وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 03 - سورة العنكبوت - تفسير الآيتان 5 - 6 الإخبار عن المستقبل بصيغة الماضي
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

معنى لقاء الله:


 أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثالث من سورة العنكبوت.

وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. . الحقيقة أن لقاء الله من معانيه أن يقف العبد بين يدي ربَّه ليس بينه وبين الله حِجاب، هذا اللقاء قال بعض المفسِّرين: إنه يوم القيامة. 

وقال بعض المفسِّرين في لقاء الله عزَّ وجل: هو أن يلقى وعده ووعيده، وثوابَهُ وعقابه.  

وقال بعض المفسِّرين في لقاء الله عزَّ وجل: هو أن تَلْقَى حكم الله في كل شيء، ﴿وَاللهُ يَحْكُمُ لاُ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾..

 أيها الإخوة الأكارم؛ ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ أي أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل ليس بينك وبينه حجاب، تُعْرَضُ عليه أعمالك، وعليك أن تدافع عن نفسك، وعليك أن تدلي بحجَّتك عن كل عمل، أو أن يأتي ذلك اليوم الذي تلقى فيه جزاء عملك ؛ إن خيراً فخير وإن شراً فشر، أو ذلك اليوم الذي تنال فيه الثواب أو العقاب، أو ذلك اليوم الذي يحكمُ الله فيه بين عباده.. ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ هذا هو لقاء الله، لقاء الله أن تقف بين يديه ليس بينك وبينه حجاب، لقاء الله أن يقع وعده ووعيده، لقاء الله أن تلقى ثوابه وعقابه، لقاء الله أن ترى حُكْمَهُ في كل شيء.. ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ .

 

كلُّ آتٍ قريبٌ:


أضرب لكم بعض الأمثلة: إذا جاء رمضان، في أول يوم من أيام الصيام تقول: ما أبعد العيد، وما هي إلا أيامٌ وليالٍ حتَّى يأتي العيد، إذا دخلت في العام الدراسي تقول: ما أبعد الامتحان، ما هي إلا أسابيع وأشهر حتَّى يأتي الامتحان، إذا دخلت في مشروع مُدَّة العقد فيه خمس سنوات، ما هي إلا أيام وليالٍ وأسابيع وأشهر وسنين حتَّى يأتي الموعد المَطلوب، كيف يمضي الصيف ويأتي الشتاء ويمضي الشتاء ويأتي الصيف؟ كيف وصلت إلى سن الأربعين والخمسين؟ كيف مضت هذه السنون؟ هكذا.. ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ ما دام أجل الله الذي وَقَّتَهُ وعَيَّنَهُ ليلقى كل إنسانٍ جزاءه.

﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)﴾

[  سورة يونس ]

هذا اليوم الذي سمَّاه الله يوم الدين، يوم الجزاء، يوم الحساب، يوم الدينونة، هذا اليوم سيأتي، وما دام سيأتي والوعد من قِبَلِ الله عزَّ وجل إذاً في حكم أنه قد أتى. 

 

مِن إعجاز القرآن الإخبار عن المستقبل بصيغة الماضي:


من إعجاز القرآن قول الله عزَّ وجل: 

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)﴾

[ سورة النحل ]

أنا متى أستعجل الأمر؟ إذا لم يأتِ بعد، الله عزَّ وجل قال: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ تستعجلوه وهو لم يأتِ، وقد عبَّر الله عنه بالفعل الماضي لقد أتى، إذاً وعد الله ووعيده في حكم الواقع، وقد ورد: "كأني أرى أهل الجنَّة في الجنَّة يتنعَّمون، وأهل النار في النار يتصايحون" ، هكذا الإنسان إذا أيقن أن هذا الكلام كلام الله عزَّ وجل. بعضهم يفسِّر:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)﴾

[ سورة الفيل  ]

قد تسأل أنت: والله أنا لم أرَ هذا الشيء، هذا خبر، كان يُتوقَّع أن يقال: ألم تسمع بخبر أصحاب الفيل؟ لمَ ربنا عزَّ وجل عَدَلَ عن قوله ألم تسمع بألم ترَ؟ قال: لأن إخبار الله عزَّ وجل في حكم الشيء المُشَاهد..

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)﴾

[ سورة النساء ]

﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)﴾

[  سورة التوبة ]

إخبار الله عزَّ وجل في حكم المشاهدة، لذلك قال: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ .

 

على المؤمن أن يرجو لقاء الله وأن يستعدّ له:


﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ .. على كلمة يرجو ربنا سبحانه وتعالى قال:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

الحقيقة الإنسان ليسأل نفسه هذا السؤال: ماذا يرجو؟ هناك من يرجو مالاً، هناك من يرجو جاهاً، هناك من يرجو بيتاً، هناك من يرجو مركبةً، هناك من يرجو مكانةً، لكن المؤمن يرجو لقاء الله، يرجو الله واليوم الآخر، يرجو ما عند الله من ثواب، يرجو ما عنده من تَكْرِمَة، يرجو مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، هذا الذي يرجوه، لذلك الكلمة الشهيرة عند من أخلص قلبه لله عزَّ وجل: "إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي". 

﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ ، أن تقف بين يديه ليس بينك وبينه حجاب، أن تتصل به، أن ترى الحقيقة، أن يُكْشَفَ الغِطاء..

﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾

[ سورة ق ]

أن يقوم الناس لربِّ العالمين، أن يُحَجَّمَ الإنسان.

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)﴾

[ سورة الأنعام ]

﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ لا محالة آتٍ، لذلك قيل: "كل متوقعٍ آت وكل آتٍ قريب"، ما دمت في طريقك إلى هذا الشيء فكأنَّك وصلت إليه، وما دام هذا الشيء في طريقه إليك فكأنما وصل إليك، فالآية دقيقة جداً: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ ، إذاً ماذا علينا أن نفعل؟ أن نُطَهِّر قلوبنا وأن نضبط ألسنتنا.

 

الله  سميع للأقوال عليم بكل شيء:


﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ .. سميعٌ لدعائكم، عليمٌ بأحوالكم، أي إذا تكلَّمت فهو سميع، وإذا صمت فهو عليم، وعلمه علم كشفٍ وإحاطة، إذا تكلَّمت فهو سميع، وإذا صمت فهو عليم، إذاً ما دام هناك لقاءٌ مع الله. 

 

بطولة الإنسان أن يهيِّئ جواباً لمن يطَّلع عليه في سرِّه ونجواه:


مرَّة استنصحني إنسان يعمل في وظيفة تبدو للناس مزعجة، بإمكانه أن يضبط هذا بمخالفةٍ، وأن يضبط هذت بمخالفة، والمخالفة جزاؤها السجن، فاستنصحني، فقلت له: افعل ما تشاء، اكتب كما تشاء، ضع الناس في المكان الفلاني ما تشاء، ولكن إذا كنت بطلاً حقيقةً فهيِّئ لله جواباً يوم القيامة عن كل عَمَلٍ تعمله، هذا الكلام الصحيح، أنت مدرِّس، أنت طبيب المريض بين يديك مستسلم واثق، قل له: تعال كل يوم، وادفع مئة ليرة يومياً يصَدِّق ويأتيك كل يوم، أنت محامٍ، أنت مهندس، أنت مدرِّس، قل ما تشاء ولكن هيِّئ لملك الملوك يوم القيامة جواباً، هيِّئ للواحد الديَّان جواباً، ماذا تقول يوم القيامة لربِّك؟ كان سيدنا عمر بن عبد العزيز ما من آيةٍ يُكْثِرُ تلاوتها كهذه الآية: 

﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)﴾

[ سورة الشعراء  ]

هذا الكلام لنا جميعاً، كل منا له عمل، بإمكانه أن يصدق وأن يكذب، بإمكانه أن ينصح وأن يَغُش، بإمكانه أن يتساهل وأن يتعاسر، بإمكانه أن يُعطي أو ألا يعطي، بإمكانه أن يرحم أو أن يقسو، بإمكانه أن ينصف أو أن يظلم، الله عزَّ وجل جعلك في دار ابتلاء، جعلك في دار امتحان لينظر كيف تعملون؟ كيف تفعلون؟ ما الموقف الذي سوف تقفه؟ ماذا تفعل أتعطي أم لا تعطي؟ ترحم أم لا ترحم؟ "إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي"، تنصف أم لا تنصف؟ تقسو أم لا تقسو؟ فالبطولة أن تهيِّئ جواباً لمن يطَّلع عليك في سرَّك ونجواك، هذه البطولة.. ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ ترجو الجنَّة؟ إنها آتيةٌ، ترجو ثواب الله؟ إنَّك في الطريق إليه، ترجو ما عند الله من مكانةٍ وما عند الله من سعادةٍ؟ إنك في الطريق إليها..﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ هذا يوم الدين، يوم الواقعة..

﴿ الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)﴾

[ سورة الحاقَّة ]

في هذه السورة..

﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)﴾

[ سورة الحاقَّة ]

إلى آخر الآيات. 

 

إذا كنتَ على يقين بسمع الله وبصره فراقب أقوالك وأعمالك:


إذاً: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ .. إذاً أنت فاجتهد، فاجتهد في دعائك، واجتهد في تطهير قلبك، وتطهير نفسك، لأنه سميعٌ عليم، يسمع دعاءك، وعليمٌ بحالك، متكِّلم سميع، ساكت عليم، أي أنت محاصر..

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)﴾

[ سورة النساء  ]

تمهيد بين يدي الآية:



الآن ننتقل إلى قوله تعالى: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ .. الحقيقة أتمنَّى أن أُمَهِّدَ لهذه الآية تمهيداً ما.. ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ إذا صحَّت عقيدة الإنسان، أو عرف سرَّ وجوده، عرف لماذا هو في الدنيا، عرف طرفاً عن جلال الله وعظمته، عرف لماذا كانت الحياة، لماذا كان الكون، وكيف أن هذا الكون سُخِّرَ له، إذا عرف حقيقة الكون، والحياة، وحقيقة وجوده، فإنه ينطلق انطلاقاً صحيحاً، إذاً: أن تعرف سرَّ وجودك، وأن تعرف فلسفة الحياة، وكنْهَ الكون، هذا شيءٌ مقدَّمٌ على كل شيء، ليس هناك من مهمةٍ أعظم ولا أخطر في حياتك من أن تتعرَّف إلى الله، وإلى حقيقة الدنيا، وإلى سرِّ وجودك، إذا عرفت هذا تفهم أن الدنيا دار ابتلاء. 

مثلاً: المدرسة هل يُعْتَنى بأثاثها إلى درجة أن الإنسان إذا جلس على هذا الكرسي ينام؟ لا، كرسي عادي، لأن الهدف الأساسي من وجود الطالب في هذه المدرسة التَعَلُّم، إذاً المقعد طبيعي، عادي، المرافق عاديَّة، لكن هناك أماكن أخرى كالمتنزَّهات أماكن جميلة جداً. 

الطبيب مثلاً إذا كان في غرفة العمليَّات له ثياب قد تكون ليست لائقة ولا أنيقة، لأن هنا أهمّ ما في الأمر أن تكون هذه الثياب مُعَقَّمة، أهم ما في الأمر أن تكون الآلات معقَّمة أيضاً، لكن في بيته يرتدي ثياباً أخرى، فيجب أن تعرف هذه الدنيا ما سرُّ وجودك فيها؟ إنما هو الابتلاء.

 

الدنيا مُرَكَّبةً على بذل الجهد:


لذلك يقول ربنا عزَّ وجل: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ .. ما معنى جاهَدَ؟ جاهد بمعنى بذل الجهد، وتحمَّل المشقَّة، فيها شيء إيجابي، وشيء سلبي، تحمُّل المشقَّة والمتاعب والصعاب، هو جهاد، وبذل المال والنفس جهاد، في الجهاد بذلٌ، وفي الجهاد صبرٌ، إذاً ربنا عزَّ وجل يقول: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ .. كأن الله عزَّ وجل جعل الحياة الدنيا مُرَكَّبةً على بذل الجهد، الحياة الدنيا مُرَكَّبةٌ على بذل الجهد..

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)﴾

[  سورة الانشقاق  ]

الكدح بذل أقصى الجهد.. ﴿إلَى رَبِّكَ﴾ يوجد كدح إلى غير الله.. ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ﴾ من أجل المال، من أجل المكانة، من أجل المُتعة..﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ﴾ يجب أن ينتهي هذا الكَدْحُ إلى الله عزَّ وجل، أن يكون الله هو المقصود من هذا الكدح.. ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ(6)﴾ هذا الكدح لابدَّ من أن تلاقيه، إذاً طبيعة الحياة الدنيا طبيعة بذلٍ وجهدٍ وصبر، بذل الجهد، وتحمُّل المشاق، هذه طبيعة الحياة الدنيا، لذلك قالوا: الدنيا دار تكليف لا دار تشريف، الآخرة دار تشريف، الدنيا دار عمل، الآخرة دار جزاء، يجب أن تعرف فلسفة الدنيا، أنت هنا في بذل جهدٍ، إنَّ هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، لا تصفو لإنسان، لا تصفو لإنسان كائناً من كان، لا راحة لمؤمنٍ إلا بلقاء وجه ربِّه، إنَّ هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح ؛ يوجد أمراض، يوجد هموم، يوجد أحزان، يوجد متاعب، يوجد فقر، يوجد ضيق، يوجد شدّة، يوجد حزن، يوجد مصيبة، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، لأن الرخاء مؤَقَّت، والشقاء مؤقَّت، كله ماضٍ، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عِوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي. 

 

طبيعة الحياة الدنيا تقتضي أن يَتَكَبَّدَ الإنسان المشاق:


شيءٌ آخر؛ ربنا سبحانه وتعالى يقول في الآية الأولى التي قلتها قبل قليل: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ(6)﴾ ، الآية الثانية:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)﴾

[  سورة البلد  ]

أي أن طبيعة حياته، طبيعة الحياة الدنيا تقتضي أن يَتَكَبَّدَ الإنسان المشاق، فلمَّا يفهم الإنسان فلسفة الحياة الدنيا على أنها بذلٌ للجهد، وتحمُّلٌ للمشقَّة يتقبَّل فيها كل شيء، أما إذا فهم أنّ الحياة الدنيا راحة، واستمتاع، ورفاه، وإنفاق للمال، وتناول ما لذَّ وطاب من المأكولات، والاستمتاع بالمباهج حلالاً أو حراماً، فهذا شأن أهل الدنيا، هذا شأن البعيدين عن الله عزَّ وجل، هذا شأن الجُهَّال، يفهمون الدنيا على أنها مكانٌ للراحة، للاستجمام، للسرور، للنزهات، للولائم، للسياحة، للتمتُّع بمباهج الدنيا، هذا الفهم فهم خطير، أنت في دار عمل، أنت في دار ابتلاء، أنت في دار كَدْحٍ، أنت في دار تَكَبُّدٍ، أنت في دار جهادٍ، أما السرور، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ:

((  أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ. قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]. قال أبو مُعاويةَ، عن الأعمَشِ، عن أبي صالِحٍ: قرَأ أبو هُريرةَ: (قُرَّاتِ أعْيُنٍ)))

[ متفق عليه ]

الجزاء في الآخرة، التشريف في الآخرة، الاسترخاء في الآخرة، السرور في الآخرة، في جنَّةٍ لا نصب فيها، ولا حزن، ولا شقاء، ولا قلق، ولا مرض، ولا فاقة، ولا أي شيء. 

أردت من هذا التمهيد أن الإنسان إذا عرف أن سرَّ الحياة أساسه بذل الجهد، لذلك ما هو التكليف؟ التكليف شيءٌ فيه كُلْفَة، الله عزَّ وجل خلق الإنسان على طبعٍ، وجعل التكليف مُناقضاً له، فهذا الجسم يميل إلى الراحة، وأنت مُكَلَّفٌ أن تصلي، هذا الجسم يميل إلى أن يستمتع، وأنت مكلَّفٌ أن تغضَّ بصرك عن محارم الله، هذا الجسم يميل إلى اللذَّة، وقد تؤمر أن تدع أيَّةَ لذَّةٍ لا ترضي الله عزَّ وجل، فأي شيءٍ كلَّفك الله به مبنيٌّ على بذل الجهد، مبنيٌّ على الكُلْفَةِ، ولا ترقى إلى الله عزَّ وجل إلا إذا كان هذا الأمر فيه كلفةٌ عليك، لذلك أُمرت بغضِّ البصر، أُمرت بأداء الصلوات، أُمرت بالصيام، أُمرت بالحَج، أُمرت بكف اللسان عن الغيبة والنميمة، أوامر كثيرة مأمورٌ بها تتناقض مع طَبْعِكَ، هذا هو الجهاد بذل الجهد في طاعة الله عزَّ وجل، وتحمُّل الشدائد والمشاق.

 

معاني الجهاد:


كلكم يعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليعرفه، والحقيقة أن الجهاد ل معانٍ كثيرة: مثلاً: قال ربنا عزَّ وجل: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ ما معنى: ﴿جَاهَدُوا فِينَا﴾ أي بذلوا جهداً كبيراً كي يعرفونا، بذلوا جهداً كبيراً كي يستقيموا على أمرنا، بذلوا جهداً كبيراً كي ينفقوا من أموالهم في سبيل الله، إذاً يوجد جهد، هذا الجهد إذا كان في سبيل الله عزَّ وجل فالله سبحانه قال: ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ معنى ذلك أن السبيل إلى الله بذل الجهد، المجاهدة..﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.

 

أنواع الجهاد:

 

1 ـ جهاد العدو:

الحقيقة المجاهدة أنواع: من المجاهدة أن تجاهد العدو، يقول لك: الجهاد.   

2 ـ جهاد النفس والهوى:

ومن المجاهدة أن تجاهد النفس والهوى: رَجَعْنا مِن الجهادِ الأصغرِ إلى الجهادِ الأكبرِ، جهاد النفس والهوى. 

3 ـ  جهاد الشيطان والمغريات:

ومن المجاهدة أن تجاهد الشيطان والمُغْرِيَات، عندك مصدر إغراء: الشيطان والشهوات، ونفسك مصدر قَلِق مُقْلِق، والعدو، فإذا قلنا: الجهاد ؛ نعني به جهاد العدو، ونعني به جهاد النفس والهوى، ونعني به جهاد النفس ضدَّ الشيطان والشهوات. 

4 ـ جهاد طلب العلم:

والجهاد يكون بالبذل ويكون بالصبر، بذل المال جهاد، بذل الوقت جهاد. 

الإنسان إذا أتى إلى مسجدٍ ليتلقَّى درس علمٍ، ليتعرَّف إلى كتاب الله، إلى حديث رسول الله، إلى موضوعاتٍ في الفقه، إلى سُنَّة رسول الله، هذا جهاد لأنه بذل وقته، بذل وقته رخيصاً في سبيل معرفة الله عزَّ وجل. 

إذاً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ الجهاد أحياناً يكون ببذل المال، جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وفي آياتٍ كثيرة بدأ الله فيها بالمال، وثنَّى بالنفس، بدأ بالمال لأن بذل المال أهون على صاحبه من بذل النفس..

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(72)﴾

[  سورة الأنفال ]

صار معنى الجهاد فيه بذل وفيه تَحَمُّل، البذل إيجابي والتحمُّل سلبي، إذاً: معنى الجهاد الدقيق: "أن تبذل ما في وسعك وأن تتحمَّل المشاق قدر وسعك"، بذلٌ وتحمُّل.

 

من علامات المنافق كره بذل الجهد وتحمل المشقة:


إذا فهمنا الحياة الدنيا هكذا لا يعنينا الرفاه، والتَرَف، والسرف، وتهيئة الأمور بحيث تغدو مريحةً إلى درجةٍ ننسى فيها مهمَّتنا في الدنيا، نأكل، ونشرب، ونسكن، ونتزوَّج، ونعمل، ولكن بهدفٍ كبير دون أن تكون الدنيا هي محط رحالنا، ومنتهى آمالنا.

﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)﴾

[  سورة التوبة  ]

المنافق يكره بذل الجهد، يعطي نفسه ما تشتهي، ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ قال: عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ. ))

[ الترمذي : حكم المحدث : صحيح ]

 (( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ )) ربطها، ملكها، سيطر عليها، حملها على الطاعة، دفعها إلى مرضاة الله عزَّ وجل.. (( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ )) إذاً من علامات المنافقين أنهم يكرهون بذل الجهد، ويكرهون تحمُّل المشقَّة، فهو يريد الدين ثقافة فقط، معلوماتٍ، قصصاً، أما من دون انضباط، من دون غض بصر، من دون تحرير الدخل من الحرام، من دون حمل النفس على طاعة الله عزَّ وجل، يأخذ بكل الرخَص، والفقهاء قالوا: "من تصيَّد الرخص في المذاهب كلها فقد وقع في التلفيق" ، والتلفيق هو رقَّةٌ في الدين.

 

تعلُّمُ القرآن وتعليمُه من الجهاد:


﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)﴾

[  سورة الفرقان  ]

كلمة ( به) تعود على القرآن الكريم، أي فهم كتاب الله، حسن تلاوته، أن تتلوه حقَّ تلاوته، أن تفقه معانيه، أن تتدبَّر آياته، أن تعمل به، هذا جهاد، معك كتاب مقرَّر ؛ فيه آيات، فيه قصص، فيه وعد، فيه وعيد، فيه أخبار الأمم السالفة، فيه بِشارات، فيه تحذيرات، أن تقف على معاني هذا الكتاب، أن تفهمها، أن تعمل بها، أن تعيشها، أن تدعو إليها، أن تُلَقِّنَها للناس، أن تعلِّمها لغيرك، هذا جهاد، قال تعالى: ﴿فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ أي بالقرآن ﴿جِهَادًا كَبِيرًا﴾ ، إذاً إنفاق المال من الجهاد، تَحَمُّلِ المشقَّة من الجهاد، فهم كتاب الله وتعليمه للناس والعمل به من الجهاد.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)﴾

[ سورة المائدة ]

ما الوسيلة؟

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)﴾

[ سورة المائدة ]

أحياناً يأتي ما بعد الواو تفسيراً لما قبلها، ما الوسيلة؟ أن تجاهد في سبيل الله نفسك وهواك، إذاً: باللغة المُستعملة حديثاً ليست عربيَّة.. استراتيجية المؤمن في الحياة، مركز الثقل في الحياة عنده بذل الجهد، بينما أهل الدنيا أساس حياتهم التلقي، والراحة، والانغماس في الملذَّات، والاسترخاء، والاستمتاع بكل مباهج الدنيا، لذلك المؤمن حياته مجموعةٌ من المتاعب، المتاعب المقدَّسة في سبيل معرفة الله، في سبيل التعريف به، في سبيل التَقَرُّب إليه، في سبيل أخذ نفسِهِ بالعزائم، وحياة أهل الدنيا أساسها الراحة، والرفاهيَّة، والسرف، والترف، والانغماس في الملذَّات، لماذا كان العلم ضرورياً؟ من أجل أن تعرف سرَّ وجودك، فالمؤمن يعرف أن الله عزَّ وجل خلقه في الدنيا كي يعرفه..

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)﴾

[ سورة الطلاق  ]


  أواخر سور القرآن تلخيص للسورة:


أواخر السور؛ كما عوَّدنا ربنا سبحانه وتعالى فيها تلخيصٌ للسورة كلها، فسورة البقرة تنتهي بقوله تعالى:

﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)﴾

[ سورة البقرة  ]

أقول: مِن، من تفسيرات هذه الآية لأن القرآن الكريم حمَّال أوجه، ولا يستطيع إنسان على وجه الأرض أن يقول: هذه الآية هذا تفسيرها، هذا كلام الله، كلام الله لانهائي..

﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا(109)﴾

[  سورة الكهف  ]

فحينما تفسِّر، أو حينما تُدْلِي برأي في آيةٍ أو حديثٍ الأوْلى أن تقول: مِن، لأن من للتبعيض، من تفسيرات هذه الآية أن الله عزَّ وجل يقول: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ كلمة السماوات والأرض تعني الكون، والكون يعني ما سوى الله، كان الله ولم يكن معه شيء، الكون من خلق الله، فالكون ما سوى الله، لله هذه اللام لام الملكيَّة، ولكن إذا ملك الإنسان قد يملك ولا يحكم، وقد يحكم ولا يملك، قد يملك ولا ينتفع، هو مالكٌ بيتاً، ولكنَّه مؤجّر منذ ثلاثين سنة، وقد ينتفع ولا يملك، وقد يملك وينتفع، والمصير ليس له، عملت المحافظة تنظيماً فهدم البيت، قد يملك ولا يحكم، قد يملك ولا ينتفع، وقد ينتفع ولا يملك، وقد ينتفع ويملك، وليس له المصير.

 

الله تعالى هو المالك لكل شيء مُلْكَاً وتصرُّفاً ومصيراً:


لكن إذا قال الله عزَّ وجل: لِلَّهِ، أي هذا الكون مِلْكُهُ مُلْكَاً وتصرُّفاً ومصيراً، والملكيَّة تامَّة، والتصرُّف تام، والمصير لله عزَّ وجل، ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني قال: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ نحن في الدنيا إذا شعر الإنسان بآلامٍ في أمعائه، فإذا سكت فالطبيب لا يعلم، أما إذا أبدى هذه الآلام للطبيب فالطبيب قد يعالجها، وقد لا يعالجها، قد يستطيع وقد لا يستطيع، وقد يبدي وقد لا يُبدي، لكن أحياناً بالعناية المشدَّدة يكون القلب موصولاً بجهاز التخطيط الإلكتروني، وتجد أن التخطيط مستمر، والنبض مستمر، والضغط مستمر، فالمريض إن تكلَّم أو لم يتكلَّم الطبيب يعرف مستوى تخطيطه، ونبضه، وضغطه، فسواءٌ كلام المريض أو سكوته هو بالعناية المشدَّدة، أما بالعناية غير المشدَّدة فإذا تكلم نعالجه، وقد نستطيع، وقد لا نستطيع، إذا سكت لا أحد يعرف ما به، فربنا عزَّ وجل يقول: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ أي أن السماوات والأرض ومن فيها، وما فيها، ومن عليها، ومن تحتها، ومن وسطها، ومن فوقها..﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ﴾ إذا كان هناك خلل، إذا كان هناك مرض، إذا كان هناك انحراف، إذا كان هناك شهوة، إذا كان هناك إصرار، إذا كان هناك كِبر، إذا كان هناك شِرك، إذا كان هناك استعلاء، إذا كان هناك خلل، إذا كان هناك ضَغَن، إذا كان هناك دَرَن، إذا كان هناك قصور، إن أعلنت أو سكت، إن أبديت أو أخفيت، إن أسررت أو أعلنت، إن تكلَّمت أو سكت..﴿يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ تشبيه بسيط جداً، كهذا المريض في العناية المشدَّدة، الطبيب عينه على التخطيط، وعينه على الضغط، وعلى النبض، فالمريض لم يعد لكلامه قيمة إطلاقاً، إن قال: أنا مرتاح والنبض مئة وثمانون، كيف أنت مرتاح؟ إذا قال: أنا ضغطي نازل، وضغطه ثلاثة وعشرون، فكلامه لم يعد له معنى، فأنت كمؤمن أنت في العناية المشدَّدة، إن أردت تتكلَّم أو تظل ساكتاً، تبدي أو تخفي، تعلن أو تكتم، كله سواء.. ﴿يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه﴾ .

 

العلاج الإلهي:


البطولة هناك طريقان للشفاء، كيف أن في الطب أيضاً طريقين: طريق المعالجة السريريَّة، وطريق العمل الجراحي، إذا انتبه أحد لنفسه في الوقت المناسب، وكان عنده رغبة صادقة في الشفاء قد يعالج علاجاً لطيفاً من دون إزعاج، من دون فتح بطن، من دون تخدير عام، من دون أن يسيل الدم، من دون أن يشعر بآلام ممضة، فإذا أصرَّ على خطئه، أصرَّ على ضلاله، على انحرافه، يأتي العلاج الجراحي، أي إذا خالف الإنسان، عصى، قصَّر، فعل شيئاً لا يرضي الله عزَّ وجل، إما أن يستغفر، ويتوب، ويصلح، ويقبل حتى يَطْهُر، وإما أن ينتظر العلاج الإلهي، وربنا عزَّ وجل علاجه دقيق، وعلاجه صعب أحياناً، ومصيبته مصيبة، إذا أصاب الله الإنسان بشيء، فالله سمَّاها مصيبة، لأنها تصيب الهدف تماماً. 

هذه الآية سبحان الله تلخيص لسورة البقرة: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ إذا صار هناك ندم، وصار هناك توبة نصوحة، وصار هناك تراجع، وصار هناك إصلاح، وصار هناك إقبال، وصار هناك إقلاع، وعزيمة.. ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ صار العلاج سريريًا، حبتان، حمية بسيطة، انتهى الأمر ؛ أما إذا أصرَّ الإنسان على خطئه صار العمل الجراحي، ساعتها الله عزَّ وجل يُضَيِّق عليه، يتوب عليه ليتوب، معنى يتوب عليه ليتوب أي يحمله على التوبة، أي يسوق له من الشدائد ما يحمله بهذه الشدائد على التوبة، فإذا تابَ تاب عليه، توبة الله قبل توبة العبد لها معنى، وبعد توبة العبد لها معنى، قبل توبة العبد أن يحمله الله على التوبة، وبعد توبة العبد يكون قبول التوبة، هذه الآية كلَّما قرأناها نتذكَّر المعنى..﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ ما في السماوات والأرض مُلْكٌ لله، مُلْكَاً تاماً وتصرُّفاً ومصيراً.. ﴿وَإِنْ تُبْدُوا﴾ أيها البشر.. ﴿مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ أنت في العناية المشدَّدة نفسك مكشوفة عند الله، أحوالك، أقوالك، مشاعرك، صراعاتك، طموحاتك، تمنيَّاتك، نواياك كلَّه مكشوف، أنت مكشوف عند الله عزَّ وجل..﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ لأنك في العناية المشدَّدة..﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ أنت مخيَّر، تحب العلاج الأسهل؟ العلاج السريري؟ تناول الحبوب؟ تناول الأدوية؟ حِمْيَة بسيطة؟ كله ممكن، أما إن كنت لا تريد فأمامك عمل جراحي، يوجد ذلّ، الله عزَّ وجل عنده عذاب مهين، وعنده عذاب عظيم، وعنده عذاب أليم، وأحياناً يجمع عذابين بآنٍ واحد، عنده قلق، الإنسان أحياناً يقلق، يخوِّفه، فتجد قلبه فارغاً، أحيانا يَدب في قلبه الانقباض، تجد أنه متضايق ؛ يشعر بانقباض، وخوف، وقلق، وحزن، واختلال توازن، وشعور بالفقر دائماً بالحرمان، ويوجد آلام بالجسد، وأمراض وبيلة، ومضايقات خارجيَّة، وهناك مواقف مهينة، فإذا لم يقبل الإنسان بالإقلاع، والندم، والإقبال، والاستغفار، والاتصال بالله، فهناك علاجات لكنَّها مُرَّة، فالبطل الذي يأتي طوعاً في الوقت المناسب. 

 

من لوازم أهل العلم أنهم يشهدون للخلق أن الله عادل:


هناك آية ثانية:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18)﴾

[  سورة آل عمران ]

فربنا عزَّ وجل جعل من لوازم أهل العلم أنهم يشهدون للخلق أن الله قائمٌ بالقسط أي عادل، فأية قصَّةٍ، أو أي تفسيرٍ، أو أي توجيهٍ، أو أي حديثٍ، أو أية دعوةٍ، أو أية نظريَّةٍ، أو أية فكرةٍ، أو أية مبدأٍ يوحي بأن الله ليس بعادل فهذا باطلٌ في باطل، وهذا المتكلِّم جاهل بشهادة ربنا عزَّ وجل..﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ ..

﴿  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾

[  سورة الزلزلة  ]

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)﴾

[  سورة النساء  ]

الفتيل: خيط في نواة التمر..

﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)﴾

[ سورة النساء  ]

﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)﴾

[  سورة غافر  ]

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ كلُّها آيات قطعيَّة الدلالة، فلذلك أية قصَّة تسمعها خلاف هذه الآيات ارفضها، وإن لم ترفضها قل كما أقول لك، قل: هذه القصَّة أسمعْتني منها فصلاً، هذا الفصل لا يكفي كي نحكم على أصحابها، إن لم نسمع فصولها كلَّها لسنا مُؤَهَّلين أن نحكم على أصحابها، هذا ردّ لطيف، أما توجد قصص مفادها أن الله ظالم، مفادها أن الله عزَّ وجل يعذب المستقيم ؛ بينما المنحرف قوي، وفي نعمة، هكذا، هذا كلام مؤدَّاه أنه لا توجد حكمة إلهيَّة، فلذلك الله عزَّ وجل قال:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18)﴾

[  سورة آل عمران ]

 

شرح كيفية صلاة التسابيح:


ورد في الأثر أنه: "من أحيا ليلتي العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب". فمن إحياء ليلة القدر صلاة التَهَجُّد، وقد صليناها بحمد الله عزَّ وجل، ومن إحياء ليلة العيد صلاة التسابيح.

صلاة التسابيح عبارة عن ثلاثمئة تسبيحة يجب أن نقولها في أربع ركعات، التسبيحات هي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، نبدأ بعد تكبيرة الإحرام بدعاء الاستفتاح، سبحانك اللهمَّ وبحمدك، ونعد خمس عشرة مرَّة سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويمكن للشخص بأصابعه أن يعد خمس عشرة مرَّة، وبعدها يقرأ الإمام الفاتحة، وما تيسَّر من القرآن، ونرجع نعد كذلك عشراً، بالركوع عشراً فصار العدد خمساً وثلاثين، وعند كل حركة عشر، أي في كل ركعة خمس وسبعون مرَّة. 

 

تفسير الباقيات الصالحات:


الله عزَّ وجل قال: 

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)﴾

[ سورة الكهف ]

في بعض التفاسير الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أما المال فقد يكون معك ألف مليون، ولكن (سبحان الله) أفضل.

في تفسير الآية إذا قلت: سبحان الله! أي سبَّحت الله، أي نزَّهته، ومجَّدته، هذه سبحان الله، والحمد لله حمدته، ولا إله إلا الله وحدَّته، والله أكبر كبَّرته، إذا سبَّحته وحَمِدته ووحدته، وكبرته فقد عرفته، وإذا عرفته هذه المعرفة أفادتك إلى أبد الآبدين، أما المال والبنون فينتهيان بموت الإنسان. فالآية جميلة المعنى جداً ﴿المَالُ وَالبَنُونَ﴾ ، لكن موضوع أن القراءة الشكليَّة الجافة الجوفاء ليس لها معنى، الإسلام لم يكن هكذا، إذا قلت: سبحان الله! يجب أن تسبِّح نفسك بعظمة الله عزَّ وجل، لا إله إلا الله ألا ترى مع الله إلهاً، الله أكبر مهما عرفت عن عظمته فهو أكبر، فإذا عاين الإنسان، وحاول أن يتأمَّل في معاني هذه التسبيحات، والتهليلات، والتكبيرات ينبغي أن يعانيها لكي تحقق التسابيح معناها، والهدف الذي نرجوه من ورائها.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور