وضع داكن
29-03-2024
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 027 - العلم والإدراك
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

مكونات الأرض:


إخواننا الكرام، هناك مقدمات لا بد منها:
مكونات الأرض: أول شيء جماد: طول، عرض، ارتفاع، وزن، حجم، هذه الجمادات كلها، لكن هناك كائن آخر ينمو؛ النبات: يزيد على الجماد بالنمو، تمام؟ شتلة أصبحت شجرة، حسناً، لدينا مكوِّن آخر: الكائنات الحية: لها وزن، حجم، طول، عرض، ارتفاع مثل الجماد، وتشبه النبات بالنمو إلا أنها تتحرك وتمشي، الهرة تمشي، إذاً: هناك جماد: وزن، حجم، طول، عرض، ارتفاع، يوجد نبات يزيد عليه بالنمو، يوجد كائن متحرك يزيد عليهما بالحركة، والإنسان: له من الجماد ست صفات: وزن، حجم، طول، عرض، ارتفاع، وله من النبات النمو؛ كان طفلاً صغيراً طوله ربع متر صار متراً ونصف ويمشي، إلا أن الله أكرم هذا الإنسان بشيء ينفرد به، القوة الإدراكية، فيه عقل، يعني الحيوانات كما ترون لم يتطوروا أبداً، يعني أقدم فيل مثل أحدث فيل، أما الإنسان لديه عقل وهو أعقد جهازاً بالكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، الحديث عن الدماغ شيء لا يصدق، بالمليارات، يعني للتقريب: أكبر ناطحة سحاب في العالم، ارتفاعها 120 تقريباً، هذه لو وضعنا أجهزة كهربائية من الخارج والداخل هذا أقل من خصائص الإنسان، الإنسان أعقد آلة بالكون، والإنسان مُكرَّم، ومُكلَّف، ومُشرَّف، لذلك لما ينسى الإنسان من هو، أنت المخلوق الأول، خلق الله السماوات والأرض من أجلك، من أجلك أنت:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾

[ سورة الذاريات ]

من عرف نفسه عرف ربه، إذاً: أريد بهذا اللقاء الطيب أن أذكر شيئاً من خصائص هذا الإنسان، إذاً: وزن، حجم، طول، عرض، ارتفاع: جماد، ينمو: نبات، يتحرك مخلوق آخر، يعني حيوان، والإنسان يعقل، أودع فيك قوة إدراكية، تنفرد بها. 
القوة الإدراكية يقابلها العلم، فلان يحمل دكتوراه في الفيزياء النووية، يعني معه معلومات دقيقة جداً، وآخر دكتوراه في طبقات الأرض، كلمة دكتواره يعني أعلى مستوى، وأعلى شهادة فيها إبداع، الدراسات التي قبل الدكتوراه فيها نقل، أما دكتور يعني قدم شيئاً جديداً لم يكن من قبل، هذا الأصل.

أول كلمة وأول جملة وأول سورة في القرآن: اقرأ:


فلذلك الآن لدينا قراءة: أول كلمة بأول جملة بأول آية بالقرآن:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

[ سورة العلق ]

أول كلمة وأول جملة وأول سورة (اقْرَأْ) يعني اطلب العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً . والدليل:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ﴾

[ سورة الرحمن ]

جنة في الدنيا هي جنة القُرب، وجنة في الآخرة هي جنة الخُلد، الإنسان يُكرَّم بالعلم، ويُهان بالجهل، الجاهل عدو نفسه، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوّه أن يفعله به، أكبر عقاب للإنسان أن يبقى جاهلاً، لا يعرف، هناك آخرة إلى أبد الآبدين غابت عنه، دنيا محدودة، سنوات معدودة، اهتم بالدنيا واعتنى عناية! والله أعرف قصصاً لا يصدقها العقل، شاهدت قصراً بلبنان لا يصدقه العقل لشخص ملياردير، ممكن أن تقول فيه 200 غرفة، وصالونات ومطل على البحر، وصاحب هذا القصر أنشا قبراً له أيضاً لا يقل عن القصر، وقعت طائرته بالبحر دفعت زوجته 10000 دولار لتحضر الجثة ولكن لم يجدوها.
لما تدخل الموت بحسابك تكون أذكى إنسان في الأرض، أدخله بحسابك، شخص مهم كان شخصاً صار خبراً.
مرة سافرت للمغرب، لفت نظري أثناء العودة أن هناك نعش دخل مع العفش، ليس شخصاً له مقعد بالدرجة الأولى، مع العفش، كان شخصاً صار عفشاً.
مصيرنا نحن جميعاً، يكون الشخص ملء السمع والبصر في بيته، مكانة اجتماعية، شهادات عليا، بيت واسع، منصب رفيع، سيارات، بثانية واحدة صار خبراً "المرحوم" لم يعد دكتور، المرحوم فقط، كان دكتور، كان وزير، كان، كان، صار المرحوم.

لا بد من إدخال الموت في حساباتنا اليومية:


إخواننا الكرام، البطولة والله من أعماق أعماقي أقول والذكاء والنجاح والفلاح أن تدخل هذا الحدث الخطير الذي لا بد منه في حساباتك اليومية، الدخل حلال؟ هذه الوظيفة ترضي الله؟ هذه المرأة التي اخترتها تقوم بواجبات دينها؟ تتحجب؟ عندك مليون سؤال كل يوم، هناك جنة إلى أبد الآبدين، وهناك نار إلى أبد الآبدين.
 وأنت في الدنيا دار ابتلاء لا دار استواء، منزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
يعني نصيحة: أيها الإخوة الكرام أدخِلْ الموت بحسابك بوقت مبكر، تأكل وتشرب وتتزوج وتنجب أولاداً وتقوم بنزهة وتشتري سيارة، هذا كله حلال، لكن لا تعصِ الله، لا تأكل مالاً حراماً، لا تفرق بين زوجين، لا تبنِ مجدك على أنقاض الآخرين، الغرب كله يبني مجده على أنقاض الآخرين، يبني حياته على موت الشعوب، يبني غناه على إفقار الشعوب، يبني قوته على إضعاف الشعوب، أنت لا تفعل هذا، والله تخاف أن تدوس على نملة لا أن تقتل شعباً بكامله، نملة، والله لا يقدر المؤمن أن يدوس نملة عن قصد، ممكن بالخطأ، أما وهو ماشٍ ورآها لا يقترب منها لأن هناك حساب، فأنت لمّا تنضبط تنتقل إلى مكان الانضباط، عندك منهج، هذه لا تجور، الله لا يرضى بهذا الشيء، يعني ماذا يفعل؟ عنده زوجة، لا تعجبه كثيراً قال لها: إن كتبت البيت باسمي أتركك عندي، هي مسكينة كتبته باسمه، بعدما فعلت ذلك طلقها، صار مالك البيت، هل تظن أنك ستنجو عند الله؟ إذا كنت تظن أنك ستنجو فأنت أحمق، تبني مجدك على أنقاض البشر؟ تبني حياتك على موتهم، تبني غناك على إفقارهم؟ هكذا الغرب كله، الغرب عنده بحبوحة العقل لا يصدقها على تلك الشعوب الضعيفة، منهوبة ثرواتها، يُقتَّل شبابها، تُهدَم بيوتها كما ترون، شيء بين أيديكم كل يوم، ماذا فعلوا بقطر عربي جانب سورية؛ العراق، وسورية شيء لا يصدق، ومرتاحون ولا يوجد مشكلة ولا مؤاخذة، الله كبير:

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾

[ سورة الحجر ]

دققوا، واحفطوا هذه الجملة: ما من قطرة دم تُراق في الأرض من آدم إلى يوم القيامة، -في الأرض أكبر بعد مكاني، خمس قارات، ومن آدم إلى يوم القيامة أكبر بعد زماني-، إلا وسوف يتحملها إنسان كائناً من كان، إلا دم المقتول بحد يتحمله الله(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فالقضية خطيرة جداً، أنت مخلوق، هذا الموت إن دخل بحساباتك دخولاً حقيقياً ستنعكس كل قيمك 180 درجة، تأكل وتشرب وتتزوج، وتشتري بيتاً، وقد تقتني مركبة إن كان معك مبلغ فائض هذا ممكن، لكن لا تعصي الله، لا تبني مجدك على أنقاض الآخرين، لا تبني حياتك على موتهم، لا تبني غناك على فقرهم، لا تبني عزك على إذلالهم، عفواً، لاحظوا أنه لم ترد كلمة الإيمان بالله في القرآن إلا معها كلمة ثانية: الإيمان بالله واليوم الآخر، الإيمان بالله كي تطيعه، وباليوم الآخر كي لا تؤذي نملة، لا إنسان، المؤمن منضبط، يعيش حياة سعيدة جداً لأنه له مع الله خط ساخن، يستطيع أن يبكي بالصلاة، يخاطب ربه، يارب ليس لي غيرك يارب، له صلة كبيرة جداً مع الله، والمؤمن بالحفظ الإلهي:

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) ﴾

[ سورة الطور ]

يعني يُسمَح لك أن تناجي خالق الأكوان، كم مجرة يوجد في الكون، ألوف بل ملايين المجرات، وأنت تستطيع أن تناجيه بالليل وتحاكيه، يارب ليس لي غيرك، أن تدعوه، أن تتقرب إليه، أن تخطب وده، أن تُقبِل عليه، أن ترحم عباده، والله يا إخوتي الكرام، إذا لم يكن هناك فرق بين المؤمن وغير المؤمن مليون بند بحياته بتفاصيل حياته، بحركاته بسكناته، باختيار زوجته، باختيار عمله، باختيار حرفته، بنود لا تنتهي، عندما تعرف الله تصبح إنساناً آخر، إنساناً عندك هدف واضح، وهو لقاء الله -عز وجل-، والله أنا كلما أقرأ نعوة أتأثر بكلمة واحدة فيها: وسيُشيَّع إلى مثواه الأخير، هذا البيت 450 متراً سعره 30 مليوناً ما هذا؟ هذا مثوى مؤقت، ليس لك هذا البيت.
مرة وقفت أمام سوق الحميدية في الشام، فقلت كل 50 سنة يوجد أناس جدد في المحلات كلها، وقفت أمام شارع ضخم جداً، أول شارع في المدينة، كل 50 سنة يظهر أناس جدد توفي صاحب البيت وعنده أولاد وعنده إرث، يبيعون البيت ويوزعون الحصص، فكل 50 سنة في الأسواق يوجد أناس جدد، وفي البيوت يوجد أناس جدد، فهذا الحدث الخطير يجب أن يدخل إلى حيز اهتمامك.
كُلْ واشرب وتزوج وأنجب وقم بنزهة لا مانع، ولكن ضمن الشرع، ضمن منهج الله عز وجل.
الآن قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( إنما بعثت معلماً ))

[ ضعيف ابن ماجه عن عبد الله بن عمر ]

(( إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ ))

[ الألباني عن أبي هريرة ]

بعثة النبي كلها كلها كلمتين (إنما بعثت معلماً) أعرّفك أيها الإنسان بسر وجودك وغاية وجودك، ويجب أن تتقرب إلى الله بأخلاق عالية:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) ﴾

[ سورة القلم ]

لذلك، قال: 

(( عَلِّمُوا ولَا تُعَنِّفُوا ، فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ خيرٌ مِنَ الْمُعَنِّفِ. ))

[ السيوطي عن أبي هريرة وهو ضعيف ]

كل القسوة بالتربية غلط كبير، كبير، (عَلِّمُوا ولَا تُعَنِّفُوا فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ خيرٌ مِنَ الْمُعَنِّفِ) الآن: كائن فيه عقل، وفيه إدراك، وفيه حواس خمس، قال لك: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) اقرأ يعني أنت مؤهَّل أن تعرف الحقيقة، لذلك أول كلمة، بأول آية، بأول سورة في القرآن (اقْرَأْ) يعني اطلب العلم، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل الإنسان عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.

أنواع القراءات: أولاً: قراءة البحث والإيمان:


إذاً عندنا قراءة، أنت عندك دماغ، لسان، نطق، اقرأْ، 

أول قراءة: قراءة البحث والإيمان

 اسمها: قراءة البحث "من أنا؟" أنت المخلوق الأول، "لماذا جئت إلى الدنيا؟" كي تدفع ثمن الآخرة، "ما الآخرة؟" ما بعد الموت، هذه مُسلَّمات، فأول قراءة قراءة البحث والإيمان.
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) يعني اقرأ من أجل أن تؤمن، الآن: اقرأ من أجل أن تكفر، ترويج للإلحاد، اقرأ من أجل أن تكفر، أما الله -عز وجل- قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) يعني اقرأ من أجل أن تؤمن، فهذه القراءة الأولى قراءة بحث وإيمان، الآن: الله منحك نعمة الإيجاد، مثلاً: شخص ما منكم متى وُلد؟ بأي سنة، إذا وقع تحت يده كتاب أُلِّف وطُبع قبل ولادته، أثناء طبع الكتاب من أنت؟

﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) ﴾

[ سورة الإنسان ]

من أنت؟ أنا كلما وجدت كتاباً طُبِع قبل ولادتي أذكر هذه النقطة، من أنا في هذا الوقت؟ لا شيء (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) فلذلك أنت تنعّمت بنعمة الإيجاد، الله أوجدك، من أين؟ وأمدك بأم وأب، وأمدّك بجسم، حواس خمس، نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، بعد ذلك بعث لك رسولاً، بعث لك قرآناً، نعمة الهدى والرشاد، ثلاث نعم كبرى: نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد. فأول قراءة: قراءة بحث وإيمان.

ثانياً: قراءة الشكر والعرفان:

الثانية: شكر وعرفان (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) يعني عفواً: إذا شخص درس وأخذ شهادة عليا، وتزوج عنده زوجة تروق له، عنده أولاد أبرار، وبنات محتشمات، ومكانة اجتماعية، وربما عنده مركبة بسيطة، وله مكانة اجتماعية، الدين كله خيرات، كله إيجابيات، الدين محترَم بالعالم كله.
إذاَ: أول قراءة: قراءة البحث والإيمان: كيف يكون البحث؟ أريد أن تكونوا معي بدقة بالغة؛ إذا كان في القرآن آية أمر هذه الآية ماذا تقتضي منك أيها الإنسان؟ أن تأتمر:

﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) ﴾

[ سورة النور ]

وإذا آية فيها نهي:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) ﴾

[ سورة النساء ]

مثلاً، نهي، يوجد أمر، ويوجد نهي، حسناً، القراءة الأولى: قراءة بحث وإيمان، والثانية: شكر وعرفان، منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد.
أول آية (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) هذه قراءة بحث وإيمان، أما أمدّك بنعمة الإيجاد، والإمداد، والهدى والرشاد، هذه القراءة الثانية.

ثالثاً: قراءة وحي وإذعان:

الآن: القراءة الثالثة: قراءة وحي وإذعان، أنت لست على هواك، كسب المال له قواعد، إنفاق المال له قواعد، الزواج له قواعد، هناك إنسان يتزوج وينسى والدته، لا، حق الزوجة لا يلغي حق الأم، وحق الأم لا يلغي حق الزوجة، العلم شيء ممتع جداً، بالعلم تعطي كل ذي حق حقه، الأمر ليس صعباً إطلاقاً، هذا الوقت للبيت، وقت للأولاد، وقت للزوجة، وقت للنزهة، وقت للعمل، وقت للدعوة، يوجد تنظيم، وأرقى علم الآن: إدارة الأعمال، لكن هذا انشق عنه، أو اسُتخلص منه علم آخر لا يقل أهمية عنه، إدارة الذات، هل تدير نفسك؟ يوجد وقت ثابت لربك؟ يوجد قيام ليل يومي؟ يوجد غض بصر؟ يوجد طلب علم؟ وقت لربك؟ وقت لنفسك؟ وقت لأهلك، لأولادك، لمن حولك، إذاً: أعطِ كل ذي حق حقه. 
أول قراءة: بحث وإيمان، ثاني قراءة: وحي وإذعان، القراءة الثالثة: شكر وعرفان، أنت مخلوق موجود، عندك حواس خمس، والله أعرف شخصاً يعني وصل لمنصب رفيع جداً، فقد بصره، يقول لصديقه_ صديقه صديقي، وصل لمعاون وزير- قال له: أتمنى أن أجلس على الرصيف، وأتكفف الناس على كتفي، يعني ثياب مهترئة، فقط أن يرد الله لي بصري، عندك عين:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (8) ﴾

[ سورة البلد ]

كيف تصون هذه العين؟ بألّا تنظر إلى الحرام، غضُّ البصر تزكية العين، هناك نظر لا يجوز، فلذلك الإنسان لما يتمتع بحواسه الخمس نعمة كبيرة جداً، وإذا ورثها ولم ترثه، اجعل هذه الصحة نرثها.

رابعاً: قراءة عدوان وطغيان:

إخواننا الكرام، القضية دقيقة جداً، إذاً: قراءة بحث وإيمان، قراءة شكر وعرفان، ويوجد قراءة -والعياذ بالله- قراءة عدوان وطغيان، القنبلة النووية سهلة؟ 300 ألفاً قُتِلوا في ثانية في هيروشيما وناكازاكي، هذا السلاح النووي، هذا الذي قتل 300 ألفاً ماذا سيحصل له يوم القيامة؟ أكرمتك بنعمة الإيجاد والهدى والرشاد، تفني- هؤلاء ليسوا مذنبين- بقنبلة من أجل حرب عالمية ثانية، قنبلتان ذريتان: هيروشيما وناكازاكي كل قنبلة قتلت 300 ألفاً بثانية واحدة.
إخواننا الكرام، القراءة الرابعة: قراءة عدوان وطغيان، يعني أنت الآن في الدنيا، أدخلْ الموت بحسابك حقيقةً، يقول لك: "أنا عمري 18" هناك أناس ماتوا بعمر 15، عجيب الموت، يأتي فجأة، والقبر صندوق العمل.
والله أنا بحكم عملي بالدعوة كلما أقرأ قصة مؤثرة أحفظها عندي، هذه قصة للموعظة: كنت مدرساً في ثانوية، والمدير صديقي، وأخلاقه عالية جداً، مرة نشأ عندي ساعة فراغ، كان هناك رمي للفتوة- هذه عنا بالشام- وبيتي بعيد، ولا يوجد عندي سيارة، فجلست عنده ساعة أو خمسين دقيقة حتى تنتهي هذه الساعة، حدثني -والله- خلال خمسين دقيقة عن العشرين سنة القادمة- أنا أحترمه كثيراً، لا أذمه- قال لي: أول شيء، أنا أريد أن تهنئني سمحوا لي أن أكون مُعاراً للجزائر، مُعَار: يعني يعطونه أربع رواتب، أو راتبه بسورية ضرب أربعة، قال لي: أنا سأبقى خمس سنوات بالجزائر، قلت له فيهم أربع فصول صيف، أليس كذلك؟ قال لي في الصيف لن آتي إلى الشام، سأمضي صيفاً في فرنسا، والثاني بإيطالية، والثالث بألمانيا، والرابع ببريطانيا، -بالأسماء حفظتهم-، قال لي: عندما آتي إلى الشام أول شيء سأبيع بيتي، بيتي صغير، لا يكفي وأشتري بيتاً أوسع، يعني معي بعض المال أستطيع أن أشتري بيتاً واسعاً، وأفتح محلاً تجارياً لا علاقة له بالتموين " تحف وفازات وأشياء باهظة الثمن" والله خمسين دقيقة ذكر لي تفاصيل مملة لما سيكون بعد عشرين سنة، أنا طبعاً أجامله، وأنا جالس عنده، وانتهت الحصة وبقي عندي ساعتان من الخمس ساعات، الثالثة كانت فراغ، أتممت الساعتين وذهبت إلى بيتي أكلت ونمت قليلاً، وذهبت لثانوية ثانية بحي آخر، ألقيت ساعتين بالليل، وأعود مشياً من أجل صحتي، فقرأت نعوته على الطريق، باليوم نفسه، الذي خطط لعشرين سنة قادمة بنفس اليوم وافته المنية، هو صالح جداً، أنا لا أذمه أبداً، لكن شخص خطط لعشرين سنة قادمة فيجد نفسه مع ملك الموت اليوم!
أدخلوا الموت بحسابكم أيها الإخوة، هذا ليس تشاؤماً أبداً، تكون أول طبيب، أول مهندس، أول محامي، أول مدرّس، لكن الموت يدخل بحسابك، عندما أدخلته بحسابك لا تستطيع أن تعصي الله، لا تستطيع أن تبني مجدك على أنقاض الآخرين، تبني حياتك على موتهم، تبني أمنك على إخافتهم، تبني عزك على ذلهم أبداً، تمشي صح لا تستطيع أن تدوس نملة، لا أن تقتل شخصاً.
يعني:

(( لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا. ))

[ صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر ]

ما من قطرة دم تراق في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا وسوف يتحملها إنسان كائناً مَن كان، إلا دم المقتول بحد يتحمله الله.

والحمد لله رب العالمين

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضِنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور