قال تعالى :
﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) ﴾
أيها الإخوة؛ هناك موازين في الأرض، هناك آلاف الموازين، لكن الله عنده ميزان، البطولة، والذكاء، والتوفيق، والتألق، والفلاح، والنجاح أن يكون ميزانك وفق ميزان الله، والحمق، والغباء، وضيق الأفق، والجهل أن تتوهم أن ميزانك الذي هو بعيد عن ميزان الله يكفي.
يعني مثلاً: حينما تعتقد أن المال هو كل شيء، وأنك بالمال تصل إلى كل شيء، وأن المال قيمة ثابتة في كل العصور، وأن الذي معه المال معه كل شيء، ودنياه جنة، وأن الذي فقَد المال ما ذاق شيئاً من طعم الحياة، ودنياه جهنم، حينما تعتقد كذلك فهذا الإنسان هو أغبى الخلق، لأنه اعتمد ميزاناً ما أقره الله عز وجل .
الله عز وجل اعتمد ميزانين، اعتمد ميزان العلم، وميزان العمل، فقال :
﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ(9) ﴾
وقال :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) ﴾
هذا ميزان العلم ، وميزان العمل :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) ﴾
حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .
أما موازين الأرض، القوي مُعظّم ومُبجّل، والناس ينصرفون إليه، وينصرفون عن الضعيف، والغني مُبجّل ومُعظّم، والناس ينصرفون إليه، وينصرفون عن الفقير، والإنسان الوسيم مبجّل ومعظّم، وينصرف الناس إليه، وينصرفون عن الدميم .
الأحنف بن قيس كان قصير القامة، أسمر اللون، أحنف الرجل، مائل الذقن، غائر العينين، ناتئ الوجنتين، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيد قومه، كان إذا غضب غضبَ لغضبته مئة ألف سيف، لا يسألونه فيمَ غضب، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه .
فأنت حينما تأتي موازينك مطابقة لموازين خالق السماوات والأرض فأنت أسعد الناس، أنت الموفق، أنت الذكي، أنت العاقل، أنت الفالح، أنت الناجح، أما إذا اعتمدت ميزاناً ساقطاً عند الله عز وجل:
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)﴾
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) ﴾
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4) ﴾
أيها الإخوة؛ البطولة أن يكون ميزانك في تقييم نفسك، وتقييم من حولك مطابقاً لميزان الله، أما إذا كان ميزانك أرضياً، وشركياً، ودنيوياً فهي الطامة الكبرى، لذلك البطولة أن تأتي يوم القيامة وفق موازين الله ناجحاً .