من ضل يضله الله ومن اهتدى يهده الله .
قال تعالى:
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) ﴾
إبليس قال:
﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ﴾
وكل كلمة تسمعها أن الله أضلَّ فلاناً يجب أن تقف عندها، يعني إذا بالقرآن آيات يُعزى فيها الإضلال إلى الله :
﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) ﴾
يجب أن تقف عندها وقفة متأنية :
إذا عُزي الإضلال إلى الله - دققوا - فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري ، يؤكد هذا المعنى قوله تعالى :
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5) ﴾
يؤكد هذا المعنى هذا المثل:
طالب في الجامعة لم يداوم، ولم يقتنِ الكتب، ولم يقدم الامتحان، جاءه إنذار وثانٍ، وثالث، ورابع، وخامس، لم يستجب، صدر قرار بترقين قيده من الجامعة، هل هذا القرار قهر له؟ لا، إنه تجسيد لرغبته.
يعني إذا عُزي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري.
وقد يُعزى الإضلال إلى الله، ونقصد به الإضلال الحكمي.
إنسان رفض الدين كلياً، إذاً رفض معه كل توجيهات الخالق، رفض معه كل أسباب سلامته، كل أسباب سعادته، كل أسباب رزقه، كل أسباب نجاحه، كل أسباب توفيقه.
﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا(9) ﴾
أنت حينما ترفض منهج الله معنى ذلك أنك رفضت كل ما عند الله، هذا اسمه الإضلال الحكمي.
يعني إنسان في طريقه إلى حمص، وليس هناك لوحة، هناك خطأ، وهناك طريقان، ما عرف أين طريق حمص، رأى رجلاً واقفاً قال له: بالله عليك من أين حمص؟ قال له : من هذا الطريق، قال له: بارك الله بك، لما قبِل هذه النصيحة قال له: بعد فترة يوجد تحويلة انتبه لها، ويوجد جسر ضيق و.و.. حكى له عشرة تفصيلات دقيقة جداً، لما قبلت هذا التوجيه استفدت من مئات التوصيات، والنصائح، والتعليمات.
لو سأل رجلٌ آخر هذا الإنسانَ: من أين حمص؟ قال له: من هنا، قال له: أنت كذاب، هل يقدر هذا الإنسان أن يذكر له التفصيلات، هذا المسافر ضل، ما الذي جعله يضلّ؟ أنه رفض مشورة هذا الإنسان ونصيحته .
حينما يرفض الإنسان الدين يخسر كل توجيهات الخالق، يخسر كل تعليمات الصانع، يخسر كل أسباب سلامته، يخسر كل أسباب سعادته إذا رفض الدين، هذا الإضلال إذا عُزي إلى الله يعني الإضلال الحكمي، الأول الإضلال الجزائي .
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾