وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 4 - سورة الحجرات - تفسيرالآيات 11-12- الغيبة و النميمة و التنابز بالألقاب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

الغيبة والنميمة أساس تمزق المجتمع:


أيها الأخوة الكرام؛ مع الدرس الرابع من سورة الحجرات، مع الآية الحادية عشرة وهي قوله تعالى: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾

[ سورة الحجرات  ]

أيها الأخوة الكرام؛ كما تعلمون من قبل أنَّ الله سبحانه وتعالى يخاطب الناس بأصول الدين، ويخاطب المؤمنين بفروعه، فهناك دعوةٌ إلى الإيمان بالله، إلى الإيمان بوجوده، إلى الإيمان بوحدانيته، إلى الإيمان بكماله، وهناك دعوةٌ إلى تطبيق منهجه، فهذه السورة من فروع الدين، أي بعد أن آمن هذا الإنسان بربه الآن تأتيه التوجيهات التفصيلية؛ افعل ولا تفعل، فمن هذه التوجيهات التفصيلية أن نظام العلاقات الاجتماعية إذا شاعت فيه الغيبة والنميمة تمزَّق المجتمع، والله سبحانه وتعالى أراد أن نجتمع، وكيف أراد أن نجتمع؟ سمح لكل واحدٍ منا أو مَكَّنَهُ أن يتقن عملاً، وجعله في أمس الحاجة إلى ملايين الحاجات، وهذا التصميم الإلهي أراده الله لنا ومن محصلته ونتائجه الاجتماع.  

 

مناط التكريم عند الله عز وجل ما استقر في القلب من معرفة الله:


نحن مقهورون للاجتماع، أنت محتاجٌ إلى أن تأكل، وإلى أن تشرب، وإلى أن ترتدي ثياباً، وإلى أن تسكن في بيت، وإلى أن تعلِّم أولادك، وإلى أن تعالج نفسك عند طبيب، وإلى أن تقاضي عند قاضٍ عن طريق محام، فأنت تتقن عملاً واحداً أو عملين، لكنك في أمس الحاجة إلى ملايين الأعمال، لذلك نحن نجتمع، نظام الاجتماع من أجل أن نبقى متماسكين، متعاونين، متحابّين، متناصرين، متفاهمين، من أجل أن تغدو الحياة جميلةً، فاضلةً، مسعدةً، مريحةً، ناعمة البال، هادئةً، جاء التشريع الإلهي المتعلَّق بالعلاقات الاجتماعية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ كأن الله سبحانه وتعالى يبيِّن لنا أن المظاهر التي تروْنَها، أن الصور التي تشاهدونها، أن المتاع الذي تحوزونه لا قيمة له إطلاقاً في ميزان الرقي عند الله عزَّ وجل؛ لا مكان البيت، ولا حجم البيت، ولا تزيين البيت، ولا أثاث البيت، ولا طول القامة، ولا اللون المتألِّق، ولا اتساع العينين، ولا نوع المركبة، هذه الصور التي تؤخذون بها، هذا المتاع الذي تحوزونه، هذا كله ليس مناط التكريم عند الله عزَّ وجل، مناط التكريم ما استقر في قلوبكم من معرفةٍ بالله عزَّ وجل، ما استقر في قلوبكم من مشاعر نبيلة تجاه الناس، ما استقر في قلوبكم من إخلاصٍ لله عزَّ وجل.  

 

الجاهل من يسخر من الإنسان الفقير المستضعف:


لذلك الذي يسخر من إنسان فقير هو جاهل، قد يكون هذا الفقير أرقى عند الله منك، الذي يسخر من إنسان ضعيف مستضعف أيضاً جاهل، الله عزَّ وجل لحكمةٍ بالغة قوَّاك وضَعَّفَهُ، وليست القوة دليل قربك من الله، الله عزَّ وجل أعطى الملك لمَن لا يحب، أعطاه فرعون، وأعطى المال لمَن لا يحب، أعطاه قارون، فهذه الصور التي يتيه الناس بها، هذا المتاع الذي يتفاخر الناس باقتنائه، هذه المركبات التي يزهو الناس بركوبها، هذه البيوت التي يبالغ الناس في الاعتناء بها، أي هذه الصور التي تلتقطها أعينكم لا قيمة لها عند الله عزَ وجل، وليست هي مناط التكريم.

 التكريم ما استقر في قلوبكم من معرفةٍ بالله، ما استقر في قلوبكم من تعظيمٍ له، ما استقر في قلوبكم إخلاصٍ له، من إخلاصٍ للخَلْق، من رغبةٍ في خدمة الخلق، من رحمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه:

(( إِنَّ اللهَ تعالى لَا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأمْوالِكُمْ، ولكنْ إِنَّما ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم. ))

[ صحيح مسلم ]

هذا مقياس دقيق. 

 

المؤمن كلما اقترب من الله اقتربت موازينه من موازين الشرع:


لذلك الله عزَ وجل قال: إياكم يا عبادي، إياكم ثم إياكم أن تسخروا ممن هو دونكم في مظاهر الدنيا، فلا ينبغي للغني أن يسخر من الفقير، ولا للقوي أن يسخر من الضعيف، ولا للصحيح أن يسخر من المريض، ولا للوسيم أن يسخر من الدميم، حتى ولا المستقيم الطاهر مسموحٌ له أن يسخر من العاصي، الآن عاصٍ لكن بعد حين قد يكون أقرب إلى الله منك، حتى العاصي لا ينبغي أن تسخر منه، ينبغي أن ترثي لحاله، وأن تدعو له بالهدى، وأن توجِّهَهُ إذا أمكنك التوجيه، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ﴾ النقطة الدقيقة: متى الإنسان يظلم نفسه؟ إذا احتقر مخلوقاً هو عند الله عظيم، ظلمٌ كبير أن تتهم إنساناً بشيءٍ من حطام الدنيا وهو عند الله عظيم، أنت ما أعطيته حقه، مقياسك غير صحيح، لذلك المؤمن كلما اقترب من الله تقترب موازينه من موازين الشرع؛ وكلما ابتعد عن الله تصبح له موازين ليست في الكتاب ولا في السنة، هذا القرآن كله بين أيدينا.

 

العلم والعمل أقرهما الله عز وجل لوزن الخلق فقط:


أيّ ميزانٍ أقره الله عزَّ وجل لوزن الخلق؟ ميزان الجمال لا قيمة له قال: 

﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)﴾

[ سورة البقرة ]

ميزان المال لا قيمة له. 

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)﴾

[ سورة التوبة  ]

ميزان الذكاء: 

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ(22)﴾

[ سورة المدثر  ]

الله عز وجل كل هذه المقاييس التي تواضع الناس على أنها مُرَجِّحات بين الخلق، القرآن الكريم لم يعترف بها، ولم يقم لها وزناً إلا مقياسين حصراً؛ العلم والعمل، قال تعالى: 

﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾

[ سورة الزمر ]

وقال تعالى: 

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)﴾

[  سورة الأنعام ]

 

قيمة الإنسان عند ربه بإيمانه وعمله الصالح:


أنت كلما اقتربت من الله تقترب في الموازين التي تستخدمها من موازين القرآن، وكلما ابتعدت عن الله عزَّ وجل تستعمل موازين ما أنزل الله بها من سلطان، تُقّيم الإنسان بحجمه المالي، أو بقوته، أو بمدى تمكنه من السيطرة على الآخرين، أو بوسامته، أو بذكائه الشيطاني، أو بنسبه، وكلها عنعنات ما أنزل الله بها من سلطان، فلذلك كأن الله سبحانه وتعالى يبيِّن أن هذه الصور التي تقع على أعينكم؛ بيت فخم، مركبة فخمة، قامة منتصبة، لون متألِّق، ذكاء عالي المستوى لكن ليس في سبيل الله، هذه الصور التي تقع على أعينكم، والتي يتفاضل الناس بها لا قيمة لها عند الله، القيمة لإيمانك وعملك الصالح، القيمة لِما استقر في القلب من رحمةٍ ومن معرفةٍ ومن إخلاصٍ ومن إنابةٍ إلى الله عزَّ وجل، وهذا يؤكده النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) حتى أن بعض العارفين بالله سمَّى القلب منظر الرب، ورد: أن يا عبدي طهرت منظر الخلق سنين أفلا طهرت منظري ساعة؟ تعتني بأثاث بيتك، بمدخل البيت، تنظف مركبتك، تلبس ثيابًا أنيقة، هذا منظر الخلق. أفلا طهرت منظري ساعة؟

 

تناقض الكبر مع العبودية لله عز وجل:


ورد من الحكم: "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك" ، ولا تجعل الله الخالق العظيم أهون الناظرين إليك، الإنسان أحياناً يستحي من ضيف تكون ثيابه غير أنيقة، يكون متبذِّلاً في ثيابه، فلا تجعل خالق الكون الذي يراك حين تقوم أهون الناظرين إليك، يقول الله عزَّ وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ﴾ قد تجد امرأة أقل جمالاً من أختها لكنها أكثر معرفةً بربِّها، أكثر رعايةً لزوجها، أكثر عطفاً على أولادها، أكثر طاعةً لله، هذا الجمال يذوي، وهذا التيه والزهو لا شأن له عند الله عزَّ وجل، فأنت متواضع بقدر إيمانك، متكَبِّر بقدر بعدك عن الله عزَّ وجل، فلا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كِبر، لماذا؟ لأن الكِبر يتناقض مع العبودية لله عزَّ وجل.

 

الجاهل من يستعلي على الناس ويتيه عليهم:


يمكن الحليب أن يضاف له من دون غش ضمن البيت، تضيف له لبنًا أوضح، ممكن أن تضيف إلى اللبن ثلاثة أمثاله ماء وتعمله شراباً، يتحمل اللبن أن تضيف له ثلاثة أمثال، لكن لا يتحمل قطرة نفط واحدة، عندئذٍ يفسد وتلقيه في قارعة الطريق، فكذلك العبودية لله عزَّ وجل لا تحتمل كبراً أبداً، يجوز للإنسان أن يغلط آلاف الأغلاط عن غير قصد، وعن غير تصميم، ويتوب منها سريعاً، أما أن يأخذه العُجْب، وأما أن يستعلي على الناس، وأما أن يتيه على الناس بشكله، أو بماله، أو بقوته، أو بوسامته، أو بذكائه، فهذا الكِبر يتناقض مع العبودية لله عزَّ وجل، لذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ .

 

المؤمن الغني هو المؤمن المتواضع أمام الفقراء والسخي في إنفاق المال:


أذكر أنني في الدرس الماضي قلت هذه الكلمة: السخرية جملةً وتفصيلاً في أي موضوع، وفي أي مستوى، وفي أي درجة ليست داخلةً في حياة المؤمن إطلاقاً، لا يسخر إطلاقاً، وإن أردت التفصيل لا يمكن أن يضاف على كلمة مؤمن ولا كلمة أخرى، تقول: مؤمن،  مؤمن فقير، الفقر وسام شرف، النبي كان فقيراً، والفقير المؤمن متجمل، عفيفٌ عن المطامع، عفيف عن المحارم، وراضٍ بنصيبه من الله عزَّ وجل، وعزيز النفس، ولا يبذل ماء وجهه لإنسانٍ لا يثق بمودته، تقول: مؤمن غني، الغني مقيد بالشرع، سخي في إنفاق المال، متواضعٌ أمام الفقراء، إذاً لم يعد غنياً، غني بحجمه المالي، أما بأخلاقه فمؤمن، والفقير لم يعد فقيراً، عنده نقص في المال، ولكن لا يوجد عنده نقص بالأخلاق، أخلاقه عالية، مؤمن ريفي، الإيمان رفع شأنه إلى أعلى مستوى، عنعنات لا يوجد في الإسلام، لا يضاف كلمة. 

 

الناس رجلان برّ تقي أو غافل شقي:


الناس كما تعلمون أيها الأخوة رجلان؛ في النهاية، الناس على اختلاف مللهم، ونحلهم، وأعراقهم، وأنسابهم، وانتماءاتهم، واتجاهاتهم، وحضاراتهم، ورقيهم، ودخلهم..إلخ، الناس رجلان رجل عرف الله فاتصل به، وانضبط بشرعه، وأحسن إلى خلقه فسعد بقربه في الدنيا والآخرة، ورجل لم يعرف الله عزَّ وجل، من لوازم عدم المعرفة أنه مقطوعٌ عن الله عزَّ وجل، متفلتٌ من منهجه، مسيءٌ إلى خلقه، شقي في الدنيا والآخرة، وهذا القرآن أمامكم، ليس في هذا الكتاب كله إلا هذان الصنفان، مؤمن وكافر، محسن ومسيء، موصول ومقطوع، مستقيم ومنحرف، رحيم وقاسٍ، مقبل ومعرض، أبداً هذا هو التقسيم الحقيقي، وأيّ تقسيمٍ آخر تقسيمٌ جاهلي لا قيمة له، النبي سمع كلمة قالها رجل بحق إنسانٍ ملون، قال له: يا بن السوداء، فقال له النبي عليه الصلاة و السلام: 

(( لَقِيتُ أبَا ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ، وعليه حُلَّةٌ، وعلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عن ذلكَ، فَقالَ: إنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّهِ، فَقالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا ذَرٍّ أعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ. ))

[ صحيح البخاري ]

وانتهى الأمر. 

 

الجاهلية استخدام ميزان غير ميزان الكتاب والسنة:


الجاهلية أن تستخدم مقاييس غير مقاييس هذا الكتاب، الجاهلية أن تزن الناس بميزان غير ميزان الكتاب والسنة، هذه هي الجاهلية، أن تعظِّم إنساناً بماله، مقياس جاهلي،  أن تعظمه لقوته، مقياس جاهلي، أن تعظمه لقربه منك، أن تحابيه لقربه منك، مقياس جاهلي: من ولي أمر عشرة وولى عليهم رجلاً فيهم من هو خيرٌ منه فقد خان الله ورسوله، المحاباة غير موجودة:  

(( عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فَقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالوا: ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. ))

[ صحيح البخاري ]

أبداً: ((إنما أهلك الله بني إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)) هذا هو الدين، المجتمع ما لم تحكمه قيمٌ واحدة سارية على كل أفراده فهذا المجتمع لا يتقدم أبداً، مجتمع الإيمان مجتمع المقاييس الواحدة، والمعايير الواحدة، فالمؤمنون جميعاً يُقَيَّمون بمقياسٍ واحد وبمعيار واحد، الإنسان كلما اقترب من الإيمان اقترب من مقاييس القرآن، فلا يُعَظِّمُ إلا المؤمن، لذلك: عن أبي سعيد الخدري:

(( لا تصاحبْ إلا مؤمنًا ، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيٌّ. ))

[ صحيح أبي داود ]

 

اللمز هو إشاعة العيوب والتعيير وكشف العورات:


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾

[ سورة الحجرات ]

 اللمز الطعن، والتشهير، وأن تعيب على الناس متاعَهُم الخشن، حياتهم المتواضعة، أن تعيب على الفقير فقره، أن تعيب على الضعيف ضعفه، أن تعيب على المريض مرضه، أن تعيب على صاحب المتاع الخشن متاعه الخشن، النقد، التعيير، إشاعة العيوب، كشف العَوْرات، هذا هو اللمز، قال: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ .


  دعوة الله عز وجل للمؤمنين إلى أن يكونوا كالجسد الواحد:


أما: ﴿أنفسكم﴾ كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يكون المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، أي كيف قال الله عزَّ وجل:  

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)﴾

[ سورة البقرة ]

أي إنك إن أكلت مال أخيك فكأنما أكلت مالك لأنه أخوك، إن قويَ فقوته لك، وإن أضعفته تضعف أنت معه، فإذا أكلت ماله فكأنما أكلت مالك: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾  يقاس عليها:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)﴾

[ سورة النساء ]

أنت أخرجت عنصراً مؤمناً من المجتمع فضعف المجتمع. 

 

وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ: آية لها عدة معان: 


1 ـ على الإنسان ألا يكون طعاناً أو لعاناً أو منتقداً:

حيثما وردت هذه الآية ومثيلاتها: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ، ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ، ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ الله سبحانه وتعالى عَدَّ المجتمع الإسلامي مجتمعاً واحداً، فإذا أضعفت أحد أفراده أضعفت المجتمع كله، هذا معنى. 

2 ـ على الإنسان ألا يفعل عملاً يُلام عليه:

المعنى الثاني؛ لا تفعل شيئاً تستحق أن تعيَّر به: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ إياك أن تفعل شيئاً تدعو الناس إلى ذمِّك، لا تضع نفسك موضع التهمة ثم تلوم الناس إذا اتهموك، إياك وما يُعتَذر منه، أيُّ عملٍ يصغرك تضطر أن تعتذر، أن تقول: لم أكن أعرف سامحونا، لا تؤاخذونا، هذه الأعمال التي تحملك على أن تعتذر منها هذه الأعمال لا تليق بك: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ .

 

العاقل من يبحث عن الفضائل ويوسعها:


صار لهذه الآية معنيان؛ الأول: لا تعمل عملاً تُلام عليه، النبي عليه الصلاة والسلام كان من أسمائه أنه محمود، محمودٌ عند الله وعند الناس وعند نفسه، بعلاقاتك، ببيعك، بشرائك، بمواعيدك، بأفراحك، لا تفعل شيئاً تُلام عليه، لا ترتكب عملاً تضطر أن تصغر أمام الناس، أن تعتذر، هذا الموقف الكامل، إيَّاك أن تدخل مُدخلاً لا تحسنه، أن تقوم بعمل لا تستطيعه، أن توهِم الناس بحجمٍ أنت أقل منه: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لا تفعلوا عملاً تلامون عليه هذا معنى.

والمعنى الثاني، لا تطعن، لا تكن طَعَّاناً، ولا عَيَّاباً، ولا منتقداً، لا تكن معول هدمٍ في المجتمع، كن بَنَّاءً، لا تكن سلبياً، كن إيجابياً، لا تبحث عن العيوب، ابحث عن الفضائل ووسِّعها ونَمِّها:﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ .

 

من يستقم على أمر الله يحترم نفسه:


حينما يحترم الإنسان نفسه يستقيم على أمر الله، شعور المستقيم. 

﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)﴾

[ سورة يونس ]

هذه الآية الكريمة أيها الأخوة الكرام هي قانون الذل والعز. 

 

الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم عاقبة المتقين:


﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ الجنة، ﴿وَزِيَادَةٌ﴾ النظر إلى وجه الله الكريم: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ .

الإنسان متى يذل؟ إذا أساء، متى يُلام؟ إذا قَصَّر، متى يصغر؟ إذا أخطأ، فإذا الإنسان جهد ألا يخطئ، وألا يقصر، وألا يتوانى عن شيءٍ مُكَلفٍ به يرفع رأسه، عندئذٍ لا يستطيع أحدٌ أن ينال منه.

 

الإنسان حينما يطمح فيما عند الله يحبه الله:


قالوا: "استغن عن الرجل تكن نظيره، واحتج إليه تكن أسيره، وأحسن إليه تكن أميره" فالإنسان حينما يستغني عما في أيدي الناس يحبه الناس، حينما يطمح فيما عند الله يحبه الله، الناس بالعكس، يزهدون فيما عند الله فيبغضهم الله عزَّ وجل، ويطمعون فيما عند الناس فيبغضهم الناس، عند الله مُبغَضُون، وعند الناس مُبْغَضُون، ازهد بما في أيدي الناس يحبك الناس، ولا تزهد بما عند الله عزَّ وجل يحبك الله، الآية الكريمة: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ والنبي الكريم أشار إلى هذا المعنى بقوله الكريم: عن سعد بن أبي وقاص:

(( إيَّاك وما يُعتذرُ منه. ))

[ الزرقاني : مختصر المقاصد : خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره ]

كل موقف، كل تصرُّف سوف تضطر أن تقول: لا مؤاخذة، عفواً، هذا الشيء الذي تُضطر أن تعتذر منه لا تفعله، وارفع رأسك، ارفع رأسك يا أخي، قال سيدنا عمر لرجل: "وسيدنا عمر رضي الله عنه رأَى رجلاً مُتَماوِتاً، فقال: لا تُمِتْ علينا ديننا، أَماتكَ الله" ، لله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

 

المسلم عندما يطبق منهج الله عز وجل يشعر بعزة كبيرة:


هناك صحفي غربي يحلل هذا الحقد الشديد على المسلم الآن فقال: إن الشخصية الغربية الآن صغيرة أمام شخصية المسلم الأخلاقية، فصار هناك شعور بالتفوق أنه هو غارق في الجنس، في المخدرات، غارق في الانحلال الخلقي، بينما المسلم حياته نظيفة، مشكلاته قليلة، دخله أعلى، انضباطه شديد، أسرته ناجحة، طبعاً هذا منهج الله عزَّ وجل، فلذلك الإنسان عندما يطبق منهج الله عزَّ وجل يشعر بعزة ما بعدها عزة، يُروى أن أحد الصحابة -ربما سيدنا الحسن-مشى مشية تيهٍ فقالوا: "أتيهٌ يا سبط رسول الله؟! قال: لا، هذا عز الطاعة" ، فالإنسان أحياناً يشعر بعز الطاعة لأنه نظيف، لا يوجد عنده ازدواجية في حياته، بيته نظيف، علاقاته نظيفة، حساباته نظيفة، ليس عنده غموض، لا يوجد عنده شيء معلن، شيء لا يعلن، ما في قلبه على لسانه، وما في لسانه في قلبه، هذا التوحُّد وهذا المظهر الواحد هذا من قوة شخصية المؤمن.

 

أحد أسباب استقامة المؤمن أنه يحترم نفسه:


﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ احترامه لنفسه يدعوه للاستقامة على أمر ربه، لأن أي تقصير أو أي خلل يصغّرك، أحياناً الناس يقولون: ما أحببت أن أصغر، لو طلب منك إنسان طلباً وأنت نسيت أن تنفذه، عندك كلمتان؛ كلمة نسيت صعبة كأنك لست مهتماً فيه، أما كلمة:  اتصلت به فلم أجده، فهذه أهون لك، أما لو قدَّمت له عذراً غير صحيح فتصغر أمام نفسك، وكفاك أن تشعر بالمهانة أمام إنسان، وقد كفتك المهانة أمام نفسك، فلذلك أحد أسباب استقامة المؤمن أنه يحترم نفسه، لا يريدها أن تكون صغيرةً، لا يحبها متناقضةً.


  المؤمن الحقيقي من كان أداة بناء في المجتمع لا معول هدم:


﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ المعنى الذي يُفهم لا تعمل عملاً يُعَيِّرُكَ الناس به، يلومونك عليه، يصغرونك فيما بينهم، والمعنى الثاني؛ لا تكن طعّاناً ولا فحّاشاً، هناك إنسان نمطه متكبِّر، لا يحتمل أن يكون معه أحد، أبداً، يحطم الكل من أجل أن يبقى وحده، هذا نمط شيطاني، ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لا تكن طعَّانًا ولا لعانًا ولا فاحشًا ولا بذيئًا ولا عيَّاباً، لا تنظر إلى نصف الكأس الفارغ، انظر إلى نصفه المليء، ولا تكن سلبياً، كن إيجابياً، لا تكن متشائماً، كن متفائلاً، إذا جلست مع إنسان فابحث عن نقاطه الإيجابية ولا تلتفت إلى عيوبه، ابحث عن نقاطه الإيجابية وأثنِ عليها تنمُ، أما إذا تغافلت عن إيجابيته ونقَّبت في عيوبه فهذا موقف سلبي هدّام، لا تكن معول هدمٍ في المجتمع، كُنْ أداة بناء.

 

على الإنسان ألا يحتقر الآخرين أو ينتقص منهم:


﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ بالمناسبة السخرية أن تحتقر إنساناً أو أن تنتقص منه، أو أن تعيِّرَهُ وهو في حضرتك، أما الغيبة فأن تقول عنه كلاماً يؤذيه وهو غائب، هذه الغيبة أما السخرية ففي حضرته، ثم السخرية لا تقتصر على اللسان، أحياناً حركة تحاكي بها حركة إنسان هذه سخرية، أحياناً بإشارة، أحياناً غمز، أحياناً حركة عينين، أحياناً تحريك عضلات الوجه فيها سخرية، أحياناً ابتسامة، قال بعض علماء التفسير في قوله تعالى: ﴿يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ قال بعضهم: الصغيرة الابتسام، والكبيرة القهقهة، لو ابتسمت لموقف من مؤمن أخطأ فيه، ويدخل في هذا أنك كنت متمكنًا في علمٍ من العلوم وسألك إنسان سؤالاً دلّ على جهله بهذا العلم لا تسخر منه، عَلِّمْهُ، هناك من تأخذه العزة باختصاصه، يسخر ويتهكم، لا، لا، الله عزَّ وجل علمك وحجب عنه العلم والله قادر على أن يعكس الآية.  


  المؤمن الحقيقي من ابتعد عن موضوع السخرية جملة وتفصيلاً:


مرة أخٌ يرعى عملاً اجتماعياً خيرياً، هناك رجل قدم بيتاً بمبلغ كبير، أقيمت له حفلة لتكرمه على هذا التبرع السخي، فكل الخطباء أثنوا على سخائه وعلى إحسانه وعلى جوده وعلى وعلى، إلا أخًا كريماً لفت نظر هذا المحسن إلى حقيقة قال له: كان من الممكن لو أراد الله أن تكون أحد المنتفعين بجمعيتنا، أن نعطيك معاشاً شهرياً، ولكن الله شاءت حكمته أن يغنيك، فهذا من فضل الله عليك أنه أغناك وسمح لك أن تعطي، ولو شاء لكنت الطرف الآخر الذي يأخذ، فالإنسان لا يسخر، كما قلت قبل قليل: موضوع السخرية جملةً وتفصيلاً، بقضه وقضيضه لا يدخل في حياة المؤمن أبداً، ولا يسخر حتى ممن يعصي الله عزَّ وجل، بل يدعو له بالهدى والتوفيق، يقال: "من عيَّر أخاه بذنبٍ تاب منه لم يمت حتى يعمله" ، نحن عندنا مشكلة لو أنّ إنسانًا غلط، يا أخي تاب، كلما رأيته تذكر تلك المشكلة، هذا من لؤم الإنسان، امرأةٌ زلّت قدمها في عهد سيدنا عمر وأقيم عليها الحد، وبعد حين جاء من يخطبها، فجاء أخوها لسيدنا عمر يستفتيه: "أأذكر للخاطب ما كان منها؟ فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال له: والله لو ذكرت له لقتلتك" ، الإنسان تاب، انتهى الأمر.   


الكمال يقتضي إذا وقع أخ في ذنب وتاب منه أن تتجاهل ذنبه تماماً:


لو أن لك أخاً، إخوة يوسف عليه السلام ماذا فعلوا بأخيهم؟ وضعوه في الجب لماذا؟ ليموت، أي أرادوا قتله، فلما دخلوا عليه قال:  

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)﴾

[ سورة يوسف ]

ولماذا لم يذكر الجب؟ الجب أخطر، الإنسان تكون حياته مضمونة في السجن، وغذاؤه موجود لكن تؤسر حريته، أما في الجب فموته محقق، لماذا يا أيها النبي الكريم لم تذكر موضوع الجب بل ذكرت موضوع السجن؟ ﴿يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ماذا عن الجب؟ قال: إنه ما ذكر الجب لئلا يذكِّر إخوته بعملهم السابق، إذا كان لك أخ تاب من موضوع فهل تظل تذكره بالموضوع؟! ليس لك حق، غلط في زمانه، هناك إنسان يضيِّق، لا ينسى الماضي، والكمال يقتضي إذا وقع أخ في ذنب وتاب منه فعليك أن تتجاهله تجاهلاً كاملاً، قال: "من عيَّر أخاه بذنبٍ تاب منه لم يمت حتى يعمله" عقاباً له، لأنه تجبّر. 

 

الذنب شؤمٌ على غير صاحبه:


النقطة ذكرتها في الدرس الماضي ولكن يحسن أن نعيدها مرة ثانية؛ الذنب شؤمٌ على غير صاحبه، إن ذكره فقد اغتابه، وإن عيَّره ابتلي به، وإن رضي به شاركه في الإثم، احذر إن اقترف أخوك ذنباً أن تشيع هذا الذنب بين الناس فقد اغتبته، ثم احذر أن تُعَيِّرَهُ به عندئذٍ تبتلى به، ثم احذر أن تُقِره عليه عندئذ أنت شريكه في الإثم، لا هذه، ولا هذه، ولا هذه، اشكر الله عزَّ وجل على أن نجَّاك من هذا الذنب وادعُ لأخيك بالتوبة منه وانتهى الأمر.  

 

لا ينبغي للإنسان أن ينادي الناس إلا بأحبّ الأسماء إليهم:


﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ المؤمن ينادي أخاه المؤمن بأحب الأسماء إليه، هذا هو المؤمن، من الرجل؟ قال له: زيد الخيل، فقال عليه الصلاة والسلام: بل زيد الخير، ما اسمكِ يا فلانة؟ فتاة صغيرة، قالت: عاصية، قال: بل أنتِ جميلة ، غيَّر الأسماء الجاهلية كلها، ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ هناك الأشخاص يحلو لهم المُزاح في هذا الموضوع، وتأكدوا أيها الأخوة أن الإنسان إذا ناديته باسمٍ قبيح لو ابتسم لك لذكائه لكنه يتألَّم، طبعاً من أنواع الذكاء أن يجاملك، يضحك معك، أما لو ضحك من هذه التسمية القبيحة لكنّ قلبه يُكْلَمُ، يقطر دماً ألماً منك، فلذلك لا ينبغي لك أن تنادي الناس إلا بأحبّ الأسماء إليهم. 

 

إحدى قواعد التعامل مع المؤمنين أنه إذا ترك الإنسان ذنباً فلا تذكّره به:


﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ العوام الجهلة البعيدون عن مجالس العلم لو استمعت إلى أقوالهم وإلى خطاباتهم لأخذك العجب العجاب؛ وقاحة، على بذاءة، على تهَكُّم، على عورات، هذا مستوى الإنسان غير المتعلم، لا أقول المتعلم الذي معه شهادات، لا، كل إنسان حضر مجلس علم صار متعلماً، وكل إنسان طبق الشرع اسمه عالماً، كفى بالمرء علماً أن يخشى الله وكفى به جهلاً أن يعصيه، ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ .

هناك نقطة أن هذا كان هناك يهودياً فأسلم - عندنا يهود أسلموا-كان بعض المنافقين يقول له: يا يهودي بعد أن أسلم، كان منافقاً، استقام وصلح أمره، حتى الألقاب التي كانت لهم قبل الإسلام بعد أن أسلموا وتابوا لا ينبغي أن تطلق عليهم أبداً، هذه إحدى قواعد التعامل مع المؤمنين، إذا ترك الإنسان ذنباً انتهى الأمر، لا تذكِّره به لا من قريب، ولا من بعيد، ولا إشارة، ولا عبارة، ولا تنويهاً، ولا تعليقاً، تاب فتاب الله عليه، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هَنِّئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله، إذا تاب العبد توبةً نصوحاً أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه.

 

الله عز وجل ستّار يحب كل من يستر على أخيه:


إذا كان الإله تاب عليه أفلا تتوب أنت؟ الإله ستره أنت تفضحه؟ ليس هذا من أخلاق المؤمنين، والله عزَّ وجل ستَّار يحب كل من يستر على أخيه، وقد ذكرت قصة سابقاً؛ بنت زلَّت قدمها ثم تزوجت، فلا تقل: هذه كانت هكذا، إذا سمع زوجها بهذا الشيء يطلقها، لا يوجد رحمة، يريد أن يتسلى، معه معلومات يريد أن يتكلم بها، شيطان يتكلم، فإنسان كان له ماضٍ وتاب واستقام، له ترتيب سابق ورجع عنه قال: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ لا التي بعد الإسلام ولا التي قبل الإسلام: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ .

 

من تاب إلى الله توبة نصوحة عليه أن يستر نفسه مادام الله ستره:


بالمناسبة نحن لا يوجد عندنا بالدين اعتراف أبداً يا إخوان، فإذا كان للإنسان أخطاء، له تقصيرات، له زلاَّت قَدَم، وتاب الله عليه لا ينبغي له أن يقول هذا لأحدٍ كائناً من كان، الإنسان لا ينسى، كلما رآه يتذكر الماضي، إذا كان لك غلطة فلا تقلها لأحد، ما دام الله سترك وتاب عليك فأنت اسكت، لا يوجد حاجة، فالذي يفضح نفسه يجترئ على الله، لأن الله سترك وأنت تتكلم!! إذا تكلم الإنسان وعرف الناس أخطاءه السابقة عيَّروه بها دائماً، ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ لو فرضنا إنسانًا –مثل بسيط-أكل في مطعم ولم يدفع الثمن، في زمن الجاهلية، ثم أراد أن يتوب إلى الله بإمكانه أن يدفع المبلغ دون أن يُعْلم صاحب المطعم أنه عن طعامٍ أكله دون أن يدفع ثمنه، ضع المبلغ داخل رسالة وألقه له وانتهى الأمر، الله لم يكلِّفك أن تفضح نفسك، لكن لابدَّ من أن تؤدي الحقوق لكن دون أن تفضح نفسك.

 

من تاب إلى الله عليه أن يعمل جرداً لأعماله السابقة دون أن يفضح نفسه:


﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ قال لي صاحب محل يبيع حلويات: دخل شاب وألقى لي ظرفًا وقد كتب لي فيه: أنا مرة أكلت دون أن أدفع الثمن وقد تبت إلى الله وهذا هو المبلغ فخذه، إذا أراد الإنسان أن يتوب توبة نصوحاً عليه أن يؤدي ما عليه من حقوق، قال لي أخ ثان صاحب معمل: حصل في معملي سرقات مستمرة ما تركت طريقة لم أكتشف السارق، بعد عشر سنوات دخل شاب فقال لي: لقد كنت عندك وكان لي أخطاء وجئت لأعطيك ما عليّ، قال لي: والله نظير توبته قلت له: أنت مسامح، وإذا أردت لك مكان في المعمل، عد إلى المعمل واشتغل فيه، لا يوجد أحلى من التوبة إلى الله عزَّ وجل، فإذا تاب الإنسان يعمل جرداً لأخطائه السابقة دون أن يفضح نفسه، ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ المؤمن مقدس، المؤمن غالٍ على الله، لا يليق به أن يضاف لاسمه الشريف الطاهر اسم سيِّئ أو عمل قبيح، كلمة اسم هنا أي الذِّكر، أي إذا ذكرت إنسانًا بماضيه بعد أن تاب هذا الاسم لا يتناسب مع الإيمان.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾

 

المؤمن العاقل من يطلب الدليل قبل أن يظن بغيره:


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)﴾

[ سورة الحجرات  ]

الظن أن تعتقد شيئاً من دون دليل. 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ﴾ لو دققت في علاقات الناس فتسعة أعشار أحكامهم مبنية على الظن، مع أن المؤمن يطلب الدليل.  

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(6)﴾

[ سورة الحجرات ]

 المؤمن يطلب الدليل، لما قال الناس: كذا، أحياناً يقولون لك: لا نعرف، هذه ألعن أنواع الغيبة، لا يعرف، إنك بهذه الإشارة بيدك قلت عنه كل شيء، بهذه الحركة لم يبق شيء لم تقله، وأحياناً كلمات تؤدي إلى طلاق، وإلى انفصام شركات، وإلى خراب بيوت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ﴾ احكم على مثل الشمس، على مثل الشمس فاشهد، الحكم يحتاج إلى دليل قطعي لا يمكن أن يُرد، هذا الحكم.

 

على الإنسان ألا يسيء الظن بالآخرين حتى يتأكد بالدليل القاطع:


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ الآن عندنا قاعدة، قالوا: لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، الكلام عندئذٍ يُلْقى على عواهنه، أما أنت لو ألزمت نفسك ألا تقبل شيئاً إلا بالدليل تسعة أعشار الكلام يسقط عندك، ولا أبالغ: تسعة أعشار الكلام يُلْقَى في الأرض، لكن نحن من أخطائنا الكبيرة نسمع قصة من دون دليل، نسيء الظن بإنسان من دون دليل، نتهم إنسانًا من دون دليل، إنسان عُرِض عليه عمل بفندق والفندق يقدم مشروباً فرفض أشد الرفض، وانتهى الأمر، يشاع عنه أنه قَبِل وفَعل العمل، هذا الكلام غير صحيح، أنا أعلَمُ الناسِ به، رفضه أشد الرفض، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، وطِّن نفسك، عهد، لا تقبل قصة من دون دليل، لا تقبل إشاعة، ولا تقبل خبراً من كاذب، ولا من فاسق، ولا كلاماً ضبابياً، لا تقبل إلا كلاماً واضحاً مع الدليل، مع رؤية العين، مع الدليل الخَطِّي، كثير  علماء أجلاء لا يتكلمون كلمة على إنسان آخر إلا في كتاب أو في صوت، أما لا كتاب ولا صوت، هكذا قال الناس؟ عندئذٍ ليس عالماً، فجزء من علمك أساسه منهج التلقي، كيف تقبل الأفكار والوقائع؟ هل عندك منهج لتلقيها؟ لقبولها ورفضها؟ 

 

المؤمن الذي غلب عليه الصلاح والتستُّر علينا ألا نظن به السوء:


هنا الآية تحتاج إلى تفاصيل إن شاء الله نعيدها في الدرس القادم لكن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ من هو الذي ينبغي عليك ألا تظن به السوء؟ قال: هو المؤمن الذي غلب عليه الصلاح والتستُّر، ما رأيته لا يصلي، يصلي، في رمضان صائم، عياله محجبات، لا يوجد في بيته أخطاء، غلب عليه الصلاح، ولو أخطأ يستحيي بخطئه، والتستر، كل إنسان غلب عليه الصلاح والتستر أنا لا أقول: إنه كامل، لا يوجد إنسان كامل بعد النبي، الكمال لله، والعصمة لرسول الله، لكن ما دام غلب عليه الصلاح والتستر هذا الإنسان لا يمكن أن تغتابه: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت إخوته، وحَرُمت غيبته، فقبل أن تقول: فلان فعل، فلان أكل مالاً ليس له، هل أنت متأكد؟ 

 

من حُكِّم بين الناس عليه أن يجمع الطرفين معاً:


صدقوني لو أنك استمعت إلى إنسان عن إنسان وكان الطرف الثاني حاضراً تسعة أعشار الكلام يُلْغَى، كل إنسان يتكلم على حسب هواه، يبالغ، ينمِّق الكلام، يدعم أفكاره بوقائع من خياله حتى يشكِّل لك كلاماً مرفوضاً عن الإنسان، فلذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ من أجمل ما قيل في آفات اللسان في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، باب آفات اللسان، فمن كان الكتاب موجود عنده، أو أحب أن يقرأه في مكتبة، هذا الموضوع مفصل تفصيلاً بالغًا، وضَّح كل شيء، الغيبة والنميمة والسخرية والبهتان والإفك ..إلخ.

على كل في درسٍ قادم إن شاء الله تعالى نعيد شرح هذه الآية مع تفصيلاتها: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12)﴾

[ سورة الحجرات ]

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور