وضع داكن
28-03-2024
Logo
مدارج السالكين - الدرس : 070 - الفراسة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. 


منزلة الفراسة :


أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس السبعين من دروس مدارج السالكين, في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، والمنزلة اليوم منزلة الفراسة. 

لا تنسوا -أيها الإخوة- أن كل هذه المنازل إنما هي مستنبطة من كتاب الله، ومما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالفراسة مأخوذةٌ من قوله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)  ﴾

[ سورة الحجر  ]

فقال مجاهدٌ -رحمه الله-: أي للمتفرسين.

وقال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: للناظرين.

وقال قتادة: للمعتبرين.

وقال مقاتل: للمتفكرين.

المتوسمين، المتفرسين، الناظرين، المعتبرين، المتفكرين، فالتفكر، والاعتبار، والنظر، والفراسة من صفات المؤمن. 


تمهيد :


وقبل أن نمضي في الحديث عن تفاصيل هذه المنزلة، لا بد من أن أشير إلى أن المؤمن حينما آمن بالله، وحينما اصطلح معه، وحينما استقام على أمره، وحينما عمل الصالحات تقرُّباً إليه، مـاذا يكافئه الله على هذا في الدنيا؟.

يكافئه بأن يملأ قلبه أمناً ورضى، يكافئه بأن يملأ قلبه سعادةً وسروراً، يكافئه بأن يُيَسر أموره ويدافع عنه، يكافئه بأن يحفظه ويتولى أمره.

آية لعلها في سورة محمد عليه الصلاة والسلام:

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)﴾

[ سورة محمد ]

فهل شيء قليل أن يكون الله مولاك؟ كل شيء بيده، علمه مطلق، غناه مطلق، قدرته مطلقة، هو وليُّك ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ) وازن بين طفلين؛ طفل له أب، عالم، مربٍ، مقتدر، يرعى خلقه، ويرعى جسمه، ويرعى دينه، ويرعى علمه، ويرعى نفسه، ويرعى حياته الاجتماعية، فالطفل مهذب، متفوق، أنيق، نظيف، مضبوط، وبين طفلٍ آخر لا أب له يرشده، فالطفل شريد، كلامه بذيء، ينام في الطرقات، منحرف الأخلاق, هذا الطفل له أب، وله مرجع، وله تربية، وهذا الطفل بلا أب، بلا مرجع، بلا تربية: ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ) فأنت حينما تصطلح مع الله، وحينما تقبل عليه، بماذا يكافئك؟ يكافئك بوعودٍ قطعها على نفسه، يكافئك أن ينصرك، أن يقرِّبك، أن يحفظك، أن يوفِّقك، أن ييسر لك أمورك، يكافئك بأن يملأ قلبك غنىً، يملأ قلبك أمناً، سعادةً، رضىً، هذه النِعَم التي هي في الدنيا يجعلها الله عز وجل متصلةً بنعم الآخرة، هذه مكافأة الله لك، يلهمك رشدك، يسدد خطاك، يعطيك رؤيةً، الآن وصلت إلى محور الدرس، يعطيك فراسةً.

إنسان يتدمر برؤية خاطئة بإنسان خدعه، إنسان يتدمر بزوجة تشقيه، بشريك مزعج، يتدمر بورطة كبيرة، يهلك بسوء نظر، فالمؤمن محصَّن من أن يهلك برؤيةٍ ضبابية، أو بموقفٍ مرتجل، أو بورطةٍ لا طاقة له بها، الله عز وجل يكرمه فيعطيه هذه الفراسة, هذا الإدراك العميق الذي يتميز به عن بقية الناس، المؤمن إنسان متميز يرى ما لا يراه الآخرون ، ويسمع ما لا يسمع الآخرون، ويشعر بما لا يشعر الآخرون.

 

الفراسة مكافئة من الله عز وجل :


من فترة قريبة وجد رجل جامع أموال، أرقامه فلكية، وأرباحه خيالية, وثق به الناس, ووضعوا بين يديه أموالهم, إلا أن بعض المؤمنين انقبضت نفوسهم، فسحبوا أموالهم، بعد حين كان هذا الجامع لأموال الناس محتالاً، فضاعت الأموال كلها، إلا لفئةٍ قليلةٍ بالفراسة استرجعت أموالها في الوقت المناسب, هذه مكافأة من الله عز وجل.

قصص كثيرة . 

صفقة تبدو لك وكأنك ستصبح بسببها غنياً، الفراسة قد ترشدك إلى انقباض، هذا الانقباض سبب حفظ مالك أحياناً، في مكافأة من الله للمؤمن هي هذه الفراسة، الفراسة ثابتة بالكتاب والسنة، تعرفها العوام وتقول: الحر قلبه دليله, عندك قدرة على كشف الحقيقة بشكل متميز، هذه القدرة هي الفراسة، إنسان مخادع تحس بانقباض، إنسان طيب تثق به، إنسان بريء تحس ببراءته، إنسان مخادع تقول: ما اطمأننت له, بالرغم من أن كلامه مقنع، كلامه رائع، مؤيد بكل الأدلة ومع هذا لم ترتح له، هذه هي الفراسة.

الفراسة كشفت حقيقة هذا المخادع، الفراسة كشفت براءة هذا البريء، فهذه الفراسة جزء من إكرام الله للمؤمن، جزء من ثمرات الإيمان، جزء من الثواب الذي يعود عليك من عملك الصالح: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) للمتفرسين، للناظرين، للمعتبرين، للمتفكرين. 


في شيء آخر : 


أيها الإخوة؛ الله عز وجل يقول:

﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)﴾

[ سورة محمد  ]

هذه آية أوضح: ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) فكم إنسان خدع إنساناً؟ وكم إنسان احتال على إنسان؟ وكم إنسان دمر إنساناً؟.

يعطيك من طرف اللسان حلاوةً    ويروغ منـك كما يروغ الثعلب

فالمؤمن محصن من أن يكون ضحية خديعةٍ، أو ضحية مراوغةٍ، أو ضحية احتيال، الله عز وجل يعطيه فراسة، وهذا الشيء ثابت.

علماء الحديث أحياناً: يقعون على حديث سنده صحيح، ومتنه متماسك، يقول: هذا الحديث ليس فيه رائحة النبوة، صنَّفه العلماء حديث معلل، أي فيه علة باطنة، المتن صحيح، والسند صحيح، إلا أن عالم الحديث لفراسته, شعر أن هذا الحديث لا تفوح منه رائحة النبوة، قال لك: هذا الحديث ما قبلته, هذه فراسة.

الفراسة للمؤمن وحده، وغير المؤمن لا فراسة له؛ له حماقة، وله تورط، وله إيهام، المؤمن له فراسة، والقول الذي يتردد على كل الألسنة: 

(( اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله. ))

هذا القول رواه الإمام الترمذي من حديث أبي سعيدٍ الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ))

[ أخرجه الترمذي في سننه ]

وله زيادة: وينطق بتوفيق الله ، إذن:( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) إنسان دخل المسجد, ليبحث عن رجلٍ صالح, يعطيه أمانةً كبيرةً قبل أن يذهب إلى الحج، لفت نظره إنسان يصلي بخشوع، ويغمض عينيه، ويطيل الركوع والسجود، أعجبته صلاته، قال له بعد أن انتهى من الصلاة: والله أنا أريد أن أضع عندك أمانة، أنا ذاهب إلى الحج وقد أعجبتني صلاتك، وتوسمت فيك الخير, قال له: وأنا أيضاً صائم يا سيدي, قال له: والله ما أعجبني صيامك( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) .

دائماً: الإنسان له فلتات لسان، هذه الفلتات تكشف عن حقيقته، تكشف عن خبثه أحياناً، تكشف عن دناءته دون أن يشعر، المنافق الله عز وجل يكشفه بهذا الكاشف من فلتات اللسان ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ ) لكن الله سترهم، لو نشاء لرأيت النفاق عليهم ظاهراً، ولكن سترناهم لعلهم يعودون إلى الله، لكنك يا محمد لتعرفنَّهم بسيماهم ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) تجد وجهه لا ترتاح له، فيه مشكلة، ما في براءة، المؤمن نوره في وجهه، ضوء وجهه بريء، فيه طهر، فيه بساطة، والحقيقة: الوجه مرآة النفس، فنفسك تنعكس على وجهك، لذلك الوجه هي وجه ذات، الخبث يظهر في الوجه، والطيب يظهر في الوجه، والمخادعة تظهر في الوجه ( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )


أنواع اللحن :


فالأول: فراسة النظر والعين .

والثاني: فراسة الأذن والسمع .

واللحن ضربان : صوابٌ وخطأ .

فلحن الصواب نوعان: أحدهما الفطنة ومنه الحديث:

(( وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ))

أيضاً: الفصاحة الزائدة، والتشدُّق بالألفاظ والتقعر، وأن تأتي بشواهد، وأن تحفظ الشعر، هذا يبطن شيئاً، قد لا يرضي، فيه تصنُّع وتكلُّف، والنفس تكره التصنع والتكلف، والكلام البسيط أشد تأثيراً ووقعاً في النفس.

فقال: اللحن ضربان؛ صوابٌ وخطأ، الصواب نوعان: أحدهما الفطنة, ومنه الحديث-: (( لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ )) ذكي ويستخدم ذكاءه شبكةً يوقع بها خصومه، فطنته خبيثة، والثاني التعريض والإشارة وهو قريبٌ من الكناية.

بالمناسبة: أناسٌ كثيرون يتكئون على فتوى لعالم، أنا أقول لهم: هل من عالمٍ أعظم من رسول، من سيد الخلق, وحبيب الحق، ومن أوحى الله إليه، ومن أيَّده بالمعجزات، ومن جعله في قمة البشر؟ ومع ذلك: لو استطعت أن تستنبط أو أن تنتزع من فمه الشريف حكماً لصالحك ، ولم تكن محقاً في دعواك، لا تنجو من عذاب الله، وهذا الحديث شاهد:

(( وَلَعـَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ, فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ, فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا  ))

فأنا أطمئن كل واحد معه فتوى من عالم بأن لا يرتاح لأنها لا تنفعه، لا تجديه فتوى عالم ولا تنفعه يوم القيامة، لا ينفعه إلا أن يكون مخلصاً لله عز وجل (( وَلَعـَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ, فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ, فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا )) فالكياسة والذكاء والفطنة، طلاقة اللسان هذا من لحن القول، وفساد المنطق في الإعراب أيضاً من لحن القول.

 

من فلتات اللسان :


وبالمناسبة: اللحن في اللغة هو الخطأ في الإعراب، ولحن أمام النبي -عليه الصلاة والسلام- أحدهم, فقال عيله الصلاة والسلام: 

(( ارشدوا أخاكم فإنه قد ضل ))

ممكن أن يضاف إلى هذا فلتات اللسان، كتعبير أحدهم عن نفسيته بكلمة قد تأتي عرضاً، مدح رجل أحدهم وهو لا يحبه، فقال له بيتاً قاله الإمام الشافعي: 

أحب الصالحين ولسـتَ منهم     لعلي أن أنـال بهم شـفاعة

وأكره من بضاعته المعاصي      ولـو كنا سواء في البضاعة

أحب الصالحين ولستَ منهم، هو يقصد أحب الصالحين ولستُ منهم، قال له: ولستَ منهم, فهذه من فلتات اللسان، بغضه ظهر، عبر عن نفسيته.

أثناء الحديث بين الناس تسمع كلمات تظن أنها خطأ، هي ليست خطأً، خرجت لتعبِّر عن حالةٍ نفسية. 

 

أقوال عن الفراسة :


قال عليه الصلاة والسلام: (( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله ))

العلماء قالوا: لعل حقيقة الفراسة أن الله عز وجل يقذف نوراً في قلب عبده المؤمن، فيرى بهذا النور الحق حقاً والباطل باطلاً، يكشف الخبايا، نور يخترق، فالمنافق مخترَق من قبل المؤمن، مكشوف، وهذه كرامةٌ للمؤمن أن يخترِق الإنسان ظواهر الناس.

وكان عليه الصلاة والسلام يحترس من الناس, ويحذرهم من غير أن يطوي بشره عن أحد.

وقال بعضهم: الفراسة فوق أنها نور يقذف في القلب، خاطرٌ يهجم على القلب ينفي ما يتراءى للإنسان في ظاهر الأمر.

بالظاهر إنسان بريء, لكن يأتي خاطر يهجم على القلب, يثب على القلب كوثب الأسد على فريسته.

وقال بعض العلماء وكان حادَّ الفراسة، لا يخطئ من يقول: من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات، وعَمَرَ باطنه بالمراقبة، وظـاهره باتباع السنة، وتعوَّد أكل الحلال، لم تخطئ فراسته.

وقال بعض العلماء: الفراسة أول خاطرٍ بلا معارض، فإن عارضه معارض آخر من جنسه, فهو حديث نفس وليس فراسةً, بلا معارض.

أحد العلماء يقول: الفراسة لا تكون إلا من غرس الإيمان -ليس هناك فراسة دون إيمان أبداً, شبه الإيمان بالغرس, لأنه يزداد وينمو ويزكو على السُقيا، ويأتي أُكُلَه كل حينٍ بإذن ربه، أصله ثابتٌ في الأرض وفرعه في السماء-, فمن غرس الإيمان في أرض قلبه الطيبة الزاكية، وسقى تلك الغراس بماء الإخلاص والصدق والمتابعة، كان من بعض ثمره الفراسة.

فالفراسة رؤية عميقة، قلما تقع بورطة، قلما تقع ضحية خديعة، عندك فراسة.

ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: أفرس الناس ثلاثة؛ العزيز في يوسف، إذ قال لامرأته:

﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)﴾

[ سورة يوسف  ]

وهم لا يشعرون ، وابنة شعيب حين قالت لأبيها :

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ﴾

[ سورة القصص ]

وسيدنا أبو بكر في عمر -رضي الله عنهما- حينما استخلفه -فراسته- قيل له: يا أبا بكر، يا خليفة رسول الله, أتولي علينا أشدنا، ألا تخاف الله؟ فبكى وقال: لو أن ربي سألني لقلت له: يا رب وليت عليهم أرحمهم، هذا علمي به, فإن بدل وغير فلا علم لي بالغيب. فراسة.

أفضل إنسان بعده سيدنا عمر، وامرأة فرعون وهي صديقة كما قال عليه الصلاة والسلام:

(( كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ))

﴿ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) ﴾

[ سورة  القصص ]

هذه أربع فراسات وردت في كتاب الله ، وكان الصديق -رضي الله عنه- أعظم الأمة فراسةً، وبعده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ووقائع فراسته مشهورة، فإنه ما قال لشيءٍ أظنه كذا إلا كان كما قال، ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع معروفة, أي أنه له عدة رؤى واجتهادات جاء الوحي بها، حتى هناك كتاب اسمه: موافقات سيدنا عمر، له رؤى واجتهادات الوحي نزل باجتهادات عمر رضي الله عنه، فكان من أعظم أصحاب رسول الله فراسةً.

فمن عصى الله من أجل إنسان وأرضاه، هذا الذي أرضيته وأسخطت الله عز وجل، لا بدّ من أن يسخط الله عليك ويُسخط عليك هذا الإنسان، وإذا أغضبت إنساناً في طاعة الله, لا بدَّ من أن يرضى الله عنك وأن يُرضي عنك هذا الإنسان، فهذه الكلمة: من آثر دنياه على آخرته خسرهما معاً، ومن آثر آخرته على دنياه ربحهما معاً.

 

فموضوع الحفظ :


الله عز وجل يقول في محكم كتابه:

﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)﴾

[ سورة يوسف ]

الإنسان أحياناً يسافر، فأثناء سفره هل يضمن أن ابنه خرج من البيت، وسيارة طائشة أصابته بحادث, أيضمن حدوث خلل بالبيت؟ ارتعب الأهل, دخل غريب الدار, مرض الأهل والولد, أما المؤمن إذا أزمع السفر يدعو بهذا الدعاء:

(( اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ ))

[ أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما ]

بهذا الدعاء تحس أعصابك تخدرت، الله خليفتك بالبيت، يحفظ أهلك وأولادك ومالك وكل شيء، وترى أدلة، ترى كيف أن الله عز وجل حفظ لك ولدك من حادث خطير, نجا بأعجوبة، هذا حفظ الله عز وجل. قال: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) لكن ما عند الله لن تناله إلا إذا اتبعت منهجه، حفظ المال بتأدية الزكاة، حفظ الجوارح بطاعة الله، عينٌ تغض عن محارم الله، عين تبكي من خشية الله، ترثها لا ترثك، في فرق بين أن ترثها وأن ترثك .

(( وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا, وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ))

فالإنسان المؤمن ما دام لسانه ينطق بالحق، وبصره ينظر إلى آيات الله لا إلى عورات المسلمين، وسمعه يستمع به الحق، ما دام المسلم هكذا, أغلب الظن: أن الله سبحانه وتعالى يحفظ له هذه الجوارح، أي أن في حالة اسمها: حالة الأمن، المؤمن يشعر بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيّعه, هذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

[ سورة الأنعام  ]

إذن: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) أحياناً الأب عنده حرصٌ على ابنه لا حدود له، لكن لو حصل خلل بالخلايا الداخلية، ونمت هذه الخلايا نمواً عشوائياً، الأب ماذا بيده أن يفعل؟ بيده أن يتألم فقط، أما الإله كل شيء بيده ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) فالذي يحفظ هو الله عز وجل.

 

ما الذي يشد العبد إلى الدين؟


أقسم لي بالله رجل يقود سيارته في طريق طويل، وسرعته عالية، ونام وهو يقود السيارة، ورأى مناماً، واستيقظ في الوقت المناسب قبل أن يقوم بحادث مروع مدمِّر، فإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟.

تلاحظ: أن من حكمة ربنا عز وجل أنه أحياناً من اعتمد على ذاته، من اتكل على نفسه، من اعتمد على ذكائه، على ماله، على معارفه، على أصدقائه، على اتصالاته، مثل هذا الإنسان على أتفه الأسباب يدمر، وربُنا عز وجل حينما يدمره على أتفه الأسـباب يجعله عبرة للناس.

ما من عبد يعتصم بي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السموات بمن فيها, إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته, إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأرسخت الهوى من تحت قدميه, وما من عبد يطيعني, إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني، وغافر له قبل أن يستغفرني

لذلك: أقوى شيء يشدك إلى الدين معاملة الله لك، بعد أن تصطلح معه، تشعر بعنايته، وتوفيقه، وإلهامه، وتسديده، وحفظه, وتأييده, ونصره، في إلهام، فالله عز وجل يلهمك أن لا تسافر، لأن بالسفر هلاك، أحياناً تنشأ حوادث ضخمة، قبل يوم من الاجتياح سحب كل ماله وجاء به إلى بلده، من اليوم الثاني فقد كل ماله، يوم واحد من ألهمك؟ الله عز وجل: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً ) كلمة خير حافظاً: أي إن اعتمدت على ذكائك، أو على عقلك، أو على مالك، أو على أتباعك، أو على جماعتك، أو على صلاتك، أو على أشخاص أقوياء، أو على تخطيطك، أو على تدبيرك لا ينفعك: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )  

كفار قريش أليست معارضتهم لرسول الله هدفها الحفاظ على ما هم فيه؟ فبشكل واقعي ودعك من القيل والقال ، زعماء قريش حينما عارضوا النبي، وكفروا به، وكادوا له، وأخرجوه، وحاربوه، واضطهدوا أصحابه، أليس من أجل أن يحافظوا على مكانتهم في مكة، وعلى زعامتهم، وعلى أموالهم، وعلى شأنهم في الجزيرة؟ فما الذي حصل؟.

دمروا، وقتلوا، ومزقوا، وشردوا، من الذي انتصر عليهم؟ رسول الله وأصحابه، الذين اتبعوه، هذا شيء متكرر دائماً يؤكده قوله تعالى:

﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)﴾

[ سورة الأعراف ]

الأمور تدور وتدور وتدور، لا تستقر إلا على تكريم المؤمن وحفظه: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) 

الحقيقة كلمة حفيظ لها معنيان : 

المعنى الأول: حفيظ بمعنى عليم، الله لا ينسى، حفيظ لا ينسى, كل أعمالك، كل أقوالك، كل مواقفك، كل عطاءاتك، كل منعك، كل الصراعات التي في ذهنك، كل ما أنت فيه محفوظٌ عند الله عز وجل.

 

أمثلة عن الفراسة :


أيها الإخوة الكرام؛ من أمثلة الفراسة التي كان سيدنا عمر متفوقاً بها: أنه مر به سواد بن قارب ولم يكن يعرفه، فقال سيدنا عمر: لقد أخطأ ظني، أو أن هذا كاهن، أو كان يعرف الكهانة في الجاهلية -رجل لا يعرفه-, فلما جلس بين يديه, قال له عمر ذلك: هل أنت كاهن أو تعرف الكهانة؟. 

قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين! ما استقبلت أحداً من جلسائك بمثل ما استقبلتني به - لماذا اخترتني بالذات؟ لماذا قلت لي: هل أنت كاهن؟-.

فقال له عمر -رضي الله عنه-: ما كنا عليه في الجاهلية أعظم من ذلك، ولكن أخبرني عما سألتك عنه. 

قال: صدقت يا أمير المؤمنين، كنت كاهناً في الجاهلية. ثم ذكر القصة.

العلماء قالوا: أصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور الذين يهبها الله عز وجل لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك، قلبٌ حيّ وفيه نور فلا تكاد فراسته تخطئ، قال تعالى:

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) ﴾

[ سورة الأنعام ]

آية واضحة، قلبه كان ميتاً فأصبح  حياً، وفي هذا القلب نور يمشي به في الناس: ( كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) كان ميتاً بالكفر والجهل، فأحياه الله بالإيمان والعلم، وفي بعض الأدعية التي أفتتح بها بعض الخطب: 

اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ، فالآية مصداق ذلك: ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) والقرآن هو النور، يستضئ به في الناس على قصد السبيل، ويمشي به في الظُلَم.

 

فراسة المتفرِّس :


العلماء قالوا: فراسة المتفرِّس تتعلق بثلاثة أشياء : 

1- تتعلق بعينه . 

2- وبأذنه . 

3- وقلبه .

فعينه للسيماء والعلامات .

وأذنه للكلام والتصاريح، والتعريض، والمنطوق، والمفهوم، وفحوى الكلام، وإشارات الكلام، ولحن الكلام، وإيماء الكلام .

وقلبه للعبور والاستدلال من المنظور والمسموع إلى باطنه وخفيه، فيعبر إلى ما وراء ظاهره، كعبور النقَّاد من ظاهر النقش والسِكَّة إلى باطن النقد والاطلاع عليه هل هو صحيحٌ؟.

في فراسة بالعين، في فراسة بالأذن، بالعين سيماء، علامة، حركة، حركة غير معقولة ، بالأذن لحن القول، كلام منمَّق، مديح غير معقول، في وراءه قصد. 


واقعة :


مرة إنسان وسطني أن أقنع جهة أن تقبل تبرُّع أرض لمسجد، ما كان يخطر في بالي على الإطلاق: أن يتبرع إنسان بأرض لمسجد لمصلحة مادية محضة، في أراضي غير منظمة, فإذا تبرع بمسجد تنظم هذه الأراضي، وترتفع أسعارها إلى أرقامٍ عاليةٍ جداً، هو يجني أرباحاً طائلة من تقديم أرضٍ لبناء مسجد، من يعرف ذلك؟ لو ذكرت هذا لآلاف الأشخاص يكبرون هذا العمل, ولكن الله عز وجل يعلم الحقيقة، فالإنسان حينما يكون مع الله عز وجل, أحد ثمرات هذا القرب من الله: أنه يجعل له نوراً يمشي به في الناس.

 

قصة :


الإنسان ولا سيما القاضي يميِّز بين الصادق والكاذب، الخبراء أحياناً بكل قضية فيها مشكلة في تحكيم، من عنده فراسة يكشف الحقيقة بشكل سريع.

إنسان رافق قافلة في الصحراء, معه مبلغ كبير من الذهب، افتقد المبلغ، فجاء شيخ القافلة وحدثه بالقصة، فجاء شيخ القافلة بخيمة ووضع بها حمار، وأمر أتباعه أن يدخلوا لهذه الخيمة, وأن يمسكوا ذيل الحمار، وأوهمهم أن السارق إذا أمسك ذيل الحمار ينهق الحمار، وأجبرهم، في الحقيقة الحمار ما نهق. ولكن بعد أن دخلوا وخرجوا، قال: مدوا أيديكم, وضع بذيل الحمار نعنع له رائحة عبقة، فشم أيديهم، أحدهم لم يظهر على يده أثر النعنع، قال: أنت الذي أخذت المبلغ، هو خاف، صدق هذا الكلام، فلم يمسك بذيله في الخيمة، فكُشِف.

في أيام أشياء معضلة، الله عز وجل يلهم القاضي أو المحقق فيكشفها، هذه من الفطنة.

 

للفراسة سببان هما؟


فقالوا: للفراسة سببان؛ أحدهما جودة ذهن المتفرِّس، وحدة قلبه, وحسن فطنته.

أي أنه قضية ملكات عالية جداً، وفي قصص كثيرة كيف إنسان عرف الحقيقة بسبب تافه؟.

امرأتان جاءتا إلى قاضٍ، تدعي كل منهما أن هذا الولد ابنها، فقال: أقسموه نصفين وأعطوا كل امرأة نصف, فالأم الحقيقية قالت: لا هو لها, لأنها شعرت بعطفٍ عليه، فعرف أمه الحقيقية من أمه الكاذبة.

فالفراسة تحتاج إلى حدة ذهن، وإلى جودة، وإلى حدة قلب، وحسن فطنة.

والشيء الثاني: ظهور علامات خفية، وأدلة على المتفرس فيه.

فإذا اجتمع السببان؛ حدة ذهنٍ، وعلامات خفية، ظهرت على وجه المتفرَّس به، تكاد الفراسة لا تخطئ، أما إذا كانت واحدة, تخطئ وتصيب، أما إن لم يكن هذا ولا ذاك قلما تصيب الفراسه، أي ذهن محدود وعلامات غير موجودة، فالفراسة ليس لها معنى.

قال: إياس بن معاوية من أعظم الناس فراسةً، وله وقائع مشهورة.

والإمام الشافعي أيضاً كان له فراسة رائعة جداً، وإنه له فيها تآليف.

 

الخلاصة :


أيها الإخوة؛ عودٌ على بدء: الفراسة أحد ثمار الإيمان، والحياة فيها مطبَّات كثيرة جداً، فيها أشخاص مخادعون، فيها أشخاص خبثاء، في أشخاص لهم مظهر حسن، ومخبر سيِّء، فمن أجل أن تنجو من ورطات، من إشكالات، من احتيالات، الله عز وجل كرَّم المؤمن بفراسةٍ تكاد لا تخطئ: (( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله )) وهذه الفراسة جزء من النور الذي يقذفه الله في القلب، والآية الكريمة:

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) ﴾

[ سورة الأنعام  ]

هذا النور هو الفراسة، فأنت تختار أحسن الناس، وأحسن الأصدقاء، وأفضل الزوجات بهذه الفراسة الصادقة، فتعرف الطرف الآخر إما بعينك من علامات خفية، أو من لحن القول ، أو بحدة ذهنك, تستنبط من هذه العلامات حُكم، أو بنورٍ يقذف في قلبك كما قلت قبل قليل يكشف لك الحقيقة.

و الحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور