وضع داكن
18-04-2024
Logo
الدرس : 16 - سورة الأنعام - تفسير الآيات 51-53 ، ابتغوا الرفعة عند الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس السادس عشر من دروس سورة الأنعام.


الذي أغلق سمعه وبصره عن الحق هذا لا سبيل إلى هدايته لأنه قرّر ألّا يؤمن :


 ومع الآية الواحدة والخمسين، وهي قوله تعالى:

 

﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(51) ﴾

[ سورة الأنعام ]

 أيها الإخوة الكرام، لأن الله سبحانه وتعالى قال:

﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(6) ﴾

[  سورة البقرة  ]

 فالذي أغلق سمعه وبصره، أغلق سمعه عن سماع الحق، وجعل على بصره غشاوةً عن رؤية الحق، هذا لا سبيل إلى هدايته، لأنه قرّر ألّا يؤمن، وقد قال بعض المفكرين: لم أجد أشد صمماً من الذي يريد ألّا يسمع.

﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًۢا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلْكِتَٰبِ(43) ﴾

[ سورة الرعد  ]

 إذاً: الإنسان حينما يبحث عن الحقيقة، حينما يحاسب نفسه، حينما يسأل: من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟ حينما يبحث عن سرّ وجوده، لماذا أنا في الدنيا؟ ماذا يُراد مني؟ ماذا بعد الموت؟ ما الذي يُرضي الذي خلقني؟ حينما يبحث الإنسان عن إجاباتٍ لأسئلةٍ كبيرةٍ، هذا أنذره يا محمد، هذا يُنتَظر أن يستجيب لك.


آيات تؤكد أنه يستحيل أن تعرف الحقيقة وأنت لا تطلبها :


أما الذي يبحث عن شهوته فقط هذا جعل على بصره غشاوةً، وجعل في أذنيه وقراً، والقرآن كما قال الله عز وجل:

﴿  وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُواْ لَوْلَا فُصِّلَتْ ءَايَٰتُهُۥٓ ۖ ءَا۬عْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ ۖ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍۢ(44) ﴾

[ سورة فصلت  ]

 وقال :

﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾

[  سورة الإسراء  ]

 وقال :

﴿  وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ(198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(199) ﴾

[  سورة الشعراء  ]

 إذاً: يستحيل أن تعرف الحقيقة وأنت لا تطلبها، يستحيل أن تضع يدك على الحق وأنت لا تبحث عنه، وهذا المعنى الدقيق تؤكده آيات كثيرة:

﴿ وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49)﴾

[  سورة آل عمران ]

 قد يقول أحدكم: أنا أؤمن بالآيات، أما إذا كنتُ مؤمناً من قبل أنتفع بهذه الآيات، ما معنى هذا الكلام؟ معنى هذا الكلام أنه ما لم تتخذ قراراً بمحض اختيارك في البحث عن الحقيقة لن تنتفع بالحقيقة، فلذلك أنا أُشبّه الإنسان الذي لا يطلب الحقيقة كآلة تصوير غالية جداً التقطتَ بها أجمل المناظر، ولكن هذه الآلة ليس فيها فيلم يستقبل هذه الصور.


الله عز وجل تولى هداية كل باحث عن الحقيقة :


 بعض المسلمين يريد أن يقول: إن هؤلاء الذين اخترعوا هذه المنجزات حتماً هم في الجنة، من جعلك وصياً على البشر؟ هو أراد الثروة فقط، أراد الشهوة فقط، أراد التفوق في الدنيا فقط، فلماذا تحمِّله ما لا يطلب؟ لماذا تُقحِمه فيما لا يريد، لست وصياً على أحد، تقييم العباد من شأن خالق العباد، استرح وأرح، نحن نحكم بالظاهر والله يتولّى السرائر، لذلك يقول الله عز وجل : 

﴿وَأَنْذِرْ بِهِ﴾ أي بالقرآن ﴿الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ قال بعض أصحاب النبي رضوان الله تعالى عليهم: " أوتينا الإيمان قبل القرآن " أي بحثنا عن الحقيقة، وصلنا إليها، من هذا يتضح أن الله عز وجل حينما قال:

﴿  وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ(69) ﴾

[  سورة العنكبوت  ]

 أنت حينما تسأل: يا رب أين الحق؟ يتولى الله أن يهديك إليه، هذا الطلب العميق، هذا الطلب الذي تنطوي عليه  الله عز وجل تولّى هدايتك، قال تعالى:

﴿  إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12) ﴾

[  سورة الليل  ]

 الله عز وجل تولى هداية كل باحثٍ عن الحقيقة، فلذلك مما يطمئن الإنسان قوله تعالى :

﴿  وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ(23) ﴾

[  سورة الأنفال  ]

 لا تقلق على البشر، لو أن إنساناً في أطراف الدنيا طلب الحقيقة لساقه الله إليها، أو لساقها إليه، هذه حقيقة مقطوع بها، لأن الله تولّى هداية الخلق، هو خلقهم ليسعدهم، خلقهم ليهديهم إليه، خلقهم ليدفعهم إلى بابه، خلقهم ليكونوا سعداء في الدنيا والآخرة، قال تعالى:

﴿ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ(119) ﴾

[  سورة هود  ]


معنى التوحيد :


 لا تصغوا إلى من يقول: الله عز وجل خلقنا ليعذبنا، هذا كلام الشيطان، هذا كلام مرفوض، الله عز وجل خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليهدينا إليه.

 إذاً أيها الإخوة ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ هؤلاء يصغون إليك، هؤلاء يُرجَى أن يستجيبوا، هؤلاء يُرجى لهم أن ينجوا من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة: 

﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾ هذا هو التوحيد، هم يعلمون علم اليقين أن الله وحده هو الذي يحفظهم، وأنه مهما كنت قوياً، ومهما كنت غنياً لا ينفعك غناك ولا قوتك عند الله عز وجل، لا ينفعك إلا استقامتك واتباعك للحق، لذلك الله عز وجل وحده لا منجى منه إلا إليه، نعوذ برضاك من سخطك، لا منجى منه إلا إليه ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ﴾ يتولى أمرهم ﴿وَلَا شَفِيعٌ﴾ يشفع لهم، لذلك يوم القيامة يأتي الناس فُرادى، أما في الدنيا يتواطؤون، يتآمرون، يدعمون بعضهم على باطل. 


المؤمن وقَّاف عند كتاب الله تعالى :


 ذكرت اليوم أن بيتين من الشعر يفسران تناقضات العالم اليوم:

قتلُ امرئ في غابة      جـريمة لا تغتفر

وقـتلُ شعب مسلم      مـسألة فيها نظر

***

 الناس يتواطؤون مع القوي، يخافون بطشه، أو يرجون ما عنده، فيضعون تحت أقدامهم قناعاتهم، لكن يوم القيامة يأتي الناس فرادى، كل إنسان سوف يأتي ربه فرداً، لا معين، ولا نصير، ولا ولي، ورد في بعض الآثار " أنه قد تقع عين الأم على ولدها يوم القيامة، تقول: يا بني، قد جعلت لك بطني وعاءً، وصدري سقاءً، وحجري غطاءً، فهل من حسنة يعود خيرها علي اليوم؟ يقول: ليتني أستطيع ذلك يا أماه، إنما أشكو مما أنت منه تشكين " .

 لذلك: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ هذه النفس اللوامة، هذه النفس التي تقلق لذنب ألمّت به، هذه النفس التي تحاسب ذاتها، هذا الذي يتحرك حركة عشوائية، هو دابة عند الله عز وجل، أما المؤمن وقّاف عند كتاب الله، النفس اللوامة تحاسب نفسها حساباً عسيراً، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيراً، لذلك رأس الحكمة مخافة الله، كلما ازددت علماً بالله ازددت خوفاً منه، لأنك تعرف عن عدالته شيئاً كثيراً، تعرف أنه الحق، وأنه العدل، وأن الناس يوم القيامة تُسوَّى حساباتهم، يُؤخَذ للمظلوم من الظالم، ولو يعلم الظالم في الدنيا كم سيأخذ المظلوم من الله لضنّ أن  يظلمه.

 مرةً قال أحدهم لشخص: لقد اغتبتني، قال: ومن أنت حتى أغتابك ؟ من أنت ؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي، لأنهما أولى بحسناتي منك .

 الظالم لو علم يوم القيامة ما سيأخذ هذا المظلوم من الله لضنّ أن يظلمه في الدنيا .

﴿  فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) ﴾

[  سورة الحجر  ]

(( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ))

[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

  

لو أن شاة قرناء نطحت شاة جلحاء بلا قرون لأُخِذ حقها يوم القيامة، لو أن إنساناً اصطاد عصفوراً ـ دققوا ـ لغير مأكلةٍ، للتسلية، لأن هوايته الصيد، أتى يوم القيامة له دويٌّ تحت العرش، يقول: يا رب، سله لمَ قتلني؟ 


العبرة أن تكون عند الله مرضياً :


 والله أيها الإخوة، لو يعلم الناس ماذا ينتظرهم من حساب دقيق لَعدُّوا للمليار قبل أن يظلموا مخلوقاً، شعوب تُقتل بأكملها، في آخر الزمان ظلمٌ لا يعلمه إلا الله، أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم :

(( تُمْلَأُ الْأَرْضُ جَوْراً وَظُلْماً ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعاً أَوْ تِسْعاً ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً ))

[  أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ . ]

 أيها الإخوة، هذا الذي يخاف أن يُحشر إلى الله فيسأل، هذا مظنّة خير، يا محمد، توجّه لهذا الإنسان، وقد قال الله عز وجل:

﴿  فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى(9) ﴾

[  سورة الأعلى  ]

لقد أسمعت لو ناديت حيـاً       ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت         ولكنك تنفخ في رمـادِ

***

 المؤمن يرى أن الأمر بيد الله وحده، وأن الناس، كل الناس لو أثنوا عليك ولم تكن عند الله مرضياً فلا قيمة لثنائهم، ولو أن الناس جميعاً غضبوا عليك ولم تكن عند الله مغضوباً لما أثّروا عليك إطلاقاً، العبرة أن تكون عند الله مرضياً.

﴿  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ(54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ(55) ﴾

[  سورة القمر  ]


سبب نزول الآية التالية:


 أيها الإخوة، الآن في هذه الآية التالية:

﴿  وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ(52) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 زعماء قريش، سادة قريش، عِليَةُ القوم في قريش، لما رأوا أن الذين حول النبي صلى الله عليه وسلم  فقراء، من دهماء الناس، ومن سُوقتهم، من المستضعفين، وهناك مصطلح جاهلي من الصعاليك، يعني إنسان فقير، يعني إنسانٌ في الدرجة الدنيا في المجتمع، لا يُؤبَه له، لا يُفتَقد إذا غاب، ولا يُعرَف إذا حضر، أشعث أغبر ذو طِمرَين، مدفوعٌ بالأبواب، لما رأى سادة قريش، وزعماء قريش، وكبراء قريش، الأقوياء، الأغنياء، الذين آتاهم الله مالاً، وجاهاً، وشأناً، وقوةً، رأوا ضعافاً حول النبي صلى الله عليه وسلم من أراذل القوم، أي من فقرائهم.

 فأبوا أن يجلسوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا محمد، إن أردت أن نأتيك ينبغي أن تطرد هؤلاء، لأننا لا نجتمع وإياهم في مكان واحد، أو لأن اجتماعنا بهم يُزري بنا، ويُذهِب هيبتنا، نحن في مستوى رفيع، وهم في مستوى وضيع، فيا محمد، إن أردت أن نأتيك فاطرد هؤلاء ، 

﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ فلما أبى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، هؤلاء أرادوا وجه الله عز وجل، أعطوه حلاً وسطاً، إن أردت أن نأتي إليك فاجعل لنا وقتاً ولهم وقتاً، إن خرجنا من عندك فاسمح لهم بالدخول إليك، النبي عليه الصلاة والسلام لشدة حرصه على هداية الخلق، ولأنه تصوّر وهو الذي أحب الخلق جميعاً أن هؤلاء الكبار إذا أسلموا كل أتباعهم يُسلمون، فكأنه مال إلى أن يقبل حلهم الوسط، أن يكون لهؤلاء الكبراء مجلس، ولهؤلاء الضعفاء والفقراء مجلس آخر، لكن جاء العتاب الإلهي.


عتاب الله عز وجل نوعان :


لكن يجب أن نعلم علم اليقين أن عتاب الله عز وجل نوعان، عتاب لك، وعتاب عليك، ما معنى عتاب لك؟

 لو أن أباً رأى ابنه يدرس، ويدرس، ويدرس حتى وصل في الدراسة إلى درجة أنه لم ينَمْ، يعتب عليه، يقول له: يا بني، ينبغي أن تنام قليلاً، ينبغي أن تتلطف بجسمك، هو مطيتك، هو يعتب عليه أم يعتب له؟ يعتب له، فرق كبير، أما لو رآه لا يدرس إطلاقاً، يضيع وقته، يتمشّى في الطرقات، يهمل واجباته المدرسية، يعتب عليه، فإذا عتب الله على النبي صلى الله عليه وسلم فهو يعتب له، فلشدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم  على هداية قومه ، لحرصه الكبير على أن يأخذ بيدهم إلى الله، لطمع النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الكبار إذا أسلموا لَحِقهم في الإسلام أتباعهم، من هنا بدا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل العرض الثاني، ولكن الله عتب له، وقال له: يا محمد دعك منهم، لا خير فيهم، اشتغل بهؤلاء الفقراء، بهؤلاء الذين يريدون وجه الله عز وجل .

 لذلك نحن في الدنيا إخواننا الكرام من حركة الحياة ظهرت قيم اصطلح الناس عليها في الدنيا، الغني يُعظّم ولو ارتكب أخطاء كبيرة، والقوي يُعظّم، والذكي يُعظَّم، والوسيم يُعظّم، والصحيح يُعظم، الذكاء، والوسامة، والصحة، والقوة، والغنى، هذه قيم البشر اصطلح الناس على أن يقيّموا بعضهم بها، ولكن القرآن الكريم لم يعتمد هذه القيم، اعتمد قيماً أخرى، قال تعالى:

﴿   يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِى ٱلْمَجَٰلِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَٰتٍۢ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11) ﴾

[  سورة المجادلة  ]

 وقال تعالى:

﴿  وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْءٍۢ ۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) ﴾

[  سورة النساء  ]

 وقال تعالى:

﴿  وَلِكُلٍّۢ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(132) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 قيمتان لا ثالث لهما، قيمة العلم وقيمة العمل، هذه القيم التي اعتمدها القرآن الكريم في الترجيح بين الخلق، لذلك ينبغي أن نقول: لا يمكن أن تنهض أمة إلا إذا اعتمدت قيم القرآن، أما قيم الحسب والنسب، وقيم المال والغنى، وقيم القوة والبطش، فهذه قيم لم يعتمدها القرآن، ولم يقبلها.

ابتغوا الرفعة عند الله :

﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ يريدون وجه الله، يريدون ذاته، إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي، يريدون ما عنده من نعيم مقيم، يريدون رضوانه، يريدون قربه، يريدون أن يرضى عنهم، هؤلاء لو كانوا بالمقياس الأرضي في الدرجة الدنيا من السلم الاجتماعي هم عند الله في أعلى مكان، وفي أعلى مرتبة لذلك: 

(( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ  ))

[ الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ]

 واللهِ مرة كنت في مؤتمر في المغرب، وهذا المؤتمر في فندق من أرقى الفنادق هناك، استمعت صباحاً إلى صلاة جهرية، إلى صلاة فجر من مستخدَم في الفندق، وقد آتاه الله صوتاً شجياً، صلى الفجر بصوت مرتفع، واستمعت إليه، جاءني خاطر، قلت: لعل هذا الإنسان الذي لا يُؤبه له في هذا الفندق الذي فيه كبراء القوم أن تكون قلامة ظفره عند الله تعدل ألف رجل من كبراء الدنيا.


الفرق بين الكفار والمؤمنين كما وردت في القرآن الكريم :


 إخواننا الكرام، مقاييس الدنيا لا يعبأ الله بها، لذلك آتى قارون المال وهو لا يحبه، وآتى فرعون الملك وهو لا يحبه، فماذا آتى الأنبياء ؟ آتاهم العلم والحكمة .

﴿  وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(16) ﴾

[  سورة القصص  ]

 لذلك يقول الله عز وجل:

 

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ سَاجِدًا وَقَآئِمًا يَحْذَرُ ٱلْآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِۦ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ (9) ﴾

[  سورة الزمر  ]

 والله عز وجل يقول:

﴿  أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ(18) ﴾

[  سورة السجدة  ]

 ويقول الله عز وجل:

﴿  أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) ﴾

[  سورة القلم  ]

 ويقول الله عز وجل:

﴿  أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(61) ﴾

[  سورة القصص  ]

 وقال :

﴿  أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ(21) ﴾

[  سورة الجاثية  ]


الدنيا مزرعة الآخرة فمن عرف ربه واستقام على منهجه وسعى إلى مرضاته فهو الفائز :


 أنا أتمنى أن هذا المؤمن المطيع لله أن تكون معنوياته في أعلى درجة، هو عبد لله صالح .

﴿  وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139) ﴾

[  سورة آل عمران  ]

 ينبغي ألا نُعجَب لا بأموالهم ولا بأولادهم، هؤلاء الذين شردوا عن الله عز وجل وتغطرسوا، واستعلوا، واستكبروا، ونظروا بازدراء إلى المؤمن، ينبغي ألا نعبأ لا بقوتهم، ولا بجبروتهم، ولا بأموالهم ، ولا بما عندهم من إنجازات حضارية، ينبغي أن نعلم علم اليقين أن هذه الدنيا مزرعة الآخرة، فمن عرف ربه، واستقام على منهجه، وسعى إلى مرضاته فهو الفائز، قال تعالى :

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

[  سورة الأحزاب  ]

 وقال :

﴿  كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ (185) ﴾

[  سورة آل عمران  ]

 إذاً يا محمد، أنت اجتهدت لحرصك على هداية الخلق، اجتهدت أن هؤلاء الكبراء لعلهم يسلمون، لعلهم يؤمنون، لأنهم كبراء لعل من حولهم يقلدونهم، ولكن لا تعبأ بهم، احرص على هؤلاء الضعاف، على هؤلاء الفقراء، هم يبتغون وجه الله عز وجل .


دع تقييم الناس لله وحده لا تحاسَبُ عنهم ولا يحاسبون عنك :


 يعني أحياناً الغني إن أراد أن يستمع إلى الحق ليضيف إلى متعه متعة روحية، هو لا يغيّر ولا يبدّل ، ولا يدع المعاصي والآثام ، لكن يريد أن يضيف إلى أمجاده أنه في عقد قران ابنته دعا فلاناً، وألقى كلمة ، قد يكون ماله حراماً، وقد تكون علاقاته ليست كما ينبغي، الإنسان ما لم يستجب لله عز وجل ولرسوله فلا شأن لهذا الإنسان ولو كان غنياً أو قوياً .

 يعني مرة أُقِيم عرس في فندق كبير، وكلف بضع عشرات من الملايين، وقد وُزِّع الخمر، وجيء بالراقصات، إلى ما لا نهاية من المعاصي والآثام، وعلى بطاقة الدعوة كُتِبَ " الطيبون للطيبات"!! 

﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ إن عليك إلا البلاغ ، أنت لست مكلفاً أن تحاسبهم ، لأن هناك من يقول : إن هؤلاء الضعاف مظلومون ، لجؤوا إليك كي تحل مشكلاتهم، من يعلم ذلك؟ قد يأتي إنسان إلى مسجد، قد يقول إنسان خصم له: ما جاء إلا لينتفع، من قال لك ذلك ؟ أنت شققت على صدره ؟ تعلم الغيب ؟ تعلم ما أخفاه الله عن كل الخلق ؟ لا تكن وصياً على الخلق، دع تقييم الناس لله وحده، لا تحاسَبُ عنهم، ولا يُحاسَبون عنك، لا تُحاسَب عنهم لأن الله أمرك أن تقيِّم الناس بالظاهر والله يتولى السرائر .


كلمة فتنة ليست مذمومة لذاتها بل مذمومة لنتائجها :


 أيها الإخوة ، قال تعالى :

﴿  مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 الله عز وجل منح إنساناً صحة وابتلى إنساناً بالمرض، الصحيح يُفتَن بصحته، والمريض يُفتَن بمرضه، الصحيح يفتن بصحته أيشكر الله على نعمة الصحة؟ والمريض يفتن بمرضه أيصبر؟ ابتلى إنساناً بالغنى وإنساناً بالفقر، كلمة فتنة ليست مذمومة لذاتها، بل مذمومة لنتائجها، فتنة أي امتحان، قال تعالى يخاطب سيدنا موسى :

﴿إِذْ تَمْشِىٓ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُۥ ۖ فَرَجَعْنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَٰكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّٰكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِىٓ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍۢ يَٰمُوسَىٰ(40) ﴾  

[ سورة طه  ]

 امتُحِنت فنجحت، فالإنسان مُمتَحن في شيئين؛ ممتحن فيما أُوتي، وممتحن فيما زُوِيَ عنه، إن كان غنياً ممتحنٌ بالغنى، وإن كان فقيراً مُمتَحن بالفقر، وإن كان قوياً مُمتَحنٌ بالقوة، وإن كان ضعيفاً مُمتحنٌ بالضعف، فأنت مُمتحن فيما زُوِيَ عنك، وممتحن فيما أوتيتَ، مُمتحن مرتين، فلذلك الغني قد ينجح في امتحانه وقد لا ينجح، والفقير قد ينجح وقد لا ينجح، فالعبرة ليست في الامتحان بل في النتيجة، ربما نجح الفقير في امتحان الفقر ولم ينجح الغني في امتحان الغنى، فاستحق الفقير جنة عرضها السماوات والأرض، واستحق الغني الذي لم ينجح في امتحان الغنى عذاباً أليماً إلى أبد الآبدين، فالعبرة ليست في نوع الفتنة بل في نتيجة الفتنة؛ النجاح ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ إذاً: نحن مُمتحنون فيما زُوِيَ عنا، وفيما مُنِحْنَا إياه، من هنا من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم: 

((  اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغاً لِي فِيمَا تُحِبُّ  ))

[  الترمذي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ  ]

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور