وضع داكن
02-06-2025
Logo
مدارج السالكين - الدرس : 038 - الإنابة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

  منزلة الإنابة:


أيها الإخوة الأكارم؛ مع الدرس الثامن والثلاثين من دروس مدارج السالكين، في منازِلِ إيّاكَ نعبدُ وإيّاكّ نستعين.
منزِلةُ من أدقِّ المنازل وردت فيها آياتٌ كثيرة، وفي المناسبة أنَّ هذه المنازل هيَ في الحقيقة تفسيرٌ لكتابِ اللهِ عزّ وجل، ولكن ليسَ أساسُهُ الآيات المُتتابعة، ولكن أساسُهُ الآياتُ ذات الموضوع الواحد، ففي القرآن الكريم آياتٌ كثيرة تتحدثُ عن الإنابة، من هذه الآياتِ مثلاً: 

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)﴾

[ سورة الزمر ]

أمرٌ إلهيٌّ يقتضي الوجوب: 

﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75)﴾

[ سورة هود ]

هذه آية ثانية، قال تعالى:

﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)﴾

[ سورة ق ]

وفي نهاية الآية يقول الله عز وجل: 

﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)﴾

[ سورة ق ]

وصِفَ النبي الكريم سيدنا إبراهيم بأنهُ حليمٌ أواهٌ مُنيب، جاءَ أمرٌ إلهي ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾ وُصِفَ العبدُ الذي يتأثرُ بآيات اللهِ الدالةِ على عَظَمتهِ بأنهُ عبدٌ مُنيب.
آيةٌ رابعة: 

﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)﴾

[ سورة غافر ]

ووصفَ اللهُ عزّ وجل عِبادهُ الصالحين بأنهم:

﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)﴾

[ سورة الروم ]

إذاً هُناك منزِلة في القرآن الكريم يمكن أن نُسميّها منزِلةَ الإنابة.
 

منزلة الإنابة تعني شيئين:


ما معنى هذه المنزِلة؟ بعضُهم قال: إنَّ هذه المنزِلة تعني شيئين، لأنَّ هُناكَ إنابتين، إنابةٌ لربوبيته، وإنابةٌ لألوهيته. 

1-إنابة الربوبية:

الإنابةُ للربوبيّة إنابةٌ عامّة، فكُلُّ الخلق على اختلافِ أجناسِهم وأديانِهم ومِللهِم ونِحلِهم واتجاهاتِهم، مؤمنهم وكافرهم، فاسقهم وطائعهم منيبونَ إلى الله حينما تأتي الشِّدّة، راكب طائرة، دخلت في سحابة مُكهربة، صار إمكان وقوعك كبيراً، راكب سفينة، واجهت مُشكلة، التحليل أظهر خللاً خطيراً في تركيب الدم، الصور الشُّعاعية أظهرت خللاً في الخلايا، حينما تأتي المُصيبة جسمية أو مادية أو معنوية، في المالِ، في الولدِ، في الأهلِ، حينما يلوحُ شبحُ المصائب، كُلُّ الخلق من دونِ استثناء-كما قُلتُ قبلَ قليل-مؤمنهم وكافِرهم، عالِمُهم وجاهِلُهم، من كُلِّ الأجناس، من كُلِّ المِلل، من كُلِّ النِّحل مُنيبونَ إلى الله، ولكن والله هذه الإنابة بحسب ضعفِ الإنسان، بحسب افتقارِهِ إلى الله، بحسبِ أنهُ مقهور، بحسبِ أنهُ مُضطر، ولكن هذه الإنابة لا ترتقي بِكَ إلى الله، طبعاً الدليل على الأولى:

﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)﴾

[ سورة الروم ]

الناس جميعاً، أي حينما تأتي المُصيبة، وتنطلق إلى اللهِ عزّ وجل، هذا ليسَ لكَ فيهِ فضلٌ إطلاقاً، هذه طبيعةُ الإنسان، هذه جِبلّته، هذه فِطرَتُهُ، هذا ضعفُهُ، هذا افتقارُهُ، هذا اضطرارُهُ، هذا قهرُهُ، أيُّ إنسان، لذلك ربُنا عزّ وجل قال: 

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)﴾

[ سورة النجم ]

الله عزّ وجل طبعاً من قدرتِهِ-وهذا الشيء بسيط جداً-أنهُ يجعلُ أشدّ الرِجالِ جَلَداً تنهارُ أعصابُهُ ويجهَشُ بالبُكاء، طبعاً أن ترى طِفلاً يبكي شيء مألوف، أن ترى امرأةً تبكي شيء مألوف، أما أن ترى رجُلاً شديداً عتيداً جَلداً تنهارُ أعصابُهُ ويُجهِشُ بالبُكاء!! معنى ذلك أنَّ اللهَ عزّ وجل حينما يُؤدِّبُ الإنسان يعرِفُ كيفَ يؤدّبُهُ، فإذا الإنسان ضحك، وكان مَرِحاً، وانطلق لسانهُ بطُرَف مثلاً وهوَ بينَ أهلِهِ، بينَ أصدقائِه، في عملِه، مع شركائِهِ، هذا من فضلُ اللهِ أنَّ اللهَ سلّمَه، وعافاه، ويسّر له أُموره، وإلا فأيُّ خبرٍ مُزعج يقلِبُ حياةَ الإنسانِ جحيماً، إذاً هذه الإنابة ليسَ لنا فيها فضلٌ إطلاقاً، هذه من جِبلّتِنا، من ضعفِنا، من قهرِنا، من افتقارِنا، من هلعِنا، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)﴾

[ سورة المعارج ]

قُلتُ لكم من قبل: إنَّ طائرةً يركَبُها خُبراء من بِلادٍ لا تؤمنُ باللهِ إطلاقاً، أي لا تؤمنُ بوجودِ اللهِ إطلاقاً، دخلت هذه الطائرة في سحابةِ مُكهربةٍ، وبدا لرُكابِها أنها على وشك السقوط، حدثني من كانَ في الطائرة أنَّ هؤلاءِ الذينَ يُلحِدونَ في ذاتِ اللهِ وفي آياتهِ صـاروا يرفعونَ أيديهم إلى السماء، يا رب، يا رب، بلُغاتهم طبعاً؛ أينَ إلحادُهم؟ أينَ عِلمانيتُهم؟ أينَ إنكارُهم؟ أينَ كُفرُهم؟ أعتقد أنَّ كلكم قرأَ في القرآن آيات كثيرة، كيفَ أنَّ اللهَ عزّ وجل يستدرج الكافر أحياناً إلى سفينة، فإذا ماجَ البحرُ واضطرب: 

﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)﴾

[ سورة يونس ]

فحينما تأتي مُشكلة وتلجأ إلى الله عزّ وجل، لا أُقللُ من قيمةِ هذا اللجوء، ولكن أُبلغـكَ أنَّ هذا اللجوء لا فضلَ لكَ بِهِ، لأنَّ هذه طبيعَتُكَ، وهذا افتِقارُكَ. 

2-إنابة الألوهية:

لكن البطولةَ أن تُنيبَ إليه إنابةَ الألوهيّة، وقد تحدّثتُ في درسٍ سابق كيفَ أن الإلهَ الذي يستحّق العِبادة، الذي خَلَقَكَ يستحّقُ أن تَعبُدهُ فهوَ الإله، والذي رَزَقَك يستحق أن تَعبُدهُ فهوَ الإله، والذي أعطاكَ السمعَ والبصرَ والفؤادَ يستحق أن تَعبُدهُ فهوَ الإله، والذي مَنَحَكَ الأهلَ والأولاد يستحق أن تَعبُدهُ فهوَ الإله، والذي تفضّلَ عليكَ بنِعمةِ الهِدايةِ هوَ الإله، إذاً لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، أنتَ حينما تنطلِقُ إلى اللهِ عزّ وجل من قناعات، من مُبادرَة، تنطَلِقُ ابتداءً إلى اللهِ عزّ وجل، وأنتَ في رَخاء، وأنتَ في بحبوحَة، فهذه هيَ البطولة، هذه هيَ الإنابةُ التي يُريدُها اللهُ عزّ وجل، أن تُنيبَ إليه إنابةَ حُبّ لا إنابةَ قهر، إنابةَ اشتياق لا إنابةَ اضطرار، إنابةَ اقتناع لا إنابةَ إجبار، لذلك قالوا: الإنابةُ إنابتان، إنابةٌ لربوبيته، يشتَرِكُ فيها المؤمن والكافر، البرُّ والفاجر، ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ لكن الإنابةَ البطوليّة هيَ إنابةٌ لألوهيته، وإنابةُ الألوهية أي أن تعبُدهُ بعدَ أن تؤمنَ بهِ، أن تعبُدهُ وأنتَ مُحبٌّ لهُ، أن تعبُدَهُ وأنتَ ترجوهُ، أن تعبُدَهُ وأنتَ راغبٌ فيما عِندهُ، من دونِ اضطرارٍ، من دونِ ضغطٍ، من دونِ إكراهٍ، من دونِ خوفٍ، لأن هذا الذي يُنيبُ إلى الله عِندَ الشِّدّة، من لوازم هذه الإنابة أنها إذا رُفِعت الشِّدّةَ عادَ إلى ما كانَ عليه.
أعِرفُ أُناساً كثيرين حينما جاءتهم أزمة في بعضِ أعضائِهم الخطيرة أنابوا إلى الله، فلمّا تحسّنَ وضعُهم، وانزاحت عنهم هذه الآلام، وأظهرت النتائج المخبرية أنهم في صحةٍ جيدة، عادوا إلى ما كانوا عليه من فِسقٍ وفجورٍ وانحرافٍ وطغيانٍ واستكبار، إذاً الإنابة التي تأتي عِندَ الاضطرار سُرعانَ ما تنزاحُ عِندَ الرخاء، إذاً لا قيمةَ لها، والدليل: ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ لكن روعة الآية أنَّ فريقاً منهم، معناها هُناكَ أُناسٌ حينما تأتيهم الشِّدّة، وينيبونَ إلى الله، يستفيدونَ من هذه الشِّدّة، وتكونُ إنابتُهم إلى اللهِ عزّ وجل مستمرة، والدليل: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ .
 

خصائص الإنابة:


الإنابة قالوا: من خصائصها أربع خصائص: 

1-أن تكون الإنابة أساسها المحبة:

الخصيصةُ الأولى أن تكونَ الإنابةُ أساسُها المحبة، أي دائماً نتحدثُ عن العبوديةِ للهِ عزّ وجل، العبودية من الداخل حُبّ، ومن الخارج انصياعٌ إلى اللهِ عزّ وجل، في أدقِّ تعاريف العبوديّة: غايةُ الخضوع للأمرِ والنهيِ، وغايةُ الحُب، خضوعٌ في الأعضاءِ والجوارح، وحُبٌّ في القلب، فإذا اجتمعَ الحبُ في القلب، الحُبُّ مع الإخلاص، والخضوعُ والاستسلام لأمر اللهِ عزّ وجل فهذه هيَ العبودية، وهذا الذي قالهُ اللهُ عزّ وجل: 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

أي أنتَ في أعلى درجاتِك، وفي أفضلِ حالاتِك، وفي أعلى مراتِبِك عبدٌ للهِ عزّ وجل، قلبُكَ مُفعمٌ بالحُب، وجوارِحُكَ وأعضاؤكَ مُنساقةٌ إلى طاعته، إذا كُنتَ كذلك فأنتَ من عِباد الله الصالحين، فأنتَ من عِبادِ الرحمن، قال تعالى:

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)﴾

[ سورة الفرقان ]

فالأمرُ الأولُ في الإنابةِ هوَ الحُبّ.  

2-الخضوع:

الأمرُ الثاني في الإنابةِ هوَ الخضوع، كما قُلتُ قبلَ قليل. 

3- الإقبال على الله:

الأمرُ الثالِثُ في الإنابةِ الإقبالُ على الله، الفرق بين الحُب والإقبال؛ الإقبال بالعبادات، بالأدعية، بالأذكار، بالتذكير أحياناً، بتلاوة القرآن، يوجد عندنا حُبّ وخضوع وإقبال على الله عزّ وجل. 

4-الإعراض عما سواه:

العُنصر الرابع: والإعراضُ عمّا سِواه، أُناسٌ منحرِفون، شهواتٌ دنيئة، أماكن موبوءة، أيُّ شيء يُبعدُكَ عن اللهِ عزّ وجل تُعرِضُ عنهُ، أي في النهاية هُناكَ في الكونِ حقيقةٌ واحدة وهيَ الله، فأيُّ شيء يُقرّبُكَ إليه تُبادر إليه، وأيُّ شيء يُبعِدُكَ عنهُ تبتعد عنه، هذا اللقاء، هذه النزهة، هذه العلاقة، هذه الشَّرِكة، إن أبعدتكَ عن اللهِ عزّ وجل أعرضتَ عنها، وإن قرّبتكَ إلى اللهِ أقبلتَ عليها، هذا هوَ مُلخّصُ المُلخّص، حينما ترى شيئاً يُقرّبُكَ إلى اللهِ عزّ وجل تنطلِقُ إليه، وحينما ترى شيئاً يُبعِدُكَ عن اللهِ عزّ وجل تجتنبهُ، فالحُبُّ في القلب، والخضوعُ في الجوارحِ والأعضاء، والإقبالُ على الله، والإعراضُ عمّا سِواه، هذا هوَ المُنيب.
 

تعريف الإنابة لغة واصطلاحاً:


باللغة الإنابة: الإسراع والتقدم، أي أنابَ إلى الله غيرَ رَجَع، ممكن أن تنطلق من البيت، ثم تذكُرُ شيئاً في البيت فتعودُ إلى البيت الهوينى، ولكنَّ الإنابة من معانيها الدقيقة العودةُ  بِسُرعةٍ إلى اللهِ عزّ وجل، المسارعةُ إلى الله، لذلك كان سيدنا عُمر كما يقولون وقّافاً عِندَ كِتابِ الله، المؤمنُ مذنِبٌ مُفتتنٌ توّاب، كثيرُ التوبةِ، كثيرُ الإنابةِ، يعودُ مباشرةً، أي مثلاً: وقعَ في ذنبٍ مساءً ما آوى إلى فِراشِهِ إلا وهوَ تائبٌ مِنه، هذه الإنابة، أمّا الذي يقعُ في الذنب، ويتوبُ إلى اللهِ بعدَ أسبوع، أو بعدَ أسبوعين، أو بعدَ شهرٍ، أو شهرين، ليست هذه هيَ الإنابة، الإنابة هيَ المُسارَعةُ إلى اللهِ عزّ وجل، المُسرِعُ إلى مرضاتِه، الراجعُ إليه في كُلِّ وقت، المتقدّمُ إلى محابّهِ، المُبتَعِدُ عن مُسخِطاتِهِ.
الحقيقة قد يسألُ سائل ما علاقةُ التوبةِ بالإنابة؟ أنتَ تُبتَ إلى الله، ولكن الإنابة التوبة المُستمرّة، الرجوع المستمر إلى الله عزّ وجل، فقال العُلماء: الإنابةُ الرجوعُ إلى الحقِّ إصلاحاً كما رَجَعتَ إليهِ اعتذاراً، وأن ترجِعَ إلى الحقِّ وفاءً كما رَجَعتَ إليهِ عهداً، وأن ترجَعَ إلى الحقِّ حالاً كما رَجَعتَ إليهِ مقالاً، ما تفصيلُ هذه التعاريف؟ 
أولاً: الإنسان حينما يتوبُ إلى اللهِ عزّ وجل يُقلِعُ عن كُلِّ ذنبٍ اقترفه، لكن يا تُرى هل يكفي أن أستقمَ على أمرِ الله أم الإنابةُ الحقيقيةُ أن أُبادِرَ إلى الأعمال الصالحة؟ الاستقامة من طبيعتها أنها سلبيّة، تركت إطلاقَ البصرِ إلى النِّساء، تركت أكلَ المالِ الحرام، تركت الغيبةَ، تركت النميمة، تركت، تركت، الاستقامة أساسُها سلبيّ، لكن ألا ينبغي أن تعودَ إلى اللهِ عزّ وجل لتدعو إلى الله؟ أن تعودَ إليهِ مُصلِحاً بعدَ أن عُدّتَ إليهِ تائِباً، عُدتَ إليهِ تائباً والآن تعودُ إليهِ مُصلِحاً، أي الإصلاح فيهِ إيجابيّات؛ أي ماذا قدّمتَ ليوم القيامة؟ ما العملُ الذي ترجو اللهَ أن يقبَلَهُ مِنك؟ ما العملُ الذي تُعلّقُ عليهِ أهميةً في عودَتِكَ إلى اللهِ عزّ وجل؟ كما قالَ النبي عليه الصلاة والسلام:

(( عن ابن الخصاصية: أَتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُبايِعَهُ على الإسلامِ، فاشْتَرَطَ عَلَيَّ: تَشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، وتُصلِّي الخَمْسَ، وتَصومُ رمضانَ، وتُؤدِّي الزَّكاةَ، وتَحُجُّ البيتَ، وتُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أمَّا اثنتانِ فلا أُطيقُهُما؛ أمَّا الزَّكاةُ فمالي إلَّا عَشْرُ ذَوْدٍ ، هُنَّ رُسُلُ أَهْلي وحَمولَتُهُم، وأمَّا الجهادُ فيَزعُمونَ أنَّه مَنْ وَلَّى؛ فقد باءَ بغضبٍ مِنَ اللهِ، فأَخافُ إذا حَضَرَني قتالٌ كَرِهْتُ الموتَ، وخَشَعَتْ نَفْسي، قالَ: فقَبَضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَهُ، ثُمَّ حَرَّكَها، ثُمَّ قالَ: لا صَدَقَةَ ولا جهادَ، فبِمَ تَدخُلُ الجنَّةَ؟ قالَ: ثُمَّ قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُبايعُكَ، فبايَعَني عليْهِنَّ كُلِّهنَّ. ))

[ المستدرك على الصحيحين: خلاصة حكم المحدث: صحيح الإسناد ]

أنتَ في رحلة، سميتُها في خُطبة الجُمُعة: الحج رحلة قبل الأخيرة، لكن هُناكَ رِحلةٌ أخيرة، ما الذي بينَ يديك؟ ما الذي تحفلُ بهِ عِندَ اللهَ عزّ وجل؟ لو سُئلتَ: بماذا جِئتني يا عبدي؟ يقول: يا ربي أنا استقمتُ على أمرِك، جميل، لكن استقمتَ فقط!! أنتَ حينما استقمت تعجلّتَ الراحةَ لقلبِك، أنتَ حينما استقمت ابتعدتَ عن آلاف المُشكِلات، ماذا قدمت؟ بماذا ضحّيت؟ ما الـذي بذلت؟ ما العمل الجليل الذي سعيتَ إليه وترجو بهِ رحمتي؟
 

معاني الإنابة:


لذلك الإنابة لها معنى سلبيّ ومعنى إيجابيّ، المعنى السلبي: ترك المعاصي، أي أنابَ إلى الله: رَجَعَ إليهِ تائباً، أنابَ إليهِ: رَجَعَ إليهِ مُحسِناً، في الأولى تارِكاً للذنب، في الثانية عامِلاً للصالِحات، فهذا المعنى الأول معنى إيجابيّ، أي أنتَ حينما ترى إنساناً يحتاج إلى مُساعدة تُبادر إلى خِدمَتِهِ، فإذا وقفتَ لتُصلّي شعرتَ أنَّ اللهَ قد قَبِلَ هذا العمل، ألم تعلموا أنَّه قيل: صدقةُ السِّرّ تقعُ في يدِ اللهِ قبلَ أن تقعَ في يدِ الفقير، فنحنُ نُريد إنابة مع العمل الصالح لا إنابة مع التوبة، الإنابة مع التوبة وقعت وانتهى الأمر، تُبتَ إلى اللهِ من كُلِّ معصيةٍ، من كُلِّ مخالفة، من كُلِّ ذنب، أمّا الآن تُريد أن تُنيبَ إليه وبيدِكَ عملٌ صالح، هذا هوَ المعنى الأول.
المعنى الثاني، قال تعالى:

﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)﴾

[ سورة الفرقان ]

﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)﴾

[ سورة البقرة ]

أعطينا مفهومَ الإنابة مفهوماً إيجابياً، أنتَ قدّمت عملاً ثميناً تبتغي بهِ رِضوان الله عزّ وجل، الآن يوجد عندنا معنى آخر للإنابة؛ أن ترجِعَ إليه بالوفاءِ بعهدِهِ، أنتَ عاهدتهُ، أحياناً الإنسان يقفُ عِندَ الحجر الأسود، ويُقبّلهُ، ويذرِفُ الدمعَ غزيراً، ويقول: يا ربي عهداً على طاعتِك، عهداً على استقامتِك، شيء جميل، الإنسان لهُ أحوال مع الله يُعاهِدهُ بِها، هذا العهد أينَ مضمونهُ؟ أينَ الوفاءُ بهِ؟ أينَ تحقيقُهُ؟ أينَ تنفيذُهُ؟ أينَ ترجمتـُهُ إلى لُغةِ الواقع؟ فأنتَ تعودُ إلى اللهِ مُعاهِداً، وتعودُ إليه مرةً ثانية مُوفّياً بعهدِك، وُضِعت في ظرفٍ حَرِج، أنت ماذا عاهدت الله عز وجل حينما تُبتَ إليه؟ عاهدتَهُ على الإنصاف، والآن أنتَ أمام موقف ينبغي أن تُنصِف، ماذا سوفَ تفعل؟ إما ألا تُنصِف وإمّا أن تُنصِف، إذاً أول إنابة أن تُعاهِدهُ على الاستقامة فهذه إنابة، ثمَّ أن تعملَ الصالِحات وهذه إنابة، أن تُعاهِدهُ على الإقلاعِ عن المعاصي هذه إنابة، وأن توفّي بعهدِكَ هذه إنابةٌ أُخرى، الآيات المؤيّدة لهذا المعنى: 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)﴾

[ سورة الفتح ]

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)﴾

[ سورة الإسراء ]

﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)﴾

[ سورة النحل ]

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)﴾

[ سورة البقرة ]

لذلك الآية الكريمة: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)﴾

[ سورة الصف ]

 

النّعِمةُ معرِفَتُها شُكرٌ والحمدُ عليها شُكرٌ ومقابلة النِّعمةِ بالأعمال الصالحةِ شُكرٌ:


أنا أقول لكم والله أيها الإخوة؛ المؤمن يوجد عِندهُ شفافية، لو فرضنا أنهُ عاهدَ اللهَ في لحظةٍ من لحظاتِ حياتِهِ، في ساعةٍ من ساعاتِ ضيقهِ، في وقتٍ من أوقاتِ مِحنتهِ وشِدّتهِ، وبعد أسبوعٍ أو أسبوعين، بعدَ شهر أو شهرين، ظهر موقف يقتضي أن يوفّي بعهدِهِ، ألا تشعر أيها الأخُ المؤمن أنَّ اللهَ يُعاتِبُك إن لم توّفِ؟ أي هل هُناكَ حساسية بحيث أنكَ تُحِسُّ وكأنَّ اللهَ عزّ وجل يقول لكَ: يا عبدي أينَ العهد الذي بيني وبينك؟ ألم تُعاهدنِي أن تفعلَ كذا وكذا؟ ألم تُعاهدنِي أن تكظِمُ غيظَك؟ ألم تُعاهدنِي أن تكونَ حليماً؟ ألم تُعاهدنِي أن تتجاوزَ عن السيئات؟ فلمّا الإنسان ينشأ بينهُ وبينَ الله هذا الحِوار، إن صح التعبير، أي أبسط حِوار كما قُلتُ لكم من قبل: إذا أردتَ أن تُناجيَ اللهَ عزّ وجل فادعُه، الدعاء مناجاة، وإذا أردتَ أن يُحدّثُكَ اللهُ عزّ وجل فاتلُ كِتابَ اللهِ عزّ وجل، فقراءةُ القرآنِ كأنَّ اللهَ يُحدّثُك: 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

[ سورة الزُمر ]

إذا أردتَ أن تُحدّثَهُ تقول لهُ: يا رب أقِل عِثاري، اغفر زلّتي، ارحَم ضعفي، اقْبَل توبتي، أقِل عثرتي يا رب، يا رب ألهمني الصواب، اهدِني واهدِ بي، أرِني الحقَّ حقّاً وارزقني اتباعه، أي لا يوجد أجمل في حياة المؤمن من أدعيةٍ نبويةٍ فيها جوامِعُ الحِكم، أن تحفَظَها، فكُلما خَلوتَ معَ ربِك، وأنتَ في الطريق، وأنتَ في انتظار موعدٍ مُهم، وأنتَ مُستيقظ صباحاً، أي كُلما جلستَ إلى مائدةٍ، أذكار النبي في الحمدِ والشُّكرِ للهَ عزّ وجل، فإذا أردتَ أن تُحدّثَ اللهَ عزّ وجل كيف؟ فادعه، وإذا أردتَ أن يُحدّثَكَ الله عزّ وجل فاقرأ القرآن، يا موسى! أتُحِبّ أن أكونَ جليسَك؟ قالَ: وكيفَ ذلِكَ يا رب؟ قالَ: أما عَلِمتَ أنني جليسُ من ذَكَرَني، وحيثُما التمسني عبدي وَجَدَني.
بعضُهم قال: أنت حينما تذكُر الله عزّ وجل فهذا نوعٌ من الشُّكر، إذا ذكرتَ نِعمةَ اللهِ عليك، إذا الإنسان شَرِبَ كأساً من الماء، أي الطُّرق سالِكة، ليسَ هُناك حصيات، وليسَ هُناك انحباس في البول، وليسَ هُناك ضعف في عملِ الكُليتين، الأمور كُلها منتظمة، أليست هذه نِعمة كبيرة؟ لستَ مُضطراً لا أن تُصفّي دمَكَ في الأسبوع مرتين، ولا أن تُجري عملية تحطيم البحصة بالأشعّة، ولست مضطراً إذاً هذه نِعمة، أنتَ كُلما دعوتَهُ في أحوالِكَ كُلِّها، دخلتَ إلى بيتِك، لكَ مأوى، لكَ بيت، لكَ زوجة، لكَ أولاد، جلستَ إلى الطعام، الطعام موجود، معكَ ثمن الطعام، أي الله عزّ وجل أكرمكَ بهذا البيت، وبهذه الزوجة، وهؤلاءِ الأولاد، فأنتَ حينما تدعو اللهَ عزّ وجل فأنتَ تذكُرُهُ؛ فالنّعِمةُ معرِفَتُها شُكرٌ، والحمدُ عليها شُكرٌ، ومقابلة النِّعمةِ بالأعمال الصالحةِ شُكرٌ، ثلاثة مستويات، يكفي أن تعرِفَ أنَّ هذه النعمة من اللهِ عزّ وجل، فهذا أحدُ أنواعِ شُكرِها، ويكفي أن يمتلئ قلبُك امتناناً من هذه النِّعمة، فهذا مستوى أرقى، أمّا إذا انطلقتَ في خِدمةِ الخلق تعبيراً عن شُكرِكَ للهِ عزّ وجل فهذا مستوى أرقى وأرقى، قال تعالى: 

﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)﴾

[ سورة سبأ ]

فقال: من علاماتِ النِّفاق الغدرُ بعهدِ الله، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، فيما رواهُ البخاري، أنَّ من علاماتِ النِّفاقِ الغدرُ بعهدِ اللهِ عزّ وجل.
 

إنابة الحال:


بقي شيء آخر هوَ الرجوعُ إليهِ حالاً بعدَ أن رَجَعتَ إليهِ مقالاً، أي حالكَ مع الله دائماً، يجوز لِسانكَ مع الله، يا رب تُبتُ إليك، لكن النفس موزّعة في الدُّنيا، في شُعَبِها، في أوديتِها، في متاهاتِها، في شهواتِها، الآن نريد إنابة فوقَ الإنابة القولية، إنابة حاليّةِ، أي أن تكون نفسُكَ مُطمئنةً إلى الله عزّ وجل، سابحةً في ملكوت الله، أي سارحةً في فضلِ الله، قريبةً من الله عزّ وجل، فأن تُنيبَ إليه إنابة اعتذار، وأن تُنيبَ إليه إنابة وفاء بعدَ أن أنبتَ إليه إنابة عهد، وأن تُنيبَ إليه إنابة حال بعدَ أن أنبتَ إليه إنابة مقال.
 

علامات الإنابة:

 

1-الخروج من التّبعات:

الآن يوجد عندنا بعض خصائص الإنابة، من علاماتِ المُنيب أنهُ يخرُجُ من التَّبِعات، أي أيُّ عملٍ يضعهُ أمامَ مسؤوليةٍ أمامَ اللهِ عزّ وجل يخافُ منه، دائماً هوَ خفيفٌ من التَّبِعات، متى ينجو من التَّبِعات؟ إذا أدّى الواجِبات، إذا وَصَلَ رَحِمَهُ، أدّى ما عليهِ من حقوق، برّ والِديه، أنصفَ مع من معهُ، حينما تقعُ عليكَ التَّبِعات فلستَ مُنيباً إلى اللهِ أبداً، أحدُ خصائص المُنيب أن يبتعدَ عن كُلِّ تَبِعةٍ تُحمّلهُ أمامَ اللهِ مسؤولية، أخ حدثني سألني: أنا ممكن أُصور سناً لمريض، المريض يأتي مجاناً في مستوصف، لكن علّمونا في الجامعة أن أكثر من صورة هذه قد تؤذي، هذا المريض الفقير لا يعرف، نصوّرهُ صورة واثنتين وثلاث وخمس، نتعلّم فيه، أنتَ حينما تفعلُ هذا وقعتَ في التَّبِعَةِ، وقعتَ في المسؤولية، أيعقل أليسَ اللهُ يعلم أنهم قد علّموك ألا تُجري هذه الأشعة إلا مرةً واحدة مع المريض لأخطارٍ تابِعةٍ في المستقبل؟ فأنتَ حينما تفعلُ شيئاً يَضَعُكَ أمامَ مسؤوليةٍ أمامَ الله عزّ وجل فلستَ مُنيباً، لذلك الإسلام مسؤولية والإيمان مسؤولية، يا تُرى أنتَ حينما يكونُ هذا المريضُ أمانةً في عُنُقِك، وهذا الموّكِلُ أمانةً في عُنُقِك، قد ترفع مذكِّرة غير مُعتنى بِها، فيخسرُ موكّلُكَ القضية، وهوَ مُحِقٌّ بِها، هذا أمانة عِندك، فمن علامةِ إنابَتِكَ إلى اللهِ عزّ وجل أنكَ تبتِعِدُ عن كُلِّ تَبِعةٍ تضَعُكَ أمامَ مسؤوليةٍ تِجاهَ اللهِ عزّ وجل. 

2-التوجع للعثرات:

من علامةِ الإنابةِ أنكَ إذا عثرت، إذا زلّت القدم، إذا وقعتَ في مخالفةٍ، تتألمُ ألماً حقيقيّاً، أنا الآن أُعطيكم مؤشِرات، أي ولو أن حيواناً مسستهُ بأذى، لابُدّ من رفعِ هذه التَّبِعة بالإحسانِ إليه، بمعالجتِهِ عِندَ طبيبٍ بيطري، إذا سببتَ لحيوانٍ أذىً فأنتَ قد وقعتَ في تَبِعةٍ مع اللهِ عزّ وجل، دخلت امرأةٌ النارَ في هِرّةٍ حَبَستها، فالتخفف من التَّبِعات أو الخروجُ من التَّبِعات من علامةِ أهلِ الإنابة.
الشيء الثاني: التوجّعُ للعثرات، أي المؤمن يُحاسب نفسهُ حِساباً عسيراً حينما يُسيء، حينما يُخطئ من دون قصد، حينما تزلُّ قدمُهُ، حينما ينطَلِقُ لِسانُهُ بكلمةٍ قاسيةٍ، حينما يفعلُ شيئاً يشعرُ أنهُ قد أخطأ، هذه عَثَرَة، من علامات المؤمن أنَّ العَثَرات توجِعهُ.
الشيء الثاني؛ اليوم في درس الفجر أو البارحة أحد إخواننا حدثّني بشيء، بقصّة بسيطة جدّاً، لكن أنا واللهِ استفدتُ مِنها، عرفتُ كم هيَ النفسُ دقيقة، قال لي: اشتريت كوسا، وجد قطعة كوسا، لها استطالة طويلة بقدر وزنها، فانتزعها ووضعها في الميزان، بعدما انتزعها شعر أنهُ هوَ قد اشتراها بهذا الوزن فأعادها، ما وزنُها؟ خمسة غرامات، هذه الخمسة غرامات سببوا لهُ مع الله أزمة، انتزع الاستطالة منها ثم وضعها، بعد أن أبعدها لماذا أبعدتها؟ رجع ووضعها في الكيس، انتبه البائع، أعطاه من صنف آخر هدية، قال له: تفضل، أنا أردت من القِصّة، كم هيَ النفسُ دقيقة؟ حينما نزعت شيئاً وزنهُ خمسة غرامات وقعتَ معَ اللهِ في أزمة، لو شخص قال لكَ: خُذ تفاحة من التُفاحتين، أخذت الكبيرة لنفسك، يا ترى لو وزنتها بميزان حساس ليست أكثر من غرامين أو ثلاثة، لو الوزن واحد لكن تفاحة لونها أحمر، شعرت مع اللهِ بِتَبِعة، لماذا استأثرتَ بالأطيب؟ بالأكبر؟ بالأجمل؟ بالأزهى؟ لماذا؟ أنا أقول لكَ: حينما تخرُجُ من التَّبِعة تشعرُ براحة، فهذه العلامة الثانية، الخروجُ من التَّبِعات والتوجعُ للعثرات. 

3-إدراك الفائتات:

الثالِثة إدراكُ الفائتات، يوجد وقت مُعيّن فاتتكَ بعضُ الطاعات، نُضاعف الجُهد، كنت منشغلاً في وقت معين الآن متفرغ، نضاعف الطاعات، فاستدراكُ الفائتات، والتوجّعُ للعَثَرات، والخروجُ من التَّبِعات، هذه علامةُ الإنابةِ إلى الله عزّ وجل. 

4-عدم الشعور بلذة الذنب:

الآن يوجد عندنا علامة رابعة، ما دام هُناكَ لذّةٌ بالذنب فالإنابةُ ليست صحيحة، أي ممكن أن تشعر بسرور في بعض المعاصي؟ ما دام هُناكَ لذّةٌ بالذنب فالإنابةُ ليست مُحكَمَةً ولا صحيحة، لذلك قالوا: هُناكَ إنسانٌ تأمُرهُ نفسُهُ بالذنب، هيَ النفسُ الأمّارةُ بالسوء، وهُناكَ نفسٌ إذا اقترفت ذنباً لامت صاحِبها كثيراً، هذه النفسُ اللّوامة، وهُناكَ نفسٌ مُطمئنةٌ إلى استقامتِها، وإلى رحمةِ ربِها، فهذه مرتبة، هذا مستوى، وذاكَ مستوى، والثالث مستوى.
لكن هُناك سؤال، يا تُرى أيُهُما أرقى عنَد اللهِ أن تُصارِعَ نفسَكَ وأن تنتصِرَ عليها وأن تتمنى المعصية ولا تفعَلُها أم أن تكونَ مُعافىً مِنها؟ هوَ حسب ما يبدو أنَّ الإنسان حينما يُجاهدُ نفسهُ وهواه يرقى عِندَ اللهِ عزّ وجل، لكن هذه المُجاهدة يجب أن تنتهي بالإنسان إلى أن تُوافِقَ نفسهُ، أن يتوافقَ هواهُ مع ما جاءَ بهِ النبي عليهِ الصلاة والسلام، نقول لكم: وإن كانَ الإنسانُ حينما ترقى نفسهُ إلى درجة أنَّ الجهاد جِهادَ النفسِ والهوى يضعُفُ عِندهُ لا لشيء، إلا لأن نفسَهُ توافقت أحياناً معَ ما جاءَ بهِ النبي عليهِ الصلاة والسلام، أنتَ راقب مؤمناً في أول إيمانهُ، يشعر بنشوة كبيرة حينما يَغُضُّ بَصَرَهُ، لماذا؟ لأن هذه النفس تدعوهُ إلى النظر، لكنهُ انتصرَ عليها، لكن بعد أربع أو خمس سنوات من سلوكِهِ طريقَ الإيمان لا يشعُر بهذه اللذّة مع أنهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ، هل نقول لهُ: إنكَ قد تراجعت؟ لا، مرحلة الصراع، مرحلة المُجاهدة، تتمنى سماعَ الغِناء، تتمنى إطلاقَ البصر، لكِنكَ تخافُ اللهَ عزّ وجل، حملتَها على الطاعة، جاهدتَ نفسَكَ وهواك، شعرتَ بلذّةِ الانتصار، شعرتَ بأنَّ اللهَ أغلى عِندَكّ من كُل شهواتِك فارتقيت.
هذا هوَ السِّرّ الذي يُحيّر معظَمَ المؤمنين، يقول لكَ: يا أُستاذ، أول ما تعرفت إلى الله عزّ وجل عِشتُ سنتين ثلاث بسعادة لا توصف، عِشت بسرور كأنني طائر، كأنني مع الملائكة، والآن عادي، لا، لستَ عادياً الآن، والآن أنت راق، لكن كانت نوازِعُ المعاصي قويّة عِندَك، فلمّا تغلبّتَ عليها شعرتَ بلذّةِ الانتصار، فارتقيتَ عِندَ اللهِ عزّ وجل، أمّا الآن نوازع المعصية ضَعُفت، وقَويت نوازِع الطاعة، لم يعُد هُناكَ هذا الصِراع الذي تعهَدُهُ من قبل، لذلك لذّة النصر خفّت، إذا كان هناك عدو شَرِس وانتصرت عليه، تُحسُّ نفسك أنكَ بطل، أمّا إذا شخص مُصارع جاءهُ شاب صغير، حديث عهد بالمُصارعة، فبضربة واحدة أنهاه، يحتاج لتصفيق حاد؟ لا، لأن هذه ليست بطولة، فحينما ترتقي نفسُك، وتسمو نوازِعُك، وتميل إلى الحق دائماً، وتبتعد عن كُل مظان المعاصي، عندئذٍ قد يَخِفُّ شعور لذّة النصر عِندَك، هذا هوَ بعضُ أسرارِ ما يَظُنُّهُ الناسُ تراجُعاً، ليسَ هذا تراجُعاً أبداً، إنما هيَ مرحلة أُخرى من مراحل السير إلى الله عزّ وجل. 
الأولى:

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾

[ سورة البقرة ]

المرحلة الثانية: ﴿وَالصَّلَاةِ﴾، المرحلة الثالثة: 

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)﴾

[ سورة الفجر ]

كُلكُم يعلم أن هُناكَ نفساً أمّارةً بالسوء، وأنَّ هُناكَ نفساً لوّامةً، وأن هُناكَ نفساً مُطمئنةً، اطمأنت إلى صِدقِ سلوكِها، وصِدقِ طَلَبِها للهِ عزّ وجل، واطمأنت إلى رحمةِ اللهِ عزّ وجل. 

5-ترك الاستهانة بأهل الغفلة:

شيء آخر من علاماتِ الإنابةِ إلى الله عزّ وجل تركُ الاستهانةِ بأهلِ الغفلة، أحياناً من رعوناتِ الإنسان في أولِ طريقِ إيمانِهِ تاب إلى الله، كُلما ألقى نظرةً على إنسان متلبّس بمعصية احتقرهُ وازدراه واستعلى عليه، هذه من رعوناتِ المؤمن في أولِ إيمانِهِ، من كمالِ إنابَتِكَ إلى الله عزّ وجل أن تدعَ الاستهانةَ بأهلِ الغفلة، الدليل؟ السبب؟ يُحتمَل أن هذا الغافِل، أن هذا المُسيء يتوب بعدَ حين، ويشتدُّ صِدقُهُ معَ اللهِ عزّ وجل، ويتجاوزُكَ بمراحِلَ كثيرة، ما دام حيّاً لم يُختم عَمَلُهُ، ممكن أنتَ لكَ سُرعة، هوَ واقف الآن، أنتَ تمشي، لكن أنتَ تمشي على الثلاثين، هوَ الآن واقف، لو صحا ورَكِبَ مركبة ومشى على المئة والعشرين، أين تبقى أنتَ؟ في الخلف، فحتى أهل الغَفَلات يمكن أن يتوبوا إلى الله توبةً نصوحاً، والحياة مليئة بالشواهد، هُناك أُناس كانوا غارقين في المعاصي، فَرَجعَوا إلى الله رجعةً لو وِزعّت على أهلِ بلدٍ لكَفتهُم.
فمن علامة المؤمن أن يدعو لهم بالهِداية، يتمنى لهم التوبة، يسألُ اللهَ السلامة، يسألُ اللهَ المزيد، أمّا حينما يحتَقِرُ أهلَ الغَفَلات، ويستعلي عليهم، ويزدريهم، فإنابَتُهُ إلى اللهِ عزّ وجل ليست صحيحة وليست مُحكمة، لم يتأدّب بآداب الإيمان بعد، بالعكس قال: كُلما تقدّمتَ في طريقِ الإيمان تخافُ على نفسِكَ وأنتَ في قِمّةِ الطاعات، وترجو لهم الرحمة من الله عزّ وجل، وهم في المعاصي، لأنَّ الصُّلحة بلمحة، يكفي أن يقول العبدُ: يا رب، فيقول الله عزّ وجل: لبيكَ يا عبدي، فأول علامة رابعة من علامة المُنيب تَركُ الاستهانةِ بأهلِ الغفلة والخوفُ عليهم مع فتحِكَ بابَ الرجاءِ لنفسِك، والأرقى من ذلك أن تخافَ على نفسِك وأنتَ في الطاعة، وأن ترجو لهم التوبةَ والإنابة وهم في المعصية. 

6-استقصاء رؤية العلل:

يوجد عندنا من علاماتِ الإنابةِ إلى اللهِ عزّ وجل استقصاءُ رؤيةِ العِلل، أي يقول لكَ: أنا والله لا يوجد منّي، كلّ الناس تعبة، وكل الناس ضالّة، وكل الناس واقعة بالحرام، أنا الحمد لله دخلي حلال، واستقامتي، وزوجتي محجّبة، وبيتي إسلامي، حينما تظُنُّ أنهُ ليسَ في حياتِكَ عِللٌ فهذه أكبرُ عِلّةٍ، لأن الحقيقة:

(( عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ   قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».  ))

[ صحيح البخاري ]

فمثلاً يقول مؤلف الكتاب: كم في النفوسِ من عِللٍ وأغراضٍ وحظوظٍ تمنعُ الأعمالَ أن تكونَ خالِصةً للهِ تعالى؟ المُشكلة أنهُ يوجد ظاهر ويوجد باطن، الظاهر؛ الصلاة والصوم والحج والزكاة، الظاهر أنك أنتَ تصدّقت، زكيت، دفعت، شيء جميل، أنا أُريد القلب، ماذا أرادَ من دفعِ هذا المال؟ أن ينتزَعَ إعجابَ الناس أم أن يتقرّبَ إلى اللهِ عزّ وجل؟ لذلك: 

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)﴾

[ سورة الزُمر ]

قالوا: فاعبد اللهَ في أعضائِك وجوارِحِك، بسمعِكَ وبَصَرِكَ ولِسانِكَ، لكن كيفَ يعبدُ القلبُ اللهَ عزّ وجل؟ بالإخلاصِ إليه، والإنابة إليه، والتوكلِ عليه، فلذلك موضوع الإخلاص موضوع مُهم جداً، بينَ القلبِ وبينَ العملِ مسافة، وفي هذه المسافة قُطّاعٌ للطريق، وبينَ القلبِ وبينَ اللهِ مسافة، وفي هذه المسافة قُطّاعٌ للطريق. 

7-أن تكونَ معافى من القواطع التي تقطعُ آثارَ العمل الصالِحِ إلى القلب:

أحياناً عمل لا يُثمر ثِمارهُ في القلب، يوجد موانع، الآن وصلت ثِمارُ هذا العمل إلى القلب، بقيَ أن يُرفعَ إلى اللهِ عزّ وجل، أيضاً يوجد موانع، فالعُجْب يمنع، الإدلال بالعمل يمنع، أن ترى هذا العملَ عظيماً، وقد قدّرَهُ اللهُ على يديك، والناسُ بعيدونَ عنهُ، هذا يمنع، العُجب والإدلال والرؤية هذه مانعة من قَبولِ العمل، وهناك أشياء تمنع من وصول ثِمار العمل إلى القلب. 
إذاً هذه أيضاً من علامة الإنابة الصحيحة أن تكونَ معافى من هذه القواطع التي تقطعُ آثارَ العمل الصالِحِ إلى القلب، وتقطعُ انتقالَ العمل الصالِحِ إلى الرب، من هذه الموانع التي تمنعُ أن يكونَ العملُ مقبولاً-كما قُلتُ قبلَ قليل-الكِبرُ، والإعجابُ، والإدلالُ، ورؤيةُ العملِ، ونسيانُ المِنّةِ، وعِللٌ خفيّةٌ كثيرة، فالإنسان عليه أن يستقصي نيّتهُ، وعليهِ أن يُطهّرَ نفسَهُ، حتى يكونَ عَمِلهُ الذي عمله كُلّهُ مقبولاً.
وعلى كُلٍّ هذه منزِلةٌ من أهم المنازل، والآيات التي تحدّثت عنها كثيرةٌ جداً، الإنابةُ إلى الله، العودةُ إليهِ بشكل مستمر، عودة اعتذار وعودة إصلاح، عودة عهد وعودة وفاء، عودة قال، وعودة حال.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور