل مـن ادعى ســهولته قلنا له قد جهـلتنـا
وأيسر ما في الحب للصب قتله وأصعب من قتل الفتى يومُ هجرنا
إخواننا الكرام يعني هو الدين سيارة، الدين ليس المرآة ولا العجلات بل المُحرك، إذا لا يوجد محرك اسمها وقّافة وليس سيارة، فنحن يجب أن نضع أيدينا على الأساس، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، ما لم تستقم على أمر الله، الباقي صار كله ثانوي، لذلك لن تُغلب أُمتي من اثني عشر ألف من قِلة، نحن ملياري مسلم، نملك ممرات مائية ثلاث أصل التجارة الدولية منهج واحد كتاب واحد والله عندنا إيجابيات لا يعلمها إلا الله، الآخر بينهم قواسم مُشتركة خمسة بالمائة يتعاونون علينا يتسامحون فيما بينهم، إلا نحن نملك وحي السماء، كتاب الله، سُنّة رسول الله، يجمعنا مليون بند، ومع ذلك سامحوني بهذه الكلمة التي لا تُحتمل، بأسُنا بيننا، والتوبة جاهزة والله موجود ويوجد إسلام جماعي وإسلام فردي، الفردي:
﴿ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) ﴾
أرجو الله أن يحفظ أيمانكم جميعاً وأهلكم وأولادكم وصحتكم مالكم واستقرار هذه البلاد والحمد لله رب العالمين.
الملف مدقق
