وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 09 - سورة العنكبوت - تفسير الآيات 27 - 35 قصَّة سيدنا لوطٍ
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

مكافأة الله للمؤمنين يوم القيامة:


 أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس التاسع من سورة العنكبوت.

وصلنا في الدرس الماضي إلى قصَّة سيدنا لوطٍ عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام، ولكن نريد أن نقف وقفةً يسيرة عند آخر آيةٍ في قصَّة سيدنا إبراهيم، حينما قال الله عزَّ وجل: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ يستفاد من قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ أن المؤمن إذا آمن بالله عزَّ وجل، واستقام على أمره، وعمل صالحاً، لابدَّ من أن يكافئه في الدنيا أيضاً، أما أن يكون المؤمن في الدنيا كغير المؤمن، أن يُعَامل المؤمن كالكافر، المستقيم كالمنحرف، المحسن كالمسيء فهذا مستحيل، مستحيل أن تكون مؤمناً ويتخلَّى الله عنك، مستحيل أن تكون حياتك، وعلاقاتك، ومهنتك، وزواجك، وبيتك، أن تكون كغيرك من الناس، لابدَّ من أن تُبْتلى، ولكنه في نهاية المطاف لابدَّ من أن تُكْرَم، لابدَّ من أن تنال كرامة الله عزَّ وجل إذا كنت وَفْقَ ما أراد، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾

[ سورة الجاثية ]

شيءٌ مستحيل.

﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾

[ سورة القلم  ]

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾

[ سورة السجدة  ]

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾

[  سورة القصص ]

لذلك:

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

[ سورة آل عمران  ]

كأن الله سبحانه وتعالى يحبُّ من المؤمن أن ترتفع معنوياته، يحبّ من المؤمن أن يكون واثقاً بعطاء الله عزَّ وجل، يحبّ من المؤمن أن يشعر أن له عند الله منزلة، أن له عند الله مكانة، أما هذا الذي يرى نفسه كغيره من غير المؤمنين، من العصاة، من الضائعين، من الشاردين، وأنه ينتظر بلاء الله عزَّ وجل، لابدَّ من أن تُمْتَحَن، لابدَّ من أن تُبْتَلَى، ولكن لابدَّ من أن تستقر أحوالك على الإكرام الإلهي، لأن الله سبحانه وتعالى هذا وعدهُ، هكذا وَعَد الله المؤمنين، قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾

[ سورة النحل ]

والذي يُثلِجَ الصدر كما يقولون إن المؤمنين ارتباطهم بدينهم أكبر بكثير من مستوى قناعتهم، لأنهم حينما آمنوا بالله، وحينما اصطلحوا مع الله، وحينما تابوا توبةً نصوحاً، وحينما عملوا الصالحات بدَّل الله حياتهم، جعلها حياةً طيِّبة كما وعدهم، جعل نفوسهم طيِّبة، حياتهم طيِّبة، جعل قلوبهم مطمئنَّة، جعلهم يشعرون بأنهم عند الله من المقرَّبين.

إذاً تعليقاً على قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ قياساً على تلك القصَّة المؤمن إذا آمن بالله، واصطلح معه، واستقام على أمره، لابدَّ من أن ينتظر الخير..﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ من خير.

﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)﴾

[  سورة التوبة  ]


  الفرق بين الأجر والأجرة والأجر والجزاء:


الآن ننتقل إلى قصَّةٍ ثانية، وهي قصَّة سيدنا لوطٍ عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام.

 لا تنسوا أن كلمة الأجر تختلف عن الأُجرة، الأجرة في الدنيا، أما الأجر فيشمل الدنيا والآخرة.

ولا تنسوا أن كلمة الأجر تفترق عن الجزاء، فالأجر للخير، والجزاء للخير والشر، الأجر شيء، والأجرة شيءٌ آخر، الأجرة في الدنيا، أما الأجر ففي الدنيا والآخرة، والأجر غالباً هو العطاء الإلهي الذي يكون تعويضاً عن عبادة الإنسان لله عزَّ وجل العبادة الحقة، وأما الجزاء فالجزاء يشمل العقاب والإكرام، أما الأجر فيختلف عن الجزاء في أنه للإكرام فقط. 

 

شيوع الفاحشة في قوم لوط:


﴿وَلُوطاً﴾ أي وأرسلنا لوطاً.. ﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ .. ما الفاحشة؟ الفاحشة العمل القبيح أو القول القبيح، أي عِظَمُ القبح في القول والعمل هذه فاحشة، والحياة الدنيا طافحةٌ بالفواحش، الخيانة الزوجيَّة فاحشة، الزنا فاحشة، تضييع العقل في شُرب الخمر فاحشة، فعِظَم القبح، القبح الشديد في الأقوال والأفعال تسمَّى فواحش، سيدنا لوط قال لقومه: ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ .. فهناك إشارة إلى أن هذه الفاحشة إنما فعلها قوم لوط أول الناس، لم يُسْبَقُوا إليها، وبعض المفسِّرين قال: إنها شاعت في قوم لوط شيوعاً لم يكن من قبل، إما أنها شاعت شيوعاً لم يكن من قبل، أو إنها كانت أول ما وقعت من قوم لوط.

 

الحسَن ما حسّنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع:


﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ .. الفاحشة العمل القبيح، العمل القبيح الذي قَبَّحَهُ الشرع، وقبَّحه العقل، والشرع دائماً متوافقٌ مع العقلِ، العقل مقياسٌ أودعه الله فينا، والشرع ميزانٌ أنزله الله على أنبيائه، فالذي قبَّحه الشرع يقبِّحه العقل، والذي قبَّحه العقل يقبِّحه الشرع ؛ ولكن إذا قبَّح الشرع شيئاً، والعقل لم يقبِّحه فالعقل قد ضَل، الأصل هو الشرع، إذا قبَّح الشرع شيئاً فالعقل إذا قبَّحه كان سليماً، وإذا لم يقبِّحه كان مُنحرفاً، فالأصل هو الشرع، أي القبيح ما قبَّحه الشرع، والحسن ما حسَّنه الشرع، فربنا عزَّ وجل مع أنه أعطانا ميزان العقل، إلا أن هذا الميزان ضُبِطَ على ميزان الشرع، وكل إنسان مؤمن عليه أن يضبط تصوُّراته، مفهوماته، موازينه، مقاييس الفوز عنده على ميزان الشرع، وإلا ما الضلال المبين؟ أن يكون لك مقياس غير مقاس الشرع، أن يُحَسِّن عقلك شيئاً قبَّحه الشرع، وأن يقبِّح عقلك شيئاً حسَّنه الشرع هذا هو الضلال، مِن هنا قيل: "اللهمَّ أرنا الحقَّ حقَّاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه" .

 

خطورة إعمال العقل وترك النقل:


الدليل الآخر؛ هناك أشياء كثيرة لو عُرِضَت على العقل البشري قبل سنواتٍ عدَّة لَكَذَّبها، الآن العقل يصدِّقها، إذاً هو قاصر، ما كان يكذِّبه في الأمس يصدِّقه اليوم، إذاً هو مقياسٌ، ولكنَّه يُستعمل في الحدود التي وضِعَ لها، وفي حدود المعطيات التي بين يديه، فلذلك الأصل هو الشرع، كما نقول دائماً: الدين نقلٌ، والعقل لفهم النقل، وإذا تعارض النقل مع العقلِ، واستحال التأويل فالنقل هو الأصل، ولابدَّ من أن يكتشف العقل بعد حين صواب النقل، لأن النقل عن الله عزَّ وجل، والله سبحانه وتعالى قرآنه وكلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنت إذا وجدت النقل، ولم تفهم حكمته فعليك أن تأخذ به بكلتا يديك، لأن العقل فيما بعد سيكتشف حكمته، والبشرية الآن تعاني ما تعاني لأنها أخذت بعقلها فقط، من هم الغربيون؟ أُنَاسٌ حكَّموا العقل في كل شيء، إلى أن فسدت حياتهم، حقَّقوا إنجازاتٍ حضاريَّة كما يقولون في الآلات، والأجهزة، وغزوا الفضاء؛ ولكن في علاقاتهم الاجتماعيَّة، وعلاقاتهم الأسرية لأنهم حكَّموا العقل، وألقوا بالشرع في عرض الطريق وراء ظهورهم، فجاءت حياتهم جحيماً لا يطاق. 

قلت في الخطبة اليوم: إنَّ ربع مليون مصابون بمرض الإيدز، وقد ذكَّرني أخٌ كريم أن هذا الرقم هو الذي أُبْلِغَ عنه فقط، أما الحالات التي لم يُبَلَّغ عنها فحالاتٌ كثيرةٌ جداً، وإنَّ عشرة ملايين إنسان يحملون هذا المرض، وهذا مرض مخيف مدمِّر، مِن أين جاء هذا المرض؟ من انحراف الإنسان عن منهج الله عزَّ وجل، إذاً منهج الله هو الأصل، فإذا تعارض العقل مع النقل فالنقل هو الأصل، والعقل بعد حين يفهم حكمة النقل. 

لذلك ينبغي للمؤمن أن يستسلم لله عزَّ وجل إذا رأى الكون، وما فيه من آياتٍ باهرات، ورأى الشرع، وما فيه من إعجاز، ورأى القرآن وما فيه من إعجاز، ورأى أفعال النبي عليه الصلاة والسلام الدالَّة على نبوَّته يجب أن يستسلم، حينما تصل بعقلِك إلى الله عزَّ وجل، وبعقلك إلى إعجاز هذا الكتاب، إذا جاءك في هذا الكتاب شيءٌ لم تَتَّضح لك حكمته يجب أن تستسلم له، لأنك بعد أن آمنت بالله بعقلك، وبرسوله بعقلك، وبكتابه بعقلك، لابدَّ من أن تستسلم، وأن تنتظر أن الله عزَّ وجل يكشف لك بعد حينٍ عن حكمة هذا الأمر. 

 

الأمر التشريعي والأمر التكويني:


دائماً يجب أن يتَّضح لديكم أن حجم المؤمن، وأن عبوديَّة المؤمن، وأن مستوى المؤمن ليس في البحث عن الحكمة، وتعليق تنفيذ الأمر على معرفة الحكمة:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

ولاسيما أنه يوجد عندنا أمران: هناك أمر الله التشريعي، وأمر الله التكويني، أي إذا قال الله لك:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

[ سورة النور ]

هذا أمر تشريعي، أن تقول: هذا الشيء لا يُطبَّق في هذا الزمان، وأنا طاهرٌ عفيف لا أتأثَّر بالنظر، فهذا كلامٌ فارغ، معنى ذلك أنك تأتي بحكمٍ آخر، وإذا قضى الله شيئاً  جعل هذا الإنسان عقيماً، جعل له ذريَّةً من البنات فقط هذا أمرٌ تكويني، يجب أيضاً أن تستسلم.


  الله عز وجل فطر الإنسان فطرة معينة:


﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ﴾ .. هنا يوجد نقطة دقيقة جداً، أن ربنا عزَّ وجل فطرنا فطرةً معيَّنة، قال تعالى:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)﴾

[  سورة آل عمران  ]

فكل رجلٍ أَوْدَعَ الله فيه حبَّ المرأة.. شيءٌ جميل.. لكن الله عزَّ وجل جعل لهذه الشهوة قناةً نظيفةً طاهرة نقيَّةً، إنها قناة الزواج، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها طريقاً نظيفاً للسير فيه.

لنأخذ على ذلك موضوع النساء؛ بعد أن أودع الله في الإنسان حبَّ النساء سمح له بالزواج، فالزواج قناةٌ نظيفةٌ مشروعةٌ طاهرةٌ نقيَّةٌ بنَّاءَةٌ، وإذا زنا الإنسان خرج عن أمر الله عزَّ وجل، خرج عن شرعه، خرج عن منهجه، خرج عن تعليمات الصانع، فيدفع الثمن باهظاً، ولكنّ فعْلَ قوم لوط شيءٌ آخر، حتَّى لو زنا الإنسان فهذا الزنا فاحشة، وله مضاعفات، فيه اختلاط أنساب، فيه خيانات، فيه مشكلات كثيرة جداً، لهذا حرَّمه الله عزَّ وجل، بل إن الله عزَّ وجل أبلغ من أن يُحَرِّمه فقال:

﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)﴾

[ سورة الفرقان  ]

نفى عن المؤمنين أنهم يزنون، والنفي أبلغ من النهي عند علماء الأصول..﴿وَلا يَزْنُونَ﴾ وهناك نهيٌّ عن الزنا، وعن مقدِّمات الزنا، وعن الاختلاط، وعن كل ما أدَّى إلى الزنا، لقوله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)﴾

[ سورة الإسراء ]


  مراحل الإنسان في التعامل مع الغير؛ الإدراك والانفعال والسلوك:


هذه نقطة مهمَّة جداً أتمنَّى عليكم أن تكون واضحة عندكم؛ الإنسان في تعامله مع من حوله، مع المحيط الذي يحيط به في ثلاث مراحل؛ الإدراك، والانفعال، والسلوك. 

مثلاً لو أن إنساناً رأى في بستان حيَّة، بحكم معلوماته ومفهوماته التي درسها في المدارس، أو ملاحظاته في بعض المتاحف الزراعيَّة، أو قراءاته، أو تجاربه السابقة، أو القصص يدرك أن هذه أفعى، حصل إدراك، إذا كان الإدراك صحيحاً لابدَّ من انفعال، ما الانفعال؟ أن يضطرب، وإذا كان الانفعال صحيحاً لابدَّ من سلوك، إما أن يهرب منها، وإما أن يقتُلها، جئت بهذا المثل لأنه ما من علاقةٍ مع المحيط الخارجي إلا وينتظمها هذا القانون، إدراكٌ فانفعالٌ فسلوك، أنت يمكن أن ترى وردةً جميلة، تدرك أنها جميلة، وتنفعل بجمالها، وتقول: سبحان الله! ما أجملها! إلى هنا لست مؤاخذاً على شيء، لو نظرت إلى وردة، إلى شجرة، إلى بيت، إلى حديقة، إلى بحر، إلى شيء جميل أودع الله فيه شيئاً من جماله، إنَّك إن أدركت، وإن انفعلت فلا شيء عليك، إلا في موضوع المرأة، الوردة لو قطفتها تُحاسَب، لو أخذتها من غير حقّ تُحاسب، لكن موضوع المرأة موضوعٌ آخر؛ محرَّمٌ أن تنظر، ومحرَّمٌ أن تنفعل، ومحرَّمٌ أن تخطو، لأن الله عزَّ وجل هكذا أمرنا، فقال: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ ..

 

الحكمة مِن تقديم غض البصر على حفظ الفرج:


يبدو أن تقديم غضِّ البصر على حفظ الفرج تقديمٌ دقيقٌ جداً، بمعنى أن الإنسان لا يستطيع حفظ الفرج ما لم يغضَّ البصر، فأن يأتي غضّ البصر قبل حفظ الفرج معنى ذلك أن غضّ البصر طريقٌ إلى حفظ الفرج، إنَّك في الوردة إن نظرت إليها، وأدركت جمالَها، وانفعلت بهذا الجمال، ولم تقطفها، ولم تعتدِ عليها، لا يحدث شيءٌ إطلاقاً، ولست آثماً في شيء، إلا أنك في موضوع المرأة، النظر يؤدي إلى الانفعال، والانفعال يؤدي إلى السلوك، هذه معصيةٌ فيها قوَّة جذب، وكل معصيةٍ فيها قوة جذبٍ حُرِّمَ عليك مُقَدِّماتها..﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا﴾ يؤكِّد هذا قول الله عزَّ وجل:

﴿ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)﴾

[ سورة البقرة ]

 

الزنا خروج عن منهج الله واللواط خروج عن الفطرة:


لابدَّ من أن تدع هامش أمانٍ بينك وبين المُحَرَّمات المتعلِّقة بالنساء، ولكن هذا الإنسان الذي أودع الله فيه حبَّ النساء، واقترف جريمة الزنا.. الزنا جريمة.. ماذا فعل هذا الإنسان؟ خرج عن منهج الله، لكنَّه لم يخرج عن فطرته، الفطرة أن الله أودع في الإنسان حبَّ النساء، خرج عن منهج الله، خرج عن تنظيم الله عزَّ وجل، عن أمره ونهيه، ولكنَّه حينما اقترف هذه الجريمة لم يخرج عن فطرته، أما جريمة اللواط ففيها خروجٌ عن الفطرة الإنسانيَّة التي فطر الله الناس عليها، لأسباب كثيرة.. ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ﴾ ، الله عزَّ وجل قال: 

﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)﴾

[  سورة البقرة ]

معنى الحرث مكان الزراعة، إنك تزرع هذا الماء فينبت ذلك الغلام، الذي يسميه بعض الأدباء: ثمرة القلب..﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ إذاً العلاقة في موضع الحرث، ربنا عزَّ وجل قال: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أنَّى بمعنى كيف، بمعنى أين، بمعنى متى، علماء الأصول استفادوا من كلمة: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ إذاً يجب أن يكون هذا الإتيان في موضع الحرث لا في موضعٍ آخر، إذاً كلمة أنَّى بمعنى أين مرفوضة في هذه الآية لأدلَّةٍ كثيرة، هؤلاء قوم لوط.. ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ﴾ موضعٌ قَذِر، وطريقٌ يؤدي إلى دمار النوع البشري، تعطيلٌ للمرأة، ماذا قالت بنت الحارث لابنتها حينما زُفَّت إلى زوجها؟ قالت: "يا بنيَّتي، إنَّ الوصيَّة لو تُرِكَت لفضل أدبٍ تُرِكت لذلك منكِ، ولكنَّها تذكرةٌ للغافل ومعونَةٌ للعاقل، ولو أن المرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، أو لشدَّة حاجتهما إليها لكنتِ أغنى الناس عنه.. دقِّقوا في قول هذه المرأة.. ولكن النساء للرجال خُلِقْن ولهُنَّ خُلِقَ الرجال" . يوجد تصميم إلهي، يوجد صانع صمَّم هذا الكائن ليكون زوجةً، أودع فيها رجاحة العاطفة، أودع فيها رقَّة الإحساس، أودع فيها طبيعة الانقياد، أودع فيها صفاتٍ نفسيَّةً كثيرة تؤهِّلها أن تكون زوجةً صالحة، وأودع في جسمها أجهزةً تؤهِّلها لأن تنجب الأولاد، ويبقى النسل مستمرَّاً، وتحافظ البشريَّة على نوعها، وأودع فيها أنماطاً سلوكيَّة، وقدرات عقليَّة، وخصائص نفسيَّة تؤهِّلها لأن تكون في أداء مهمَّتها، أو أن تؤدي مهمَّتها على أكمل وجه، وصمَّم الرجل ببناءٍ عقلي، وبناءٍ نفسي، وبناءٍ اجتماعي، وبناءٍ عَضَلِي مادي يؤهله ليحقِّق مهمَّته في الحياة على أكمل وجه. هذه هي الفطرة، الزنا محرَّم، ولكن الذي يستقل بالرجال من دون النساء انحرف لا عن مبادئ الشريعة؛ بل انحرف عن مبادئ الفطرة أيضاً، سلك سبيلاً شاذاً، وهذا المرض العضال الذي يهدِّد البشريَّة من أقصاها إلى أقصاها، ما من ناقوس خطرٍ يُدقُّ الآن بأشدّ إيقاعاً على النفس من ناقوس خطر هذا المرض العضال الذي تعاني منه البلاد المُتَحَلِّلة، البلاد التي لا منهج لها، البلاد التي لا تؤمن بمنهج الله عزَّ وجل. 

 

تفسيرات الآية التالية:


إذاً: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾. . لهذه الآية تفسيران؛ الأول: أن هؤلاء القوم الشاذين حينما يأتون الرجال يقطعون النسل، هذه المرأة التي كرَّمها الله عزَّ وجل، والتي صمَّمها تصميماً تُكَمِّلُ به الرجل، ويؤلِّف معها أسرةً طيّبةً، تنجب الأولاد الأطهار، هذا التصميم الإلهي عُطِّل.. ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ قطعتم سبيل الزواج، قطعتم سبيل الله عزَّ وجل.

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾

[  سورة الروم ]

قُطِعَ هذا السبيل، قُطع النسل، قُطِعَت هذه العلاقة الطيِّبة، ولا أكتمكم أن هناك حقائق اجتماعيَّة في بلاد الغرب يندى لها الجبين، وقد لا تُصدَّق لهولها، الآن تجري عقود زواج في الكنائس في بلاد أمريكا وأوروبا زواج بين الشبَّان أنفسهم، أي هناك انحرافاتٌ لا يتصوَّرها العقل، انحرافٌ لا عن منهج الله بل انحرافٌ عن أصل الفطرة.. ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ .

هناك تفسير آخر لهذه الآية،؛ وهو أن قوم لوط كان إذا مرَّ بهم شبَّانٌ أخذوهم عنوةً وفعلوا بهم الفاحشة، وعذَّبوهم، هذا المعنى الآخر التاريخي. 

 

جرائم قوم لوط:


﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ ..الآن الجريمة الأولى: هذا الانحراف السلوكي، والجريمة الثانية أن تُرْغِمَ إنساناً على أن تفعل به الفاحشة، هذه جريمة ثانية، والجريمة الثالثة أنكم تأتون هذه الجريمة المنكرة في ناديكم أمام بعضكم بعضاً، جرائم متراكبة، جريمة الشذوذ الأخلاقي، وجريمة الإكراه عليه، وجريمة إتيانه أمام الملأ، إذاً هذا الذي يأتي هذه الجرائم الثلاثة بشكلٍ مخيف.

قرأت البارحة أن مليون طفل في أمريكا يُعْتَدَى عليهم من قِبَل آبائهم، في كتاب دراسة علميَّة، وتقارير أصوليَّة من قِبَلِ آبائهم، إذاً هذه جريمة رابعة أو خامسة. 

 

موقف نبي الله لوط من عَمَل قومه التنبيه والتحذير:


﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ .. يبدو أن سيدنا لوط عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام نبَّههم، وحذَّرهم، وأوعدهم، وخوَّفهم، وأنذرهم، يبدو أنه خوَّفهم بعذاب الله، ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ .. وهذا شأن العصاة، كلَّما حذَّرته من عقاب الله، كلَّما حذَّرته من عذاب الله، تقول له: يا أخي ربنا كبير، عنده أمراض مخيفة، عنده فقر شديد، عنده عذاب مهين، يوجد عذاب أليم، يوجد عذاب مديد، يوجد عذابُ كبير، يوجد عذابُ عظيم، أنت كُلُّكَ بيده، لو أن الكلية تعطَّلت، وتوقَّفت لأصبحت الحياة جحيماً، لو أن هذا الجهاز تعطَّل لأصبح الموت قريباً، لو، لو، كلَّما ذكَّرته بعذاب الله استهزأ وقال: ائتنا بعذاب الله. 

سمعت مرَّة أنّ إنساناً يعمل في حقل ألغام استهزأ بالله، قال: إن كان موجوداً فليثبتْ وجوده، داس على لُغْمٍ من دون أن ينتبه فانفجر في وجهه، وفقد بصره، قلت: سبحان الله! الله سبحانه وتعالى أعطاه فرصة ليتوب، فكلَّما خوَّفتَ هؤلاء، وأنذرتهم، وحَذَّرتهم، وبيَّنت لهم قالوا: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ .

 

ما هو النذير؟


 1 ـ القرآن:

لذلك يوم القيامة يقول ربنا عزَّ وجل لهؤلاء الكفَّار المنحرفين:

﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)﴾

[ سورة فاطر ]

يقول الإمام القرطبي في تفسيره: النذير هو القرآن، بيانٌ إلهي، تحذيرٌ ربَّاني، تفصيل مشاهد يوم القيامة..

﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)﴾

[ سورة الحاقَّة  ]

فالقرآن نذير..

﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)﴾

[  سورة الفرقان  ]

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)﴾

[ سورة المعارج  ]

آياتٌ كثيرة في " جزء عَمَّ " فيها إنذار وتحذير، فالقرآن نذير. 

2 ـ النبي الكريم:

والنبي عليه الصلاة والسلام نذير.  

3ـ سنّ الأربعين :

وسِنُّ الأربعين نذير.. 

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾

[ سورة الأحقاف ]

سنُّ النُضْجِ، والتعقل.. من بلغ الأربعين ولم يغلب خيره شرُّه فليتجهَّز إلى النار.. 

4 ـ سنّ الستين:

وسن الستين نذير.  

5 ـ الشيب:

والشيب أيضاً، يقول الله عزَّ وجل في بعض أحاديثه القدسيَّة: "عبدي شاب شعرك، وانحنى ظهرك، وضعف بصرك، فاستحيِ مني فأنا أستحي منك" .. 

6 ـ المصائب:

والمصائب نذير. 

7 ـ موت الأقرباء:

وموت الأقرباء نذير، لذلك قال ربنا عزَّ وجل: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ أما حينما يأتي العذاب فترى هؤلاء المتنطِّعين، المتعجرفين، المتغطرسين، المتكبرين، المُكابرين، تراهم لا يلوون على شيء، تراهم خانعين، عليهم ذلَّةٌ وقتر من ضعفهم وخوفهم.

 

الحقائق تُكشف بعد الموت:


يا أيها الإخوة الأكارم؛ القضية قضية وقت، هذه الحقائق لابدَّ من أن تُكشف عند الموت.

﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾

[ سورة ق ]

القضيَّة قضية وقت، قضية أن تعرف الحقيقة قبل فوات الأوان، فإذا ما عرفها الإنسان الآن فلابدَّ من أن يعرفها، ولكن بعد فوات الأوان. 


  الجهل بقدرة الله سبب استعجال العذاب:


﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ .. هذا الذي يقول: ائتنا بعذاب الله ، هذا القلب بيده، ضربات القلب، انتظام ضربات القلب، تَضَيُّق الشرايين، عمل الرئتين، الكليتان، اتصال الأوامر من الدماغ إلى العضلات، لو تعطَّل هذا الاتصال لأصابه شلل، هذا الذي يقول: ائتنا بعذاب الله هل عرف نفسه؟ لو عرف نفسه لعرف ربَّه، لو عرفت أنك لا تستيقظ صباحاً إلا إذا كانت آلاف الأجهزة، والغدد، والأعضاء، والأنسجة تعمل بأدق انتظام، لو أن شيئاً واحداً اختل.. أعرف رجلاً أصابَهُ مرض اسمه "فقر دم لا مُصنِّع"، أي معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام توقَّفت عن صنع الكريات الحمراء، لماذا؟ لا أحد يدري، لا زال هذا المرض مجهولاً.

إنسان آخر له صحَّةٌ جيِّدةٌ جداً ذوى كما يذوي العود، قالوا: لأن طحاله بدل أن يأخذ كرية الدم الميِّتة ليحلِّلها إلى عناصرها، صار يأخذ الكريَّة الحيَّة والميَّتة، فصار معه فقر دم، ومات بهذا المرض، واسم هذا المرض: نشاطٌ زائدٌ في الطحال، شيء غريب.

 إنسان آخر مات من الرُّعاف، قَلَّت في دمه الصُفيحات الدمويَّة، فيمكن أن ينزف دمه كلُّه من الرُّعاف، ومات بهذا المرض.. فيا ترى هل يهتم الإنسان بالصُفيحات الدمويَّة أم بالأعصاب أم بالبنكرياس أم بالغدد أم بالطحال أم بالكبد أم بالنُخامية أم بالدرقيَّة أم بالكظر أم بالكليتين؟ هذا الذي يقول: ائتنا بعذاب الله إنسان جاهل جهلاً مطبقاً، لا يعرف الله، ولا يعرف نفسه، ولو عرف نفسه لعرف ربَّه، لو عرف أن كل هذه الأجهزة تعمل بانتظام.  

الإنسان يقف على قدمين لطيفتين، لولا جهازٌ أودعه الله في الأذن الداخليَّة جهاز التوازن، أنصاف أقواس، ثلاثةُ أقواس فيها سائل وفيها شعيرات، فإذا مال الإنسان يمنةً أو يسرةً تنبَّهت هذه الشعيرات، فشعر باختلال توازنه فعدَّل توازنه، لولا هذه القنوات قنوات التوازن للزمه أن يسير على عكَّازين دائماً، أو أن تكون أقدامه باتساع خُفِّ الجمل كي يكون استناده مطمئناً أو مستقراً، هذا الذي يقول: ائتنا بعذاب الله هل يعرف من هو؟ لا تستيقظ صباحاً إلا وآلاف الأجهزة، والخلايا، والأنسجة، والغدد الصم وغير الصم تعمل بانتظام. 

أعرف رجل جيداً - رحمه الله - خرج من معمله يبحث عن بيته فلم يجد بيته، بقي ساعةً من حيّ إلى حي، أصابه فقدُ ذاكرةٍ جُزْئِيّ، فما وصل إلى البيت إلا بعد أن ذهب إلى بيت ابنه وقاده ابنه إلى بيته، من أنت؟ هناك فقدُ ذاكرة، هناك فرط تذكُّر، دخل ابنٌ على أبيه، وكان مسافراً، من أنت؟ ما عرفه، فلذلك هذا الذي يقول: ائتنا بعذاب الله إنسان جاهل، لا يعرف نفسه، لو عرف نفسه لعرف ربَّه. 

مئة وأربعون مليار خليَّة استنادية في الدماغ لم تُعْرَف وظيفتها بعد، أربعة عشر مليار خلية سمراء قشريَّة في الدماغ ؛ مركز المحاكمة، مركز التصوُّر، مركز التذكُّر، مركز السمع، مركز البصر، هذه العين، واللهِ الذي لا إله إلا هو العين وحدها آيةٌ دالَّةٌ على عظمة الله، هذه الشبكية عشر طبقات، وفي هذه الطبقات العشرة مئة وثلاثون مليون عُصيَّة ومخروط، كلُّها مرتبطة بأعصاب دقيقة جداً يجمعها العصب البصري الذي تعداده أربعمئة ألف عصب، تُجمعُ بعصب واحد، هذه الشبكيَّة بعُصياتها ومخاريطها تتأثَّر بالضوء، وينِشأ من تأثُّرها بالضوء تيارٌ كهربائيٌ متفاوت الشدَّة يُنْقَل إلى الدماغ فترى الصورة، لكن كيف ترى الصورة على حقيقتها؟ والله لا ندري، بحجمها الكبير؟ لا ندري، بألوانها الدقيقة؟ لا ندري، وفي العين عملية مطابقة معقدَّة جداً يعجز عن فهمها الأطبَّاء، فهذا الذي يقول: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ جاهل، كتلة جهل متحرِّكة، ما الشلل؟ إنسان فجأة تجد أنه أصبح مشلولاً، شيء لا يحتمل، النقل تعطَّل، شريانٌ صغيرٌ في المخ لو ضاق عن حجمه الحقيقي لنسي الإنسان كل معلوماته، يقول أحدهم: واللهِ أنا كنت طبيباً.. خير إن شاء الله.. قد ينسى الإنسان كل معلوماته، وكل خبراته، وكل تجاربه إذا تضيَّق شريانٌ في الدماغ، إذاً دماغٌ، وسمعٌ، وبصرٌ، وذاكرةٌ، ومحاكمةٌ، وتصوُّرٌ، وقلبٌ. 

القلب له مركز كهربائي مستقل عن الجسم، وهناك مركزٌ ثانٍ احتياط، ومركز ثالث، ثلاث عُقَد كهربائيَّة في القلب من أجل أن تضمن له ضرباته المنتظمة، هذا الذي يقول: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ جاهل، الأعصاب ؛ الإنسان فيه شرايين يُقَدَّر طولها بمئة وخمسين كيلو متراً، وفي كل ميليمتر مكعَّب خمسة ملايين كريَّة حمراء، وفي كل ثانية يموتُ اثنان ونصف مليون كريَّة حمراء ويولد كذلك، فأنت هل ستهتم بنقي العظام أم بالطحال أم بماذا؟ إذاً الإنسان كلَّما زاد علمه زاد أدبه مع الله، كلَّما زاد علمه زادت خشيته، كلَّما زاد علمه زاد تواضعه، كلَّما زاد علمه زاد خوفه، لذلك قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "كلَّما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي"، وعلامة العالِم التواضع، وعلامة الجهل التكبُّر، يقول الإمام الشافعي أيضاً: "ما ناقشني عالِمٌ إلا غلبته، وما ناقشني جاهلٌ إلا غلبني"، لأنه جاهل.

 

الفاحشة فساد كبير:


﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ .. يبدو أن في هذا العمل فساداً كبيراً، فساد في العلاقات الاجتماعيَّة، فساد في الزواج، هذا الطفل إذا فعلت به الفاحشة أصبح إنساناً آخر، أين عزَّته؟ أين كرامته؟ أين شرفه؟ أين طموحه؟ أين مكانته؟ أصبح شيئاً حقيراً قذراً دنيئاً، فهذا فساد كبير، فساد في الأطفال، فساد في الفاعلين، فساد في الزواج، فساد في كل علاقة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: عن أبي هريرة رضي الله عنه:

(( إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ.. وَقَوْلُهُ: الْحَالِقَةُ يَقُولُ: إِنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ. ))

[ صحيح الترمذي : حسن ]

فساد علاقات اجتماعيَّة، فساد علاقات أسريَّة، فساد زواج، فساد اتصال.

 

الظلم سبب وجيه لإهلاك قوم لوط:


﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ .. أيْ ملائكة الله عزَّ وجل هم رسُلُهُ هنا في هذه الآية، جاؤوا سيدنا إبراهيم ليبشروه بغلامٍ عليم، وبأن امرأته سوف تَلِد، في أثناء هذه البشارة.. ﴿قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ يبدو أن هناك مسافةً قصيرةً بين قرية سيدنا إبراهيم وقرية سيدنا لوط، تَروي بعض الأخبار التاريخيَّة أن قوم لوط كانوا على سواحل بحيرة لوط، وقد سُمِيَّت بحيرة لوط باسمه أو البحر الميِّت، ﴿إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ .. انظروا إلى التعليل، أي إهلاك القُرى له سببٌ وجيه.

 

استبعاد إبراهيم عليه السلام أن يُهلِك الله لوط مع قومه:


﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً﴾ .. قال بعض المفسِّرين: إن إبراهيم عليه السلام لا يُعْقَل أن يصدِّق، أو أن يعتقد أن عذاب الله عزَّ وجل سيصيب قوم لوط مع لوط، ولكن أراد هذا النبي الكريم أن يدعو الله عزَّ وجل بأن يُمْهِلَهُم قليلاً لأن فيهم لوطاً، أو إكراماً للوط، إما أن يمهلهم، وإما إكراماً لهذا النبي الكريم، على كل حينما قال الله عزَّ وجل:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾

[  سورة الأنفال  ]

هذه ميزةٌ لأمَّة سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، ما دامت محبَّة هذا النبي في قلوبنا، وما دامت سُنَّته في سلوكنا، فكأن الله سبحانه وتعالى طمأننا أنه لن يعذِّبنا، والمعنى الذي يَصِحُّ مع وجوده صلَّى الله عليه وسلَّم فيما بين قومه، ما دام النبي بين ظهرانيهم، أو ما دامت سنته مطبّقةً في سلوكهم، أو محبَّته قائمةً في قلوبهم فلن يُعَذَّبوا..﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ إذاً: ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً﴾ أي لعلَّهم يهتدون، أو إكراماً له.

 

الله عزَّ وجل عَدْلُهُ مُطْلَق وحكمته مطلقة:

 

﴿قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا﴾. . الله عزَّ وجل عَدْلُهُ مُطْلَق، حكمته مطلقة، خبرته قديمة، علمه قديم، الإنسان كما نقول: لو أصدر مئة حكمٍ عادلٍ وحكماً ظالماً يسمَّى عند الناس عادلاً، لكن حضرة الله عزَّ وجل هو المُطْلَق، أي أحكامه كلَّها عادلة، تصرُّفاته كلها حكيمة، قلت لكم في الخطبة اليوم: كل شيءٍ وقع أراده الله، كل ما أراده الله وقع، إرادته متعلِّقةٌ بالحكمة المُطلقة، وحكمته متعلِّقةٌ بالخير المطلق.


  نجاة لوط ومن آمن به وتعذيب من كفر:


قالوا: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ .. أيْ أصابها غبار قومها، أحَبَّت قومها وأقرَّتهم على عملهم، لذلك من غاب عن معصيةٍ فرضي بها كان كمن شهدها، ومن شهد معصيةً فأنكرها كان كمن غاب عنها، إذا رأيت معصيةً لا تقبل بها، أنْكِرها بقلبك، وإلا تشترك مع صاحبها في الإثم، يكفي أن تقول لإنسان كسب مالاً حراماً: دبَّرَ حالَه، قال له: ما شاء الله عليك، وعلى هذا الذكاء، إلى أين أنت ماشٍ؟  أنت بهذا شاركته بالإثم، هذا الكسب الحرام إذا أثنيت على صاحبه، أو باركت له، أو أقررته على عمله فقد شاركته في الإثم.. ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ .. أحبَّت قومها، وأقرَّتهم على معصيتهم، وخانت زوجها، لا خيانة فراش ولكن خيانة دعوة، لذلك قال الله عزَّ وجل:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)﴾

[  سورة التحريم  ]

 

مجيء الملائكة إلى سيدنا لوط في أحسن صورة بَشَرٍ:


﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ﴾ .. الله عزَّ وجل جعل هؤلاء الملائكة حَسَنِي الوجوه، شباب في مقتبل عمرهم، هكذا جعلهم بهذه الصورة، وأسبغ عليهم جمالاً أخَّاذاً، فلمَّا جاؤوا سيدنا لوط ضاق بهم، خاف عليهم أن يعتدي قومه عليهم.. ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)﴾ .. لذلك السعيد من اتعظ بغيره، والشقي من اتعظ بنفسه، ربنا عزَّ وجل جعل قوم لوط عبرةً للإنسانيَّة من بعدهم إلى يوم القيامة، والحقيقة إما على مستوى جماعي، أوْ على مستوى فردي، فكل انحرافٍ فيه ضربةٌ قاصمة.. 

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) ﴾

[  سورة البروج ]

إن على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي. 

 والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور