وضع داكن
16-04-2024
Logo
العقيدة الإسلامية - الدرس : 18 - أسماء الله الحسنى : إسم الله الأعظم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أدلة أهل العلم القائلين بأن اسم الله هو اسم الله الأعظم:

1- خصوصية هذا الاسم من بين أسمائه:

 

 أيها الأخوة, اسم الله الأعظم هو الله وحول هذا الموضوع بحوث كثيرة، البحث جمعه بحوث ومباحث والبحوث أولى, فهذا الاسم كما قال علماء التوحيد: عَلَمٌ على الذات أو عَلَمٌ على واجب الوجود, وأن أعظم الأسماء هي قولنا " الله " واحتج القائلون بأن كلمة " الله " هي اسم " الله " الأعظم لوجوه عديدة:
 الحجة الأول: أن هذا الاسم ما أُطلق على غير الله فإن العرب كانوا يسمون الأوثان آلهة إلا هذا الاسم فإنهم ما كانوا يطلقونه على غير الله سبحانه وتعالى والدليل قوله تعالى:

﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 61)

 فكلمة الله: تعني عندهم خالق السموات والأرض وما سُمي أحدٌ على وجه الأرض بهذا الاسم حتى ولا الآلهة التي زُعمت من دون الله لم تسمَّ بهذا الاسم أبداً وقال تعالى:

﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾

( سورة مريم الآية: 65)

 ولما كان هذا الاسم في الاختصاص بالله تعالى على هذا الوجه وجب أن يكون أشرف الأسماء كلها، فاسم الله: هو اسم الله الأعظم الجامع لكل الأسماء الحسنى والصفات العظمى الجامع للكمالات كلها المنزّه عن النقائص كلها عَلَمٌ على الذات واجب الوجود.

2- الأصل في الأسماء الحسنى هو اسم الله وجميع الأسماء  مضافة إليه:

 الحجة الثانية: وهي أن كلمة الله هي اسم الله الأعظم وهذا الاسم هو الأصل في أسماء الله سبحانه وتعالى وسائر الأسماء " الرحمن, الرحيم, الملك, القدوس, السلام, المؤمن, المهيمن, العزيز, الجبار " وجميع الأسماء مضافة إليه قال تعالى:

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

( سورة الأعراف الآية: 180)

 أما الأسماء الحسنى أضيفت إلى الله سبحانه وتعالى, ولا محالة في أن الموصوف أشرف من الصفة لأنه يقال: " الرحمن الرحيم، الملك القدوس" كلها أسماء لله تعالى ولا يُقال: الله اسم الرحمن الرحيم بل الرحمن الرحيم اسم الله فدلّ على أن هذا الاسم هو الأصل.
 شيء آخر قال تعالى:

﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾

( سورة الإسراء الآية: 110)

 خصص هذان الاسمان بالذكر قال تعالى:

﴿قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾

( سورة الإسراء الآية: 110)

 وذلك يدل على أنهما أشرف من غيرهما, ثم إن اسم الله أشرف من اسم الرحمن والدليل بأنه قدمه في الذكر قال الله:

﴿قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾

( سورة الإسراء الآية: 110)

 فلأن اسم الرحمن يدل على كمال الرحمة ولا يدل على كمال القهر والغلبة والعظمة والقدس والعزة, بينما اسم الله سبحانه وتعالى يدل على كل هذه المعاني اسم الذات الأعظم الجامع لكل الأسماء الحسنى.
  هذا الاسم من عجائبه أنه كلما أسقطت منه حرفاً فالحروف الباقية اسم من أسماء الله مثلاً (كتب) فعل ماضٍ احذف الكاف (تب) لا معنى لها, (سقط) فعل ماض احذف السين (قط) تغير المعنى, أما لفظ الجلالة الله كلما حذفت منه حرفاً الباقي اسم من أسماء الله الحسنى كيف ؟ لو حذفت الهمزة قال تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 189)

﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾

( سورة المنافقون الآية: 7)

  فإن أسقطت اللام الأولى بقي " إله " وهو أيضاً من صفات الله تعالى:

 

﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

 

( سورة الزمر الآية: 63)

﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾

( سورة القصص الآية: 70)

 فإن أسقطت اللام.

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾

( سورة الإخلاص الآية: 1-4)

 يعني إن حذفت الهمزة بقي (لله), وإن حذفت الهمزة واللام الأولى بقي (له), وإن حذفت الهمزة واللام الأولى واللام الثانية بقيت (هـ) هذه من خصائص هذا الاسم العظيم.
  الآن لو أنّ الكافر قال: " لا إله إلا هو " لم يصح إسلامه, و لا يصح إسلامه إلا إذا قال " لا إله إلا الله " لأنه إذا قال الأولى: قد يُضمر معبوده الوثني فيجب أن يقول " لا إله إلا الله " إذن الله اسم الذات الأعظم والله سبحانه وتعالى قال:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 19)

 لم يقل: " لا إله إلا هو " قال الله:

﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ﴾

( سورة محمد الآية: 19)

 وقال عليه الصلاة والسلام:

" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "

( أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر في الصحيح )

3- قدسية هذا الاسم وشرفه من بين أسمائه:

  الحجة الثالثة: بأن كلمة الله هي اسم الله الأعظم قوله تعالى:

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 91)

 فإن الله أمر عبده بالإعراض عن كل ما سِوى الله, والإقبال بالكلية على عبادته, وذكر هذا الاسم فدلّ على أن هذا الاسم أشرف الأسماء كلها, أحياناً يشتد النقاش حول الدنيا وحول موضوعات كثيرة نقاشات ومحاورات ومشاحنات وحظوظ وأهواء ومصالح واتجاهات وانقسامات فالله سبحانه وتعالى يقول:

﴿قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

( سورة الأنعام الآية: 91)

 أي كل ما سِوى الله لهوٌ باطل قال الله:

﴿ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

( سورة الأنعام الآية: 91)

 والله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾

( سورة النمل الآية: 79)

 من خصائص هذا الاسم اسم الذات الأعظم: أن كل اسم إذا دخل عليه النداء أسقطت عنه الألف واللام, تقول: يا رحمن, يا رحيم فلا تقول: يا الرحمن يا الرحيم, إلا اسم الله الأعظم تقول: " يا الله " فالألف واللام في هذا الاسم صار كالجزء الذاتي منه فلا جرم أنه لا يسقط حالة النداء وفيه إشارة لطيفة، وذلك أن الألف واللام للتعريف فعدم سقوطهما عن هذا الاسم يدل على أن هذا التعريف لا يزول عنه أبداً، قال له: يا إمام, متى كان الله ؟ أجابه: ومتى لم يكن ؟! قال: الألف واللام " ألف التعريف ولام التعريف " لا تقطعان عن هذا الاسم إطلاقاً لأنه إذا ظهر في الوجود ظهر في كل شيء وما خلا منه شيء.

4- عجز العقل البشري معرفة كنه هذا الاسم:

 الحجة الرابعة: أن الأصح عند أكثر العلماء أن كنه هذا الاسم لا سبيل للعقل إلى معرفة كيفية اشتقاقه, وثبت أن كنه الحق سبحانه وتعالى لا سبيل للعقل إلى معرفته, أي أن ذات الله لا يستطيع أحد أن يعرفها وأن يعرف كنها, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
" تفكروا في خلق الله ولاتفكروا في ذاته فتهلكوا ", إذن هذا هو الاسم الأعظم الذي يأخذ خصائص الذات الإلهية.

5- يعد أول آية في القرآن الكريم:

 

 الحجة الخامسة: أن أول آية في القرآن الكريم هي قوله تعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم " على قول بعض العلماء، وعلى قول الباقين هي قوله تعالى: " الحمد لله رب العالمين " وهذا الاسم الأعظم مذكور في هاتين الآيتين اللتين تعدان أول آيتين في كتاب الله.

6- يعد آخر اسم من الأسماء المذكورة في القرآن الكريم :

 

 الحجة السادسة: كما أنه أول الأسماء المذكورة في القرآن الكريم, فذلك هو آخر الأسماء المذكورة في القرآن الكريم:

﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ ﴾

( سورة الناس الآية: 1-3)

 آخر اسم ورد في كتاب الله, قال الله:

﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾

( سورة الناس الآية: 3)

 

7- شمولية هذا الاسم:

 

 الحجة السابعة: أن لفظ الإله على قول كثير من العلماء مشتق من العبادة على ما سيأتي بيانه، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يكون هذا الاسم أعظم الأسماء لأن العبادة غاية التواضع والخضوع, وذلك لا يحسن إلا إذا كان المعبود في غاية الجلالة والعظمة، وجّه بعض العلماء على أنَّ هذا الاسم مشتق من العبادة والذي يستحق العبادة وتمام الخضوع لاشك أنه في غاية الكمالات كلها، إذن كأن اسم الله جل وعلا جمع كل المحامد، وجمع كل الأسماء الحسنى والصفات العظمى, هذا من قبيل الحديث على أن الله سبحانه وتعالى اسم الله الأعظم.

رأي بعض العلماء بأن اسم الله لا يخصص وإنما عظمة الاسم بحسب حالة الداعي إليه:

 بعض العلماء يقول: الله سبحانه وتعالى كلٌ لا يتجزأ ولا يتبعض, فالاسم الذي يدل عليه كله إذن اسم الله الأعظم ليس في الكلمات بل في حالة الداعي, أي إذا شعرت أنه لا إله إلا الله بأي اسم ناديته فهذا الاسم هو اسم الله الأعظم. ولو أن المرء يعتمد على زيد من الناس وثقته بماله وقوته وله علاقات مع بعض الأشخاص واثق من مكانته، فإذا دعا الله عز وجل باسم الله الأعظم وقال: يا الله, يا رحمن, يا رحيم برحمتك أستغيث, هو لم ينادِ ربه باسمه الأعظم, لا ينادي المنادي ربه باسمه الأعظم إلا إذا كان الله عند المنادي هو أعظم كل شيء هذا المعنى أعمق, فالقضية ليست في الكلمات، القضية أنه إذا كان مشركاً بالله عز وجل وله اتكال على غير الله وله اعتماد على ما سِواه, فإنه لن يستطيع أن يناديه باسمه الأعظم مادام مشركاً به, أما إذا أخلص لله العبادة وأخلص له بالتوكل وأقبل عليه فبأي اسم يناديه فهذا الاسم هو اسم الله الأعظم لأنه رأى في قلبه أن الله أعظم من كل شيء.

لا يعرف الله إلا الله:

 هذا الاسم لأنه علمٌ على الذات, والحديث عن الذات أي يستحيل علينا أن نتعرف إلى ذات الله, فنحن نتعرف إلى أسمائه الحسنى وإلى صفاته العظمى من خلال خلقه, فالنبي عليه الصلاة والسلام نهانا أن نفكر في ذات الله، لا أحد يستطيع أن يعرف كنه الله عز وجل لأنه:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾

( سورة البقرة الآية: 255)

 

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

( سورة الإسراء الآية: 85)

  مثل بسيط: إذا ألقيت ورقة رقيقة جداً من هذا الورق الذي تُلف به اللفائف, وألقيت هذه الورقة في فرن لصهر الحديد, بعد أن ألقيتها بساعة أو بأكثر قلت: ماذا حلّ بها ؟ ما هذا السؤال, هي من الوهج العلوي تلاشت, فالإنسان إذا أراد أن يفكر في ذات الله يهلك وهذا منهي عنه إذا جاءته مثل هذه الخواطر

﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾

( سورة الإخلاص الآية: 1-4)

باب التفكر في مخلوقات الله:

 باب التفكر في مخلوقات الله لا حدود له, كلما وجدت آية فكّر بها وتأمّل دقة الصنع من حكمة، و لطف، و قدرة، وغنى، و رحمة، و سعة قال أحد العارفين: " والله يا رب, لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع ", فالإنسان في أيام الخريف يمشي في البستان تسقط ورقة, هل هناك جهة في الكون تستطيع إحصاء الساعة الأولى من يوم الخميس " 14 تموز عام 47 مثلاً " كم ورقة سقطت من الأشجار بالأرض كلها ؟ ربنا عز وجل قال:

﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾

(سورة الأنعام الآية: 59)

 كلام ربنا عز وجل:

﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا﴾

( سورة الأنعام الآية: 59)

 لاحظ نفسك قد يأتيك خاطر من الخواطر لا يرضي الله عز وجل لو تابعته تأتيك العقوبة مباشرة, أحياناً يكون الإنسان ماشياً في الطريق وقد يصطدم بشيء قال عليه الصلاة والسلام:

" ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر "

( ورد في الأثر )

 

الله لا يحده زمان ولا مكان ولا تحيز لشخص دون آخر:

 حينما تتوهم أو تظن أن الله عز وجل معك دائماً وليس مع غيرك هذا التوهم باطل, الله عز وجل مع أي إنسان في الأرض فإنسان ساكن في آلاسكا, وثانٍ في الأرجنتين, وثالث في أستراليا, ورابع في الغابات, وهل هو مع الإنسان فقط بل مع الحيوانات كلها لا تُقتل البهائم بغفلة ؟ صياد في غابة يطلق بندقيته يموت هذا العصفور بالذات, هذا العصفور بالذات موته بقضاء وقدر, وكذلك النبات وحركات الأحياء الدقيقة في باطن التربة كلها بعلمه وتقديره.

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾

(سورة فاطر الآية: 41)

 فإذا تفكر الإنسان كيف أن الله سبحانه وتعالى مع كل مخلوق سميع لقوله، عليم بحاله، ناظر لنفسه، مطلع على قلبه، يعلم سره وما يخفى عنه ذلكم الله رب العالمين ؟

﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾

(سورة الشورى الآية: 10)

 هذا هو الذي يستحق العبادة وحده لا معبود سواه، لا معبود إلا الله، ليس في الكون جهة تستحق أن تعبدها وأن تفني عمرك من أجلها, وأن تمضي شبابك كله في طاعته إلا الله سبحانه وتعالى، لذلك أندم الناس من باع أخرته بدنيا غيره فهو خاسر,

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ "

( ورد في الأثر )

 في الدرس القادم وفيما بعد مقبلون على تعلم أسماء الله الحسنى فهل نذكرها فقط ؟ ليس هذا هو المقصود، فأمر الله سبحانه وتعالى أسمى من ذلك أسمى من أن يكون أمراً لفظياً أو ذكراً أجوف لا معنى له, ولكن المقصود أن تعرف حقيقة هذه الأسماء، وعلامَ تدل ؟ وما معنى قولك: الله رحيم ؟ وما معنى قولك: الله رحمن ؟ وما الفرق بين أن يكون الله رحمن أو رحيماً ؟ وما معنى المانع الجامع، والضار النافع، والخافض الرافع, والمعز المذل ؟ هذه كلها أسماء لله سبحانه وتعالى حسنى في خمس آيات في كتاب الله, فأسماؤه حسنى وصفاته فضلى.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور