وضع داكن
30-05-2025
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 037 - رمضان شهر القرب من الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، الله علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدنا عِلماً، وأرنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، إخواننا الكرام رمضان شهر القرب من الله، شهر الحُبّ، شهر التألق، شهر الاتصال بالله، شهر العبادة الاستثنائيّة.

فضل صيام رمضان وقيامه:


(( مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. ))

[ صحيح البخاري ]

(( مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. ))

[ صحيح البخاري ]

مثال للتقريب: إنسان عليه ملايين كثيرة قروض، وهناك مصير مؤلم جداً أن يوضع في السجن، فإذا قيل له افعل هذا العمل ثلاثين يوماً وكل الديون ستُقضى، هل يتردد ثانية؟! (مَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا) انطلاقاً من إيمانه بأنه فريضة، واحتساباً إخلاصاً،(غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) .
(مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) . يعني رمضان شهر التوبة، رمضان شهر القُرب، رمضان شهر التألُّق، رمضان شهر الصِلّة بالله عز وجل.
من هو الله؟ الذات الكاملة، صاحب الأسماء الحسنى والصفات العُلا، سُمح لك أن تتصل بالإله العظيم، إذا أردت أن تُخاطب الله فادعهُ، وإذا أردت أن يُخاطبك الله فاقرأ القرآن، نستمع في التراويح وفي أيّ صلاة إلى كلام خالق الأكوان، أصل الجمال، والكمال، والنوال، صاحب الأسماء الحُسنى، والصفات العُلا.

فلو شاهدت عيناك من حسـننا      الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا

ولو سمعت أذناك حُسن خطابنا     خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا

ولو ذقت من طعم المحـبَّة ذرةً      عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا

ولو نسمت من قربنا لك نسمةٌ       لمـُت غريبـاً واشـتياقاً لـقربـنا

ولو لاح مـن أنوارنا لـك لائـحٌ      تركــت جـميع الكـائنات لأجـلنا

فما حبنا سهلٌ وكل مـن ادّعى        ســُهولته قلـنا له قـد جهـلتنـا

وأيسر ما في الحب للصبِّ قتل    وأصعب من قتل الفتى يومُ هجرنا

[ علي بن محمد بن وفاْ ]


الإنسان مُكلف أن يعبد الله عبادةٌ طوعيّة تفضي إلى سعادة أبديّة:


يعني أنت مُكلَّف أن تعبُد الله ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً، والعبادة طاعةٌ طوعيّة ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية أساسها معرفةٌ يقينية تُفضي إلى سعادة أبدية، الفرق بين اللّذة والسعادة، اللّذة حسيّة، مادية، تحتاج إلى وقت وصحة ومال، لحكمةٍ بالغةٍ بالغة في البدايات لا يوجد مال، في الوسط لا يوجد وقت، وفي النهاية لا يوجد صحة، ما سمح الله للدنيا أن تُمدّك بسعادة لا تنتهي، يعني لو ملكت ثروة أهل الأرض يوجد موت.
يعني أخ كريم يعمل في إنشاء البيوت، كُلِّف من جهةٍ أن يبني لها بيتاً في أرقى مصايف دمشق، بقيَ سنتان يكسي البيت أفضل بلاط، أفضل أبواب، شيء لا يُصدَّق حتى الأرض لها إضاءة، بعد سنتين بالتمام والكمال، يوم استلام البيت والسكن به الذي ينتظرهم لم يأتوا، اتصل بهم فقالوا له: قد توفي، إنسان بقمة نجاحه وبأعلى درجة من النجاح يأتي ملك الموت، يعني الإنسان إذا أدخل الموت في حسابه يكون أذكى إنسان في الأرض، كُلّ، واشرب، وتزوج، وأنجب أولاد، واشتري بيت، كله مسموح، لكن لا تأكل مال حرام، لا تعصي الله الواحد الديّان، هناك منهج إلهي إذا طبقت هذا المنهج لك الدنيا والآخرة لذلك:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ﴾

[ سورة الرحمن ]

جنّة في الدنيا هي جنّة القُرب، جنّة في الآخرة هي جنّة الخُلد، لذلك الآن يعني في هذا اللقاء الطيب:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ﴾

[ سورة الأنبياء ]


رسالة الأنبياء جميعاً تدعو إلى عبادة الله وحده:


كلام دقيق، يعني فحوى دعوة الأنبياء جميعاً (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ممكن دعوة الأنبياء جميعاً الذين ذُكروا أم لم يذكروا، يعني للتقريب صف فيه خمسين طالب، المُدرّس قال: لكل واحدٍ منكم هديةً غداً، لكن هناك اثنان غائبان لا يأخُذا الهدية، لكن لو قال المُدرّس: ما مِن واحدٍ في هذا الصف إلا وله هدية، فالذين غابوا لهم هدية، دقق الآن (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ) حتى الأنبياء الذين لم يُذكروا في القرآن:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) ﴾

[ سورة غافر ]

فحوى دعوة الأنبياء جميعاً كلمتان (إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ، التوحيد نهاية العِلم ألا ترى مع الله أحداً، هو المُعطي، هو المانع، هو المُحبّ، هو الغفور، هو الرحيم، ، هو التواب، أسمائه الحُسنى اذكرها اسماً اسماً، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا ) قالوا التوحيد نهاية العِلم، والعبادة نهاية العمل، يوجد فكر، إدراك، فهم، تصّور، عقيدة، مُنطلق نظري، مثل بعضهم جميعاً، وهناك حركة، والحركة أنت بحاجة للطعام والشراب ما الدليل؟

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20) ﴾

[ سورة الفرقان ]


هناك عبادات شعائريّة وعبادات تعامليّة:


الإنسان مُفتقر في وجوده إلى تناول الطعام، و مُفتقر في وجوده إلى  كسب ثمن الطعام، (لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) فأنت إذا عرفت الله، طبعاً عندنا عبادات شعائرية الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والشهادة، وهناك عبادات تعامُليّة، العبادة التعامليّة تبدأ من أخصِّ خصوصيّات الإنسان، من علاقاته الأُسريّة وتنتهي بالعلاقات الدوليّة، منهج كامل، كسب مالك، إنفاق مالك، اختيار زوجتك، تربية أولادك، خروج بناتك، اختيار حرفتك، التعامل مع هذه الحُرفة وفق منهج الله، العبادة التعامليّة صدقوا ولا أُبالغ تبدأ من العلاقات الأُسريّة، وتنتهي بالعلاقات الدوليّة، منهج تفصيلي، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعِلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعِلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعِلم، إلا أنّ العِلم لا يُعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كُلّك، فإذا أعطيته بعضك لم يُعطك شيئاً، ويظلُّ المرء عالماً ما طلب العِلم، فإذا ظنَّ أنه قد علِّم فقد جهل، طالب العِلم يُؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً، عندنا مصطلح حديث، الله سرّبَ لنا بعض أقوال الكفار يوم القيامة: 

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾

[ سورة الملك ]

ما الأزمة إذاً؟ أزمة عِلم فقط، يعني البشر كلهم خصائصهم واحدة، ثمانية مليارات إنسان فيهم خصائص واحدة، ثمانية مليارات إنسان فيهم واحد يُحبّ المرض؟! يُحبّ الفقر؟! يُحبّ القهر؟! ولا واحد، ثمانية مليارات هل يوجد أحد لا يحب بيت واسع؟ زوجة جيدة؟ أولاد أبرار؟ بنات مُحتشمات؟ كلنا، هل يوجد إنسان لا يحب أن يعيش مائة وثلاثون سنة؟ كُلنا، نحن من جنسٍ واحد كُلنا ولو كُنّا غير مؤمنين هذا الإنسان

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ(22)﴾

[ سورة المعارج ]


الصلاة هي الصلّة بالله التي تقودك إلى السعادة:


كلام دقيق جداً، يعني الله عز وجل جعل الصلاة عماد الدين، وعِصام اليقين، وسيدة القُربات، ومعراج المؤمن إلى ربِّ الأرض والسماوات، أنت سُمح لك أن تتصل بأصل الجمال، والكمال، والنوال، بالذات الإلهيّة، بصاحب الأسماء الحُسنى، والصفات العُلا، أنت تتصل ولا تسعد بهذه الصِلّة؟! لذلك:

 فلو شاهدت عيناك من حسـننا       الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا

ولو سمعت أذناك حُسن خطابنا     خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا

ولو ذقت من طعم المحـبَّة ذرةً       عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا

ولو نسمت من قربنا لك نسمةٌ       لمـُت غريـباً واشــتياقاً لـقربـنا

ولو لاح من أنوارنا لـك لائحٌ         تركــت جـميع الكـائنـات لأجلنا

فما حبنا سهلٌ وكل مـن ادّعى        ســـُهولته قـلنا له قـد جهـلتنـا

وأيسر ما في الحب للصبِّ قتل      وأصعب من قتل الفتى يومُ هجرنا

إخواننا الكرام

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾

[ سورة الذاريات ]

علّة وجودنا في الدنيا العبادة، سبب وجودنا، غاية وجودنا، منتهى وجودنا، والعبادة طاعة، خضوع، طاعةٌ طوعية، دققوا: الله عز وجل حياتنا بيده، الموت بيده، الصحة بيده، المرض بيده، القوة بيده، والضعف بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، ومع كل كل ذلك ما قبل أن نعبُده إكراهاً قال:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾

[ سورة البقرة  ]

بل أراد أن تكون العلاقة به علاقة حُبّ قال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

[ سورة المائدة  ]


الدين تخليّة وتحليّة:


فلذلك الحُب أصل في هذا الدين، ولذلك الله عز وجل إذا اتصلت به وذقت طعم القرب، طعم  الإقبال على الله، طعم الصلاة الصحيحة.

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾

[ سورة طه  ]

يعني أركان الإسلام خمسة، الصلاة وحدها هي عماد الدين، وعصام اليقين، وسيدة القُربات، ومعراج المؤمن إلى ربِّ الأرض والسماوات، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، يعني الآن خيمة كبيرة جداً وغالية جداً، فيها بالوسط عمود خشب هذا اسمه العماد، الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين، وسيدة القُربات، ومعراج المؤمن إلى ربِّ الأرض والسماوات، فلذلك رمضان شهر العبادة، شهر القُرب، شهر الإنفاق، شهر صِلة الأرحام، أنت لك أخت في مكان بعيد قد تنساها أحياناً فهذا رمضان شهر عبادة، شهر قُرب، شهر تألق، يمكن أن تذوق طعم القرب من الله عز وجل، فلذلك العبادة طاعةٌ طوعيّة ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية أساسها معرفةٌ يقينية تُفضي إلى سعادة أبديّة، لكن أنت تصّور عندك كأس زجاج غالي جداً كريستال لكنه غير نظيف، ومعك شراب رائع جداً، فهل تسمح لنفسك أن تضع هذا الشراب  في هذا الكأس الغير نظيف؟ لا تقبل، لذلك الدين فيه تخليّة و تحليّة، الإناء غير نظيف تغسله وتضع فيه شراب راقي، فنحن الدين فيه تخليّة و تحليّة، ما العادات الخاطئة؟ نموذج عصبي، كلام قاسي، هذه التخليّة يتهذب كلامك. 

(( إنَّ الرَّجلَ ليتَكلَّمُ بالكلِمةِ لا يرى بِها بأسًا يَهوي بِها سبعينَ خريفًا في النَّارِ ))

[ صحيح الترمذي ]

يعني مرة أخ كريم قال لي: نريد مثل ما الكلمة التي يهوي بها سبعين خريفاً؟ خطر ببالي هذه الكلمة، أنت أخلاقي لأنك ضعيف، قوي أنت المتفوق، بهذه الكلمات أُلغي الدين كله، أُلغيت الآخرة، أُلغي الإله العظيم.

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) ﴾

[ سورة الحجر  ]

إله يقسم.

الله عز وجل خلقنا ليُسعدنا:


ما مِن قطرة دمٍ تُراق في الأرض من آدم إلى يوم القيامة، إلا وسوف يتحمّلها إنسان كائناً من كان، إلا دم المقتول بحدّ يتّحمله الله، قتل فقتلناه بالسيف، فسال دمه، هذا الدم وحده يتحمله الله، فلذلك الاستقامة سعادة، والله أيها الإخوة الكرام الأحباب والله إن لم تقل والله لا أُبالغ، ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني،عندك مشكلة، أنت مع مَن؟ مع أصل الجمال والكمال والنوال مع الذات الإلهيّة، بيده كل شيء، القوة بيده، الأقوياء بيده، الصحة بيده، المرض بيده، النجاح في العمل بيده، كل شيء بيده، لذلك الله عز وجل خلقنا ليُسعدنا، الآية الدقيقة:

﴿ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)﴾

[ سورة هود  ]

وأيّ كلام آخر لا تعبأ به خلقنا ليرحمنا.
إخواننا الكرام العبادة طاعةٌ طوعية، ليست قصريّة، طاعةٌ طوعية ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية أساسها معرفةٌ يقينية تُفضي إلى سعادة أبديّة.

ما هو علم اليقين؟ 


﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) ﴾

[ سورة التكاثر  ]

ما هو عِلم اليقين، يعني إذا كانت مصداقيّة الفكرة ثلاثون بالمئة هذا وهم اسمه، المصداقيّة خمسون بالمئة شكّ، المصداقيّة سبعون بالمئة ظنّ، تسعون بالمئة غَلبة ظنّ، مائة بالمائة قطع، حسناً ماذا يقابل القطع؟ القوانين، علاقةٌ بين متغيرين تُطابق الواقع عليها دليل، إذا كان لا يوجد دليل هذا تقليد، الله عز وجل قال:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) ﴾

[ سورة محمد  ]

فلذلك إخواننا الكرام والله لا أبالغ، بأي وضع، بأي دخل، بأي بيت بأي زوجة إن عرفت الله واتصلت به إن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندك مشكلة! عندنا مصطلح في رمضان اسمه التخليّة والتحليّة، ما يوجد من عادات خاطئة، سهرات مختلطة، شاشة مفتوحة غير مُنضبطة، هذه تخليّة أنت ابتعدت عن المعاصي كلها، وتحليّة بعد ما استقمت تركت كل الأشياء السلبيّة سمح الله لك أن تتصل به، فإن لم تقل ليس على وجه الأرض بعد هذا الاتصال من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندك مشكلة كبيرة، أكثر شيء أُحب أن أؤكده والله لا أُبالغ، إذا عاد الناس بعد رمضان إلى ما كانوا قبل رمضان والله كأنهم ما صاموا رمضان، هناك عادات خاطئة، هناك اختلاط في السهرات، هناك  كسب غير مشروع، هناك بضاعة التعبير عنها غير صحيح، تكون هي من مادة سيئة جداً ولكن مكتوب صنع في ألمانيا، ببعض البلاد يكتبوا هذا الكلام، فكل خطأ بالبيع والشراء واللقاءات الحميمة والسهرات والزيارات وغير ملتزم بأحكام الشرع هناك ندم كبير، لذلك أصعب حالة اسمها الندم، لذلك الله عز وجل سربّ لنا (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) لذلك أزمة عِلم فقط، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعِلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعِلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعِلم، سأقول كلمة دقيقة، كم عالم يوجد في الأرض بالخمس قارات من بعثة النبي حتى الآن؟ والله آلاف مؤلفة، هذا الدين العظيم ممكن أن يُضغط بالكُلّيات، أصل هذه الكلمة أنه كنت في أمريكا وأخ كريم دعاني أن أزور معرض  سيارات ولكن من الدرجة الأولى بقيت فيه سبع ساعات، قال لي المرافق هذه فيها ثلاثمائة ألف قطعة! أنا كراكب أرى لها غلاف معدني وشاسيه ومحرك وعجلات ومكبح ومقود وبنزين، أصبحوا سبعة، أين ثلاثمائة ألف؟! هذا الكلام ذكرته تمهيد لفكرة، هذا الدين كم عالم؟ كم تفسير؟ كم مؤسسة إسلامية بالعالم كله؟ كم شهادة جامعية دينية؟ هل ممكن أن يضغط بكُلّيات؟ العقيدة إن صحّت صحَّ العمل، وإن فسدت فسد العمل، حتى تضع قبل اسمك على البطاقة حرف دال ونقطة، حرف الدال يعني دكتور، ثلاثة وعشرون سنة دراسة من أجل حرف الدال! و من أجل الجنة إلى أبد الآبدين لا يوجد عندك وقت لتحضر درس عِلم؟ تقتني تفسير؟ يكون لك درس أسبوعي بمسجد من عالم رباني؟ أخطر شيء طلب العِلم  فإذا أردت الدنيا فعليك بالعِلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعِلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعِلم، والعِلم لا يُعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كُلّك، فإذا أعطيته بعضك لم يُعطك شيئاً، ويظلُّ المرء عالماً ما طلب العِلم، فإذا ظنَّ أنه قد علِّم فقد جهل، طالب العِلم يُؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.

ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً:


إخواننا الكرام لا بدّ من تحلية ومن تخليّة، وسأقول لكم كلمة لعلها تكون مقبولة لكم، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، بدون استقامة إسلام فلكلوري، قُرأ القرآن في باريس على أنه عادات فلكلور إسلامي، كلام خالق الأكوان فلكلور إسلامي! 
فإخواننا الكرام نحن ملياري مسلم، ولا داعي للشرح أنتم تعرفون المآسي التي نُعانيها في بلاد المسلمين كلها، أين الوعد؟ 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور  ]

والحقيقة المُرَّة أفضل ألف مرة من الوهم المُريح، هل نحن مستخلفون في الأرض؟ لا والله، أربع أو خمس عواصم يُعانون ما يعانون، شيء لا يحتمل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) هذا قانون
 (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ) ، هل هذا الدين مُمكَّن في الأرض أم يواجه حرب عالمية ثالثة؟ كانت تحت الطاولة، و اليوم فوق الطاولة، شيءٌ واضح، أحد أعضاء الكونغرس يقول: لن نسمح بقيام حُكمٍ سُنّيٍ في الشرق الأوسط! من الآخر، الطرف الآخر قوي جداً ولكن الله أقوى، كن مع الله ترى الله معك، فالقضية قضية اصطفاء، والبطولة والنجاح والفلاح والتفوّق أن تعرف الله.

لا بدّ من التربية وسعادة الإنسان لا تكتمل إذا كان ابنه شقيّ:


فلذلك التخليّة ما العادات التي لا ترضي الله، سهرات مُختلطة، شاشة غير مُنضبطة، شاب أول حياته قد يرى على الشاشة شيء لا يراه إلا بعد عشرين سنة وقع بالمعاصي والآثام، أنا أقول كلمة اقبلوها مني، قديماً كان يوجد تشريع يعني مجلس النواب، تنفيذ، قضاء، الآن يوجد إعلام، وتلميع إعلامي، وتضليل إعلامي، و تعتيم إعلامي، فلذلك لا بُدَّ من أن تعتني بأولادك، يوجد عندك أشياء ضرورية جداً هذا الابن إذا تركته للإعلام لن تستطيع أن تُؤدبه في المستقبل أبداً، كان عندنا في الجامعة أستاذ عِلم النفس من أكابر الأساتذة، قال تبدأ تربية الطفل من يوم الولادة إلى السبع سنوات، وبعد السبعة العوض بسلامتك، ننتبه إلى أولادنا عندما يكبروا، يكونوا قد أخذوا أشياء كلها خطأ، فلا بُدَّ من تربية الأولاد.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)﴾

[ سورة الطور  ]

أنا لا أُصّدق إنسان في الدنيا يسعد وابنه شقي، أنا مرة كنت في أمريكا في عهد كلينتون قلت الكلمة الشهيرة، " لو بلغت منصبا كـ كلينتون، وثروةً كـ أوناسيس أكبر غني في العالم، وعِلماً كـ آنيشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى، فأنت أشقى الناس"، في واحد في الأرض يُحب السلامة والسعادة والاستمرار، السلامة لا يوجد عنده مآسي، والسعادة له صِلة بالله، الاستمرار بالأولاد، أكبر تجارة بالعالم ربحها الصحيح خمسة عشر بالمائة، أكبر صناعة خمسة وعشرون بالمائة، أما التجارة مع الله بالمائة مليون والدليل  (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) ألحقنا بهم أعمال ذريتهم، يعني أكبر تجارة مع الله تربية الأولاد، ولا تُصدِّق إنسان يسعد وابنه شقي، أدعوا لكم من أعماق قلبي أن يهديكم إلى سواء السبيل، أن يهدينا وأن يرحمنا وأن  يُلهمنا الصواب، وأن نكون سُعداء في بيتنا وفي عملنا والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عِصمة أمرنا، وأصلح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردّنا واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عن مَن سواك، اللهم لا تأمنّا مكرك، ولا تهتك عنا سترك ولا تُنسِنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرِمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضِنا وأرضَّ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأُمّي وعلى آله وصحبه وسلم. 

والحمد لله رب العالمين

الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور