وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 20 - سورة المائدة - تفسير الآيات 35-37 ، وسائل مشروعة للتقرب من الله تعالى.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الله عز وجل يخاطب الناس بأصول الدين ويخاطب الذين آمنوا بفروع الدين :

 أيها الأخوة المؤمنون؛ مع الدرس العشرين من دروس سورة المائدة، ومع الآية الخامسة والثلاثين، وهي قوله تعالى: 

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) ﴾

[ سورة المائدة  ]

 أيها الأخوة الكرام؛ ذكرت من قبل أن المؤمن إذا قرأ في مطلع الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فهذا عقد إيمان بينه وبين الله، لأن الله عز وجل يخاطب الناس بأصول الدين. 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) ﴾

[ سورة البقرة ]

 ويخاطب الذين آمنوا به، آمنوا بوحدانيته، آمنوا بكماله، آمنوا بعلمه، آمنوا بحكمته، آمنوا برحمته، آمنوا بقدرته، يخاطبهم بفروع الدين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ آمنوا، التقوى أيها الأخوة هي طاعة الله، بالمعنى العام، أو أن تجعل بينك وبين سخط الله وقاية.

ما من دم سفك إلا وسوف يحمله إنسان يوم القيامة إلا الذي أقيم عليه الحد فيتحمله الله:

 الله جل جلاله وحده يفر منه إليه: 

﴿ فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ۖ إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) ﴾

[ سورة الذاريات ]

 ويتقى سخطه بالإقبال عليه، و يُرجَأُ منه إليه ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي اجعلوا بينكم وبين عذابه ستراً، اجعلوا بينكم وبين جهنم ستراً، اجعلوا بينكم وبين أن ينالكم الله بعقابه ستراً، اجعلوا بينكم وبين عدله ستراً، لأن الله سبحانه وتعالى عدل، ما من حق أُكل إلا والله عز وجل سيحاسب الذي أكله، وما من قطرة دم أريقت إلا ويحملها إنسان كائناً من كان يوم القيامة، مهما علا اسمه، دم الإنسان لا يسفك إلا بحد، دم الذي أقيم عليه الحد يتحمله الله عز وجل، وما سوى ذلك ما من دم سفك إلا وسوف يحمله إنسان يوم القيامة. 

(( لا يَزَالُ العبدُ في فَسْحَةٍ من دِينِه ما لم يُصِبْ دَمًا حرامًا ))

[ أخرجه البخاري ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي اتقوا الأخطار التي تقود بكم إلى الهلاك، أنا متى أتقيه؟ الآن لو دخلنا بالتفاصيل، أنا أسير في طريق متعرج، وعن يمين الطريق وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، فأنا كيف أتقي الخطر؟ والوقت ليل كيف أتقي الخطر؟ عن اليمين وادٍ يحيق ـ هكذا الدنيا ـ وعن اليسار وادٍ سحيق، والطريق كله انعطافات، متى أتقي الخطر؟ أتقي الخطر بضوء كاشف، فالضوء الكاشف يبين لي مسار الطريق، والضوء الكاشف يبين لي عمق الوادي، والضوء الكاشف يبين لي الأكمة التي أمامي، والحفرة التي عن يميني، والخطر الذي عن يساري.

عدة معان لتقوى الله :

 قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ بمعنى أن استنيروا بنوره لتروا الحق حقاً والباطل باطلاً.

 أيها الأخوة الكرام، اعتماداً على أن الإنسان مجبول على حب وجوده، وحب كمال وجوده، وحب سلامة وجوده، وحب استمرار وجوده، لو أيقن أن هذا لصالحه يأخذ به، هذه الأزمة أزمة علم، أهل النار وهم في النار يقولون: 

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾

[ سورة الملك ]

 بالمعنى العام اتقوا الله أطيعوا الله لئلا تعاقبوا، لئلا تهلكوا لا في الدنيا ولا في الآخرة، بالمعنى الأدق اجعل بينك وبين عدل الله ستراً، اجعل بينك وبين عقوبة الله حجاباً، اجعل بينك وبين ما ينتظر الإنسان يوم القيامة دريئةً، هذا المعنى الثاني.

 المعنى الثالث: لا بد من أن تستنير بنور الله حتى ترى الحق حقاً فتتبعه، وحتى ترى الباطل باطلاً فتجتنبه.

ما من إنسان قبل أن يقدم على عمل إلا ويسبق العمل رؤية :

 الآية الكريمة أيها الأخوة: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) ﴾

[ سورة الحديد ]

 أيها الأخوة؛ ما من إنسان قبل أن يقدم على عمل إلا ويسبق العمل رؤية، هذا الذي سرق ماذا رأى؟ رأى أنه أذكى من كل الناس، بوقت قصير وجهد قليل أخذ مبلغاً كبيراً، لكن لم يرى أنه سوف يكون في السجن بعد حين، وسوف يعاني ما يعاني، ما من عمل يقوم به الإنسان إلا ويسبقه رؤية، سيدنا يوسف حين قال: 

﴿ وَرَٰوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلْأَبْوَٰبَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ رَبِّىٓ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ(23) ﴾

[ سورة يوسف ]

ماذا رأى؟ رأى أن قضاء هذه الشهوة سوف يحجبه عن الله عز وجل، الذي يستيقظ لصلاة الفجر، ويصلي ماذا رأى؟ رأى أن في طاعة الله راحة لقلبه مع أن جسمه يتمنى أن يستمر في الفراش.

دققوا أيها الأخوة؛ ما من حركة، ولا سكنة، ولا كلمة، ولا موقف، ولا عطاء، ولا منع، ولا صلة، ولا قطيعة إلا ورائها رؤية، من هو المؤمن؟ هو الذي تطابقت رؤيته مع منهج الله، من هو غير المؤمن؟ هو الذي تناقضت رؤيته مع منهج الله، فالمؤمن يرى أن كسب المال الحلال سبب سعادته في الدنيا، والطرف الآخر يرى أن كسب المال يحقق كل شهواته بصرف النظر عن مصدره، تناقضت الرؤية.

 أيها الأخوة، إذا كان للصلاة من فائدة لا تقدر بثمن هي أن الصلاة نور، في الحديث الموجز .

(( الطُّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها ))

[ رواه مسلم ]


أنت بالصلاة ترى الحق حقاً والباطل باطلاً، أنت بالصلاة تكون حكيماً، أنت بالصلاة تكون واعياً، لأن الله سبحانه وتعالى قذف في قلبك النور. والإمام الغزالي رحمه الله تعالى يقول: إن التقوى نور يقذفه الله في قلب المؤمن.

 تجد المؤمن أموره واضحة، لو قطعته إرباً إِرباً لا يمد يده إلى الحرام، لأنه يرى عدل الله، وكلما اشتد اتصالك بالله اشتد نورك، وكلما اشتد النور رأيت الدقائق، الآن غرفة فيها مئة شمعة لا ترى إبرة في ثنايا أرضها، أما غرفة فيها عشرة آلاف شمعة ترى أدق الدقائق فيها، فكلما اشتد النور توضحت الرؤيا ورأيت التفاصيل.

كلما اشتدت صلتك بالله عز وجل توضحت رؤيتك :

 هذا الصحابي الذي اسمه عبد الله بن رواحة هذا عينه النبي قائداً ثالثاً في مؤتة، فالقائد الأول سيدنا زيد، أخذ الراية وقاتل بها حتى قتل، والقائد الثاني سيدنا جعفر، أخذ الراية وقاتل بها حتى قتل، فلما جاء دور عبد الله تردد، وكان شاعراً وقال: 

يا نفس إلا تقتلي تموتي  هذا حمام الموت قد صليت

إن تفعلي فعلهما رضيت  وإن توليت فقد شــقيت

* * *

 ثم أخذ الراية فقاتل بها حتى قتل، هذا ماذا رأى؟ رأى أن في إقدامه سعادة، لكن هذا التردد جعل مقامه أقل من مقام صاحبيه.

(( قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني: أخذ الراية زيد بن حارثة، فقاتل بها حتى قتل شهيدًا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قُتل شهيدًا، قال: ثم صمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تغيرتْ وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال: ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قُتل شهيدًا، ثم قال: لقد رُفعوا إليّ في الجنة، فيما يرى النائم، على سُرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارًا عن سريري صاحبيه . فقلت: عمَّ هذا؟ فقيل لي: مضيا، وتردّد عبد الله بعض التردد، ثم مضى ))

[ رواه الطبراني ]

 كلما اشتدت صلتك بالله عز وجل توضحت رؤيتك، لذلك هناك ذنوب يرتكبها عامة الناس ولا يعبؤون بها، هي عند الخاصة كبائر، فكلما علا مقامك دقت رؤيتك، وكلما علا مقامك ازداد ورعك، وكلما علا مقامك عرفت عدل الله أكثر ، هؤلاء الذين يقتلون كل يوم المئات، ويهدمون البيوت، وينتهكون الحرمات، هؤلاء في عمى، لو كشفوا الحقيقة لكانوا أشقى الناس قبل أن يموتوا، فالبطولة أن ترى رؤية صحيحة وفق منهج الله عز وجل.

وقوع الوعد والوعيد أقوى دليل على أن هذا القرآن كلام الله :

 إذاً: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي أطيعوه، أي اجعلوا بينكم وبين عقابه ستراً، اجعلوا بينكم وبين سخطه ستراً، اجعلوا بينكم وبين النار ستراً، ولكن كيف؟ لا بد من أن تتصلوا به، لينعقد بهذه الصلة رؤية صحيحة ترون بها الحق حقاً والباطل باطلاً، فكأن آية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي أحكموا اتصالكم به كي يقذف في قلوبكم نوراً ترون به دقائق الحياة. مرة ثانية: ما من إنسان إلا ويسبق سلوكه رؤية، فإن كانت صحيحةً صح عمله وسلم وسعد في الدنيا والآخرة، وإن كانت رؤيته خاطئة فسد عمله وهلك في الدنيا وفي الآخرة، والله عز وجل في قرآنه الكريم أوعد وتوعد، قال تعالى: 

﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِۦ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۥ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلظَّٰلِمِينَ (39) ﴾

[ سورة يونس ]

 قال علماء التفسير: إن تأويل القرآن الكريم وقوع الوعد والوعيد.

 حدثني طبيب قلب زاره مريض يدخن، قال له: أنت لا بد من أن تصاب بجلطة في القريب العاجل، أقسم لي بعد ستة أشهر سيق هذا المريض إليه بجلطة أصابته في قلبه، هذا علم، لا نقول الطبيب: يعلم الغيب، ولكن يعلم بالقوانين.

 طبيب آخر جراح للقلب: أقسم لي بالله أنه في ثماني سنوات أجرى عمليات قلب مفتوح، ما من إنسان أجرى له عملية في قلبه إلا وهو يدخن.

 إذاً هذا الذي يرى ما سيكون إنسان موفق، وهذا الذي يعيش لحظته إنسان هالك، الآن العالم كله يعيش اللحظة، يأكل، ويشرب، ويستمتع كما تستمتع البهائم، ويغفل عن وعيد الله عز وجل، الله عز وجل توعد المرابي بمحق ماله، توعد الذي يزني أن يلقى هذا في بيته، توعد كثيراً، فالبطولة أن تكون لك رؤية تسبق عملك.

فوائد الاتصال بالله :

 لماذا ترى المؤمن يرضى بالعيش القليل بمعيشة خشنة، ويعرض عن دخل كبير فيه شبهة، لأنه يرى عدل الله عز وجل، لماذا تمتنع عن أن تقتل مخلوقاً ضعيفاً؟ لأنك ترى عدل الله عز وجل.

 إذاً: الآية الأولى دعوة إلى أن يستنير العبد بنور الله عز وجل، طبعاً الاتصال بالله له فوائد لا تعد ولا تحصى، من فوائده قوله تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ(159) ﴾

[ سورة آل عمران ]

 إنسان اتصل بالله، امتلئ قلبه رحمة، انعكست الرحمة ليناً في تعامله، فانعكس اللين التفافاً حوله، المقطوع عن الله يمتلئ قلبه قسوة تنعكس القسوة غلظة وفظاظة، من نتائج الغلظة والفظاظة انفضاض الناس من حوله:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ بالاتصال بالله يقذف النور في قلبك، عندئذٍ ترى به الخير خيراً والشر شراً، عندئذٍ تتقي الله، فلو أتيت بستة آلاف مليون هم سكان الأرض، لو أعطيتهم مصباحاً كشافاً وأمامهم حفرة يتحاشونها، هذه جِبِلّة الإنسان، لو أعطيت ستة آلاف مليون مصباحاً كاشفاً، ورأوا ثعباناً يهربون منه، هكذا الإنسان، الإنسان جبل على حب وجوده، وعلى حب سلامة وجوده، وعلى حب كمال وجوده، وعلى حب استمرار وجوده، الأزمة أزمة علم فقط، المدخن حينما يرى أنه سينتهي إلى ورم خبيث في رئتيه، أو جلطة في قلبه، أو أزمة في أحشائه لكف عن الدخان، لكن لا يرى ذلك يراه متعةً.

الإنسان مأمور بهذه الآية أن يبتغي إلى الله الوسيلة :

 أيها الأخوة ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ أنت مأمور بهذه الآية أن تبتغي إلى الله الوسيلة، الحقيقة الأولى التي لا ريب فيها أن الله سبحانه وتعالى لا يُتَوسَّلُ إليه إلا بما شرع، كلام دقيق وخطير، الله جل جلاله لا يتوسل إليه إلا بما شرع، أما أن تجتهد أنت بوسيلة لم يأمر بها النبي، بل نهى عنها النبي، هذا بعد عن حقيقة الدين، لأن العمل لا يكون صالحاً مقبولاً عند الله إلا بصفتين: إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً: ما ابتغي به وجه الله، وصواباً إذا وافق السنة، فالحقيقة الأولى ينبغي أن نتقرب إليه، أن نتخذ من الوسائل ما أمر بها وحث عليها، أما أن نتبع وسيلة لم يأمر بها، أن نعقد زواجاً صورياً من أجل أن تحج امرأة مع محرم خلبي، هذا من البدع – أنا أضرب أمثلة كثيرة – أن أقيم حفلاً غنائياً ليكون ريعه للأيتام، هذا غير مقبول، أن أجري يانصيباً خيرياً لتكون الجوائز من أجل مستشفى، ينبغي أن تكون الوسيلة من جنس الهدف.

وسائل مشروعة نتقرب بها إلى الله عز وجل :

 قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي من أجل أن يقذف هذا النور في قلوبكم لا بد من القرب من الله، فاتخذ من الوسائل المشروعة ما تتقرب بها إلى الله عز وجل.

1 ـ أول وسيلة طلب العلم :

 أخواننا الكرام؛ من أهم هذه الوسائل طلب العلم، لأنك مفطور على حب وجودك، وسلامة وجودك، وكمال وجودك، واستمرار وجودك، فإذا طلبت العلم عرفت أن الطريق الوحيد إلى سلامتك وسعادتك هي طاعة الله عز وجل، لكن المشكلة الذي لا يطلب العلم يظن أنه على حق، وهو على باطل، الشريعة لها دقائق، الحركة اليومية تحتاج إلى نور يكشف لك خبايا الأمور، فأول وسيلة تتقرب بها إلى الله، وتعينك على طاعته، وتريك الحق حقاً والباطل باطلاً، طلب العلم هذه أول وسيلة.

2 –الوسيلة الثانية طاعة الله عز وجل :

 الوسيلة الثانية: طاعة الله عز وجل فيما أمر، والنهي عما نهى وزجر، وما تقرب أحد إلى الله بأفضل مما افترضه عليه، وترك ما نهاه عنه، هذه الوسيلة الثانية.

3 –الوسيلة الثالثة أن تأتي الفرائض

 وأن تدع المحرمات :

 أن تأتي الفرائض، وأن تدع المحرمات، هذه الوسيلة الثالثة.

4 ـ الوسيلة الرابعة العمل الصالح ثم الدعوة إليه :

 الوسيلة الرابعة: العمل الصالح، ثم الدعوة إليه، هذه وسائل مشروعة، الله عز وجل أمر بالاستقامة، أمر بطلب العلم، قال:

﴿ أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ  ﴾

[ سورة الزمر ]

 أمر بطاعة الله ورسوله:

﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَٱصْبِرُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ (46) ﴾

[ سورة الأنفال ]

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

[ سورة الأحزاب ]

 أمر بالعمل الصالح قال: 

﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُۥ ۚ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُوْلَٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) ﴾

[ سورة فاطر ]

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ (12) ﴾

[ سورة محمد ]

 لو اكتفينا بفهم الوسيلة عند طلب العلم وعند طاعة الله عز وجل، وأداء فرائضه وترك محرماته، والعمل الصالح بشتى أنواعه بدءاً من إماطة الأذى عن الطريق، وانتهاءً بالدعوة إليه، وأن تبذل من أجل الدعوة الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، فقد أخذت الوسيلة التي تقربك إلى الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ﴾ .

علاقة الجهاد بالوسيلة :

 قد يسأل سائل: ما علاقة الجهاد بالوسيلة؟ هذا النظام الإلهي، هذا المنهج الإلهي يحتاج إلى صيانة، الآن البيت يقول لك: أجهزة إنذار مبكر، رقابة إلكترونية، حوائط مسلحة فرضاً، فهذا الدين يحتاج إلى قوة، فحين يضعف ترون بأم أعينكم ماذا يجري للمسلمين؟ الدين يحتاج إلى أن تقيم أحكامه، وإلى أن تدافع عنه عن طريق تنفيذ قوله تعالى:

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) ﴾

[ سورة الأنفال ]

 يوم كان الإسلام قوياً، صلاح الدين الأيوبي رد ملوك أوربا، والمسلمون في أوج عصرهم وصلوا إلى الأندلس، وإلى مشارف الصين، الحق يحتاج إلى قوة، فإذا ضعف الحق يتفنن أعداء الحق باتهامه، تارةً يتهمونه بالإرهاب، وتارةً يتهمونه بالتزمت، وتارةً يفسرون الحجاب بأنه رمز، وينبغي أن ندع الرموز كلها.

 ذكرت اليوم في الخطبة أن أي مركبة يكون للمصنع الذي صنعها إشارة، كل مصنع له إشارة يضعها في مقدمة كل مركبة، وفي مؤخرتها، هذا الرمز لو نزع المركبة تسير، وتؤدي كل غاياتها، لكن المكبح ليس رمزاً جزء من السيارة، وأساسي جداً، ومن أجل سلامتها، فإذا قال أحدهم: المكبح رمز في السيارة ينبغي أن ننزعه، كلام مضحك.

 الحجاب ليس رمزاً، الحجاب أمر إلهي للمرأة، لأن المرأة تعبد الله بعبادة إعفاف الشباب، فلما برزت مفاتنها حصل فساد لا يعلمه إلا الله، لكن لأن الإسلام ضعيف اتهم الإسلام بالإرهاب، واتهم بقصوره عن فهم تفاصيل الحياة المعاصرة، لو أنه قوي لكنا في حال آخر غير هذا الحال.

الحق لا قيمة له من دون قوة تحميه :

 إذاً: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ﴾ الحق لا قيمة له من دون قوة تحميه، لذلك قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ .

( وَأَعِدُّوا لَهُمْ ) فإن لم نعد لهم ما قيمة أننا معنا وحي السماء؟ وما قيمة أننا على حق، وأن ديننا هو الدين الخاتم، وأن نبينا خاتم الأنبياء والمرسلين؟ كلام لا يقدم ولا يؤخر، يتفننون في الكيد لنا، يتفننون في قتل أبنائنا، يتفننون في هدم بيوتنا، يتفننون في نهب ثرواتنا أليس كذلك؟ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ لا بد من وسيلة تتقرب بها إلى الله. أولاً: طلب العلم. ثانياً: أداء الفرائض، وترك المحرمات. ثالثاً: طاعة الله في تفاصيل الشريعة. رابعاً: العمل الصالح، بدءاً من إماطة الأذى عن الطريق، وانتهاءً بالدعوة إليه.

 هذه الوسائل ولسنا بحاجة إلى أن ندخل في خلافات بين علماء المسلمين أدت إلى تكفير بعضهم بعضاً في شأن الوسيلة، هذا الذي قلته من طلب علم، ومن طاعة، ومن أداء فريضة، ومن ترك محرم، ومن عمل صالح واسع جداً، هذه المعاني نكتفي بها في معنى الوسيلة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ فإن لم نعد لأعدائنا القوة لا نفلح، ويصبح ديننا مضغة في الأفواه، يستهزأ بديننا، يستهزأ بعقائدنا، يستهزأ بنبينا لأننا ضعاف، ولو كنا أقوياء لعد الطرف الآخر ألف حساب وحساب لينال منا.

عدم استجابة الله لنا هو عدم أخذنا بالأسباب :

 قال تعالى:

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفْتَدُواْ بِهِۦ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(36) ﴾

[ سورة المائدة ]

 الآن علاقة الآيات مع بعضها، هؤلاء الذين أخذوا بأسباب القوة واستعلوا، وبنوا وجودهم على أنقاض الآخرين، بنوا حياتهم على موتهم كما ترون كل يوم، بنوا قوتهم على ضعفهم، بنوا غناهم على فقرهم، بنوا عزهم على ذلهم، هؤلاء الأقوياء الذين أخذوا بأسباب القوة، أسباب القوة مبذولة لكل إنسان، ولو كان كافراً، ولو كان ملحداً، هذا شأن الدنيا، الدنيا لها قوانين، إن أخذت بها ملكت الدنيا، هؤلاء الذين حاربوا الدين واتهموه بأشد التهم لكنهم أخذوا بأسباب القوة، وملكوا ناصية الأمور هؤلاء تفوقوا في الدنيا، واستعلوا في الدنيا، وتغطرسوا في الدنيا، وتحكموا مُقَدّرات الآخرين في الدنيا، وفرضوا إرادتهم على سكان الدنيا، لكن البطولة أن ترى مصيرهم في الآخرة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ هذا عدل الله عز وجل لهم الدنيا، أخذوا أسبابها، أتقنوا أعمالهم، خططوا.

﴿ وَلَا تَهِنُواْ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) ﴾

[ سورة النساء ]

 وهذا شيء يدعو إلى الألم، أن الكافر على كفره يخطط، ويتعاون، ويصبر، وله نفس طويل مع الطرف الآخر، والمؤمن الذي معه وحي السماء، ومعه منهج الخالق، ومعه القرآن، ومعه العقيدة السليمة نائم ينتظر معجزة إلهية، والله لن تأتي إلا بدفع ثمنها، وثمنها طاعة الله، وإعداد القوة للطرف الآخر. سيدنا عمر رأى رجلاً معه جمل أجرب قال: يا أخا العرب ماذا تفعل بهذا الجرب؟ قال: أدعو الله أن يشفي الله جملي، قال له: يا أخا العرب هلا جعلت مع الدعاء قطراناً؟ دعاء فقط لا يكفي، ونحن نملك الدعاء، اللهم دمرهم، اللهم شتت شملهم، اللهم اجعل كيدهم في نحرهم، اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم، اللهم أرنا قدرتك بهم، لا يوجد استجابة لأننا ما أخذنا بالأسباب.

الرد الإلهي على من لم يعبأ بالآخرة ولم يعقد عليها الآمال :

 قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ هذه الآية تذكرني بآية ثانية:

﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى(8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9) ﴾

[ سورة الليل ]

 أي كذب بالآخرة، وكذب أنه مخلوق للجنة، بناء على تكذيبه استغنى عن طاعة الله، لماذا يطيعه؟ لا يريده، وبناء على تكذيبه أيضاً جعل حياته مبنية على الأخذ لا على العطاء: ﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9)) الرد الإلهي عليه في الدنيا:

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10) ﴾

[ سورة الليل ]

 لم يعبأ بالآخرة، ولم يعقد عليها الآمال، بل لم يصدق بها أصلاً، وجعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ونهاية آماله، ومحط رحاله، وعمل عملاً كبيراً، وأسس إنجازاً عظيماً وملك أطراف الدنيا، ماذا قال الله لنا؟ 

﴿ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى(11) ﴾

[ سورة الليل ]

 هو لماذا عصى الله؟ ليجمع أموالاً طائلة، وقال لك دعك من الحلال والحرام، المهم أن أجمع المال، هو أراد أن يجمع المال ليستمتع به فلما وافته المنية، قال: ﴿ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ هذه النتيجة، هذا الذي أخذ بأسباب الدنيا، وتمكن منها، وقوي في الأرض.

ينبغي من أجل أن نتقي النار وأن نطلب الجنة أن نصحح عقيدتنا :

 قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم(36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) ﴾

[ سورة المائدة ]

 أنا أتمنى على أخوتنا الكرام، وهذه الصور لما ينتهي به الإنسان الكافر ألا ينبغي أن تهز أعمق الأعماق؟ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ دائم، لذلك الله عز وجل في بعض آياته يقول:

﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ (175) ﴾

[ سورة البقرة ]

 فينبغي أن نتقي النار بطاعتنا لله، وينبغي أن نطلب الجنة بعملنا الصالح، وينبغي من أجل أن نتقي النار وأن نطلب الجنة أن نصحح عقيدتنا، لذلك الجاهل عدو نفسه، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، لذلك قالوا: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، وأهل النار وهم في النار يقولون:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ(10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) ﴾

[ سورة الملك ]

 أيها الأخوة الكرام؛ هذه الآيات الكريمة التي وردت في هذا الدرس تفيد السلامة والسعادة؛ طلب العلم، وأداء الفرائض وترك المحرمات، وطاعة الله في التفاصيل، والعمل الصالح بدءاً من إماطة الأذى عن الطريق، وانتهاءً بالدعوة إلى الله.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور