وضع داكن
28-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 132 - تربية الأولاد في زمن الفتن.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحباً بكم مستمعينا الكرام، على الهواء مباشرة عبر أثير إذاعتكم حياة fm في مجلس علم جديد، وحلقة إيمانية مع فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 نبدأ بقول تعالى:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾

[سورة الأنفال:28]

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على كل خير.
 نتحدث اليوم عن تربية الأولاد في زمن الفتن، دكتور هل هذا هو زمن الفتن؟

 

الابتلاء علة وجود الإنسان في الأرض :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
 الحقيقة الدقيقة أنه لا بد من موضوع أكبر من عنوان هذا اللقاء الطيب وهو أن علة وجودنا في الأرض هو الابتلاء، قال تعالى:

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

 الآية الثانية:

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون : 30]

 للتوضيح الدقيق؛ إنسان أرسله أبوه إلى باريس لينال الدكتوراه من جامعة السوربون، باريس مدينة عملاقة، فيها مسارح، فيها ملاعب، فيها دور سينما، فيها حدائق، فيها معامل، فيها متاجر، هذا الإنسان علة وجوده الوحيدة في باريس هي الدراسة، قياساً على هذا المثل علة وجودنا الأولى والوحيدة هي العمل الصالح، وهذا العمل يبدو من خلال الابتلاء، هل الكسب حلال أم حرام؟ هل هذه الحرفة ترضي الله أم تغضب الله؟ هل هذه المرأة التي تزوجها الإنسان زوجة قد تكون أم حنوناً مربية أم أماً منحرفة؟ فلا بد من الابتلاء، الابتلاء قدرنا وعلة وجودنا، الآن أحد أكبر بنود هذا الابتلاء، قال تعالى:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾

[سورة الأنفال:28]

أي هذا الابن تمنى أبوه أن يكون شخصية مهمة ولم يهتم بدينه إطلاقاً، تمنى أن يكون غنياً دون النظر في طريقة كسب المال، تمنى أن يكون قوياً أم تمنى أن يكون مؤمناً يستحق الدنيا والآخرة معاً؟ تمنى أن يكون صادقاً أميناً عفيفاً متقناً لعمله، يؤمن بالله ورسوله، يرجو ما عند الله من رحمة، البون شاسع كبير والدليل قوله تعالى:

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾

[سورة السجدة:18]

 للتقريب ممكن أن نقول: هناك مادة معينة في العسل، أو مادة أخرى فيها 24%، و 21%، و 18%، و 16%، و 11%، لكن هذه المواد من صنف واحد تتفاوت في الدرجة، لكن هناك ذهباً كمعدن نفيس وهناك معدن آخر خسيس، فالإيمان ذهب، و عيارات الذهب 24%، 21%، 18%، 16%، 11%، التفاوت بالنسب فقط، ولكن كله عبارة عن ذهب، أما المعدن الخسيس التنك فهذا شيء آخر غير الذهب، فالمؤمن معدن نفيس، لكن هذا المعدن يتفاوت فيه المؤمنين بحسب عملهم وإخلاصهم، أما الطرف الثاني فلئيم، كذوب، وصولي، اذكر ما شئت من صفات سيئة.
المذيع:
 أستاذنا الفاضل يفهم من هذا أن الابتلاء هو امتحان من الله عز وجل للناس وهو علة وجودهم في هذه الحياة، وتربية الأولاد وإنشاء عائلة هو أحد..
الدكتور راتب :
 أحد أكبر بنود هذا الابتلاء الأولاد.
المذيع:
 أستاذنا لماذا؟

 

الأولاد أحد أكبر بنود الابتلاء :

الدكتور راتب :
 لأن هذا الابن أحياناً ضمنت له الدنيا، فجاءك منه نفع كبير، أما حينما تضمن أنت له الآخرة فجاءتك الدنيا والآخرة معاً.
المذيع:
 أستاذنا هل أنا أضمن لابني آخرته؟
الدكتور راتب :
 أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك، هذا منهج في الحياة، أنا أؤدي الذي عليّ وأسأل الله الذي لي، أوضح مثل عندنا رحلة إلى العقبة، لا بد من مراجعة المحرك، والزيت، والعجلات، والوصلات الكهربائية، أنا أؤدي الذي عليّ بعدها أتوجه بأعماقي الإيمانية: يا رب أنت الحافظ، أنت المسلم، أنا أديت الذي عليّ، راجعت المركبة، و لكن رغم المراجعة قد يكون هناك حادث أليم، ومع ذلك أنا أديت الذي عليّ، لذلك قالوا: أدّ الذي عليك واطلب من الله الذي لك، أنا لا أضمن صلاح أولادي أنا عليّ أن أهيئ لهم بيئة صالحة، بيئة إيمانية، جو إسلامي، أم وأب، لقاءات مثمرة، لا يوجد انحرافات لا في الشاشة، ولا في الزيارات، ولا في الحفلات، ما دام هناك بيئة صالحة فأنا قدمت السبب وعلى الله المتابعة.
المذيع:
 أستاذنا ما هي المسؤولية الشرعية للأب والأم في تربية أولادهم إلى أين تنتهي حدودها؟

 

المسؤولية الشرعية للأب والأم في تربية أولادهم :

الدكتور راتب :
والله قبل أن يبلغ سن الرشد الأب مسؤول لأن الله عز وجل أعطاه زمام القيادة، هذا ابنك، بالمناسبة درسنا بالجامعة في علم التربية الابن تبدأ تربيته من يوم ولادته، كيف؟ هذا الوليد بكى إذاً يحتاج إلى طعام، أرضعناه، ثم بكى ثانية يحتاج إلى تنظيف، نظفناه، الآن بكى ثالثة ينبغي ألا نحمله، فإذا حملناه عودناه أن يبكي بلا سبب، تبدأ التربية من يوم الولادة وحتى السنة السابعة، التربية المجدية، المؤثرة في المبادئ، والقيم، والاستقامة، والأمانة، والعفة إلى آخره، وبعد سبع سنوات أثر التربية أضعف بكثير من السنوات السبع الأولى، لذلك يوجد معلومات عندي في العالم المتقدم يعتنى بالطفل من يوم ولادته، نحن قد لا نعتني به في السنوات السبع الأولى لكن ننتبه أن الابن على خلاف ما نريد، لا بد من أن يشكل تشكيلاً عقدياً إيمانياً أخلاقياً علمياً اجتماعياً.
المذيع:
 دكتورنا الكريم الآن هل الأب والأم مسؤولين عن دين ابنهم؟

مسؤولية الأب و الأم عن دين ابنهم :

الدكتور راتب :
 طبعاً، مسؤول عن دين ابنه حينما كان ابنه تحت إدارته، وكان ولياً عليه، بعد الثامنة عشرة انتهت مسؤوليته.
المذيع:
 لو الولد انحرف بعد سن الثامنة عشرة تخلى المسؤولية الشرعية عن جانب الأم و الأب؟
الدكتور راتب :
 لاعب ولدك سبعاً- من سنة إلى سبع سنوات ملاعبة- وأدبه سبعاً- من سبع سنوات لسن الرابعة عشرة تأديب، كذب نحاسبه، معه قلم ليس له من أين جئت به؟- و راقبه سبعاً- ومن سن الرابعة عشرة إلى الحادية و العشرين مراقبة- ثم اترك حبله على غاربه، أي كن صديقاً له.
المذيع:
 قضية زرع المبادئ الشرعية لدى الأولاد هي ليست قضية اختيارية وليست من كمال الإيمان إنما هي فرض عين؟

 

زرع المبادئ الشرعية لدى الأولاد فرض عين على الأم و الأب :

الدكتور راتب :
الآخر أنت له وغيرك له أما ابنك فمن له غيرك؟
المذيع:
 أستاذنا من الآخر؟
الدكتور راتب :
 طفل في الطريق، أنت ممكن تنصحه ألا يدخن، تقول له: يا عم التدخين حرام، صعد معك في المصعد يدخن، طفل تستطيع أن تنصحه بنعومة، أما الابن فمن له غيرك؟
المذيع:
 كل أب وكل أم سيسأل عن دين ابنه؟
الدكتور راتب :
 أبداً، قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور: 21 ]

 أكبر عطاء إلهي أن أعمال الابن الذي تولى الأب تربيته تربية إيمانية علمية أخلاقية كل أعمال ابنه إلى يوم القيامة في صحيفة الأب.
المذيع:
 أستاذنا إذاً الابن صدقة جارية؟

 

الابن صدقة جارية لوالديه :

الدكتور راتب :
 أكبر صدقة جارية، والابن أكبر تجارة مع الله، مرة ثانية قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور: 21 ]

 قال العلماء: ألحقنا بهم أعمال ذريتهم.

﴿ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الطور: 21 ]

لذلك أكبر تجارة مع الله أن تربي ابنك.
المذيع:
 على هذا تعتبر مهنة الأم أعظم المهن، باعتبار هي من تزرع هذه الصدقات الجارية في أولادها إلى يوم القيامة؟
الدكتور راتب :
 أول من يمسك بحلق الجنة أنا، فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة ربت أولادها، هذه المرأة التي عرفت مهمتها فربت أولادها تنازع النبي دخول الجنة.
المذيع:
 أستاذنا هذا لا يمنعها من العمل؟
الدكتور راتب :
 سيدي أهم شيء التنظيم، هناك وقت للبيت لا بد منه، ووقت للأولاد، ووقت للزوج، ووقت لتكون بهندام مقبول أمام زوجها.
المذيع:
 أدته تعمل، تخرج، تفعل ما تشاء، أما أن يكون خروجها أو خروج الأب على حساب الأولاد فهنا أصبح خلل.
الدكتور راتب :
 يوجد بعض الكاميرات الخفية في بعض البلاد وضعت في غيبة الأم، بعض الخدم يسيئون إساءة غير معقولة انتقاماً من أمهم، لا يوجد إنسان مؤهلاً ليربي الابن كالأم.
المذيع:
 أستاذنا لدينا سؤال كبير أطرحه على فضيلتك؛ ماذا لو - لا سمح الله- انحرف الابن أو البنت في هذه الحياة، يتفطر قلب الأب والأم ماذا يفعلون؟ ولكن بعد الفاصل..
 أهلاً بكم مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي حديثنا اليوم عن تربية الأولاد في زمن الفتن.
 سيدي إذا قام الأب والأم بدورهما في تربية الأولاد بعد كبرهم يصلون إلى المدرسة والجامعة وخروجهم للعمل و للسفر قد ينحرف هذا الابن أو تلك البنت عن الطريقة التي ربيا بها في البيت، ماذا يفعل الأب والأم يتفطر قلبهم؟

 

المقدمات الصحيحة تفضي إلى نتائج باهرة :

الدكتور راتب :
هو في الأعم الأغلب أن هذا الابن إذا تلقى تربية صحيحة مدروسة أخلاقية إيمانية علمية اجتماعية نفسية، هذه أبواب التربية، تربية إيمانية، أخلاقية، اجتماعية، نفسية، علمية، جسمية، إن تلقى هذه التربية الكاملة في الأعم الأغلب المقدمات الصحيحة تفضي إلى نتائج باهرة، يوجد أشياء استثنائية مثلاً أحد الأنبياء ابنه لم يكن مؤمناً، هذه حالة استثنائية حتى تغطي حالات مشابهة في تاريخ البشرية، الأب إذا أدى الذي عليه ربى ابنه تربية صحيحة علمية...
المذيع:
 أستاذنا اسمح لي أن أسألك ما هو الذي عليه؟
الدكتور راتب :
 أن يلقنه مبادئ الإيمان، مبادئ الإحسان، أن يحمله على طاعة الله، أقول عن أب مسلم: دعك من شعوب أخرى، هذا الابن من له غير الأب؟ يصلي معه في البيت، يدعوه إلى طاعة الله، يراقب عمله، يوجد كلمة تكلم بها لا تليق به ينبهه، ليس من الشرط أن ينبهه أمام الناس، ولا أمام أخوته، ولا سيما البنات، بطولة الأب أن ينبهه بينه وبينه، حتى يقبل النصيحة، أما النصيحة أمام الملأ فهي فضيحة، يعنفه فيما بينه و بينه، ويقبل الابن من والده أشد أنواع التعنيف على انفراد.
المذيع:
 أستاذنا هل هناك واجبات أخرى على عاتق الأب غير الواجبات الدينية؟

واجبات أخرى على عاتق الأب غير الواجبات الدينية :

الدكتور راتب :
 أن يطعمه مما يأكل، أن يعلمه، هذا أكبر واجب التعليم، أن يقدم له حاجاته الأساسية وإلا لماذا تزوج؟
المذيع:
 فإذا فعل كل هذا الأب والأم ولا سمح الله انشق الابن عن هذا الطريق.
الدكتور راتب :
 لا يحاسب الأب، هذا صار قضاء وقدراً، عفواً يوجد مصطلحان لا بد من توضيحهما، لو أن شخصاً ما علم ابنه إطلاقاً، وانحرف ابنه، هذا جزاء التقصير، أما إذا علمه وأدى الأسباب بأكملها، ثم انحرف ابنه لسبب أو لآخر فهذا قضاء وقدر، لذلك قيل: أدّ الذي عليك واطلب من الله الذي لك.
المذيع:
 بهذه النقطة دكتور أتوسع مع فضيلتكم في المسلمين الذين يعيشون خارج الدول الإسلامية والعربية يمكن البيئة قريبة من الإلحاد والإباحية، من الأفكار غير المقبولة شرعاً، هل وجود الأب في هذه الأماكن ضروري؟

 

من أقام مع المشركين إقامة دائمة مصيرية فقد برئت منه الذمة :


الدكتور راتب : 

(( من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة )) 

[ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي]

 المقصود إقامة دائمة مصيرية، لكن هناك سفراً للدكتوراه، سفر بعثة، سفر سياحة، الإقامة الدائمة.
المذيع:
 دكتور اليوم بعض المجتمعات المسلمة في دول الخارج تشكل مجتمعاً كاملاً في كثير في دول أوربا وأمريكا.
الدكتور راتب :
 هذا الذي سوف أقوله لك بعد قليل، أنا سافرت إلى أمريكا منذ خمس وعشرين سنة، والآن سافرت هناك تجمعات إسلامية حول المسجد، كل من حول هذا المسجد مسلم، وأبناؤه مسلمون، الآن هناك تجمعات إسلامية خففت بمقدار كبير أخطار الغرب.
المذيع:
 أستاذنا هل يبقى هذا الحديث يشملهم؟ 

العبرة في سلامة الدين :

الدكتور راتب :
 الآن يوجد ضرورات، عندما صار هناك ضرورة، إذا كان غير آمن في بلده وسافر فهذه ضرورة، قال لي شخص مقيم في ألمانيا في فرانكفورت، هو طبيب، قال لي: دخلي فلكي، لكن ابنتي تقول لي: أنتم، يقول الأب: من نحن؟ تقول له: أنتم، تلقت توجيهاً أنهم متخلفون، فتقول له: أنتم، أقسم بالله ما ترك طريقة ثم ألغى عمله بألمانيا، قال لي: والله عشرة أضعاف نزل دخلي ولكن رجعت إلى الشام لعل بعد خمس سنوات تقول ابنته: نحن يا أبي.
المذيع:
 أستاذنا لو إنسان استطاع أن يجد مجتمعاً حوله من العائلة، من الأقارب، من الحفظة؟
الدكتور راتب :
 لا يوجد مشكلة، العبرة سلامة الدين، والآن صار هناك تجمعات كبيرة إسلامية، لا أقول لك: لا يوجد خطر لكن الخطر خف كثيراً.
المذيع:
 أستاذنا الخطر موجود مجتمعاتنا.
الدكتور راتب :
 وهذا التواصل جعل العالم كله مثل بعضه.
المذيع:
 جميل، هذه نقطة مهمة جداً، أكرمكم الله دكتور، قضية غياب الأب والأم عن البيت وخاصة إذا كان الأب طبيباً طبيعة الحياة أن يخرج للسفر للعمل هل هذا الغياب مؤاخذ عليه؟ 

تخصيص وقت للأولاد و العناية بهم :

الدكتور راتب :
 أنا أرى أن الأب الذي لا يخصص وقتاً لأولاده ليس أباً، أولاده أكبر ضرورة قبل دخله، لا تقبل عملاً يأكل كل وقتك، تكون بذلك قد انتهيت.
المذيع:
 أستاذنا الحياة صعبة.
الدكتور راتب :
مهما كانت الحياة صعبة، ابنك أصعب، لا سمح الله إن كان ابنك منحرفاً، شارب خمر، زانياً، تأتيك آلام تتمنى أن تأكل خبزاً يابساً مع شاي، ولا يكون ابنك هكذا، الابن العاق يسبب متاعب نفسية لا يعلمها إلا الله، والله أقسمي لي شخص لو أن ابني دهس لأعمل مولداً، منحرف على مقامر قال لي تفاصيل، الذي عنده ابن صالح يقبّل الأرض.
المذيع:
 أستاذنا كيف وصل ابنه إلى هذا الحد؟
الدكتور راتب :
 أهمله، عندما يهمل في السبع السنوات الأولى، والسبع الثانية تفاجأ أن له رفقاء سوء.
المذيع:
 ما هو الحد الأدنى من الوقت الذي يفرض على الأب والأم أن يعطوه لابنهم؟
الدكتور راتب :
 المشكلة هذا الوقت بحسب المكان، كنت أقول: إذا شخص يعيش في بلاد إسلامية يحتاج في الشهر إلى خمسين ساعة توجيهاً في الشهر كله، أو ثلاثين ساعة توجيهاً، يحتاج في بلاد أخرى عوضاً عن الخمسين إلى مئة ساعة توجيهاً لأن هناك شبهات وأخطاء كبيرة، الأشياء المحرمة في ديننا هناك سهلة جداً، الكبائر الكبرى عادية جداً.
المذيع:
 أستاذنا نشرك معنا مستمعينا الكرام معنا الأخت هنادي تفضلي.
 سؤال عندي ثلاثة أولاد، أنا والأب منفصلان، وأنا أربي الأولاد منذ ثماني سنوات، وطبعاً على الصلاة والصيام وأشياء كثيرة، الآن ابني عمره ثماني عشرة سنة، دائماً ألاحقه بالصلاة، هو مؤمن يصلي الجمعة ولا يصلي الفروض، ودائماً يعدني بالصلاة، السؤال: هل أنا عليّ إثم إذا الولد لم يصلِّ؟ هذه واحدة، الثانية الأب لا يسأل عنهم لا مادياً ولا معنوياً، وللأسف الأب مدمن خمر، من فترة ابني ذهب وشاهده فرجع نفسيته متعبة ويقول: إنه يخاف من عقوق الوالدين ويقول قوله تعالى:

﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾

[سورة العنكبوت:8]

 أنا أتفاجأ كم الولد مؤمن مع أنه ليس بمدرسة إسلامية المهم.

 

مصاحبة الوالد العاصي بالمعروف :

الدكتور راتب :
 قبل أن تتابعي أختي: 

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ﴾ 

[ سورة لقمان: 15 ]

 ولكن:

﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾

[ سورة لقمان: 15 ]

 حتى لو رفضت أن يطيعه بنعومة، بلطف، تفضلي.
المذيع:
 الأخت هنادي تفضلي.
 هو يفسر الآية أنه يخاف أن الله يحاسبه لأنه لا يسأل عن والده، أنا أقول له: اسأل عنه من فترة لفترة، ليس واجبك بل واجبه هو أن يسأل عنك، ما سأل عنه لا هو صغير، ولا هو كبير، أنا أريد أن يرتاح نفسياً ألا يكون مذنباً، هل كلامي الذي أقوله صحيح؟
الدكتور راتب :
 إذا غلب على ظنه أن زيارة أبيه من حين لآخر تسهم في إصلاح الأب، وفي توجيه الأب إلى الوجهة الصحيحة، لا يوجد مانع، أما إذا لم يكن هناك أمل إطلاقاً لو خفف الزيارات لا يوجد مانع، مربوطة بالأمل، إذا كان هناك أمل فهذه الزيارة تؤتي أكلها، يجب أن يزوره.
المذيع:
 معنا أسامة تفضل:
 نريد نصيحة للشباب والمقبلين على الزواج، كيف تكون التربية إذا كان لا سمح الله هناك انفصال أو مشاكل.

 

من خطب فتاة من أسرة متماسكة فالطريق ممهد لنجاح الزواج :

الدكتور راتب :
 لا شك وشيء بديهي، إذا أنت خطبت فتاة من أسرة متماسكة الطريق ممهد لنجاح الزواج، أما من أسرة مفككة فالأب بجهة والأم بجهة، هذه تعمل رضاً نفسياً، هذا الرض ينعكس على الزواج.
المذيع:
 أستاذنا ما ذنب الزوجة إذا كان والدها وأمها منفصلين؟
الدكتور راتب :
 لا تحاسب لكن أنت إذا عندك خيارات واخترت فتاة.
المذيع:
 أليس هذا ظلماً في حق البنت لأنه سلوك من أمها وأبيها لا علاقة لها به؟
الدكتور راتب :
 مادام تتزوج باختيارك، إذا أنت اخترت البنت التي لها أسرة متماسكة لست مؤاخذاً، أقوى لزواجك، أما إذا البنت مضطر أن تتزوجها مثلاً فأعانك الله.
المذيع:
 أستاذنا ألا نميل إلى الفتيات أو الأولاد من عائلات مفككة، الأب دكتور لو جاءه خاطب لابنته لكن أمه وأباه منفصلان إذا رفضه إلى ما كان من أمه وأبيه ما ذنبه هو كشاب؟
الدكتور راتب :
 هو ليس له ذنب، كلامك دقيق جداً لكنه في موقع آخر، قال تعالى:

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾

[ سورة الأنعام: 164 ]

 أب يشرب كما تفضلت الأخت الابن ليس له علاقة، أنت لو أتيح لك أن تتزوج من أسرة لا يوجد بها شرب أليس أفضل؟
المذيع:
 أستاذنا سامحني أنا أدافع عن وجهة نظر أخرى أدباً واستفساراً من حضرتكم، من لهذا الشاب إذا كان أبوه يشرب نحن تركناه، من له لو كلنا رفضناه؟
الدكتور راتب :
 لست أنا وحدي له، هذا يسمى فرضاً كفائياً، لو فرضنا إنسانة منحرفة إذا أنت لم تخطبتها هناك من يخطبها، أنت هنا لست ملزماً بها، فرض كفائي.
المذيع:
 أستاذنا لو فرضنا فتاة صالحة وأمها لا قدر الله ..
الدكتور راتب :
 هذا صار زواجاً و عملاً صالحاً، مادامت هي منضبطة وأسرتها متفلتة أنت عملت عملاً كبيراً.
المذيع:
 معنا سعيد تفضل:
 يوجد سؤالان؛ الولد تربية مساجد، عمره عشرون سنة، وصار يقلد الموضة مثل الشباب شعره مثلاً، أنا كأب لست راضياً على هذه التسريحة، والبنطال الذي على الموضة أريد توجيهاً منك؟

 

حاجة كلّ إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 توجيهي بهذا الموضوع الإنسان غير أبيه وأمه، بحاجة ماسة إلى حاضنة إيمانية، بحاجة ماسة إلى رفيق مؤمن، صديق مؤمن، أما أنت فلا يهمك مع من يعيش، مع من يسهر، مع من يرافق، طبعاً سوف يؤثرون فيه، لذلك قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

دائماً وأبداً يجب أن تختار لابنك أصدقاء، أصدقاء من أسر راقية ملتزمة، ويأتون لعنده وتسمح له أن يذهب إليهم، لا يوجد مانع، يجب أن تعرف، جاءني خاطر دقيق جداً، الإنسان يتلقى من خطيب المسجد، ومن أستاذ الديانة، ومن أبيه وعمه وخاله، كل هذه الجهات الموجهة يتلقى منها أربعين بالمئة، ويتلقى ستين بالمئة من رفيق السوء، أو رفيقة السوء، فيجب على الأب أن يعرف من هو صديق ابنه بادئ ذي بدء، وأن تعلم الأم من هي صديقة ابنتها، التلقي من الصديق ستون بالمئة، وكل الجهات التربوية أربعون بالمئة فقط.
المذيع:
السؤال الثاني أخ سعيد:
 كنت في جماعة برحلة هذه نصيحة للآباء لا يعلموا بناتهم الأركيلة، تكح يقول لها: كوني مثل أختك.
تفضل أبو أنس:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نقطتان من خلال رفقاء السوء، ممكن الولد أو البنت يتلقى بعض العادات السيئة التي تنعكس داخل البيت، أو تنعكس على حياته الشخصية، هذه العادات يمكن أن تكون قريبة للقلب مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ " فبالتالي تكون قريبة للقلب بشكل يطبقها الولد أو البنت مباشرة.
 النقطة الثانية: لا ننكر أن التلفاز أصبح أكبر مصدر للإفساد في هذه الأيام من خلال بعض المسلسلات التي من غير عاداتنا.

 

التلفاز أكبر مصدر للإفساد :

الدكتور راتب :
 أريد أن أعلق تعليقاً دقيقاً جداً إذا أنت بحثت عن إنسان ملحد وآخر غارق بالرذيلة رجوتهم أن يربوا أولادك، هذه الشاشة هكذا تفعل، لأن كل الأعمال الفنية هدفها إلغاء الرقابة الإلهية زائد إطلاق الشهوات الغير مسموح بها.
المذيع:

أستاذنا ماذا تنصح بالنقطة التي طرحها أبو أنس في علاقة أولاده بالإعلام وخاصة بالنت اليوم.

 

المتاعب النفسية التي يعانيها الآباء عند تفلت أبنائهم :

الدكتور راتب :
 لو بلغ أعلى منصباً في الأرض، وجمع أكبر ثروة فيها، ولم يكن ابنه كما يتمنى فهو أشقى الناس، هذه الحقيقة المرة، الحقيقة عندما تعتني بابنك تعتني بنفسك، تعتني بحالتك النفسية، تعتني بمستقبلك، لأن الولد إذا تفلت يسبب للأب والأم متاعب نفسية لا يعلمها إلا الله.
المذيع:
 فاصل ثم نجيب..
 مع فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي مرحباً بكم، الأخت هنادي أحد أبنائها بعيد عن أداء الصلوات الخمس..

 

الصلاة الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال :

الدكتور راتب :
 أولاً: الحقيقة الدقيقة والعميقة والخطيرة الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال، الصائم المريض لا يصوم، والذي ليس لديه مال لا يزكي، خمسة أركان للإسلام واحدة منهم لا تسقط بحال هي الصلاة:

(( الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن عمر]

(( لا خَيْرَ فِي دِينٍ لا رُكُوعَ فيه ))

[ مسند أحمد عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاص]

هذا المخلوق الضعيف، الجاهل، كثير الخوف، الأناني كيف يصلح؟ بالاتصال بالذات الكاملة، بالذات الكاملة صار كريماً، صار عنده حياء، صار عنده غيرة، صار عنده عفة، عنده إحسان، هذه الكمالات عند الله عز وجل:

(( .. فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسنا ))

[الحكيم عن العلاء بن كثير ]

 من خلال الصلاة، قال تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾

[سورة طه:14]

المذيع:
 أستاذنا إذا الابن لم يستجب لهذه الكلمات؟
الدكتور راتب :
 والله لا بد من حكمة، هذا يبقى ابناً.
المذيع:
 أستاذنا هل يكون العقاب بمنع مصروف؟
الدكتور راتب :
 هذه تحتاج إلى حكمة، أحياناً الابن يستطيع أن يكون له دخل، غير أبيه، إيقاف المبلغ المحدود لا يغير مشكلته، أما أنا فأتمنى أن يكون الأب نصوحاً يعامل ابنه كصديق، بابا هذه لا تنفعك، النهي المعلل.
المذيع:
 أستاذنا لا تؤيد التشديد في العقوبة؟ مثلاً إخراج الابن من الجامعة إذا كان لا يصلي عقاباً له؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً، لا تعاقب عقوبة تؤثر على مستقبله، لا تدخل بهذه الموضوعات.
المذيع:
 حتى إذا كانت مقصرة بحجابها وصلاتها، طرحت فكرة الأخت الكريمة ألا تسأل عن أبيك هو الذي يجب أن يسأل عنك؟

 

حاجة الابن إلى أبيه في سن معينة :

الدكتور راتب :
 هناك مرحلة الأب، ومرحلة الابن، أدق شيء يقول شخص: كم ولد عندك؟ يقول: عندي خمسة أولاد، عندي، يكبر الابن، أين تسكن؟ والله عند أبي، عند ابني، بالقرآن قال تعالى:

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا ﴾

[سورة الإسراء: 23]

 في سن معين يسكن عند ابنه، وفي سن معين عند أبيه.
المذيع:
 أستاذنا الكريم في قضية تربية الأولاد وضع الأولاد في مدارس غير إسلامية في دولنا العربية، كثير من الناس تقول: هناك مدارس تقدم لغة إنكليزية جيدة منضبطة، تعليمها قوي، مدارس مرتبطة بأديان أخرى، دور العبادة موجودة في هذه المدارس غير الدين الإسلامي.

 

العناية البالغة بعقيدة الابن :

الدكتور راتب :
 أقسم لك بالله يكون قد قدم خطراً لابنه لا يوصف، أكبر خطر هي العقيدة، أنت حينما ترى أن الدين شيء تافه وليس له علاقة بالحياة، ولا بالتقدم، والغرب تقدم بترك الدين، انتهى الابن، لن يكون صادقاً، ولا أميناً، ولا مخلصاً، ولا نافعاً لأمته.
المذيع:
 أستاذنا ما الذي يفترض عند حدوث خلاف بين الأم والأب، مثلاً هناك خلافات الابن يحتار ماذا يفعل؟

خلافات الآباء تمزق الأبناء :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل عندما سمح للزوج أن يهجر الزوجة، أين يهجرها؟ قال تعالى:

﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ﴾

[سورة النساء: 34]

لو هجرها ونام في غرفة ثانية، من كشف الأمر؟ الأولاد تضعضعوا، أتمنى على الآباء والأمهات كل خلافاتهم الخاصة تكون بينهما فقط، دع الابن عنده صحة نفسية، هذه أمه وهذا أبوه يحتار، نمزقه، انظر إلى الآية ما أدقها، قال تعالى:

﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ﴾

[سورة النساء: 34]

 فقط الهجران في غرفة النوم.
المذيع:
 حتى لا يعلم الأولاد، لو تمّ طلاق وانفصال تام بين الزوجين، سيصل للأولاد أن هناك خلافاً.
الدكتور راتب :
 الابن مطالب أن يزور أمه وأباه من الطرفين، لكن ما من داع أن يقول للأب: كنا عند ماما، يغضب الأب، يستطيع أن يزورها خفية.
المذيع:
 أستاذنا هل يجوز لأحد الآباء أن يكره بالطرف الثاني؟
الدكتور راتب :
 لا يجوز، لأن الأب بالأخير مرجع كبير.
المذيع:
 أستاذنا نصيحة للأب الذي يعلم أبناءه بعض السلوكيات الخاطئة، مثل التدخين؟

 

نصيحة للأب الذي يعلم أبناءه بعض السلوكيات الخاطئة :

الدكتور راتب :
 يدفع الثمن باهظاً.
المذيع:
 أستاذنا هل هو آثم؟
الدكتور راتب :
 طبعاً آثم إثماً كبيراً، أنا عضو بجمعية في سوريا لمكافحة التدخين، عضو مؤسس، الدخان فيه ثلاثة آلاف مادة سامة، فأنا بناء على هذه الحقيقة أقول: ما رأيت مدخناً عاقلاً، هل هناك مدخن بالأرض يمسك السيجارة ويقول: بسم الله؟ بعدما ينتهي: يا رب أدم فضلك علينا؟ إذا كان هناك شخص يفعل هذا فيكون الدخان لا شيء فيه.
المذيع:
 الانترنيت تحديداً كواحدة من وسائل الإعلام كيف يمكن للأهل أن يضبطوا أولادهم؟

 

كيفية ضبط الأولاد عند التعامل مع النت :

الدكتور راتب :
 الحقيقة المؤلمة التي لا أحب أن أقولها ولكن سوف أقولها: نحن الآن في عصر لا يمكن لإنسان أن يمنع إنساناً من شيء، قد يوجهه توجيهاً صحيحاً، نلغي الرادع ونكتفي بالوازع، الرادع خارجي، إذا أنت منعته عند رفيقه يشاهد فيلماً، بالليل الساعة الواحدة يفتح و هذه مشكلة.
المذيع:
 أستاذنا ليس مع قطع الانترنيت عن الأولاد؟الدكتور راتب :

 يجب أن تعمل توجيهاً، ومتابعة، ومراقبة، لأن هذا الشيء صار بلوى عامة، و هناك جانب إيجابي منه.
المذيع:
 قضية الدعاء على الأولاد بعض الآباء والأمهات يدعو على ابنه إذا خالفه بقضية.

 

تجنب الدعاء على الأولاد :

الدكتور راتب :
 لا أراها مناسبة إطلاقاً، الله يهديه، ممكن أن يستجيب الله، ولكن سأقول لك هذه الطرفة: شخص اضطر إلى ثلاثمئة ألف، مضطر لهم جداً، ما ترك شخصاً مظهره ديني إلا سأله، و لم يعطه أحد، جاء شخص غير دين وأعطاه، قال له: ادع لي، قال له: الله لا يهديك، طبعاً هذه طرفة.
المذيع:
 أستاذنا في قوله تعالى:

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾

[سورة النساء:11]

 ما هي وصية الله لنا؟

 

وصية الله للإنسان :

الدكتور راتب :
 أولاً قال تعالى: 

﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

 

[سورة النساء:11]

طبعاً هذه يسمونها جزئية، القصد العام الكليات كلها، لا يوجد إنسان أغلى على الإنسان من ابنه، فإذا أهمله سيدفع متاعب عندما يكبر لا يعلمها إلا الله، كلمة دقيقة لا يوجد شعور يعيشه الأب كأن يرى ابنه كما ينبغي، قال تعالى:

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

[سورة الفرقان : 74 ]

 تقر بأخلاقه العين، ابن صادق، أمين، عفيف، عنده حياء، عنده خجل، دارس تفوق، والله شيء جميل، والله لا يوجد أغلى من الابن إذا كان كما ينبغي.
المذيع:
 قول الله عز وجل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾

[ سورة التحريم: 6]

 كيف نقي أولادنا وأهلنا النار أستاذنا؟

 

كيفية وقاية أهلنا و أولادنا من النار :

الدكتور راتب :
 إذا أطلقنا لهم كل شيء من دون رقابة، يوجد بهذا التلفاز ثلاثمئة قناة، وذهب الأب والأم إلى سهرة ولا يوجد انضباط، ولا وازع داخلي، والشاب أول حياته، أما لا هذه ولا هذه.
المذيع:
 ماذا يفترض أن يكون عندي وازع ورادع وقوانين، أم وازع وحده؟
الدكتور راتب :
 إذا وازع وحده يكفي.
المذيع:
 أترك القنوات كلها أم أفلترها.
الدكتور راتب :
 أتمنى على الأخوة المستمعين أن يبرمجوا التلفاز كله، الآن هناك برامج دقيقة فقط إخبارية ودينية، هكذا أنا أفعل.
المذيع:
 أستاذنا أما أن تترك ألف قناة؟
الدكتور راتب :
 أعوذ بالله العقل لا يتصوره هناك أشياء.....
المذيع:
 أستاذنا يوجد رادع و وازع ديني، في حال أخطأ الابن، يكتشف أن ابنه شاهد شيئاً غير مقبول أو ابنته استغابت أو تركت فرضاً، أحياناً تتدمر الدنيا في وجهه.

 

وجوب ارتباط النهي دائماً بالتعليل :

الدكتور راتب :
 لا، بخطأ واحد لا يصاب بذلك، أنصحه مرة، مرتين، ثلاث، وأبين له، كيف أبين له؟ أنت عندما تعطيه نهياً فقط يصير مشكلة أما أحياناً فتعطيه نهياً مع التعليل، قال تعالى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾

[ سورة التوبة: 103 ]

 هذا أمر، لكن ليس الآية إلى هنا:

﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

 هذا يسمى أمراً معللاً، الأمر المعلل يكون المخاطب كبيراً، أي الله عز وجل خاطب المؤمنين بترتيب عال جداً، أمر معلل:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

[ سورة التوبة: 103 ]

المذيع:
 أستاذنا الفاضل يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّة، يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ, وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّة))

[مسلم عن معقل بن يسار]

 هذا يشمل الأب؟
الدكتور راتب :
 مدير مؤسسة، مدير مدرسة، معلم صف، أي منصب قيادي، بدءاً من الأب إلى أكبر منصب.
المذيع:
 أختم بالقضية التي أنت طرحتها أن الابن والبنت هما صدقة جارية.

كيفية جعل الأبناء قرة عين لآبائهم :

الدكتور راتب :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور: 21 ]

 أي ألحقنا بهم أعمال ذريتهم.
المذيع:
 كيف أجعل أولادي صدقة جارية تنفعني عند الله يوم القيامة؟
الدكتور راتب :

 أنت عندما ربيته على الإسلام، على الصدق، على الأمانة، على الورع، ربيته على الحياء، فهذه التربية أتت أكلها، كان ابنك مستقيماً وعنده حياء، وعنده خجل، أنت تقر عينك به، تأتيك سعادة والله لا توصف، أن يكون الابن قرة عين لأبيه وأمه ولأسرته ولمجتمعه.
المذيع:
 بارك الله بكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نختم بالدعاء. 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد الأردن آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، والحمد لله رب العالمين. 

خاتمة و توديع :

المذيع:
 بارك الله بكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، شكراً لكم، نصل بحلقتنا إلى الختام، وكان حديثنا عن تربية الأولاد في زمن الفتن، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور