وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 16 - سورة المائدة - تفسير الآيات: 21-26 ، نصر الله لعباده المؤمنين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

ملخص للدروس السابقة :

 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السادس عشر من دروس سورة المائدة، ومع الآية الواحدة والعشرين، وهي قوله تعالى في معرض الحديث عن قصة بني إسرائيل:

﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾

 وكان الله جل جلاله قد بدأ الآيات بقوله تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

 ولقد تم شرح هذه الآية في درس قبل الماضي، في الدرس الماضي:

﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ*﴾

الخوف الشديد غير المعتدل والتخاذل من صفات العصاة والشاردين :

 قال تعالى:

﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ﴾

 دعي بنو إسرائيل إلى دخول فلسطين، وكان في فلسطين قوم جبارون، فالإنسان حينما يعرف الله، ويعرف قدرته المطلقة، ويعرف أن النصر بيده، ويعرف أن الفعل بيده، ويعرف أن الأمر راجع إليه، ويعرف أن العباد في قبضته، ينفذ أمر الله ويستجيب له، ويقتحم المعارك، أما إذا غفل عن الله وضعفت ثقته بنفسه لضعف طاعته لله عز وجل يخاف، فالخوف الشديد غير المعتدل من صفات العصاة والشاردين، بينما الثقة بالله عز وجل والاعتماد عليه، والتوكل عليه من صفة عباده المؤمنين، فحينما دعي بنو إسرائيل إلى دخول القدس أو فلسطين قالوا:

﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾

 الكنعانيون كانوا في فلسطين، وكان هؤلاء جبابرة وعمالقة، وهذا أمر تكليفي، إن دخلتم نصرتكم، فأحجموا.

﴿ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا ﴾

 موقف من التخاذل ومن الضعف والجبن الذي أساسه الشرك، الإنسان حينما يشرك يلقي الله في قلبه الخوف.

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة آل عمران: 151]

الجرأة والشجاعة والثقة بالله والتوكل عليه من صفات المؤمنين :

 أيها الأخوة،

﴿يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة﴾

 ومعنى الأرض المقدسة أي أنها أرض الأنبياء، مهبط الرسالات الثلاث، أرض الأنبياء والمرسلين،

﴿ يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ﴾

 أي أمركم بها أمراً تكليفياً، فإن كان إيمانكم به قوياً، وإن كان اعتمادكم عليه كافياً، وإن كانت ثقتكم بأنفسكم عالية بسبب طاعتكم لله عز وجل فلا بد من أن تدخلوها معتمدين على الله آخذين بالأسباب، ولو أردنا أن نسقط هذا الحدث على مجتمع المسلمين، المسلمون حينما يغفلون عن الله، وحينما يقعون في الشرك الخفي، وحينما تضعف ثقتهم بأنفسهم بسبب معصيتهم لا يستطيعون التوكل على الله، ولا يستطيعون الاعتماد عليه، ولا يجرؤون على مواجهة أعدائهم بسبب ضعف ثقتهم بأنفسهم، وبسبب بعدهم عن خالقهم لذلك: الجرأة والشجاعة من صفات المؤمنين، والخوف الشديد، والقلق الشديد من صفات العصاة والمذنبين.

﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ﴾

 أنعم الله عليهما بالإيمان، وبالتوحيد، وبالثقة بالله عز وجل.

﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

 لكن هؤلاء القوم أبوا الدخول، واستنكفوا، وخافوا، وظنوا أنهم لا يستطيعون أن يحققوا النصر لضعف ثقتهم بربهم، ولضعف ثقتهم بأنفسهم، ولأن توكلهم كان ضعيفاً بسبب المخالفات.

 

لم يكلف المؤمنون أن يعدوا العدة المكافئة لعدوهم بل كلفوا أن يعدوا العدة المتاحة فقط:

 بالمناسبة أيها الأخوة أنت حينما تخالف أمر الله عز وجل لا تستطيع أن تتوكل عليه، وأن حينما تخالف أمر الله عز وجل لا تستطيع أن تعتمد عليه، وأنت حينما تخالف أمر الله عز وجل تضعف ثقتك بالله عز وجل، وأنا عند حسن ظن عبدي بي.
 أيها الأخوة، سيدنا موسى حينما قال أصحابه ووراءهم فرعون، وأمامهم البحر، والأمل بالانتصار ضعيف جداً إلى درجة الانعدام.

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ*قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

[ سورة الشعراء: 61-62]

 هذه ثقة المؤمن، والله الذي لا إله إلا هو كإسقاط لهذه القصة على الأحداث العامة لو أن المسلمين آمنوا بالله حق الإيمان، آمنوا بالله إيماناً يحملهم على طاعة الله، ثم أعدوا لعدوهم ما يستطيعون، ولم يكلفوا أن يعدوا العدة المكافئة بل كلفوا أن يعدوا العدة المتاحة فقط، والله الذي لا إله إلا هو كان النصر أقرب إليهم من البياض إلى السواد، النصر في متناول أيديهم، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾

[ سورة الأنفال: 10 ]

آيات من الذكر الحكيم تؤكد على أن النصر من عند الله وحده :

 الله عز وجل يقول:

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

[ سورة محمد: 7 ]

 والله عز وجل يقول:

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

[ سورة الصافات: 173]

 والله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة غافر: 51 ]

 والله عز وجل يقول:

﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الروم: 47 ]

 والله عز وجل يقول:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55 ]

حينما تتحقق جنديتك لله لا بدّ من أن تنتصر :

 أيها الأخوة، هذان الرجلان تذكر بعض الروايات أسماءهما، ولا فائدة ترجى من ذكر الأسماء؛ رجلان مؤمنان يخافان الله عز وجل، ويقدرانه حق قدره، أنعم الله عليهما بالإيمان، أشارا على قومهما،

﴿ ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ﴾

 لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

[ سورة الصافات: 173]

 حينما تتحقق فيك جندية الله عز وجل، أن تكون جندياً لله، لا أن تكون جندياً لجهة أرضية، حينما تتحقق جنديتك لله لا بد من أن تنتصر، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

[ سورة الصافات: 173]

 الآيات التي تبشر المؤمنين بالنصر كثيرة جداً، وكلكم يعلم أن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، فلذلك:

﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

 لكن الضعف والخور الناتجة عن ضعف الإيمان، وعن ضعف الطاعة، أقول وأعيد: الضعف والخور الناتج عن ضعف الإيمان وعن ضعف الطاعة يسبب الخوف الشديد والفرقة من مواجهة العدو.

 

الإنسان قيمته بمن حوله من أخوانه المؤمنين :

 قال تعالى:

﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾

 هذا الموقف يذكرنا بموقف سيدنا سعد بن أبي وقاص، حينما أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يحارب قريشاً، فسأل الأنصار عن موقفهم، فقال زعيمهم: امضِ يا رسول الله لما أردت، صل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعاد من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، فو الذي بعثك بالحق لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا واحد، إنا لصدق في الحرب، لصدق عند اللقاء، فلعل الله يريك منا ما تقر به عينك، ولا نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، بل نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا، ونحن معك مقاتلون، ألم يقل الله عز وجل:

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾

[ سورة الفتح: 29]

 والذين معه، الإنسان قيمته بمن حوله، قيمته بأخوانه، قيمته بالمؤمنين.

 

﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 46 ]

(( يد الله مع الجماعة ))

[ رواه الحكيم وابن جرير عن ابن عمر ]

((من شذ شذّ في النار))

[الحكيم وابن جرير والحاكم عن ابن عمر]

﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ*قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾

حينما تكون في مجتمع فاسد فلك أن تعتزله :

 أنت حينما تكون في مجتمع فاسد، وفي مجتمع شارد، وفي مجتمع ترتكب فيه المعاصي في الطرقات، وفي مجتمع يكثر فيه الكذب، ويكثر فيه النفاق، وحينما تكون في مجتمع ترتكب المعاصي على قارعة الطريق، وحينما تكون في مجتمع تحكم المصالح لا المبادئ، وحينما تكون في مجتمع يعلو فيه الفجار، ويبتعد عن الأضواء المستقيمون، إذا كنت في هذا المجتمع فلك أن تعتزله لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الكهف: 16 ]

 لهذا قال عليه الصلاة والسلام يحدثنا عن آخر الزمان:

((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن))

[ أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري ]

 لذلك ما لم تشعر بالغربة في مجتمع الفساد، ما لم تشعر بالغربة في مجتمع التفلت، ما لم تشعر بالغربة في مجتمع النفاق، ما لم تشعر بالغربة في مجتمع المعاصي والآثام، لن تكون مؤمناً.

(( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء ))

[مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة]

إذا كنت في مجتمع فاسد فكن مع المؤمنين الصادقين :

 أيها الأخوة الكرام: إذا قال الله عز وجل:

﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾

[ سورة الكهف: 16 ]

 أين الكهف هذه الأيام؟ إنه المسجد، إنه بيتك:

(( إِذَا رَأَيْتَ شُحّاً مُطَاعاً، وَهَوًى مُتَّبَعاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فعَلَيكَ بِنَفسِك..))

[ الترمذي و أبو داود عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ]

 الزم بيتك، وأمسك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة، وقد فسر علماء الحديث خاصة النفس أنهم أقرباؤك، جيرانك، زملاؤك، أصحابك، أي من تثق بهم، عليك بخاصة نفسك، أي عليك بمن تثق بهم، ودع عنك أمر العامة، هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام في زمن الفتن، في زمن التمثيل، إتقان التمثيل في هذا الزمن لا يصدق، إتقان التمثيل تظنه صديقاً وهو عدو لدود، تظنه مخلصاً لأمته وهو خائن كبير، إتقان التمثيل يدعوك إلى أن تكون حذراً من الناس، إذا رأيت:

(( شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً ))

 الشح المطاع المادة، المادة إلهاً تعبد من دون الله، المال يبيع دينه وعرضه بعرض من الدنيا قليل، يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً، يبيع دينه وعرضه بعرض من الدنيا قليل، إذا كنت في مثل هذا المجتمع فكن مع المؤمنين الصادقين:

(( يد الله مع الجماعة ))

[رواه الحكيم وابن جرير عن ابن عمر]

((عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ))

[أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم عن عمر]

((من شذ شذّ في النار))

[الحكيم وابن جرير والحاكم عن ابن عمر]

إذا كنت في مجتمع التفلت فعليك بالتوبة إلى الله وطاعته :

 قال تعالى:

﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ﴾

 هذا الكلام الدقيق يعلمنا أنك إذا كنت في مجتمع فاسد، وهذا المجتمع الفاسد استحق أن يتخل الله عنه، وألا ينصره على أعدائه، بل استحق أن يسلط عليه أعداءه، فينتهك حرماته، ويفقرونه، ويضلونه، ويفسدونه، ويذلونه، ماذا تفعل أنت أيها المؤمن؟عليكم أنفسكم، يا أيها الذين آمنوا في وقت من الأوقات، في عصر من العصور، في ظرف من الظروف، عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، فإن كنت مع الله مستقيماً على أمره، لك معاملة خاصة.

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

 مهما كان الظرف صعباً، ومهما كان الوقت شديداً، سيدنا يونس عليه السلام حينما وجد نفسه فجأة في بطن الحوت، وهل من مصيبة أشد من أن تكون في بطن الحوت في ظلمة الليل الأليل، وفي ظلمة أعماق البحر، وفي ظلمة بطن الحوت.

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 77-88]

 إذا كنت في مجتمع التفلت فعليك بالتوبة إلى الله وطاعته، أقول لك: لك معاملة خاصة، لأن زوال الكون أهون على الله من أن يذهب الطائع مع العاصي، الطائع إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فإن الله ينجيه، أما إذا لم يأمر بالمعروف، ولم ينهَ عن المنكر وقال: علي نفسي، لذلك حينما أرسل الله الملائكة لإهلاك قرية قالوا: يا رب، إن فيها رجلاً صالحاً، قال: به فابدؤوا، قالوا: ولمَ يا رب؟ قال: لأنه كان لا يتمعر وجهه لمنكر رآه، الله عز وجل يبين أنه لا يهلك إلا القرية التي ليس فيها من يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر.

 

حقائق ينبغي أن تكون مسقطة على واقعنا الإسلامي :

 أيها الأخوة الكرام، هذه حقائق ينبغي أن تكون مسقطة على واقعنا الإسلامي:

﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾

 أيعقل أن يسأل خالد بن الوليد سيدنا الصديق أن يمده بمدد، وهو يتوقع خمسين ألفاً، بعد حين طويل جاءه صحابي واحد اسمه القعقاع، فسأله: أين المدد؟ أنا أنتظر المدد بفارغ الصبر، فقال: أنا المدد، قال: أنت! قال: أنا، ومعي هذا الكتاب فاقرأه، فقرأ الكتاب من أبي بكر، قال: يا خالد، لا تعجب أنني أمددك بواحد، فو الذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم، واحد بمئة ألف، واحد بخمسين ألفاً، كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الواحد منهم بألف، والمسلمون في آخر الزمان الألف منهم بأف، الألف بأف، غارقون في شهواتهم، غارقون في نفاقهم، غارقون في مصالحهم، غارقون في التنافس على الدنيا، غارقون في ظلمهم للفقير، واحد كألف وألف كأف:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ﴾

 وقد يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان فقط، فإن كنت من القلة المؤمنة فهذه نعمة لا تقدر بثمن، وإذا كان الإنسان من الكثرة الكافرة فهذه مصيبة خطيرة:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾

 فقال الله عز وجل:

﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾

 فكيف إذا استحق هؤلاء القوم الفاسقين أن ينتصروا على المؤمنين؟ لا بد أن هؤلاء أشد فسقاً منهم، فكيف إذا استحق هؤلاء القوم الفاسقين أن ينتصروا على المؤمنين؟ إنهم شرذمة قليلون، ومع ذلك انتصروا على مئتي مليون، إنهم مليونان انتصروا على مئتي مليون.

 

الله عز وجل لا ينصر عباده إلا بإيمانهم ولا يتفاوت العباد عند الله إلا بتقواهم :

 أيها الأخوة: الله عز وجل لا يحابي أحداً، الله عز وجل لا ينصر عباده إلا بإيمانهم، ولا يتفاوت العباد عند الله إلا بتقواهم.

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

[ سورة الحجرات: 13 ]

 أيها الأخوة، من بعض الآيات المتعلقة بهذا الموضوع، والتي ينبغي أن تذكر لاتصالها الشديد بهذا الموضوع.

﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ﴾

[ سورة الإسراء: 104 ]

 أنت في أي مكان تسكنه هو في الأرض، ما معنى هذه الآية؟ لفتة رائعة، لأنهم جبنوا عن أن يدخلوا، قال: اسكنوا الأرض، هذه الآية تشير إلى أنهم شتتوا في الآفاق حتى أنهم سموا شذّاذ الآفاق، اسكنوا الأرض، تفرقوا في معظم البلاد، لكن لم يهلكوا إهلاك استئصال، قال تعالى:

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً ﴾

[ سورة الأعراف: 168 ]

 هم لم يذوبوا في المجتمعات الأخرى، لذلك أينما ذهبت في أي مكان في الأرض هناك حارة اسمها حارة اليهود، يحافظون على قوميتهم، وعلى دينهم، وعلى لغتهم، وحبذا لو قلد المسلمون هؤلاء إذا سافروا بعيداً عن وطنهم، لو أن كل جالية إسلامية اجتمعت في مكان، وأكلت الطعام الحلال، وأنشأت المدارس الإسلامية، وحافظت على لغة أبنائها، لكن الشيء المؤسف جداً أن أبناء الجالية الإسلامية لا يتكلمون العربية أبداً.

 

تجمع اليهود في فلسطين من علامات قيام الساعة :

 كنت مرة في سدني في أستراليا، وطلب إلي أن أجتمع مع طلاب الثانوية، والثانوية من أرقى الثانويات، كلفت عشرة ملايين دولار، من أرقى ما رأيت في حياتي من أبنية تعليمية، جمع الطلاب في المسرح الكبير، الشباب في الأمام، والبنات محجبات، والله دخل على قلبي من السرور ما لا يوصف، وأنا لا أعرف الحقيقة بعد، فلما أردت أن أبدأ الكلام همس في أذني أحد الأساتذة، إنهم لا يفهمون العربية أبداً، فلا بد من الترجمة، اليهود أينما ذهبوا يحافظون على لغة أبنائهم، يحافظون على هويتهم، يحافظون على دينهم، يحافظون على قوميتهم، فالله عز وجل يقول:

﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ﴾

[ سورة الإسراء: 104 ]

 هم مفرقون في شتى البلاد.

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً ﴾

[ سورة الأعراف: 168 ]

 أيها الأخوة الكرام، لكن في الإسراء آيات، أنا أقول لكم بالضبط: أنا أذكر لكم خواطر إيمانية مع هذه الآيات، ولا أزيد على أن تكون خواطر إيمانية، فإن أصبت فمن توفيق الله، وإلا فمن تقصيري، الله عز وجل يقول بعد أن قال: اسكنوا الأرض، وبعد أن قال: وقطعناهم في الأرض أمماً، قال:

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً ﴾

[ سورة الإسراء: 104 ]

 فتجمع اليهود في فلسطين من علامات قيام الساعة، ( فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً ).

 

ضعف المؤمنين وتقصيرهم سمح لليهود أن يقووا عليهم :

 الله عز وجل يقول:

 

﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً*فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا ﴾

[ سورة الإسراء: 4-5 ]

 في بعض التفاسير يشار إلى هؤلاء العباد بأنه بختنصر ومن معه، هؤلاء ليسوا عباداً لله هؤلاء عباد للشياطين، هؤلاء جبابرة، يقول: عباد لنا، لذلك استنبط بعض المفسرين أن الفساد الأول الذي كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أرسل عليهم أصحاب النبي، وقد قاتلوهم، وأجلوهم عن أرض الحجاز.

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ﴾

[ سورة الإسراء: 5 ]

 هذا شيء وقع، بنو النضير وقينقاع، وكل هؤلاء قد أُجلوا من الجزيرة العربية، ثم يقول الله عز وجل يخاطب اليهود:

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ﴾

[ سورة الإسراء: 6 ]

 لضعف المؤمنين، وتفلتهم، وتقصيرهم، ومعصيتهم، ونفاقهم، وبعدهم عن ربهم سمح لهؤلاء الشرذمة أن يقووا عليهم.

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾

[ سورة الإسراء: 6 ]

 أموال الأرض بإدارة اليهود.

﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ﴾

[ سورة الإسراء: 6 ]

في الآيات التالية بشارة أن يسترد المسلمون المسجد الحرام و يفتحوه تحقيقاً لوعد الله:

 الآن:

﴿إِنْ أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ﴾

[ سورة الإسراء: 7 ]

 أي أخذتم المسجد من المسلمين:

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ﴾

[ سورة الإسراء: 7 ]

 أخذوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم أخذه اليهود منهم، فإن بقوا على ظلمهم الذي ترونه كل يوم وفي كل نشرة أخبار، فإذا بقوا على ظلمهم:

﴿ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ﴾

[ سورة الإسراء: 7 ]

 بعض العلماء لا يرى أن هذه الآيات متعلقة بما يجري، وبعضهم يسقطها أول مرة على بختنصر، وبعضهم كما قلت قبل قليل: يسقطها على فساد اليهود بعد مجيء القرآن الكريم، في المرة الأولى فسدوا، ولم يؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فسلط الله عليهم عباداً مؤمنين وأجْلوهم عن الجزيرة، لكنهم بعد ذلك لتقصير المؤمنين دخلوا المسجد مرة ثانية، وفي هذه الآيات بشارة إن شاء الله أن يسترد المسلمون هذا المسجد، وأن يفتحوه تحقيقاً لوعد الله عز وجل، وهذا ثابت أيضاً عندهم في كتبهم.

 

ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة :

 مرة سأل وزير دفاعهم، وقد احتل قلعة في جنوب لبنان عن هذه الوقائع، فقال: هذا صحيح، سوف يأخذوا منا كل ما أخذناه منهم، وسوف ينتصرون علينا، ولكن ليس مع هؤلاء الذين حولنا، وله كلمة مشهورة: إن هؤلاء حينما تكتظ مساجدهم على صلاة الفجر كما تكتظ في صلاة الجمعة ينتصرون علينا، فمن مسجد يتسع لعشرين ألف مصل لا تجد صفاً واحداً في صلاة الفجر، لذلك أيها الأخوة:

﴿ إِنْ أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً*عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾

[ سورة الإسراء: 7-8 ]

 وهذه آية لكل المؤمنين، وإن عدتم عدنا، أيها المسلمون، أيها العرب، عودوا إلى الله يعود الله لنصركم.
 سيدنا صلاح الدين كما ذكرت في الخطبة اليوم بلغه أن أحد ملوك الفرنجة قطع الطريق على الحجاج، وصار يقتل الرجال، ويسبي النساء، ويقول: قولوا لمحمدكم أن ينتصر لكم، سمع صلاح الدين هذا الكلام فبكى، قال: أنا سأنوب عن محمد في نصرة أمته، ومازال يسعى حتى استطاع أن يقبض على هذا الأمير الإفرنجي أرناط في الكرك ويقتله، قال له: أنا أدافع عن أمة محمد، القضية بيد الله، ولكن الله لا ينصر القوم الفاسقين، لا ينصر القوم المنحرفين، ولا القوم المنافقين، ولا القوم العصاة، إن الله ينصر عباده المؤمنين، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.
 أيها الأخوة، ما يجري في الساحة العربية والإسلامية شيء مؤلم جداً، أحياناً يبالغ الطرف الآخر في إذلال المسلمين، وفي إفقارهم، وفي إضلالهم، وفي إفسادهم، يفقرونهم، ويضلونهم، ويفسدونهم، ويذلونهم، واللهُ مع الحقِّ، فإذا أردنا أن نسترجع ما لنا من مكانة عند الله فعلينا بطاعة الله قال:

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾

 من أمثال العرب: إنَّ البُغَاثَ بأَرْضِنَا يَسْتَنْسِر. يستنسر أي يتخلق بأخلاق النسر، والبغاث أضعف أنواع الطير، فهؤلاء الشرذمة القليلون، هؤلاء المشردون في الآفاق، هؤلاء كانت لهم الكرة علينا، ولا ينجينا منهم، وطموحاتهم لا تنتهي، وما يجري في العراق في أعلى التقديرات بتخطيطهم، إشاعة الفوضى، إشاعة الفقر، إشاعة الفساد، من أجل أن تحقق شعاراتهم من الفرات إلى النيل، وما كنت أظن في حياتي أن هذا يحقق في المدى المنظور، لكنهم وصلوا إلى الفرات، وأرجو الله أن يبعث عليهم عباداً له أشداء يخرجونهم من هذه البلاد.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور