الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
وقد ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن لله أسماً أعظماً، فما اسم الله الأعظم؟ بعضهم قال: الحي القيوم، وهناك اجتهاد مقبول أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي يتعلق بحالك، فالمريض اسم الله الأعظم له الشافي، والفقير اسم الله الأعظم له المُغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والمقهور اسم الله الأعظم له الناصر، وقد ورد أن الرب اسم الله الأعظم لأنه أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لذلك قال تعالى:
إذاً يمكن أن نفهم معنى اسم الرب ببساطة من أب حان، من أب عالم، من أب رحيم، من أب يسعى لإمداد أولاده بكل ما يحتاجون، ويسعى لتربية أجسامهم، وتربية عقولهم، وتربية نفوسهم، وتربيتهم تربية اجتماعية، وتربيتهم تربية بدنية، وتربيتهم تربية جنسية، هذا الأب الحاني العالم الرحيم الذي لا يُقلقه إلا مصير أبنائه، لا يُقلقه إلا سعادتهم، إلا إيمانهم، إلا سموهم، يمكن أن نفهم معنى هذا الاسم الذي يمكن أن يكون اسم الله الأعظم من مفهومات الأبوة والبنوة، لذلك ليس عجيباً أن يأتي نظام الأبوة آية دالة على عظمة الله، ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ*وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ*وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ*لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ .
لو أردنا أن نختار مخلوقاً من أتفه المخلوقات على الإنسان، البعوضة، البعوضة في رأسها مئة عين، في فمها ثمانية وأربعون سناً، في صدرها ثلاثة قلوب، قلب مركزي وقلب لكل جناح، كل جناح له قلب، وفي كل قلب أذينان، وبطينان، ودسامان،
﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ من أدق معاني الربوبية أن الله عز وجل أعطى كل شيء خلقه، هي بحاجة إلى أن ترى الأشياء لا بألوانها، ولا بأحجامها، ولا بأشكالها، بحاجة أن ترى الأشياء بحرارتها، أعطى الله البعوضة جهاز استقبال حرارياً،

حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية،
﴿فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ أعطاها جهاز استقبال حرارياً أي جهاز رادار.
أعطى البعوضة جهاز تحليل للدم، ما كل دم يناسبها، تُحلل الدم أولاً، ثم تمتصه ثانياً، وقد ينام أخوان على سرير واحد يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض والثاني لم يصب بشيء.
أعطى البعوضة جهاز تمييع للدم، لأن لزوجة دم الإنسان لا يسري في خرطومها، يوجد جهاز تمييع: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
أعطى البعوضة جهاز تخدير لئلا تُقتَل في أثناء امتصاص الدم، تمتص الدم وتطير وتبتعد، ينتهي مفعول التخدير فيشعر الإنسان بوخز في يده، فيتوهم أنها على يده فيضربها وهي في سماء الغرفة تضحك عليه،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ أعطاها جهاز تحليل، أعطاها جهاز تمييع، جهاز تخدير،

جهاز استقبال حراري، في فمها ثمانية وأربعون سناً، في رأسها مئة عين، في صدرها ثلاثة قلوب، قلب مركزي وقلب لكل جناح، الآن في خرطومها ست سكاكين، أربع سكاكين لإحداث جرح مربع، وسكينان تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم، وفي أرجلها محاجم إذا وقفت على بلور، على سطح أملس على الضغط، وفي أرجلها مخالب إذا وقفت على سطح خشن،
﴿فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
خلق الله عز وجل الإنسان بأحسن تقويم ويتجلى ذلك في:
قس على ذلك قال تعالى:
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾

أعطاك عينين من أجل أن تدرك البعد الثالث، بعين واحدة ترى الطول والعرض، بعينين ترى البعد الثالث، أعطاك أذنين من أجل أن تعرف جهة الصوت، قد ينطلق بوق مركبة من على يمينك، يدخل هذا الصوت إلى الأذن اليمنى قبل اليسرى بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية، يوجد بالدماغ جهاز يكشف تفاضل الصوتين فيكتشف أن البوق من الجهة اليمنى، فيعطي الدماغ أمراً بالانتقال إلى الجهة اليسرى،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
لكل شعرة شريان، ووريد، وعصب، وعضلة، وغدة دهنية، وغدة صبغية،
﴿فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ في شبكية العين مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط، مئة وثلاثون مليون بمليمتر وربع،

أي بواقع مئة مليون مستقبل ضوئي في كل مليمتر مربع من أجل أن تميز بين ثمانية ملايين لون،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
جعل في ماء العين مادة مضادة للتجمد، جعل الدماغ يتألف من مئة وأربعين مليار خلية استنادية سمراء لم تُعرف وظيفتها بعد،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ الحديث عن الجسم والله يستغرق سنوات وسنوات،

قال تعالى:
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
دقق في معنى الربوبية، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ .
هذا في الإنسان، الإنسان عظمه ينمو ويصل إلى الحد المناسب ويتوقف النمو، يُعبّر العلماء عن هذه الحالة بنوم الخلية العظمية، يُكسر العظم بعد سبعين سنة تستيقظ الخلية العظمية وتُرمِّم هذا الكسر، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ لم يجعل لك في الشعر أعصاب حس وإلا أنت مضطر إلى أن تذهب إلى المستشفى وتُخَدر تخديراً كاملاً كي تحلق شعرك، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾.
عظمة الله عز وجل في خلق الجنين:
نحن نفهم الأشياء فهماً سطحياً، لو تعمقنا في خلقنا لرأينا عظمة الله عز وجل، معنى الرب أعطاك كل ما تملك، الطفل الصغير ليس في حليب أمه حديد، جعل الله في طحال المولود كمية حديد تكفيه سنتين إلى أن يأكل.
أعطى الطفل الرضيع منعكس المص، لمجرد أن يولد يلتقم ثدي أمه، ويُحكم الإغلاق، ويسحب الهواء فيأتيه الحليب.
جهازه الهضمي ممتلئ بمادة شحمية عند الولادة، في أول يومين لا يأتيه الحليب، يأتيه مادة مذيبة للشحم، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
جهاز التوازن عند الإنسان من أكبر آيات الله الدالة على عظمته:
الحديث عن هذا الموضوع لا ينتهي، لكن ما معنى الرب؟ أعطاك كل ما تستطيع، كل ما تحتاجه من أجهزة، من أدوات، من وسائل، من نسج، من خصائص، أي يوجد بالقلب شريان ليس له وظيفة واضحة جداً، وظيفته الواضحة عند انسداد بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان ويوضع كقطع غيار للقلب.

والله الحديث بخلق الإنسان لا ينتهي، لكن معنى الرب أنه أعطاك كل ما تحتاج، قال: ﴿ثُمَّ هَدَى﴾ هداك إلى مصالحك، أنت تمشي لئلا تقع أودع في أذنك الوسطى جهاز توازن، جهاز التوازن ثلاث قنوات فيها سائل وهناك أشعار فوق السائل فأنت إذا ملت يمنة السائل يبقى مستوياً، يمس الجدار المائل، تتحسس الأشعار، تُعيد وضعك، لولا جهاز التوازن لا يوجد إنسان يمشي على قدمين أبداً، والدليل لن تستطيع أن توقف الميت على قدمه، لأنه فقد التوازن، أنت بالتوازن لك أرجل لطيفة صغيرة، لولا جهاز التوازن لاحتجت إلى قاعدة استناد واسعة جداً، والدليل في بعض محلات الأقمشة يضعون تمثالاً لامرأة، انظر إلى القاعدة عبارة عن سبعين سنتمتر، من أجل أن يبقى هذا الجسم منتصباً يحتاج إلى قاعدة استناد واسعة جداً، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
يوجد قرص لحمي ينزل مع الجنين، في هذا القرص شيء لا يصدق، تجتمع في هذا القرص دورة دم الأم مع دورة دم الجنين، ولا يختلطان، ولكل دم زمرة، ومعلوم عند الأطباء أن الدم إذا جاءه دم من زمرة أخرى ينحلّ فوراً، لو أن دم الأم ودم الابن اختلطا لماتت الأم والجنين فوراً، لا يختلطان، بينهما غشاء، هذا الغشاء سمّاه الأطباء: الغشاء العاقل، يأخذ الأوكسجين من دم الأم يضعه في دم الجنين،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ طبعاً لما أخذ الأوكسجين قام الغشاء العاقل بدور جهاز التنفس.

أخذ السكر وضعه في دم الجنين، قام بدور جهاز الهضم، أخذ الأنسولين وضعه في دم الجنين، قام بدور البنكرياس، صار بالجنين سكر وأوكسجين وأنسولين، يحترق السكر عن طريق الأوكسجين بوساطة الأنسولين، يتشكل طاقة، حرارة، فالجنين حرارته عبارة عن سبع وثلاثين درجة، ناتج الاحتراق ثاني أكسيد الكربون، يأتي الغشاء العاقل يأخذ ثاني أكسيد الكربون من دم الجنين يضعه في دم الأم، فجزء من تنفس الأم ثاني أكسيد كربون جنينها، يأخذ عوامل مناعة الأم يضعها في دم الجنين، فكل الأمراض التي أًصيبت بها أمه هو مُحصن منها، يأخذ من دم الأم الحاجات الغذائية الدقيقة، البروتين، الشحوم، السكريات، الفيتامينات، المعادن، أشباه المعادن، وكأنه عالم من علماء التغذية، وهذه النسب تتبدل ساعياً وينفذها، لذلك سماه الأطباء الغشاء العاقل، ولو سُلِّم أمر الغشاء العاقل إلى مجموعة أطباء في قمة التفوق لمات الجنين في ساعة واحدة.
الآن الطفل بحاجة إلى مادة معينة ليست في دم أمه، الأم تشتهي طعاماً فيه هذه المادة، شهوة الأم الحامل حاجة ابنها إلى بعض الأغذية، ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
من ازداد فهماً بدقائق آيات الله في خلقه ازداد تعظيماً له:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)﴾

كلما ازددت فهماً بدقائق آيات الله في خلقه كلما ازددت تعظيماً لله عز وجل، وخشية له، وخضوعاً له، وإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم،
﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ أعطاه الخلق الكامل.
التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله:
البعوضة فيها مئة عين، الحوت وزنه مئة وخمسون طناً، خمسون طناً دهناً، وخمسون طناً عظماً، وخمسون طناً لحماً، ويُستخرج من الحوت تسعون برميلاً زيت سمك، ويُرضع وليده ثلاثمئة كيلو غرام بكل رضعة، ثلاث رضعات طن حليب، هذا الحوت،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ من بعوضة فيها أجهزة متنوعة إلى الحوت الأزرق الذي يزيد وزنه عن مئة وخمسين طناً،
﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ أي أنت حينما تتفكر في خلق السماوات والأرض تجد نفسك أمام عظمة الله، وكأن التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله، وأوسع باب تدخل منه على الله، ولا تنسَ هذه الآية،
﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
المتابعة عنصر هام وأساسي من عناصر التربية:
الآن موضوع المتابعة، انظر إلى الأب الكامل العالم الرحيم الحاني، كيف أنه يتابع أولاده متى جاء؟ متى خرج؟ من صديقه؟ لماذا تأخرت؟ المتابعة، ماذا قال الله عز وجل عن هذه المتابعة:
﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)﴾

تصور الطبيب مرّ على مريض طلب التحليل، الضغط مرتفع، يعطي توجيهاً: أوقفوا الملح، يرى أن هناك فقر دم يعطي توجيهاً بإعطائه أدوية فيها حديد مثلاً، فدائماً الطبيب يتابع حالة المريض، وكل نقص أو زيادة أو تطرف في التحليلات هناك قرار يتخذه،
﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ هذه هي التربية.
ومرة ثانية اسم الرب هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الإنسان الأب أب، لكن مرة كنت في الطريق أمشي فإذا إنسان يصيح بإنسان آخر، قال له: إذا ليس له أب أليس له رب؟ له رب، الله يربينا جميعاً، ونحن في العناية المشددة إن شاء الله.
تفرد الله عز وجل بالخلق ولا خالق إلا الله:
الآن يوجد معنى آخر للربوبية؛ الله خالق كل شيء وحده، هنا معنى جديد، الله عز وجل يتفرد بالخلق ولا خالق إلا الله.
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾

خلق، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ تصرف، لذلك سيدنا هود قال:
﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) ﴾
متحدياً.
﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾
فالله سبحانه وتعالى يتفرّد بالخلق وبالتصرف، والقاعدة الدقيقة جداً أن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، وفي هذا الكون آيات باهرات دالة على قيوم الأرض والسماوات، إذاً الله عز وجل له أسماؤه الحسنى وصفاته الفضلى، ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ .
رب العالمين لا يليق ولا يُقبل ولا يُعقل أن تعبد غيره:
الآن من معاني الربوبية، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75)﴾
سيدنا إبراهيم.
﴿ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)﴾

من هو الله رب العالمين؟ قال:
﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)﴾
﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)﴾
هذا هو الرب، لذلك لا يليق ولا يُقبل ولا يُعقل أن تعبد غير الخالق، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ إذاً: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ .
معرفة أسماء الله الحسنى من أبرز خصائص عقيدة المسلم:
لعل اسم الرب اسم الله الأعظم، بل إن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت في أمس الحاجة إليه، فالفقير اسم الله الأعظم له المُغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والضعيف اسم الله الأعظم القوي، والمهزوم اسم الله الأعظم الناصر، والجاهل اسم الله الأعظم العليم، فأنت في أية حاجة تحتاج إلى أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، قال تعالى:

﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾
لذلك أيها الإخوة؛ الرب هو الذي يربّي عباده، يربّي أجسامهم، ويربّي نفوسهم، ويهديهم إلى مصالحهم، ويهديهم إليه عن طريق الوحي، ويهديهم بالتوفيق، ثم يهديهم إلى الجنة، يهديهم إلى مصالحهم بالأجهزة والخصائص التي مُنِحوا إياها، ويهديهم إليه بالوحي، ويهديهم بالتوفيق:
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)﴾
ثم يهديهم إلى الجنة.
لذلك أيها الإخوة؛ معرفة أسماء الله الحسنى جزء أساسي من عقيدة المسلم، بل هو من أبرز خصائص عقيدة المسلم.
الملف مدقق