قال تعالى :
﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ(65)﴾
1 – قومُ عاد مَثلٌ للذين من بعدِهم :
أول شيء قوم عاد ضربها الله مثلاً للأمم الطاغية، الباغية، المستكبرة، المعتدية.
2 – قومُ عاد تفوّقوا في المجالات الدنيوية :
لذلك لو حللنا مجموعة الصفات التي وُصِفوا بها في القرآن الكريم لأخذنا العَجبُ العُجاب، هؤلاء القوم تفوّقوا في شتى المجالات، قال تعالى :
﴿ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)﴾
الأولى، وهؤلاء القوم كانوا متغطرسين .
﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)﴾
وهؤلاء القوم تفوقوا في البنيان، قال تعالى :
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128)﴾
وهؤلاء القوم بظاهر الآية تفوقوا في الصناعة :
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)﴾
وهؤلاء القوم تفوقوا في الناحية العسكرية، قال تعالى :
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130)﴾
وهؤلاء القوم تفوقوا في الناحية العلمية، قال:
﴿ وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)﴾
تفوقوا في شتى المجالات، تغطرسوا، استكبروا، تفوقوا في العمران، في الصناعة، في الحرب، في العلم ، وهؤلاء القوم ماذا فعلوا ؟ قال :
﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)﴾
لم يقل: طغوا في بلدهم، ( فِي الْبِلَادِ ) .
﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)﴾
يعني بالطغيان: يحاربون، ويقصفون، وينتهكون الحرمات، ويقتلون الأبرياء، وفي الفساد: نشروا الفساد في الأرض .
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)﴾
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)﴾
هؤلاء القوم، من معاني قوله تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى (50)﴾
من معاني هذه الآية: أن هناك عاداً ثانية، يعاني العالم منها ما يعاني، وأن صفات عاد الأولى تنطبق انطباقاً تاماً على صفات عاد الثانية. لذلك كان المصير واحداً: ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)) لكن الشيء الذي يلفت النظر أن الله جل جلاله ما ذكر أنه أهلك قوماً إلا وذكّرهم أنه أهلك مَن هو أشد منهم قوة، إلا عاداً حينما أهلكها قال: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) بمعنى أنه بنص هذه الآية لم يكن فوق عاد إلا الله، وهذه عبرة ما بعدها عبرة .