وضع داكن
29-03-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 2008 - الدرس : 06 - التربية الاجتماعية -1- ظاهرة السرقة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السادس من دروس تربية الأولاد في الإسلام ولا زلنا في التربية الاجتماعية.

الأبوة المثالية طريق إلى سعادة الدنيا والآخرة:

 لابدّ من مقدمة:
 القاعدة الذهبية الرائعة: درهم وقاية خير من قنطار علاج، فكلما كان الأب أعلى وعياً، وفهماً، وإدراكاً للمسؤولية، كلما كان الأب عالماً برسالته تجاه أولاده، كلما كان الأب متمثلاً المسؤولية التي حمله الله إياها، سلك الوقاية قبل العلاج، درهم وقاية خير من قنطار علاج.

مرة سيدنا معاوية سأل أحد أكبر دهاة العرب (عمرو بن العاص)، قال له: يا عمرو، ما بلغ من دهائك ؟ قال له: والله ما دخلت مدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، قال: يا عمرو لست بداهية، أما أنا، والله ما دخلت مدخلاً أحتاج أن أخرج منه، أنا في الأساس لا أدخل.
 فهناك مشكلات لا تعد ولا تحصى في الأسرة، يجب أن نعلم جميعاً، ومن دون خجل، ومن دون تحفظ، أن معظم أخطاء الأولاد بسبب الآباء، الأبوة مسؤولية، الأبوة أمانة، الأبوة رسالة، الأبوة المثالية طريق إلى سعادة الدنيا والآخرة، الأبوة المثالية مكافأتها في الدنيا قبل الآخرة، ما المكافأة في الدنيا ؟ أن يكون ابنك قرة عين لك، المشاعر التي تنتاب الأب الذي اعتنى بأولاده، ورآهم ملء السمع والبصر، خلقاً، وديناً، واستقامة، هذه المشاعر لا تقدر بثمن، ولا توصف.
 أيها الأب، أيتها الأم، أنت الرابح الأول، وأنت الرابحة الأولى، إذا اعتنيتما بالأولاد، وقد ورد:

(( أفضل كسب الرجل ولده ))

[ أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي برزة بن نيار ]

 أي أفضل كسب على الإطلاق ابنك، لأنه امتداد لك، لأنه به يستمر وجودك.

 

 

 

أخطاء أفراد المجتمع من قياداته و معظم أخطاء الأولاد من الآباء:

 كنت أقول لكم دائماً: أنت باستقامتك على أمر الله تحقق سلامة وجودك، وأنت بالعمل الصالح، والبذل والتضحية، والتقرب إلى الله تحقق كمال وجودك، وبتربية أولادك تحقق استمرار وجودك.
 صدقوا أيها الأخوة، حينما يموت الأب، ويخلف ولداً صالحاً أقول بملء فمي: الأب لم يمت، ما دام هذا الابن خليفته يمشي على نهجه، تأدب بآداب الإسلام، الأب لم يمت.
 إذاً الحقيقة المرة لا توارب، لا تتهرب، معظم أخطاء الأولاد من الآباء، معظم أخطاء الطلاب من المعلمين، معظم أخطاء أفراد المجتمع من قياداته، معظم أخطاء التلاميذ في المسجد من الذي لا يحسن بناء نفوسهم، هذه الحقيقة المرة، واعتمدوها دائماً، وهي أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
 مثلاً: القسوة الشديدة من الأب تعلم ابنه الكذب، إذا في اعتدال، في هدوء، في وعي، في مسامحة، يا بني تكلم ما الذي حصل ؟ أنا أبوك، أنا أنصحك، أنا أرشدك، أما الضرب الشديد، والسُباب، يصبح الابن منخلع القلب من البوح لأبيه مما جرى، ما لم يكن ابنك صديق لك، وما لم تكن ابنتكِ صديقة لكٍ، لن يبوح، ولن تبوح لك ولها بما حصل.

تربية الأولاد أعظم عمل على الإطلاق:

 إخوانا الكرام، الذي يحصل دائماً الموقف المتطرف سهل، أن تسيب عملية سهلة، ألا تبالي، ألا تأبه، ألا تدقق، ألا تحاسب، ألا تراجع، القضية سهلة، أب مهمل.
 وأنا والله يا أخوان من أعماق أعماقي أقول لكن بتعريف لليتيم لم يكن من قبل اليتيم: من يجد أماً تخلت، أو أباً مشغولاً، هذا اليتيم، اليتم الحقيقي أب مشغول، أم متفلتة، أم همها مكانتها، وزينتها، والافتخار بزوجها، ورحلاتها، وولائمها، وما في يدها من حلي، والأب من نزهة إلى نزهة، ومن صديق إلى صديق، والأولاد ضاعوا، من معاني اليتم الحقيقي أب مشغول، وأم لا ترعى أولادها.
 تربية الأولاد أعظم عمل على الإطلاق، ولاسيما في هذه الأيام، أيام التفلت، أيام النساء الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، في أيام الانترنيت، في أيام الفضائيات، في أيام المجلات، في أيام رفقاء السوء، في أيام المحمول وما فيه من أفلام وصور، في مثل هذه الأيام يحتاج الأب إلى كم كبير جداً من العناية بأولاده حتى يكونوا قرة عين له التساهل سهل، والتعنيف سهل، الأب يغضب يضرب ضرباً مبرحاً، يشفي غليله، وما فعل شيئاً لكنه عقّد المشكلة، وأقام حاجزاً بينه وبين ابنه، والذي يحصل أنا أسميها حلقة مفرغة الأب يسيب، لا يبالي، لا يدقق، لا يحاسب، الابن يتفلت، يرى أباه لا يحاسبه يزداد تفلتاً، يرى أباه لا يبالي في مجيئه إلى البيت ينام خارج البيت، ثم يكتشف الأب فجأة أنه خسر ابنه فيقسو قسوة غير طبيعية، من تسيب غير مقبول، وغير معقول، إلى قسوة غير مقبولة وغير معقولة، هذه مشكلة الأسر اليوم، تسيب، وقسوة، التسيب تبعه تفلت، والقسوة تبعها حاجز بين الأب وابنه، هذا الواقع.

ابنك امتداد لك فعليك متابعته و توجيهه دائماً:

أيها الأخوة، لكن المتابعة صعبة، وأنت هادئ، ضابط أعصابك في مشكلة في البيت، تعالجها بحكمة، بهدوء، بحلم، بنصيحة، بمتابعة، بتوجيه، بإلقاء حكمة، بأن يكون ابنك معك، بأن تعلمه، بأن توجهه، المتابعة صعبة، بالتعبير الدقيق الثمن باهظ والنتائج رائعة.
 شيء آخر: الناس أنت لهم، وغيرك لهم، أما أولادك من لهم غيرك ؟ من المسؤول عنهم غيرك ؟ من المحاسب عنهم غيرك ؟ من الذي سيتألم إذا انحرفوا غيرك ؟ دقق تمشي في الطريق لا سمح الله، ولا قدر، رأيت شباباً ثلاثة، أحدهم ابنك، والثاني ابن أخيك، والثالث صديق ابن أخيك يدخنون، أنت تصبح كالمرجل، على من ؟ على ابنك، لأنه لصيق بك، لأنه امتداد لك، لأنه قدرك، ابن أخيك تعنفه ولكن بحدة أقل، أما صديق ابن أخيك تقول له انصرف إلى البيت، أما الألم والغليان على من؟ على ابنك، لأنه جزء منك، لأنه امتداد لك، لأنه قدرك، لأنه مصيرك.
 والله أيها الأخوة، بحكم عملي في الدعوة إلى الله لثلاثة و خمسين عاماً مضت، والله يتصل بي آباء يكاد يموتون ألماً من تفلت أبنائهم، وضياعهم، وسقوطهم، وشقائهم في الدنيا والآخرة.

بطولة الأب الحكيم و اليقظ أن يعالج مشاكل أبنائه من بدايتها قبل أن تستفحل:

 بالقرآن إشارات لطيفة جداً:

﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾

[ سورة النساء الآية: 34 ]

 النشوز لم يقع، لكن له علامات مبكرة فالأب اليقظ، والأب الحكيم، والأب المربي، والأب المؤمن، ينتبه لهذه العلامات التي تؤشر على وقوع نشوز

﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾

 أنا لا أدقق في معاني الآية هذه، أدقق في فكرة واحدة أن الإنسان المربي يتنبه للشيء من بداياته، دخلت إلى البيت فجأة ابنتك وضعت السماعة في مكانها كان في مكالمة، وخافت حينما رأتك، مع من ؟ أين كنت ؟ اضطربت، اضطراب الابن في مشكلة، لمن هذه الساعة ؟ صار في تلعثم، التلعثم بداية، أنت كأب بطولتك أن تعالج الأمر قبل أن يقع، لمجرد وجود إشارات، علامات بسيطة

﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾

 أنا يعنيني من هذه الآية ليس معناها الدقيق ولكن التنبه إلى ظاهرة من بدايتها.
 الآن حتى بالطب أي عرض لمرض إن تنبهت إليه في وقت مبكر العلاج سهل جداً، أما بعد أن يستفحل المرض صار العلاج صعب جداً.
 هذا الكلام لمن ؟ دقق، للآباء، للمعلمين، للمربين، للدعاة، لكل منصب قيادي مدير مستشفى، مدير جامعة، مدير ثانوية، مدير معمل، أي منصب قيادي، والأب والأم في الدرجة الأولى.

العاقل من يعرف من هو صديق ابنه:

 الآن هناك دراسة نفسية دقيقة تؤكد هذه الدراسة أن تأثير الأب، والأم، والأخ الأكبر، والأخت الكبرى، وخطيب المسجد، والمعلم كل هؤلاء تأثيرهم 40%، ورفيق السوء تأثيره 60%.

مدرس تربية إسلامية في محافظة نائية من محافظة بلدنا في الشمال الشرقي، له ابن، أدخله معهداً شرعياً، له رفيق سوء، هذا الرفيق دلّه على الدخان، ثم انحرف به أخلاقياً، ثم امتهن تجارة المخدرات، ثم سافر إلى بلد شرقي بعيد، ثم اتهم بالعمالة لجهة غربية، ثم أُعدم، قصة في الانترنيت، رفيق السوء نقله من الدخان، إلى الفاحشة، إلى المخدرات، إلى العمالة، إلى الإعدام.
 اسمعوا هذه الكلمة بالصوت العالي: لابدّ من أن تعرف من هو صديق ابن، أو من هم أصدقاء ابنك، ومن هم صديقات ابنتك، في الدرجة الأولى، وأنا أعني ما أقول الفضل لله عز وجل، الذي أقوله لا آخذه من كتب آخذه من واقع.
 كان عندي شاب بالمسجد، تائب، منيب، صائم، مصلي، رائع، اختفى، سألت عنه، كان مع رفقاء السوء سابقاً في عصابة سرقة، ألقي القبض عليها، وكان عضواً فيها، وكانت مهمته مراقبة الطريق من بعيد لأصدقائه أثناء سرقتهم البيوت، فلما قبض عليها أعطوا اسمه أثناء التحقيق، أُلقي القبض عليه وأدخل السجن، حُكم ست سنوات، طبعاً أنا اعتنيت به كثيراً، أرسلت له أخوة إلى السجن لكن وقع الذي وقع.

بطولة الإنسان أن يضع يده على أسباب السعادة لأن السعادة ليست بالمال أو الجاه:

 أيها الأخوة، صدق، ولا أبالغ يمكن أن تعيش في بيت متواضع جداً، تأكل خشناً، ترتدي ثياباً قديمة، وبيتك منتظم، وزوجتك وفية، وابنك بار، أنت ملك، أساساً الملك سأل وزيره من الملك ؟ قال له: أنت، قال له: لا، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، و زوجة ترضيه، و رزق يكفيه.
بطولتك أن تضع يدك على أسباب السعادة، السعادة في الطهارة، في العفة، في الاستقامة، في الصدق، في أسرة متماسكة، بين أفرادها الحب، والوداد، أحياناً يموت الأب، أنا أتابع بعد موت الأب ما الذي يحصل ؟ بعض الأسر، سبحان الله ! الأسرة متماسكة متفاهمة، متعاونة، وما غابت إلا عين الأب، وفي أسر يموت الأب، يتنافسون على الميراث، يتقاتلون، يتناحرون، يختصمون في المحاكم، تصبح قصصهم حديث المجتمع.

لا معصية قبل التكليف:

 أيها الأخوة، هناك ملاحظة، هذه الملاحظة قاعدة في قانون العقوبات، لا معصية قبل التكليف، من عادات الآباء يفاجئون في أخطاء أولادهم، يضربونهم، أنت بلغته أن هذا العمل لا يجوز ؟ بينت له؟ وضحت له ؟ أرشدته ؟ نبهته ؟ أخبرته ؟ لا، العمل أزعج الأب انهال عليه ضرباً، هذه آثار التربية السيئة، بيّن، يا بني هكذا نفعل، هكذا نعامل الناس، هكذا نصادقهم، هكذا نتعامل معهم.
إذاً إياك أن تعاقب قبل أن تنبه، وإياك أن تعاقب قبل أن تنبه مرة، ومرتين، وثلاث مرات، الإنسان قد ينسى، اجعل هذا منهجاً.

عناية الإنسان بحرفته لتوفير الحاجات الأساسية لأسرته:

 لو سألتني (طبعاً في الدرس الماضي كان الدرس عن الكذب، واليوم عن السرقة، لكن أريد تمهيداً دقيقاً ) ما الوقاية من السرقة ؟ الوقاية أن تعتني بحرفتك، أن تتقن عملك، أن تكون مجتهداً فيه، حتى تكسب مالاً حلالاً وفيراً تلبي حاجات أسرتك، حينما تُؤمن الحاجات الأساسية يشد الابن إلى أبيه وأمه، يشد إلى البيت، البيت معقول، لا أتكلم عن الفخامة أبداً، أتكلم عن بيت معقول فيه الحد الأدنى من الشروط الأساسية، طعام، ثياب، تدفئة، مصروف معقول، هذا ثمنه أنك أتقنت عملك، ورد في بعض الآثار:

(( من أمسى كالاً من عمل يديه أمسى مغفوراً له ))

[ أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]

 أنا عملي، أنت حينما تقوم بعملك، معك حرفة، تحمل شهادة عليا، عندك عيادة، مكتب هندسي، تجارة متواضعة، لك دخل، دوام منضبط، صنعة متقنة، معاملة للناس طيبة، لك رزق وفير، هذا الرزق تنفقه على عيالك، والله كلمة قالها صحابي جليل والله تكتب بماء الذهب، قال: حبذا المال، أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي.
 طفل ثيابه جيدة، معطف بالشتاء، حاجاته الأساسية مؤمنة، له غرفة بالبيت، يأكل طعاماً جيداً، له طموحات بكومبيوتر، بجهاز وفره له أبوه، هذا الابن الذي عمل أباه عملاً متقناً، وكسب مالاً حلالاً، أقسم لكم بالله الأب عمله في عبادة، لأنه يحقق رسالة الأبوة.

 

الحرفة المشروعة عبادة:

 اسمعوا هذا الكلام الدقيق: مهنتك، حرفتك التي ترتزق منها، إذا كانت في الأصل مشروعة، تجارة أقمشة مشروعة،

تجارة أخشاب، تأجير أفلام غير مشروعة، مبيع دخان غير مشروع

أحياناً مقهى انترنيت لو تتبعت هؤلاء الذين يجلسون حتى منتصف الليل يفتحون على مواقع لا ترضي الله عز وجل، هناك آلاف المصالح لا ترضي الله، أبداً، أنا أقول عن حرفة هي في الأصل مشروعة ترضي الله، وسلكت بها الطرق المشروعة صدق، أمانة، إخلاص، إتقان، سعر معتدل، في المحل لا يوجد غمز، ولا لمز، ولا نظرة مريبة من شاب لفتاة، تقام في هذا المحل الصلوات، أو في المسجد، هذا المحل التجاري منضبط، إذا كانت حرفتك مشروعة، وسلكت بها الطرق المشروعة، وابتغيت منها كفاية نفسك، وأهلك، وخدمة المؤمنين، أو الناس أجمعين، ولم تشغلك عن واجب، ولا عن فريضة، ولا عن طلب علم، ولا عن عمل صالح، استمع إلى النتيجة، انقلبت هذه الحرفة إلى عبادة، قالوا: عادات المؤمن عبادات، وعبادات المنافق سيئات.
 إنسان (أقول لكم بكل دقة) أخذ أهله نزهة منضبطة، أطعمهم طعاماً طيباً، لاعب أولاده، أُقسم لكم بالله هو في قمة العبادة، لأنه أدخل على قلب أهله السرور، كان أباً مثالياً، بحثت طويلاً عن ثياب لابنك يحبها جميلة، فرح بها، اعتز بها.
 اسمحوا لي بهذه الكلمة لا تعدوها قاسية: في عالمنا الإسلامي الأب محترم أكيد بثقافتنا الإسلامية، لكن المطلوب لا أن تكون محترماً أن تكون محبوباً، والأب لا يُحب إلا إذا كان محسناً، بتقاليدنا، بعاداتنا، بثقافتنا، بما نشأنا عليه الأب محترم جداً لكن أنا أقول لك: بطولتك لا أن تكون محترماً بل أن تكون محبوباً.

السعادة ليس لها علاقة بالمال إطلاقاً إنما علاقتها بالقيم الإنسانية و الحب:

 سؤال: أحياناً يشعر أهل البيت وكأنهم في عيد، لكن متى ؟ إذا دخلت أم إذا خرجت ؟ هنا البطولة، في بعض الآباء إذا خرجوا خلص الشر، والصراخ، والسُباب، و الضرب، صار العيد في البيت، أنا والله حينما أرى أباً يدخل بيته فإذا الأهل يكادون يرقصون فرحاً أقول هذا أب ناجح، يجب أن تجعل بيتك جنة، يجب أن تجعل بيتك جنة بيدك، تقول لي: دخلي محدود، يمكن أن يأكل أولادك أخشن الطعام، وأن يرتدوا ثياباً مستعملة سابقاً، بأصغر بيت، لكن في حب بالبيت، في حب، السعادة ما لها علاقة بالمال إطلاقاً، علاقتها بالقيم الإنسانية، علاقتها بالحب.
 يا رسول الله كيف حبك لي ؟ قال لها: كعقدة الحبل، تسأله من حين لآخر كيف العقدة ؟ يقول: على حالها.
 والله بإمكان كل واحد منا، ولا أستثني واحداً أن يجعل بيته جنة، على ما هو عليه، بيت صغير، كبير، أجرة، ملك، جنوبي، شمالي، فوق الأرض، تحت الأرض، دخل محدود، دخل غير محدود لا يفرق، بلطفك، وإيمانك، وعطفك، ومحبتك لأولادك يصبح البيت جنة.

البيت أحد أسباب سعادة كل إنسان:

 الآن إذا كنت مرتاحاً في البيت جهدك في الخارج يتضاعف، مرتاح، الزوجة محبة، الابن بار، في انضباط، في حب.
 لذلك الكلمة التي أتمنى أن تحفظوها: حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي، والله أنا أحياناً أشاهد أباً مثالياً أثني عليه، ما شاء الله ! أب من الطراز الأول، حاجات أولاده مُؤمنة كلها، ضابط أموره، ضابط حركاته، دراستهم، أعمالهم.
 والله التقيت بعالم، قال لي: عندي 38 حفيداً، 13 طبيب منهم، وأكثرهم حفاظ لكتاب الله، هذه أبوة.
 إخوانا الكرام، البيت أحد أسباب سعادتك، ورد في بعض الأقوال: جنة المؤمن داره، وبصراحة الأب الناجح المؤمن في البيت مرح جداً، يروي طرف، يلاعب أولاده، كان النبي يمشي ويركب الحسن والحسين على ظهره وهو سيد الخلق وحبيب الحق، هكذا النبي علمنا، كلما وقعت عيني على طفل أقول: يا رب هذا هدية من الله لوالديه، يمكن أن يكون سبب سعادتهما، ويمكن أن يكون سبب شقائهما.
 قال لي أب: والله إذا دُهس ابني لأقيمن مولداً فرحاً بموته، والله، يا لطيف يحكي لي قصص عنه بلاء من الله.

على الإنسان مراعاة مشاعر الغير:

 أنا أتكلم بشكل خلفي حول موضوع السرقة، أتحدث عن الوقاية، الوقاية أن تتقن عملك، وأن تكسب مالاً حلالاً يغطي حاجات أولادك، فإذا أولادك يلتصقون بك، وهم بيدك أنت توجههم، وبالمقابل المال الزائد الغير منضبط يفسد الأولاد.

بصراحة، أنت مؤمن، ودخلك كبير، تعطي ابنك بالابتدائي خمسمئة ليرة، الابن ما عنده كمال، يقول لرفيقه معي خمسمئة ليرة، كسرت قلب أصدقاء ابنك، أو في أكلات غالية جداً ثمن القطعة مئتي ليرة أحياناً، أربع خمس قطع في الحقيبة، يفتخر أمام أصدقائه، اسمعوا هذا الحديث بالأثر النبوي:

(( أتدرون ما حق الجار ؟ إن استعان بك أعنته، وإن استنصرك نصرته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن مرض عدته، وإن مات تبعت جنازته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فاهدِ له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ))

[ من تخريج أحاديث الإحياء عن عمرو بن شعيب ]

 أعطِ ابنك المبلغ الذي يستطيعه معظم الطلاب، قطعة فاكهة يقدر عليها كل أولياء الطلاب، شطيرة عادية، أطعمه في البيت أطيب الطعام، أما في المدرسة أعطيه شيئاً لا يسبب حرجاً لمن حوله.
 أيها الأخوة الكرام، أنا عالجت موضوع السرقة لكن بأسلوب غير مباشر، أنت حينما تكفي أولادك يرتبطون بك، بك وبقيمك، بك وبدينك، بك وبثقافتك.
 وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الدرس سبباً للتنبه لخطورة تربية الأولاد في الإسلام.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور