وضع داكن
20-05-2024
Logo
محاضرات خارجية - مقتطفات من برنامج سواعد الإخاء - الموسم 4 لعام 2016- تركيا : من الحلقة ( 25) - علاقة الإنسان باسم القدوس
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد الصَّادق الوعد الأمين.
نستخلص من اسم القدوس أنه منزّه عن كل ما لا يليق به، والقسم الثاني: أن نمجّده في كمالاته، الآن موقف المسلم من هذا الاسم، كأن هناك طريقاً إلى الله، هذا الطريق ما دام فيه معاصٍ وآثام ممتلئ بالصخور التي تحول بينك وبين سلوك هذا الطريق، فلا بد من الاستقامة، الموقف العملي من هذا الاسم، ما دام الله -عزَّ وجلَّ- في أصل كمالاته منزهاً عن كل ما لا يليق به فكل معصية تعد حجاباً بينك وبين الله، أو بمعنى مادي: كل معصية حجرة كبيرة تسد عليك السير في هذا الطريق، فأول مرحلة من مراحل التعامل مع هذا الاسم الاستقامة، يقول لك: أنا ما أكلت مالاً حراماً، لا أغتاب، أي كل الموبقات وكل المعاصي والآثام تُنفى، فالاستقامة سلبية ليست إيجابية؛ ما فعلت، ما كذبت، ما تكبرت، ما اغتبت كلها بالماءات هذه رائعة جداً، وهذه المرحلة الأولى لكن ليست هي الكمال، أول شيء أن تبتعد عن كل معصية وإثم، هذا أحد فهمنا لاسم القدوس، الشيء الثاني: أن تتحرك بأعمال صالحة. 

﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُ ۥ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)﴾

[ سورة فاطر ]

الاستقامة سلامة، لو أخذنا سبع مليارات إنسان الآن ومئتي مليون أحدث إحصاء للبشر، ما منهم واحد إلا وهو حريص حرصاً لا حدود له على سلامته، وحريص على سعادته وعلى استمراره، فأنا أرى أن السلامة بتطبيق تعليمات الصانع، إن الإنسان أعقد آلة في الكون، هذا التعقيد تعقيد إعجاز، لا تعقيد عجز، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم وهو الله -عزَّ وجلَّ- تعليمات التشغيل والصيانة، فانطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامتك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع، إنسان يمشي في فلاة رأى لوحة كُتب عليه (حقل ألغام، ممنوع التجاوز) بربكم، هل تُعدّ هذه اللوحة حداً لحريتك أم ضماناً لسلامتك؟! وفي اللحظة التي نفهم فيها حدود الله ضمانات لسلامتنا وليست حداً لحريتنا نكون فقهاء، ضمان لسلامتك إنه هو الصانع، هو العليم، والدليل:

﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

[ سورة فاطر  ]

الله هو الخبير، فأنا حينما انطلق من ترك المعاصي والآثام حرصاً على سلامتي في علاقتي مع الله، لا يكفي ما أكلت مالاً حراماً، ما اغتبت، ما غششت، ما... كلها ماءات، أريد إيجابيات الآن بذل، العمل الصالح حركة، أول عملية نظفت هذا الطريق من كل عقبة تحول بينك وبين السير فيه، بعد ما نظفته يوجد حركة (وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُۥ) بالعمل الصالح تمشي على هذا الطريق، حسناً الإنسان مفطور على حب سلامة وجوده، وحب كمال وجوده، وحب استمرار وجوده، سلامة الوجود بالاستقامة، وكمال الوجود بالعمل الصالح لأنه حركة (وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُۥ) ، واستمرار الوجود هنا- كنت أقول، كنت في أمريكا: لو بلغت منصباً-وقتها كان كلينتون- ككلينتون، وثروة كأونسيس، وعلماً كأنشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس-، فأنت حريص على سلامة وجودك بالاستقامة، وكمال وجودك بالعمل الصالح، واستمرار وجودك بتربية أولادك، هذا منهج سيدي مأخوذ من قدوس؛ منزه عن كل ما لا يليق به، وممجد بكمالاته، فأنت تريد جانب سلبي: الاستقامة، وجانب إيجابي: العمل الصالح، وجانب استمراري: تربية أولادك.
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور