وضع داكن
27-04-2024
Logo
العقيدة الإسلامية - الدرس : 19 - الإيمان بالملائكة : صفاتها
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أصول العقيدة ينبغي على المسلم أن يؤمن بها بالضرورة:

 اليوم ننتقل إلى ركن آخر من أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالملائكة, تعلمون أن أركان الإيمان: هي الإيمان بالله و ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى هذه أركان الإيمان, هناك اصطلاح لعلماء الأصول: وهو أن العقائد يجب أن نؤمن بها بالضرورة, فهناك قائمة للعقائد التـي ينبغي أن نؤمن بها بالضرورة فمن لم يؤمن بأحدها فهو كافر قولا واحدا, وهناك عقائد من ردها أو من قبلها لا يكّفر, فنحن الآن في صدد العقائد يجب على المسلم أن يؤمن بها بالضرورة, فالإيمان بالـلـه أساس أركان الإيمان كلها

مسلك الإيمان بالغيبيات هو اليقين الإخباري:

 هناك إيمانا تحقيقياً و إيمانا تصديقياً وهذا فصلته في دروس سابقة, هناك مسلكاً لليقين عن طريق الحواس الخمس, هذا كأس ماء أمسكه بيدي, وأراه بعيني, وأتذوقه بفمي, وأنظر إليه, وإذا صببته أسمع صوت خرير الماء, فالإيمان بهذا الكأس إيمان حسي, وقد أؤمن بأن في الأسلاك التي في هذا المسجد كهرباء والدليل تألق المصابيح, فيقيني بوجود الكهرباء في الأسلاك يقين استدلالي قطعي, لكن الشيء إذا غاب عني وغابت عني آثاره كالملائكة والجن واليوم الآخر وعالم الأزل هذه المغيبات ليس الإيمان بها إلا مسلكاً واحداً ألا وهو مسلك اليقين الإخباري, إذن نحن اليوم في صدد الإيمان بالملائكة نسلك سلوك اليقين الإخباري, لكنكم تتذكرون أنه في الإيمان بالله عز و جل سلكنا سلوك الاستدلال العقلي قلنا الدليل الأول و الدليل الثاني و الدليل الثالث و الرابع و الخامس, وعلماء الأصول قالوا: يجب أن نبقى في حدود النص فأي زيادة أو أي مبالغة أو أي تحليل أو أي إضافة هذا يعد ظنيا و ليس قطعيا, الشيء القطعي هو الذي أخبر الله عنه و أخبر عنه النبي بالنصوص قال تعالى:

﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾

(سورة الزُخرف الآية: 77)

 إذن سيدنا مالك يجب أن تؤمن به بشكل قطعي لأن اسمه ورد في النص, إيماننا بالملائكة من نوع الإيمان التصديقي بعد أن آمنا بالله.

من أركان الإيمان بالله:

الإيمان بالملائكة:

 الإيمان بالملائكة من الإيمان بالكليات التي يجب أن نؤمن بها بالضرورة, و من أركان العقيدة الإسلامية الإيمان بالملائكة قال تعالى في صفة عقيدة المؤمنين:

﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾

(سورة البقرة الآية: 285)

  و قد قال الله تعالى مثبتا ضلال من يكفر بالملائكة:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً﴾

 

(سورة النساء الآية:136)

 الإيمان بالملائكة ركن أساسي في الإيمان و إنكار الملائكة أحد أبواب الكفر, و قد جاء الحديث عن الملائكة في القرآن الكريم في مناسبات مختلفة في نحو خمس و سبعين آية في ثلاث و ثلاثين سورة, كما جاء في أحاديث النبي عليه الصلاة و السلام طائفة كثيرة فيها ذكر للملائكة, فالحديث المشهور الذي يرويه سيدنا عمر رضي الله عنه المتضمن أسئلة جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه و سلم عن الإسلام و الإيمان و الإحسان و الساعة, هذا حديث مشهور:

" حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسلامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ "

(أخرجه مسلم في الصحيح)

 

" عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ التَّمِيمِيِّ الأُسَيِّدِيِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ الْعَيْنِ فَقُمْتُ إِلَى أَهْلِي وَوَلَدِي فَضَحِكْتُ وَلَعِبْتُ قَالَ فَذَكَرْتُ الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ نَافَقْتُ نَافَقْتُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّا لَنَفْعَلُهُ فَذَهَبَ حَنْظَلَةُ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا حَنْظَلَةُ لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ أَوْ عَلَى طُرُقِكُمْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً "

 

( ورد في الأثر )

 لا مجال للتأويل, فالنصوص واضحة صريحة قاطعة, و العلم بوجود الملائكة مما هو معلوم من الدين بالضرورة عند جميع المسلمين.

ما هي الحكمة الربانية التي ألزم الله عباده المؤمنين بأن يؤمنوا بالملائكة من دون رؤيتهم ؟

 ما الحكمة من أن الله عز و جل أخبرنا بوجودهم و بوجوب الإيمان بهم ؟ لا نراهم و لا نسمع أصواتهم, لماذا ألزمنا الله عز و جل أن نؤمن بوجودهم ؟ الحقيقة لأن لهم وظائف متعلقة بنا, فالإيمان بوجود الملائكة إيمان يقتضي الاستقامة و إليكم بعض التفصيلات:
الله سبحانه و تعالى من رحمته و حرصه على إسعاد خلقه أرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين من بني جلدتهم من البشر, ولكن هؤلاء الرسل كيف يُبَلغون رسالات الله ؟ الملائكة: هم الوسطاء هم رسل الرسل, عن طريق الملائكة بلّغ الله رسله و أنبياءه ما ينبغي أن يبلغوه لنا, قد تقول كيف عرف النبي عليه الصلاة و السلام رسالات الله ومن أخبره, ومن أنزل عليه الكتاب ؟ هناك حلقة مفرغة هو بشر, حينما تؤمن بأن الله عز و جل جعل الملائكة وسطاء بينه و بين رسله عندئذ تكتمل الحلقة عندك, فقال تعالى في سورة النحل:

﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ﴾

(سورة النحل الآية: 2)

ما هي وظائف الملائكة ؟

 إن أول وظيفة للملائكة أنهم رسل إلى رسل الله سبحانه وتعالى, وهناك وظائف أخرى كنفخ الروح في الأجنة, مراقبة أعمال البشر, المحافظة عليهم, قبض أرواحهم, لهم علاقة بنا في كثير من أمور حياتنا ومعاشنا وأعمالنا, أخبرنا سبحانه وتعالى عنهم وكلفنا بالإيمان بهم إيمانا غيبيا مسلكه اليقين الإخباري, لا نستطيع أن نعرف من حقيقة الملائكة إلا ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأننا بحسب العادة لا نتصل بهم عن طريق الحس اتصالا يفيد العلم اليقين حتى تنكشف لنا حقيقتهم ونحدد تكوينهم, وحسبنا في العقيدة أن نقتصر على ما وردت به النصوص دون أن نجري وراء التكهنات.

صفات الملائكة:

1- الصفة النورانية التي خلقوا عليها:

 

 من صفاتهم أنهم مخلوقون من نور, والإنسان مركب من طين, وخلق الجن من نار ما الدليل ؟

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُلِقَتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ "

( ورد في الأثر )

 الملائكة يكونوا معنا ولا نراهم فقد كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يراه جلساء النبي, النبي وحده يراه, فعن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تَرَى مَا لا أَرَى تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

( متفق عليه, أخرجهما البخاري ومسلم عن أبي سلمة في الصحيح)

 لكن هناك حديثاً لم يبلغ درجة الصحة فقد ورد أن السيدة خديجة رضي الله عنها كانت تمتحن نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم بإماطة الخمار عن رأسها فإذا كشفت شعرها هدأت حالة الرسول, وإذا غطت شعرها عادت إليه الحالة لعلمها بأن الملك جبريل لا يدخل بيتا فيه امرأة مكشوفة الرأس, لذلك قالت له: لما حسرت عن رأسها هل تراه ؟ قال: لا, قالت: يابن عمي اثبت وأبشر فو الله انه لملك وما هذا بشيطان, لذلك المرأة إذا قامت لتصلي عليها أن تغطي شعرها حسب السنة.

2- القدرة على التمثل:

 الملائكة قادرون على التمثل بأمثال الأشياء, والتشكل بالأشكال الجسمانية, فقد ثبت بالقرآن الكريم وبالأحاديث الصحيحة أن جبريل عليه السلام كان يأتي إلى مجلس رسول الله كما يلي:
 أولاً: على صورة إنسان مجهول

" بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع عليه رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد فسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم عنها بالتفصيل, وأخيراً بعد أن انصرف قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه أتدرون من السائل ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم "

( أخرجه مسلم في الصحيح )

  وفي قصة نزول جبريل على السيدة مريم وقد انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً وتمثل لها بشراً سوياً:

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ﴾

(سورة مريم الآية: 16-19)

 روحنا يعني جبريل.
 ثانياً: وقد يتمثل الملك على صورة إنسان معلوم فكثيراً كان يأتي مجلس رسول الله جبريل على صورة " دُحية الكلبي " أحد أصحاب رسول الله, و كان رجلاً وسيماً جميلاً, هناك أدلة كثيرة منها قصة ضيف إبراهيم قال تعالى:

 

﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾

 

(سورة الداريات الآية: 24- 28)

 فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون ولا يتناكحون ولا يتزاوجون وقصة ثانية:

﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾

(سورة هود الآية: 77- 78)

 مع سيدنا لوط جاؤوا على شكل شباب حسان الصورة " مرد ", ومنها قصة الملكين الذين تسوروا المحراب على داود عليه السلام في صورة رجلين متخاصمين:

 

﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ﴾

 

(سورة ص الآية: 21-22)

 أنهم قادرون على التشكل بأشكال بشرية معروفة أو غير معروفة.

 

3- القدرات الخارقة التي امتازوا بها:

 ومن صفاتهم أن لهم قدرات خارقة, فقد ثبت للملائكة في القرآن الكريم و السنة المطهرة قدرات عجيبة حسب الله لهم, فمنهم على قلة عددهم يحملون العرش قال تعالى في سورة الحاقة:

﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾

( سورة الحاقة الآية: 16- 17)

 وفي الحديث الشريف:

" عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ "

( ورد في الأثر )

 ومنهم من ينفخ نفخة يصعق لها من في السموات والأرض وقد أشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى في سورة الزمر:

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾

(سورة الزمر الآية: 68)

 وفي الحديث الشريف:

" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الصُّورِ قَدِ الْتَقَمَ الصُّورَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ وَأَصْغَى سَمْعَهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ "

( أخرجه ابن حبان عن أبي سعيد الخدري في موارد الظمآن في زوائد ابن حبان للهيثمي )

 رسل سيدنا لوط وهم ملائكة, قلبوا أرض قومه عاليها سافلها دفعة واحدة هذه أعمال خارقة:

﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ﴾

( سورة هود الآية: 82)

 

4- الطاعة لله تعالى:

 

  من صفاتهم أيضاً الطاعة لله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾

(سورة التحريم الآية: 6)

 لا يعصون و إذا أمروا يبادرون, ومن صفاتهم أيضاً أنهم لا يستكبرون عن عبادته ولا يتعبون فيها, وأنهم يسبحون ربهم دائماً من غير انقطاع:

﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ﴾

( سورة الأنبياء الآية: 19)

  أي الملائكة.

 

﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾

 

(سورة الأنبياء الآية: 20)

 قال تعالى:

 

﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

 

(سورة البقرة الآية: 30)

  إذا الإنسان آمن يفوق الملائكة:

" ركب الملك من عقل بلا شهوة, وركب الحيوان من شهوة بلا عقل, وركب الإنسان من كليهما فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان"

( ورد في الأثر)

  قال تعالى:

 

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

 

( سورة الأحزاب الآية: 72)

 الملائكة والجبال والسموات وسائر المخلوقات خافوا وأشفقن منها وحملها الإنسان, أيضاً من صفاتهم أنهم لا يعملون إلا بأمره:

﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾

(سورة الأنبياء الآية: 27)

 ومن صفاتهم أيضاً أنهم مقربون إلى الله تعالى ومكرمون:

 

﴿إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾

 

(سورة الأعراف الآية: 206)

﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 116)

  ومن صفاتهم أنهم لا يتناكحون ولا يتناسلون ولكنهم عباد الرحمن مخلوقون لله من دون وساطة, الله عز وجل خلقهم دفعة واحدة لحكمة أرادها, وقد ذمَّ الله الكافرين الذين جعلوا الملائكة إناثاً وتوعدهم بكتابة شهادتهم الكاذبة وسؤالهم يوم القيامة عن افتراءاتهم قال تعالى:

﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾

(سورة الزخرف الآية: 19)

5- تخصيص طائفة منهم رسل لتبليغ الشرائع للأنبياء:

 من صفاتهم أيضاً أن الله سبحانه وتعالى جعل منهم الرسل للقيام بتبليغ الشرائع للأنبياء أو للقيام بمهام أخرى قال تعالى:

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

(سورة فاطر الآية:1)

 تلاحظون ليس هناك من فكرة إلا وعليها أكثر من آية في القرآن الكريم أو حديث صحيح حصراً, لأن الإيمان بالملائكة إيمان إخباري, لذلك لا نقول أي كلمة من عندنا.

6- القدرة على الصعود والهبوط من غير الخضوع لقوانين الجاذبية:

 من صفاتهم أنهم قادرون على الصعود والهبوط بين السموات والأرض من غير التأثر بجاذبية أو تصادم:

﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾

(سورة المعارج الآية: 4)

 والروح هنا يعني سيدنا جبريل, ومن صفاتهم الخوف من الله تعالى وإن كانوا لا يعصونه وعلى عبادة الله يقيمون قال تعالى:

﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾

( سورة الرعد الآية: 13)

﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾

(سورة النحل الآية: 49-50)

 

7- أنهم مخلوقون قبل السلالة البشرية:

 

 من صفاتهم أنهم مخلوقون قبل هذه السلالة من البشر ولدينا دليل قال الله:

﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 30)

 كيف توقعت الملائكة أن بني البشر مفسدون في الأرض يسفكون الدماء ؟ قاسوا على الجن, الجن خلقوا قبل الملائكة والإنس خلقوا بعد الملائكة.

كرامة طالب العلم عند الله:

 قال عليه الصلاة والسلام:

" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ "

( ورد في الأثر )

 إذا ذكرتم الله عز وجل لعل الله سبحانه وتعالى يرسل لهذه المجالس ملائكة يحفون طالبي العلم:

" عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ زِرَّ ابْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ قَالَ أَتَيْتُ رَجُلا يُدْعَى صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ فَقَعَدْتُ عَلَى بَابِهِ فَخَرَجَ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ قُلْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ قَالَ إِنَّ الْملائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ "

( ورد في الأثر )

 أحياناً تتيسر أموره, يتوفق, ينشرح صدره, تنحل مشكلاته كأن الله عز وجل جعل الملائكة رسلاً يكافؤون طلبة العلم

عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا فَأَيْنَ قَوْلُهُ ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الأفُقَ "

( ورد في الأثر )

﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾

( سورة النجم الآية: 13)

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور