وضع داكن
31-05-2025
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 043 - وعود الله تعالى للمؤمنين
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

هل نحن ممكنون في الأرض؟


أيها الإخوة الكرام، 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[  سورة النور ]

ليُمَكِّنَنَّهم في الأرض، فالسؤال الدقيق والمُحرِج والحسّاس: هل نحن مُمَكَّنون في الأرض؟ لا، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ معناها هذا قانون ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ يوجد كلمة واحدة بالآية، آخر كلمة ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾ لو أن المسلمين أدَّوا ما عليهم من عبادة لا يمكن أن يعانوا شيئاً ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ آخر كلمة ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾ فإذا قصّر المسلمون فيما كُلِّفوا به من عبادة، فالله جل جلاله في حِلٍّ من وعوده الثلاث، نحن نملك نصف ثروات الأرض، بحث علمي دقيق جداً من طرف آخر، لا علاقة له بالإسلام، نملك نصف ثروات الأرض، نملك ثلاث ممرات مائية أصل التجارة الدولية، ممكن أن أتحدث ساعة عن إيجابيات حياتنا، ومع كل ذلك نعاني ما نعاني، إذاً هناك مشكلة، المشكلة تُحَل بآخر كلمة ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾ فإذا قصّرنا في عبادتنا، الله عز وجل في حِلٍّ من وعوده الثلاث.
عفواً المسلمون الآن ملياران، وحالهم كما ترون، ما التفسير؟ بكلمة ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾ فإذا قصّروا في العبادة فالله جل جلاله في حِلٍّ من وعوده الثلاث، وعوِّد نفسك أن تقبل الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
يعني ممكن للعبادة العبادة الثانية بعد الصلاة أن تُفرَّغ من مضمونها، مليارا مسلم إذا صار رمضان شهر الولائم والمسلسلات، انتهى الدين، الوعود كلها تعطلت.

أنواع الإسلام: 


﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ لكن حتى أي أخ كريم، وأي شاب مبتدئ في علاقته مع الله يكون مطمئناً نحن لدينا إسلامان_ كلامي دقيق جداً- إسلام فردي، وإسلام جماعي.

أولاً_ الإسلام الفردي:

الإسلام الفردي: ثلاث دوائر، أنت دائرة، فإمكانك أن تصلي أو لا تصلي، بإمكانك أن تكون صادقاً أو غير صادق، بإمكانك أن تبيع بضاعة مغشوشة وتعتّم على غشها، أو تكون صريحاً بإظهارها، الدين يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان، من العلاقات الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، أما الصلاة والصوم والحج والزكاة والشهادة هذه عبادات شعائرية، إن لم تكن العبادات التعاملية صحيحة لا تُقطَف ثمارها، والكلام طويل.
هناك آيات قرآنية عن كل عبادة، عن الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، إن لم ترافق هذه العبادات استقامة تعطّلت هذه العبادات، نعاني ما نعاني.
إذاً الإنسان بالمفهوم الفردي هو يُحاسَب عن ثلاث دوائر له فيها القرار: 
أول دائرة شخصه، فإمكانه أن يصلي أو لا يصلي، بإمكانه أن يكون صادقاً أو غير صادق، يبيع بضاعة مغشوشة أو غير مغشوشة، بيده، فالإنسان هو دائرة.
وبيته دائرة؛ يوجد بهذا البيت اختلاط بالسهرات لا يرضي الله؟ يوجد شاشات غير مضبوطة؟ لا يوجد، مادام هناك مضبوط، هناك معاملة خاصة، هناك تفلت له معاملة خاصة.
الدائرة الثالثة عملك؛ مشروع أو غير مشروع؟ المشروع تتعامل معه تعاملاً إسلامياً أو غير إسلامي؟ 
فإذا أقمت الله فيما تملك كفاك ما لا تملك، بالإسلام القردي معك ثلاث دوائر؛ أنت دائرة، عملك دائرة، بيتك دائرة، لذلك لم يعد هناك عذر:

﴿ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ﴾

[ سورة النساء ]

هذا إسلام فردي.

ثانياً_ الإسلام الجماعي:

الإسلام الجماعي: النبي الكريم إن لم نتبع منهجه لدينا مشكلة على مستوى الأمة كلها، لذلك: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ نحن حتى نرتاح من المسؤولية الثانية: أنت تملك نفسك وبيتك وعملك –هذا كلام دقيق جداً- إذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك، لك معاملة خاصة:

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) ﴾

[ سورة فاطر ]

بالعكس:

(( السلام عليكم دار قوم مؤمنين, وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله, ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض، فقالوا: يا رسول الله, كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم, ألا هلم, ألا هلم. فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا. ))

[ صحيح مسلم ]

(( إن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم. وفي رواية: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم. ))

[ أخرجه الترمذي ]

لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون. لذلك هذا الشهر الكريم العظيم شهر استثنائي، أنت مُكلَّف أن تعبد الله 365 يوماً وربع بالضبط، أما هذه عبادة استثنائية، أنت بـ 365 يوماً وربع تارك –لا سمح الله- بعيد هذا الشيء عنكم، تارك المعاصي والآثام، كلها تاركٌ لها، أما الآن لديك امتحان صعب، أنت مُكلف ألا تأكل الطعام، المباحات فيها امتحان كبير جداً، والإنسان حينما يطيع الله:

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

[ سورة الأحزاب ]

كلمة عظيم من الإله، طفل معه مبلغ عظيم يُقدَّر بمئتي دينار، رئيس دولة عظمى قال: أعددنا لهذه الحرب مئتي مليار، من دينار لمليار، فإذا قال الله عز وجل: 

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾

[ سورة النساء ]


البطولة أن تتابع بعد رمضان ما كنت فيه في رمضان:


هذا الكلام مقدمة، البطولة، والذكاء، والفلاح، والنجاح، والتفوق، أن تتابع بعد رمضان ما كنت فيه في رمضان، وإلا والله شيء مؤسف جداً، إذا عدنا إلى ما كنا عليه والله لا أبالغ ولا أحنث بهذا القسم، كأنك ما صمت رمضان. شاعر مصري يقول -ولكنه يحلف بأنه لم يعملها-:

رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقي     مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ

[ أحمد شوقي ]


رمضان شهر صلة الأرحام:


فالشيء الذي نجحت به في رمضان تابعه، لم يكن هناك اختلاط، تابعه، لا يوجد غيبة بالجلسة، كل شيء تركته خوفاً من الله البطولة أن تتابعه، أي أن تستمر بعد رمضان ما كنت عليه في رمضان، هذه البطولة الآن، كل هؤلاء الناس في رمضان عندهم سحور وإفطار، وزيارات أحياناً، أما الإسلام فيه صلة أرحام، هذه الصلة تتم في هذا الشهر، وينبغي أن تستمر، لك أخت بطرف المدينة البعيد، زرتها ربما تظل شهراً لا تنسى فرحتها بزيارتك، رمضان شهر الصبر أولاً، أنت بخارج رمضان لا تأكل مالاً حراماً صح، ولا تكذب، ولا، ولا، ولا أشياء كثيرة، أما برمضان يجب ألا تأكل، تخيل شخصاً الساعة الثانية في أيام الصيف، فرمضان أحياناً يأتي بشهر آب والحرارة 53 لا تُحتمل، والثلاجة فيها ماء بارد، وأنت بالبيت لوحدك، لا أحد معك يكشف المعصية، تستطيع أن تضع نقطة ماء بفمك؟ هذا الإسلام.
الإسلام يؤكد لك صدقك، الإنسان لما يكون وحيداً، لا يوجد عليه رقيب أبداً، ولا يقدر أن يضع بفمه تقطة من الماء، إذاً هذا الشهر عبادة الإخلاص لله عز وجل، يعني كل شيء فعلته برمضان البطولة والذكاء والنجاح والفلاح أن يستمر بعد رمضان، من صلة الأرحام.
أعرف إنساناً التزم عندي، القصة قديمة جداً، جاء موضوع صلة الأرحام قال لي والله أنا لي أخت لا أعرف أين تسكن، بعيد عن هذه الصلة، على أثر الدرس بحث عنها، تسكن بالمهاجرين، في قبو تحت الأرض متران، الرطوبة عالية جداً، وشيء لا يحتمل، فاشترى لها بيتاً، فصلة الأرحام لا تعني أن أرسل له بطاقة، العبادة العظيمة فرِّغت إلى بطاقات، ويتمنى الذي يزور أقرباءه ألا يجدهم، يضع بطاقة، التغت، هذه الصلة صلة الأرحام التغت بالبطاقة، العبارة أن تتفقد أقرباءك، هذا بحاجة إلى قسط للجامعة، هذا بحاجة إلى وساطة مع إنسان مسؤول، أنت حينما تؤمن أن سر وجودك العمل الصالح، والدليل:

﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ﴾

[ سورة المؤمنون ]


رمضان شهر استثنائي:


إذاً أول شيء هذا الشهر شهر استثنائي، دققوا واسمعوا هذه البشارة:

(( من صَام رمضان إيِمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِر له ما تَقدَّم من ذَنْبِه ))

[ متفق عليه ]

هل هذا قليل!

(( من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ صحيح البخاري ]

مثلاً إنسان عليه مئات الملايين ديون، ومؤكدة، وهناك حجز أملاك إن لم يدفعها، جاءه رجل قوي قال له افعل هذه الأعمال ثلاثين يوماً، وأنت مُعفى من كل هذه الديون، يتردد ثانية؟ (من صَام رمضان إيِمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِر له ما تَقدَّم من ذَنْبِه) و(من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه) إذاً فرصة لفتح صفحة جديدة مع الله، افتح معه بعد العيد صفحة جديدة، هناك سهرات غير شرعية، فيها اختلاط، فيها تفلت، هذه أوقِفْها، يوجد عملية بالبيع والشراء لا ترضي الله، أوقفها، وأنت تعرف بشكل بديهي:

﴿ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15) ﴾

[ سورة القيامة ]

إذاً، إذا الإسلام ما غيّر في أساس سلوكك وحركتك، في بيتك، في عملك، في سهرتك، في لقاءاتك، في أفراحك، في أتراحك، معك منهج تفصيلي يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان، من العلاقات الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، أما الصلاة والصيام، والحج، والزكاة هذه عبادات شعائرية، إن لم تُرافقها عبادات تعاملية صحيحة لا تُقطف ثمارها.
أول شيء رمضان شهر صلة الأرحام، تفقد أهلك، إذا زرتهم بالسنة مرتين، أحياناً يكون هناك أخت زوجها فقير تسكن طرف المدينة، لما يأتي أخوها بالعيد ويسلم عليها، تظل سعيدة شهراً، فالبطولة أن تصل الأرحام في هذا الشهر.

رمضان شهر الإنفاق:


شيء ثانٍ، هذا الشهر شهر الإنفاق، اجعل إنفاق زكاتك في رمضان، وممكن أن أقول لكم كلمة دقيقة: أنت معك زكاة ممكن أن تضعها بصندوق كُتب عليه "الزكاة"، وتوزع إنفاقها على اثني عشر شهراً، لكل أسرة بحاجة إلى مساعدة تخصص مبلغاً شهرياً تأخذه منها، أنت جمعت المبلغ بمكان، وكتبت عليه أموال الزكاة، ودفعته على اثني عشر شهراً، تكون قد أحييت أناساً، فلذلك إخواننا الكرام، فقط عندما تدخل الله في حسابك، تُدخِل الآخرة في حسابك، تدخل القبر في حسابك، فأنت لما تعقد صلحاً مع الله في رمضان، ومستمر بعد رمضان، ولا تقول: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني.
إذاً الشيء الأساسي برمضان التوبة، الشيء الأساسي صلة الأرحام، الشيء الأساسي دفع الزكاة، فهناك أشياء كثيرة برمضان هذه عبادات من أعلى مستوى، يعني لك أخت زوجها فقير، تسكن بطرف المدينة، لما تذهب إليها في العيد، والله تظل شهراً تشعر بالسعادة أمام أهلها، وأمام زوجها، هذه أختنا، فيجب أن تدخل العمل الصالح بحسابك اليومي، ما الدافع الكبير؟ ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ لأن بعد الإيمان بالله واليوم الآخر، علة وجودك الوحيدة العمل الصالح، والدليل الآية: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا﴾ وسمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً.

العادات العبادية في رمضان البطولة أن تستمر بعد رمضان:


أتمنى عليكم من أعماق قلبي، العادات العبادية في رمضان أن تستمر بعد رمضان، تكون بطلاً، يعني هناك اختلاط، والاختلاط عليه إشكال كبير، يعني امرأة متفلتة، وشاطحة بجمالها، تبقى تنظر إليها طيلة السهرة، أين الصلاة إذاً!؟ يوجد غض بصر، غض البصر لم يرد في حديث ضعيف، ورد في آية قرآنية:

﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

[ سورة النور ]

وآية واضحة قاطعة جامعة مانعة، أنت لما تستقيم بكسب مالك، بإنفاق مالك، بعلاقاتك بأقربائك، بحرفتك، فيها مادة مسرطنة، لكن الزبون لا يعرف، يضعون مادة اسمها: بنزوات الصوديوم بنسبة 0.003 يضعونها بنسبة 0.03 السرطان ارتفع عشر أضعاف، هناك إله، هذا إنسان فقير، دخله محدود، يعني تبيعه بضاعة مسرطنة! يعني إن لم تؤمن بالله إيماناً حملك على طاعة الله لا قيمة لهذا الإيمان، كلامي دقيق. إن آمنت بالله فيما تقول، ولم تنضبط بشرع الله كأنك ما آمنت به، الآن نحن مليارا مسلم، نملك نصف ثروات الأرض، عنا ثلاث ممرات مائية أصل التجارة الدولية، أحكي لكم ساعة عن إيجابيات حياتنا ونحن أضعف الأمم، لأننا ما طبقنا منهج الله، أعيدها مرة ثانية: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي﴾ والعبادة في أدق تفسيراتها: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.

علة وجودنا العبادة والعمل الصالح:


علة وجودك الوحيدة في القرآن:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾

[ سورة الذاريات ]

مرة ثانية، العبادة طاعة: الله عز وجل خلقنا، حياتنا بيده، والموت بيده، والصحة بيده، والمرض بيده، والغنى بيده، والفقر بيده، والقوة بيده، والضعف بيده، ومع كل كل كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراها، قال:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾

[ سورة البقرة  ]

أراد أن تكون العلاقة بربك علاقة حب فقال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

[ سورة المائدة ]


الحب في الله:


لذلك هناك حب في الله، وهناك حب مع الله، الحب في الله أن تحب الله فتطبق منهجه، في بيتك وفي عملك، تجد إنساناً ممكن أن يضع ببيته صورة الكعبة، وهذا شيء ممتاز، ولكن دخله ليس حلالاً، وسهراته ليست حلالاً، يوجد مظاهر، يضع في السيارة مصحف وهذا شيء جيد، ليس خطأً، ولكن هذا المصحف أنت مسلم فهل أنت مطبقٌ له؟ دعونا من المظاهر، مظاهر صارخة الآن، والله دخلت لبيوت في الشام وضعوا فيها صورة للكعبة تغطي الحائط، وهذا نوع غالٍ جداً، تكون بحجم الحائط، وفي غرفة ثانية الحرم النبوي، مصحف في السيارة له غلاف من الذهب مثلاً، هذه سهلة جداً، أما دخلك حلال؟ إنفاقك حلال؟ سهراتك حلال؟ نزهاتك حلال؟ يوجد مليون معصية، لماذا نصر الله لنا معطّل؟ نحن أمم ضعيفة جداً الآن، خمس عواصم محتلة من جهات لا ترضي الله، فالقضية ليست سهلة، لكن أنا أطمئنكم، هناك إسلام فردي، الإسلام الفردي الدائرة التي فيها القرار لك، فأنت دائرة، بيتك دائرة، عملك دائرة، فإذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك مالا تملك.
إذاً الصيام عبادة شعائرية راقية جداً، أنت بالـ 365 يوماً وربع تمشي بشكل صحيح، بعملك، بإنفاق مالك، بكل شيء، أما بهذا الشهر أنت مُكلَّف أن تدع الشيء الحلال، الطعام والشراب، يعني إذا شخص صائم والحرارة 53 والساعة الثانية ظهراً وهو في بيته وحده، ولا أحد معه، والثلاجة فيها كل شيء، يستطيع أن يضع في فمه نقطة ماء؟ اسمعوا النص: من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله.
إذاً أنا أتمنى عفواً: حتى الإنسان يقدر أن يضع قبل اسمه "د." بحاجة إلى كم سنة دراسة؟ 23 سنة، "د." فقط، وحتى تستحق الجنة إلى أبد الآبدين ليس لديك وقت لتحضر درساً؟ تقتني تفسيراً؟ تسهر مع عالم؟ يكون لك منافذ على الإسلام؟ لأن الإنسان أحياناً يموت قلبه، الآن الدنيا تضر ، تغش وتضر، الناس يعيشون مع الدنيا فقط، أقول لكم كلمة أعمق من ذلك؟ المال والنساء فقط بالعالم كله، بالقارات الخمس، أما الآخرة غير داخلة بحساب أحد.

لابد من فتح صفحة جديدة مع الله بعد رمضان:


يعني بالتعبير المعاصر الحديث افتح صفحة جديدة مع الله، وتب توبة نصوحة، أنت تصلي في الليل، تخاطب الواحد الديان، تخاطب خالق الإنسان، صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا.
أنت إذا زرت شخصاً مشهوراً جداً وأعطاك بطاقته لا تنساها، تضعها بجيبك وتُريها لمئة شخص، أنت أصبح لك علاقة مع خالق الأكوان، مع رب العالمين، مع الذات الكاملة، صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا، فلذلك إخواننا الكرام افتح مع الله صفحة جديدة بعد رمضان، واجعل العام القادم عام استقامة وعمل صالح، فدائماً وأبداً هناك أشياء ثابتة في حياتنا، أما أنت ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا﴾
إذاً العمل الصالح علة وجودك، سبب وجودك، غاية وجودك، سمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
هذا منهج، فأنت خرجت من رمضان، البطولة والذكاء والنجاح والتفوق أن تتابع بعد رمضان ما فعلته في رمضان، أنت صعدت الدرج، ممكن للإنسان أن يصعد درجة وينزل، هذا حال المسلمين، يصعد درجة وينزل، عدنا بعد رمضان إلى ما كنا قبل رمضان، كأن الصيام ما أثّر، أنت صمت شهراً بكامله، فإذا عدت بعد هذا الشهر إلى طاعاتك في رمضان تكون قد تفوقت عند الله ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ﴾
دقق بكلامي، ما من أمر أُمِرت به إلا فُطِرت على محبته:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) ﴾

[ سورة الحجرات ]

ولا يوجد نهي نهاك الله عنه إلا أودع فيك كراهيته، ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ فإخواننا الكرام، فتح صفحة مع الله جديدة، توبة نصوح، ضبط البيت، أنت عن كم دائرة مُحاسَب؟ أنت إذا كان هناك اعتداء من أمريكا على بلد إسلامي تحاسب عليها؟ لا علاقة لك بها، أنت تُحاسَب عن دائرة لك وحدك فيها القرار، فأنت دائرة: بإمكانك أن تصلي أو لا تصلي، بإمكانك أن تغض بصرك أو لا تغض بصرك، تحلّل دخلك أو لا تحلله، وبيتك دائرة، وعملك دائرة، فإذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك.
أرجو الله أيها الإخوة أن يحفظ إيمانكم جميعاً وأهلكم وأولادكم وصحتكم ومالكم واستقرار هذه البلاد، وأن يكون هذا العيد نقلة نوعية إن شاء الله، ونتابع بعد العيد ما كنا قبل العيد.

والحمد لله رب العالمين.

الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور