وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 49 - سورة الأنعام - تفسير الآية 123، أجرموا فكان الله لهم بالمرصاد
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع والأربعين من دروس سورة الأنعام، ومع الآية الثالثة والعشرين بعد المئة، وهي قوله تعالى :

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(123) ﴾

[ سورة الأنعام ]


حمل الأمانة : مقوماته وآثاره ونتائجه


 قبل أن نشرح هذه الآية لا بد من تمهيد، ذلك أن الله :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72) ﴾

[  سورة الأحزاب  ]

 إذاً: الكون بأكمله أشفق من حمل الأمانة، وبقي مطيعاً لله غير مُكلّف .

﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(82)  ﴾

[ سورة يس ]

 في الكون كله: ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ الكون كله عدا الإنس والجن ليسوا مُخيّرين، وليسوا مُكلّفين، إذاً لا تجد الفساد إلا في الذين قبلِوا حمل الأمانة، إذاً المخلوقات جميعاً، وكل ذرة في الكون نفسٌ، الدليل :

﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) ﴾

[  سورة الإسراء  ]

فعدا الإنسان، وعدا الجن، هذان الصنفان من المخلوقات قبِلا حمل الأمانة، فلما قبِلا حمل الأمانة مُنحا حرية الاختيار، وسُخّر الكون لهما، ومُنحا العقل، والفطرة، والشهوة، والقوة بمشيئة الله.

الآن علاقتنا في هذه الآية لا مع المخلوقات، المخلوقات جميعاً أشفقوا من حمل الأمانة، واعتذروا عن حملها، وخافوا منها وأرادوا الطريق السالم، ليسوا مكلفين، وليسوا محاسبين، أما الإنسان قبِل حمل الأمانة، وهي نفسه التي بين جنبيه ، قال تعالى :

﴿  قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10) ﴾

[  سورة الشمس  ]

أي أن الذي جعل الله نفسه بين يديه أمانةً إما أن يفي بعهده، وأن يؤدي الأمانة، وأن يُعرّف نفسه بربها، وأن يُعرّف نفسه بمنهج ربها، وأن يُعرّف نفسه بما عند الله عز وجل من ثواب أو عقاب، فتزكو نفسه، وتستأهل دخول الجنة إلى الأبد .

 من أين يبدأ درسنا؟ من أن هذين الصنفين، ولنَدَع الجن مؤقتاً، من أن هذا الإنسان الذي تنطّح لحمل الأمانة، وقال: يا رب أنا لها، ومنحه الله مقومات التكليف، منحه الكون، بل سخر له الكون تسخير تعريف وتكريم، منحه العقل، منحه الفطرة، منحه الشهوة، منحه الاختيار، منحه التشريع، هذه مقومات التكليف.

 الآن يمكن أن يُعامَل على طريقتين، منحه كل شيء، أعطاه كل شيء، والطريقة الأولى أن يدعه لنفسه، وفي الأعم الأغلب هذا الطريق ليس فيه تربية، ليس فيه معالجة، في الأعم الأغلب ينتهي معظم الخلائق إلى نار جهنم، لأنهم آثروا الشهوة على الأمانة .


العاقل يتعامل مع الأمور قبل وقوعها


 هناك نقطة دقيقة جداً، الإنسان فيه شهوات، حينما يأتي إنسان ليُمتعه بهذه الشهوات، فهي شيء آنيّ بين اليدين، أما حينما يأتي من يقنعه بالدار الآخرة، من يقنعه بالجنة والنار، هذه متى يقطف ثمارها؟ بعد الموت، لذلك قوة تأثير الشيطان في الناس سببها أنه يستغل الشهوات التي أودعت فيهم، وهي شيء بين يديهم، وهم حريصون على هذه الشهوة، فيأتي الشيطان، ويلبي هذه الشهوة، تجد طرق الطاعات روادها قليلون، لكن طرق الشهوات روادها كثيرون، لأن الذين يدعون إلى الشهوات يدعون إلى مكسب عاجل بين يديك، أما الذين يدعون إلى جنة عرضها السماوات والأرض يعِدون الناس أنه بعد الموت هناك سعادة أبدية، أو شقاء أبدي .

 هذا الكلام ينقلنا إلى فكرة دقيقة، هي أن الإنسان الغافل الشارد التائه، الذي عطّل عقله يتعامل مع الواقع، بينما الإنسان الراشد العاقل، يتعامل مع النص .

 وأكاد أضع هذه القصة مرات عديدة بين أيديكم : أنت تقصد حمص لقبض مبلغ كبير، خرجت في أيام الشتاء بمركبتك، رأيت على يمين الطريق لوحة وضعتها إدارة المرور أن الطريق إلى حمص مغلقة بسبب تراكم الثلوج في النبك، أنت عاقل، ومليون عاقل رأى هذه اللوحة، والهدف حمص بالذات، والطريق مغلقة، ماذا يفعل؟ يعود، هذا الإنسان تعامل مع النص، فلو أن دابة كانت في هذا الطريق أين تقف ؟ عند الثلج، ما الذي تحكم بالدابة ؟ الواقع، مع أي شيء تعاملت الدابة؟ مع الواقع .

 معنى ذلك أنه كلما نما عقلك، ونمت إرادتك، ونما إدراكك تعاملت مع النص، وكلما ضعف عقلك، وضعف إدراكك تعاملت مع الواقع، الناس الآن يعيشون لحظتهم، يعيشون متعة آنية، يطلقون أبصارهم، يأكلون ما ليس لهم، يغتصبون، يتحركون حركة عشوائية بدوافع من شهواتهم فقط، وغفلوا عن ساعة الحساب، وعن ساعة العقاب، وعن ساعة مغادرة الدنيا.

 لذلك علامة العقل أن تصل إلى الشيء قبل أن تصل إليه، أن تصل إليه بإدراكك قبل أن تصل إليه بجسمك.

أروي قصة رمزية كتبها بعض الأدباء، أن سمكات ثلاثًا: كيّسة؛ أي ذكية جداً وعاقلة، وأكيس منها؛ أي أعقل وأذكى، وعاجزة، في غدير، وإلى جانبه نهر، وبين النهر والغدير وصلة؛ فتحة، فمرَّ صيادان بالغدير وأعجبتهما السمكات الثلاث، وتواعد الصيادان أن يرجعا، ومعهما شباكهما، ليصيدا ما فيه من السمك، فسمعت السمكات قولهما، أما أكيسهن فإنها ارتابت، وتخوّفت، ولم تعرج على شيء حتى خرجت، أما السمكة الأكيس، أما أكيسهن، أعقلهن، فإنها ارتابت، وتخوّفت، وقالت: العاقل يحتاط للأمور قبل وقوعها، ثم إنها لم تعرج على شيء حتى خرجت من المكان الذي يدخل منه الماء من النهر إلى الغدير فنجت، فارتاحت وأراحت، وعاشت المستقبل، وعاشت ما قاله الصيادان، بأنهما سيرجعان ومعهما شباكهما ليصيدا ما فيه من السمك، هذا سلوك الكيّس، يعيش المستقبل، يخطط للمستقبل، يتوقع ما لم يقع بعد.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعًا(71) ﴾

[  سورة النساء  ]

 وأما الكيّسة الأقل عقلاً، والأقل ذكاء فبقيت في مكانها حتى عاد الصيادان، عاشت الواقع، غدير، ماؤه نمير، دافئ، وهي مرتاحة، ولم تعبأ للكلمة التي قالها الصيادان، ولم تحملها محمل الجد، فبقيت تعيش كما هي، حتى عاد الصيادان، بسذاجة وغفلة وغباء تظن أن لها حلاًّ جاهزاً، وهو الخروج من هذا المكان، فذهبت لتخرج من حيث خرجت رفيقتها، فإذا بالمكان قد سدّ، قالت: فرّطتُ، وهذه عاقبة التفريط، غير أن العاقل لا يقنط من منافع الرأي، الآن هناك مغامرة، والنجاة فيها 50% والهلاك 50%، أما السمكة الأولى فالأولى نجاة 100% لأنها عاشت المستقبل، عاشت ما ينبغي أن يكون، وصلت إلى مجيء الصيادين قبل أن يصلا، وصلت إلى مجيئهما بعقلها، هذا الكيّس الذكي الموفق يعيش المستقبل.

على مستوى دول، الدول المتطورة جداً بالمقياس المادي فقط تعيش سنة 2025 بالمياه ، بالبترول، بالمواصلات، بالتربية ، بالبناء ، بكل شيء، كل جهدها الآن ينصب على التخطيط إلى عشرين سنة قادمة ، والدول الأقل تطوراً تعيش الواقع، سياستها ردود فعل، يأتي حدث مفاجئ فتفكر في حل، وقد لا تجد الحل، كحال المسلمين بها، لا من باب التشاؤم، لكن ما هم فيه من محنة هناك من يقول: ليس لها من دون الله كاشفة، أما الأغبياء فيتغنون بالماضي، والتغني بالماضي من سلوك الأغبياء.

ألهى بني تغلب عن كل مكرمة  قصيدة قالها عمر بن كلثوم

 فينبغي أن يعيش المستقبل، الآن أخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا، من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، ومن بلغ الأربعين، ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار .

 وأما العاجزة، الثالثة، فلم تزل في إقبال وإدبار حتى صيدت، قلق، وكسل وقعود، وبعد عن الواقع.

الآن ينطلق الدرس من أن صنفاً هو الإنسان الذي قَبِل حمل الأمانة، والذي قال: أنا لها يا رب، ولأنه قبل حمل الأمانة سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، فهو المخلوق الأول رتبة، ولأنه قَبِل حمل الأمانة أُعطِي الكون، وسُخّر له الكون تسخير تعريف وتكريم، ولأنه قَبِل حمل الأمانة أُعطي العقل، وهي أعقد أداة في الكون، العقل البشري، ولأنه قَبَل حمل الأمانة أُعطي الفطرة التي تنبئه عن خطئه، ولأنه قبِل حمل الأمانة أعطي الشهوة التي تدفعه إلى أهدافه، ولأنه قبل حمل الأمانة أُعطي حرية الاختيار التي تثمّن عمله، ولأنه قبِل حمل الأمانة أُعطي التشريع الذي هو مقياس إلهي ثابت، فالحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع .

 الآن الإله العظيم صاحب الأسماء الحسنى، والصفات الفضلى يمكن أن يدع عباده إلى وقت الموت، فالذي يعيش وقته ومصلحته وشهوته يبقى غافلاً إلى أن يُفاجأ بالموت، يكون الموت صاعقاً له، هذا طريق .

 الطريق الثاني: الحمد لله رب العالمين، الله رب، ومن شأن المربي أن يربي، من شأن المربي أن يعالج، من شأن المربي أن يؤدب، من شأن المربي أن يوجه، من شأن المربي أن يعاقب. 

لو دخلنا إلى مسجد وفيه عشرة آلاف، تأكد أنّ 90% من رواد المسجد انضموا إلى الحق على أثر معالجة إلهية لطيفة، أحياناً يلوح للإنسان شبح مصيبة، أحياناً يأتيه مرض يتوهم أنه عضال، أحياناً يُضيّق عليه بالرزق ، فكل هذه المعالجات عملية لفت نظر إلى الله، قال تعالى : 

﴿ وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) ﴾

[  سورة القصص ]

﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ (134)﴾

[  سورة طه  ]


المصائب رسائل وتذكير


 ﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾ أي أن المصيبة هي في حقيقتها رسالة، دقق المصيبة رسالة من الله، والآن نحن نستخدم هذا الأسلوب، يكون هناك تهديدات نعمل مناورة مشتركة مع دولة عظمى، يكون هناك تهديد نعمل عرضاً عسكرياً مع الأسلحة، هذه رسالة، بل إن رسائل الفعل أبلغ من رسائل القول .

 إذاً كان من الممكن وقد أعطينا كل ما نستحق من الله من كون، وعقل، وفطرة وشهوة، وحرية، وتشريع، وكان من الممكن أن نعالَج تباعاً .

 التوضيح: أنت مدير مؤسسة، وضعت إعلانا في جريدة، أنت بحاجة إلى موظف يخضع للتدريب والتجريب ستة أشهر، إن لم تكن مربّياً تسجل على هذا الموظف أخطاءه، فإذا تراكمت بحيث ليس لك مصلحة في قبوله تفصله من عمله، لو أن هذا الموظف ابنك، تعالجه كل ساعة، كل يوم، هذا السلوك خطأ صوابه كذا، انتبه .

 إذاً الرحمة تقتضي التربية، والرحمة تقتضي المعالجة، والرحمة تقضي أن يسوق الله لهؤلاء المقصرين شدائد تعد رسائل لهم لعلهم يرجعون .

﴿  ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41) ﴾

[  سورة الروم  ]

 إذاً من هنا يبدأ الدرس، الله عز وجل يربيّ الذين قبلوا حمل الأمانة الآن، لأنه رب العالمين، ولأنه أرحم الراحمين، إذاً لا بد من تربية هذا الإنسان، لو تُرك لكان في شقاء وهلاك .

 يعني ممكن لابن يطلب من والده ألا يدرس، وأن يبقى في البيت، هل هناك أب يرضى بهذا الطلب؟ يقنعه، يضيق عليه، يعنّفه إلى أن يحمله على متابعة العلم لمصلحته .

 الآن النبي عليه الصلاة والسلام حينما دعا إلى الله في مكة، معظم أهل مكة أنكروا هذه الدعوة ورفضوها، بل تفننوا بالتنكيل في رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام، فالله عز وجل كما أنه يقوي معنويات عباده المؤمنين الله جل جلاله يقوي معنويات رسله الكرام، فالنبي عليه الصلاة والسلام لشدة ما لقي من الأذى قال : 

((  لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ  ))

[  رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن أنس  ]


وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا


 لأن النبي عليه الصلاة والسلام لقي من قومه التكذيب والسخرية والعنت والإخراج من مكة، فالله عز وجل أراد أن يواسيه، قال له: يا محمد، لست وحدك معارَضاً، لست وحدك مُكذّباً، لست وحدك مؤتمَراً عليه، لست وحدك منكلَّاً بك، هذه معركة الحق والباطل، وهي معركة أزلية أبدية. 

﴿وَكَذَلِكَ﴾ يا محمد ﴿جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ يعني كنت ذكرت في درس سابق أن في الأرض مستويات من البشر متدنية، ومستويات متعالية، أو متفوقة، يجمع المتعالية بكلمة أقوياء، ويجمع المتفوقة بكلمة أنبياء، في الأرض أقوياء وأنبياء، الأقوياء ملكوا الرقاب، والأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء عاش الناس لهم، والأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء يُمدحون في حضرتهم، الأنبياء يُمدحون في غيبتهم، لحكمة أرادها الله قال : 

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ﴾


من هو المجرم ؟


﴿أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا﴾ المجرمون جمع مجرم، والمجرم اسم فاعل، والفعل الثلاثي جَرَمَ، أي قَطَعَ، لحم مجروم مفصول عن العظم، أجرم: ارتكب جرماً، يعني قتل، أو زنا، أو سرق، فالمجرم من مادة جرم ـ ج ـ ر ـ م ـ وجرم تعني قطع، المجرم حينما يقتل يقطع نفسه عن المجتمع، كانت علاقته بالمجتمع أخذٌ وعطاء، فأصبحت أخذاً بلا عطاء، يقتل ليأخذ الثروة كلها، هذا مجرم قطع نفسه عن الله بإزهاق نفس بريئة اعتدى عليها، قطع نفسه عن أهله أصبح في نظر من حوله مجرماً، قطع نفسه عن مجتمعه، صُنِّف مع المجرمين، إذاً كلمة مجرم يعني آثر مصلحته الخاصة على مصلحة المجموع، آثر أن يبني مجده على أنقاض الآخرين، آثر أن يبني غناه على إفقارهم، آثر أن يبني عزه على جهلهم، آثر أن يبني عزه على ذلهم، آثر أن يبني حياته على موتهم قطع نفسه عن ربه، وقطع نفسه عن نفسه، أصبح محتقراً من داخله، وقطع نفسه عن أسرته وقطع نفسه عن بقية مجتمعه، وأصبح منبوذاً بعيداً عن أن يكون من عامة الناس الذين يأخذون ويُعطون .

 هذا المجرم البعيد عن الله الذي يريد أن يبني مجده على أنقاض الآخرين، يوظف الله عز وجل جرمه للخير العام، هو أداة مُرّة بيد الله، عصاة بيد الله يؤدّب بها عباده المقصرين .

﴿  وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21) ﴾

[  سورة السجدة  ]

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الهدف البعيد من كل الشدائد والمصائب والمضايقات التي تُلمّ بأهل الأرض دعوتهم إلى الله، إلى الصلح مع الله، هذا التفسير القرآني للمصائب .

﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ(17( وَلَا يَسْتَثْنُونَ(18) ﴾

[  سورة القلم  ]

 عاقبهم الله عز وجل بأن :

﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) ﴾

[   سورة القلم  ]

 صقيع أتلف كل الثمار.

﴿  فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ(26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ(28) ﴾

[  سورة القلم  ]

 لأنكم ابتعدتم عن الله عز وجل، وتعلقت نفوسكم بالدنيا، فبخلتم وحرمتم حق الضعيف، فعاقبكم الله عز وجل أو ربّاكم، أو عالجكم، أو ضيّق عليكم بأن أتلف كل محاصيلكم :

﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ(26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ(28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(29) ﴾

[ سورة القلم  ]

 المغزى :

﴿ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(33) ﴾

[  سورة القلم ]

 كل أنواع العذاب في الدنيا من هذا النوع ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ كأن الله سبحانه وتعالى يسوق العذاب الأدنى لئلا نصل إلى العذاب الأكبر.


أنواع معالجة الله للمقصِّرين


   أيها الإخوة ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ الآن المعالجة التي يعالج الله بها عباده المقصرين أنواع :

﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ(65) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 فالفقر معالجة، والمرض معالجة، والخوف معالجة، والهم معالجة، والاجتياح معالجة، والحرب الأهلية معالجة ، والصواريخ، والألغام، والقتال، هذا كله معالجات . 

﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ الصواعق والصواريخ، والزلازل والألغام، الثالثة أصعب شيء: 

﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ يعني فئة قوية جداً لا ترحم، تبني مصلحتها على أنقاض الآخرين، وغناها على فقرهم، وأمنها على خوفهم، وعزّها على ذلّهم، وحياتها على موتهم، وهذه من أصعب الأدوية، أن تتوهّم أن مصيرك بيد جهة تبغضك وهي قوية جداً، ولا تستطيع أن تواجهها، وتتمنى دمارك وتسعى لذلك، وهذه محنة المسلمين اليوم . 

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا﴾ هذا قانون: حينما يشرد الناس عن الله، ويبتعدون عن منهج عن الله تضعف نفوسهم، ويستمرئون الشهوات، فتأتي القوة الطاغية كي تؤدبهم، وكأن الطغاة عِصيٌّ بيد الله .

﴿ مِنْ دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ۚ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(56)  ﴾

[  سورة هود  ]

﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ إما أن يُرخى لها الزمام، وإما أن يُشد الزمام، إن أُرخي لها وصلت هذه الدابة إلي ونهشتني، أما إذا شُدّ زمامها أبعدها الله عني، أنا علاقتي ليست مع الدواب بل مع من بيده نواصي هذه الدواب ﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ .

 الآية دقيقة جداً : 

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ﴾ في كل مكان أقوياء، وفي الأعم الأغلب الأقوياء قد -أقول قد- قد لا يكونون رحماء . 

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ﴾ يعني أناس قطعوا نفسهم عن الله بأعمالهم السيئة ، وقطعوا نفسهم عن أنفسهم، وعن أسرتهم وعن المجتمع، واعتزلوا، وانعزلوا، وأصبح همهم تحقيق الشهوات لهم.

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ﴾ لكن المجرم حينما يكون قوياً في غفلة من الزمن يتوهم أن هذه القوة قد لا تستمر ، لذلك يبطش ، وضربة الضعيف قوية جداً، يبطش، والقوي لا يمكر أبداً، الضعيف يمكر، الضعيف الذي أصبح قوياً في غفلة من الزمان يمكر، وضربته قاسية جداً، ولكن القوي أصالةً لا يمكر، المكر سلوك الضعفاء، وقد يكون القوي ضعيفاً في نظر نفسه، وقد يخشى القوي أن يصبح ضعيفاً، فضربته لا تُحتمل، وضربته قاسية جداً كما ترون في جوارنا وفيمن حولنا، حينما يأتي المحتل، ويشعر أنه طارئ على هذه الأمة، فأي اعتراض يقابله بقسوة ما بعدها قسوة، لأنه في الأصل ليس محقاً في احتلاله، ضعيف، شأن الضعفاء الذين صاروا أقوياء في غفلة من الزمن أنهم بطاشون بطشاً لا يحتمل . 


وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُون


﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ لكن المكر يعود على صاحبه، المكر، والخداع، والاحتيال صفات خسيسة جداً تعود نتائجها على أصحابها، لكن الله عز وجل يقول : 

﴿وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ صدقوا أيها الإخوة، واطمئنوا أن الطغاة في الأرض مصنفون مع الأغبياء، لأنهم في ثانية واحدة أصبحوا في قبضة الله، الذي هدم سبعين ألف بيتاً في غزة بأقل من ثانية أصبح في قبضة الله، أليس كذلك ؟ لذلك يقول الله عز وجل : 

﴿وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ يجب أن نؤمن أيها الإخوة أنه من آدم إلى يوم القيامة، وفي جميع القارات لا يُراق دم إلا وينبغي أن يتحمّله يوم القيامة إنسان، إلا الدم الذي أُريق إقامة لحد من حدود الله، يتحمله الله وحده فقط، أما أن يُحقَن 400 طفل بفيروس الإيدز، وتمضي القضية هكذا عند الله؟ تُقصف مدينة ويموت آلاف مؤلّفة، وتنتهي القضية عند الله؟ تُلقى قنبلة ذرية بهيروشيما فيموت 300 ألف إنسان في ثلاث ثوانٍ، وتنتهي عند الله؟ هذا شيء يتناقض مع وجود الله، يتناقض مع أسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، ما من إنسان قُتل من آدم إلى يوم القيامة إلا ويتحمل دمه إنسان يوم القيامة ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام: 

((  لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا  ))

[ البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ ]

 بربكم أنت كمؤمن أيعقل أن تدوس على نملة تمشي أمامك قصداً؟ مستحيل، فما قولكم بما فوق النملة، بشعوب، بأمم ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ 

قتل امرئ في بلدة جريمة لا تغتفر 

***

 قامت الدنيا ولم تقعد لقتل إنسان في بلدة، كما تسمعون هو الخبر الأول، في كل الأخبار الأول لجنة التحقيق . 

وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر 

***

بعد أن أُبيد الزنوج في بلاد بعيدة أُبيدوا، ولم يبقَ منهم إلا مليون زنجي واحد، هنود حمر، اختاروا لهم مكاناً نائياً، لكنه جميل جداً، ثم ندموا على هذا الاختيار توقعوا أن هذا المكان سيكون منطقة سياحية تُدرّ عليهم أموالاً طائلة، فأرسلوهم مشياً على الأقدام إلى أقاصي البلاد الصحراوية، انطلقوا مليون وصلوا خمسين ألفا، أيضاً في روسيا المسلمون سيقوا إلى سيبريا، ومات تسعة أعشارهم في الطريق .

﴿  أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) ﴾

[  سورة المؤمنون  ]

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36) ﴾

[  سورة القيامة  ]

 أيها الإخوة، مما يخفف الآلام أن الله موجود، وأن هؤلاء الأقوياء في قبضة الله، ولهم برنامج زمني، والله عز وجل سينتقم منهم .

﴿  قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(12) ﴾

[  سورة آل عمران  ]

﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36) ﴾

[  سورة الأنفال  ]

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(42) ﴾

[  سورة إبراهيم  ]

﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ(47) ﴾

[  سورة إبراهيم  ]

﴿  وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ(59)  ﴾

[  سورة الأنفال  ]

 أي فعلوا شيئاً ما أراده الله، أو تفلتوا من عقاب الله ﴿إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾ والأدلة بين أيديكم، ترون كل يوم كيف أن الله قهر عباده بالموت، يكون ملء السمع والبصر، فإذا هو خبر على الجدران، أو خبر في الإذاعات تناقلته وكالات الأنباء، أين فلان الطاغية الجبار الذي بنى مجده على أنقاض شعب بأكمله؟ هناك من يدعو له بطول العمر دائماً، بمعنى آخر طبعاً .

 أيها الإخوة ، هذه آية دقيقة جداً : 

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ إذاً : غباؤهم قادهم إلى توهم أنهم إذا مكروا بهؤلاء الضعفاء سيتفلتون من عقاب الله، لكنه غاب عنهم أن الله لهم بالمرصاد، مكروا بهؤلاء الضعاف فمكر الله بهم ﴿ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ .

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور