وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة محمد - تفسيرالآيات 1-6 الإيمان بالله يصلح بال المؤمن ويتمتع بحياة طيبة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الأول من سورة محمد صلى الله عليه وسلَّم.


الكافر من أنكر الحق وأعرض عنه وانصرف إلى الدنيا:


﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1)﴾ 

[ سورة محمد ] 

 الذين كفروا أي كذَّبوا بالحق، وصدُّوا أي صدّوا أنفسهم عن الله عزَّ وجل، وصدوا غيرهم، حقيقة الكفر تكذيبٌ وإعراض، إنكارٌ وإعراض، هؤلاء الذين كفروا ما رأوا أن لهذا الكون خالقاً، وما رأوا أن لهذا الكون مربّياً، وما رأوا أن لهذا الكون مسيّراً، ما عرفوا أسماءه الحسنى، وما عرفوا قدرته، ولا رأوا رحمته، ولا عدله، ولا لطفه، ثم إنهم انصرفوا إلى الدنيا، انكبّوا عليها، أداروا ظهرهم للحق، لم يعبؤوا به، هناك جانبٌ فكري وجانبٌ سلوكي، فكرياً أنكروا، سلوكياً أعرضوا..


للصدّ عن سبيل الله عدة معان:


1ـ أعمال الإنسان لأنه كفر بالله وصدَّ عن سبيل الله ضلَّت : 

﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾  يحتمل أن يكون للصدِّ هنا معنيان: صدّوا أنفسهم، وصدّوا غيرهم، وهذا هو الضالُّ المُضِل، الفاسد المُفْسِد، الذي ينحرف ويأمر غيره أن ينحرف.

﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا(37)﴾ 

[ سورة النساء ] 

لكن أدق ما في الآية: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  المعنى الأول:  لو أنَّ للكافر أعمالاً جليلة، هناك كافر ينفق، يُحسِنْ، أحياناً يقف موقف فيه شهامة، هذه الأعمال الجليلة.. العرب كانوا في الجاهلية كُرَماء، وكانوا شجعان، وكانوا يُقرون الضيف، ويحملون الكَلّ، هذه الأعمال الجليلة التي كانت للكافرين قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، ثم لما جاءت بعثة النبي ما أسلموا، بل كذَّبوا وأعرضوا، فهذه الأعمال الجليلة التي كانت لهم ما مصيرها؟ الجواب: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  فيا تُرى هل الله جلَّ جلاله أضلَّ أعمالهم أم أنَّ كفرهم هو الذي أضلَّ أعمالهم؟ 


من عمل عملاً صالحاً عليه أن يبتغي وجه الله عز وجل به:


 الإنسان أحياناً يعْملُ عملاً صالحاً، لمن يعمله؟ فإنه يحتاج إلى مَنْ يشيد له بهذا العمل، ويحتاج إلى لوحة رخاميَّة، فحينما يتيه الإنسان عن الله عزَّ وجل، وحينما لا يتعرّف إليه، فإذا عَمِلَ عملاً صالحاً فهذا العمل يدلُّ عليه هدفه الصحيح، والهدف الصحيح أن تبتغي به وجه الله، العمل الصالح لا يليق به إلا أن يُبتغى به وجه الله، لأنه ما من إنسانٍ على وجه الأرض بإمكانه أن يكافئك عليه إلا الله، لذلك حينما يسدي إليك أحدٌ معروفاً تتوجَّه إلى الله بأعماق قلبك فتقول: جزى الله عنا فلاناً ما هو أهله، لأنك أنت عاجزٌ عن أن تجزيه، لو جزيته في الدنيا من يجزيه في الآخرة؟


الإنسان حينما ينسى الله عزَّ وجل يضيع و يتردى:


 كلمة: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  الأعمال الطيّبة التي يفعلها الكافر لا هدف لها، لذلك تارةً يستجدي المديح، تارةً ينوِّه بها هو، تارة يترك لها آثاراً مكتوبة لأنه لم يبتغِ بها وجه الله عزَّ وجل، لابدَّ من جهةٍ تتجه إليه، لا يوجد إنسان يعمل عملاً إلا وفي خاطره جهة يتجه بها إليه، أحياناً الإنسان يُقيم وليمة فلو أنه لم يبتغِ بها وجه الله عزَّ وجل لابدَّ من أن يستجدي مديح الضيوف بهذا الطعام، يسألهم كيف الطعام؟ هل أعجبكم هذا الطعام؟ لأن الإنسان حينما يبتعد عن الله عزَّ وجل يضيع. 

فأجمل كلمة: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  أي أن هذا العمل الصالح الذي فعله مَن كفر بالله وصدَّ نفسه عن سبيل الله، إذا فعل عملاً صالحاً فماذا كان يبتغي من عمله؟ عمل بلا هدف، إذاً لابدَّ من أن يستجدي المديح، لابدَّ من أن ينوِّه به، لابدَّ من أن يمدح نفسه لأنه لا يوجد عمل بلا مقابل، الإنسان العاقل لا يعمل عملاً بلا مقابل، فالمقابل هو مديح الناس، أو إكبار الناس، أو رفعة الشأن، أو تخليد العمل.


العمل الصالح الذي يعمله الكافر عمل ضال لا هدف له:


 إذاً: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  المعنى الأول: أن العمل الصالح الذي يبدو للناس أن الكافر يفعله فهذا العمل كفرُ الكافر بالله عزَّ وجل، وإضلال نفسه عن سبيل الله يجعل هذا العمل ضالاً أي لا هدف له، الإنسان الضال يمشي بلا هدف، لو أن إنساناً ضلَّ طريقه في الصحراء فهو يتحرَّك حركة عشوائية بلا هدف، تارةً يميناً، تارةً شمالاً، تارةً شرقاً، تارةً غرباً، لا يعرف، فالحركة غير الهادفة حركة ضالَّة، والعمل الصالح الذي يفعله الكافر الذي لم يؤمن بالله عزَّ وجل، ولم يؤمن برسوله، وصدّ نفسه عن الله وعن رسوله، هذا العمل الصالح الذي يفعله الكافر عملٌ ضال أي بلا هدف، لذلك مما يرافق هذا العمل التأكيد على مدح الذات، مما يرافق هذا العمل استجداء المديح، مما يرافق هذا العمل تخليد عمله بشيٍ أو بآخر. هذا هو المعنى الأول؛ أيْ حتى الأعمال الصالحة -حتى هنا حرف ابتداء- التي يفعلها الكفَّار هذه الأعمال ليس لها هدفٌ واضح لذلك شُبِّهت في هذه الآية الكريمة بأنها ضالَّة تتحرَّك حركة عشوائية.

2 ـ حينما يفقد الإنسان الهدف السامي من وراء عمله يضيع ويشقى :

 شيءٌ آخر في هذه الآية: الإنسان حينما يكفر بالله، وحينما يرى أن الدنيا هي كل شيء، وحينما يبتعد عن الآخرة يُلغى الهدف السامي من حياته، قد يقول لك قائل: لماذا نحن على وجه الأرض؟ لا يدري لماذا نحن هنا، من أجل أن نأكل أو أن نشرب؟ حينما يفقد الإنسان الهدف يضيع.

فالمعنى الثاني إذًا:  أن أعمال الكافر الذي ضل وكَفَرَ وصدَّ نفسه عن سبيل الله أعماله تتحرَّك حركةً عشوائيّةً دونما هدف، إن كانت صالحةً يبتغي بها السمعة والمجد ومديح الآخرين، وإن لم تكن صالحةً فهي أعمال ضالَّة شاردة تتحرَّك حركة عشوائيَّة.

3 ـ الكافر يتحرك  في الحياة الدنيا كما يتحرَّك الأعمى في طريقٍ موحشةٍ :

 ثم إن هناك معنىً ثالثاً:  ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لأنه في عمى.

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ(126)﴾ 

[  سورة طه  ] 

 كنتَ في الدنيا أعمى، فالأعمى الذي لا يعرف الله عزَّ وجل تجده لا يأتي عمله مُصيباً، يأتي عمله أخرق، قد يدبِّر تدبيراً يكون هذا التدبير تدميراً له.


الكافر مهما كان ذكيَّاً لأنه كفر بالله عزَّ وجل انقطع عن الله:


﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36)﴾ 

[ سورة الأنفال ] 

 أيْ أنّ الكافر مهما كان ذكيَّاً، لو كان في أعلى مستويات الذكاء، لو كان عاقلاً كما يدّعي، لو كان ذا خبراتٍ متراكمة، لو أُتيحَت له الحقائق كلُّها وتوافرت بين يديه؛ فلأنه كفر بالله عزَّ وجل فقد انقطع عن الله عزَّ وجل، وما دام قد انقطع عن الله عزَّ وجل فهو في عمى، لذلك الكافر يتحرَّك في الحياة الدنيا كما يتحرَّك الأعمى في طريقٍ موحشةٍ مظلمة مليئة بالمخاطر، حركة الأعمى حركة عشوائيَّة، حركة غير هادفة، حركة غير واضحة.


من كان عمله خالصاً لله أكرمه الله في الدنيا و الآخرة:


 أول معنى:  لو كان يُقري الضيف، لو كان يعين على نوائب الدهر، لو كان شجاعاً، فأعماله لأنه كفر بالله وصدَّ عن سبيل الله ضلَّت، لم تتجه إلى الهدف الصحيح، لا يليق بالعمل الصالح إلا أن يتجه لله عزَّ وجل، لأن الله جلَّ جلاله هو الذي يكافئ على هذه الأعمال، ويكافئ عليها بجنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، فالإنسان لا يليق به أن يعمل شيئاً لغير الله، أما إذا كان عمله لله خالصاً فالله عزَّ وجل أكرمه في الدنيا وفي الآخرة، هذه الآية دقيقة جداً، أيْ لا ينفع الإنسان ذكاؤه، ولا عقله، ولا خبرته، ولا مَن حوله، ولا مَن فوقه، ولا مَن دونه لأنه لمّا كفر بالله، و صدَّ نفسه وغيره عن سبيل الله ضلَّ عمله، فإن كان هذا العمل صالحاً ليس له هدف، تارةً يثني على نفسه، وتارةً يستجدي المديح، وتارةً يخلِّد أعماله بأشياء يراها تنفعه، لكن أصل هذه الأعمال ينبغي أن يتجه إلى الله عزَّ وجل:

﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(56)﴾ 

[ سورة المدثر ] 

 أيْ هو الله جلَّ جلاله أهلٌ أن تتقيَه، أهلٌ أن تخلص له، أهلٌ أن تتجه إليه، أهلٌ أن تنفق شبابك في طاعته، أهلٌ أن تُنفِق كل ما آتاك الله في سبيله..


من يكفر بالله عز وجل يصدّ الناس عن فعل الخير:


﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ والمعنى الثاني: أن الإنسان حينما يكفر بالله، فكيف يتصرف ويتعامل مع الآخرين؟ فتراه يقول: اتقِ شرَّ من أحسنت إليه، فإذا فعل عملاً صالحاً وقابله الناس على هذا العمل الصالح بإساءةٍ يقول لك: حلفت يمينًا ألاّ أخدم أحداً، إنه لا يعرف الله عزَّ وجل، المعنى الثاني: أنه إذا أراد أن يعمل فلمن يعمل؟ فلأي رد فعلٍ سيِّئ يحلف أيماناً مغلَّظةً أنه لا يعمل صالحاً، لأنه هو في الأساس كفر وضلَّ نفسه عن سبيل الله إذاً فأعماله بلا جدوى.

 والشيء الثاني: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  يعني؛ إذا أراد الكافر أن يكيد للمؤمن، وإذا أراد الكافر أن يطفئ نور الله عزَّ وجل فالله لا يمكِّنه، ولا يسمح له، بل يجعل عمله خُلَّبياً تائهاً، لا يتحرَّك إلا حركة ضالَّة. 


الله عز وجل لن يتخلى عن دينه:


  ثلاثة معانٍ أيها الإخوة.

 أول معنى:  العمل الصالح لا هدف له، لذلك يحتاج إلى تعويض بالمديح، والثناء، والتخليد.

 المعنى الثاني:  أنه إذا أراد أن يعمل ليس هناك جهةٌ عُليا يبتغي رضوانها، فهو يعمل بقدر ما ينال من مكافآت وثناءات، فإذا خاب ظنّه في الذين يُحسن إليهم يقلع عن العمل الصالح.

 والمعنى الثالث:  أنه إذا أراد أن يكيد لدين الله، أن يُحبِط مسعى المسلمين، فهناك أناسٌ يتخوَّفون من حربٍ عالميَّةٍ ثالثة ضد الإسلام، والجواب: هذا دين الله عزَّ وجل، والله جلَّ جلاله لن يتخلَّى عنه، لذلك: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  أيْ أنّه يخطِّط ويدبِّر ويتآمر ليطفئ نور الله عزَّ وجل، ثم هو ينخذل ويبقى دين الله قويَّاً، قال بعضهم: "ما ضرَّ السحاب نبح الكلاب، وما ضرَّ البحر أن ألقى فيه غلامٌ بحجر، ولو أن الناس أرادوا أن يغبِّروا على الإسلام ما غبَّروا إلا على أنفسهم" 


من يكيد للمسلمين يدمره الله و يخذله:


﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  هذه آية، لكن والله الذي لا إله إلا هو هناك آلاف القصص التي تؤكِّدها وتوضِّحها، أحياناً ربنا عزَّ وجل لحكمةٍ يريدها يجعل تدمير الكافر في تدبيره، يدبِّر، ويدبِّر، ويخطِّط، ويُحكم التدبير ثم يُدَمَّر من خلال تدبيره..  

﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  لا أعماله الصالحة مقبولة، وليس هناك جهةٌ يؤمن بها ويتوجَّه بها إليه، وحينما يعمل فهو في حيرة كبيرة، وحينما يكيد للمسلمين لا يستطيع ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ .


على الإنسان أن يحذر من أن يكون في خندقٍ معادٍ للدين لأن الله يدافع عن دينه:


﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا(15) وَأَكِيدُ كَيْدًا(16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا(17)﴾ 

[  سورة الطارق  ] 

 لو عُدْنَا إلى التاريخ كم هي المؤامرات التي حِيكت ضدّ النبي صلى الله عليه وسلَّم؟ أخرجوه من بلده، وقاتلوه عشرين عاماً، فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن النبي صلى الله عليه وسلَّم رفعَ الله ذكره، وأعزَّ أصحابه، ونصر دينه، وهزم الأحزاب وحده، وأن الذين عارضوه وناوؤوه، ونكَّلوا بأصحابه، وقاتلوه وأخرجوه هم في مزبلة التاريخ الآن، وهذه سنَّة الله في خلقه، فالإنسان لِيحذرْ ألف مرَّة أن يكون في خندقٍ معادٍ للدين؛ لأن الله يدافع عن هذا الدين، وهذه الآية تكفي: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ يُنفِق الأموال، يخطط، يدبِّر والإسلام يزداد قوَّةً، أُنشِئت في بلد إفريقي كان مستعمراً من قِبَل فرنسا أربعة آلاف كنيسة على مستوى القرية، بل وعلى مستوى المزرعة، كم كلَّفت هذه الكنائس؟! ومع ذلك حينما انتهى هذا الاستعمار انقلبت كلُّها إلى مساجد..  


الأعمال الطيّبة لا يليق بها أن تكون لغير الله تعالى:


﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  أحياناً تُنْفِق الأموال الطائلة من أجل أن تنقل إنسانًا من الإيمان إلى الكفر، فيأخذ هذه الأموال ويزداد إيماناً، أحياناً تقسو على المسلم لكن قسوتك عليه تزيده إيماناً بدينه، يزداد تمسُّكاً، فالأمر عجيب، هذه الآية يجب أن تُدخِل على قلب المؤمن السرور، الكافر لو كان ذكيَّاً، لو كان قويَّاً، لو استعان بخبرات العالم كلها، لو عمل ليلاً نهاراً ليكيد للمسلمين هو الذي يُخْفِق، وهو الذي يواجه الفشل، والمسلم هو الذي يوفِّقه الله عزَّ وجل هذا بشرط أن يكون المسلم مسلماً حقيقيّاً.

 يمكن أن تقرأ التاريخ، وأن ترى التاريخ كلَّه تأكيداً لهذه الآية، هناك آلاف الفرق الضالَّة التي ظهرت في التاريخ الإسلامي أين هي الآن؟ لقد تلاشت وبقي الدين شامخاً كالطَّود، فالإنسان يقوى بالحق، أما إذا عارض الحق يدمِّره الحق، لكن أخطر شيء في هذه الآية أن العمل الصالح هو أيّ عملٍ يحمل بذور التعاون، إنه عمل صحي، إكرام الأيتام، إطعام الفقراء، بناء المدارس مثلاً، تأسيس المساجد، هذه الأعمال الطيّبة لا يليق بها أن تكون لغير الله، الدعاء: "اللهمَّ إني أعوذ بك أن أتزيَّن للناس بشيءٍ يشينني عندك، اللهمَّ إني أعوذ بك من أن أقول قولاً فيه رضاك وألتمس به أحداً سواك" وقد قيل: "كفاك على عدوِّك نصراً أنه في معصية الله" إذا كان خصمك في المعصية فأنت المنتصر، معصيته تخذله، معصيته تُضلُّ عمله، معصيته تُحبِط مسعاه، معصيته تفسد عليه خطَّته، إذاً هنا أُلغي الذكاء، وأُلغي التدبير، وأُلغيت القوَّة، وأُلغيت الخبرات، أين هي؟ ما دام الله سبحانه وتعالى متكفِّلٌ أن يُضِلَّ أعمال الكافرين.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ(2)﴾ 

[ سورة محمد ] 

 آمنوا بالله، آمنوا به موجوداً وكاملاً وواحداً، آمنوا به خالقاً، آمنوا به ربّاً، آمنوا به مُسيِّراً ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾  استقاموا على أمره وتقرَّبوا إليه بخدمة خلقه. 

﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ هذا عطفُ الخاصِّ على العام للعناية به، أيْ أنهم آمنوا بهذا القرآن بالذَّات وآمنوا بما نُزِّل على محمد صلَّى الله عليه وسلَّم. 

﴿وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾   حق من عند الله.  

﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ ما هو البال؟ البال هو الحال، أيْ أصلح أحوالهم، فبينما تكون نفس الكافر قلقةً، مضطربةً، خائفةً، ممزَّقةً، مشتَّتةً، مبعثرةً، تائهةً، شاردةً، ضالَّةً، تكون نفس المؤمن مطمئنَّة، مستريحة، واثقة من حفظ الله لها، لا تخشى في الله لومة لائم، ينزِّل الله عليها السكينة والأمن.


الله عزَّ وجل رفع صلاح البال إلى مستوى الهدى:


﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82)﴾ 

[  سورة الأنعام ] 

 هذا معنى صلاح البال، وهناك آية أخرى:

﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ(5)﴾ 

[  سورة محمد ] 

 أيْ أنّ ربنا عزَّ وجل رفع صلاح البال إلى مستوى الهدى، تجد المؤمن لو شققْتَ على صدره، أو لو قرأت أفكاره، أو لو اطلعت على سريرة نفسه وجدت فيه الأمن، وجدت فيه الراحة، الرضا بقضاء الله، وجدت فيه التفاؤل، وجدت فيه الاستقرار، هذا معنى يصلح بالهم، بالهم أي حالهم، أيْ يطمئنهم، يثبِّتهم، يرفع معنويَّاتهم، يأخذ بيدهم، يلهمهم، يرشدهم، يسدد خطاهم..


لا قيمة للإيمان من دون عمل صالح:


﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾  آمنوا بالله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ والإيمان والعمل الصالح يتكرَّر في القرآن الكريم أكثر من مئتي مرَّة، بمعنى أنه لا قيمة للإيمان من دون عمل، والعمل من دون إيمانٍ لا يكون، العمل من دون إيمان لا يكون، والإيمان من دون عمل جنون، تزداد حجَّة الله عليك.  


صلاح البال لا يقدَّر بثمن:


﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾  الحقيقة هذا الكتاب الذي بين أيدينا إذا قرأناه فكلَّما كان إيماننا بالله عزَّ وجل في مستوى عالٍ نأخذ هذا الكلام مأخذاً جديَّاً ونتحرَّك وفق مدلولاته، أما إذا كان الإيمان ضعيف كما يقولون: فهم يقرؤونه للتبرُّك ولا يتورعون عن أن يعصوه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:

((  مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ.  )) 

[  سنن الترمذي بسند ضعيف ] 

 القرآن ينبغي أن تقيم حدوده، وأن تُحلَّ حلاله، وأن تحرِّم حرامه، وأن تتحرَّك وفق ما يأمرك به، وأن تتخلَّق بأخلاقه، كما سئلت السيدة عائشة فقالت:

((  كان خُلُقُه القرآن. )) 

[ صحيح الجامع ] 

 عليه الصلاة والسلام ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾  هذا صلاح البال لا يُقدَّر بثمن. 


القلق، الاضطراب، الضياع من لوازم الانقطاع عن الله عزَّ وجل:


  إن الله يعطي القوَّة، والذكاء، والمال، والجمال للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدرٍ لأصفيائه المؤمنين، يعني إذا صحَّ التعبير؛ الصحَّة النفسية، التوازن، التكيُّف، الاستقرار، الأمن، الطمأنينة، التفاؤل، النظرة الموضوعية هذه الخصائص التي يسمّونها من مظاهر الصحَّة النفسية متوافرةٌ جميعها في المؤمن؛ لكن القلق، الاضطراب، الخوف، العنف، التبعثُر، الضياع من لوازم الانقطاع عن الله عزَّ وجل، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ .


أعلى شعور يشعر به الإنسان أن خالق الكون راض عنه:


 ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾  إنّ الإنسان إذا شعر أن خالق الكون راضٍ عنه، هل هناك شعور أعلى من هذا الشعور؟ "إن الله راضٍ عن أبي بكر" هكذا أخبر النبي الصدّيقَ رضي الله عنه، ماذا شعر أبو بكر؟ وحينما قال النبي الكريم لسيدنا معاذ: 

((  يا مُعاذ، والله إني لَأُحِبُّك. )) 

[ صحيح أبي داوود ] 

من هذا الذي يحبُّه؟ رسول الله ، وحينما دخل سعد على النبي الكريم قال: 

(( هذا خالي فليُرِنِي امرؤٌ خالَهُ. )) 

[ سنن الترمذي ] 

بماذا شعر هذا الصحابي الجليل؟ حينما قال لسعدٍ في بعض المعارك: 

(( ارمِ سعدٌ فداك أبي وأمي. )) 

[ صحيح ابن ماجه ] 

إذا أنت كنت تعيش بعصر وإنسان له شأن ومكانة فأكرمك، أو رفع من شأنك، أو خصّك بتحية أو بابتسامة، خصَّك ببطاقة، خصَّك بدعوة، تجد نفسك لفترة طويلة تملأ الدنيا ضجيجاً بهذا اللقاء، وبهذا التكريم، فكيف إذا كان خالق الكون راضياً عنك؟‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍كيف إذا شعرت أن الله يحبُّك؟ من بيده ملكوت السماوات والأرض، فبالإيمان سعادة لا توصف، كل علاقاتك مع البشر علاقات محدودة، والإنسان ضعيف، فلو أن أحداً أكرمك بكلماتٍ معسولة، أو أنه قرَّبك، فماذا عنده؟ إنه فقير، لكن الخالق العظيم إذا قرَّب الإنسان، أو إذا طمأن الإنسان، أو إذا تجلَّى على هذا الإنسان، أو إذا ملأ قلبه سكينةً، أو إذا ملأ حياته سعادةً، أو إذا أودع محبَّته في قلوب الخلق، أو إذا جعل أعداءه في خدمته، فبماذا يشعر هذا الإنسان؟


الإيمان يورث المرء سعادة لا يعرفها إلا من ذاقها والبعد عن الله شقاء لا يعرفه إلا من ذاقه:


  والله أيها الإخوة، بطريق الإيمان سعادة لا يعرفها إلّا من ذاقها، وفي البعد عن الله شقاء لا يعرفه إلّا مَن ذاقه، قال له: "يا بني ما خيرٌ بعده النار بخير، وما شرٌّ بعده الجنَّة بشر، وكل نعيم دون الجنَّة محقور وكل بلاءٍ دون النار عافية" لذلك عندما قال الشاعر:

فليتك تحـلـــو والحيــــاة مريــرةً    وليتك ترضى والأنام غِضــابُ

وليت الذي بيني و بـينك عامـــرٌ    وبيني وبين العالمين خـــــرابُ

وليت شرابي من ودادِك ســـائغٌ    وشربي من ماءِ الفراتِ سرابُ

[ أبو فراس الحمداني ] 

 فهو على حق، وقال بعض العارفين بالله:

فلو شاهدت عيناك من حـسننــا    الذي رأوه لما وليت عنا لـغيرنـا

ولو سمعت أذناك حسن خطابنا    خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا

ولو ذقت من طعم المحبــة ذرةً    عذرت الذي أضحى قتيلاً بـحبنـا

ولو نسمَتْ من قربنا لك نسمـةٌ    لَمِتَّ غريبـــــاً واشتيقـــــاً لقربنـا

[ علي بن محمد بن وفا ] 

 فهذا ذاق طعم القُرب. 


من انعقدت صلته مع الله عز وجل أيده الله بنصره و تأييده:


  إخواننا الكرام، بالمختصر المفيد المعلومات الدينية وحدها لا تكفي، فهي ثقافة، والإسلام من دون اتصال بالله يصبح فلكلوراً، تراثاً، تقاليداً، عادات، ثقافة، مشاعر سطحيَّة، أما إذا أحكم الإنسان استقامته، وصَلُح عمله، وانعقدت صلته مع الله عزَّ وجل صار في عالَم آخر، صار في عالَم القُرب، صار في رحمة الله، صار في حفظ الله، في توفيق الله، في تأييد الله، وصار الله يدافع عنه، لذلك: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾  فالماضي انتهى،

(( الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ. )) 

[ صحيح مسلم ] 

(( الإسلامُ يَجُبُّ ما كان قبلَهُ. )) 

[ صحيح الجامع ] 

((  يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي. )) 

[  سنن الترمذي  ] 


من عاهد الله على طاعته شعر بحفظ الله له وتوفيقه إياه:


﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)﴾ 

[  سورة الزمر ] 

 القضيَّة مع الله سهلة جداً، لذلك: ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ مهما كانت السيِّئات، مهما كَبُرَتْ، مهما استحكمت، الصُلْحَة بلمحة، الصلح مع الله مُسْعِد، فإذا الإنسان تاب توبة نصوحاً وعاهد الله على طاعته، وشعر بالأمن والطمأنينة، وشعر بحفظ الله له وتوفيقه إياه، هذا الشعور لا يقدَّر بثمن.  


من آمن بالله عز وجل أصلح باله في الدنيا و وعده بحياة طيبة في الآخرة:


  لذلك: ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾  ذاك الماضي، وأما الحاضر: ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾  فالمؤمن مرتاح، بينما تجد شخصاً بعيداً عن الله تجده ثائراً، مضطرباً، أفعاله عنيفة جداً، كلامه قاسٍ، حياته تعيسة، لكن المؤمن مطمئن، متوازن، واثق أن الله بيده كل شيء، وأن الله لا يتخلَّى عنه، وأنه وعده بالحياة الطيّبة فهو ينتظر وعد الله عزَّ وجل. 

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ(2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ(3)﴾ 

[ سورة محمد ] 


من أسَّس بنيانه على شفا جُرُفٍ هار انهار به في نار جهنَّم:


 لماذا هؤلاء سعداء، وأولئك أشقياء؟ لماذا أولئك أضلَّ الله أعمالهم؟ بينما هؤلاء ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾  قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾ الباطل هو الشيء الزائل، أيْ أنَّه أسَّس بناءه على شفا جرفٍ هار فانهار به في نار جهنَّم، أحياناً قد تجد بناء سقط فيقال لك: بُني على مغارة، شيء طبيعي جداً أن ينهار لأنه ليس له أساس، فقد أنفق شخصٌ أمواله الطائلة وأنشأ بناء وفجأةً أصبح البناء أنقاضاً وتحته قتلى لا يعلمهم إلا الله، لأنه أسَّس بنيانه على شفا جُرُفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنَّم.. 


دين الله عز وجل دين ثابت لا تزيده الأيام إلا رسوخاً:


﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾  فمعتقداته باطلة غير صحيحة، الزمن أثبت بطلانها، أفكاره، معتقداته كلها غير صحيحة ومخالفة للدين ﴿اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ﴾  الحق الشيء الثابت، من نِعَمِ الله علينا أن ديننا الحنيف لا تزيده الأيَّام إلا رسوخاً، فمنذ أن ظهر هذا الدين والأحداث، والاكتشافات، والعلوم تزيدنا إيماناً بهذا الدين، أما الباطل، فأيّ إنسان اتبع الباطل، اعتنق مذهباً أرضياً وضعياً يُفاجَأ بل ويُصْعَق أحياناً بأن هذا المبدأ لا أصل له، وهذا ما جعل كل من يعتنق المذاهب الوضعيَّة التي انهارت انهياراً كبَيتِ العنكبوت، ماذا يفعلون؟ وقعوا في شرِّ أعمالهم، ووقعوا في إحباطٍ شديد وفي خيبة أملٍ مُرَّة، فالذي اتبع مذهباً أرضياً سيتعرض لمفاجأة كبيرة الآن أو بعد حين؛ لأن هذا المبدأ غير صحيح، ولا أساس له من الصحة، باطل، لكن الذي اتبع منهج الله عزَّ وجل ينام مرتاح البال، ثم إنه لا يمكن أن يظهر شيءٌ في الأرض؛ سواء أكان فكراً أو اكتشافًا، أو حقيقةً علميَّة تبطل هذا الدين لأنه من عند الله عزَّ وجل..  


من اعتمد على غير الله تضيع آماله و يقع في شر عمله:


﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾  الشيء الزائل ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ﴾  فإذا كان الإنسان مع الله، فالله لا يحول ولا يزول، أما لو كان مع إنسان مثله وهذا الإنسان مات فجأةً، ضاعت كل آماله، ولو اعتمد على جهة وهذه الجهة ضَعُفَ مركزها ضاعت كل آماله، أو لو علَّق آماله بشيءٍ وهذا الشيء فقده فجأةً وقع في شرِّ عمله..  


من كمال عقل الإنسان أن يتمسَّك بالحق و يتعلَّق بالله عزَّ وجل:


 ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾  سمعت هذه القصَّة: أنَّ إنسانًا جاء بهذا الصحن، الدش إلى بيته ولأن الصورة غير واضحة، فنصحوه أن يضعه في الشُّرفة، فلما وضعه في الشرفة تبيِّن أمام الشرفة شجرة من التين، فجاء بسلَّم، ونشرَ الغصن الذي يحجب عنه الصورة، ثم اضطرب السُلَّم فتمسَّك بهذا الغصن الذي قطعه وقد بقيت منه قطعة عالقة فوقع على الأرض وقد أُصيب بثلاثين كسراً في جسمه، إنه أمسك بشيء واهٍ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾  أمسك بشيء باطل، شيء ليس له أصل، ليس له أساس، ليس له وجود، أفكار كلَّها أوهام تعلَّق بها، بنى حياته عليها فلمَّا انهارت انهار معها، من كمال عقل الإنسان أن يتمسَّك بالحق، يتعلَّق بالله عزَّ وجل، بكل العصور، بكل العهود، بكل المجتمعات، بكل البيئات، بكل الأنظمة واللهُ هو هو لا يتغيَّر، بيده كل شيء، فإذا كنت معه فليس عندك مفاجأة أبداً، إذا كنت مع غيره نجاحك مَنُوط بهذا الذي تعلَّقت به، فالبطولة أن تكون مع الأصل، مع الواحد، مع القديم، مع الباقي، مع الذي بيده كل شيء.

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾  لماذا أضلَّ أعمالهم؟ لأنهم اتبعوا الباطل. 


العفو عن الأسرى وإطلاق سراحهم قد يقربهم من الحق:


﴿ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ(3) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ(4)﴾ 

[ سورة محمد ] 

 هذه الآية تتحدَّث عن الأسرى، الأسير إذا أطلقتَه وعاد إلى بلاد الكفَّار وقوَّى من شوكتهم، وأعاد الكَرَّة فإنه يُقْتَل، أما إذا كان العفو عنه وإطلاق سراحه تقريباً له من الحق، أو في قبول الفدية منه تُقْبَل الفدية، أو يُمَنُّ عليه بالإطلاق، أو لحكمةٍ يراها الذي يتخذ القرار الكُلِّي، وهذا متعلِّق بالقتال. 


على المؤمن أن يضعضع صفوف أعدائه و يأخذ منهم أسرى:


  لذلك: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ﴾  أيْ ضعضعتم قوَّتهم، وأزلتموهم عن مكانتهم ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾  اقبلوا الأسرى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ﴾  أي إطلاق سراحٍ بلا مقابل ﴿وَإِمَّا فِدَاءً﴾  يُفدَى الأسير بمبلغ من المال، أو بشيءٍ آخر. 


قدرة الله على إبادة أعدائه و لكنه سمح للإنسان بشرف الجهاد:


﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾  هذا المعنى دقيق جداً، دقة هذا المعنى توضِّح أن هذا الدين دين الله، فالله عزَّ وجل قادر أن يفني أعداءه عن آخرهم من عنده مباشرةً، دون أن تقاتلوهم، ولكن شاءت حكمة الله عزَّ وجل أن يسمح لكم بشرف الدفاع عن دينه، فهذا الدين دين الله، وهذا الدين لن يتخلَّى الله عنه، المشكلة أن يسمح الله لك أن تدافع عنه.


أقوى أنواع الجهاد الجهاد الفكري:


 طبعاً هناك حالات كثيرة تَمُر بالمسلمين، أحياناً الجهاد الفكري وهو أقوى جهاد، قال تعالى:

﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)﴾ 

[  سورة الفرقان  ] 

 فتوضيح الحق، تبيين الحق، إقناع الناس بالحق هذا جهاد أيضاً، فأنت إما أن تنال شرف هذا الجهاد في إيضاح الحق للناس وتبيينه، وإما أن يستغني الله عنك وهو الذي ينصر دينه، على كلٍ فالله عزَّ وجل لا ينتظر من عباده مَن ينصر دينه، هذا دينه ولا يتخلَّى عنه، لذلك: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ .


الجنة مصير من قدّم حياته رخيصة لرفع كلمة الله وإعلائها:


﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169)﴾ 

[ سورة آل عمران  ] 

 فبالجهاد يقدِّم الإنسان حياته، والإنسان إذا قدَّم ماله، فالله عزَّ وجل يتقبَّل هذا المال بيده، الصدقة تقع في يَدِ الله قبل أن تقع في يدِ الفقير، إذا أنت قدَّمت جزءاً من مالك يأخذه الله بيده على تفسيرٍ يليق بحضرة الله عزَّ وجل، فكيف إذا قدَّمت نفسك كلَّها؟! هذا شيء لا يُقدَّر بثمن، فهؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله قال سبحانه: ﴿فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ*سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾  


الله عز وجل ما ترك للإنسان الجهاد إلا ليكسبه هذا الشرف:


 أدقُّ ما في الآية الرابعة: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾  أيْ أن الله عزَّ وجل لا ينتظر من الناس أن يؤيِّدوا هذا الدين، هذا دينه ويؤيّده مباشرةً، ويهزم أعداءه من دون أن تنالوا شرف هذا العمل، ولكن إذا ترك الله الأمر لكم فمن أجل أن يُكسِبكم شرف الدفاع عن هذا الدين.. 

﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  وينبغي أن يشعر كل مؤمن إذا دعا إلى الله، إذا أقنع الناس بهذا القرآن، طبعاً لكل عصرٍ جهاده، فإذا دعا إلى الله، وأقنع الناس بالحق، فحملهم على قَبوله، أعانهم على تطبيقه، بيَّن أسرار الشريعة وكان قدوةً لهم قبل كل شيء فهذا نوعٌ من الجهاد تنال به شرف الدفاع عن هذا الدين، أما إذا استنكفت فهذا الدين دينه ولن يخذله، ولن يتخلَّى عنه. 


المؤمن حينما يرى مقامه في الجنَّة ينسى كل المتاعب التي ساقها الله له في الدنيا:


 قال هؤلاء: ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ*سَيَهْدِيهِمْ﴾  إلى الجنَّة، طبعاً بعد الدنيا لا يوجد هدى، الهدى في دار التكليف، فأما أن تأتي هذه الكلمة بعد الموت فمعناها ﴿سَيَهْدِيهِمْ﴾  إلى الجنَّة ﴿وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾  أيْ أنَّ المؤمن حينما يرى مقامه في الجنَّة يقول: "لم أرَ شرَّاً قط" ، كل المتاعب التي ساقها الله له في الدنيا ينساها، والكافر إذا رأى مكانه في النار يقول: "لم أر خيراً قط" ، كل اللذائذ التي تمتَّع بها في الدنيا ينساها. 

﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ(5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ(6)﴾ 

[ سورة محمد ] 


المؤمن بعد إخلاصه الشديد لله واتصاله العميق به يذوق طعم الجنَّة في الدنيا قبل الآخرة:


 الإنسان في الدنيا إذا اتصل بالله عزَّ وجل ذاق طعم القُرْب، فالمؤمن في ساعات تألُّقه وساعات قربه من الله عزَّ وجل يشعر بطعم أهل الجنَّة، على أثر عمل صالح، على أثر عبادة مقبولة، إذا خرج من الصيام، إذا ذهب لأداء فريضة الحج، إذا زار سيّد الأنام، بالعبادات أو بالأعمال الصالحة إذا توافر الإخلاص، والإحكام، والإتقان يسمح الله له بهذا الاتصال، ويذيقه طعم قُرْبِه، ويقول لك: أنا في جنَّة، فالمؤمن إذا دخل جنَّة الله، جنَّة الآخرة قال: هذه الجنَّة عرفت بعض مذاقها في الدنيا. 

﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾  هناك تفسير آخر: أنَّه في الجنة من يُعَرِّف أهل الجنَّة على ما فيها من خيرات حِسان، وما فيها من لذائذ، وما فيها من فواكه، فهناك من يعرِّفه على ما فيها، أو أن المؤمن حينما كان في الدنيا عَقِبَ أعماله الصالحة، أو عباداته المقبولة، أو بعد إخلاصه الشديد واتصاله العميق يذوق طعم الجنَّة، لذلك:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(46)﴾ 

[  سورة الرحمن  ] 

 بعضهم قال: "في الدنيا جنَّة وفي الآخرة جنَّة" .

شرح هذه الآيات في الدرس القادم إن شاء الله:

﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ(6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9)﴾ 

[ سورة محمد ] 

 هذه الآيات إن شاء الله تعالى نشرحها في درسٍ قادم. 


الكافر لا ينفعه عقله يوم القيامة و المؤمن يتمتَّع بسعادة لا توصف:


  أريد قبل أن أُنهي الدرس أن أقف عند ثلاث نِقاط:

 الأولى:  أنّ الكافر لا ينفعه عقله، ولا ذكاؤه، ولا قوَّته، ولابدَّ من أن يرتكب أخطاءً فاحشةً وحماقات لا توصف لقول الله عزَّ وجل: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾  وأما المؤمن فيتمتَّع بسعادة لا توصف، وهي مِصدَاق قوله تعالى: ﴿سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾  السبب أن الكافر بنى عقيدته على باطل، وسلوكه على باطل، والمؤمن بنى عقيدته على الحق، والحق أبدي سرمدي، وأن هذا الدين دين الله، وأن لكل عصرٍ جهاده، وأنك إذا سمح الله لك أن تنشر هذا الدين، وأن تدعو إلى الله عزَّ وجل بحكمةٍ وبأسلوبٍ مؤثِّر فهذا شرفٌ لك، واعلم أنَّ الله عزَّ وجل لا ينتظرك هو مستغنٍ عنك.  


ما لم ننصر دين الله فلن يحقق الله لنا أن ننتصر على أعدائنا:


﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ*سَيَهْدِيهِمْ﴾  إلى الجنة ﴿وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ*وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ أيْ أنَّ المؤمن ينتقل من جنَّة إلى جنَّة، فنِعَمه تتصل في الدنيا والآخرة معاً، لكن إذا أردتم النصر على أعدائكم.. 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ما لم ننصر دين الله فلن يسمح الله لنا أن ننتصر على أعدائنا، فالنصر على الأعداء ثمنه أن تنصر دين الله، والآية واضحة كالشمس، آية محكمة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ .

والحمد لله رب العالمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور