وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 45 - سورة الأنعام - تفسيرالآيتان 114 – 115 ، العمل الصالح ـ والخبر الصادق
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الخامس والأربعين من دروس سورة الأنعام، ومع الآية الرابعة عشرة بعد المئة ، وهي قوله تعالى :

﴿  أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ(114) ﴾

[ سورة الأنعام ]


أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا


 أيها الإخوة، أي إنسان كائناً من كان لا بد له من مرجع يرجع إليه، الحياة معقدة جداً، والأمور مشتبهة، ومقاييس الخير والشر مضطربة، وصراع بين المصالح والقيم، وبين الحاجات والمبادئ، فالإنسان التائه الشارد بحاجة إلى مرجع ، الله عز وجل يقول : 

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾ الخالق المُسيّر، الرب، القوي، الغني، العليم، الخبير، المُحب، الرحيم، أيُعقل أن تتخذ مرجعاً غيره؟ أيعقل أن تتخذ حكماً غيره؟ أيعقل أن تُحكِّم إنساناً جاهلاً ضعيفاً منحازاً محدوداً في مصيرك ؟ ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا ﴾

 أيها الإخوة : حينما قال الله عز وجل :

﴿  يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)  ﴾

[  سورة الشعراء  ]

 القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهِي شهوة لا ترضِي الله، ولا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد غير الله، ولا يحتكم إلا لشرع الله .

 إخواننا الكرام، الله عز وجل يقول :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍۢ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًا مُّبِينًا(36) ﴾

 

[ سورة الأحزاب ]

 هناك اجتماعات كثيرة، ولقاءات كثيرة، ومؤتمرات كثيرة، حين الحديث عن جدول الأعمال يقال: هذه الموضوعات ليست خاضعة للبحث، لأنه مُسلّم بها، وكل أمة عندها خطوط حمراء، وقضايا مسلّم بها لا تخضع للبحث أبداً .

 أقول لكم: المؤمن الصادق، والمؤمنة الصادقة فيما شرع الله، وفيما حكم الله، وفيما أنزل الله، وفيما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس له خيار أبداً، القضايا التي بت فيها الشرع ليست خاضعة للبحث ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ حال الناس اليوم كل واحد يرى نفسه مشرعاً، يقول لك: هذا الحكم لا يصلح لهذا الزمان، هو مشرّع. 

يقولون هذا عندنا غير جائز  فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ 

* * *

 ورحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده . 


من علامات المؤمن عدم مناقشة حكم الله

 من علامات إيمان المؤمن أنه لا يقبل مناقشة فيما شرع الله عز وجل ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾ المشكلة الآن أيها الإخوة ، أن كل شيء في الدين حتى المسلّمات ، حتى الذي فيه آيات محكمات خاضع للبحث، تُؤلّف لجان، تُعقد ندوات، تُناقش قوانين نابعة من صلب القرآن، قوانين الأحوال الشخصية نابعة من الشرع الإسلامي، هي معرض للنقاش، ومحل للبحث، والأصح في هذا الموضوع أنها محل للنقد.

 فلذلك أيها الإخوة، علامة إيمانك أن الذي شرعه الله عز وجل مبدئياً غير قابل للبحث، لأنك مع طبيب يحمل شهادة عليا من بلد بعيد لا تناقشه أبداً، بل تستسلم له ، فكيف مع خالق السماوات والأرض؟

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ۦ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1) ﴾

[ سورة الحجرات ]

 لا تقدم اقتراحات، لا تقدم اعتراضات، لا تقدم بدائل، لا تقدم قواعد، أنت عبد، إذا كان سيد الخلق، وحبيب الحق يقول :

﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِـَٔايَةٍۢ قَالُواْ لَوْلَا ٱجْتَبَيْتَهَا ۚ قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ مِن رَّبِّى ۚ هَٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ(203) ﴾

[  سورة الأعراف  ]

 هذا مقام العبودية ، أن تتبع ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام . 


أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا


 أيها الإخوة، لعِظَم الموضوع ولخطورته، ولأنه قد يلغي إيمان المؤمن جاءت الصيغة استفهاماً إنكارياً :﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾ معقول؟! شاب له أب كبير، كبير بعلمه، كبير بآدابه، كبير بتديّنه، كبير برعايته، ولهذا الشاب صديق منحرف لا يتابع دراسته، يتابع رفقاء السوء، من ملهى إلى ملهى، أيُعقل أن يتخذ هذا الشاب هذا الصديق مرجعاً له ومستشاراً؟ وينسى أن أباه الذي أغدق عليه من الخيرات ما لا يحصى!

يعني قضية أن تتخذ من دون الله ولياً، قضية أن تتخذ من دون الله حَكماً، قضية أن تتخذ من دون الله مرجعاً، هذا يلغي إيمانك ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ لو تابعتم بعض الأخبار في أكثر الاجتماعات، والمفاوضات، واللقاءات، يقال: هذه القضايا تحتها خط أحمر، ليست خاضعة للبحث، وأنتم أيها المؤمنون لكم أن تدرسوا قضية في التجارة، في الصناعة، في السكنى، في الزواج، في الأشياء المباحة، أما في قضية بتّ فيها الشرع فممنوع أن تفكر في خيرية هذا الشيء أو عدم خيريته، لأنه كما يقول علماء العقيدة: الحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبّحه الشرع، لأنه من عند الخالق، وكلما نما إيمانك لا تحتاج إلى تعليل، علة أيّ أمرٍ أنه أمرٌ، وكلما اتضحت حكمة الأمر ضعفت العبودية فيه، وكلما خفيت حكمة الأمر ازدادت العبودية فيه.

 كمثل واضح وصارخ، أن إبراهيم عليه السلام أُمِر أن يذبح ابنه، هذا لا يندرج لا في القيم، ولا المقبولات، ولا في الأشياء المعقولة إطلاقاً:

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ(102) ﴾

[  سورة الصافات  ]

 قدم لنا الله نموذجاً من الاستسلام المطلق لله عز وجل، لكن الله ما ضيعه، امتحنه امتحاناً صعباً فنجح.

﴿  وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى(37) ﴾

[  سورة النجم  ]

 أيها الإخوة :

﴿ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰٓ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٍۢ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى ٱلظَّٰلِمِينَ(124) ﴾

[  سورة البقرة  ]

﴿  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ(142)  ﴾

[  سورة آل عمران  ]

﴿  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(1)  ﴾

[  سورة العنكبوت  ]

 الحياة كلها امتحانات .

﴿ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ﴾

[  سورة المؤمنون  ]

 علة وجودك في الأرض الامتحان، الدليل :

﴿  الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(2)  ﴾

[  سورة الملك  ]

 نحن في حالة صعبة، الضلالات، والشبهات، والطُّروحات التي لا تُقبل بين أيدي الناس جميعاً، ولا يعصمك من هذه الضلالات إلا أن تأوي إلى ركن ركين .

 سيدنا علي يقول: " يا بني ، الناس ثلاث، عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق " .

 الناس عالم ومتعلم، وما سوى ذلك ليسوا من بني البشر. أيها الإخوة ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ﴾ هذا منهج .

﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ(1) ﴾

[  سورة الأنعام ]

 في كفة .

﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُۥ عِوَجَا(1)  ﴾

[ سورة الكهف  ]

 في كفة ثانية، الكون كله في كفة، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا والذي :

﴿ لَّا يَأْتِيهِ ٱلْبَٰطِلُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۦ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾

[ سورة فصلت ]

 في كفة ثانية، الله عز وجل خلق الأكوان، ونوّرها بالقرآن، معنا وحي السماء أيها الإخوة، فضل كلام الله على كلام خلْقه كفضل الله على خلقه . 


أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا 


 أيها الإخوة ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ معك منهج، معك كتاب بين لك سر وجودك وغاية وجودك، ومن أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟ معك كتاب فيه أسباب سلامتك، وأسباب سعادتك، وأسباب توفيقك، معك كتاب إن طبقته فهو :

﴿ إِنَّ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا(9) ﴾

[  سورة الإسراء ]

 معك كتاب إذا طبقته لا تحزن، لا يحزن قارئ القرآن، معك كتاب بيّن الله فيه كل شيء، فيه خبر ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا تنقضي عجائبه .


وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ


﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ بربكم أيها الإخوة، أقوى معرفة على الإطلاق أن تعرف ابنك، هل هناك أب من ستة آلاف مليون إنسان يدخل إلى بيته ويقول لأحد أبنائه: ما اسمك ؟ مستحيل ! أسرع معرفة، وأوضح معرفة، والمعرفة التي لا تُنسَى أبداً أن يعرف الأب ابنه، ماذا قال الله عز وجل قال ؟ قال : 

﴿ ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَعْرِفُونَهُۥ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(146) ﴾

[  سورة البقرة ]

 يعني أهل الكتاب يعرفون أن هذا الإنسان العظيم، النبي الكريم هو نبي مرسل ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ فلمَ لمْ يؤمنوا به ؟ المصالح ، هذا المعنى دقيق جداً :

﴿ ٱشْتَرَوْاْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلً ا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِۦٓ ۚ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(9) ﴾

[  سورة التوبة  ]

 هو له دنيا، له مكانة، له أتباع، لم يقبل أن يضحي بمكانته، ولا بأتباعه فيما لو آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وغاب عنه أنه لو آمن برسول الله لرفع الله له ذكره، حينما قال الله عز وجل :

﴿  أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ(2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ(3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ(4) ﴾

[  سورة الشرح  ]

 ما مِن إنسان يخطب ود الله، ما من إنسان يضع نفسه بالتعتيم ليُظهِر الحق إلا رفع الله له ذكره، لذلك كان بعضهم يقول: " أحب أن أكون ذنباً في الحق، ولا رأساً في الباطل " أنت حينما تضع نفسك في سبيل خدمة الحق يرفع الله لك ذكرك .

 إخواننا الكرام، أنت بحاجة إلى الطعام والشراب للحفاظ على الفرد، على ذاتك، وبحاجة إلى الزواج للحفاظ على النوع، وأنت بحاجة إلى الذكر، إلى أن تكون مهماً ذا شأن، هذا سماه علماء النفس تأكيد الذات، أن تكون مهماً، وتأكيد الذات، وأن تكون ذا شأن، وأن يرفع الله لك ذكرك، في طاعة الله، هؤلاء الذين خضعوا للحق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا معواناً له على نشر الحق، ووضعوا أنفسهم في الظل، ورفعوا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أين هم الآن ؟ في جنات :

﴿  فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ(55) ﴾

[  سورة القمر  ]

 ألست إذا كنت معتمراً وقفت أمام قبر النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تحولت عنه إلى قبر سيدنا الصديق رضي الله عنه، ثم تتحول عنه إلى قبر سيدنا عمر رضي الله عنه، هكذا السنة، هكذا آداب الزيارة، إذاً هؤلاء الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم رفعوا الله ذكرهم، وهؤلاء الذين ناصبوه العداء في مزبلة التاريخ، ما قيمة أبي جهل؟ هؤلاء الذين ناهضوا الحق، وصدقوا أيها الإخوة، إن أشقى إنسان على وجه الأرض هو الذي يقف في خندق معادٍ للحق، وإذا قال الله عز وجل :

﴿ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۖ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ(4) ﴾

[ سورة التحريم ]

 هما حفصة وعائشة: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾

 يا رب، كل هذا من أجل امرأتين ؟ قال علماء التفسير: لا ، ليس من أجل امرأتين، ولكن من أجل أن يعلم كل إنسان إلى يوم القيامة أنه إذا وقف في خندق معادٍ للحق يجب أن يعلم من هو الطرف الآخر.

 أنت الآن في الدنيا قد تجد إنسانًا هزيلاً صغيراً، لكنه ينتمي إلى الدولة، تخاف أن تعتدي عليك ، لماذا؟ لأن الدولة كلها وراءه، أليس كذلك ؟ لا تنظر إليه، انظر إلى من وراءه، فلذلك أعظم الناس من كان جندياً للحق، وأنا أقول لكم: لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله، ولكن اقلقوا ما إذا سمح الله لكم أو لم يسمح أن تكونوا جنوداً له .

 إخواننا الكرام، يجب أن تفكر بشكل جدي أن تقدم شيئاً لله، أن تلقى الله بعمل، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، التي ربّت بناتها تربية إسلامية، وحجّبتهم تلقى الله وهو راضٍ عنها، وهي في بيتها لم تخرج من بيتها، الأب الذي يرعى أولاده له طريق إلى الجنة وهو في بيته، الأم التي تربي أولادها، والتي ترعى زوجها لها طريق إلى الجنة وهي في بيتها، والذي يعمل عملاً، يقدم للمسلمين بضاعة جيدة بسعر معقول له طريق إلى الجنة، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، الوقت الذي تمضيه في عملك وقت طويل، ما قولك أن ينقلب عملك إلى عبادة؟ ما قولك؟ عملك، حرفتك، إذا نصحت المسلمين، إذا كان عملك في الأصل مشروعاً، وسلكت به الطرق المشروعة، ونويت من خلاله كفاية نفسك وأهلك، وخدمة المسلمين، ولم يشغلك هذا العمل عن فريضة، ولا عن واجب ديني، ولا عن عبادة، انقلب عملك عبادة، ما قولك وأنت في عيادتك في عبادة ؟ لأنك لا تبتز المرضى ولا توهمهم ، ولا تقول كلاماً ليس صحيحاً، وأنت في مكتب المحاماة أنت في عبادة، وأنت في دكانك أنت في عبادة، وأنت وراء طاولة كموظف أنت في عبادة، يأتي مواطن من مكان بعيد لا تقول له: تعال غداً ، تخدمه ، هذا عبد لله ، فلذلك الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، ما كلف الله الناس جميعاً أن يكونوا دعاة إلى الله، كل إنسان من ضمن عمله قد يصل للجنة، إذا أتقن وابتغى به نفع المسلمين. 

والله ثمة أخ يعمل في صناعة مواد غذائية للصغار، يقول لي: هذا الطفل الصغير الذي أخذ من أبيه عشر ليرات، أيعقل أن أطعمه بضاعة موادها الأولية فاسدة؟ مع أن المواد الأولية أحياناً تُباع بثلثي قيمتها للمعامل، لأن فسادها وانتهاء صلاحيتها لا يُكشف، فالمعامل تشتري هذه المواد فينخفض رأس مالها، ويزداد ربحها، يقول لي هذا الأخ: والله أنا لا أفعل هذا، أشتري أعلى المواد، لأن هذا الصغير أخذ من أبيه عشر ليرات ينبغي أن أطعمه شيئاً ينفعه في صحته، هذا الإنسان يعبد الله، وهو في معمله.

 إخواننا الكرام، العمل الصالح بين أيديكم جميعاً، الكلمة الصادقة، النصيحة فيها عمل صالح كبير، فيجب الإنسان أن تلقى الله بعمل، ودائماً يقول لي أخ: لا أشعر في الصلاة بالتجلي ، فأقول له :

﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا (110) ﴾

[  سورة الكهف  ]

 أضرب مثلا مئات المرات، جندي غِرّ التحق من يومين بفرقة، وعلى رأس هذه الفرقة رتبة عسكرية عالية جداً، بحسب النظام العسكري بكل جيوش العالم هذا المُجنّد الغِرّ لا يستطيع أن يقابل قائد هذه الفرقة، ولا في الأحلام، قبله عشرات الرتب، إلا أن هذا الجندي الغر إذا وجد ابن قائد هذه الفرقة يوشك أن يغرق، وألقى بنفسه وأنقذه، يستطيع في اليوم التالي أن يدخل عليه من دون إذن، وأن يرحب به، وأن يأتي له بضيافة، وأن يجلس إلى جنبه ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ حينما تخدم الإنسان، حينما تخفف عنه، حينما تحل كربة من كربه .

(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ  ))

[  رواه مسلم عن أبي هريرة ]

 حينما تعالج مريضاً، حينما تطعم جائعاً، حينما ترعى أرملة، حينما ترعى يتيماً، حينما تتكلم بكلمة الحق، حينما تأمر بالمعروف، حينما تنهى عن المنكر، حينما تربي أولادك فأنت مع الله، لمَ لا تشعر بالخشوع في الصلاة وأنت في خدمة الخلق؟ بعضهم قال: يا رب، لا يحلو الليل إلا بمناجاتك، ولا يحلو النهار إلا بخدمة عبادة .

 والله هؤلاء الذين توجهوا إلى خدمة الخلق هم أسعد الناس، أحياناً تراهم في عينك متألقين، لأنهم في خدمة الخلق، إنسان بلا عمل لا قيمة له إطلاقاً، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ .


وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا


﴿  وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(115) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

هذا القرآن كلمة الله، قال بعض العلماء: هذا القرآن 600 صفحة تقريباً، كل آياته لا تزيد على أن تكون أمراً أو خبراً، وهذا تقسيم علماء البلاغة للكلام، خبر وإنشاء، أنا أخبرك أو آمرك، الإنشاء أمر، الأمر والنهي والاستفهام والنداء والتمني والترجي هذا إنشاء، أما الإخبار أن تقول: فلان سافر، فلان حضر، فلان ربح، فلان خسر، هذا القرآن لا يزيد على أن يكون خبراً أو أمراً، فالخبر صدق، والأمر عدل﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ أي خبر فيه فهو صادق ، لذلك قال الله عز وجل :

﴿ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِىٓ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُۥ فَقَدْ عَلِمْتَهُۥ ۚ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَآ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلْغُيُوبِ(116) ﴾

[  سورة المائدة  ]

 جاءت بصيغة الماضي، يعني هذا كما قال علماء البلاغة من تحقق الوقوع .

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) ﴾

[  سورة الفيل  ]

 بربكم من رأى هذه الحادثة ؟ ولا واحد، ولا أنا معكم، فكيف يقول الله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ معنى ذلك أنه ينبغي أن تأخذ خبر الله وكأنك تراه.

﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ أمره عدل .

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) ﴾

[  سورة النساء  ]

 هذا هو العدل، المرأة تأخذ ولا تعطِي، بينما الرجل يعطي ولا يأخذ، لذلك الإله العظيم شرّع لنا أنه في نظام المواريث: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ .

 هناك معنى آخر: أخطر شيء في حياتنا علاقتنا مع ربنا، بعض العلماء قال: هذه العلاقة مع الله عز وجل تنتظمها كلمتان، يعني يا عبادي منكم الصدق، ومني العدل، تتفاوتون عندي بصدقكم، أما أنا أعدل بينكم جميعاً، منكم الصدق ومني العدل، لذلك قال تعالى :

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13) ﴾

[  سورة الحجرات ]

 سيدنا سعد ابن أبي وقاص، هو الصحابي الوحيد الذي افتداه النبي بأبيه وأمه، قال : 

((  ارْمِ سَعْدٌ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي  ))

[  أخرجه مسلم عن علي  ]

 أن يفتديك النبي بأبيه وأمه شيء كبير جداً، أما الشيء الذي يلفت النظر أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له مرة بعد وفاة رسول الله: " يا سعد، لا يغرّنك أنك خال رسول الله، إياك أن تغتر بهذا، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينهم وبينه قرابة إلا طاعتهم له. 

كن ابن من شئت واكتسب أدباً  يغنيك محموده عن النسب

* * *

 يعني إنسان بالتعتيم في الطبقة الدنيا الاجتماعية، بالدرجة السفلى من السلم الاجتماعي، إذا كان مستقيماً على أمر الله فقلامة ظفره تساوي مليون رجل، هذا هو الدين، يعني إنسان عبد حبشي بمقياس الجاهلية في الدرجة الدنيا في المجتمع القرشي، أن يأتي إلى المدينة، فيخرج عمر لاستقباله! إنه سيدنا بلال، يخرج عمر لاستقباله، ويقول عن سيدنا الصديق: هو سيدنا، وأعتق سيدنا، عبد حبشي يقول عنه عملاق الإسلام: " هو سيدنا، عن الصديق وأعتق سيدنا " لما افتداه سيدنا الصديق من سيده ، قال له سيده: والله لو دفعت به درهما لبعتكه، فقال له: والله لو طلبت به مئة ألف لأعطيتكها، ووضع يده تحت إبطه، وقال له: هذا أخي حقاً، هذا الإسلام، ليس في الإسلام طبقية .

 إخواننا الكرام، أقول هذه لكم كلمة: لا يُضاف على كلمة (مؤمن) ولا كلمة، مؤمن فقط، أيّ كلمة أخرى عنعنات الجاهلية، أية كلمة أخرى عصبية، ومن مات على عصبية مات إلى شأن لا يرضِي الله عز وجل . 

((  وَلَيْسَ مِنّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيّةٍ ، وَلَيْسَ مِنّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيّةٍ  ))

[  رواه أبو داود عن جبير بن مطعم وهو ضعيف ]

 فلذلك أيها الإخوة ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ .

والحمد لله رب العالمين. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور