وضع داكن
26-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 096 - قواعد السلوك إلى الله3 - الذكر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة المؤمنون: لا زلنا في سلسلة من دروس تتجه إلى تغذية القلب وعقد الصلة مع الله عز وجل، بدأنا هذه الدروس بدرس (الخلوة) وانتقلنا منها إلى درس(الصحبة)، وها نحن ننتقل إلى درس سادس موضوعه (الذكر)، أصل الذكر أن الله سبحانه وتعالى جعله غذاءً للقلب قال تعالى:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾

( سورة الرعد )

 والقلب هنا قلب النفس، النفس بين أن تطمئن وبين أن تضطرب، بين أن تطمئن و بين أن تخاف، بين أن تطمئن وبين أن تقلق، مرض العصر القلق و الخوف و الاضطراب، فهذه الأمراض كلها تنتفى عن المؤمن حينما يذكر الله عز وجل، والآية الكريمة:

 

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾

 

 

( سورة الرعد )

 في الآية لفتة بلاغية، فيها قصر، لو أن الله سبحانه و تعالى قال: تطمئن القلوب بذكر الله، لكان المعنى أنها تطمئن بذكر الله وبغير ذكر الله، أما حينما قال الله تعالى:

 

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾

 

( سورة الرعد )

 أي أن القلوب لا تطمئن إلا بذكر الله، و هذه هي الفطرة، فالإنسان قبل أن يصطلح مع الله و قبل أن يعرف الله فهو في ضياع، كأنه فاقد شيئاً عظيماً، لا يدري ما هو، فإذا وصل إلى الله وذكره اطمأن قلبه، و هذه الطمأنينة لا تقدر بثمن، هي أثمن ما في الحياة النفسية فماذا تعني كلمة الذكر ؟ أو أن هذه الكلمة حينما وردت في كتاب الله، فما المعاني المستنبطة من سياق الآيات حول كلمة الذكر؟ أولاً الذكر هو القرآن الكريم بأكمله، قال تعالى:

 

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)﴾

 

( سورة الحجر )

 وهذا الاسم لكتاب الله عز وجل اسم جامع مانع أي كأن هذا القرآن تذكرة لبني الإنسان، خالق الأكوان ذكّر الإنسان بهذا القرآن: هو ذكرى، و معنى ذكرى أنك إذا ذهبت إلى بلد ورأيت منظر جميل، ثم طال بك الأمد ونسيت هذا المنظر، فإذا أطلعناك على هذا المنظر بصورة مثلاً، تقول أذكره، معنى ذلك أن الفطرة تتوافق مع الإيمان، فأنت حينما تُذَكِّرُ بالله تذكر بأن الله سبحانه وتعالى فطر النفوس فطرة إيمانية
فإذا انحرفتَ و طمست هذه الفطرة ثم ذكّرتها بربها ذكرت، لذلك ربنا عز وجل يقول: " كلا إنها تذكرة " كل هذا الدين تذكرة للإنسان، ليذكر ما عاهد الله عليه في عالم الأزل، قال تعالى:

 

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)﴾

 

( سورة الأعراف )

إذاً الذكرُ في المعاني الدقيقة لهذه الكلمة التي وردت في كتاب الله و القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)﴾

( سورة الحجر )

 هذا هو المعنى الأول، و المعنى الثاني: صلاة الجمعة و خطبتها، قال تعالى:

 

﴿ريَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)﴾

 

 

(سورة الجمعة )

 يعني اسعوا لخطبة الجمعة و للصلاة، لأنها تذكركم بالله، أنت سائح، أنت مستغرق في أمور الدنيا، يأتي يوم الجمعة، هذا اليوم لله، لتذكر الله، لتذكر مهمتك في الحياة الدنيا، فاسعوا لذكر الله، وقد أجمع العلماء على أنّ ذكر الله في هذه الآية هو خطبة الجمعة، لذلك فالشخص الذي يأتي المسجد في أول ساعة فكأنما قَدّم بدنه، والذي يأتي في الساعة الثانية فكأنه قرّب بقرة، والذي يأتي في الساعة الثالثة فكأنه قرّب شاة، والذي يأتي في الساعة الرابعة فكأنه قرّب دجاجة، والذي يأتي في الساعة الخامسة فكأنه قرّب بيضة، فإذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام، و الملائكة تكف عن كتابة الأجر وتجلس لتستمع للخطبة كما ورد في الحديث الصحيح، وهذا المعنى الثاني لكلمة الذكر، أما المعنى الثالث: العلم قال تعالى:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

 

( سورة الأنبياء )

 عندك آيتان قال تعالى:

 

﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً (59)﴾

 

( سورة الفرقان )

 وقال أيضاً:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

 

( سورة الأنبياء )

 أنت في كل شؤون حياتك عليك أن تستشير أولي الخبرة والاختصاص اسأل أهل الذكر فأنت بالسؤال تستعير خبرات الرجال، وعلمهم، تستعير كل ما يملكون بسؤال مؤدب ؛ فهذا إنسان متخصص، متمكن، خبير باعه طويل في هذا الموضوع، أمضى أربعين عاماً في هذا الاختصاص، إن سألته أخذت كل علمه، لذلك قال العلماء: السؤال مفتاح العلم، وقد قال الله تعالى:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

 

( سورة الأنبياء )

 أما إن أردت أن تعرف الله، أن تعرف أسماءه الحسنى، صفاته الفضلى، أما إن أردت أن تعرف ما عند الله من نعيم مقيم، وما عنده من عذاب أليم، أما إن أردت أن تعرف الله قال تعالى:

 

﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً (59)﴾

 

( سورة الفرقان )

رمن هنا يقولون في وصف بعض العلماء " العارف بالله "، هناك من يعلم قوانين خلق الله، هذه جامعات العالَم: الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والهندسة، والفلك وعلم النفس وعلم الاجتماع والتربية، وعلم المستحاثات والجيولوجيا والفيزياء النووية، والكيمياء العضوية، إلى آخره فروع الجامعات كلها تعطي العلم بخلق الله، والجامعات في العالم الإسلامي تعطي العلم بأمر الله، الزواج والطلاق والميراث وأصول الفقه واستنباط الأحكام وتاريخ التشريع وعلوم القرآن وعلوم الحديث وعلوم السنة إلى آخره، فهذه أوامر الله عز وجل، لكنّ العلماء بالله وحدهم يعطونك العلم بالله، وعليه،فهناك عالِم بالشريعة وهناك عالِم بالطريقة وهناك عالِم بالحقيقة كما يرى بعض العلماء، قال تعالى:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾

( سورة الأنبياء )

 كلما قرأت هذه الآية فاقرأ الآية التالية قال تعالى:

 

﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً (59)﴾

 

( سورة الفرقان )

 إن أردت أن تعرف ما سوى الله فاسألوا أهل الذكر، إن أردت أن تعرف الله فاسأل به خبيراً،عندك مصدران للإجابة رجل يعرف الله، ورجل يعرف ما سوى الله، والسؤال مفتاح العلم، والإنسان بالسؤال يرقى وبالعلم يرقى، ولعل العلم وحده هو القيمة المرجحة للتفاوت بين البشر قال تعالى:

 

﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾

 

( سورة الزمر )

 إذاً أول معنى للذكر القرآن الكريم، المعنى الثاني الذكر هو خطبة الجمعة وصلاتها، المعنى الثالث أهل الذكر أهل العلم، المعنى الرابع الذكر، ذكر الله بلسانك قال تعالى:

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103)﴾

 

( سورة النساء )

 ما معنى هذه الآية ؟ اذكروا الله وأنتم واقفون وأنتم جالسون وأنتم مضطجعون، أي فاذكروا الله دائماً، لذلك أوامر الذكر لا تنصب على الذكر وحده بل تنصب على الذكر الكثير لقوله تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 بل إنّ من علامات المنافقين أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، وإنّ الذي يذكر الله ذكراً كثيراً برئ من النفاق، إذاَ المعنى الرابع لكلمة الذكر أن تذكر الله بلسانك قال تعالى:

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103)﴾

 

( سورة النساء )

 وقال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)﴾

 

( سورة الأنفال )

 وقال أيضاً:

 

﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8)﴾

 

( سورة المزمل )


 أما النبي عليه الصلاة والسلام فيقول في حديث قدسي:

 

((قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ ))

 أي أنا معه مؤيداً، ناصراً، حافظاً، موفقاً، مطمئناً، معِزاً، أية صفة ترتاح إليها، أية صفة تصبو إليها، أي صفة تطمح إليها فالله جل جلاله يمنحك إياها إذا ذكرته، أي إن أردتم رحمتي فارحموا خلقي. إنك يا ابن آدم إن ذكرتني شكرتني، وإن نسيتني كفرتني، لمجرد أن تذكر الله فأنت شاكر لله، وأعود لأكرر الحديث الشريف:

 

 

((قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ ))

 وقال أيضاً:

 

 

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شَرَائِعَ الإِْسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ))

 الحقيقة أيها الإخوة، هذه كلمة فيما بين السطور، في أول الطريق الإنسان يجد صعوبة في الذكر، لكن والله الذي لا إله إلا هو، بعد أمد معين، بعد أن تخطو خطوات واسعة بطريق الإيمان، ليس في ذهنك وليس في مخيلتك وليس في طموحك وليس من نشاطاتك إلا أن تذكر الله عز وجل، المؤمن أينما حل لا يفتر لسانه عن ذكر الله، يعرِّف الناس بالله، بآية من كتابه، بحديث من نبيه، بقصة مؤثرة، بحكم فقهي، بآية كونية، بموعظة مؤثرة، بلفتة دقيقة، بحُكم يحتاج الناس إليه، أيّ كلامٍ يفضي إلى الله فهو من ذكر الله، بعد قليل ترون أنّ أوسع نشاط على الإطلاق يقوم به الإنسان هو أن يذكر الله، إذا قرأ القرآن الكريم فهو ذاكر لله، إذا قرأ الحديث الشريف فهو ذاكر لله، إذا قرأ تفسير القرآن فهو ذاكر لله، إن قرأ تفسير حديث رسول الله فهو ذاكر لله، أي نشاط على الإطلاق يمارسه الإنسان يفضي إلى الله، إن قرأت كتاب فقه، إن نصحت إنساناً، إن أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، إن أردت أن تقرب الناس إلى الله عز وجل بقصة مؤثرة فأنت ذاكر لله، لذلك قال الرسول الكريم:

 

 

(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْضَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ ))

 سبحان الله ؛ المؤمن أينما جلس يذكر الله، لذلك إذا رؤي يُذكَرُ اللهُ به، ليس عنده موضوعات أرضية، موضوعاته سماوية، الموضوعات الأرضية مملة وغير المملة تفرِّق الحاضرين، تحدث عن تجارة غير التاجر يتضجر، تحدث عن سفر غير المسافر يتبرّم، تحدث عن ميزات الزواج غير المتزوج يتألم، أيّ كلام دنيوي يقيم شرخاً في المجلس، أما إن تحدثت عن الله هو رب الجميع، هو خالق الجميع، وهو معقد آمال الجميع، لذلك إن أردت أن يحبك الناس فأكثر من ذكر الله، أما شأن الموضوعات الأرضية فيبينها قوله عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))

 بعد أن تنتهي الجلسة يقال: لقد تكسر جسمنا، لأنه ليس هناك خبر سار وليس هناك شيء مريح للنفس بل تكاثر وتفاخر، قال تعالى:

 

 

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)﴾

 

( سورة الحديد )

 والإنسان أحياناً ينساق بالحديث مع الشيطان فيجعل نفسه محور كل حديث: يلقي الضوء على نفسه، على ذكائه على نشاطاته، على إنفاقه للمال قال تعالى:

 

﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً (6)﴾

 

( سورة البلد )

 على مشاريعه على متعه الرخيصة، فهذا الحديث المتمحور حول الذات يمجه الناس، والإنسان له حاجة عند الله، فإن قربته إلى الله سعدت وأسعدت، سعدت بهذا الحديث وأسعدت غيرك لذلك فالذي أرجوه من الله عز وجل لنا جميعاً في أي مجلس كنا، في أي لقاء، في أي مناسبة، في سفر، في إقامة، في حفل، في وليمة، في عقد قران، ليكن لسانك رطباً بذكر الله، ربنا عز وجل يحبك عندئذ، قال:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍَ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍَ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))

 أي أنت تضع نفسك في الظل وتمدح الله عز وجل، والله جل جلاله يرفع لك ذكرك، وأينما ذكر اسمك في المجتمعات يثنون عليك، هذا هو كمال الله عز وجل، أنت يا عبدي تذكرني وأنا أثني عليك أمام الخلق، أنا ألقي محبتك في قلوب الخلق، أنت تذكرني وأنا أرفع لك ذكرك بين الخلق، والإنسان إذا سلط الضوء على نفسه ومدح نفسه فحينما ينصرف من المجلس، فأول تعليق إنه مغرور، ثاني تعليق: ما هذه الفوقية، وأي شخص يتكلم في المجلس لا يتكلم إلاّ من باب المجاملة، أما حينما يخرج تتزاحم التعليقات اللاذعة، فلذلك حينما يضع الإنسان نفسه في الظل و يذكر سيده و مولاه يرفعه الله عز وجل وهذه قاعدة، يعني أنت ضع على نفسك إشارة إكس، من أنا ؟ نور الدين الشهيد قبل أن يواجه التتار، سجد لله، وقال: يا رب، سامحوني في هذه الكلمة، من هو الكلب نور الدين حتى تنصره، انصر دينك ، إنكار الذات أنا لا أعتقد أن أحداً في الأرض أنكر ذاته كرسول الله، كما أني لا أعتقد أن أحداً في الأرض رفعه الله كرسول الله، علاقة عكسية كلما تواضعت لله رفعك الله، كلما مرغت جبهتك في أعتاب الله أعزك الله، كلما أنكرت ذاتك ذكرك الناس بالخير، فلذلك إن جلست في مجلس ضع نفسك في التعتيم،عتم على نفسك واذكر ربك، اذكر نبيه الكريم، اذكر صحابته الكرام، اجعل من هؤلاء الصحابة الكرام الذين اصطفاهم الله لنبيه، اجعلهم مدار حديثك، أشد بأخلاقهم، بمحبتهم، بإخلاصهم، نحن بحاجة إلى مثل أعلى، الصحابة الكرام مُثل عليا وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن تتكلم عن نفسك فهذا يقيم شرخاً في المجلس، بين منكر ومصدق، بين حاسد ومحب لا يخلو ممن حولك أن يكون حاسداً أو أن يكون محباً، المحب يقول ليته ما تكلم عن نفسه، والحاسد يتكلم بما لا يرضي، فلذلك الذي أرجوه من هذا الدرس أن تجعل من لقاءاتك وجلساتك وسمرك وولائمك وزياراتك وكل لقاءاتك مع الناس أن تجعل منها مجالس ذكر، والعلم ثمين جداً، وطالب العلم لديه شيء يتكلم به، أنا أعجب، سبحان الله، من أشخاص يديرون حديثاً فارغاً حديثاً سخيفاً، يثيرون الأحقاد، يتكبرون، مع أنهم لو طلبوا العلم لكان عندهم ما يقولونه لساعات طويلة، واسمحوا لي أن أقول: مستحيل على أخ من إخواننا الكرام يرتاد المساجد ويتزود بالعلم، مستحيل بل لا بد من أن يتكلم ساعات وساعات بدون تحضير، لأنه وعاء، درس الجمعة ودرس السبت ودرس الأحد ودرس الاثنين، وعند الفجر وعند الظهر هذه كلها معلومات تُخَزّن، لأنك إن جلست مع أشخاص فماذا يمكن أن تفعل ؟ تلقي هذه المعلومات إن ألقيتها بإخلاص دخل معها الحال، سأقول لكم معها نقطة دقيقة، أرجو الله أن أذكر النص الدقيق، أنه حال رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، أي ألف إنسان يتكلمون بلا حال مع شخص لا يستطيعون أن يؤثروا كما لو أن إنساناً مخلصاً مقبلاً تكلم بمجلس ضمّ ألف شخص، ألف واحدٍ بلا حال لا يساوي حال واحد بألف، ألف كلام بلا حال لا يؤثرون بألف بينما كلام رجل واحد بحال يؤثر بألف، إذاً الذكر من صفات المؤمن، ونحن كما اتفقنا وكما بينا في درس سابق لا يستطيع أحد كائناً من كان مهما علا شأنه أن يقول في الدين برأيه، هذا دين الله لذلك وطّن نفسك على ألاّ تقبل شيئاً إلا بالدليل، وألا ترفض شيئاً إلا بالدليل، هذا الدين دين الله وهذا العلم هو دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وقال ابن عمر دينَك دينَك إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا، فأحياناً ينشأ انحراف فمثلاً: إنسان له اهتمام بالفكر الإسلامي وله مؤلفات ألقى محاضرات، متفوق بالفكر الإسلامي، لكن ذكره قليل إذاً حاله ضعيف، إذاً تأثيره قليل، إنسان آخر أهمل طلب العلم واعتنى بقلبه تأثيره شديد لكن الأثر عاطفي، لا يوجد أثر علمي، إذاً تأثيره شديد لكنه غير مديد، أما إذا جمع بين العلم والذكر جمع المجد من طرفيه، فقد جمع بين العلم وبين الذكر، لذلك أقول دائماً: الإنسان عقل مدرك وقلب محب، العقل غذاؤه العلم والقلب غذاؤه الذكر فإذا طلبت العلم وذكرت الله ما فاتك شيء من الدين، أما إن ذكرته بلا علم لم تستطع إلا أن تنقذ نفسك، وإن تعلمت ولم تذكره تصحر قلبك وشعرت بوحشة وفقد كلامك معناه هذه كلمة عن الذكر في القرآن الكريم، فالقرآن هو الذكر وخطبة الجمعة هي الذكر والعلماء بالكون هم أهل الذكر وأما ذكر اللسان فقد ورد في الآيات والأحاديث، والدليل على أن الذكر جزء أساسي من الدين، فمن الكتاب قال تعالى:

 

 

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾

 

( سورة البقرة )

 لكن هناك آية أخرى رائعة جداً تُعطف عليها فتفسرها قال تعالى:

 

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

 

( سورة العنكبوت )

 ذكر الله أكبر شيء في الصلاة هذا معنى أوّل، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

 

( سورة طه )

 المعنى الثاني أنّ ذكر الله لك حينما تذكره أكبر من ذكرك له، أنت تقول: يا رب، الله، لا إله إلا الله، اللهم صلّ على سيدنا رسول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونِعم الوكيل، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فأنت تذكره، هذا ذكرك له، فما ذكره لك ؟ يطمئنك، يحفظك، ينصرك، يرفع ذكرك، يرفع قدرك، يُعزك، يقوي قلبك، يلَين أعداءك، قال تعالى:

 

﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

 

( سورة العنكبوت )

 أي أن ذكر الله لكم إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم له قال تعالى:

 

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾

 

( سورة البقرة )

 اذكروني لعبادي أذكركم في ملأ خير منهم، اذكروني في أنفسكم أذكركم لملائكتي، اذكروني للخلق أذكر شأنكم بين الخلق، أذكركم جواب الطلب، العلاقة بين الفعلين علاقة شرط وطلب، الآية الثانية قال تعالى:

 

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

 

( سورة آل عمران )

 أيْ: يذكرون الله دائماً، والذي يلفت النظر أن الإنسان المؤمن الصادق المقبل المتفوق أُمر أن يكون صمته فكراً ونطقه ذكراً ونظره عِبرة، إذا وصلت إلى هذا المستوى فما أروعك، أمرت أن يكون صمتي فكراً ونطقي ذكراً ونظري عِبرة، أمّا الآية الثالثة:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)/

 

( سورة الأحزاب )

 يعني إذا كان هناك فئة انحرفت عن المنهج القويم ومن خصائصها الذكر، فهل ترفض الذكر؟ أعوذ بالله فهذا أمر إلهي، وذكر الله جزء أساسي من الدين، من صفات المؤمنين قوله تعالى:

﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 

والله أيها الإخوة إن الإنسان المؤمن يطمح إلى أن تنطبق عليه الآية الكريمة، قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)﴾

( سورة التوبة )

 بع نفسك بيعاً قطعياً وكن لي، أيْ: وقتك، علمك، لسانك، قلمك، تجارتك، ذات مرة سأل رجل عالِماً من العلماء قال له: كم الزكاة يا سيدي ؟ قال له: عندنا أم عندكم، قال: سبحان الله ما عندنا وما عندكم ؟ قال: عندكم اثنان ونصف في المائة أما عندنا العبد وماله لسيده أنت لاتملك شيئاً أبداً، إذا كان وقتك كله لله وطاقتك وإمكاناتك كلها لله طلاقة لسانك كلها لله قلمك السيال كان لله، مالك كله لله، فأنت من السابقين الصادقين من أولئك المقربين في جنات النعيم، فالإنسان سبحان الله، في الدنيا طموح إلى أعلى مرتبة، وإذا كان ميسور الحال كلما جدّ شيء جديد تراه يقتنيه، لا يحب أن يكون أقل من الآخرين، يحب أن يكون سبّاقاً، لماذا لا تكون مع الله بهذه الصفة؟ لمَ لا تحب أن تكون سبّاقاً إلى الله عز وجل هذه هي الآية الرابعة، الأولى قال تعالى:

 

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾

 

( سورة البقرة )

 الثانية قوله تعالى:

 

﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

 

( سورة آل عمران )

 والثالثة قوله:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 والرابعة قال تعالى:

 

﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 الخامسة الآن هي قوله تعالى:

 

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)﴾

 

( سورة آل عمران )

 أنا أقترح عليكم، أنا والله أمارسها كل يوم، بعد صلاة الفجر أستغفر الله مائة مرة، لا إله إلا الله مائة مرة، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم مائة مرة، ثم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مائة مرة، لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة، حسبي الله ونِعم الوكيل مائة مرة هذه أذكار النبي عليه الصلاة والسلام تحتاج إلى ثلث ساعة أي عشرين دقيقة، فإذا لزمت هذا الذكر كل يوم بقلب غير مفعم مرةً، مرة بقلب مفعم بالحب، ومرة بحال، فأنت عليك أن تذكر وعلى الله الباقي، وعلى الله أن يمدك بإمداداته، هذا كله ذكر، إذا قرأت القرآن فأنت ذاكر، إذا قلت الله الله بالاسم المفرد مقبول وعلى العين والرأس فأنت ذاكر أيضاً، لا تحجر واسعاً، لا تقل هذه بدعة دعك من هذا، أنت تذكر الله بأذكار النبي وباسم مفرد وبتلاوة القرآن، العبرة أن تكون مع الله، وإليك الآية السادسة قال تعالى:

 

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾

 

( سورة الرعد )

 أنت قد لا تصدق أنه بإمكاني أن أقول سبحان الله، أستغفر الله، لا إله إلا الله، ثم أحس براحة، الله وعد بهذا الشيء، خالق الكون، ذكرت البارحة فكرة دقيقة: أحياناً إنسان عظيم، ملك من الملوك الكبار، عظيم وعطاؤه كبير ولكن الأبواب دونه مغلقة، لن تستطيع أن تقابله، ولن يسمح لك أن تقدم له هدية، والله هذه مشكلة، الخير عنده والباب مغلق ولكن الله عز وجل ليس كذلك، إنه ملك الملوك والطرائق إليه مفتوحة الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، ذكرت من يومين وأنت في بيتك هناك طرق إلى الله، الأمومة الكاملة طريق إلى الله، البنوة الكاملة طريق إلى الله، أي إذا كنت باراً بأمك وأبيك فهذا طريق إلى الله، إذا كنت رحيماً بزوجتك فهذا طريق إلى الله كذلك، إن كانت هذه الزوجة تحسن تَبَعُّلَ زوجها فهذا طريق إلى الله، إن تحسن تربية أولادها فطريق إلى الله، خرجتَ من البيت وعن كل امرأة تغض البصر طريق إلى الله، صدقك وأمانتك ونصحك للمسلمين ورحمتك بهم طريق إلى الله، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، فالله عز وجل لأنه يحبنا ولأنه خلقنا ليرحمنا ولأنه خلقنا ليسعدنا جعل كل حركة وسكنة طريقاً إليه، بل الأغرب من ذلك كل مخلوقاته على الإطلاق إن أحسنت إليهم فهذا قرض لله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)﴾

 

( سورة البقرة )

 كأن الله ينتظر أن تقرضه بالإحسان إلى عباده، أحياناً يأتيك إنسان بحاجة إلى مساعدة، إنسان بحاجة إلى أن تكون وسيطاً له، إنسان مكسور، إنسان على وشك الانهيار لجأ إليك، هؤلاء كلهم عباده فإذا أحسنت إليهم فهو الشكور، وهو الذي يعطيك، وهذه الآية السابعة قال تعالى:

 

﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)﴾

 

( سورة الإنسان )

 هؤلاء الذين يزعمون أن كلمة ( الله الله ) بدعة، هذه الآية واضحة الدلالة واذكر اسم ربك (الله) اسم الله الأعظم، الاسم الجامع لكل أسمائه الحسنى، العَلَم على الذات إذا قلت (الله الله) هذا من الذكر، قال تعالى:

 

﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8)﴾

 

( سورة المزمل )

 التبتل يعني الانقطاع إلى الله سبحانه.
قال تعالى:

 

﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

 

( سورة العنكبوت )

 هذه الآية ذكرتها لكم قبل قليل وقال أيضاً:

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103)﴾

 

( سورة النساء )

 وقال:

 

﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10﴾

 

( سورة الجمعة )

 وقال أيضاً

 

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ﴾

 

( سورة النور )

 أي ماذا حصّلت في الصلاة ؟ بمعنى قوله تعالى:

 

﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)﴾

 

( سورة الجن )

 هذه البيوت أُنشئت ليذكر فيها اسم الله عز وجل، لذلك أقول لكم كما قلت سابقاً إن هذا المنبر وهذا الكرسي لهما شانهما منبر رسول الله فمن وقف عليه فليذكر الله ورسوله فقط ولا يدخل موضوعاً آخر لا يليق بهذا المقام، ومن جلس على هذا الكرسي فلا ينبغي أن ينال من خصومه ولا أن يشفي صدره منهم ولا أن يبحث في قضايا شخصية، هذا يعتبر خيانة لهذا الكرسي، هذا المنبر وهذا الكرسي لذكر الله فقط، ويجب أن تضع نفسك في التعتيم الكامل وأن تلقي الضوء على كل ما يقرب الناس لله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)﴾

 

( ورة البقرة )

 والعياذ بالله في بلاد الشرق قبل سبعين عاماً أو أكثر حوِّلت المساجد إلى مستودعات أو إلى إسطبلات أو إلى مخازن أو إلى ملاهٍ، قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)﴾

 

( سورة البقرة )

 ذات مرة سألني أخ أنا أعمل في الدنيا والعمل فيها مشروع لا معصية فيه، ولكن كيف أتأكد أني لست محباً للدنيا بهذا العمل ؟ سؤال دقيق، أنا أعمل ضمن منهج الله لكن من أدراني أني لا أحب الدنيا بهذا العمل، قلت: هناك ضابط، هناك كاشف، هناك مقياس، إذا التهيت بهذا العمل عن ذكر الله فأنت محب للدنيا، أما إذا كنت يقظاً ذاكراً لله فلست كذلك قال تعالى:

 

﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)﴾

 

 

( سورة النور )

 إذاً هذه الدنيا بيديك وليست بقلبك، الدنيا إما أن تكون بيديك، وإما أن تكون في قلبك فإن كانت في قلبك ألهتك عن ذكر الله، أما إن كانت بيديك فلا تلهيك عن ذكر الله، رجال، معنى رجال هنا: أبطال، سيدنا عمر بن عبد العزيز كلّف عالِماً جليلاً في عصره اسمه عمر بن مزاحم فيما أذكر قال له: اجلس إلى جانبي وراقبني فإذا رأيتني ضللت فهزني هزاً شديداً، أمسكني من تلابيبي وهزني هزاً شديداً وقل لي: اتق الله يا عمر فإنك ستموت، أي إذا أحد ذكرك بالصلاة، ذكرك بالعمل الصالح، ذكرك بأن هذا المكان لا يليق بك، ذكرك بأن هذه النزهة تبعدك عن الله عز وجل، ذكرك بأن هؤلاء الأصحاب ليسوا على ما يرام، ذكرك بأن هذه التي خطبتها لا تناسبك وإنها متفلتة، ذكرك بأن هذا السفر ليس في مصلحة دينك، ذكرك بأن هذه التجارة لا تعود عليك بالخير، فهذا ينبغي أن تُقَبّل يده على هذه النصيحة، المؤمن إذا ذكّرته ذكر، مرة تطاول إنسان على سيدنا عمر بن الخطاب قال له: إنك لا تعطي العدل فغضب، قال له أحد الحاضرين: يا أمير المؤمنين ألم يقل الله عز وجل:

 

 

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)﴾

 

 

( سورة الأعراف )

 وهذا من الجاهلين، قالوا: وكان عمر وقّافاً عند كتاب الله فوقف فوراً وسكنت نفسه، أنت كمؤمن إذا ذكّرك إنسان فاستجب، ونحن والله أيها الإخوة لا نرقى عند الله إلا إذا ذكّرنا بعضنا، إلا إذا ائتمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، لماذا أهلك الله بني إسرائيل ؟ قال تعالى:

 

 

﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)﴾

 

( سورة المائدة )

 مجاملات، تجد شخصاً لا يصلي، يشرب الخمر أحياناً، يُزار ويُحترم ويُثنى على أخلاقه وعلى ذكائه وعلى حكمته وعلى طيبه وتُقدم له الهدايا بالمناسبات وكأنه لم يفعل سوءاً بين الأقرباء، هذا الذي يشرب الخمر ولا يصلي ويتطاول على الدين، لماذا يُرى من يعظمه ويكرمه ؟ قال تعالى:

 

﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)﴾

 

( سورة المائدة )

 وأهلكهم مرة ثانية قال الرسول الكريم:

 

(( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: مَا نُكَلِّمُهُ فِيهَا مَا مِنْ أَحَدٍ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ حِبُّهُ أُسَامَةُ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَلَكُوا بِمِثْلِ هَذَا كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِنْ سَرَقَ فِيهِمُ الدُّونُ قَطَعُوهُ وَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُهَا ))

 لذلك ذكرت أمراض بني إسرائيل لنا في القرآن كثيراً فلماذا ؟ لأننا عندنا استعداد أن نقع فيها كلها، قال تعالى:

 

 

﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)﴾

 

( سورة البقرة )

 ماذا يقول مسلمو اليوم: نحن عبيد إحسان ولسنا عبيد امتحان، ويقولون الله لا يمتحنا، كبني إسرائيل أي سمعنا وعصينا، إذا كان هناك عمل شاق مهلك تخلفوا، قال تعالى:

 

﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)﴾

 

( سورة المائدة )

 هذا إذاً مرض، في المغانم لا يتخلف أحد، في المغارم لا ترى أحداً، في المغارم لا أحد يتكلم، إذ كان هناك وليمة أو نزهة ترى الجميع موجودين ولا أحد منهم غائباً، أما إذا كان هناك عمل جماعي أو بذل أو تضحية أو معاونة تجد كل واحد منهم يعتذر اعتذاراً لطيفاً وينسحب وهذا معنى قول الله عز وجل:

 

﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)﴾

 

( سورة البقرة )

 لذلك لو أننا كلنا أمرنا بعضنا بعضاً بالمعروف لكنا في حال غير هذا الحال، بل إن الله سبحانه وتعالى يهلك الصالح إذا كف عن إصلاح الناس، الله عز وجل أرسل ملائكة لإهلاك قرية، قالوا: يارب إنّ فيها صالحاً قال: به فابدؤوا، قالوا: لمَ يارب ؟ قال: لأن وجهه كان لا يتمعّر إذا رأى منكراً، وهذا معنى قول الله عز وجل:

 

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)﴾

 

( سورة هود )

 لم يقل صالحون فالصالح يهلكه إن لم يأمر بمعروف وينه عن منكر أما المصلح فلا يهلكه، والإنسان أقرب الناس له أهله و جيرانه زملاؤه، وإذا كان هناك تناصح دائماً تجد أن الشر تضيق دائرته، تراهم مجتمعين في جلسة ونريد أن نصلي فكلهم ساكتون، وإن حدث هناك غلط مثلاً فالجميع يتكلم أن هذا غلط وينتقدون، هذا لا يجوز أبداً، طبعاً السكوت عندهم مريح، السكوت معه سلامة دائماً، الناس يميلون إلى السكوت، لا إحراج فيه، ولا مشكلة، ولا عتب، فالسكوت أسلم، أما الأقرب إلى الله أن تنطق بالحق، قال تعالى:

 

﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)﴾

 

( سورة النور )

 وقال:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)﴾

 

( سورة المنافقون )

 وقال جل جلاله:

 

﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)﴾

 

( سورة التغابن )

 هذا الصحابي الذي قال لسيدنا عمر رضي الله عنه: إنني أصلي في غير وضوء، أعوذ بالله، وأحب الفتنة وأكره اليقين وأفر من رحمة الله ولي في الأرض ما ليس لله في السماء، كلام غير مقبول وغير معقول، فقال له سيدنا علي: إنه يصلي على النبي بغير وضوء ممكن، وإنه يحب الفتنة أيْ يحب أولاده قال تعالى:

 

﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)﴾

 

( سورة التغابن )

 ويكره اليقين الموت قال تعالى:

 

﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)﴾

 

( سورة الحجر )

 وكلُّ منا يكره الموت، المؤمن لأنه يطمع بعمل صالح أكثر فيحب أن يطول عمره ويصلح عمله، قال له: وأفرّ من رحمة الله من المطر، الله جعل المطر رحمة، إذا نزل مطر غزيراً فجميعنا نهرب، نفر منها، قال له: ولي في الأرض ما ليس لله في السماء، لي زوجة وأولاد والله في السماء ليس له زوجة ولا ولد، هذا تأويل، هذا النص يحتاج إلى تأويل لا إلى تفسير، إذاً قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)﴾

 

( سورة المنافقون )

 الخامس عشر قوله تعالى:

 

﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 ورد معي بعض الأحاديث ولكني لست متأكداً من صحتها ؛ أنه يجب أن تذكر الله حتى يقال مجنون، يقولون: ألا يوجد عنده غير هذا الحديث ؟ هكذا ليكن المؤمن، محبوبه هو الله، أينما جلس أو حل أو وقف ليس له حديث سوى ذكر الله عز وجل، ولقد ورد بالصحاح أن الإنسان المؤمن يوم القيامة لا يندم إلا على شيء واحد، على ساعة مرت لم يذكر الله فيها يندم أشد الندم، ذات مرة كان الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه فرأوا قبراً فقال كلمة مؤثرة جداً: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم أحوج من كل دنياكم، تجد أراضي معروضة للبيع فيقال لك: الدُّنم بمليونين في بعض الأماكن، المتر بمليون في بعض المحلات التجارية، بعض شركات الأدوية مبيعاتها ة أربعمائة مليار، شركات السيارات فائضها النقدي مائة مليار، أرقام فلكية كلها، قال: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم أحوج إليها من كل دنياكم قال تعالى:

 

﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾

 

( سورة الأحزاب )

 قال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات وغدواً وعشياً وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا

تحميل النص

إخفاء الصور