وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 24 - سورة الأعراف - تفسير الآيتان 57 - 58 ، الفرق بين الرياح والريح ـ والبلد الطيب يستحق رحمة الله تعالى
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الرابع والعشرين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية السابعة والخمسين، وهي قوله تعالى :

﴿  وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57) ﴾

[ سورة الأعراف ]


لابد لهذا الكون من خالقٍ :


 أيها الإخوة، في العقل البشري مبادئ ثلاثة، من هذه المبادئ مبدأ السببية، مبدأ الغائية، مبدأ عدم التناقض، فالعقل إذا جال جولة في الكون يرجع بحقيقة، وهي أن هذا الكون لا بد له من خالق، لأن فيه حكمة، والحكمة تدل على الحكيم، وفيه قدرة، والقدرة تدل على القدير، وفيه علم، والعلم يدل على العليم. فالإنسان إذا فكر في ملكوت السماوات والأرض، ونفذ قوله تعالى :

﴿  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191) ﴾

[  سورة آل عمران  ]

إلى آخر الآية، يستنبط أنه لا بد لهذا الكون من خالق، من هو هذا الخالق؟ يأتي الجواب في القرآن الكريم :

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) ﴾

 

[ سورة السجدة ]

 أنت استنبطتَ، ووصلت إلى أن لهذا الكون خالقاً، فمَن هو الخالق؟ الجواب أتى في الكتاب، فالكون والقرآن يتكاملان، القرآن يقول لك: القوة التي حكمت أنها وراء هذا الكون القوة العليمة، القوة الحكيمة، القوة الرحيمة، هي الله: ﴿ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ .


وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ 


1 – هُوَ الَّذِي

 الآن : 

﴿وَهُوَ﴾ تعود على الله، والله ﴿هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ وهو الذي مد الأرض، وهو الذي خلقكم ﴿اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ .

﴿وَهُوَ الَّذِي﴾ يعني العقل وصل إلى حقيقة قطعية، أنه لا بد من هذا الكون من خالق، ومن مربٍّ، ومن مُسيّر، ومن خلال هذا الكون يتضح أن الخالق قدير، وعليم، وحكيم، ورحيم، وقوي، تأتي الآية الكريمة، هل عرفت من هذه القوة التي خلقت فأبدعت؟ إنها الله . 

﴿وَهُوَ﴾ تعود على الله، علم على الذات ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ﴾

2 – يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ

 هذه الرياح يعني الهواء، والحقيقية أيها الإخوة أن هناك آيات كبيرة جداً وإحدى أكبر هذه الآيات الهواء، الهواء إذا تحرك بسرعة تفوق المئة كيلو متر وقد تصل إلى ألف .

﴿ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ(28) ﴾

[  سورة المدثر  ]

 والأعاصير، كيف أهلك الله عاداً :

﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6 )سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ( 7) ﴾

[  سورة الحاقة  ]

 في بعض البلاد سرعة الأعاصير تقترب من ألف كيلومتراً، هذه السرعة تدمر كل شيء، هذا الهواء، فإذا كان متحركاً حركةً لطيفةً كان من نعيم الدنيا، هو النسيم العليل، أحياناً تهب نسمات تبدل الهواء، تجعله منعشاً، تلطف الحرارة، تجعلها مقبولة، فبين أن يكون النسيم العليل من نعم الله الكبرى،  الهواء إذا أسرع يدمر كل شيء، هذا الهواء له خصائص، أنت تمشي من خلاله، ولا تحس به، لكنه موجود، والدليل أنه موجود يحمل طائرة وزنها سابقاً 350 طنًّا، اركب طائرة، هذه الطائرة فيها 400 راكب، طبقتان، فيها وقود 150 طنًّا، ووزنها 150، ووزن الركاب مع حاجاتهم 50، من يحملها؟ الهواء، لطيف لطيف، قوي قوي، ووسيط، ولولا الهواء لما سمعتم صوتي، الدليل: رواد الفضاء على القمر ليس هناك هواء، يتحادثون باللاسلكي، يكون إلى جانبه، بينه وبينه عشرة سنتيمترات ليس هناك طريق، الحديث باللاسلكي.

 فالهواء وسيط ، تحب أن تدفّئ الغرفة تدفّئ الهواء، تحب أن تبرّد الغرفة تبرّد الهواء، الهواء شفاف، وجوده لطيف، موجود وغير موجود، تمشي في خلاله، بل هناك ملمح في القرآن الكريم في قوله تعالى : 

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)﴾

[  سورة الروم ]

 الإنسان يتصور أنه يمشي على الأرض، لا في الأرض، في الأرض يعني تحت الطاولة، أما على الطاولة هنا، الإنسان يمشي في السراديب؟ لا، في المناجم؟ لا، يمشي على الأرض، ولكن لأن الهواء جزء من الأرض قال الله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ﴾ معنى جزء أي يدور معها، 65 ألف كم، سمكُ طبقة الهواء، 65 ألف كم، يدور معها، وقد يقول قائل: ولو لم يكن يدور معها، لو بقي ثابتاً وهي تدور لكانت سرعة الرياح على وجه الأرض 1600 كم بالساعة، هذه السرعة لا تبقِ على سطح الأرض شيئاً، مستحيل أن يبقى بناء، لأن سرعة الأرض حول نفسها 1600 كم بالساعة ، محيطها 40 ألف، قسمه على 24 ساعة، الأرض تدور حول نفسها دورة كل 24 ساعة، محيطها 40 ألف كم، سرعتها وهي تدور حول الأرض 1600 كم بالساعة، لو أن الأرض تتحرك والهواء ثابت لدُمِّر كل شيء، هل ينتبه الإنسان لهذه النعمة؟ أن الهواء يدور مع الأرض .

 أحيانا لا تكون هناك رياح إطلاقاً، تركب مركبة فتسرع، لما تمد يدك من النافذة تحس بتيار من الرياح مخيف، والهواء واقف، لكنك تحركت، وكذلك الأرض، إن تحركت والهواء ثابت لكانت سرعة الرياح العاتية على سطح الأرض 1600 كم بالساعة ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾ .

الهواء شفاف، والهواء لطيف، والهواء لا تراه بعينك، وتمشي خلاله، وهو يحمل طائرة، الآن هناك طائرة تُقِلُّ 900 راكب، 380 مدينة، يحملها الهواء .

 أحياناً تركب طائرة حديثة جداً، تنظر إلى الخلف، فتراها كمدينة، مسافة طويلة جداً، و المقاعد عشرة صفوف، ومطابخ، وحمامات، وأول طابق، وثاني طابق، كلها في الجو، ما الذي يحملها؟ الهواء، فالهواء شفاف، لطيف، لا تحس بوجوده، تمشي خلاله، إلا أنه إذا تحرك حركة لطيفة أنعشك، وقلت: يا أخي هذه نسمات لا تقدر بثمن . 

بين الرياح والريح :

 أحياناً تسافر إلى مكان مرتفع، تجد في وقت العصر تهب نسمات لطيفة جداً، وأحيانًا تجلس على سطح البحر، أو على شاطئ البحر تشعر بنسمات لطيفة جداً، أما إذا أسرعت هذه النسمات انقلبت إلى رياح، أما إذا زادت سرعتها أصبحت ريحاً، الرياح تجلب الأمطار، أما الريح يدمر كل شيء . 

العلاقةُ بين الماء والهواء :

 لذلك الهواء وسيط، أنت حينما توقد المدفأة ماذا تسخن؟ تسخن الهواء، وحينما تُعمل المكيف ماذا تبرد؟ الهواء، وأنت حينما تتكلم، عبر ماذا تنتقل الأمواج الصوتية؟ عبر الهواء، فالهواء من آيات الله الدالة على عظمته، لكن عظمة الله عز وجل تتبدّى في علاقة بين الماء والهواء، لولا هذه العلاقة لَمَا كان هذا الدرس، ولمَا كانت هذه المدينة، ولمَا كان إنسان على وجه الأرض، هناك علاقة بين الماء والهواء، الماء سائل، كثافته وحدة، وحدة الكثافة هو الماء، أي شيء كثافته أقلّ يطفو، أي شيء كثافته أكبر يرسو بالماء، واحد كثافة الماء، يـعني لتر ماء يساوي كغ تقريباً، الليتر: كيلو، واحد لواحد، الكثافة واحد، الإسفنج كثافته قليلة جداً، والحديد كثافته كثيرة جداً .

 لذلك قطعة معدنية مهما دقت تسقط، قطعة فلين مهما كبرت تطفو، موضوع كثافة، الماء وضعه العام سائل، أما إذا سخنته يصبح بخاراً، وإذا برّدته يصبح جليداً، فينتقل من حالة السيولة إلى الغازية بالتسخين، ومن السيولة إلى الصلب بالتبريد .

 الهواء يحمل بخار الماء، لكن عظمة خلق الله عز وجل أن الهواء يحمل كماً من بخار الماء بمستوى الحرارة، بكل درجة حرارة يحمل كمية من بخار الماء .

 للتقريب: يحمل بدرجة 30، والمتر المكعب من الهواء خمس غرامات بخار ماء، في درجة أربعين يحمل سبعة، وفي درجة عشر يحمل خمسة، أو ثلاثة . 

لهذا السبب تنزل الأمطار :

 الآن من خَصيصة الهواء التي تحمل بخار الماء تكون الأمطار، أشعة الشمس تُسلَّط على البحار، البحار مساحات من الماء واسعة جداً، ولو أن الخمس قارات تساوي خمسة أمثال الماء لمَا كانت الأمطار، لحكمة أرادها الله أربعة أخماس الكرة محيطات، والخُمس قارات، فتُسلَّط على مسطح مائي كبير أشعة الشمس فيتبخر الماء، هذا البخار يحمله الهواء، فصار عندنا هواء يحمل بخار الماء، وهذا الهواء فيه بخار ماء، الدليل أن هناك موازين رطوبة، يقول لك: الرطوبة 29 ، الهواء حامل لبخار الماء، لكنك لا تراه، لكن أحياناً يحمل 90 ، 95 يصبح سحاباً، لما تكون كثافة بخار الماء عالية جداً تراه سحاباً، وإذا كانت قليلة لا تراه، لكنْ أي هواء يحمل بخار الماء .

 الدليل: ائتِ بإبريق ماء بارد جداً تجد ذرات من الماء قد علقت على جداره الخارجي، بخار الماء في الهواء لما جاءته البرودة تكثّف فأصبح ماء .

 غرفة حارة ترى على البلّور طبقة من ذرات الماء الصغيرة، إذاً: كل هواء فيه بخار ماء، أما إذا زادت نسبته إلى درجة عالية جداً صار سحاباً .

 الآن المتر المكعب من الهواء يحمل كذا غرام من الماء، على شكل بخار ماء هذا منطلق الدرس، هذا الهواء يحمل بخار الماء، في مكان حمله الحرارة أربعون، لو أن هذا الهواء المُحمَّل ببخار الماء انتقل إلى مكان بارد النسبة هناك تختلف، المكان عشرة، الهواء بدرجة عشرة لا يحمل إلا غراماً واحداً، عنده أربع غرامات زيادة يتخلى عنها، فتصبح مطراً .

 الهواء في المنطقة الحارة مثلاً يحمل خمس غرامات في المتر المكعب، ولما يُساق السحاب إلى منطقة باردة الدرجة عشرة صار هناك اختلال في النسبة، يجب أن يتخلى الهواء عن النسب الزائدة، الآن دخلنا في الآية . 

حركةُ الهواء نعمةٌ :

 الله عز وجل يقول : 

﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ﴾ كيف تمشي الرياح؟ الآن الرياح ساكنة هنا، ومع سكون الرياح يشعر الإنسان بضيق، ومع حركة الرياح يشعر بنشاط، لكن لماذا يشعر بالضيق؟ هو يتنفس فيعطي غاز الفحم، وغاز الفحم غاز سام، فلو أن الإنسان جلس تحت لحاف مُحكَم، بعد ساعة يمكن أن يفارق الحياة، لأنه أخذ الأوكسجين، وطرح غاز الفحم، فصار الهواء تحت اللحاف كله غاز فحم، يقول لك: ضاق نفسي، لذلك تجديد الهواء مهم جداً، ولو أنه مُبرَّد، هواء بارد مشبع بغاز الفحم تضيق النفس به.

 ادخل إلى صف في الشتاء، فيه ستون طالباً تشعر بضيق، إلى أن تُفتَح النوافذ ويتبدل الهواء، فيأتي هواء مشبع بالأوكسجين . 

كيف يتحرك الهواء ؟

 إخواننا الكرام، أدق ما في الموضوع أن هذا الهواء الذي يحمل السحاب كيف يتحرك؟ الهواء في المنطقة الحارة مُمدّد، أو مُخلخل، أو كثافته قليلة، أسماء لمسمى واحد، ممدّد، أو مخلخل، أو كثافته قليلة، أنا ألاحظ هذا في الطيران، إذا كنت في جدة مثلاً الطائرة تصعد بزاوية صغيرة لمسافة طويلة جداً حتى تحلق بالجو، الهواء حار جداً مخلخل، لا يحملها كما ينبغي، الهواء في المنطقة الباردة مُكثّف، ضغطه عالٍ يحمل الطائرة .

 لذلك الهواء في الحر مخلخل، ممدد، ضغطه خفيف، الهواء في القطبين كثيف وضغطه عالٍ جداً.

 هناك قانون: أن الهواء في الضغط المرتفع يتحرك إلى الضغط المنخفض، عندك غرفة في بيتك، أشعل مدفأة شتاءً، إلى أن ترتفع الحرارة حتى 30، الحرارة بالغرفة 30، وفي خارجها 10، معنى ذلك أن الهواء في خارجها مضغوط كثيف، وكثافته عالية، والهواء بداخلها الحرارة عالية، الهواء مخلخل، ممدد، كثافته قليلة .

 ضع شمعة أمام الباب ترى لهبة الشمعة اتجهت نحو الداخل، اعكس الآية، ضع الشمعة في الغرفة ترى اللهيب اتجه نحو الداخل أيضاً، معناها نشأ تيار .

 لذلك حينما تتعرض الأرض لأشعة الشمس لها حرارة معينة، والماء له حرارة، من تباين الحرارتين تتباين كثافة الهواءين، الهواء الذي على سطح الأرض، والذي على سطح البحر، ينشأ نسيم ، أيّ مكان في الأرض، في الساحل هناك هواء، جاء من أن الماء استيعابه للحرارة أقلّ، واليابسة أكثر، في اليابسة هناك حر، في البحر الدرجة أقل، اختلف الضغط فتحرك الهواء، من مكان إلى مكان، كل هذا الكلام لأشرح لكم قوله تعالى : 

﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ﴾ الهواء في القطبين كثيف جداً، ضغطه عالٍ جداً، والهواء في خط الاستواء مخلخل جداً، ممدد جداً، ضغطه منخفض جداً، ينشأ تيار هواء، من القطب إلى خط الاستواء، الأرض تدور، يصبح الاتجاه مائلاً، يقول لك: رياح غربية، الرياح الغربية هي رياح القطب متجهة إلى خط الاستواء، لكن في أثناء دورة الأرض اتجهت نحو الشرق، فأصبحت رياحاً غربية .

 هذا معنى قول الله عز وجل : ﴿بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾


بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ


 البشرى: حينما تكون الأرض قاحلة ما فيها مطر، ويموت كل شيء، الأشجار خشب، الأرض بُنية اللون .

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)﴾

[  سورة الحج  ]

 ما الذي حصل؟ الذي حصل أن بذور النباتات كامنة في الأرض وكأنها ميتة .

 في أهرامات فرعون وجدوا قمحاً مُخزَّناً من ستة آلاف عام، زُرِع هذا القمح، فنبت، معنى ذلك أن الرُّشَيم كائن حي، هذا الرشيم عاش ستة آلاف سنة، فلما أصابته الرطوبة والماء والهواء نبت.

 لذلك في هذه الآية الكريمة يصف الله الأرض الميتة: ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ الله الذي آمنتَ به من خلال التفكر: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ .


بين تقنين المخلوق وتقدير الخالق :


 الرزق في السماء، لكن يجب أن تعلموا علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى حينما يقنّن فتقنينه تقنين تأديب، لا تقنين عجز، أمّا الإنسان حينما يقنّن الكهرباء يكون هناك مولدات معطّلة، فإن تقنينه تقنين عجز، أما الرحمن إذا قنّن فتقنينه تأديب.

﴿  وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً(16) ﴾

[ سورة الجن   ]

﴿  وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(96) ﴾

[  سورة الأعراف  ]

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) ﴾

[ سورة المائدة  ]

 فالتقنين الإلهي تقنين تأديب، بينما تقنين البشر تقنين عجز، تقنين تأديب لقوله تعالى:

﴿  وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ(21) ﴾

[  سورة الحجر  ]

 والذي قرأت عنه أن سحابة اكتُشِفت في الفضاء الخارجي عن طريق المراصد العملاقة، هذه السحابة يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم بالمياه العذبة، الله هو المعطي، فلا يسأل، أما إذا قنن فإن تقنينه تأديب . 

﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا﴾ إذا كانت الرياح مدمرة فإن اسمها ريح .

﴿  وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ(6) ﴾

[  سورة الحاقة  ]

 أما الهواء إذا تحرك حركة خيّرة، وجلب الأمطار فنسميه رياحاً، أما إذا جاءت الأعاصير فنسميها ريحاً . 


رحمةُ الله تعالى بالخَلقِ من جهة نعمة الماءِ :


 ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ يعني الله عز وجل يرحمنا، فتجد الماء أصل الرزق، والينابيع تمتلئ، والأنهار تجري، وينابيع ماء الشرب تمتلئ، تمتلئ فتعطينا ماء عذباً فراتاً طوال العام، فبالماء نسقي الزرع، بالماء نتطهر، الماء نشربه.

 أتمنى أن نفكر جادين بموضوعين: الماء والهواء، من أقرب الموضوعات إلينا، وفيها دقائق، لو علم الإنسان أنّ ستة عشر مليار طناً تسقط من السماء كل ثانية، على مستوى الأرض طبعاً كل ثانية، هذا عطاء الله، ولو أخذنا ملح البحر، وجففناه، وفرشناه على سطح اليابسة، بالقارات الخمس بما فيها الجبال، والوديان، والصحارى لكان ارتفاع الملح 86 متراً، بأي مكان في الأرض، ملح البحار إذا جُمِع من البحار، وجُفِّف، وفُرِش على اليابسة على الخمس قارات لكان ارتفاعه 86 متراً .

 رحمة الله تقتضي إنزال المطر، والله عز وجل ثبّت ملايين القوانين، قوانين الدوران ثابتة، قوانين الإنبات ثابتة، قوانين البذور ثابتة، قوانين خصائص المعادن ثابتة، إلا أنه حرك الرزق والصحة، حركهما من أجل أن يؤدبنا بهما . 

فوائد حركة الرياح :

1 – تغيير الهواء وتجديده :

 ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ الآن تحريك الرياح منعش، كان هناك غاز فحم فجاء مكانه أوكسجين، أول شيء منعش، فيه نفَس، لكن قد نحتاج نحن إلى ربع طاقة التكييف من دون أشخاص، وكل واحد يبث هواء ساخناً في الزفير، في الشتاء قد يكون الرجل الواحد مدفأة، وأحياناً لا يكون في الصف مدفأة، لكن فيه كثافة عالية جداً، من نفَس الطلاب تجد الصف معتدل الحرارة، أول صفة للرياح أنه يجدد هواء الغرفة، الذي كان مُثقَلاً بغاز الفحم، الغاز السام القاتل، فصار مثقلاً بالأوكسجين . 

2 – تلقيحُ النباتات :

 شيء ثانٍ: بحركة الرياح تُلقَّح النباتات .

﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾

[  سورة الحجر  ]

 النباتات مذكر وأنثى، في المذكر عناصر التذكير، وهي حبوب الطلع، هذا الطلع ينتقل عبر الهواء إلى المؤنث فتُعقَد الثمرات، الرياح لواقح .

 تساعد الرياح النحل، النحل له مهمة التلقيح أيضاً، وتحريك الرياح للسحاب المُثقَل بالرياح ينقل الأمطار من مكان إلى مكان، إذاً: الرياح متعلقة بالرزق، متعلقة بالانتعاش، وعدم التسمم، متعلقة بخيرات لا يعلمها إلا الله، أصل الرياح تتحرك، وقد يقال لك: الجو جامد، الإنسان يحس بضيق شديد، أما إذا تحرك الهواء انتعشت النفوس . 


حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ


1 – حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا

﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا﴾ أقلّت أيْ حملت ، الرياح تحمل السحاب ، إلهنا وربنا قال : 

2 – سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ

﴿سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ﴾ الأشجار خشب، الأرض بُنية اللون، بعد الأمطار امشِ بطريق في الربيع، أنواع الأزهار لا تعد ولا تحصى، أين البذور؟ الأشجار أزهرت، ثم أورقت، ثم أثمرت، المسطحات الأرضية أصبحت خضراء، على أطراف السواقي الأزهار والرياحين، كلها طبيعية، ترى جنة، هذه النباتات أين كانت؟ كانت بذوراً كامنة ميتةً، فجاء الماء وأحياها . 

﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ﴾ ساقه الله ﴿لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ﴾ ساقه لبلاد عديدة كلها ميتة . 


فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُل الثَّمَرَاتِ


﴿فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُل الثَّمَرَاتِ﴾ أحياناً يقال لك: كيلو المشمش بخمسين ليرة، أحياناً بسبعين، وإذا ساق الله عز وجل أمطاراً غزيرة يكون بخمس ليرات، لأنه يكثر، وأحياناً يكون محصولنا من القمح ستة ملايين طناً، أحياناً 600 ألف طناً أقلّ من مليون، فالله عز وجل بيده الرزق . 

﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ﴾ هذا السحاب لفظٌ مذكر، وهو اسم جنس، لأننا لا نقول: سقناها بل سقناه. 


قياسٌ لإثبات البعث : كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى


﴿سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُل الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى﴾ تجد تربة مدفن من مدافن المدينة، كيف أنك إذا صببت الماء على التراب حار جاف، ما فيه حياة أبداً، بعد أسابيع اخضر، أنبت الحشيش، أنبت الأزهار، أين كانت هذه ؟ وكذلك الله عز وجل حينما يأتي يوم القيامة هذه النفوس المدفونة بباطن الأرض .

﴿  وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً(17) ﴾

[  سورة نوح  ]

﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُل الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ كما أن الماء ينبت النبات في يوم القيامة ينبت الإنسان، أين بذرته ؟ ذرة، في عجُز الإنسان آخر نقطة في عموده الفقري نقطةٌ اسمها عُجب الذنب، هذه تبقى حية في الميت، هذه البذرة يوم القيامة تنبت، ورجع الإنسان ليحاسب، لماذا أكلت المال الحرام ؟ لماذا هدمت البيوت؟ لماذا نهبت الثروات؟ لماذا قهرت البشر؟ لماذا ظلمت؟ لماذا قتلت؟ لماذا نهبت؟ ذرة صغيرة، آخر ذرة بالعمود الفقري تبقى حية، ومنها ينبت الإنسان، حتى لو غرق في البحر، حتى لو سقط من طائرة، حتى لو احترق، هذه الذرة عُجب الذنب لا تموت، ومنها ينبت الإنسان ﴿وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ .

﴿فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُل الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أحياناً تأتي موجة حر عالية جداً، 47 درجة، أصبحنا مثل الخليج، هل فكر أحدكم ما حكمة ذلك؟ الله عز وجل حينما قال :

﴿  أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ(71) ﴾

[  سورة الواقعة  ]

 ثم يقول :

﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) ﴾

[  سورة الواقعة ]

 تذكرك بماذا؟ موجة الحر الـ47 في دمشق بماذا تذكر؟ بجهنم ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً﴾ جهنم :

﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ﴾

[  سورة البقرة ]

 يعني أعتقد أن في البراكين ترون بعض الصور، سيل أسود، هذه صخور بازلت أقسى أنواع الصخور من شدة حرارة 2000 درجة أصبحت سائل، جهنم ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ الدرجات بالآلاف، وليست 47 بالآلاف، حتى يكون الحجر وقوداً للنار.

 لذلك: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾

﴿  وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ(58)﴾

[  سورة الأعراف  ]


وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ


 بلاد فيها مؤمنون، فيها صادقون، فيها موحدون، فيها محسنون، ما فيها تفلت، ما فيها عُري، ما فيها شرب خمور، تجد المكان إذا كان فيه أنهار من أول الطريق إلى آخره على الصفين الملاهي، ماذا في بالملاهي؟ يوجد خمور، ويوجد مغنون، ويوجد راقصات وحرام، ويوجد أوكار للزنا، بلد فيها ملاهٍ تُنتهك فيها الحرمات، تُرتَكَب فيها المعاصي والآثام، هذا بلد ليس طيباً، قال: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا﴾


وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا


 أي قليلاً، ولا يُنتفَع به، يقال لك: موجة صقيع استمرت تسع ثوانٍ، الحد الأدنى ست ثوان، دون الست ثوان النبات لا يصقع، وإذا أتت موجة صقيع على منطقة واسعة جداً يموت البرعم كله .

﴿  فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(19) ﴾

[  سورة القلم  ]

 تسع ثوان فقط تُنهِي كل شيء، أصحاب الجنة أقسموا:

﴿  إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ(17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) ﴾

[  سورة القلم  ]

 أي لا يعطون أحداً من الفقراء ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ﴾

﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾


العلمُ كالماء : كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ


﴿نُصَرِّفُ الآيَاتِ﴾ العلم كالماء، الماء أحياناً يصيب أرضاً خصبة، ينبت الزرع والزيتون والفواكه، والثمار، والمحاصيل، وهناك أرض تحبس الماء، لكنها لا تنبت، ينتفع بهذا الماء غيرها، لا بأس، وهناك أرض تبلع الماء، وتستهلكه، ولا تنبت شيئاً، فالإنسان أحياناً ينتفع بالعلم، وهناك إنسان ينقله، فيقدّم خدمة، وهناك إنسان لا ينتفع به، ولا ينقله ﴿ كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور