وضع داكن
12-05-2024
Logo
محاضرات خارجية - ندوات مختلفة - الجزائر - ولاية عنابة - المحاضرة : 22 - صحة الجسد
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

المقدمة:


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغُرِّ الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. 
أيها الإخوة الكرام، أيها الإخوة الأحباب، أيها الإخوة الأفاضل، أشكركم من أعماق قلبي على هذا الملتقى الدعوي، على هذه الدعوة الكريمة التي إن دلّت على شيء فعلى حسن الظن بي، وأرجو الله أن أكون عند حُسن ظنكم، لكن هناك في الحياة كما تفضل أستاذنا الجليل كليات نحن لا نستطيع أن نخوض في التفاصيل في لقاء كهذا.

صحة الجسد:


 أما هناك كليات كثيرة جداً:  

(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

[ رواه البخاري والترمذي ]

اخترت أحد هذه البنود وهو الصحة، لذلك أرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم، والجامعة عند النُّحاة مؤنث لفظي، والجامع مذكر لفظي، وفي القرآن الكريم:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) ﴾

[ سورة النساء ]

يعني ينبغي أن تستقي الجامعات في البلد الإسلامي مناهجها من وحي السماء، حيث المبادئ والقُرُبات، لا وحي الأرض حيث المصالح والشهوات، في السماء هناك وحي وحي السماء مبادئ وقربات، في الأرض: مصالح وشهوات. 
لذلك: كما قلت قبل قليل ينبغي أن تستمد الجامعات في بلاد المسلمين مناهجها من وحي السماء حيث المبادئ والقيم، لا من وحي الأرض حيث المصالح والشهوات.

الإسلام يجعل من المسلم إنساناً متميزاً:


الآن، الإسلام يجعل من المسلم إنساناً متميزاً يرى ما لا يراه الآخرون، ويشعر بما لا يشعرون، يتمتع بوعيٍ عميقٍ، وإدراكٍ دقيقٍ، له قلبٌ كبيرٌ، وعزمٌ متينٌ، وله إرادةٌ صُلْبةٌ، هدفه أكبر من حاجاته، ورسالته أسمى من رغباته، يملك نفسه ولا تملكه، ويقود هواه ولا ينقاد له، وتحكمه القِيَم ويحتكم إليها من دون أن يسخِّرها أو أن يسخر منها، سما حتى اشْرأبَّت إليه الأعناق، وصفا حتى مالت إليه النفوس، أما حينما ينقطع الإنسان عن ربه، وينقاد إلى هوى نفسه، أو حينما ينقاد إلى هوى نفسه فينقطع عن ربه، هناك علاقة معاكَسَة، فعندئذ تفسد علاقته بعقله، فيعطّله أو يرفض نموه وتطوُّره، أو يُسيء إعماله؛ فيسخّره لأغراضٍ رخيصةٍ دنيئةٍ، عندها يكون الجهل والتجهيل، والكذب والتزوير، وتفسد علاقته بنفسه فتسفُل أهدافه، وتنحط قيمه، ويُبيح لنفسه أكثر الوسائل قذارةً لأشدِّ الأهداف انحطاطاً، عندها تكون أزمة الأخلاق المُدمِّرة التي تسبب الشقاء الإنساني، وتفسد علاقة الإنسان بأخيه، فتكون الغَلَبة لصاحب القوة لا لصاحب الحق، وعندئذ تعيش الأمة أزمةً حضارية تُعيق تقدُّمها، وتقوِّض دعائمها، هل يُعقل أن تكون شخصية المؤمن الفذَّة التي تجمع بين رجاحة العقل وسموّ النفس، هل يُعقَل أن تكون هذه الشخصية مُركّبة على جسد عليل سقيم؟ كلا.

علة الاصطفاء:


إخواننا الكرام، العبد الفقير يتحدث عن كليات هذا الدين، الكليات مهمة جداً، هناك تفاصيل نحتاجها في زمن طويل، أما في اجتماع واحد لا بد من الحديث عن الكليات.
الآن إن صحة الجسد مُرتَكَزٌ لسلامة النفس وسموِّها، ومُنطلَقٌ لصحة العقل وتفوقه، فالله -سبحانه وتعالى- جعل صحة الجسد وقوته، ورجاحة العقل واستنارته علة الاصطفاء، قال تعالى: 

﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) ﴾

[ سورة البقرة ]

وقد بيّن لنا المولى جل جلاله أن القوة والأمانة، وبلغة العصر الكفاءة والإخلاص، هما المقياسان الصحيحان اللذان نقيس بهما الأشخاص حينما نقلّدهم بعض المناصب والأعمال، قال تعالى:

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ﴾

[ سورة القصص ]

هذه صفات الموظفين في أي مكان في الأرض ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ والنبي الكريم -عليه أتم الصلاة والتسليم- ذكر أن المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، القوي خياراته في العمل الصالح لا تعد ولا تُحصى، هي قوة المال، وقوة المنصب، وقوة العلم:

(( الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ، فلا تَقُلْ: لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ؛ فإنَّ (لو) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان. ))

[ صحيح مسلم عن أبي هريرة ]

الإنسان القوي، القوة من غير إيمان قوة مدمرة لصاحبها وللمجتمع، ولكن القوة إذا أُضيفت إلى الإيمان فإنها تصنع المعجزات الخيِّرات، قال عليه الصلاة والسلام:
(الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وفي كُلٍّ خَيْرٌ -جبراً للخواطر- احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ، فلا تَقُلْ: لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ؛ فإنَّ (لو) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان) .

إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن نكون أقوياء: 


لكن هذا التَّحفُّظ لا بد منه: إذا كان طريق القوة التي تحدثنا عنها قبل قليل -وهي مفيدة جداً- سالكاً وفق منهج الله يجب أن نكون أقوياء؛ لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، بل إن النبي الكريم قال جعل صحة الجسد ثُلث الدنيا، دققوا: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) والإمام علي -رضي الله عنه- جعل من المرض مصيبة أشد من الفقر وأهون من الكفر، وجعل من الصحة نعمة أفضل من الغنى وأقل من الإيمان، فقال: "ألا وإنّ من البلاء الفاقة، وأشدّ من الفاقة مرض البدن، وأشدّ من مرض البدن مرض القلب، ألا وإنّ من النِّعَم سَعَة المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب" .

أنواع الطب في الإسلام:


لذلك الطب في الإسلام: طب طبيعي، وطب نفسي، وطب وقائي، وطب علاجي،

الطب الطبيعي:

 فالطب الطبيعي: بذل الجهد، صحة وسلامة : فمن الطب الطبيعي أن شخصية المسلم مرتكزة على العطاء لا على الأخذ، مُرتكزة على بذل الجهد لا على استهلاك جهد الآخرين، مرتكزة على العمل لا على الأمل، على الإيثار لا على الأَثَرة، على التضحية لا على الحرص، على إنكار الذات لا على تأكيدها.
وإن بذل الجهد في حد ذاته صحة، وأيّة صحة! ففي بعض المؤتمرات الطبية التي عُقدت في البحث عن أمراض القلب اتفق المؤتمِرون على أنّ صحة القلب في بذْل الجُهد، وراحة النفس، وأن طبيعة العصر الحديث تقتضي الكسل العضلي، والتوتر النفسي، هناك كسل عضلي؛ سيارات، طائرات، أدوات رائعة جداً سبّبت كسلاً عضلياً، ويوجد هموم كثيرة لم تكن من قبل.
أيها الإخوة الكرام، وهما وراء تفاقم أمراض القلب في معظم بلاد العالم، كسل عضلي، شدة نفسية، لذلك إنّ بذل الجُهد في حدّ ذاته صحة للقلب والأوعية، وصحة للعضلات والأجهزة، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قدوةً لنا في هذا المضمار، فقد وجد في بعض الغزوات أن عدد الرّواحل لا يكفي أصحابه فأمر- وهو الرسول الأول، والنبي الأول، وقائد هذه الأمة، وقائد هذا الجيش- أن يتناوب كل ثلاثة على راحلة، وقال: وأنا وعلي وأبو لُبابة على راحلة. 

(( عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا في غزوة بدر، كل ثلاثة منا على بعير، كان علي وأبو لبابة زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان عقبة النبي صلى الله عليه وسلم، قالا: اركب يا رسول الله، حتى نمشي عنك، فيقول: " ما أنتما بأقوى على المشي مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما " ))

[ مسند الإمام أحمد ]

ساوى نفسه مع أقل جندي، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، فلما جاء دوره في المشي توسّل صاحباه أن يبقى راكباً، فقال: (ما أنتما بأقوى على المشي مني-يعني كان رياضياً- وما أنا بأغنى عن الأجر منكما).
أيها الإخوة الكرام، إنّ بذل الجهد صحة للقلب وللأوعية، وصحة للعضلات والأجهزة، وصحة للحياة الاجتماعية، وتمتينٌ لأواصره، وإِنّ بذْل الجهد فهمٌ صحيحٌ لحقيقة الحياة الدنيا التي هي دار تكليف بينما الآخرة دار تشريف، هذا بعض ما في الطب الطبيعي "الحركة"، والحركة باللغة الدارجة بركة.

الطب النفسي:

أما عن الطب النفسي: إن أمراضاً كثيرة جداً بعضها عُضال، وبعضها مميت، كأمراض القلب والشرايين، وأمراض جهاز الهضم والكليتين، والأمراض النفسية، والعصبية ترجع أسبابها الرئيسية إلى أزمات نفسية يعاني منها الإنسان.
كان لدينا دكتور في الجامعة متفوق جداً في علم النفس، قال في العالم الغربي نِسب الكآبة 152%، فسألناه ما هذه النسبة؟ 100% معقولة، قال 100% معهم كآبة و52% معهم كآبتين، البعد عن الله يسبب كآبة، الله أصل الجمال والكمال والنوال، لذلك دققوا: 

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) ﴾

[ سورة آل عمران ]

إلى آخر الآية، فمهما كان الكافر قوياً يقذف الله في قلبه الرعب، ومهما كان المؤمن ضعيفاً:

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) ﴾

[ سورة الأنعام ]

أعظم نعمة نعمة الأمن، لذلك قالوا: توقُّع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها ، أنت من خوف الفقر في فقر، ومن خوف المرض في مرض، وتوقُّع المصيبة -كما قلت- مصيبةٌ أكبر منها، قال تعالى:

﴿  إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20 ( وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)﴾

[ سورة المعارج ]

إلا المصلين نجوا من هذه الكآبة

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ(23) ﴾

[ سورة المعارج ]

سأقول كلمة دقيقة: كثرة الصفات تقييد: 

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) ﴾

[ سورة المعارج ]

ويرى بعض الأطباء أن ضغط الدم ما هو في الحقيقة إلا ضغط الهم، وأن الإنسان إذا غفل عن حقائق التوحيد، وسقط في هُوَّة الشرك فقد فُتحَت عليه أبواب من العذاب النفسي، -دققوا- قال تعالى:

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) ﴾

[ سورة الشعراء ]

فالإيمان بالله خالقاً ومُربِّياً ومُسيِّراً وأنه:

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) ﴾

[  سورة الزخرف  ]

وأنه:

﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)﴾

[  سورة هود  ]

وأنه الخالق: 

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(62)  ﴾

[  سورة الزمر ]

وهو:

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) ﴾

[ سورة الرعد ]

وأنه:

﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) ﴾

[ سورة الكهف ]

وأنه:

﴿ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) ﴾

[ سورة غافر ]

وأنه:

﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)﴾

[ سورة هود ]

يعني لو فرضنا افتراضاً عدد من وحوش كاسرة جائعة ومفترسة، لكنها مربوطة بأزمّة بيد جهة حكيمة، عليمة، رحيمة، عادلة، علاقتنا مع الوحوش أم مع من يملكها؟ مع من يملكها، لذلك ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، وأنه: ﴿مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ وأنه:

﴿ مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) ﴾

[ سورة فاطر ]

وأنه:

﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11) ﴾

[ سورة الرعد ]

وأنه:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾

[ سورة النحل ]

هذا قرآن، كلام خالق الأكوان، كلام رب العالمين، كلام من بيده كل شيء، وأنه:

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(21) ﴾

[  سورة الجاثية  ]

ليس في الآخرة فقط، يعني مستحيل ومليون مستحيل أن يسعد المنحرف عن الله، أو أن يشقى من اتبع منهج الله، وأنه:

﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾

[ سورة القصص ]

وأنه:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30 )نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)﴾

[ سورة فصلت ]

وأنه-دققوا-:

(( من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته ‏أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه. ))

[ أخرجه الترمذي ]

وأنه: إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان الله عليك فمن معك؟ هذا الإيمان أيها الإخوة يملأ النفس شعوراً بالأمن، الذي هو أثمن ما في الحياة النفسية، يدفع عنها القلق الذي يُدمِّرها، والذي يجعل الحياة النفسية جحيماً لا يُطاق، قال تعالى: ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ تعقيب لغوي دقيق: إذا كانت السلامة تعني عدم وقوع المصيبة، فإن الأمن يعني عدم توقُّع المصيبة، وتوقُّع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها، قال تعالى:

﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) ﴾

[ سورة التوبة ]

لذلك-دققوا- إن الله يعطي الصحة، والمال، والذكاء، والجمال للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقَدَرٍ لأصفيائه المؤمنين، أعظم عطاء إلهي للمؤمن السكينة، يسعد بها ولو فقد كل شيء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء.
هذا لأن الإيمان يملأ النفس طمأنينةً إلى عدالة الله -سبحانه وتعالى- فبيده مقاليد السماوات والأرض، وأنه لا يظلم الناس شيئاً، وأنه يدافع عن الذين آمنوا، ويُنجيهم من كل كَرْبٍ، وينصرهم على عدوِّهم، هذا الإيمان يملأ النفس شعوراً بالنجاح، والفلاح، والتفوق، والفوز برضاء الله تعالى الذي يعد أثمن نجاحٍ يحققه الإنسان في حياته النفسية على وجه الأرض.
هذا الإيمان يملأ النفس راحةً، وتسليماً، وتفويضاً وتوكُّلاً، ورِضاءً بقضاء الله الذي لا يقضي لعبده المؤمن إلا بالحق والخير.
هذه المشاعر تحقق سعادةً نفسيةً، وسعادة لا يعرفها إلا مَن ذاقها، فالصحة النفسية أساس صحة الجسد، قال بعض الأطباء: "إن الراحة النفسية كافيةٌ لإعادة ضربات القلب السريعة إلى اعتدالها، وضغط الدم المرتفع إلى مستواه الطبيعي"، فالإيمان بالله صحة نفسية هي أساس صحة الجسد. 

الطب الوقائي:

أما الطب الوقائي: سيد الطب البشري النبي الكريم، فالطب الوقائي في الإسلام ينطلق من أن إزالة أسباب المرض أجدى وأهون من إزالة أعراضه، وأن المرض وإن زالت أعراضه بالدواء فإن له آثاراً جانبية تظهر في وقت لاحق على شكل أمراض قلبية ووعائية وكلوية من دون سبب مباشر، ويعد الطب الوقائي سيد الطب البشري كله؛ لأن قوة الأمة تتجلى في قوة أفرادها، وإنّ دخلها يُقاس بدخلهم، وإن الأمة التي تنزل بساحتها الأمراض، أو تستوطنها الأوبئة تتعرض لخسران كبير كما يجري في العالم اليوم، والطب الوقائي حفاظٌ على الصحة، والوقت، والمال، والجسد.
أيها الإخوة الكرام، سواء في هذه القِوى البشرية المريضة، المُعطَّلة التي كان من الممكن أن تسهم جهودها في زيادة الدّخل القوميّ، أو في هذه الأموال الطائلة التي تُنفَق في معالجة هذه الأمراض، والتي كان من الممكن أن تُنفَق في بناء الوطن فتسهم في مناعته ورِفعته.

 النظافة من الطب الوقائي:


إخواننا الكرام، من الأشياء الضرورية: والنظافة من الطب الوقائي، فالإسلام يأمر بالنظافة، فهي تقي من انتقالٍ كثيرٍ للأمراض المُعدِية التي تتنقل من خلالها الأيدي كالكوليرة والزحار...إلخ.
فهم الإمام الغزالي لهذه الآية:
إخواننا الكرام، 

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)﴾

[ سورة البقرة ]

يعني ممكن أحدكم عالكمبيوتر يكتب "إن الله يحب" في القرآن الكريم تجد 12 آية، "وإن الله لا يحب"، أنت تتقرب إلى الله بأعلى درجة وحدك، اقرأ ما الذي يحبه الله، وما الذي لا يحبه؟ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ وقد فهم الإمام الغزالي -رحمه الله- هذه الآية على أربع مستويات:
1. تطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث.
2. تطهير الجوارح عن المعاصي والآثام.
3. تطهير النفس عن الأخلاق الذميمة والرذائل الممقوتة.
4. تطهير القلب عما سوى الله.

أهمية النظافة في الإسلام:


وقد أمرنا النبي -عليه الصلاة والسلام- بغسل اليدين قبل الطعام وبعدهما، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( قرأتُ في التَّوراةِ أنَّ برَكةَ الطَّعامِ الوضوءُ بعده . فذكرتُ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبرتُه بما قرأتُ في التَّوراةِ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : برَكةُ الطَّعامِ الوضوءُ قبلَه ، والوضوءُ بعده . ))

[ ضعيف الترمذي عن سلمان الفارسي ]

يعني غسل اليدين هنا، والإسلام يأمر بالنظافة، ولا يخفى أن وضوء الطعام هو غسل اليدين والفم، وقد جعل النبي الكريم غَسْل الجمعة واجباً عينياً ولو كان مُدُّ الماء بدينار، قال:

(( حَقٌّ لِلَّهِ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ. ))

[ صحيح مسلم عن أبي هريرة ]

ولا أدَلَّ على أهمية النظافة في الإسلام من أنّ الله جعلها شرطاً لأول عبادة في الدين وهي الصلاة، فقال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) ﴾

[ سورة المائدة ]

وقد تفضَّلَ الله علينا بالماء الطَّهور؛ أي الطّاهر المُطهِّر كي نتطهَّر به، فقال تعالى: 

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) ﴾

[ سورة الفرقان ]


الصلاة من الطب الوقائي:


والصلاة بحركاتها من قيامٍ، وركوعٍ، وسجودٍ، واعتدالٍ نوعٌ من الطب الوقائي فقد أكد علماء التربية الرياضية أن أحسن أنواع الرياضة ما كان يومياً، ومتكرراً، ومُوزَّعاً على كل أوقات اليوم، هي الصلوات، أداء الصلوات رياضة سامية، ويستطيع أن يؤديها كل إنسانٍ من كل جنسٍ، وفي كل عمرٍ، وفي كل ظرفٍ وبيئةٍ، هذا كله متوافر في الصلاة.
هذا وإن انخفاض الرأس- الآن دققوا- في الركوع والسجود يسبب احتقان أوعية الدماغ بالدم، وعند رفع الرأس فجأةً ينخفض الضغط في الأوعية، تتكرر هذه العملية ست مرات في الركعة الواحدة، وما يزيد على مئتي مرة في اليوم، وستة آلاف مرة في الشهر، ومن انقباض الأوعية وانبساطها تزداد مرونتها، هذا الذي يميت الإنسان "تصلّب الشرايين" فالصلاة تزيد من المرونة لهذه الشرايين.
أيها الإخوة الكرام، هذا فضلاً عن الطمأنينة والسعادة التي يشعر بها المصلي، هناك امرأة أنهكتها آلام الشقيقة فذهبت إلى بلد أوروبي بُغية المعالجة، فقال لها الطبيب: هل أنت مسلمة؟ قالت: نعم، قال لها: أتصلين؟ قالت: لا، قال لها: صلّي يذهب ما بك، فامتلأت غيظاً، وسخرت من هذه الوصفة، وقالت: هل تجشّمت مشاقّ السفر، وبذلت عشرات الآلاف ليكون الدواء هو الصلاة؟ قال: نعم، إنّ أحد أسباب الشقيقة نقصٌ في تروية المخ بسبب عصبي، وإن الصلاة تحقق راحة نفسية تُسهِم في توسيع الشرايين. ديننا الصلاة، الصيام، الحج، الزكاة، الوضوء، كل له أهداف كبيرة جداً.
الاعتدال في الطعام والشراب من الطب الوقائي:
والاعتدال في الطعام والشراب وسائل المباحات من الطب الوقائي:

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) ﴾

[ سورة الأعراف ]

الكلمة الثانية لكل شيء (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ فنص الآية يأمر بالاعتدال في الطعام والشراب، لكن النهي عن الإسراف لم يُقيَّد بالطعام والشراب بل أُطلِق ليشمل كل شيء، والمُطلَق في القرآن على إطلاقه.

(( ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرٌّ من بطنِهِ بحَسْبِ ابنِ آدمَ أُكْلاتٍ يُقِمنَ صُلبَه فإنْ كان لا مَحالَةَ فثلثٌ لطعامهِ وثلثٌ لشُربهِ وثلثٌ لنفَسهِ. ))

[ أخرجه الترمذي ]

قال أحدهم: إنّ عُشْر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياء، وأنّ تسعة أعشار ما نأكله يكفي لبقاء الأطباء أحياء، وقد كُتب على مدخل مستشفى في ألمانيا:

(( "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع" ))

[ محمد بن عبد الله ]

أصل الطب الوقائي: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع"
إخواننا الكرام، النبي الكريم من عادته إذا أكل طعاماً يقول: 

(( النبي إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوته ودفع عني أذاه.  ))

[ رواه الطبراني عن ابن عمر وفي سنده ضعف ]

فالاعتدال في الطعام والشراب وسائل المباحات أصل في الطب الوقائي.
إخواننا الكرام، هذه أشياء دقيقة جداً أرجو الله -عز وجل- أن تكون بين يديكم. 
إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.
حفظ الله لكم إيمانكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، وآخر دعوة هي الأهم: واستقرار بلادكم.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور