وضع داكن
26-04-2024
Logo
محاضرات خارجية - مقتطفات من برنامج سواعد الإخاء - الموسم 10 لعام 2022 - تركيا : من الحلقة (17) - مسيرة حياتي.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
المذيع:
اليوم أنا سعيد جداً جداً جداً، معي الدكتور محمد راتب النابلسي، أبي، مُربّي، عالم، سماحة، فاليوم أنا سعيد جداً في سواعد الإخاء أن أتشرّف أن ألتقي بك، والناس أحبابي الذين يروني مُتشوقين أن يسمعوا منك هذا الكلام الذي فيه بساطة وفيه عمق وفيه حُب منك.
الدكتور محمد راتب النابلسي:
لكن تأكد يقيناً أنه ليس هناك حُبٌ وإعجاب، من طرفٍ واحد، وأنا كذلك.
المذيع:
جبر الله خاطرك، شيخ محمد راتب النابلسي أنا أريد أن الناس تعرف فقط أين نشأ الدكتور محمد؟

نشأة الدكتور محمد راتب النابلسي:


الدكتور محمد راتب النابلسي:
والله نشأت في دمشق في الشام، من أسرةٍ حظها من العلم كثير، كان والدي أحد علماء دمشق، نشأت نشأةً مُلتزمة، طبعاً توفي والدي وأنا في السنة الخامسة من عمري لا أعرفه، لكن عوضت عنه والدتي أحاطتني بمحبةٍ واهتمام بالغٍ جداً، أنا يتيم لا أعرف والدي ومات في التسعين بالمناسبة، فنشأت نشأةً دينيةً وطمحت إلى أن أكون داعيةً في سن مُبكّر، حتى إنني أذكُر أنني تصورت على مِنبر وأنا أرتدي عمامة وجُبّة، كان عمري خمسة عشر، وكأن هذا شيء ضمن طموحي القديم.
أنا في الدعوة إن شاء الله حسب ما قال الله عز وجل :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

كأن الآية تؤكِّد ليس على وجه الأرض إنسان أفضل عند الله ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، ولكن هذه الدعوة لها ضوابطها، تحتاج إلى عِلم، وتحتاج إلى أسلوب لأنَّ المعلومة موجودة، والدين توقيفي لا يُضاف عليه ولا يُحذف منه لأنه وحيّ السماء، فإذا أُضيف عليه اتهمناه بالنقص، وإذا حذفنا منه اتهمناه بالزيادة، وبالمناسبة لمّا أضفنا عليه ما ليس منه تقاتلنا، ولمّا حذفنا ما عُلم منه بالضرورة ضعُفنا، بالإضافة نتقاتل وبالحذف نضعُف، فلا بُدَّ من أن يكون الدين كما أنزله الله، إلا أنك إذا أصررّت عليّ، أن أُعرِّف التجديد في الدين، التجديد في الدين أن تنزع عن الدين كل ما عَلق به مما ليس منه، لأنَه الإله كماله مُطلق، فالوحي كمال مُطلق، والنبي الكريم معصوم من أن يُخطئ بأقواله وأفعاله وإقراره، فلذلك هذا الدين توقيفي لا يُضاف عليه، إلا أنَّ البطولة أن نُجدِّد في طرحه، في نقله، يوجد وسائل نشر جديدة، يوجد أجهزة حديثة، يوجد طرائق حديثة، فإذا عاصرنا العصر، يعني جمعنا بين الأصالة والحداثة، الأصالة دين قويم لا يُضاف عليه لا يُحذف منه لكن أضفنا إليه وسائل النشر المعاصرة.
المذيع:
ولذلك يا شيخ الكلام هذا الناس تتلقاه منك أنت بالذات محمد راتب النابلسي لأنَّه يُطبقه بحذافيره، لكن الآن هناك نقطة مهمة لي أنا، أنت قلت شيخ أنك نشأت يتيماً، أكيد يوجد ذكريات جميلة مع الوالدة أعطنا شيئاً منها.
الدكتور محمد راتب النابلسي:
الحقيقة أنا لي قول دقيق، اليتيم الحقّ من وجد أُمّاً تخلَّت أو أباً مشغولاً، هذا التفسير الدقيق لليُتم، أما أحياناً تكون الأم واعيّة جداً، وتمتلك رحمة تفوق الحد المعقول.
المذيع:
الوالدة ما اسمها يا شيخ؟ حدثني عن صفية.
الدكتور محمد راتب النابلسي:
والله والدتي رعتني رعايةً تفوق حدّ الخيال، يعني الحقيقة أعطتني كل ما تملك حتى تَزوجتْ، فهذه الرعاية أنا وفيّت لها براً يفوق حدَّ الخيال، يعني عشرات الفتيات اللواتي لم يقبلنَّ أن تسكُن مع حماتها، فكنت أرفضها كُليّاً، غير ممكن أن أتزوج إلا من امرأةٍ تقبل أن تكون أمي معي، يعني أنا ما تخليّت عن أمي إطلاقاً، ولا أصدق أنني يمكن أن أتزوج بعيداً عنها، هذا الوفاء سيدي، والوالدة عاملت زوجتي كأنها أم، والحقّ يُقال كأنها أم تماماً، فهذا الوفاق بين والدتي وزوجتي كان له أثر كبير جداً في مستقبل العلاقة، أنا مُطمئن أني في برّ والدتي، ومعي زوجة ترضى بذلك وأعانتني على ذلك، هذا من نِعَم الله الكبرى على الإنسان.
المذيع:
شيخ محمد راتب النابلسي عندما نسمع للشيخ نشعر أنه حقّق أهداف كثيرة هو كتبها، أعطني أعظم شيء حقّقه الشيخ محمد راتب النابلسي في الحياة، وشيء مُعيّن إلى الآن لم يتحقق يتمنى أن يتحقق.
الدكتور محمد راتب النابلسي:
والله العبد الفقير لي ابن عم الوالد، كان خطيب مسجد الشيخ عبد الغني النابلسي، عبد الغني هو الجد البعيد، فهذا بلغ من الكبر عِتياً، في التسعين أو الخمسة والتسعين فاختار أن أكون أنا خطيباً مكانه، والذي أذكره أنّ هناك تقليد ديني سابقاً أنّ الخطيب الأصيل إذا وكلَّ إنساناً آخر يقوده أمام الناس جميعاً يوم الجمعة من طرف المسجد إلى المِنبر، صدّق ولا أبالغ أنا بكيت وأنا في طريقي إلى المِنبر.

أكبر شيء يُضعف الداعية المسافة بين أقواله وأفعاله:


 كان عمري تقريباً أربع وثلاثين، وأنا في الطريق إلى المِنبر بكيت، قلت يا رب أنا لست أهلاً لهذا المكان لكن أُعاهدك أن لا أقول كلمة ً إلا وأنا أُطبقها في حياتي الخاصة، لأنني تأكدت أن أكبر شيءٍ يُضعف الدعوة المسافة بين أقوال الداعية وبين أفعاله، وأنا قابلت الشيخ الشعراوي مرتين، في مرة قلت له أريد نصيحة للدُعاة، أنا توقعت أنا يتكلم ساعة أو ساعتين فإذا بها جملة أو جملتين، قال لي: ليحذر الداعيّة أن يراه المدعوّ على خلاف ما يدعوه فقط، لأنه هذه المصداقية سيدي، أنا أنتفع من طبيب يحمل بورد ولا أهتم بسلوكه الخاص، ولا بتدّينه، ولا ببيته، أهتم بعلمه فقط، أنتفع من مهندس، أنتفع من أي عالم من علوم الدنيا، إلا أنَّ عالم الدين لا يمكن أن يُنتفع منه إلا إذا رأوا حياته الخاصة مصداقاً لدعوته، إذا وجد المدعوّ مسافةً بين الأقوال والأفعال ضعفت الدعوة ولم يستطع الداعية عندئذٍ أن يُتابع دعوته، هذه نصيحة للدُعاة جميعاً. 
بسم الله الرحمن الرحيم الله علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا عِلماً، وأرِنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور