وضع داكن
31-05-2025
Logo
موضوعات في التربية - قطر - الدوحة - مسجد المدينة التعليمية - الدرس : 154 - الراحمون يرحمهم الله .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 

القانون نهاية العلم :


أخواننا الكرام ؛ الموضوع الذي طُلب مني :

(( عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الراحمون يرحمهم الله ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء ، الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله ، ومن قطعها قطعه . ))

[ أخرجه الحاكم  ]

أما الآية الدقيقة جداً فقد قال تعالى :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)  ﴾

[ سورة آل عمران ]

باء السبب ، أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم أحبوك ، والتفوا حولك ، وأنت أنت بالذات افتراضاً لو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوةً ، ولانعكست القسوة غلظةً :

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

كأنه قانون .
أخواننا الكرام ؛ نهاية العلم القانون ، القانون علاقة مقطوع بها ، بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، هذا القانون ، إن ألغيت الدليل كان تقليداً ، والله ما قبِل منا التقليد ، قال :

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ  (19)  ﴾

[ سورة محمد ]

إن لم تطابق الواقع كانت جهلاً ، إن لم تكن مقطوعاً بها ، الوهم ثلاثون بالمئة ، الشك خمسون بالمئة ، الظن سبعون بالمئة ، غلبة الظن تسعون بالمئة ، القطع مئة بالمئة ، فالعلم علاقة مقطوع بها ، بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل .

الرحمة أدق صفة من صفات المؤمن :

الآن من صفات المؤمن ، ومن خصائصه الرحمة ، من أبرز صفات غير المؤمن القسوة .
رحمة ، قسوة ، حكمة ، حمق ، اعتدال ، تطرف ، الله عز وجل قال :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ ﴾

يا محمد ، بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فالتفوا حولك  وأحبوك ، وخضعوا لك ، هذه الآية يحتاجها كل أب ، وكل أم ، وكل معلم ، وكل مدرس ، وكل أستاذ في الجامعة ، وكل أي منصب قيادي بدءاً من الخفير وحتى الأمير ، الذي يقود يحب أن يلتف حوله من حوله ، يلتفون حوله ، يحبونه ، يخضعون له ،

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

وأنت أنت بالذات ، وأنت سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، افتراضاً :

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ ﴾

لو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة ، ولانعكست القسوة غلظة ، لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ، إذاً ؛ أي أب ، أي أم ، أي معلم ، أي مدرس ، أي أستاذ في الجامعة ، أي منصب قيادي إداري ، بدءاً من الخفير ، وحتى أعلى منصب يحتاجون لهذا القانون :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾

فالاستشارة قوة ، أن تسأل من حولك ، أن تسأل من دونك .
صحابي جليل ، مع سيد الأنبياء والمرسلين ، في موقعة ، اختار النبي موقعاً ، سأله هذا الصحابي بأدب لا يعقل : هذا الموقع وحي أوحاه الله إليك أم هو الرأي والمشورة ؟ قال له : لا ، الرأي والمشورة ، قال له : ليس بموقع ، سيد الخلق ، حبيب الحق ، سيد ولد آدم ، الله قال:

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾

أي منصب قيادي يحتاج إلى مشاورة ، قد يكون المشاور خالياً من الضغوط فتكون رؤيته أصح ، فالنبي الكريم ، سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، قال له صحابي جليل  بأدب جمّ : هذا الموقع أوحاه الله إليك أم هو الرأي والمشورة ؟ قال : لا ، هو الرأي والمشورة ، فقال له : ليس بموقع ، أين الموقع ؟ هنا ، أعطى أمراً ، انتقلوا ، شيء لا يصدق ، النبوة عصمة مطلقة .

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، وأنت أنت بالذات لو كنت منقطعاً عنا افتراضاً لامتلأ القلب قسوة ، ولانعكست القسوة غلظة : لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ .
صدقاً ولا أبالغ ؛ أي أب ، أي أم ، أي معلم ، أي مدرس ، أي أستاذ جامعي ، أي منصب ، من الخفير إلى الأمير يحتاج لهذا القانون ، أبداً .
لذلك النقطة الدقيقة : من أدق صفات المؤمن الرحمة ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، يا ترى ما الرحمة ؟ الحقيقة معناها واسع جداً ، إذا إنسان وهبه الله الرحمة وهبه الحكمة ، وهبه العفو ، وهبه العطف ، وهبه أشياء كثيرة :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي : ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء ، أبلغ من ذلك ؛ سبب وجودنا ، غاية وجودنا .

﴿   إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

 

[ سورة هود  ]

لا تقبل أي معنى آخر ، خلقنا ليعذبنا ، أعوذ بالله ، مستحيل !

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

هذه آية قطعية الدلالة ، لا تقبل أي استثناء : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ،   

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

فأنت مخلوق للرحمة .

 

الراحمون يرحمهم الله :


والله يا أخوان يوجد كثير من المعلومات ليست صحيحة ، لا تطابق الكتاب والسنة ، يتعلق بها العوام ، هذه البنت مسكينة ليس لها حظ ، ما هذا الحظ ! النبي قال بالأثر القدسي :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر ، أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما . ))

[ أخرجه الحاكم  ]

كلمة دهر من هو الدهر ؟ هو الله ، فهناك أشياء وشركيات كثيرة .

(( " أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي " ))

لا يوجد الآن شرك جلي :

(( " أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً  و لا حجراً - هذه انتهت - و لكن شهوة خفية ، وأعمال لغير الله " ))


لذلك الرحمة واسعة جداً جداً :

(( ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء . ))

تروي القصص أن امرأة تخبز على التنور ، كلما وضعت رغيفاً في التنور ابنها على طرف التنور تأخذه وتضمه وتشمه ، تروي القصص أن نبياً كريماً قال : يا رب ما هذه الرحمة ؟ قال له : هذه رحمتي أودعتها في قلب أمه ، وسأنزعها افتراضاً ، فلما نزع الرحمة من قلب الأم ألقته في التنور .
لذلك أخواننا الكرام ؛ محبة الأب والأم للولد ، هذه رحمة الله أودعها في قلب أمه وأبيه ، الراحمون يرحمهم الله :

(( ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء . ))

 

ضرورة الأخذ بالأسباب ثم التوكل على رب الأرباب :


الآن عندنا مفهوم غير مقبول ، أنا عندي سفرة طويلة ، توكلت على الله ، لا ينبغي أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ،  ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، الغرب أخذ بالأسباب أخذاً مذهلاً ، واعتمد عليها ، وألهها فوقع في الشرك ، والجانب الآخر المسلمون المقصرون لم يأخذوا بالأسباب وقعوا في الشرك الخفي ، التقصير .
إذاً :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

، المبدأ القويم أنت أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، الغرب أخذ بها أخذاً مذهلاً ، واعتمد عليها  وألهها ، وقع في الشرك ، والمسلمون لم يأخذوا بها أصلاً فوقعوا في المعصية ، أما المنهج الوسطي ، الإسلامي ، الحقيقي ، الدقيق ، فهو أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
النبي الكريم حينما ضاقت به الدعوة ، ذهب إلى الطائف ، بالطائف كذبوه  سخروا منه ، أغروا صبيانهم بضربه ، سال الدم من قدمه الشريفة ، جاءه ملك الجبال يا محمد أمرني رب أن أكون طوع إرادتك ، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ؟ قال : لا يا أخي ، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون ، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد .
فلذلك مرة ثانية : لا نتقدم ، ولا نتفوق ، ولا نتألق إلا إذا أخذنا بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم توكلنا على الله وكأنها ليست بشيء ، لكن بالإسراء ألغيت الأسباب ، الله ألغاها ،  ألغيت قوانين المكان والزمان ، بثانية ببيت المقدس ، بثانية كان في السماء ، لا يوجد قانون زمان ، الله عز وجل أرانا قدرته المطلقة بالإسراء ، وعلمنا المنهج القويم بالهجرة ، النبي أخذ بأربعين سبباً حتى أنه اعتمد على دليل ليس مسلماً ، قد نحتاج بالمستقبل لخبير أجنبي من أجل قضية عويصة ببلدنا ، بالإسراء ألغيت الأسباب ، بالزمان والمكان ، أما بالهجرة فالنبي علمنا أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، الغرب اعتمد على الأسباب اعتماداً كلياً وألهها ، والشرق لم يأخذ بها ، أما لو توهمت خطأ فادحاً أن الله عز وجل منحك ، أو أنت مسير لست مخيراً ، نقطة دقيقة جداً ، إذا توهمت أن الله لم يعطك حرية الاختيار من أين نأتي بها دققوا :

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) ﴾

[ سورة الكهف ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3)  ﴾

[ سورة الإنسان ]

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)  ﴾

[ سورة الأنعام ]

مرة ثانية : المسلمون بحاجة ماسة إلى أن يأخذوا بالأسباب ثم يتوكلوا على الله رب الأرباب .
أريد أن أقول لكم كلمة دقيقة جداً : نحن نملك نصف ثروات الأرض ، كمسلمين نملك ممرات مائية خطيرة جداً ، نملك ، نملك ، نملك ، فلابد من أن نأخذ بالأسباب ثم نتوكل على رب الأرباب .
 

قيام رمضان إيماناً واحتساباً :


حفظ الله لكم إيمانكم ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، وقبِل الله أعمالكم ، وصيامكم ، وقيامكم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّبُ في قيام رمضان ، من غيرِ أن يأمرَهم فيه بعزيمة ، فيقول :

(( مَنْ قام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك ]

فَتُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والأمرُ على ذلك ، ثم كان الأمرُ على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور