وضع داكن
26-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 127 - إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ، ولا زلنا في باب الدعاء ، والموضوع اليوم الترهيب من استبطاء الإجابة وقول الداعي دعوت فلم يستجب لي ، وهذه نغمة نسمعها كثيراً ، خطباء المساجد والوعاظ وجميع المسلمين يدعون ربهم بإهلاك أعدائهم ، أعدائهم يزدادون قوة والمسلمون يزدادون ضعفاً ، فضعيف الإيمان يقول: أين الله ؟ لما لم يستجب لنا ؟ الحقيقة أن الاستجابة تحكمها قوانين ، وهذه القوانين أدرجت في قوله تعالى:

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾

(سورة البقرة)

 إذا دعاني مخلصاً وواثقاً وموحداً وحقيقة ، إذا كان قد قطع أمله ممن سواي ، لكن بعض الناس يدعو الله وهو معلق بزيد أو عبيد وفلان أو علان ، بعض الناس يدعون الله عز وجل وليسوا واثقين من الإجابة ، وبعض الناس يدعون الله من دون إخلاص.

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾

 دعاني حقيقة ومخلصاً وواثقاً إذا كان مؤمناً بقدرتي وبحكمتي وبرحمتي وبعدلي.

 

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)﴾

(سورة المائدة).

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾

(سورة غافر)

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾

(سورة غافر)

﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)﴾

(سورة الأعراف)

 إذا اعتديتم على بعضكم بعضاً فالله لا يستجيب لكم ، فالذي مأكله ومشربه وغذي بالحرام وقد يبني غناه على إفقار الناس ومجده على إتلاف الناس وأمنه على إخافة الناس وقد يبني سعادته على شقاء الناس.
 سمعت اليوم خبر في الإذاعة يلفت النظر قال: القاعدة الفلانية في تركيا فيها نشاط غير معقول لأنها بعد حين سوف تكون أساس انطلاق القوات في ضرب العراق ، فهناك نشاط واستنفار كبير ، لا بأس ! لكن الذي يلفت النظر أن هؤلاء الضباط والجنود ويزيدون عن مائة ألف مشغولون بالاستعداد لقصف العراق ، نسائهم مهتمات بقضايا إنسانية ما هي هذه القضايا؟ قال: يتدربن على الرقص الشرقي ، لذلك ثياب الرقص الشرقي افتقدت من أسواق أضنا لأن هؤلاء النسوة اللواتي يقمن بأعمال إنسانية وهي التدريب على الرقص الشرقي ألا تعتقدون أنه لا بد من يوم آخر تسوى فيه الحسابات ؟ أناس يقتلون ويذبحون وتهدم بيوتهم وتجرف أراضيهم وتطمر آبارهم ما الذي يفعلونه ؟ إفقار لأقصى درجة ، فلذلك المعتدي لا يستجاب له، فإذا كنا نعتدي على بعضنا بعضاً ونفتري على بعضنا ، ونتجنى على بعضنا بعضاً أنى يستجيب الله لنا لينصرنا على أعدائنا !
 أيها الأخوة: النبي عليه الصلاة والسلام حينما أرسل عبد الله بن رواحة إلى اليهود ليقيم تمر خيبر أغروه بحلي نسائهم قال: جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم عندي أبغض من القردة والخنازير ومع ذلك لن أحيف عليكم ، فقالت اليهود بهذا قامت السماوات والأرض وبهذا غلبتمونا ، فإن كنت معتدياً أو ظالماً أو كان في مالك حرمة وحقوق معلقة بذمتك لم تؤدى واجبات أنت مقصر فيها.

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ..... يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ))

 

(صحيح مسلم)

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾

 إذا دعاني مخلصاً وواثقاً وموحداً وحقيقة ومن أعماق قلبه وهو واثق من قدرتي وعلمي ورحمتي وحكمي وعدلي قال:

 

﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾

 فليطيعوني بعد أن يؤمنوا بي طبعاً.

 

 

﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾

 لذلك هذه السذاجة التي عند المسلمين: اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك ، هل أزلتم المنكرات ؟ هل تصدقون في دمشق مائة ألف بيت دعارة ؟ ! هل أزيلت المنكرات وهل أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ؟ هل أقيمت حدود الله عز وجل ؟
فلذلك:

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ))

 

(صحيح مسلم)

 أيعقل أن يقول ابن لأبيه يا أبت أعطني شفرة لأذبح بها أخي ؟ ! أيستجيب له مستحيل ! لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي ))

 

(صحيح البخاري)

 أيضاً لا يستجاب له ، لست أنت من يقرر متى يستجيب لك أنت عبد تدعو الله وانتهى الأمر ، عليك أن تدعوه وتسعى وليس عليك إدراك النجاح.
الحديث الأول:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي ))

 إخواننا الكرام: الله عز وجل إرادته مطلقة ، نحن عبيد والعبد عبد والرب رب لا تقترح على الله وقتاً للنصر ووقتاً للفرج ، عليك أن تكون في طاعة الله ، عليك أن تؤدي ما عليك وتنتظر من الله ما هو لك ، وأن تكون في خدمة الحق ومخلصاً لله عز وجل ، ولكن العلماء قالوا: هناك استثناءان من شروط الدعاء: المظلوم قد يستجيب الله له ولو لم تتوافر فيه أهلية الدعاء ويكون هذا بعدله ، والمضطر قد يستجيب الله له لو لم تتوافر فيه أهلية الدعاء برحمته.
فلذلك الدعاء مخ العبادة وهو العبادة ، وقد قال الله عز وجل:

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾

 

(سورة الفرقان)

 لو أنكم لا تدعون الله ما عبأ بكم الله ، لأن العبادة كلها في حقيقتها دعاء أرأيت إلى إنسان يسأل إنسان غير موجود ؟ يكون موجود ، فأنت حينما تدعو الله أنت واثق أنه موجود وهذا إيمان بالله وأنه يسمعك لأنه سميع بصير وأنه على كل شيء قدير ، وترون آيات في الواقع البشري.

بعضهم قالوا: لله رجال إذا أرادوا أراد أي هم مستجابوا الدعوة ، أنت بالدعاء أقوى إنسان في الأرض ،هذه الباخرة التي قالوا عنها إنها لا تغرق ولا يستطيع القدر أن يغرقها غرقت في أول رحلة التايتانيك ، والمركبة الفضائية أسموها المتحدي بعد سبعين ثانية أصبحت كتلة من اللهب وهذان البناءان الضخمان في نيويورك مركزا التجارة العالمية أحد إخواننا الكرام يمكن هو معنا أطلعني على بروشور على البناءين مكتوب إذا وصلت للطابق الأخير يرجى عدم لمس النجوم ! تحدي أننا وصلنا للسماء !
العزة إزاري والعظمة ردائي فمن نازعني شيء منهما
أذقته عذابي ولا أبالي
 فكن مع الله ترى الله معك ، حسبك أن تكون طائعاً لله ، ومتواضعاً لله ووقافاً عند كتاب الله ، ومحسناً أنت المنتصر ، ولو لم ينتصر مجموع المسلمين ، حينما يراك الله قائماً بأمر الله آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر داعياً لله أنت منتصر مبدئياً ، أما النصر الذي نتمناه جميعاً هذا بيد الله ، يؤتيه من يشاء وبالقوة وفي المكان وبالطريقة التي يشاء ، من منكم يصدق أن هذه الكتلة العملاقة الشرقية التي كانت من أكبر القوى في الأرض والتي تملك ما يدمر خمس قارات خمس مرات أين هي الآن ؟ من دون حرب تداعت من الداخل ونرجو الله أن يوقع بالطرف الآخر ما وقع بالطرف الأول ، لكن عليكم أن تؤمنوا بالله ولا تستعجلوا ، الله عز وجل يقوي الكافر لحكمة يريدها يتغضرس ويتكبر ويقتل ويدمر ويذل إلى أن يأخذ أبعاده ثم ينتقم الله منه ، فنحن كان دورنا بالامتحان الأول وقت قوة الكافر واستعلائه حتى يقول ضعيف الإيمان أين الله ، ثم يظهر آياته حتى يقول الملحد: لا إله إلا الله

إخفاء الصور