بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد الصَّادق الوعد الأمين، اللّهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

المقدم:

شيخ أحياناً أقرأ كتاب الله -سبحانه وتعالى- تجذبني كلمة السكينة، كيف أعيشها؟

الدكتور محمد راتب النابلسي:

والله لا أبالغ إذا قلت: إن أعلى عطاء إلهي على الإطلاق هي السكينة؛ لأنك بالسكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، السكينة معنى واسع جداً؛ سعادة، راحة نفسية، طمأنينة، وثوق بالله، تفاؤل بالمستقبل، يمكن أن نتحدث عنها لساعات طويلة، هي ملخص صحته، علاقته الزوجية، مع من حوله، مع والديه، مع أولاده، مع جيرانه، مع موظفي المعمل، علاقات طيبة فيها تفاؤل، فيها رصانة، فيها انفتاح، فيها مصارحة، ببيته سعيد بيته جنة، وعمله جنة لأن فيه انضباط، هو يتحرك وفق منهج الله، طبعاً ما دام صادقاً أميناً عفيفاً ورعاً يوجد سعادة، هذه السعادة لا يعرفها إلا من ذاقها، والحقيقة عندما يطيع إنسان الله يكون قد أنشأ خطاً ساخناً له مع الله، فإذا أنشأ هذا الخط اكتسب من الله علماً، من الله حكمة، من الله تألقاً، من الله تفاؤلاً، فالمؤمن إن لم يقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، معه مشكلة، أنت مع من؟! مع العظيم، مع الرحيم، مع الحكيم، مع الجميل.

المقدم:

سبحان الله شيخي أسمع لك بعض القصص وأضع لها عنواناً كبيراً، فوضعت لها عنوان فقه الشعور، أحياناً إنسان لا يستلم شيئاً كثيراً لكن يوجد شعور من الرضا لا يعلم به إلا الله، وذكرت قصة لذلك البيت.

الدكتور محمد راتب النابلسي:

 إنسان فقير جداً عنده ثمانية أولاد، دخله لا يكفي ثمن خبز، أي كل صعوبات الحياة عنده، له عم يملك 500مليون مات بحادث، ليس له أولاد، وريثه الوحيد هذا الشخص، فبثانية واحدة انتقل 500 مليون إلى هذا الفقير.

 المقدم:

الأسرة الفقيرة.

الدكتور محمد راتب النابلسي:

 لكن انتقل آلياً قانونياً بحكم علم المواريث، أما حتى يقبض أول ليرة يحتاج سنة، طبعاً هناك أنظمة معقدة لتحويل هذا المال إلى الوارث، إلا أن الذي حصل؛ كلما شاهد بيتاً فخماً: سأشتري هذا البيت.

المقدم:

عاش بسعادة الآن.

الدكتور محمد راتب النابلسي:

كلما رأى سيارة فارهة: سأشتري هذه السيارة، هو في الحقيقة خلال سنة أسعد إنسان في الأرض.

 المقدم:

وأسرته أيضاً. 

الدكتور محمد راتب النابلسي:

وأسرته، ومع أنه لم يذق لقمة زائدة ولا دراجة، تأتي الآية:

أقول لك كلمة دقيقة: المؤمن في حر يعاني، في قرٍّ يعاني، غلاء أسعار يعاني، هو إنسان عادي مثل أي إنسان، إلا أنه يتميز أن الله وعده بالجنة، هذا الوعد بالجنة يمتص كل متاعب الحياة. 

المقدم:

جزاك الله خير، شكراً شيخي الحبيب ووالدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.