وضع داكن
26-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 095 - ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام…..
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
يقول عليه الصلاة والسلام:

(( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ))

[ رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ]

يعني الله عز وجل اصطفى أماكن معينة، كبيته الحرام، واصطفى أزمنة معينة كيوم الجمعة، ويوم عرفة، والأيام العشر من ذي الحجة، واصطفى أشخاصاً معينين اصطفى مكان وزمان وأشخاص.
 الحقيقة اصطفى أمكنة معينة لتصفو نفسك فيها فلعلا الصفاء يشيع في بقية الأمكنة تذهب إلى العمرة أو إلى الحج، تشعر بصفاء فإذا اصطلحت مع الله هناك، وعدت إلى بلدك لعلا بيتك الذي أنت فيه، وعملك الذي أنت فيه تشعر فيه بصفاء، يعني أعطاء مكافئة تشجيعية كي يشيع الصفاء في بلدك.
الآن يوم الجمعة يوم مبارك، يعني كل مسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء وذهب إلى المسجد في الوقت المناسب يشعر بصفاء، فعلا هذا الصفاء يستمر إلى نهاية هذا اليوم، وفي الأيام التالية من يوم الجمعة.
 واصطفى أشخاصاً هم قمم المجتمع هم الأنبياء، من بعدهم العلماء الكبار الأجلاء الصديقين، من بعدهم العلماء العاديين، هؤلاء لهم صلة بالله عز وجل، فلعلك إن صحبتهم يشيع صفاءك في نفسك، العبرة أن الله حينما اصطفى مكاناً، واصطفى زماناً، واصطفى أناساً أي يشيع الصفاء في كل مكان، وأن يشيع الصفاء في كل زمان، وأن يشيع الإقبال على الله في كل نفس.
 هذه هي الحكمة، يعني الجمعة فيها ساعة مباركة، ما في إنسان يدعو الله فيها إلا ويستجيب له، لم تحدد، لمَ لم تحدد، كي تجهد أن تكون طوال يوم الجمعة مع الله، فلعل ساعة من ساعات إقبالك على الله تصيب تلك الساعة فيستجيب الله لك، لذلك:
ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر من ذي الحجة ـ قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله.
 يبدو أن الإنسان متى يجاهد ؟ إذا كان موصولاً بالله عز وجل ، يعني الجهاد يحتاج إلى موقف نفسي، لكن بلا موقف نفسي يكون الهروب، ولا تكون المواجهة، تارةً نحن نركز على العمل، لكن في تركيز يفاجئنا التركيز على حال الإنسان، لأن العمل الصالح يحتاج إلى حال، قبل يومين اطلعت على كلمة لقوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾

( سورة آل عمران )

 في أحاديث كثيرة الرباط أعظم من الصدقة الجارية، التعليل رائع كان، أنت أنشأت معهد شرعي، صدقة جارية، إذا غفلت عن محاربة الأعداء ألغوا لك هذا المعهد أنت عملت مستشفى إن غفلت عن محاربة الأعداء هدموا لك هذه المستشفى، أنت ألفت كتاب إن غفلت عن محاربة الأعداء ألغو هذا الكتاب، منعوا تداوله، معناها أنت حينما تسعى لأن يكون الحق قوياً كل شيء صار مقبول لذلك " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا " والأخطاء التي يعانيها المسلمون اليوم هي نتيجة أخطاء 400 عام سابقة متراكمة الآن فرض العدو علينا ثقافته، الشيء الدقيق الآن أن هناك توجيهات في دول إسلامية أن تغير قانون الأحوال الشخصية، فإن لم تغيروه تعاقب اقتصادياً، وإذا غيرته لها مكافئات وقروض طويلة الأمد، من هذه التغيرات أن يكون الزواج مدنياً، عقد مدني ما له علاقة بأي شرط إسلامي، وأن يرتفع سن زواج البنات إلى الثلاثين، والميراث مناصفة، حينما يطلق الرجل امرأته تنال نصف ثروته، والشيء الدقيق لا بد من السماح بالممارسات الجنسية في بيوت الآباء والأبناء، والله البارحة اطلعت عليه وألقيته بالخطبة الثانية في يوم الجمعة، هذا الشيء الآن الحرب العسكرية أنا لا أقول سهلة لكن مقبولة أمام الحرب الثقافية، الحرب العسكرية دمر مثلاً بناء، قتل إنسان، لكن شخصيتك موجودة، دينك موجود، ثقافتك موجودة، قيمك موجودة، الآن حرب حربٌ ثقافية، وهذا الشيء لم يكون إن شاء الله أنا لست متشائماً أبداً لكن نية الكافر شر من عمله.
 فحينما يأمرنا الله عز وجل أن نعتني بأيام معينة كيف فضلها النبي على الجهاد الجهاد يحتاج إلى موقف نفسي، يحتاج إلى نضج، يحتاج إلى اتصال بالله عز وجل، يحتاج إلى تضحية، فإن لم يكن لك موقف نفسي لا معنى للجهاد، لكن النبي استثنى رجل " إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء.
 سمعت خبراً البارحة لفت نظري أن امرأة في فلوريدا أمريكية منقبة، يعني وجهها مستور، طبعاً نظارة والباقي مغطى، طلب منها صورة لكامل وجهها فرفضت، فرفضوا أن يعطوها إجازة سوق، فأقامت دعوة وقالت إن مبادئ الدين أقوى من أنظمتكم، وهي أمريكية مسلمة إسلام حقيقي، تجد مسلم يأكل لحم خنزير مجاملة، يشرب خمر مجاملة، هكذا يحصل، يأتيه مندوب شركة يضيفه خمر يقول لك مصلحة، هذه الأمريكية أقامت دعوة على الحكومة بدعوة أن مبادئ الدين أقوى من ، أنا لا أقدم صورة إلا منقبة، سمعتها من إذاعة لندن البارحة.
 إذاً لما نحن نعتز بديننا ونعظم ديننا، شاب أحب فتاة في أمريكة، أعجبته فأخبر والده لو أنني تزوجتها هل توافق، فأقام عليه أوبه النكير، وتوعده أنك إن تزوجتها فلست ابني، ولن تنال من الميراث شيئاً، بعد شهر خطر في بال هذا الشاب أن يعرض على أبيه موضوع إسلامها إن أسلمت هل تقبل، فالأب قبل، قال له إن أسلمت أقبل، دفع إليها عشرين كتاب تقريباً عن الإسلام والقرآن والسيرة باللغة الإنكليزية، وقال لها لن أستطيع الزواج منك إلا إذا وافق والدك، موافقة والدي منوطة بإسلامك، وهذه كتب الإسلام فاقرئيها هي قالت لا لن أقرأها بمعيتك، لا بد من أن أقرأها بعيدة عنك، كي أكون مرتاحة في قراءتها، فطلبت إجازة أربعة أشهر لقراءة الكتب، وقرأتها كلمةً كلمة وهو يعد الوقت لا بالأيام ولا بالساعات بالدقائق من شدة تعلقه بها، وبعد أربعة أشهر جاءت البشرى، لقد أسلمت، ولكنها لن تتزوجه لأنه ليس مسلماً، قالت له أنت لست بمسلم.
هذه مشكلة المسلمين، بأسلم واحد بكل خلية بجسمه، بكل قطرة بدمه، يأتي إلى بلاد المسلمين يجد تفلت، تقصير، وعبادات غير متقنة، وأكل مال حرام، واختلاط، مئات التجار إذا جاءهم ضيف أجنبي يقدمون له الخمر، مجاملة له، مئات التجار إذا سافروا إلى هناك يرتكبون المعاصي والآثام، والله أيها الأخوة لو أن الجاليات الإسلامية في العالم كانت مسلمة حقاً لكان وجه العالم الغربي غير هذا الوجه، من أين هذا الحقد الشديد ؟ يرون المسلم شهوانياً، يحتال عليهم، هناك الأكثرية أنا لا أعمم طبعاً، في قلة رائعة جداً، لكن الحكم للأكثرية صار، الأكثرية غير منضبطة.
فيا أيها الأخوة:
 أنا لفت نظري إلحاح النبي على أن هذه الأيام أفضل من الجهاد في سبيل الله الجهاد يحتاج إلى نضج إلى معرفة بالله، إلى تضحية، إلى إسار، إلى اتصال بالله.
وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام مسلم:

 

(( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ))

لذلك قالوا من وقف في عرفة فلم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له " وإنه ليدنو ـ الله جل جلاله، يتجلى يعني ـ ثم يباهي الملائكة، فيقول: ما أرادوا هؤلاء ".
 مرة كنت في عرفة وعالم جليل دعا قال يا رب ليس لنا أصحاب هنا ولا أقرباء ولا مصالح ولا تجارة، وكان الحر لا يحتمل، والله أنا غلب على ظني لن أعيش إلى المغرب من شدة الحر، 57 درجة، أقول يا رب سنعيش للمغرب ؟ من شدة الحر، فهذا الشيخ والله أبكانا جميعاً، قال يا رب ليس لنا أصدقاء، ولا أقرباء ولا مصالح، ولا تجارة، جئنا تلبية لدعوتك، فقال " ما أرادوا هؤلاء " واحد جاء من الهند، من الصين، من أمريكة، من الشام دفع مئة ألف، راكب طائرة، عامل معاملات، نائم على فرشة 2 سم إسفنج، يعني في مشقة كبيرة جداً، عشرة بغرفة واحدة، فهذا الحج تلبية دعوة من الله عز وجل، فإذا الإنسان كان أهل، قال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( من حج فلم يفسق ولم يرفث رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ))

 كأنه ولد لتوه، كل الماضي يطوى، فرصة ذهبية الإنسان يصطلح مع الله ويلغي الماضي كله.
 أرجو من لله سبحانه وتعالى لكل من نوى الحج هذا العام، وأن يرزقنا حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً.
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، وصلى على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومسلم.

 

إخفاء الصور