وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 06 - سورة فصلت - تفسيرالآيتين-33=34 خصائص الدعاة الصادقين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

المؤمن والداعية إلى الله حقيقة صفتُهما الاستقامة:


 أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس السادس من سورة فصِّلت، ومع الآية الثالثة والثلاثين، وهي قوله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)﴾

[ سورة فصلت ]

أيها الإخوة الكرام؛ من خلال الآية السابقة والآية اللاحقة يتضح أن هناك مؤمنًا مستقيمًا، وأن هناك داعيةً إلى الله ذا عملٍ صالح، وأنه لن يكون الإنسان مؤمناً إلا إذا استقام على أمر الله، ولن يكون داعيةً مخلصاً إلا إذا عمل صالحاً، أي جسَّد بسلوكه ما دعا إليه بلسانه. 

على كلّ، بعض المفسِّرين يقولون حينما قال الله عزَّ وجل: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ .

 

كل كلام سوى الدعوة إلى الله لغوٌ باطلٌ:


كأن في هذه الآية إشارةً إلى أن كل كلامٍ لغوٍ أو باطلٍ، أو كل كلامٍ يدعو إلى الرذيلة أو يدعو إلى إفساد ذات البَيْن، أو أن كل كلامٍ يدعو إلى عبادة غير الله عزَّ وجل، أو إلى أن كل كلامٍ يدعو إلى البعد عن دين الله عزَّ وجل هو كلامٌ باطلٌ لا قيمة له، لكن الكلام الحَسَن هو أن تتعرَّف إلى الله عزَّ وجل، وأن تدعو إليه. ففي هذه الآية إشارةٌ إلى بطلان كلامهم، وإلى تفاهة موضوعاتهم.

 

لا رجلَ أحسنُ قولاً من الداعية الخاضع لله:


 ثم يقول الله عزَّ وجل: 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾

[ سورة فصلت ]

طبعاً هذا استفهام تقريري، أي ليس في الأرض كلِّها رجلٌ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله. 


خصائص الدعاة إلى الله:

 

1 ـ الاستجابة لأمر الله:

الحقيقة قبل أن تدعو إلى الله ينبغي أن تستجيب له، إذا استجبت له، وطبَّقت أمره، وانتهيت عما عنه نهى، وأردت أن تنقل هذه المعرفة للآخرين الآن ترتقي إلى مستوى الدعوة إلى الله.

 2 ـ الاهتداءُ وعدمُ ابتغاءِ الدنيا:

على كل هناك آيات كثيرة في كتاب الله تبيِّن شروط هؤلاء الدعاة إلى الله الصادقين، فمن هذه الآيات:

﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)﴾

[ سورة يس  ]

فالذي يدعو إلى الله بصدق وإخلاص، لا يرجو ثواباً، ولا مديحاً مادياً ولا معنوياً، ﴿اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ(21)﴾

3 ـ الصبر:

من خصائص الدعاة إلى الله الصادقين كما أشارت إليه هذه الآيات الكريمة:

﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)﴾

[  سورة السجدة ]

فالذي لا يصبر على ابتلاء الله عزَّ وجل ليس أهلاً لأن يكون داعيةً إلى الله عزَّ وجل، لابدَّ من أن يبتلى الداعية فيصبر، لابدَّ من أن يُمتحن فيصبر، لابدّ من أن تُكشف حقيقته فيصبر، إذاً: عدم طلب الأجر، والصبر علامةٌ وخصيصةٌ من خصائص الدعاة إلى الله الصادقين.  

4 ـ الطاعة:

ثم إن الطاعة.

﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)﴾

[ سورة البقرة ]

إذاً: التزام الأمر والنهي، والصبر على ابتلاء الله عزَّ وجل، والترفُّع عن الدنيا بكل أنواعها هذه خصائص الدعاة الصادقين.  

5 ـ العلمُ مع التمحيص:

عنصر آخر من عناصر الدعوة إلى الله:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)﴾

[ سورة آل عمران ]

أي إذا شهدت للناس أسماء الله الحسنى؛ عدالته، رحمته، فهذا دليل العلم الصحيح، أما إذا كان العقل نَصِّيَّاً، أي نص دون أن تمحِّصه، دون أن تدرسه، دون أن تجعله منسجماً مع مقاصد الشريعة، نقلت ما سمعت دون تمحيص فهذا ليس علماً، إنما هو نقلٌ، وفي النقل صوابٌ وخطأ، إذاً: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ يجب أن تبيِّن للناس حقيقة الذات الكاملة، ذات الأسماء الحسنى والصفات الفُضلى.  

6 ـ خشيةُ اللهِ وحْدَه:

ومن آيات الله الأخرى التي تصف لنا الدعاة الصادقين هي قوله تعالى حينما يتحدَّثُ عن الذين يدعون إلى الله عزَّ وجل، فيقول في الآية الكريمة:

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)﴾

[ سورة الأحزاب ]

أي خشية هذا الداعية لله عزَّ وجل هي الصفة الجامعة المانعة، لأن الداعية لو خشي غير الله عزَّ وجل فتكلَّم بالباطل إرضاءً لمن خشيه، أو سكت عن الحق إرضاءً لمن خشيه، فماذا بقي من تبليغه رسالات الله عزَّ وجل ؟ إذاً: الله عزَّ وجل في كتاب الله بيَّن هؤلاء الذين يدعون إلى الله، أولاً: تطبيقهم لأمر الله، ثانياً: صبرهم على ابتلاء الله، ثالثاً: ابتغاؤهم وجه الله عزَّ وجل، رابعاً: ترفُّعهم عن المكاسب الدنيويَّة، خامساً: عدم خشيتهم من غير الله عزَّ وجل، سادساً: معرفتهم بالله المعرفة الصحيحة، إذاً: هذه الصفات التي جاءت في آياتٍ متفرِّقة من كتاب الله.

 

احذر أيها الداعيةُ أن يخالف قولُك فعلَك:


على كل هنا: 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)﴾

[ سورة فصلت ]

دعا إلى الله بلسانه، وعمل صالحاً بسلوكه، الإنسان نقَّادٌ بارع، فإذا نظر المدعوون إلى الداعي، ورأوا مسافةً بين أقواله وأفعاله لم يعبؤوا بهذه الدعوة، فتسقط من أعينهم، أما إذا تطابقت الأفعال مع الأقوال، وجاء الكلام مطابقاً للحال، وكان السلوك موافقاً للتبليغ، هذه النقطة الدقيقة جداً التي إذا توافرت في الداعية حقَّق نجاحاً كبيراً، لذلك من بعض الدعاة الصادقين من ينصح زملاءه الدعاة: "احذر أن يراك المدعو على خلاف ما تدعوه" ، وهذا التوافق الدقيق. 

الآية الأولى:﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ هنا علامة الإيمان الصادق استقامتك على أمر الله، هنا علامة دعوتك الصادقة صلاح عملك، فليس على وجه الأرض إطلاقاً إنسانٌ أنجح، ولا أفلح، ولا أفوز ممن دعا إلى الله.

 

خصيصة البيان بين الاستعمال الحسن والاستعمال السيّئ:


أي أن هذا النشاط الكلامي، وهذا النطق الذي كرَّم الله به الإنسان.

﴿ الرَّحْمَانُ(1)عَلَّمَ الْقُرْآنَ(2)خَلَقَ الإِنسَانَ(3)عَلَّمَهُ الْبَيَانَ(4)﴾

[ سورة الرحمن ]

هذا الكلام، هذا الجهاز، هذه الحنجرة، هاتان الرئتان، هذا اللسان، مخارج الحروف، هذه اللغة، هذه المعلومات، هذه القدرة البيانيَّة في الإنسان هذه كيف يستخدمها؟ ما المضمون الذي يستخدمها من أجله؟ ما الأهداف التي يستخدمها من أجلها؟ فربنا عزَّ وجل يبيِّن أن البيان تلك الخصيصة التي خصَّ بها الإنسان، البيان، ﴿الرَّحْمَانُ(1)عَلَّمَ الْقُرْآنَ(2)خَلَقَ الإِنسَانَ(3)عَلَّمَهُ الْبَيَانَ(4)﴾ هذا البيان، تلك الخصيصة النادرة التي خصَّ الله بها الإنسان، ما من موضوعٍ يسمو بها، ما من نشاطٍ ترقى به، ما من أسلوبٍ تفوز به كأن تدعو إلى الله. 

آلة غالية جداً إن لم يكن مضمونها مضموناً ثميناً، عندئذٍ هذا المضمون التافه يشوِّه هذه الآلة، اللغة قوالب، فإن وضِعَ في هذه القوالب مادَّةٌ رخيصةٌ قذرةٌ سيئةٌ هذه المادة أزرت بالقالب، أما إذا عُبِّئت هذه القوالب الثمينة بمضمون ثمين فهذا شيءٌ يسمو بها، ويرقى بها، فهذه القدرة على البيان، هذه طلاقة اللسان، القدرة على البيان، البيان الذي خصَّ الله به الإنسان هذه ميزةٌ كبيرة، فإذا كان المضمون غيبةً، ونميمةً، وفسقاً، وفجوراً، وحديثاً تافهاً، ولغواً، وحديثاً عن الشهوات، أو إيقاعاً بين الإخوة، أو تأريثاً للأحقاد، كل هذه الموضوعات تزري بهذه القوة البيانيَّة التي أودعها الله بالإنسان. 

 

اللسان طريق إلى الجنة أو طريق إلى النار:


لذلك حينما تشعر أن كلامك جزءٌ من عملك، أو أن من أعمالك كلامك، "يا رسول الله أو نؤاخَذ بما نقول؟" قال عليه الصلاة والسلام: عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: 

(( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ . ))

[ السلسلة الصحيحة : خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح رجاله ثقات ]

ألم يقل عليه الصلاة والسلام: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

(( لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ . ))

[ صحيح الترغيب : خلاصة حكم المحدث : حسن ]

ألم تقل السيدة عائشة رضي الله عنها لأختها صفيَّة: "قصيرة" فقال:

(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: حَكيتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجلًا فقال ما يسرُّني أني حكيتُ رجلًا وإنَّ لي كذا وكذا، قالت : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، إنَّ صفيَّةَ امرأةٌ وقالت بيدِها هكذا ! كأنها تعني : قصيرةٌ ، فقال : لقد مُزِجَتْ بكلمةٍ لو مُزِجَ بها ماءُ البحرِ لَمُزِجَ . ))

[ سنن الترمذي ، حسن صحيح  ، أخرجه أبو داود ]

ألم يقل الله عزَّ وجل:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)﴾

[ سورة إبراهيم ]

فبكلمة قد تُحْيي نفساً، وإنك إن أحييت نفساً أحييت نفوساً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وبكلمةٍ سيئةٍ قد تفسد نفساً، وإذا أفسدتها أفسدت جيلاً، ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ(26)﴾ .

أيها الإخوة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ. ))

[ صحيح الترغيب: حسن صحيح ]

و: إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى - يرقى بها إلى أعلى عليين. 

عن أبي هريرة : 

(( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ. ))

[ صحيح البخاري ]

بادئ ذي بدء يجب أن تعلم أن هذا اللسان قد يقودك إلى الجنَّة، وقد يقود صاحبه إلى النار.. 

احفظ لسانك أيها الإنســـــانُ         لا يلـدغنَّك إنـــــه ثعـبـــانُ

كم في المقابرِ من قتيل لسانه         كانت تهاب لقاءه الشجعانُ

[ الشافعي ]

* * *

فقبل كل شيء أحد أكبر نشاطات الإنسان كلامه؛ كلامه في البيت، كلامه في الطريق، كلامه مع جيرانه، مع زملائه، كلامه في لهوه، كلامه في حُزنه، كلامه في فرحه، كلامه في سفره، كلامه في بَيعه وشرائه، كلامه مع أصدقائه، أحد أكبر نشاطات الإنسان كلامه فالمؤمن أبرز ما فيه أنه منضبط اللسان، كلماته موزونة، كلماته منضبطة بأمر الله ونهيه، حتى إن سيدنا عمر رضي الله عنه كان يتمنَّى أن تكون له رقبةٌ كرقبة الجمل ليزين الكلمة قبل أن تخرج على لسانه بمراحل فسيحة.

 

تعريضٌ بالأقوال السيئة: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً:


كأن الله عزَّ وجل في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً﴾ معنى هذا أن هناك من يسيئ القول، هناك من يستخدم هذه القدرة البيانيَّة، هذه الخصيصة التي خصَّ الله بها الإنسان، هناك من يستخدم التعبير اللغة في غير ما وَضِعتْ له، ودائماً وأبداً أقول لكم: الحظوظ التي خصَّها الله الإنسان؛ البيان حظ، الذكاء حظ، الوسامة حظ، الغنى حظ، الصحة حظ، هذه الحظوظ إما أن ترقى بك إلى أعلى عليين فهي درجاتٌ، وإما هي دركاتٌ تهوي بها إلى أسفل سافلين. 

الإنسان الذي أوتي طلاقة لسان هذا يحاسب حساباً خاصَّاً، كان من الممكن أن يرقى بقوَّته البيانيَّة وطلاقة لسانه إلى أعلى عليين، هذا الذي أوتي مالاً كان من الممكن أن يرقى بماله إلى أعلى عليين، هذا الذي أوتي قوّةً بإمكانه أن يزيل بها المُنكر، وأن يحقَّ بها الحق، وكان من الممكن أن يرقى بها إلى أعلى عليين، فالحظوظ التي ينالها الإنسان من الله عزَّ وجل يمكن أن ترقى به ويمكن أن تهوي به.

فأول معنى في هذه الآية كأن الله عزَّ وجل يُعَرِّض بالأقوال السيئة، اللغو، الحديث عن الدنيا، الحديث في الموضوعات السخيفة، وفي الموضوعات اليوميَّة، الحديث الفارغ، الكلام الذي لا طائل منه.

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)﴾

[ سورة المؤمنون ]

كأن الله يُزري بهؤلاء الذين يستخدمون هذه القدرة البيانيَّة في موضوعاتٍ لا ترضيه، فكيف إذا استخدمت اللسان في الغيبة؟ في النميمة؟ في الفحش، في البذاءة؟ في السُّباب؟ في السخريَّة؟ في التهكُّم؟ في الإفك؟ في الافتراء؟ في الإيقاع بين الناس؟ في تأريث العداوة والبغضاء بينهم؟ في شقّ الصفوف؟ كيف إذا استخدمت هذا؟ كأن هناك كلامًا يسبِّب لصاحبه هلاكاً، وهناك كلامًا يسبِّب لصاحبه خسارةً، وهناك كلاماً يرقى بصاحبه.

الكلام في المباحات؛ ما اغتاب، ولا نمّ، لكنه تحدَّث في أمور الدنيا الزائلة، في أمور لا تنتهي، في أمور لا قيمة لها، في أمور ماضية، في أمور حجمها صغير، أناسٌ كثيرون يمضون سهراتٍ طويلة في الحديث عن الدنيا، في الحديث عن طعامها وشرابها، في الحديث عن متعها المُباحة، هذا الحديث ربَّما جرَّ لصاحبه إلى ضياع الوقت، والوقت ثمين، والإنسان بضعة أيَّام، كلَّما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه، لكن أشرف حديثٍ، وأشرف كلامٍ، وأشرف دعوةٍ، وأشرف نُطْقٍ أن تدعو إلى الله. 

 

الدعوة إلى الله تضع أمام الناس عظمة الله من خلال خلقه:


كلمة (دعا) واسعة جداً، يمكن أن تدعو إلى الله عزَّ وجل إذا بيَّنت آيات الله الكونيَّة، هذه دعوةٌ إلى الله، لأنك تضع أمام الناس عظمة الله من خلال خلقه، تضعها بين أيديهم، وكأنهم يواجهون عظمة الله عزَّ وجل، فإذا بيَّنت للناس آيةً من آيات الله الكونيَّة الدالَّة على عظمته فهذه دعوةٌ إلى الله، إذا بيَّنت للناس آيةً قرآنيَّةً دقيقة المعنى، دقيقة الأسلوب، فيها حكمٌ دقيق، فيها قانونٌ يُسعد صاحبه، إذا بيّنت آيات الله القرآنية فهذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، إذا بيَّنت سنة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلَّم، وقد بيَّن القرآن هذه دعوة إلى الله عزَّ وجل، إذا بيَّنت الأحكام الفقهيَّة التفصيليَّة التي إذا طبَّقها الإنسان سَعِد في الدنيا والآخرة هذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، إذا قصصت على الناس قصَّة رجلٍ مؤمنٍ عظيمٍ طبَّق أمر الله فسعد في دنياه وأخراه هذه دعوة إلى الله عزَّ وجل. 

كلام ربنا واسع، كلام ربنا حمَّال أوجه، أنت إن بينت للناس آيةً كونيَّةً ؛ آية في الآفاق، أو آية في أنفسهم، أو آيةً قرآنيَّةً، أو آية تكوينيَّةً، شيئاً من أفعال الله عزَّ وجل، وربطته بالموعظة والعظة، إذا بيَّنت سنة النبي، إذا بيَّنت سيرة النبي، إذا بيَّنت أحكام الفقه، إذا بيَّنت سيرة العلماء الصالحين الصادقين، كل هذه الموضوعات تُرسِّخ في الإنسان حبَّ الله، وحبَّ رسوله، وحب شرعه، ليس المطلوب أن تأخذ خطاً واحدًا، وأن تجعل كل الوقت فيه، نوِّع ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ الإنسان بحاجة إلى آيةٍ كونيَّةٍ تملأ عقله، وبحاجةٍ إلى آيةٍ قرآنيَّةٍ تغذِّي فؤاده، وبحاجةٍ إلى آيةٍ تكوينيَّةٍ إلى أن يفلسف أفعال الله عزَّ وجل، فعل الله متوافقٌ مع حكمته، مع رحمته، مع عدالته، مع قدرته، الله جلَّ جلاله يبدو تارةً قوياً عزيزاً، وتارةً رؤوفاً رحيماً، وتارة حكيماً عليماً، وتارة خبيراً، فإذا ربطت أفعال الله بأسمائه فهذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، أنا أعطيكم الخيارات الواسعة، أتحب أن تبيِّن عظمة الله من خلال خلقه، هذه دعوة إلى الله، ـتحب أن تبيِّن عظمة الله من خلال قرآنه؟ هذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، أتحب أن تبين عظمة الله من خلال أفعاله؟ فهذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، أتحب أن تبيِّن عظمة الله من خلال عصمة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم؟ بيَّنت سنته القولية والفعلية هذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، أتحب أن تقدِّم نماذج للمؤمنين الصادقين الذين تغلغل الإيمان في كيانهم جميعه فجعلهم أناساً متميزين بأخلاقهم وعلمهم ورهافة حسِّهم؟ هذه دعوةٌ إلى الله عزَّ وجل، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ أنا أعجب من إنسان مع أهله، في بيته، مع أصدقائه، في نزهاته، بأفراحه، بأحزانه، النشاط الأول في كل هذه اللقاءات هو الكلام، هل سمعت أناساً يذهبون إلى نزهةٍ وهم صامتون؟ مستحيل، هل سمعت أناساً يُدعون إلى طعامٍ وهم صامتون؟ كلُّهم يتكلَّم، فهذا النشاط الأكبر والأول في حياة الإنسان الكلام، الحديث، هذا النشاط إما أن ترقى به إلى أعلى عليين وإما أن يهوي الإنسان به إلى أسفل سافلين، كلمة لا تلقي لها بالاً يهوي بها الإنسان في جهنَّم سبعين خريفاً، كلمة من رضوان الله عزَّ وجل تهدي بها نفساً، وهذه النفس تهدي الآخرين، من خلال هذه الكلمة الطيِّبة رأيت مجتمعاً طيِّباً، كيف أن بذرة التين التي لا تزيد عن رأس دبوس قد تصنع غابةً، البذرة تصنع الشجرة، والشجرة تصنع الثمار، والثمار فيها بذور، والبذور تصنع أشجارًا، وهكذا، فكأن الله سبحانه وتعالى يلفت نظرنا، أي أيها الإنسان المكرَّم الذي أعطيتك هذا النشاط البياني، القدرة على الكلام، الحديث، التعبير عن أفكارك، عن مشاعرك، الاتصال مع الآخرين اتصال لغوي، هذا النشاط الأول أفضل استعمالٍ له أن تدعو إلى الله، وأنت حرّ في ذلك، أي أنت أمامك خيارات كثيرة، خذ أي خط؛ خط العلم، خط القرآن، التجويد دعوة إلى الله، التفسير دعوة إلى الله، استنباط الأحكام الفقهيَّة من كتاب الله دعوة إلى الله، الحديث دعوة إلى الله، علم الحديث دعوة إلى الله، متن الحديث دعوة إلى الله، أصول الفقه دعوة إلى الله، أحكام الفقه دعوة إلى الله، الفقه المُقَارن دعوة إلى الله، أي علمٍ ابتغيت به وجه الله، وأردت أن تقرِّب الإنسان به إلى الله هو دعوةٌ إلى الله، التنويع أفضل.

أنا أعجب أيضا ممن يحضر مجالس العلم، ويستمع خلال سنوات طويلة إلى دروس تفسير، ودروس حديث، ودروس سيرة، ودروس فقه، كيف لا يستغلُّ هذه المعلومات التي حصَّلها في سنوات طويلة في الدعوة إلى الله مع أهله، مع أولاده، مع زوجته، مع إخوانه، مع أصدقائه، مع جيرانه، مع من هم دونه، مع من هم فوقه، مباشرةً، بالواسطة، بكتاب، بشريط، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ .

 

الدعوة إلى الله وهداية الناس خيرٌ من الدنيا وما فيها:


هل تصدق أيها الأخ الكريم هذا الكلام كلام الصحابة الكرام كلام دقيق جداً، يقول النبي عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب سيدنا علياً كرَّم الله وجهه، هذا كلام نسمعه كثيراً، ولكن شتَّان بين أن نسمعه وأن نردده، وبين أن نطبِّقه، قال: "يا علي لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً -وفي رواية - لأن يهدي الله بك قلب رجل واحد خيرٌ لك من الدنيا وما فيها" ، قال عليه الصلاة والسلام:

(( عن سهل بن سعد الساعدي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ يَومَ خَيْبَرَ: لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَه، ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، قالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ: أيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا، فَقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ؟ فقِيلَ: هو -يا رَسولَ اللَّهِ- يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قالَ: فأرْسَلُوا إلَيْهِ. فَأُتِيَ به فَبَصَقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عَيْنَيْهِ ودَعَا له، فَبَرَأَ حتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وجَعٌ، فأعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حتَّى يَكونُوا مِثْلَنَا؟ فَقالَ: انْفُذْ علَى رِسْلِكَ حتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ؛ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ. ))

[ صحيح البخاري ]

"خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس" ، هناك شركات تجاريَّة عالميَّة قرأت مرَّة عنها، فائضها النقدي الذي لا تدري له استثماراً ألفا مليون دولار، هذه الدنيا، بعض الدول فائضها التجاري سبعون مليار دولار، هذه الدنيا فيها أموال، فيها شركات، فيها معامل، فيها متنزَّهات، فيها أماكن جميلة جداً، فيها طائرات، فيها بوارج، فيها يخوت، فيها تجارات، فقد يكون عند أحدهم محل في شارع تجاري رئيسي، يقول لك: المتر ثمنه نصف مليون، محلي خمسون مترًا،  يزهو به، لو عنده على الصفين محلات، لو كان له كل هذا الشارع على جنبيه بكل طوابقه؛ المستودعات، ومكان البيع، والمكاتب على الصفين، هذه الدنيا، يوجد شركات لها رأسمال فلكي، هذه هي الدنيا، إذا صدَّقت النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: "يا علي، لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من الدنيا وما فيها" ، تصوَّر هذه الشركات الكبرى في العالَم التي توازي ميزانيَّتها ميزانيات دول، هذه الفنادق الكبرى التي لها دخل فلكي، لو أن لك أحد هذه الفنادق، وهديت رجلاً واحداً خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، دقِّقوا في كلام سيدنا رسول الله لأن هذا المال كلُّه ينتهي عند الموت، لكن هداية هذا الإنسان تسعد به إلى أبد الآبدين. 

معنى هذا أن الإنسان إذا بذل جهدًا، اعتنى بأخيه، أكرمه، زاره، تفقَّد أحواله، أعطاه شريطاً، أعطاه كتيِّباً صغيراً، فسَّر له آية كريمة، فسَّر له حديثاً شريفاً، دعاه إلى المسجد، دعاه إلى الدروس، قدَّم له هديَّة، استمال قلبه، اعتنى بأولاده حتى مال إليك هذا الإنسان، ومال إلى مسجدك، ومال إلى دروسك، وسمع الدروس، وائتمر بأمر الله، وانتهى عما نهى الله عنه، فصار إنساناً مؤمناً، والله الذي لا إله إلا هو هذه أعظم تجارة. 

ألا ترى معي أن الذين يملكون الملايين؛ ترك ألف وثمانمئة مليون، ولكنه ترك معهم ملهى فيه كل المنكرات، ألا ترى أن هؤلاء الذين يملكون آلاف الملايين إذا ماتوا فقدوا كل شيء؟ وأنهم قدِموا على كل أنواع العذاب؟ وأن الذي ترك هذه الدعوة إلى الله، وتلك الهداية، واحد فقط ـيا علي، لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، أليس للإنسان أخ؟ أليس له صديق؟ أليس له جار؟ أليس له ابن؟ أليس له ابن ابن؟ ألا يوجد عنده بالمحل موظَّف؟ ألا يوجد عنده إنسان يعمل تحت إمرته يمون عليه؟ هذا الذي تنتفع بخبرته، وتنتفع بجهده، وتنتفع بعطائه ولا تنفعه بعلمك لقد خُنْتَهُ. 

عندك معمل فيه ثمانون عاملاً، هؤلاء العمال هم بيدك، دخلهم بيدك، إكرامهم بيدك، ألا ينبغي أن تدلَّ هؤلاء على الله عزَّ وجل؟ أنت بوظيفتك، بعملك، بعيادتك، بمكتبك، ببيتك، بدكَّانك، ألا يوجد إنسان معك؟ واحد، اسع لهداية واحد هداية صحيحة، قال له: قل: لا إله إلا الله، قال له: أسْلِم، قال: ماذا أقول؟ قال له: والله لا أعرف ماذا تقول، يجب أن تدلَّه على الله بشكلٍ صحيح، أن تبني له أُسُسَاً فكريَّة، أُسُسَاً انفعاليَّة، أُسُسَاً سلوكيَّة، هذه هي الهداية،  طبعاً فاقد الشيء لا يعطيه. 

 

حركةُ اللسان الدعوية يلزمها العلمُ والخلق الحسنُ:


أول شيءٍ: اطلب العلم الصحيح ممن تثق بعلمه وإخلاصه، اطلب الدليل، لا تقبل شيئاً من دون دليل، اطلب التعليل، اقرأ كتاب الله، افهم كتاب الله، حاول أن تفهم هذا الكلام العظيم، اقرأ سُنَّة رسول الله، اقرأ سيرة رسول الله، اسأل عن الأحكام الفقهيَّة، اطلب العلم أولاً، إذا طلبت العلم، وسجَّلته، حفظته في كتيِّب، في شريط، في ورقة، في دفتر، كل ما ليس في القرطاس ضاع، إذا سمعت العلم وسجَّلته، لمجرَّد أن تسجِّله فقد حفظته، فإذا حفظته ملكته، فإذا ملكته نشرته، بمناسبات، بنزهات، باحتفالات، من فضل الله على هذه البلدة لا يوجد فيها احتفال وأنا أطلق هذا الكلام، لا يوجد فيها احتفال إلا وفيه إلقاء كلمات، هذه دعوة إلى الله، هل سمعتم في هذه البلدة الطيِّبة عقد قِرانٍ من دون إلقاء كلمة؟ أبداً، الآن حتى في الأحزان، في التعزيات هناك إلقاء كلمات، في النُزهات هناك إلقاء كلمات ، في الاحتفالات هناك إلقاء كلمات، مجال الدعوة إلى الله واسعٌ جداً. 

فالمؤمن وأنا أقول هذا الكلمة، وأنا أعني ما أقول، في اللحظة لا في الساعة، لا في الدقيقة، في اللحظة التي يستقر فيها الإيمان في القلب يعبِّر عن ذاته بالحركة نحو خدمة الخلق والدعوة إلى الحق، لك حركتان: حركة اللسان وحركة اليد، دائماً تسعى لنفع الآخرين، المؤمن يبني حياته على العطاء، أساس حياته العطاء، وأساس حياته الدلالة على الله عزَّ وجل، يرقى بالناس بلسانه وبإحسانه، إذاً هذا الكلام يعنينا جميعاً، الله عزَّ وجل ذكر هذه الآية بأسلوبٍ مشوِّق، أي: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ لم يقل: ادعوا إلى الله، هذه الآية تقول: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً﴾ أي ليس في عبادي جميعاً إنسانٌ أفضل ممن دعا إليَّ، لكن قبل أن يدعو إليّ عليه أن يعرفني، وعليه أن يطيعني، إذا عرفني وأطاعني ثم دعا إليَّ وفَّقته في دعوته، والدعوة إلى الله لا تحتاج إلى ذكاء فقط، ولا إلى علم فقط، تحتاج إلى توفيق من الله عزَّ وجل، لأنه: "ما أخلص عبدٌ مؤمنٌ إلى الله إلا جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودَّة والرحمة" ، قلوب العباد بيد الله، فإذا عَلِم صدق عبدٍ جمعهم عليه، وجذبهم إليه فالتفوا حوله، وإذا علم كذب عبدٍ انفضوا من حوله، ومع ذلك هناك آيةٌ قرآنيَّة دقيقةٌ جداً، يقول الله عزَّ وجل مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلَّم، وهو- كما أقول دائماً - سيِّد الخلق وحبيب الحق، سيد ولد آدم، النبي الأول، الرسول المبلِّغ، المعصوم، الذي يوحى إليه، يقول الله عزَّ وجل: ومع كل هذه الخصائص، ومع كل هذه الميزات ؛ مع عصمتك، ومع كرامتك، ومع تفوُّقك، ومع فرديَّتك: 

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

[ سورة آل عمران  ]

الداعية رأسماله الأخلاق العالية؛ رحمته، تواضعه، تسامحه، أن يكون مع الناس في كل أحوالهم، لا أن يترفَّع عنهم في برجٍ عاجي، الأنبياء يمشون في الأسواق، عاشوا مع الخلق، كيف يستطيع النبي أن يدلَّ الناس على الله إلا أن يكون معهم؟ عاش معهم، فالانسحاب من المجتمع، التقوقع هذا ليس من صفات الدعاة الصادقين، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ .

 

النبيُّ عليه الصلاة والسلام أولُ المَعْنِيِّين بالآية التالية:


 الإمام الحسن رضي الله عنه كان إذا تلا هذه الآية: 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)﴾

[ سورة فصلت ]

قال: هذا رسول الله، الآية تشير إلى أنه رسول الله، هذا حبيب الله، هذا وليُّ الله، هذا صفوة الله، هذا خيرَة الله، هذا والله أحبّ أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب إليه. 

إذاً بعض المفسِّرين فَهِم أن هذه الآية تعني رسول الله، من أحسن قولاً ممن دعا إلى الله؟ أنتم أيها الكفَّار، يخاطب الله كفار مكَّة الذين عارضتموه، وكذَّبتموه، وسفَّهتم دعوته، ودعوتم إلى أصنامكم، وإلى لهوكم، وإلى طغيانكم، وإلى ظلمكم، أنتم أم هو؟ ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ .

 

الآية السابقة عامة لجميع المسلمين:


مفسِّرون آخرون قالوا: هذه الآية عامَّةٌ في كل من دعا إلى الله، وبعضهم وسَّعها أكثر فأكثر فقال: هذه الآية تخصُّ كل مؤمن، لأن المؤمن أحياناً يدعو إلى الله وهو ساكت، قال له: عندك بيض طازج؟ قال له: والله الذي عندي من يومين، جاري أحضره الآن، اذهب إليه، شيءٌ يلفت النظر، صدق، قد يكون بائعاً صغيراً لا يؤبه له يعلِّمك درساً في الصدق، امرأةٌ أصابها جُذام، فنهاها عمر أن تكون بين الناس لئلا تؤذيهم، فاعتزلت الناس، وقبعت في بيتها، فلمَّا مات عمر رضي الله عنه قيل لها: اخرجي، الذي نهاكِ قد مات، قالت: "والله ما كنت لأطيعه حياً وأعصيه ميِّتاً" ، يمكن أن تدعو إلى الله وأنت ساكت، ولا كلمة، باستقامتك، بصدقك، بتواضعك، امرأةٌ لها زوجٌ يملك مئات الملايين وليس على الحق، جرى خِلافٌ بينه وبينها فطلقها ثلاثاً وسافر، وفي أثناء سفره توفَّاه الله، فلمَّا جاؤوا ليعطوها نصيبها من الميراث بمئات الملايين قالت: أنا مطلقَّة، لقد طلقني قبل أن يسافر، فأحياناً إنسانة صغيرة تعلِّمك درساً في الأخلاق، في الصدق، في الأمانة، فالذي قال: تخصُّ كل مؤمن معه الحق، لأن المؤمن مستقيم واستقامته طاهرة، فاستقامة المؤمن لعفَّته، غض بصره، حياؤه، ذمَّته الدقيقة، ورعُه، سلوكه الظاهر، هذا دعوة إلى الله. 

 

لا يكن دورُك معاكساً لدور الداعية إلى الله:


لذلك أخطر شيء في الحياة أن يكون لك زِيّ إسلامي، أو وصفٌ إسلامي، أو خلفيَّةٌ أو انتماءٌ إسلامي، وأنت تؤذي الناس، هذا الإنسان له دورٌ معاكسٌ للداعية إلى الله، مُنَفِّرٌ من الله، مُبْعِدٌ عن الله، يقطع الناس عن الله، صار هناك من يدعو إلى الله، وهناك من ينفِّر من الله، هناك من يصل الناس بالله، هناك من يقطعهم عنه، هناك من يحبِّب الله إلى عباده، هناك من يبغِّض الله إلى عباده، لذلك أخطر شيء أن ترفع لافتةً إسلاميَّةً، وأن تسيئ إلى الناس، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ..


  الإسلامُ حقيقةً لا شكلاً وكلاماً:


أما: ﴿إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي أنت لا تتكلم بالعموميات، والقيم الروحيَّة قل: أنا مسلم، تمييع القيَم، وجعلها تتسع لكل شيء، هذه تعمية على الناس، فلان لا يشرب الخمر، فيتعلل بقوله: معدتي وأمعائي، قل: أنا مسلم لا أشرب الخمر، بِبساطة، بيِّن أن هذه الأخلاق بسبب إسلامك، لا تعزُ هذه الأخلاق إلى عادات أو تقاليد، قل: أنا مسلم، أنا أقف عند حدود الله لأني مسلم، أمتنع عن قبض هذا المال لأني مسلم. 

سمعت عن أحد الفلاسفة الفرنسيين الذين أسلموا حديثاً- روجيه غارودي- قال: قبل ثلاثين عاماً في الحرب العالميَّة الثانية كُلِّف جندي مغربي أن يقتله لأنه أسير، فأعلمه هذا الجندي أنه لا يقتله، لأن إسلامه يمنعه من ذلك، بقيت هذه الحادثة في نفسه، واعتملت في فؤاده ثلاثين عاماً حتى نقلته إلى الإسلام، ﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ .

إذا رأى الناس منك موقفاً شريفاً، أو تصرُّفاً حكيماً، أو تمنُّعاً عن طمعٍ مادي، أو ترفُّعاً عن مكسبٍ فيه شُبهَة، لا تعزُ هذا إلى مزاجك، ولا إلى طبعك، ولا إلى تربيتك، قل: هذا مما حرَّمه عليَّ الإسلام، دائماً أبْرِز عظمة هذا الدين في سلوكك لتكون داعيةً إلى الله، أما إذا قلت: هذه قيم روحيَّة عامة عمَّمتها، أخلاق، هذه أخلاق بلدنا، هذه أخلاق أسرتنا، أنت ضيَّعت الناس، هذه أخلاق المؤمن، هذه أخلاق الإسلام، الإسلام فعل كذا وكذا. 

سمعت في بلد إسلامي أنه جاءت وزيرة زائرة، هناك موظَّف كبير لم يصافحها، فغضبت أشدَّ الغضب، فلمَّا طلبته: لمَ لمْ تصافحني؟ قال: إن ديني يمنعني من ذلك، قالت هذه الوزيرة البريطانيَّة: لو أن المسلمين أمثالك لكنَّا تحت حكمكم، بيَّن لها، لم أصافح لأن ديني يمنعني من ذلك، فعندما يقيم الإنسان شرع الله عزَّ وجل لا ينبغي أن يستحيي به، ولا ينبغي له أن يعزوه إلى عادات، تقاليد، تربية، أسرة، بلد، لا، قل: هذا هو الإسلام، لأن ديني يأمرني بذلك، لأن ديني ينهاني عن ذلك، من أجل أن تربط الحقائق بصاحب الحق، هذا معنى: ﴿دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ .

 

الحسنة ترفع مستوى الدعوة إلى الله:


﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)﴾

[ سورة فصلت ]

ما علاقة هذه الآية بالتي قبلها؟ أي إذا كنت مسيئاً لا سمح الله مهما ألقيت على الناس كلاماً رائعاً، مهما ألقيت عليهم حِكَمَاً رائعةً لطيفةً، مهما تفنَّنت في شرح النصوص، مهما  تفنَّنت في تحليل النصوص، مهما كانت التعليقات رائعةً كلُّها تسقط بسبب العمل السيئ، بل إن صاحب العمل السيئ يكفر الناس بأقواله كلها ولو كانت حقَّاً، ولذلك وأنت تدعو إلى الله ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ﴾ أي بالحسنة ترفع هذه الدعوة إلى القِمَم، وبالإساءة تضع هذه الدعوة في الأوحال، فإذا أردت أن تضع دعوةً في الوحل فأسئ إلى الناس في أثناء الدعوة، وإذا أردت أن ترفع دعوةً إلى القِمَم فكن محسناً، وهذا معنى الآية الكريمة: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ .

 

إذا سقط الداعية سقط معه غيرُه:


أنت داعية، كإنسان معروف بين أهلك أنك مؤمن، إنسان معروف بالصلاح، إنسان معروف بانتمائك الديني، بهويَّتك الإسلاميَّة، إنسان معروف بين مجتمعك أنك صاحب دين، إيَّاك أن تؤذي مخلوقاً، لأن هذا الأذى يُبْطل دعوتك، يجعلها في الأوحال، فقبل أن تُسيء إلى الناس، قبل أن تكذب، قبل أن تأخذ ما ليس لك فكِّر مليون مرَّة بأنك داعية، وإذا سقطت سقطت معك الدعوة، ألم يقل الإمام أبو حنيفة كرَّم الله وجهه لهذا الغلام الذي كاد يقع في حفرةٍ قال له:  "يا غلام إيَّاك أن تسقط، فقال له الغلام: بل أنت يا إمام إيَّاك أن تسقط، إني إن سقطت سقطت وحدي، وإنك إن سقطت سقط معك العالَم"

أنا لا أرى غضاضةً في أن جزءاً من خيبة المسلمين، من تخلُّفهم، ومن ضعفهم أن حياتهم افتقدت المُثُلَ العُليا، لأن المثل الأعلى له دور خطير جداً، ما دوره؟ هو يعطيك الحقيقة مع البرهان عليها، يجب أن يكون في حياتك إنسان تثق بإخلاصه، بنزاهته، بورعه، بصدقه، ليس له مصالح أبداً، هذا الإنسان هو الذي يُنَمِّي فيك الخير، ينمي فيك العطاء، القدوة الحسنة.


  عظمة ديننا الإسلامي بالتطبيق:


وجود النبي عليه الصلاة والسلام كان لأصحابه مثلاً أعلى، كان معهم في سرَّائهم وضرَّائهم، كان مع أصحابه في سفر، أرادوا أن يعالجوا شاةً فقال أحدهم: "عليَّ ذبحها، وقال الثاني: عليَّ سلخها، وقال الثالث: عليَّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: "وعليَّ جمع الحطب، قالوا: نكفيك يا رسول الله، قال: أعلم ذلك ولكن الله يكره أن يرى عبده متميِّزاً على أقرانه" ، انتهى الأمر. 

سيدنا الصديق، ركب أسامة بن زيد الناقة، وقد عيَّنه الرسول قائداً للجيش، ومشى الصّدّيق، الشيخ الوقور، خليفة المسلمين في ركابه، قال: << يا خليفة رسول الله، لتركبن أو لأنزلن، قال: والله لا ركبت ولا نزلت، وما عليَّ أن تَغْبَرَّ قدمايَ ساعةً في سبيل الله >> سيدنا الصديق قبل أن يكون خليفة المسلمين له جارةً يحلب لها الشياه - هكذا من عادته - فلمَّا أصبح خليفةً توقَّعت هذه الجارة أن هذه الخدمة قد انقطعت، لأنه ليس متفرِّغاً لمثل هذا العمل، في صبيحة اليوم الأول من تولِّيه هذا المنصب طُرِقَ الباب، قالت: "يا بنيَّتي افتحي الباب، قالت: جاء يا أمي حالب الشاة" ، جاء ليحلب لها الشياه، فهذا الدين عظمته بالتطبيق. 

والله أنا دائماً أقول: لو أن صحابة رسول الله فهموا الدين كما نفهمه نحن، والله الذي لا إله إلا هو ما خرج الإسلام من مكَّة المكرَّمة، بقي في مكة، أما أنه وصل إلى الآفاق، إلى المشارق والمغارب بفضل هذه الأخلاق الرفيعة، والآن لا سبيل إلى أن نعود إلى ما كنا عليه إلا بتمسُّكنا، فالناس شبعوا كلاماً، ومحاضرات، وكتباً، الآن الناس بحاجة إلى مطبِّقين، إلى مُثُل عُليا، إلى أناس يطبِّقون ما يقولون، فهذه الآية دقيقة جداً، وتعني كل مؤمن. 

 

إنْ لم تكن داعية بلسانك فكن داعية بحالك وخلقك:


أول معنى: تعني رسول الله، المعنى الثاني: تعني كل داعية، المعنى الأعم والأشمل: تعني كل مؤمن، أنت لا يوجد عندك طلاقة لسان، لم تقرأ كثيراً، لابأس، كن صادقاً، كن صادقاً في مهنتك، في حرفتك، في بيعك، في شرائك لا تكذب، لا تغشّ الناس، تصبح داعيةً وأنت لا تدري، فلان لا يكذب، فلان صاحب دين، فلان أخلاقه عالية، فلان كلمته كلمة، فلان عفيف يُؤمَّن على الروح، هذه هي الدعوة لله عزَّ وجل، بإمكانك من خلال استقامتك وعملك الصالح أن تكون داعيةً إلى الله، وبإمكانك وهذا أرقى أن تدعو إلى الله بعملك ولسانك، بين ما أن هذه الآية كانت تخصُّ النبي عليه الصلاة والسلام، إذا بها تخصُّ كل داعيةٍ، ثم هي تخصُّ كل مؤمنٍ، فإذا وفَّقك الله عزَّ وجل في كل العمر إلى هداية إنسانٍ هداية صحيحة دقيقة فقد وفِّقت إلى كل شيء، وهذه الدنيا كلها لا تلتفت إليها، لأنك تخسرها عند الموت جميعها مهما حصَّلت منها:

﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(35)﴾

[ سورة فصلت ]

هذه الآيات إن شاء الله نعود إليها في الدرس القادم.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور