وضع داكن
20-05-2024
Logo
محاضرات خارجية - مقتطفات من برنامج سواعد الإخاء - الموسم 7 لعام 2019- تركيا : من الحلقة 27 ( 2/1 ) - صفات الداعية إلى الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

صفات الداعية إلى الله:


فيما أفهم وأرجو أن أكون على صواب، الداعية فيه ثلاث جوانب، جانب معرفي، معلومات، فكر، نصوص، استنباط، موازنة إلى آخره، جانب معلوماتي، جانب فكري، جانب إيديولوجي، وجانب ثاني سلوكي مواقف، فثلث الداعية معلومات والثلث الثاني مواقف، وقَفَ مع الظالم أم مع المظلوم؟ وقَفَ مع الحقّ أم مع الباطل؟ موقف غير الكلام، يوجد كلام، يوجد معلومات إلقاء دروس، ويوجد مواقف، فهو ثُلث معلومات، ثُلث مواقف، الثُلث الثالث حُسن تَقييّم، أن تُقيّم من حولك تقيّيماً صحيحاً وفق الكتاب والسُنَّة، لا وفق المصالح و الأهواء، هذا الداعية بادئ ذي بدء.
الشيء الثاني الإنسان حينما يمشي بسيارته والإشارة حمراء لماذا يقف؟ ما الذي حصل؟ هو يعلم علم اليقين أنَّ واضع قانون السير عِلمه يطوله من خلال هذا الشرطي أو الكاميرا، وقدرته تطوله بغرامة كبيرة أو سحب إجازة، لأنَه يعلم عِلم اليقين أنَّ واضع هذا قانون عِلمه يطولك، وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه هذا أحد أكبر الأسباب، قال تعالى:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) ﴾

[ سورة الطلاق ]

هذا مُلخص القرآن كله، إذا أيقنت أنَّ عِلم الله يطولك، وأنَّ قدرته تطولك لا يمكن أن تَعصيه، لذلك الله عز وجل في قرآنه الكريم، وهذه بِشارة لكم جميعاً إن شاء الله:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

دعا إلى الله، يعني ما مِن إنسان أفضل عند الله ممن دعا إليه لا يكفي، (وَعَمِلَ صَالِحًا) جاء سلوكه مُطابقاً لدعوته، لا يوجد مسافة أبداً ما بين  أقواله وأفعاله، لا يوجد ازدواجية، لا يوجد شيء مُعلن وشيء لا يُعلن، شيء للاستهلاك، وشيء واقعي، مادام لا يوجد مسافة بين أقواله وأفعاله، تطابق تام هذا أكبر وسام شرف للداعية، لذلك (وَعَمِلَ صَالِحًا) ، أعماله وفق أقواله، لم يقل لا يوجد غيري، قال (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ، لم يدَّعِ لوحده الدعوة، لم يبنِ مجده على أنقاض الآخرين، لم يبنِ نجاحه على تحطيم سُمعتهم، هذا فيه خطأ كبير، أنا لا أتكلم من فراغ، عندي تجارب مؤلمة جداً في هذا الموضوع.
 (مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ) أفضل شيء، (وَعَمِلَ صَالِحًا) سلوكه، حركته في الحياة، كسب ماله، إنفاق ماله، علاقاته، تمضية أوقات فراغه، رحلاته وفق منهج الله، ولم يدعيّ أنه الوحيد، (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) .

القدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان:


الشيء الثاني، أنا الذي أراه القدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان، الناس يتعلمون بعيونهم لا بأذانهم، يعني أب لم يتكلم كلمة لا تليق في البيت، ولم يخلع ثيابه أمام أولاده، ولم يكن عنيفاً مع زوجته، هذا السلوك الهادئ اللطيف أولاده يتعلموه منه لو لم يُرشدهم، القدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان، الآن املئ قلب هذا المدعو بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، الإحسان قبل البيان.
شيءٌ آخر يعني أذكر أنَّ هناك إنسان فرنسي أسلم على يد عالِم أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر، حتى خرج من جلده وترك الدين، ألتقى مع الإمام محمد عبده فيما أذكر، قال له: الماء الذي تشربه توضئ منه، أنا الآن أقول نحن بحاجة إلى تبسيط وعقلنة وتطبيق، هذا الدين يقوى بالتبسيط، مادام الآن يوجد ماء في الصنابير طاهر، ممكن أحكام المياه بوقت آخر، في عصور أُخرى، الآن تبسيط وعقلنة لا تضع حاجز بين العقل والنقل، لأنه العقل أعقد جهاز بالكون أودع فينا، والنقل كلام الله، إذا شيئين مصدرهم شيء واحد قطعاً متشابهان، لو تناقض العقل مع النقل، صار النقل غير صحيح والعقل غير صريح باختلاف النقل مع العقل فالنقل غير صحيح، أما التطابق:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ﴾

[ سورة الروم ]

 الآن المبادئ للأشخاص، نحن نعرف الرجال بالحقّ ولا نعرف الحقّ بالرجال، يوجد أسماء كبيرة لسبب أو لآخر، أو لمصلحة أو لضغط تتكلم بشيء غير صحيح، لذلك العالِم مُحاسب حساب دقيق جداً، الناس إخواننا الكرام يقبلون من المهندس عِلمه فقط،من المحامي عِلمه، من الطبيب عِلمه، إلا رجل الدين لا يُصدَّق ولا يُقبل إلا بالتطابق التام بين العِلم والعمل.
الإنسان عقل يُدرك، أنت هذا الذي أمامك تُدّرسه، متى تكسبه؟ متى يلتف حولك؟ هو لأنّه عقل يُدرك ينبغي أن تُغذي عقله بالعِلم، وقلبٌ يُحبّ ينبغي أن تُغذي قلبه بالحُبّ، وجسم يتحرك هذا الجسم يجب أن تدلّه على عمل يكسب ماله بيده.
سيدنا عمر رأى رجل يُصلّي في المسجد بين الصلوات قال: من يُطعمك؟ قال له: أخي، قال له: أخوك أعبد منك!
إخواننا الكرام نُغذي العقل بالعِلم، والقلب بالحُب والجسم بالطعام والشراب.
آخر شيء حتى الواحد لا يضيع أنت مسؤول عن ثلاث دوائر: نفسك دائرة، بيتك دائرة، عملك دائرة، فإذا أقمت أمر الهم فيما تملك كفاك ما لا تملك، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً.
فالمسؤولية النفس والبيت والعمل، أما أنا أدعو إلى الله أتمنى الناس كلها أن يؤمنوا لا يمنع نشاطي الدعويّ ولكن كمسؤولية محاسب عن نفسي، دائرتي وبيتي وعملي، لأنه أمرك نافذ في هذه البيوت.  
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا عِلماً، وأرِنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور